افتتاحيات الصحف المحلية ليوم الثلاثاء 23 آذار 2021

افتتاحيات الصحف المحلية ليوم الثلاثاء 23  آذار 2021

 

Telegram

 

افتتاحية صحيفة البناء :

 

تشكيلة بيت الوسط أقرب لمجلس إدارة… ‏ولوائح بعبدا استفزاز خارج السياق / ‏اجتماع بعبدا لزوم ما لا يلزم: الحريري ‏فجّر المسار الحكوميّ بقنبلة الصلاحيّات العجز عن التفاهم الرئاسيّ يُحبط الوسطاء... فهل يدعو الأوروبيّون لحكومة ‏سياسيّة؟

 

 خلافاً‎ ‎لكل‎ ‎التوقعات‎ ‎التي‎ ‎سادت‎ ‎حتى‎ ‎غروب‎ ‎أول‎ ‎أمس،‎ ‎حول‎ ‎فرص‎ ‎إحداث‎ ‎اختراق‎ ‎نسبي‎ ‎في‎ ‎اجتماع‎ ‎أمس،‎ ‎الذي‎ ‎ضمّ‎ ‎رئيس‎ ‎الجمهورية‎ ‎العماد‎ ‎ميشال‎ ‎عون‎ ‎والرئيس‎ ‎المكلف‎ ‎بتشكيل‎ ‎الحكومة‎ ‎سعد‎ ‎الحريري،‎ ‎انفجر‎ ‎المسار‎ ‎الحكوميّ‎ ‎في‎ ‎جلسة‎ ‎أقرب‎ ‎لرفع‎ ‎العتب،‎ ‎وانتهت‎ ‎على‎ ‎الواقف‎ ‎رغم‎ ‎الجلوس‎ ‎الى‎ ‎المقاعد‎. ‎فالرهان‎ ‎على‎ ‎إحداث‎ ‎اختراق‎ ‎نسبيّ‎ ‎لم‎ ‎يكن‎ ‎مبنياً‎ ‎على‎ ‎أكثر‎ ‎من‎ ‎رغبة‎ ‎الوسطاء‎ ‎بحدوثه،‎ ‎حيث‎ ‎حملت‎ ‎الأيام‎ ‎الفاصلة‎ ‎بين‎ ‎اجتماعي‎ ‎الخميس‎ ‎والاثنين،‎ ‎عناداً‎ ‎رئاسياً‎ ‎على‎ ‎ضفتي‎ ‎بعبدا‎ ‎وبيت‎ ‎الوسط‎ ‎رغم‎ ‎الإعراب‎ ‎عن‎ ‎نية‎ ‎التسهيل‎ ‎والبحث‎ ‎عن‎ ‎حلول‎ ‎وسط،‎ ‎وفيما‎ ‎حاول‎ ‎بعض‎ ‎الوسطاء‎ ‎إيجاد‎ ‎الأعذار‎ ‎للرئيس‎ ‎الحريري‎ ‎في‎ ‎تعامله‎ ‎مع‎ ‎كلمة‎ ‎الأمين‎ ‎العام‎ ‎لحزب‎ ‎الله‎ ‎السيد‎ ‎حسن‎ ‎نصرالله،‎ ‎باعتبارها‎ ‎منحت‎ ‎التيار‎ ‎الوطني‎ ‎الحر‎ ‎أعذاراً‎ ‎لتبرير‎ ‎مواقفه‎ ‎فإن‎ ‎غضب‎ ‎الرئيس‎ ‎الحريري‎ ‎من‎ ‎حركة‎ ‎النائب‎ ‎السابق‎ ‎وليد‎ ‎جنبلاط،‎ ‎أكد‎ ‎لهؤلاء‎ ‎أن‎ ‎الحريري‎ ‎ليس‎ ‎جاهزاً‎ ‎للتسوية‎ ‎التي‎ ‎دعا‎ ‎اليها‎ ‎جنبلاط،‎ ‎وهو‎ ‎ما‎ ‎توصّل‎ ‎إليه‎ ‎وسطاء‎ ‎آخرون‎ ‎من‎ ‎مجرد‎ ‎الامتعاض‎ ‎الحريري‎ ‎من‎ ‎كلام‎ ‎السيد‎ ‎نصرالله،‎ ‎وجاءت‎ ‎مراسلة‎ ‎بعبدا‎ ‎غروب‎ ‎أمس،‎ ‎كالقشّة‎ ‎لتقصم‎ ‎ظهر‎ ‎البعير،‎ ‎فقد‎ ‎تضمنت‎ ‎سابقة‎ ‎غير‎ ‎مألوفة‎ ‎في‎ ‎مراسلة‎ ‎رئيس‎ ‎الجمهورية‎ ‎للرئيس‎ ‎المكلف،‎ ‎رغم‎ ‎التبريرات‎ ‎التي‎ ‎صدرت‎ ‎عن‎ ‎بعبدا‎ ‎لتفسير‎ ‎مقاصد‎ ‎الورقة‎ ‎المنهجيّة‎ ‎كما‎ ‎أسمتها،‎ ‎فبدا‎ ‎أن‎ ‎الحريري‎ ‎ينتظر‎ ‎هذا‎ ‎الاستفزاز‎ ‎ليقلب‎ ‎الطاولة‎ ‎ويفجّر‎ ‎المسار‎ ‎الحكوميّ‎ ‎في‎ ‎دفاع‎ ‎مبرّر‎ ‎عن‎ ‎الصلاحيات‎.‎


ظهر‎ ‎اجتماع‎ ‎بعبدا‎ ‎لزوم‎ ‎ما‎ ‎لا‎ ‎يلزم،‎ ‎بحيث‎ ‎قالت‎ ‎مصادر‎ ‎متابعة‎ ‎إن‎ ‎تأجيله‎ ‎كان‎ ‎أفضل‎ ‎إفساحاً‎ ‎في‎ ‎المجال‎ ‎لتنفيس‎ ‎الاحتقان‎ ‎وتهيئة‎ ‎المناخات‎ ‎لمعاودة‎ ‎البحث‎ ‎في‎ ‎مناخ‎ ‎هادئ،‎ ‎كان‎ ‎قد‎ ‎تمّ‎ ‎ترتيب‎ ‎الحفاظ‎ ‎عليه‎ ‎خلال‎ ‎مشاورات‎ ‎يومي‎ ‎الجمعة‎ ‎والسبت‎ ‎وحتى‎ ‎غروب‎ ‎الأحد،‎ ‎بحيث‎ ‎أعاد‎ ‎اجتماع‎ ‎الاثنين‎ ‎الأمور‎ ‎الى‎ ‎خطابات‎ ‎ليل‎ ‎الأربعاء‎ ‎المتلفزة‎ ‎التي‎ ‎طالب‎ ‎رئيس‎ ‎الجمهورية‎ ‎خلالها‎ ‎الرئيس‎ ‎المكلف‎ ‎بالاعتذار،‎ ‎وردّ‎ ‎عليه‎ ‎الرئيس‎ ‎المكلف‎ ‎بطلب‎ ‎التنحّي،‎ ‎باعتبار‎ ‎هذين‎ ‎الهدفين‎ ‎المتبادلين‎ ‎تعبيراً‎ ‎حقيقياً‎ ‎عما‎ ‎يريده‎ ‎كل‎ ‎من‎ ‎الرئيسين،‎ ‎بين‎ ‎سطور‎ ‎تعامله‎ ‎مع‎ ‎الآخر‎.‎


المصادر‎ ‎تحدثت‎ ‎عن‎ ‎مخاطر‎ ‎الذهاب‎ ‎الى‎ ‎تصعيد‎ ‎سياسيّ‎ ‎وطائفيّ،‎ ‎طالما‎ ‎أن‎ ‎الصراع‎ ‎الرئاسيّ‎ ‎يتخذ‎ ‎عنوان‎ ‎الصلاحيّات‎ ‎والمقامات‎ ‎الرئاسية‎ ‎كتعبير‎ ‎عن‎ ‎مكانات‎ ‎طائفيّة،‎ ‎في‎ ‎ظل‎ ‎وضع‎ ‎ماليّ‎ ‎اقتصاديّ‎ ‎شديد‎ ‎الخطورة،‎ ‎بدأت‎ ‎تعبيراته‎ ‎بارتفاع‎ ‎سعر‎ ‎صرف‎ ‎الدولار‎. ‎ورأت‎ ‎المصادر‎ ‎أن‎ ‎الأطراف‎ ‎الدوليّة‎ ‎والإقليمية‎ ‎المؤثرة،‎ ‎التي‎ ‎تملك‎ ‎القدرة‎ ‎على‎ ‎توفير‎ ‎عناصر‎ ‎جديدة‎ ‎تحرّك‎ ‎المشهد‎ ‎الحكوميّ،‎ ‎خصوصاً‎ ‎في‎ ‎واشنطن‎ ‎والرياض،‎ ‎لا‎ ‎تبدو‎ ‎بعد‎ ‎جاهزة‎ ‎للدخول‎ ‎على‎ ‎خط‎ ‎الأزمة‎ ‎لتحفيز‎ ‎الحلول،‎ ‎وأن‎ ‎الحديث‎ ‎عن‎ ‎عقوبات‎ ‎أوروبية‎ ‎كوسيلة‎ ‎للضغط‎ ‎ليس‎ ‎تعبيراً‎ ‎واقعياً‎ ‎قابلاً‎ ‎للتحقق،‎ ‎وإن‎ ‎تمّ‎ ‎جزئياً‎ ‎فلن‎ ‎يكون‎ ‎مؤثراً‎ ‎خصوصاً‎ ‎إذا‎ ‎طال‎ ‎فريقاً‎ ‎من‎ ‎دون‎ ‎الآخر،‎ ‎وساهم‎ ‎في‎ ‎المزيد‎ ‎من‎ ‎الانقسام‎ ‎السياسي،‎ ‎كما‎ ‎تمّ‎ ‎بعد‎ ‎العقوبات‎ ‎الأميركية‎ ‎التي‎ ‎بدت‎ ‎بوضوح‎ ‎اصطفافاً‎ ‎سياسياً‎ ‎لدعم‎ ‎فريق‎ ‎ضد‎ ‎فريق‎. ‎وهذه‎ ‎أقرب‎ ‎الوصفات‎ ‎لتسريع‎ ‎الانهيار،‎ ‎بينما‎ ‎يمكن‎ ‎لبعض‎ ‎ما‎ ‎ورد‎ ‎في‎ ‎كواليس‎ ‎الاجتماعات‎ ‎الأوروبية‎ ‎أن‎ ‎يشكل‎ ‎عنصر‎ ‎تحريك‎ ‎للأزمة،‎ ‎لجهة‎ ‎الدعوة‎ ‎لتجاوز‎ ‎المبادرة‎ ‎الفرنسيّة‎ ‎والذهاب‎ ‎نحو‎ ‎حكومة‎ ‎سياسيّة‎ ‎أو‎ ‎تكنوسياسية،‎ ‎طالما‎ ‎أن‎ ‎رئيس‎ ‎الحكومة‎ ‎المكلف‎ ‎هو‎ ‎سياسيّ‎.‎


المصادر‎ ‎المتابعة‎ ‎قالت‎ ‎يصعب‎ ‎تحميل‎ ‎أحد‎ ‎الفريقين‎ ‎الرئاسيين‎ ‎كامل‎ ‎المسؤولية،‎ ‎فالتشكيلة‎ ‎الحكومية‎ ‎التي‎ ‎يحملها‎ ‎الرئيس‎ ‎الحريري‎ ‎منذ‎ ‎مئة‎ ‎يوم،‎ ‎هي‎ ‎أقرب‎ ‎لمجلس‎ ‎إدارة،‎ ‎فيها‎ ‎الكثير‎ ‎من‎ ‎الكفاءات،‎ ‎لكنها‎ ‎في‎ ‎أغلبها‎ ‎تمثل‎ ‎هوًى‎ ‎سياسياً‎ ‎واضحاً‎ ‎بتعبيره‎ ‎عن‎ ‎مناخ‎ ‎قوى‎ ‎الرابع‎ ‎عشر‎ ‎من‎ ‎آذار،‎ ‎بينما‎ ‎الورقة‎ ‎الرئاسيّة‎ ‎الموجّهة‎ ‎إلى‎ ‎بيت‎ ‎الوسط‎ ‎هي‎ ‎استفزاز‎ ‎لأي‎ ‎رئيس‎ ‎مكلف‎ ‎بتشكيل‎ ‎الحكومة،‎ ‎بمعاملته‎ ‎كتلميذ‎ ‎يجري‎ ‎فحصاً‎ ‎عند‎ ‎أستاذه،‎ ‎كردّ‎ ‎لما‎ ‎وصفت‎ ‎أوساط‎ ‎بعبدا‎ ‎به‎ ‎رغبة‎ ‎الرئيس‎ ‎الحريري‎ ‎بمعاملة‎ ‎رئيس‎ ‎الجمهورية،‎ ‎كباش‎ ‎كاتب‎.‎
تبدّدت‎ ‎الأجواء‎ ‎التفاؤليّة‎ ‎التي‎ ‎سادت‎ ‎خلال‎ ‎الأيام‎ ‎الماضية‎ ‎وحلّت‎ ‎مكانها‎ ‎موجة‎ ‎من‎ ‎التشاؤم‎ ‎بعد‎ ‎اللقاء‎ ‎بين‎ ‎رئيس‎ ‎الجمهورية‎ ‎ميشال‎ ‎عون‎ ‎والرئيس‎ ‎المكلف‎ ‎سعد‎ ‎الحريري‎.‎


فالاجتماع‎ ‎الثامن‎ ‎عشر‎ ‎لم‎ ‎يدُم‎ ‎أكثر‎ ‎من‎ 22 ‎دقيقة‎ ‎خرج‎ ‎بعدها‎ ‎الحريري‎ ‎ليوجه‎ ‎رسالة‎ ‎شديدة‎ ‎اللهجة‎ ‎لرئيس‎ ‎الجمهورية‎ ‎متهماً‎ ‎إياه‎ ‎بتعطيل‎ ‎تأليف‎ ‎الحكومة‎ ‎لتمسكه‎ ‎بالثلث‎ ‎المعطل،‎ ‎ما‎ ‎يؤشر‎ ‎إلى‎ ‎أن‎ ‎الأمور‎ ‎عادت‎ ‎إلى‎ ‎ما‎ ‎دون‎ ‎الصفر‎ ‎وتتجه‎ ‎الى‎ ‎مواجهة‎ "‎كسر‎ ‎العظم‎" ‎بين‎ ‎جبهتي‎ ‎بعبدا‎ ‎وبيت‎ ‎الوسط‎ ‎والتي‎ ‎شهدت‎ ‎تراشقاً‎ ‎إعلامياً‎ ‎وسياسياً‎ ‎واتهامات‎ ‎متبادلة‎ ‎من‎ ‎فوق‎ ‎السطوح‎.‎
وقال‎ ‎الحريري‎ ‎بعد‎ ‎اللقاء‎: ‎‎"‎أرسل‎ ‎لي‎ ‎الرئيس‎ ‎عون‎ ‎أمس‎ (‎الأحد‎) ‎تركيبة‎ ‎وزارية‎ ‎تتضمن‎ ‎ثلثاً‎ ‎معطلاً‎ ‎لفريقه‎ ‎فقلت‎ ‎له‎ ‎إن‎ ‎ما‎ ‎حصل‎ ‎غير‎ ‎مقبول‎ ‎ودوري‎ ‎كرئيس‎ ‎مكلف‎ ‎تشكيل‎ ‎الحكومة،‎ ‎وأبلغته‎ ‎أنني‎ ‎اعتبر‎ ‎رسالته‎ ‎وكأنها‎ ‎لم‎ ‎تكن‎ ‎و‎"‎رجعتلو‎ ‎ياها‎" ‎وأبلغته‎ ‎أنني‎ ‎سأحتفظ‎ ‎بالنسخة‎ ‎للتاريخ‎". ‎مضيفاً‎ "‎اللائحة‎ ‎التي‎ ‎أرسلها‎ ‎لي‎ ‎الرئيس‎ ‎غير‎ ‎مقبولة‎ ‎لأن‎ ‎الرئيس‎ ‎المكلف‎ "‎مش‎ ‎شغلتو‎ ‎يعبي‎ ‎أوراق‎ ‎من‎ ‎حدا‎". ‎وأضاف‎ "‎هدفي‎ ‎واحد‎ ‎وضع‎ ‎حد‎ ‎للانهيار‎ ‎ووضع‎ ‎حد‎ ‎لمعاناة‎ ‎اللبنانيين‎ ‎وطلبت‎ ‎من‎ ‎الرئيس‎ ‎عون‎ ‎تشكيل‎ ‎حكومة‎ ‎اختصاصيين‎". ‎ووزع‎ ‎الحريري‎ ‎على‎ ‎الصحافيين‎ ‎التشكيلة‎ ‎التي‎ ‎قدّمها‎ ‎لعون‎ ‎منذ‎ ‎أكثر‎ ‎من‎ 100 ‎يوم‎ ‎وتتضمن‎ ‎الأسماء‎ ‎التالية‎: ‎رئيس‎ ‎الوزراء‎ ‎سعد‎ ‎الحريري،‎ ‎وزير‎ ‎الصحة‎ ‎فراس‎ ‎أبيض،‎ ‎وزير‎ ‎الشؤون‎ ‎الاجتماعية‎ ‎والبيئة‎ ‎ناصر‎ ‎ياسين،‎ ‎وزيرة‎ ‎العدل‎ ‎لبنى‎ ‎مسقاوي،‎ ‎وزير‎ ‎المال‎ ‎يوسف‎ ‎خليل،‎ ‎وزيرة‎ ‎العمل‎ ‎مايا‎ ‎كنعان،‎ ‎وزير‎ ‎الاشغال‎ ‎العامة‎ ‎والنقل‎ ‎إبراهيم‎ ‎شحرور،‎ ‎وزير‎ ‎التنمية‎ ‎الإدارية‎ ‎والسياحة‎ ‎جهاد‎ ‎مرتضى،‎ ‎وزير‎ ‎الخارجية‎ ‎والزراعة‎ ‎ربيع‎ ‎نرش،‎ ‎وزير‎ ‎الدفاع‎ ‎أنطوان‎ ‎اقليموس،‎ ‎وزيرة‎ ‎الثقافة‎ ‎فاديا‎ ‎كيوان،‎ ‎وزير‎ ‎التربية‎ ‎والتعليم‎ ‎عبدو‎ ‎جرجس،‎ ‎وزير‎ ‎الشباب‎ ‎والرياضة‎ ‎والإعلام‎ ‎وليد‎ ‎نصار،‎ ‎وزير‎ ‎الاقتصاد‎ ‎سعادة‎ ‎الشامي،‎ ‎وزير‎ ‎الطاقة‎ ‎والمياه‎ ‎جو‎ ‎صدي،‎ ‎وزير‎ ‎الداخلية‎ ‎والبلديات‎ ‎زياد‎ ‎أبو‎ ‎حيدر،‎ ‎وزير‎ ‎الاتصالات‎ ‎فادي‎ ‎سماحة،‎ ‎وزير‎ ‎الصناعة‎ ‎والمهجرين‎ ‎كاربيت‎ ‎سليخانيان‎.‎


ردّ‎ ‎رئيس‎ ‎الجمهورية‎ ‎لم‎ ‎يتأخر،‎ ‎فما‎ ‎إن‎ ‎غادر‎ ‎الحريري‎ ‎القصر‎ ‎الجمهوري‎ ‎حتى‎ ‎بدأت‎ ‎دوائره‎ ‎بإعداد‎ ‎البيان‎ ‎الذي‎ ‎لفت‎ ‎الى‎ ‎أن‎ ‎الورقة‎ ‎المنهجيّة‎ ‎التي‎ ‎أرسلها‎ ‎عون‎ ‎الى‎ ‎الحريري‎ "‎تنصّ‎ ‎فقط‎ ‎على‎ ‎منهجية‎ ‎تشكيل‎ ‎الحكومة‎ ‎وتتضمّن‎ ‎أربعة‎ ‎أعمدة،‎ ‎يؤدي‎ ‎اتباعها‎ ‎الى‎ ‎تشكيل‎ ‎حكومة‎ ‎بالاتفاق‎ ‎بين‎ ‎رئيس‎ ‎الجمهورية‎ ‎والرئيس‎ ‎المكلف‎". ‎وشدّدت‎ ‎المديرية‎ ‎العامة‎ ‎في‎ ‎بيان‎ ‎تلاه‎ ‎المستشار‎ ‎السياسي‎ ‎والإعلامي‎ ‎لرئيس‎ ‎الجمهورية‎ ‎أنطوان‎ ‎قسطنطين،‎ ‎على‎ ‎ان‎ ‎الورقة‎ "‎لا‎ ‎أسماء‎ ‎فيها‎ ‎لكي‎ ‎يكون‎ ‎فيها‎ ‎ثلث‎ ‎معطل،‎ ‎هي‎ ‎فقط‎ ‎آلية‎ ‎للتشكيل‎ ‎من‎ ‎باب‎ ‎التعاون‎ ‎الذي‎ ‎يجب‎ ‎أن‎ ‎يسبق‎ ‎كل‎ ‎اتفاق‎ ‎عملاً‎ ‎بأحكام‎ ‎المادة‎ 53 - ‎البند‎ 4 ‎من‎ ‎الدستور‎".‎
وردّ‎ ‎الحريري‎ ‎على‎ ‎بيان‎ ‎الرئاسة‎ ‎الأولى‎ ‎متهماً‎ ‎إياها‎ ‎بتزوير‎ ‎الحقائق‎ ‎والوثائق‎. ‎ونشر‎ ‎مكتب‎ ‎الحريري‎ ‎الأوراق‎ ‎التي‎ ‎أرسلها‎ ‎له‎ ‎عون‎.‎


إلا‎ ‎أن‎ ‎رئاسة‎ ‎الجمهورية‎ ‎كذبت‎ ‎الحريري‎ ‎وأكدت‎ ‎أن‎ ‎النص‎ ‎الذي‎ ‎وزعه‎ ‎المكتب‎ ‎الإعلامي‎ ‎للحريري‎ "‎يعود‎ ‎الى‎ ‎فترة‎ ‎تبادل‎ ‎الصيغ‎ ‎الحكومية‎ ‎بين‎ ‎رئيس‎ ‎الجمهورية‎ ‎والرئيس‎ ‎المكلف،‎ ‎وليس‎ ‎النص‎ ‎الذي‎ ‎أرسله‎ ‎أمس‎ ‎الرئيس‎ ‎عون،‎ ‎والذي‎ ‎وزّع‎ ‎سابقاً‎".‎
وفيما‎ ‎خرجت‎ ‎دعوات‎ ‎غير‎ ‎معروفة‎ ‎المصدر‎ ‎تدعو‎ ‎باسم‎ ‎تيار‎ ‎المستقبل‎ ‎للتجمّع‎ ‎والخروج‎ ‎الى‎ ‎الشارع‎ ‎تأييداً‎ ‎ودعماً‎ ‎للحريري،‎ ‎دعا‎ ‎أمين‎ ‎عام‎ ‎المستقبل‎ ‎أحمد‎ ‎الحريري‎ ‎عبر‎ ‎تويتر‎ ‎جمهور‎ ‎الحريري‎ ‎في‎ ‎كل‎ ‎المناطق‎ "‎للابتعاد‎ ‎عن‎ ‎أي‎ ‎تحركات‎ ‎في‎ ‎الشارع،‎ ‎ولا‎ ‎علاقة‎ ‎للتيار‎ ‎بأي‎ ‎دعوات‎ ‎لذلك‎ ‎ونهيب‎ ‎بالجميع‎ ‎التزام‎ ‎الهدوء‎ ‎وعدم‎ ‎الانجرار‎ ‎لأي‎ ‎استفزاز‎".‎


وأشارت‎ ‎مصادر‎ ‎المستقبل‎ ‎أن‎ "‎رئيس‎ ‎التيار‎ ‎الوطني‎ ‎الحر‎ ‎جبران‎ ‎باسيل‎ ‎لا‎ ‎يزال‎ ‎مصراً‎ ‎على‎ ‎انتزاع‎ ‎الثُلث‎ ‎المُعطّل‎ ‎أي‎ 6+1 ‎في‎ ‎حكومة‎ 18 ‎وزيراً‎ ‎أو‎ 7+1 ‎في‎ ‎حكومة‎ 20 ‎وزيراً‎ ‎متحصناً‎ ‎بموقفي‎ ‎الأمين‎ ‎العام‎ ‎لحزب‎ ‎الله‎ ‎السيد‎ ‎حسن‎ ‎نصرالله‎ ‎ورئيس‎ ‎الحزب‎ ‎الاشتراكي‎ ‎وليد‎ ‎جنبلاط‎. ‎وقد‎ ‎جاءت‎ ‎مسودة‎ ‎الرئيس‎ ‎عون‎ ‎التي‎ ‎أرسلها‎ ‎للحريري‎ ‎متوافقة‎ ‎مع‎ ‎تمسك‎ ‎باسيل‎ ‎بالثُلث‎ ‎الذي‎ ‎رفضه‎ ‎الحريري‎ ‎لأنه‎ ‎يضرب‎ ‎المبادرة‎ ‎الفرنسيّة‎ ‎من‎ ‎أساسها‎".‎


لكن‎ ‎مصادر‎ ‎في‎ ‎فريق‎ 8 ‎آذار‎ ‎أشارت‎ ‎لـ‎"‎البناء‎" ‎إلى‎ ‎أن‎ "‎الحريري‎ ‎حاول‎ ‎إظهار‎ ‎مظلوميّته‎ ‎متذرّعاً‎ ‎بأن‎ ‎عون‎ ‎خالف‎ ‎الدستور‎. ‎لكن‎ ‎تشكيلته‎ ‎أشبه‎ ‎بمجلس‎ ‎إدارة‎ ‎ولا‎ ‎علاقة‎ ‎لها‎ ‎بالإصلاح‎ ‎والاختصاص،‎ ‎وتظهر‎ ‎جمود‎ ‎الحريري‎ ‎في‎ ‎مكانه‎ ‎وعدم‎ ‎إدخال‎ ‎أي‎ ‎تعديل‎ ‎أو‎ ‎تطوير‎ ‎لهذه‎ ‎التشكيلة‎ ‎منذ‎ ‎مئة‎ ‎يوم‎"‎،‎ ‎وخلصت‎ ‎المصادر‎ ‎للقول‎ ‎إن‎ "‎وظيفة‎ ‎الحريري‎ ‎ليست‎ ‎التشكيل‎ ‎بل‎ ‎هو‎ ‎مكلّف‎ ‎بالتعطيل‎ ‎وإنتاج‎ ‎الفراغ‎ ‎السياسي‎ ‎تنفيذاً‎ ‎لوثيقة‎ ‎وزير‎ ‎الخارجيّة‎ ‎الأميركي‎ ‎السابق‎ ‎مايك‎ ‎بومبيو‎ ‎لتفجير‎ ‎لبنان‎ ‎بدءاً‎ ‎بالفراغ‎ ‎الحكومي‎ ‎والانهيار‎ ‎النقدي‎ ‎وصولاً‎ ‎إلى‎ ‎تعميم‎ ‎الفوضى‎ ‎الاجتماعية‎ ‎والأمنية‎".‎
ولفتت‎ ‎المصادر‎ ‎الى‎ ‎أن‎ ‎الحل‎ ‎بالعودة‎ ‎الى‎ ‎اقتراحات‎ ‎الأمين‎ ‎العام‎ ‎لحزب‎ ‎الله‎ ‎السيد‎ ‎حسن‎ ‎نصرالله‎ ‎حكومة‎ ‎تكنوقراط‎ ‎لتستطيع‎ ‎مواجهة‎ ‎المرحلة‎ ‎المقبلة‎ ‎أو‎ ‎تفعيل‎ ‎حكومة‎ ‎تصريف‎ ‎الأعمال‎ ‎ومنحها‎ ‎هامشاً‎ ‎واسعاً‎ ‎من‎ ‎الصلاحيات‎ ‎لتستطيع‎ ‎الصمود‎ ‎والحدّ‎ ‎من‎ ‎وطأة‎ ‎الأزمات‎ ‎الحياتية‎ ‎وتأخير‎ ‎الانفجار‎"‎،‎ ‎إلا‎ ‎أن‎ ‎أوساطاً‎ ‎مقربة‎ ‎من‎ ‎الرئيس‎ ‎حسان‎ ‎دياب‎ ‎أوضحت‎ ‎لـ‎"‎البناء‎" ‎الى‎ ‎أن‎ "‎تفعيل‎ ‎الحكومة‎ ‎غير‎ ‎وارد‎ ‎حالياً‎ ‎إلا‎ ‎في‎ ‎حال‎ ‎تلقى‎ ‎الرئيس‎ ‎دياب‎ ‎طلباً‎ ‎من‎ ‎مجلس‎ ‎النواب‎ ‎يدعوه‎ ‎لتفعيل‎ ‎عمل‎ ‎الحكومة‎ ‎وتحديد‎ ‎الإطار‎ ‎الذي‎ ‎تعمل‎ ‎به‎ ‎بما‎ ‎يتوافق‎ ‎مع‎ ‎الدستور‎".‎


وإذ‎ ‎توقع‎ ‎خبراء‎ ‎أمنيّون‎ ‎موجة‎ ‎جديدة‎ ‎ساخنة‎ ‎من‎ ‎المواجهة‎ ‎بدرجات‎ ‎وسقوف‎ ‎أعلى‎. ‎استبعدوا‎ ‎توسيع‎ ‎الضغط‎ ‎في‎ ‎الشارع‎ ‎بمواجهات‎ ‎أمنية‎ ‎مسلحة‎ ‎لاختلال‎ ‎التوازن‎ ‎العسكريّ‎ ‎لصالح‎ ‎حزب‎ ‎الله‎ ‎وحلفائه‎ ‎لا‎ ‎سيما‎ ‎بعد‎ ‎الانتصارات‎ ‎العسكرية‎ ‎التي‎ ‎حققها‎ ‎محور‎ ‎المقاومة‎ ‎في‎ ‎الإقليم‎. ‎وهذا‎ ‎ما‎ ‎قرأه‎ ‎رئيس‎ ‎الحزب‎ ‎الاشتراكي‎ ‎وليد‎ ‎جنبلاط‎ ‎وترجم‎ ‎بانسحابه‎ ‎من‎ ‎المواجهة‎ ‎في‎ ‎الشارع‎ ‎فيما‎ ‎رئيس‎ ‎القوات‎ ‎سمير‎ ‎جعجع‎ ‎لا‎ ‎يستطيع‎ ‎بمفرده‎ ‎تغيير‎ ‎المعادلة‎ ‎في‎ ‎الشارع‎. ‎لكن‎ ‎الخبراء‎ ‎حذّروا‎ ‎من‎ ‎استغلال‎ ‎جهات‎ ‎خارجية‎ ‎كالولايات‎ ‎المتحدة‎ ‎و‎"‎إسرائيل‎" ‎وبعض‎ ‎دول‎ ‎الخليج‎ ‎لحالة‎ ‎الفوضى‎ ‎والتأزيم‎ ‎السياسي‎ ‎لإنعاش‎ ‎بعض‎ ‎الخلايا‎ ‎الإرهابية‎ ‎لتنفيذ‎ ‎عمليات‎ ‎تفجير‎ ‎او‎ ‎اغتيال‎ ‎للضغط‎ ‎على‎ ‎حزب‎ ‎الله‎ ‎ورئيس‎ ‎الجمهورية‎. ‎وهذا‎ ‎ما‎ ‎تخوف‎ ‎منه‎ ‎مؤخراً‎ ‎وزير‎ ‎الداخلية‎ ‎محمد‎ ‎فهمي‎.‎


وفيما‎ ‎تشير‎ ‎أوساط‎ ‎التيار‎ ‎الوطني‎ ‎الحر‎ ‎الى‎ ‎أن‎ "‎الحريري‎ ‎لن‎ ‎يؤلف‎ ‎الحكومة‎ ‎قبل‎ ‎موافقة‎ ‎السعودية‎ ‎التي‎ ‎لم‎ ‎تحدد‎ ‎موعداً‎ ‎له‎ ‎للقاء‎ ‎ولي‎ ‎العهد‎ ‎السعودي‎ ‎الأمير‎ ‎محمد‎ ‎بن‎ ‎سلمان‎ ‎حتى‎ ‎الآن،‎ ‎كما‎ ‎لم‎ ‎يزره‎ ‎السفير‎ ‎السعودي‎ ‎في‎ ‎لبنان‎"‎،‎ ‎علمت‎ "‎البناء‎" ‎في‎ ‎هذا‎ ‎السياق‎ ‎أن‎ "‎الحريري‎ ‎وخلال‎ ‎جولاته‎ ‎المكوكيّة‎ ‎الخارجيّة‎ ‎طلب‎ ‎من‎ ‎الفرنسيين‎ ‎والإماراتيين‎ ‎والروس‎ ‎إذا‎ ‎كان‎ ‎بإمكانهم‎ ‎انتزاع‎ ‎ضمانة‎ ‎من‎ ‎السعودية‎ ‎لتغطية‎ ‎حكومته‎ ‎العتيدة،‎ ‎إلا‎ ‎أنه‎ ‎لمّ‎ ‎ينَل‎ ‎ما‎ ‎يريد‎ ‎حتى‎ ‎الساعة‎".‎


وبحسب‎ ‎مصادر‎ "‎البناء‎" ‎فإن‎ "‎مسودة‎ ‎عون‎ ‎لم‎ ‎تكُن‎ ‎السبب‎ ‎الوحيد‎ ‎لغضب‎ ‎الحريري‎ ‎في‎ ‎بعبدا،‎ ‎بل‎ ‎موقفان‎ ‎اعتبرهما‎ ‎موجّهين‎ ‎ضده‎ ‎ويساهمان‎ ‎في‎ ‎حصاره‎. ‎الأول‎ ‎موقف‎ ‎السيد‎ ‎نصرالله‎ ‎الخميس‎ ‎الماضي‎ ‎لا‎ ‎سيّما‎ ‎دعوته‎ ‎الحريري‎ ‎لإعادة‎ ‎النظر‎ ‎بحكومة‎ ‎الاختصاصيين‎ ‎لصالح‎ ‎حكومة‎ "‎التكنوقراط‎"‎،‎ ‎والثاني‎ ‎زيارة‎ ‎جنبلاط‎ ‎إلى‎ ‎بعبدا‎ ‎السبت‎ ‎الماضي‎ ‎وتوجيه‎ ‎رسالة‎ ‎للحريري‎ ‎بأنّ‎ ‎التسوية‎ ‎أهم‎ ‎من‎ ‎التمسك‎ ‎بالمواقف،‎ ‎ما‎ ‎خلط‎ ‎الأوراق‎ ‎الحكوميّة‎ ‎وأضعف‎ ‎أوراق‎ ‎الحريري‎ ‎وحصّن‎ ‎الموقف‎ ‎التفاوضي‎ ‎لرئيس‎ ‎الجمهورية‎.‎


وبعد‎ ‎زيارته‎ ‎بعبدا‎ ‎وموقفه‎ ‎المستجدّ‎ ‎من‎ ‎الأزمة‎ ‎الحكومية،‎ ‎حضرت‎ ‎السفيرة‎ ‎الأميركيّة‎ ‎في‎ ‎لبنان‎ ‎دوروثي‎ ‎شيا‎ ‎أمس‎ ‎الى‎ ‎كليمنصو‎ ‎لاستطلاع‎ ‎الموقف‎ ‎وأبعاده،‎ ‎حيث‎ ‎التقت‎ ‎رئيس‎ ‎الاشتراكي‎ ‎وبحثت‎ ‎معه‎ ‎الأوضاع‎ ‎في‎ ‎لبنان‎ ‎والمنطقة‎.‎


وفيما‎ ‎تعتصم‎ ‎عين‎ ‎التينة‎ ‎بالصمت‎ ‎منذ‎ ‎أيام‎ ‎إزاء‎ ‎مجريات‎ ‎الأحداث‎ ‎الأخيرة،‎ ‎جدد‎ ‎المكتب‎ ‎السياسي‎ ‎لحركة‎ ‎امل‎ "‎مطالبته‎ ‎الإسراع‎ ‎بتشكيل‎ ‎حكومة‎ ‎اختصاصيين‎ ‎غير‎ ‎حزبيين‎ ‎وفق‎ ‎ما‎ ‎تم‎ ‎التوافق‎ ‎عليه‎ ‎في‎ ‎المبادرة‎ ‎الفرنسية‎ ‎بعيداً‎ ‎من‎ ‎منطق‎ ‎الأعداد‎ ‎والحصص‎ ‎المعطلة‎ ‎وتحوز‎ ‎ثقة‎ ‎المجلس‎ ‎النيابي‎ ‎وكتله،‎ ‎وتكون‎ ‎قادرة‎ ‎وبسرعة‎ ‎على‎ ‎إطلاق‎ ‎ورشة‎ ‎الإصلاح‎ ‎الاقتصادي‎ ‎والمالي‎ ‎والنقدي،‎ ‎ولديها‎ ‎القدرة‎ ‎على‎ ‎إعادة‎ ‎ثقة‎ ‎اللبنانيين‎ ‎بوطنهم،‎ ‎وتعزيز‎ ‎علاقات‎ ‎لبنان‎ ‎الخارجية‎ ‎ومع‎ ‎المؤسسات‎ ‎الدولية،‎ ‎وإدارة‎ ‎حوار‎ ‎بنّاء‎ ‎ومسؤول‎ ‎لإعداد‎ ‎حفظ‎ ‎الخروج‎ ‎من‎ ‎الأزمة‎".‎


وسبق‎ ‎لقاء‎ ‎بعبدا،‎ ‎موقف‎ ‎فرنسيّ‎ ‎على‎ ‎لسان‎ ‎وزير‎ ‎الخارجية‎ ‎جان‎ ‎إيف‎ ‎لو‎ ‎دريان‎ ‎الذي‎ ‎أشار‎ ‎الى‎ ‎أنه‎ "‎طلب‎ ‎من‎ ‎نظرائه‎ ‎في‎ ‎الاتحاد‎ ‎الأوروبي‎ ‎النظر‎ ‎في‎ ‎سبل‎ ‎مساعدة‎ ‎لبنان‎ ‎الذي‎ ‎يواجه‎ ‎أسوأ‎ ‎أزمة‎ ‎اقتصاديّة‎ ‎منذ‎ ‎عقود‎". ‎وقال‎ ‎لدى‎ ‎وصوله‎ ‎إلى‎ ‎اجتماع‎ ‎لوزراء‎ ‎خارجية‎ ‎الاتحاد‎: ‎‎"‎فرنسا‎ ‎تتمنى‎ ‎أن‎ ‎نبحث‎ ‎قضية‎ ‎لبنان‎ ‎اذ‎ ‎لا‎ ‎يمكن‎ ‎للاتحاد‎ ‎الأوروبي‎ ‎أن‎ ‎يقف‎ ‎مكتوف‎ ‎الأيدي‎ ‎ولبنان‎ ‎ينهار‎".‎
من‎ ‎جهتها،‎ ‎أعربت‎ ‎الخارجية‎ ‎الأميركية،‎ ‎عن‎ "‎قلقها‎ ‎حيال‎ ‎تطورات‎ ‎الوضع‎ ‎في‎ ‎لبنان‎ ‎وعجز‎ ‎القيادة‎ ‎فيه‎". ‎ودعت‎ ‎القادة‎ ‎الى‎ "‎وضع‎ ‎خلافاتهم‎ ‎جانباً‎ ‎والإسراع‎ ‎بتشكيل‎ ‎الحكومة‎".‎
وما‎ ‎إن‎ ‎انتهى‎ ‎الحريري‎ ‎من‎ ‎كلامه‎ ‎حتى‎ ‎سجل‎ ‎سعر‎ ‎صرف‎ ‎الدولار‎ ‎ارتفاعًا‎ ‎ملحوظاً‎ ‎حيث‎ ‎تراوح‎ ‎بين‎ 14000 ‎للشراء‎ ‎و‎14200 ‎للبيع،‎ ‎بعد‎ ‎أن‎ ‎سجّل‎ ‎صباحًا‎ ‎ما‎ ‎بين‎ 11300 ‎و‎11700 ‎ليرة‎ ‎لبنانية‎ ‎للدولار‎ ‎الواحد‎.‎


في‎ ‎المقابل‎ ‎أعلن‎ ‎وزير‎ ‎المالية‎ ‎في‎ ‎حكومة‎ ‎تصريف‎ ‎الأعمال‎ ‎غازي‎ ‎وزني‎ ‎أن‎ "‎الرقم‎ ‎المتوقع‎ ‎الذي‎ ‎سيصل‎ ‎إليه‎ ‎سعر‎ ‎صرف‎ ‎الليرة‎ ‎أمام‎ ‎الدولار‎ ‎هو‎ 10 ‎آلاف‎ ‎ليرة،‎ ‎وذلك‎ ‎من‎ ‎خلال‎ ‎منصة‎ ‎الدولار‎ ‎المقترحة‎ ‎من‎ ‎قبل‎ ‎مصرف‎ ‎لبنان،‎ ‎وهي‎ "‎مؤقتة‎ ‎وظرفيّة‎ ‎وضروريّة‎".‎
وكان‎ ‎المجلس‎ ‎المركزي‎ ‎لمصرف‎ ‎لبنان‎ ‎عقد‎ ‎جلسة‎ ‎أمس،‎ ‎برئاسة‎ ‎حاكمه‎ ‎رياض‎ ‎سلامة‎ ‎وتداول‎ ‎في‎ ‎إنشاء‎ ‎المنصة‎ ‎الالكترونية‎ ‎لحصر‎ ‎التداول‎ ‎بالدولار‎ ‎بها،‎ ‎وفقاً‎ ‎للاتفاق‎ ‎الذي‎ ‎حصل‎ ‎في‎ ‎بعبدا‎ ‎بين‎ ‎سلامة‎ ‎ورئيس‎ ‎الجمهورية‎.‎


وأفادت‎ ‎المعلومات‎ ‎أن‎ ‎المجلس‎ ‎المركزي‎ ‎لمصرف‎ ‎لبنان‎ ‎سيعقد‎ ‎جلسة‎ ‎أخرى‎ ‎يوم‎ ‎غدٍ‎ ‎لاستكمال‎ ‎البحث‎ ‎بالصيغ‎ ‎التّنفيذيّة‎ ‎للمنصّة‎ ‎الإلكترونيّة‎ ‎الجديدة‎.‎


وأمس‎ ‎طلب‎ ‎مصرف‎ ‎لبنان‎ ‎من‎ ‎المصارف‎ ‎والصرافين‎ ‎الاشتراك‎ ‎في‎ ‎المنصة‎ ‎الإلكترونية‎ ‎لعمليات‎ ‎الصرافة‎ ‎المنشأة‎ ‎من‎ ‎مصرف‎ ‎لبنان‎ ‎والتسجيل‎ ‎على‎ ‎التطبيق‎ ‎الإلكتروني‎ ‎العائد‎ ‎لهذه‎ ‎المنصة‎ ‎والالتزام‎ ‎بالشروط‎ ‎التي‎ ‎سيصدرها‎ ‎مصرف‎ ‎لبنان‎ ‎بهذا‎ ‎الخصوص‎.‎


إلا‎ ‎أن‎ ‎الخبراء‎ ‎الاقتصاديين‎ ‎شككوا‎ ‎بنجاح‎ ‎هذه‎ ‎المنصة،‎ ‎وأشار‎ ‎أحد‎ ‎الخبراء‎ ‎لـ‎"‎البناء‎" ‎الى‎ ‎أن‎ "‎هناك‎ ‎أسباباً‎ ‎عدة‎ ‎لفشل‎ ‎هذه‎ ‎المنصة‎ ‎في‎ ‎لجة‎ ‎الدولار‎ ‎وضبط‎ ‎عمليات‎ ‎التداول‎ ‎بالعملة‎ ‎الاجنبية،‎ ‎أولها‎ ‎أن‎ ‎الصرافين‎ ‎هم‎ ‎سماسرة‎ ‎يقومون‎ ‎بعمليات‎ ‎المضاربة‎ ‎بالدولار‎ ‎بالتنسيق‎ ‎مع‎ ‎المصارف‎ ‎ومصرف‎ ‎لبنان،‎ ‎ثانياً‎ ‎طالما‎ ‎يقوم‎ ‎مصرف‎ ‎لبنان‎ ‎بضخ‎ ‎كميات‎ ‎كبيرة‎ ‎من‎ ‎الليرة‎ ‎اللبنانية‎ ‎في‎ ‎السوق،‎ ‎فإن‎ ‎الدولار‎ ‎سيرتفع‎ ‎وما‎ ‎يؤكد‎ ‎ذلك‎ ‎أنه‎ ‎عندما‎ ‎حدّد‎ ‎المركزي‎ ‎سعر‎ ‎الدولار‎ ‎على‎ ‎المنصة‎ ‎ب‎3900 ‎ارتفع‎ ‎الدولار‎ ‎الى‎ 15 ‎ألف‎ ‎ليرة‎ ‎وفي‎ ‎حال‎ ‎رفع‎ ‎سعر‎ ‎الدولار‎ ‎على‎ ‎المنصة‎ ‎الى‎ 6 ‎آلاف‎ ‎أو‎ 7 ‎آلاف‎ ‎ليرة‎ ‎فإن‎ ‎الدولار‎ ‎سيرتفع‎ ‎أكثر‎ ‎من‎ 15 ‎ألف،‎ ‎أما‎ ‎السبب‎ ‎الثالث‎ ‎بحسب‎ ‎الخبير‎ ‎فهو‎ ‎عدم‎ ‎الاستقرار‎ ‎السياسي‎ ‎المتمثل‎ ‎بعجز‎ ‎السياسيين‎ ‎عن‎ ‎تأليف‎ ‎الحكومة،‎ ‎وبالتالي‎ ‎غياب‎ ‎الثقة‎ ‎الداخلية‎ ‎والخارجية‎ ‎بالدولة‎ ‎اللبنانية‎". ‎ولفت‎ ‎الخبير‎ ‎الى‎ ‎أن‎ "‎الإجراءات‎ ‎التي‎ ‎يقوم‎ ‎بها‎ ‎سلامة‎ ‎تهدف‎ ‎فقط‎ ‎الى‎ ‎سحب‎ ‎الدولارات‎ ‎الموجودة‎ ‎في‎ ‎منازل‎ ‎المواطنين‎ ‎لجمعها‎ ‎واستخدامها‎ ‎في‎ ‎عملية‎ ‎تمويل‎ ‎عجز‎ ‎الخزينة‎ ‎وسياسة‎ ‎الدعم،‎ ‎فيما‎ ‎المطلوب‎ ‎وضع‎ ‎خطط‎ ‎واتخاذ‎ ‎إجراءات‎ ‎اقتصادية‎ ‎لتنشيط‎ ‎الاقتصاد‎".‎

 

*********************************************************************

 

 

افتتاحية صحيفة الأخبار :

 

منصّة سلامة: لا ضمانة بوقف السوق السوداء | تأليف الحكومة: في انتظار الخارج

 

 اتفاق رئيسي الجمهورية والحكومة على اتساع هوة التفاهم بينهما وتعذّر ‏الحلول حدث منذ مدة ولم يكن وليد اجتماع يوم أمس. فشل تأليف حكومة ‏كان متوقعاً مسبقاً، رغم ذلك قفز الدولار نحو 3 آلاف ليرة دفعة واحدة ‏بغياب أي عمليات تداول بالنقد وأي معطى عملي لهذا الارتفاع الكبير، ‏سوى أنه سعر سياسي. وسط ذلك، أصدر مصرف لبنان تعميماً لإنشاء ‏منصة تنظم عمليات الصرافة، معتقداً أنها ستسهم في خفض سعر الدولار، ‏بينما في حال لم يجر ضبط آلياتها لن تكون سوى مورد جديد للتجار ‏ووسيلة أخرى للمضاربة


لم يغلق باب التفاوض بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري يوم أمس؛ ففي ‏حسابات عون، الفرصة الأخيرة للحلّ سقطت مع رفض الحريري مبادرة بعبدا، يوم تخلى رئيس الجمهورية عن الثلث ‏الضامن. بعد ذلك، كل زيارة أو مناورة أو اجتماع، بات لزوم ما لا يلزم ويدخل في إطار الإخراج السياسي السيّئ لرفع ‏المسؤولية كلّ عن نفسه. أزمة الثقة والصلاحيات بين الرئيسين لم تعد مشكلة يمكن حلها من دون اتفاق سياسي شامل ‏يستحيل تأمينه من دون رعاية خارجية (أسوة باتفاق الدوحة، على سبيل المثال). من هذا المنطلق، نتائج زيارة ‏الحريري لبعبدا كانت معروفة مسبقاً ولم تشكّل أي مفاجأة، حتى إن الرئيس المكلّف كان قد كتب مسبقاً البيان الذي تلاه ‏بعد الاجتماع‎.


حتى اللحظة، لم يعد في الداخل من وسطاء بين الرئيسين. في الاجتماع الذي عُقِد أمس بين حزب الله وحركة أمل ‏‏(حضره النائب علي حسن خليل وحسين الخليل ووفيق صفا وأحمد بعلبكي)، تقرر إجراء وساطة بين عون ‏والحريري لمحاولة تقريب وجهات النظر بينهما. وهو الاجتماع الذي تلى الكثير من المعلومات عن توتر بين ‏الحزب والحركة، وخاصة بعد بيان المكتب السياسي للأخيرة، أمس، الذي أعلن التمسك بحكومة اختصاصيين ‏وبالمبادرة الفرنسية، فيما الأمين العام للحزب، السيد حسن نصر الله، "نصح" الأسبوع الفائت بحكومة يشارك ‏فيها سياسيون‎.


ارتفاع سعر صرف الدولار فور إعلان عدم الاتفاق على تأليف الحكومة، كان متوقعاً. فسريعاً قفز الدولار من ‏نحو 11 ألف ليرة لبنانية صباحاً الى 14 ألف ليرة مساءً بحجة عدم الاستقرار السياسي، فيما بات واضحاّ أن ‏السعر الذي بلغه الدولار مساء أمس في ظل غياب أي عمليات نقدية هو سعر وهمي يمثل السعر السياسي للدولار ‏لا القيمة الحقيقية؛ اذ غداة كل مطبّ سياسي، يُرفع سعر الصرف بطريقة لا تعبّر عن حال سوق التداول. الدولار ‏دخل في مسألة التجاذب السياسي وصار يستعمل من ناحية كأداة ضغط على رئيس الجمهورية وحزب الله لزيادة ‏الحصار الداخلي، ومن ناحية أخرى لتأجيج الشارع. وبدا لافتاً خروج قلة قليلة من الشباب الذين لا يتخطون في ‏كل منطقة عشرة أشخاص لقطع الطرقات احتجاجاً على عدم التوافق بين الرئيسين، خلال مدة تكاد تعادل عشر ‏دقائق بعد تلاوة الحريري لبيانه. في غضون ذلك، يبدو أمر إعادة تفعيل حكومة تصريف الأعمال غير وارد ‏إطلاقاً في حسابات حسان دياب. يصرّ الأخير على الانكفاء، رابطاً ممارسته دوره بالحصول على إذن البرلمان. ‏ولأجل هذا الغرض، أرسل مستشاره خضر طالب للاجتماع بفريقي رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس ‏الحكومة المكلف سعد الحريري. أبلغه الطرفان أنهما لا يحبّذان بالمطلق أي تفعيل لحكومته، وهو ما دفع دياب الى ‏إبلاغ بعض الوزراء ممّن طرح أسئلة متعلقة بالموازنة وبالصحة وبأمور ملحّة أخرى، أنه يتعذر عليه عقد أي ‏جلسة حكومية، وعليهم الالتزام بتصريف الأعمال في نطاقه الضيّق‎.


في موازاة ذلك، أصدر مصرف لبنان بياناً يتعلّق بالمنصة الإلكترونية لعمليات الصرافة التي تضم الى جانب ‏المصرف، المصارف ومؤسسات الصرافة. ودعا "المصارف العاملة في لبنان خلال مدة أقصاها تاريخ ‏‏16/4/2021 الى الاشتراك في المنصة الإلكترونية لعمليات الصرافة المنشأة من مصرف لبنان، والتسجيل على ‏التطبيق الإلكتروني العائد لهذه المنصة، والالتزام بالشروط التي سيصدرها مصرف لبنان بهذا الخصوص"، ‏وذلك "تحضيراً للقيام بعمليات الصرافة بالعملات الأجنبية مقابل الأوراق النقدية بالليرة اللبنانية، بحيث يعتبر كل ‏مصرف حائزاً، حكماً، على رخصة صرافة، وعليه اتخاذ الإجراءات اللازمة للقيام بعمليات الصرافة النقدية وفقاً ‏لمفهوم القانون الرقم 347 تاريخ 8/6/ 2001 أسوة بمؤسسات الصرافة". وربط البنك المركزي أسباب إنشاء هذه ‏المنصة بـ"الظروف الاستثنائية الحالية التي يمر بها لبنان، والتي أثرت بشكل كبير على سعر صرف العملات ‏الأجنبية النقدية، وبما أنه يقتضي تنظيم عمليات الصرافة وذلك حماية لاستقرار سعر صرف الليرة اللبنانية"، من ‏دون أن يوضح ما الذي حال دون إقدامه على هذا الاقتراح منذ أشهر، إذا ما كانت المنصة تسهم حقيقة في استقرار ‏سعر صرف الليرة، إلا إذا كانت عمليات المضاربة في السوق السوداء جرت عمداً خدمة لمصالح خاصة‎.‎

بيان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة يؤكد إصراره على قدرة هذه المنصة على خفض سعر الصرف، بالرغم ‏من أن هذا الإجراء لن يلغي السوق السوداء الموازية. بل ثمة تخوّف من أن تكون هذه المنصة مشابهة للمنصة التي ‏فُتحت لتجار المواد المدعومة، والتي استفاد منها التاجر حصراً من جيوب الناس، ولم تحقق مبتغاها في خفض ‏سعر السلع الأساسية، يل ساهمت في تأمين دولارات للتاجر حتى يودعها في حسابات خارج لبنان. على هذا ‏المنوال، وفي حال لم توضع آليات جدّية مرفقة بمراقبة دقيقة لعمليات الاستيراد والفواتير، يمكن لمنصة سلامة ‏الجديدة أن تؤمن مورداً جديداً للمضاربة على العملة، بحيث يشتري التاجر دولارات من المصارف وفق سعر ‏صرف يقارب العشرة آلاف، ويخرج ليصرفها لدى الصرافين على سعر صرف أعلى، ثم يعيد العملية مجدداً ‏ليكدّس الأرباح. على أن اجتماع المجلس المركزي لمصرف لبنان أمس سيتبعه اجتماع ثانٍ غداً، للتباحث في ‏الإجراءات التقنية‎.


من جهة أخرى، تحدث وزير المال غازي وزني، في مقابلة الى قناة "الحرة" الأميركية، عن أن "كلفة المنصة ‏ستكون من أموال المودعين"، داعياً مصرف لبنان إلى الحدّ من كلفتها على الاحتياطي الإلزامي. ولفت الى أن ‏‏"الرقم المتوقع الذي سيصل إليه سعر صرف الليرة أمام الدولار هو 10 آلاف"، واصفاً المنصة بأنها "مؤقتة ‏وظرفية وضرورية". كلام وزني عن استخدام أموال المودعين تنفيه مصادر مطلعة، مؤكدة أن "هدف المصرف ‏المركزي، على ما أفضى به حاكمه، ليس التدخل بمعنى البيع والشراء، بل ضبط عمليات العرض والطلب ‏وتسجيلها للجم المضاربات‎"!‎

 

************************************************************************

 

 

افتتاحية صحيفة النهار

 

 السقوط الفاضح لـ”حروب الإلغاء” العونية

 

كان ينقص إطلاق الاتحاد الأوروبي تحذيراً مساء امس من ان “لبنان على وشك الانهيار وفرنسا طلبت تدخلاً أوروبياً لمواجهة الازمة”، لكي تكتمل صورة يوم اقل ما يوصف به انه شكل النقلة الأشد خطورة في الازمة السياسية الحكومية المفتوحة بما يضع لبنان امام مواجهة كبيرة من “الطراز” الاستثنائي في مصيريتها. بالمواقف والاتجاهات وأيضا بالوثائق هذه المرة، انفجر الصراع الكبير على غاربه بين رئيس الجمهورية ميشال #عون والرئيس المكلف سعد #الحريري في اليوم الذي طوى فيه التكليف شهره الخامس وعلى نحو لا تشبهه عشرات الازمات الحكومية السابقة في تاريخ الطائف وما قبله. واذا كان اخفاق اللقاء الـ18 بين الرئيسين عون والحريري لم يفاجئ أحداً لانه كان ضمن التوقعات والمعطيات المعروفة مسبقاً، فان الامر الذي تجاوز أسوأ التوقعات قفز فجأة الى ما يمكن تصنيفه في أخطر محاولة انقلابية فعلا تولاها رئيس الجمهورية وفريقه في الساعات التي فصلت عن موعد اللقاء ليس للتخلص فقط من الحريري ودفعه الى الاعتذار، وفق ما كان خيّره الرئيس عون في رسالته العلنية الأسبوع الماضي، وانما أيضا لتفجير تطور انقلابي على ركيزة جوهرية من ركائز الطائف المتصلة بصلاحيات الرئيس المكلف بما يشكل واقعيا “حرب الغاء” أخرى على الطائف والحريري سواء بسواء. ذلك انه لم يسبق في سجل سوابق الازمات الحكومية ان بلغ الامر برئيس للجمهورية ان وضع توزيعة مفصلة بتركيبة حكومية وأرسلها الى الرئيس المكلف “للبصم” وتعبئة ما طلبه من فراغات بعدما اقتطع لنفسه وفريقه #الثلث المعطل. فعل ذلك الرئيس ميشال عون بتعمد مزدوج واضح، أولا لإكمال نهجه في إهانة الرئيس الحريري وإقصائه، وثانيا في محاولة لتوظيف تطورات حصلت أخيرا وقرأ فيها وفريقه امكان التجرؤ على بروفة أولية لحرب الغائية للطائف. والحال ان عون وفريقه استندا في محاولة  الإقصاء الفاشلة للحريري توظيف امرين، الأول الخطاب التهويلي الأخير للامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله في اتجاه سياسي انقلابي على صلاحيات رئيس الحكومة المكلف واقتناص صلاحيات مخالفة تماما ومنتهكة للدستور لرئيس الجمهورية. والثاني “المرونة” التي اتسمت بها زيارة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط لقصر بعبدا السبت والتي فسرها العونيون استدارة لمحاصرة الحريري ودفعه نحو التنازلات امام عون. وهو الامر الذي يفسر إقدام عون وفريقه على ارسال تركيبة حكومية من بعبدا الى بيت الوسط عصر الاحد لضرب حديد هذا التوظيف وهو حام ومحاولة حشر الحريري مسبقا في الزاوية. ولكن ما لم يحسب له الفريق الرئاسي لدى فكرة توجيه الرسالة – الإنذار إلى الحريري تكرر بعد اقل من أسبوع اذ انبرى الرئيس المكلف الى اسقاط مجمل هذه المحاولة من خلال إبلاغه الى عون رفضه القاطع لمحاولته شكلا ومضمونًا من جهة، ومن ثم الى اعتماده أسلوب المكاشفة التامة لكل الوقائع امام الرأي العام وبالوثائق عبر توزيع تشكيلته بالحقائب والاسماء والسير الذاتية. وحين جاء رد المديرية العامة لرئاسة الجمهورية مجتزءا “ومضللا”، عاد الحريري الى الجولة الأكثر سخونة فكشف هذه المرة صورة الوثيقة التي تثبت بما لا يحتمل جدلا تورط رئيس الجمهورية في الانتهاك الدستوري المثبت. كما اثبت كشف الوثيقة ان عون نسف تركيبة الاختصاصيين المستقلين “ووزع” الحقائب على أساس حزبي وسياسي  خالص بما يعني نسف المبادرة الفرنسية أيضا.

 

الانفجار         

وسط أجواء محمومة لم يدم لقاء عون والحريري سوى 22 دقيقة خرج بعدها الحريري متجهما ليعلن “مع الاسف، أرسل لي فخامة الرئيس بالأمس تشكيلة كاملة من عنده، فيها توزيع للحقائب على الطوائف والأحزاب، مع رسالة يقول لي فيها أنه من المستحسن أن أقوم بتعبئتها. وتتضمن الورقة ثلثا معطلا لفريقه السياسي، بـ 18 وزيرا أو 20 أو 22 وزيرا.  وطلب مني فخامته أن أقترح أسماء للحقائب بحسب التوزيعة الطائفية والحزبية التي حضرها هو”. وأضاف “بكل شفافية، سأقول لكم ما قلته له اليوم. أولا: أنها غير مقبولة لأن الرئيس المكلف ليس عمله أن يقوم بتعبئة أوراق من قبل أحد، ولا عمل رئيس الجمهورية أن يشكل حكومة. وثانياً، لأن دستورنا يقول بوضوح أن الرئيس المكلف يشكل الحكومة ويضع الأسماء، ويتناقش بتشكيلته مع فخامة الرئيس.  على هذا الاساس، أبلغت فخامته بكل احترام، أني أعتبر رسالته كأنها لم تكن، وقد أعدتها إليه، وأبلغته أيضا أني سأحتفظ بنسخة منها للتاريخ “. ووزع تشكيلته التي وضعها قبل مئة يوم في عهدة عون.

 

اما رئاسة الجمهورية فردت بانها “فوجئت بكلام رئيس الحكومة المكلف، وأسلوبه شكلاً ومضموناً”، وبررت ما كشفه بان “رئيس الجمهورية وانطلاقاً من صلاحياته ومن حرصه على تسهيل وتسريع عملية التشكيل لا سيما في ضوء الظروف القاسية التي تعيشها البلاد، أرسل الى رئيس الحكومة المكلف ورقة تنص فقط على منهجية #تشكيل الحكومة وتتضمن 4 أعمدة يؤدي اتباعها الى تشكيل حكومة بالاتفاق بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف”. وقالت أنّ “رئيس الجمهورية حريص على تشكيل حكومة وفقاً للدستور، وكل كلام ورد على لسان رئيس الحكومة المكلف وقبله رؤساء الحكومات السابقين حول أن رئيس الجمهورية لا يشكل بل يصدر، هو كلام مخالف للميثاق والدستور وغير مقبول، اما الثلث المعطل فلم يرد يوماً على لسان الرئيس”.

 

ورد المكتب الاعلامي للرئيس الحريري مؤكداً انه منذ تكليفه وبدء اجتماعاته “كان رئيس الجمهورية يصر في كل اجتماع على التمسك بحصوله على الثلث المعطل، وهذا الامر لم يتغير من البداية وحتى اليوم”. وأسف “بشدة لاقحام المديرية العامة لرئاسة الجمهورية ببيان لتضليل اللبنانيين وتزوير الحقائق والوثائق” ونشرت على الاثر الاوراق كما وصلت من رئيس الجمهورية. وتبين الوثائق  بوضوح جدولا مفصلا وضعته رئاسة الجمهورية لتوزيع الحقائب الوزارية تفصيليا على الأطراف والطوائف وفق صيغتي 18 و20 وزيرا وتترك خانة الأسماء وحدها فارغة.

وحاولت مصادر بعبدا التعمية على انكشاف محاولاتها فاتهمت الحريري بانه حضر الى بعبدا بنية مسبقة بالتصعيد وان عون لم يرسل اليه أسماء في “ورقة المنهجية” على أساس ان يقترح الحريري الأسماء وياتي لمناقشتها مع الرئيس عون. ووفق رواية هذه المصادر فان عون قال للحريري امس “اعتبر هذه الورقة ما كانت وننطلق من الصيغ التي طرحناها سابقا ونتفاهم عليها” ورد الحريري “خلص انا لا اريد سوى التشكيلة التي قدمتها من 18 وزيرا وبالاسماء الواردة فيها “. ثم اتبعت ذلك بالزعم ان الصيغة التي وزعها بيت الوسط سلمت في 9 كانون الأول الماضي.

 

#شينكر والثلث المعطل

وفي غضون ذلك اكد مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى سابقا ديفيد شينكر أنه “لا يزال هناك الكثير مما يلزم عمله في ما خص لبنان”، وقال”لبنان يزخر بالأشخاص الذين لا يتعاونون مع “حزب الله” وحسب وإنما هم فاسدون فسادًا فاحشًا.” وأضاف في حديث الى قناة “الحرة” ان “المشكلة الحقيقية أن #الفساد يطال كل جزء من جوانب الحكم في لبنان، لدرجة أنه يتعذر تشكيل حكومة الآن، لأنه يبدو أن الوزير جبران #باسيل والرئيس ميشال عون  يتمسكان بثلث معطل في الحكومة الجديدة بسبب تطلعات جبران باسيل الشخصية لضمان ان يكون الرئيس المقبل للبنان”.

 

باريس وواشنطن

ووضعت فرنسا ملف الازمة اللبنانية على طاولة اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي امس اذ  أشار وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان الى أنه طلب من نظرائه في الاتحاد الأوروبي النظر في سبل مساعدة لبنان الذي يواجه أسوأ أزمة اقتصادية منذ عقود. وقال لدى وصوله إلى الاجتماع إن “فرنسا تتمنى أن نبحث قضية لبنان اذ لا يمكن للاتحاد الأوروبي أن يقف مكتوف الأيدي ولبنان ينهار”. وأضاف “البلد يسير على غير هدى ومنقسم وعندما ينهار بلد ما يجب أن تكون أوروبا مستعدة” .

 

ومساء امس، أعربت وزارة الخارجية الأميركية عن “قلقها حيال الوضع في لبنان وعجز القيادة فيه” ، داعية “القادة السياسيين إلى وضع انتماءاتهم الحزبية جانبا وتشكيل حكومة في اسرع وقت تعالج الأزمات المتعددة في لبنان”

 

**************************************************************************

افتتاحية صحيفة نداء الوطن

الأوروبيون والأميركيون: لبنان ينهار

“7 أيار” عوني: “خرطوشة فردك يا سيّد”!

 

كما توقعت “نداء الوطن”، أتى لقاء قصر بعبدا أمس بمثابة “الموقعة” الرئاسية على أرض حرب “المئة يوم” التي يخوضها الرئيس سعد الحريري منذ لحظة تقديم تشكيلته إلى “ثنائي” الرئاسة الأولى، رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، اللذين لم يوفرا في المقابل وسيلة تعطيل وضغط واستفزاز لـ”تهشيل” الحريري ودفعه إما إلى الرضوخ لشرط “الثلث المعطل” أو الاعتذار والتنحي جانباً.

 

لكن يبقى أنّ ما جرى الاثنين، لا يمكن فصله “عضوياً” عما جرى الخميس… حين أعطى الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله “الضوء الأخضر” لتنفيذ “7 أيار” عوني على حكومة الاختصاصيين، وسرعان ما تلقف باسيل “رسالة” حارة حريك، فأعد العدة الإنقلابية اللازمة انطلاقاً من تغريدته التي أرادها بمثابة رسالة جوابية “مشفّرة” إلى نصرالله تقول له: “خرطوشة فردك يا سيّد”، وفق تعبير مصادر سياسية، رأت أنّ باسيل دشّن “أمر العمليات” هذا بإرسال “مسيّرة” ليل الأحد إلى بيت الوسط، حملت “مغلفاً مفخخاً، إيذاناً بتنفيذ انقلاب حكومي موصوف، تكليفاً وتأليفاً” عصر الأمس.

 

وكشفت المصادر أن “المغلّف” العوني هدف بالدرجة الأولى إلى استفزاز الحريري ودفعه إلى العدول عن زيارة قصر بعبدا الاثنين، ففي الشكل تم إرساله “بالبريد الرئاسي” وليس عبر موفد رئاسي ولا وسيط حكومي، وهو مذيّل بتوقيع رئيس الجمهورية تحت عنوان يتقصّد “تحقير” الرئيس المكلف عبر مخاطبته بـ”حضرة رئيس الوزراء السابق” مجرداً إياه من لقب “دولة رئيس الحكومة المكلف”، أما في المضمون فجاء “النموذج” الذي أرسله عون لتشكيلة الحكومة “ليمعن في إهانة الرئيس المكلف أكثر” لا سيما وأنه حمل طابعاً “إملائياً” توجه من خلاله عون إلى الحريري بالقول: “نموذج من المستحسن تعبئته”!

 

وإذ حافظ الحريري على رباطة جأشه وتعالى على “الأسلوب الاستفزازي الرخيص الذي يتوسله باسيل في سبيل تعطيل التأليف”، اعتبرت المصادر أنّ إصرار الرئيس المكلف على زيارة بعبدا “أتى من باب إحباط المخطط الهادف إلى دفعه إلى الاعتكاف عن الزيارة وتصويره على أنه يرفض التشاور وفق الأصول الدستورية مع رئيس الجمهورية، ومن جهة ثانية لرد المغلف إلى عون باعتباره “كأنه لم يكن” إفساحاً في المجال أمام مشاورات الفرصة الأخيرة لتشكيل حكومة اختصاصيين من دون ثلث معطل ولا تمثيل حزبي مباشر فيها، فكان ما كان على قاعدة “المكتوب يُقرأ من عنوانه” لناحية إصرار رئيس الجمهورية على الاستحواذ على الثلث المعطل في أي تشكيلة مؤلفة من 18 أو 20 أو 22 وزيراً، حسبما نصّ النموذج العوني للتشكيلة، على أن تشمل حصته وحصة تياره، وزارتي العدل والداخلية بالإضافة إلى وضع اليد من جديد على حقيبة الطاقة”.

 

وعلى الأثر، قرر الحريري “لعب أوراقه على المكشوف” لأنّ الرئيس المكلف “مش شغلتو يعبي أوراق لحدا” ولا رئيس الجمهورية “شغلتو يشكل الحكومة” وفق أحكام الدستور، فبادر إلى مكاشفة الرأي العام بالتشكيلة الوزارية التي كان قد قدمها إلى رئيس الجمهورية “منذ أكثر من مئة يوم”، ليتبيّن أنها تضمّ مروحة من الوزراء الاختصاصيين من ذوي الخبرة والكفاءة المهنية والعلمية، لكنها اصطدمت بجواب واحد من رئيس الجمهورية: “الثلث المعطل”، كما قال الحريري. وما إن غادر قصر بعبدا، حتى اندلعت “حرب الوثائق” بين الرئاستين الأولى والثالثة، وساد “التخبط والتراشق” بين وثيقة وأخرى، لا سيما وأنّ محاولة تسريب قصر بعبدا “النموذج العوني” بأعمدته الأربعة خالياً من خانة تحديد حصة الأحزاب في التشكيلة الوزارية، سرعان ما دحضه المكتب الإعلامي للرئيس المكلف عبر توزيع “النموذج الأصلي” الذي أوفده إليه عون مساء الأحد، والذي يظهر بوضوح تحديد عون حصة كل حزب وتيار سياسي في الحكومة العتيدة، بشكل يتضح من خلاله أنه خصّص لنفسه ولتياره “ثلثاً معطلاً” صريحاً فيها.

 

وأمام المسار “الجهنمي” الذي بلغه البلد، توالت ردود الفعل الدولية للإعراب عن القلق على مصير لبنان، فقال وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل بعد اجتماع بروكسل: “أتيحت لنا الفرصة لنقول لفرنسا إننا نشاركها مخاوفها (…) لبنان ينهار ووضعه مأسوي، وإذا لم تكن الضغوط السياسية كافية، فيتعيّن علينا التفكير في ما يتوجب القيام به وقد طلبنا من قسم العمل الخارجي وضع تقرير عن الاحتمالات الأخرى”، في إشارة غير مباشرة إلى احتمال درس فرض عقوبات على المسؤولين اللبنانيين المعرقلين.

 

وتوازياً، أعربت الخارجية الأميركية عن قلقها حيال التطورات في لبنان، ودعت “القادة السياسيين إلى وضع انتماءاتهم الحزبية جانباً وتشكيل حكومة تطبق بشكل سريع إصلاحات حاسمة تعيد الثقة وتنقذ اقتصاد البلاد”. في حين كان لمساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، ديفيد شينكر، موقف لافت عبر قناة “الحرة” قال فيه: “المشكلة الحقيقية أن الفساد يطال كل جزء من جوانب الحكم في لبنان، لدرجة أنه يتعذر تشكيل حكومة الآن، لأنه يبدو أن جبران باسيل ورئيس الجمهورية يتمسكان بثلث معطل في الحكومة الجديدة بسبب تطلعات باسيل الشخصية لضمان كونه الرئيس المقبل”.

 

***********************************************************************

 

افتتاحية صحيفة الجمهورية

عون والحريري: التعايش مستحيل والصراع مفــتوح.. ولبنان على شفير الاحتمالات الصعبة

كما كان متوقعاً، لم يتصاعد الدخان الأبيض من اللقاء الثامن عشر بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري، بل على العكس، تصاعد دخان شديد السواد، حجب الرؤية نهائياً عمّا ستبلغه الازمة الحكومية، والتي تبدو مع انقطاع شعرة الوصل بين الرئيسين، مفتوحة على شتى الاحتمالات السلبية، التي تخلّ بالاستقرار السياسي، بالتوازي مع المنحى الإنحداري الذي يسلكه الوضع النقدي، الذي شهد فور انتهاء لقاء الرئيسين فورة جديدة، قفز فيها الدولار الى مستويات خطيرة، تكمل الإجهاز على ما تبقّى من قيمة الليرة اللبنانية.

امام الجو السوداوي، بات مؤكّداً انّ الحكومة وضعت على الرفّ في انتظار معجزة تعيدها الى طاولة البحث من جديد، وتبعاً للأجواء السائدة على خط الرئيسين عون والحريري، فإنّ التفاهم بينهما صار بحكم المستحيل، بالنظر الى الافتراق الكلّي بينهما حيال شكل ومضمون الحكومة. فلكل منهما مسودته يلقي بها في وجه الآخر، وكلاهما يتقاذفان كرة التعطيل، ويتمسّكان بشروطهما وطروحاتهما التي أبقت الحكومة العتيدة محبوسة في قفص الذهنيات المتصادمة منذ تكليف الحريري في 22 تشرين الاول الماضي، وحوّلت تأليف الحكومة الى ما يشبه معركة تكسير رؤوس وليّ أذرع، يدفع ثمنها المواطن اللبناني وحده، في أمنه واستقراره ولقمة عيشه.

 

الحكومة في خبر كان

الواضح انّ اللقاء الثامن عشر بين عون والحريري، اتمّ قطع ما تبقّى من خيوط رفيعة تربط بينهما، وصار الملف الحكومي في خبر كان. وهذا ما تؤكّده الاجواء المحيطة برئيس الجمهورية والرئيس المكلّف، والتي تتشارك في رسم صورة تشاؤمية لمرحلة قاتمة عنوانها الإنزلاق الى ما هو أسوأ، سواء على المستوى السياسي وكذلك على المستويين المالي والنقدي، في وقت اعرب مرجع أمني كبير لـ»الجمهورية»، عن تخوّف كبير من احتمالات مخيفة، بعد الضربة التي مُني بها الاستقرار السياسي جراء فشل اللقاء الثامن عشر بين عون والحريري. ومع الأسف فإنّ الشعب اللبناني هو الذي دفع وسيدفع الثمن الباهظ.

 

وبحسب معلومات «الجمهورية» من مصادر موثوقة، فإنّ تأليف الحكومة كان صفحة مفتوحة وطويت نهائياً، والوضع الحالي مرشح لأن يستمر، ليس لاسابيع بل ربما الى نهاية ولاية الرئيس ميشال عون، ذلك انّ امكانية التفاهم بين عون والحريري معدومة من الأساس، وكلّ ما جرى على خط التواصل بينهما في لقاءاتهما المتتالية منذ تكليف الحريري في تشرين الاول الماضي، لم تكن سوى مضيعة للوقت ومحاولة لتيئيس الرئيس المكلّف لدفعه الى الاعتذار وتكليف بديل منه.

 

المؤيّدون والمتفهمون

واذا كان مؤيّدو رئيس الجمهورية يعتبرون انّ من حقه الدستوري ان يكون له رأيه الملزم في اي تشكيلة حكومية، ويحمّلون الرئيس المكلّف مسؤولية التفرّد والتشبث في رأيه، إن لناحية حجم الحكومة، او نوعية الوزراء وصولاً الى حصر تسمية هؤلاء الوزراء به وحده، فإنّ المتفهمين لموقف الرئيس المكلّف يلقون المسؤولية بالكامل على رئيس الجمهورية ومن خلفه «التيار الوطني الحر» برئاسة جبران باسيل.

 

ويعدّد هؤلاء المتفهّمون ما سمّوها المحطات التعطيلية التي افتعلها رئيس الجمهورية وفريقه السياسي، وذلك بغية تحقيق هدف وحيد كان ولا يزال محدّداً من البداية، وهو منع إيصال الرئيس سعد الحريري الى رئاسة الحكومة، بدءًا بالاستشارات النيابية الملزمة التي حاول رئيس الجمهورية ان يؤجّل موعدها اكثر من مرة، لعلّه بذلك يقطع الطريق على تسمية الحريري، ثم بالرسالة غير المسبوقة التي وجّهها الى النواب قبل يوم واحد من هذه الاستشارات، دعاهم فيها الى تحكيم ضميرهم في التسمية. ثم بعدما سُمّي الحريري، جرى الإصرار على الثلث المعطّل، وكذلك على مجموعة من الوزارات الحساسة، لإسنادها الى عون وفريقه السياسي. ومن ثم بعد فترة من الجمود، جاءت الرسالة الرئاسية للرئيس المكلّف الاربعاء الماضي، والتي انطوت على محاولة واضحة لدفع الحريري الى عدم تلبية دعوة عون الى القصر، الّا انّ الرئيس المكلّف أحبط هذا الهدف وصعد الى بعبدا، ليؤكّد على مسلّماته بتشكيل حكومة اختصاصيين لا سياسيين ولا ثلث معطلاً فيها لأي طرف. وصولاً الى رسالة الأحد، التي تنطوي على محاولة لمصادرة صلاحية الرئيس المكلّف في تأليف الحكومة، وأُريد منها جرّ الحريري الى موقف تصعيدي، يرفض من خلاله الذهاب الى الموعد المتفق عليه (امس) في بعبدا.

 

وبحسب المعلومات، فإنّ وقع الرسالة الرئاسية الاحد الماضي كان له الأثر الشديد السلبية لدى الرئيس المكلّف وفي الاوساط السياسية القريبة منه، اضافة الى طرح علامات استفهام حولها من قِبل جهات سياسية معنية بالملف الحكومي، اطلعها الحريري على مضمون الرسالة ليل الاحد الماضي.

 

وتشير المعلومات، الى انّ الرسالة شكّلت حافزاً اضافياً لدى الرئيس المكلّف لزيارة القصر الجمهوري، وإبلاغ رئيس الجمهورية بالموقف الرافض لهذه السابقة، التي تندرج في سياق سوابق عدة قام بها رئيس الجمهورية، بدءاً برسالته الى النواب عشية الإستشارات النيابية الملزمة، ورسالته عبر الاعلام للرئيس المكلّف، وصولاً الى رسالة الاحد، مع التأكيد على انّ هناك محاولات دؤوبة من قِبل رئيس الجمهورية وفريقه، لدفع الرئيس المكلّف الى الاعتذار، والقرار الذي اتُخذ لدى الرئيس المكلّف هو إحباط تلك المحاولات واي هدف ترمي اليه، وبالتالي عدم الاعتذار تحت اي ظرف.

 

الثلث مستحيل

واكّدت مصادر قريبة من «بيت الوسط» لـ»الجمهورية»، انّ الرئيس المكلّف قدّم مسودة حكومية لرئيس الجمهورية ما زالت سارية المفعول، برغم انّ الرئيس الحريري قد كشف عنها للاعلام، فقط للتأكيد على جدّيته في هذا السبيل، وصولاً الى حكومة تباشر عملية الإنقاذ والإصلاح في لبنان. وقالت المصادر: «الكرة الآن في ملعب رئيس الجمهورية، فليراجع نفسه، وليتمعن بما انحدر اليه حال البلد جراء هذا التعطيل المتعمّد لتشكيل حكومة، يطالب بها اللبنانيون والمجتمع الدولي».

 

ولفتت المصادر، الى انّ لا امكانية على الاطلاق بالقبول بمنح رئيس الجمهورية وفريقه السياسي الثلث المعطل في الحكومة، علماً انّ تياره السياسي قال علناً انّه ليس معنياً بالمشاركة في الحكومة، ومع ذلك يفتعل العراقيل امام ولادة الحكومة، رابطاً اي حكومة بحيازته على الثلث المعطل، وهو ما لن يكون على الإطلاق، وبمعنى ادق، لن يُعطى الثلث المعطّل الذي يمكّنه من التحكّم بالحكومة والإمساك بقراراتها عند اي تفصيل، صغيراً كان ام كبيراً.

 

ليس باش كاتب

وكشف احد رؤساء الحكومات السابقين لـ»الجمهورية»، عن مشاورات جرت في الساعات الماضية بينه وبين الرئيس المكلّف، واكّدوا التضامن معه في مسعاه الى تشكيل حكومة متوازنة من اختصاصيين لا سياسيين وفق مندرجات المبادرة الفرنسية، وانّهم الى جانبه في موقفه من حجم الحكومة وتوزيع الحقائب وصولاً الى رفض منح الثلث المعطّل الى اي فريق.

 

وقال الرئيس المذكور: «مع الاسف، نحن امام مهزلة في التأليف لم يسبق ان شهدها لبنان من قبل. فعلى رئيس الجمهورية ان يحتكم الى الدستور والصلاحيات، فالأداء المعتمد من قِبله غير مسبوق، في محاولة تعاليه على رئاسة الحكومة وموقعيتها وصلاحيتها، وهو امر مرفوض بالمطلق. وما يجب ان يكون معلوماً، هو انّ المس برئاسة الحكومة ومصادرة صلاحياتها امر ممنوع، فما هكذا يُخاطب رئيس الحكومة بطريقة استعلائية، فهذا أمر معيب وله تداعياته، والأهم من كلّ ذلك هو أننا نرفض اي محاولة لتحويل رئيس الحكومة مجرّد باش كاتب، فهذا الامر لا يشكّل اساءة واستفزازاً للرئيس المكلّف وحده، بل يسيء، ويستفز مكوناً اساسياً في لبنان، اي الى الطائفة السنّية بشكل عام».

 

لقاء الدقائق المعدودة

وكان الرئيس المكلّف قد زار القصر الجمهوري عند الثالثة بعد ظهر امس، وعقد لقاءً قصيراً مع رئيس الجمهورية، لم تكن اجواؤه مريحة، وطغى عليه التشنج. كان فيه الحريري متحدثاً معظم الوقت، معبّراً عن تمّسكه بالمسودة التي قدّمها، ورافضاً الرسالة التي تلقّاها من رئيس الجمهورية الاحد الماضي.

 

وبحسب المعلومات، فإنّ الحريري كان مستعجلاً في اللقاء، بما عكس انّه حضر الى بعبدا ليقول كلمته من على منبرها ويمشي، بعد ان يحمّل مسؤولية التعطيل لرئيس الجمهورية وإصراره على الثلث المعطّل، علماً انّ الايام الفاصلة بين لقاء الخميس الماضي بينهما وحتى يوم امس، شهدت حركة اتصالات ومشاورات مع الرئيس المكلّف، أفضت الى ليونة لديه في ما خصّ حقيبة الداخلية اضافة الى حجم الحكومة، مبدياً مرونة في إعادة النظر من حكومة 18 او 20 او 22 وزيراً وربما اكثر، إن تطلب التسهيل ذلك.

 

وبالفعل، تعمّد الحريري ان يبق البحصة من على منبر القصر الجمهوري، وتحميل رئيس الجمهورية مسؤولية حبس الحكومة والاقفال عليها بقفل الثلث المعطل، الذي ابلغ الحريري كل مراجعيه في هذا الموضوع، بأنّ القبول بالثلث المعطل لعون وجبران باسيل من سابع المستحيلات.

 

الحريري

ولوحظ انّ الحريري خرج مستاء من اللقاء مع عون، والذي لم يدم لأكثر من عشرين دقيقة، حيث قال: «في إجتماعي الأخير مع الرئيس عون اتفقنا على اللقاء اليوم، إلّا أنّه للأسف أرسل لي أمس (الاول) تشكيلة، وطلب مني أن أعبئها. وتتضمّن الورقة ثلثاً معطلاً لفريقه السياسي، بـ 18 وزيراً او 20 وزيراً أو 22 وزيراً. وطلب مني فخامته أن اقترح اسماء للحقائب بحسب التوزيعة الطائفية والحزبية التي حضّرها هو».

 

وأضاف: «بكل شفافية، سأقول لكم ما قلته له، أوّلاً: هذه الورقة غير مقبولة لأنّ الرئيس المكلّف «مش شغلتو يعبي وراق من حدا، ولا شغلة رئيس الجمهورية يشكّل حكومة، وثانياً لأنّ دستورنا يقول بوضوح إنّ الرئيس المكلّف يشكّل الحكومة ويوضع الأسماء، ويتناقش بتشكيلته مع فخامة الرئيس. وعلى هذا الأساس، بلّغت فخامته بكل احترام، أنّني أعتبر رسالته «كأنّها ما كانت»، وأعدتها له وأبلغته أيضاً أنّني سأحتفظ بنسخة منها للتاريخ!».

 

وتابع: «قلت لفخامة الرئيس إن تشكيلتي بين يديه منذ 100 يوم، وأنا جاهز لأيّ اقتراحات وتعديلات بالأسماء والحقائب، حتى أنني سهّلت له الحلّ في ما يخصّ اصراره على وزارة الداخلية، لكن مع الأسف جوابه واضح: الثلث المعطل».

 

وقال الحريري: «هدفي واحد، هو وضع حدّ للانهيار ومعاناة اللبنانيين. وطلبت من فخامة الرئيس، أن يسمع أوجاع اللبنانيين، وأن يعطي البلد فرصته الوحيدة والاخيرة بحكومة اختصاصيين تقوم بالإصلاحات وتوقف الانهيار، بلا تعطيل ولا اعتبارات حزبية ضيّقة. وبالانتظار، ولأنّ فخامة الرئيس قال بخطابه الأخير أنني لم أقدّم إلّا خطوطاً عريضة، سأوزع عليكم التشكيلة الكاملة بالإسماء والحقائب التي قدّمتها له في 9 كانون الاول 2020، أي منذ أكثر من 100 يوم، وأترك الحكم عليها للرأي العام».

 

مسودة الحريري

وتضمنت مسودة الحريري اسماء كل من: عبدو رومانوس جرجس (ماروني) وزيراً للتربية، انطوان قليموس (ماروني) وزيراً للدفاع، فادي البير سماحة (روم كاثوليك) وزيراً للاتصالات، فاديا كيوان (مارونية) وزيرة للثقافة، فراس الابيض (سنّي) وزيراً للصحة، ابراهيم شحرور (شيعي) وزيراً للاشغال، جهاد مرتضى (شيعي) وزيراً للتنمية الادارية والسياحة، جو صدي (روم ارثوذكس) وزيراً للطاقة، كاربيت سليخانيان (ارمن) وزيراً للصناعة والمهجرين، لبنى مسقاوي (سنّية) وزيرة للعدل، مايا كنعان (شيعية)، وزيرة للعمل، ناصر ياسين ( سنّي) وزيراً للبيئة والشؤون الاجتماعية، ربيع نرش (درزي) وزيراً للخارجية والزراعة، شامي سعادة (روم ارثوذكس) وزيراً للاقتصاد، وليد روفائيل نصار(ماروني) وزيراً للاعلام والشباب والرياضة، يوسف الخليل (شيعي) وزيراً للمال، القاضي زياد ابو حيدر (روم ارثوذكس) وزيراً للداخلية.

 

عون يردّ

وفي وقت لاحق، ردّت رئاسة الجمهورية على الحريري، واعلنت انّها فوجئت بكلام وأسلوب رئيس الحكومة المكلّف، شكلاً ومضموناً. وأوضحت انّ «رئيس الجمهورية ارسل الى رئيس الحكومة المكلّف ورقة تنصّ فقط على منهجية تشكيل الحكومة، وتتضمن 4 أعمدة، يؤدي اتباعها الى تشكيل حكومة بالاتفاق بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف؛ العمود الأول: الوزارات على أساس 18 او 19 او 20 وزيراً. والعمود الثاني: توزيع الوزارات على المذاهب عملاً بنص المادة 95 من الدستور. والعمود الثالث: مرجعية تسمية الوزير، بعد ان افصح رئيس الحكومة المكلّف انّ ثمة من سمّى وزراءه، على ما تظهره اصلاً التشكيلة التي ابرزها الرئيس المكلّف. والعمود الرابع: الأسماء بعد إتمام الاتفاق على المذهب ومرجعية التسمية».

 

واشارت رئاسة الجمهورية، الى انّه من المؤسف ان يصدر عن الرئيس المكلّف، منفعلاً، اعلان تشكيلة حكومية عرضها هو في 9 كانون الأول 2020، ولكنها اصلاً لم تحظ بموافقة رئيس الجمهورية كي تكتمل عناصر التأليف الجوهرية، الورقة المنهجية يعرفها الرئيس الحريري جيداً، وهو سبق ان شكّل حكومتين على أساسها في عهد الرئيس عون. هذه المرة، اختلف أسلوبه، اذ كان يكتفي بكل زيارة للقصر الجمهوري بتقديم تشكيلة حكومية في غالب الأحيان ناقصة، وفي كل الأحيان لا تظهر فيها مرجعية التسمية.

 

وقالت: «انّ رئيس الجمهورية حريص على تشكيل حكومة وفقاً للدستور. وكل كلام ورد على لسان رئيس الحكومة المكلّف وقبله رؤساء الحكومات السابقين حول انّ رئيس الجمهورية لا يشكّل بل يُصدر، هو كلام مخالف للميثاق والدستور وغير مقبول، ذلك ان توقيعه لإصدار مرسوم التأليف هو انشائي وليس اعلانياً».

 

وأضافت: «الأزمة حكومية. فلا يجوز تحويلها الى ازمة حكم ونظام، الّا اذا كانت هناك نية مسبقة بعدم تشكيل حكومة لأسباب غير معروفة، ولن نتكهن بشأنها».

 

الحريري يردّ

ومساء، أعلن المكتب الاعلامي للرئيس المكلّف، أنه منذ تكليف الرئيس الحريري وبدء اجتماعاته مع رئيس الجمهورية ميشال عون، كان رئيس الجمهورية يصرّ في كل اجتماع على التمّسك بحصوله على الثلث المعطل، وهذا الامر لم يتغيّر من البداية وحتى اليوم، وهو ما بات معروفاً لدى كل اللبنانيين.

 

وأسف المكتب الاعلامي للرئيس الحريري بشدة إقحام المديرية العامة لرئاسة الجمهورية ببيان، لتضليل اللبنانيين وتزوير الحقائق والوثائق، مذكّرة انّ الرئيس الحريري قال من القصر الجمهوري ما حرفيته: «مبارح ارسلي تشكيلة كاملة من عندو فيها توزيع للحقائب على الطوايف والاحزاب، مع رسالة بيقلّي فيها انو من المستحسن عبّيها، بتضمن الورقة تلت معطّل لفريقو السياسي، بـ 18 وزيراً او 20 أو 22. وطلب مني فخامتو اقترح اسماء للحقائب حسب التوزيعة الطائفية والحزبية يللي هوّي محضّرها».

 

واشار المكتب، الى انّه «إنعاشاً لذاكرة الرئيس عون واحتراماً لعقول اللبنانيين»، قام بنشر الاوراق كما وصلت بالامس من رئيس الجمهورية.

 

دخلنا في المحظور

الى ذلك، ابلغ مرجع مسؤول الى «الجمهورية» قوله : «بعد فشل اللقاء بين الرئيسين عون والحريري، وتقاذفهما مسؤولية تعطيل تأليف الحكومة، دخل لبنان في محظور خطير، ليس في الإمكان تحديد تداعياته الخطيرة على مجمل الوضع الداخلي سياسياً ونقدياً».

 

واضاف: «كنا وما زلنا نؤكّد على وجوب ان يلتقي رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف على مساحة مشتركة يتفاهمان فيها على حكومة وفق المبادرة الفرنسية، لا غلبة لطرف فيها على طرف آخر. ولكن كما هو واضح، هناك من هو مصرّ على التحكّم بقرار الحكومة عبر الإصرار على حصّة الاسد في الحكومة والامساك بقرارها عبر الثلث المعطّل لفريقه السياسي، وهذا الثلث يشكّل مقتلاً للحكومة قبل ان تقلع».

 

وقال: «لقد وصل لبنان الى مرحلة متقدّمة من الخطر على وجوده، وكل يوم تأخير سيرتب اعباء اضافية على المواطن اللبناني، وسيصعّب امكانية بلورة حلول. وما اخشاه في هذه الاجواء، ان يبلغ لبنان مرحلة من التعقيد لا يعود معها قادراً على ان يوجد حلول ولو ترقيعية لوضعه المنهار، ما يعني انّ الحلول ستصبح اكثر صعوبة وتعقيداً، والأكلاف القاهرة يدفعها المواطن اللبناني فقط. وخصوصاً انّه يتعرّض لمحاولة اغتيال، سواء عبر التلاعب بسعر الدولار أو عبر التلاعب بالأسعار، علماً انّ بعض التجار عمدوا الى تسعير سلعهم على دولار بـ17 الف ليرة. فما هو المطلوب بعد، واي انهيار يريدونه حتى يتحركوا في اتجاه الحلحلة، ناهيك عن فوضى تفلّت السلاح وتفشي وتزايد عمليات السرقة… مرة جديدة اقول رحمة الله على لبنان».

 

شينكر

وكان لافتاً في موازاة ذلك، موقف عبّر عنه مساعد وزير الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الادنى دايفيد شينكر، وقال فيه، انّه «لا يزال هناك الكثير مما يلزم عمله. فلبنان يزخر بالأشخاص الذين لا يتعاونون مع «حزب الله» فحسب وإنما هم فاسدون فسادًا فاحشًا».

 

وأضاف خلال مقابلة ضمن برنامج «المشهد اللبناني» لقناة الحرة، انّ «المشكلة الحقيقية أنّ الفساد يطال كل جزء من جوانب الحكم في لبنان، لدرجة أنّه يتعذر تشكيل حكومة الآن، لأنّه يبدو أنّ جبران باسيل والرئيس يتمسّكان بثلث معطل في الحكومة الجديدة بسبب تطلعات جبران باسيل الشخصية لضمان كونه الرئيس المقبل للبنان».

 

وكانت السفيرة الاميركية في لبنان دوروثي شيا قد اكّدت خلال لقاء مع رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط ، انّ واشنطن تشجع على تشكيل حكومة في لبنان في اسرع وقت ممكن، تباشر عملية الإصلاح ومكافحة الفساد.

 

موقف بري

الى ذلك، عكست اجواء عين التينة عدم ارتياح لعدم تفاهم الرئيسين عون والحريري على تشكيلة حكومية تبدأ مهمّتها الانقاذية، خصوصاً وانّ لبنان بات في امسّ الحاجة الى حكومة تدير الوضع العام بما يتطلبه من خطوات باتت ضرورية لإخراجه من ازمته التي تتفاقم بشكل مريع على كل المستويات.

 

وبحسب هذه الاجواء، فإنّ رئيس المجلس النيابي نبيه بري يؤكّد على اولوية تشكيل حكومة اليوم قبل الغد، لأنّ لبنان اصبح في سباق مع الوقت، وكل دقيقة تمرّ من دون حكومة وعمل مجدٍ على طريق الانقاذ، يلقي على البلاد اكلافاً هائلة ليس بمقدور اللبنانيين ان يتحمّلوا أعباءها وضغوطها على حاضرهم ومستقبلهم، وبالتالي هو يشدّد على ان تراعى مصلحة لبنان فوق كل الاعتبارات الاخرى. فالبلد صار في الحضيض، وكل وقت يمرّ من دون حكومة تعيد الانتظام والتوازن اليه، يذهب من عمره، ويخشى ان توصله الى مرحلة الانهيار الشامل.

 

وفي هذا السياق، جدّد المكتب السياسي لحركة «امل»، المطالبة «بالإسراع بتشكيل حكومة إختصاصيين غير حزبيين، وفق ما تمّ التوافق عليه في المبادرة الفرنسية بعيداً عن منطق الأعداد والحصص المعطّلة، وتحوز ثقة المجلس النيابي وكتله، وتكون قادرة وبسرعة على إطلاق ورشة الاصلاح الاقتصادي والمالي والنقدي، ولديها القدرة على إعادة ثقة اللبنانيين بوطنهم، وتعزيز علاقات لبنان الخارجية ومع المؤسسات الدولية، وإدارة حوار بنّاء ومسؤول لإعداد خطة الخروج من الأزمة.

 

ورأى المكتب السياسي في بيان «انّ أحد أبرز الاسباب لهذا التدهور هو غياب الإدارة السياسية المسؤولة عن ضبط وإتخاذ الإجراءات في حق المسؤولين عن هذا الوضع ودون إستثناء». وتوقف أمام التلكؤ من قِبل الحكومة في تحديد موعد للإنتخابات النيابية الفرعية حتى الآن، مع ما يشكّل هذا الأمر من مخالفة للأصول الدستورية، وتطالب بإستدراك الأمر وإطلاق التحضيرات القانونية اللازمة، وتحديد الموعد، وتحمّل الجميع مسؤولياتهم، مستغربين تجاهل بعض الاحزاب والكتل السياسية والبرلمانية لهذا الامر.

 

*************************************************************************

 

افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط

 

«اللقاء الموعود» بين عون والحريري يعمّق خلافهما ويمدد الأزمة الحكومية

حرب لوائح بين الطرفين… والرئيس المكلف: ليس عملي تعبئة أوراق من أحد

 

فشلت زيارة الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري إلى قصر بعبدا للقاء الرئيس اللبناني ميشال عون أمس (الاثنين)، بالوصول إلى تفاهم بينهما لإعلان التشكيلة الحكومية المنتظرة، وسط تصعيد من الحريري الذي أكد أن «الرئيس المكلف ليس عمله أن يقوم بتعبئة أوراق من قبل أحد»، في إشارة إلى ورقة قال إن عون أرسلها إليه مساء الأحد تتضمن خانات ليملأها بأسماء الوزراء والحقائب ومرجعية تسميتهم.

واندلعت حرب لوائح بعد زيارة الحريري الـ18 إلى قصر بعبدا، حيث وزع على الصحافيين قائمة بتشكيلة حكومية كان أودعها رئاسة الجمهورية قبل مائة يوم، ليرد عليه القصر الجمهوري بتوزيع نسخة من الورقة التي أرسلت إلى الحريري قال إنه تفاجأ بـ«كلام وأسلوب دولة رئيس الحكومة المكلف، شكلاً ومضموناً».

واجتمع الحريري بعد ظهر أمس مع عون في قصر بعبدا وعرض معه ملف تشكيل الحكومة. وقال الحريري بعد الاجتماع: «في اجتماعي الأخير مع فخامة الرئيس، اتفقنا أن نلتقي مجددا الاثنين. لكن مع الأسف، أرسل لي بالأمس تشكيلة كاملة من عنده، فيها توزيع للحقائب على الطوائف والأحزاب، مع رسالة يقول لي فيها إنه من المستحسن أن أقوم بتعبئتها»، لافتاً إلى أن الورقة «تضمنت ثلثا معطلا لفريقه السياسي، بـ18 وزيرا أو 20 أو 22 وزيرا، وطلب مني فخامته أن أقترح أسماء للحقائب حسب التوزيعة الطائفية والحزبية التي حضرها هو». وأكد الحريري أن الورقة «غير مقبولة لأن الرئيس المكلف ليس عمله أن يقوم بتعبئة أوراق من قبل أحد، ولا عمل رئيس الجمهورية أن يشكل حكومة»، مصيفاً: «لأن دستورنا يقول بوضوح إن الرئيس المكلف يشكل الحكومة ويضع الأسماء، ويتناقش في تشكيلته مع فخامة الرئيس».

وقال: «على هذا الأساس، أبلغت فخامته بكل احترام، أنني أعتبر رسالته كأنها لم تكن، وقد أعدتها إليه، وأبلغته أيضا أني سأحتفظ بنسخة منها للتاريخ». ولفت الحريري إلى أنه قال لعون إن «تشكيلتي بين يديه منذ ١٠٠ يوم وإنني جاهز الآن كما سبق وقلت علنا، لأي اقتراحات وتعديلات بالأسماء والحقائب، وحتى بإصراره على الداخلية سهلت له الحل. لكن مع الأسف جوابه الواضح: الثلث المعطل».

وتابع: «هدفي واحد، وضع حد للانهيار ومعاناة اللبنانيين. وطلبت من فخامة الرئيس، أن يسمع أوجاع اللبنانيين، ويعطي البلد فرصته الوحيدة والأخيرة بحكومة اختصاصيين تنجز الإصلاحات وتوقف الانهيار، بلا تعطيل ولا اعتبارات حزبية ضيقة».

وأضاف: «لأن فخامة الرئيس قال في خطابه الأخير إنني لم أقدم له إلا خطوطا عريضة، سأوزع عليكم التشكيلة الكاملة بالأسماء والحقائب التي قدمتها له هنا في بعبدا في 9 ديسمبر (كانون الأول) 2020 أي منذ أكثر من 100 يوم، وأترك الحكم عليها للرأي العام».

وردت الرئاسة اللبنانية على الحريري قائلة إنها «فوجئت بكلام وأسلوب دولة رئيس الحكومة المكلف، شكلاً ومضموناً». وقالت في بيان إن «رئيس الجمهورية وانطلاقاً من صلاحياته ومن حرصه على تسهيل وتسريع عملية التشكيل لا سيما في ضوء الظروف القاسية التي تعيشها البلاد، أرسل إلى رئيس الحكومة المكلف ورقة تنص فقط على منهجية تشكيل الحكومة وتتضمن 4 أعمدة يؤدي اتباعها إلى تشكيل حكومة بالاتفاق بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف».

وأوضحت أن «العمود الأول يتضمن الوزارات على أساس 18 أو 19 أو 20 وزيراً»، أما العمود الثاني فيتضمن «توزيع الوزارات على المذاهب عملاً بنص المادة 95 من الدستور». أما العمود الثالث فيتضمن «مرجعية تسمية الوزير، بعد أن أفصح رئيس الحكومة المكلف أن ثمة من سمّى وزراءه، على ما تظهره أصلاً التشكيلة التي أبرزها الرئيس المكلف»، فيما يتضمن العمود الرابع خانة بالأسماء «بعد إتمام الاتفاق على المذهب ومرجعية التسمية».

وأسفت الرئاسة «لأن يصدر عن دولة الرئيس المكلف، منفعلاً، إعلان تشكيلة حكومية عرضها هو في 9 ديسمبر (كانون الأول) 2020، ولكنها أصلاً لم تحظ بموافقة رئيس الجمهورية كي تكتمل عناصر التأليف الجوهرية». وقالت: «الورقة المنهجية يعرفها الرئيس الحريري جيداً، وهو سبق أن شكّل حكومتين على أساسها في عهد الرئيس عون»، مشيرة إلى أن «هذه المرة، اختلف أسلوبه، إذ كان يكتفي بكل زيارة للقصر الجمهوري بتقديم تشكيلة حكومية في غالب الأحيان ناقصة، وفي كل الأحيان لا تظهر فيها مرجعية التسمية».

وقالت الرئاسة إن «رئيس الجمهورية حريص على تشكيل حكومة وفقاً للدستور، وكل كلام ورد على لسان رئيس الحكومة المكلف وقبله من رؤساء الحكومات السابقين حول أن رئيس الجمهورية لا يشكل بل يصدر هو كلام مخالف للميثاق والدستور وغير مقبول، ذلك أن توقيعه لإصدار مرسوم التأليف هو إنشائي وليس إعلانياً». وشددت على أنه «لا يجوز تحويل الأزمة الحكومية إلى أزمة حكم ونظام إلا إذا كانت هناك نية مسبقة بعدم تشكيل حكومة لأسباب غير معروفة ولن نتكهن بشأنها».

ولاقى رفض الحريري لورقة بعبدا، تأييداً من قيادات سنية، إذ اعتبر النائب نهاد المشنوق أن الحريري بدأ أمس «مسيرة استعادة شرعية رئاسة الحكومة بالصلابة والصمود والصبر»، فيما اعتبر الوزير السابق اللواء أشرف ريفي أن «موقف الرئيس الحريري خطوة في الاتجاه الصحيح في مواجهة الانقلاب على الدستور وعلى البلد».

وأرخت حرب الردود بثقلها على الشارع اللبناني الذي لاحظ تأزماً إضافياً بدأ أول مؤشراته بارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء، وخروج الناس إلى الشارع اعتراضا على الأزمة المتفاقمة، وهو ما دفع رئيس أمين عام تيار المستقبل أحمد الحريري لدعوة جمهور الرئيس الحريري في كل المناطق «للابتعاد عن أي تحرّكات في الشارع»، مؤكداً أن «لا علاقة للتيّار بأي دعوات لذلك».

وردّ المكتب الإعلامي للحريري على بيان الرئاسة، آسفاً لـ«المغالطات» التي تضمنها، وقال «منذ تكليف الرئيس الحريري وبدء اجتماعاته مع رئيس الجمهورية ميشال عون كان رئيس الجمهورية يصر في كل اجتماع على التمسك بحصوله على الثلث المعطل، وهذا الأمر لم يتغير من البداية وحتى اليوم، وهو ما بات معروفا لدى كل اللبنانيين». وأضاف: «إلا أن الأمر المستغرب وغير المقبول أن تعمد المديرية العامة لرئاسة الجمهورية إلى توزيع جدول لا يمت بصلة إلى ما أرسله الرئيس عون للرئيس الحريري أمس (الأول)، زاعمة أنه الجدول المرسل». وقال: «احتراما لعقول اللبنانيين ننشر الأوراق كما وصلت من رئيس الجمهورية للرئيس الحريري»، مرفقاً نسخة من الأوراق التي أرسلت إليه.

ولاحقاً، ردّ مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية، قائلاً ان «النص الذي وزعه المكتب الاعلامي للرئيس سعد الحريري يعود الى فترة تبادل الصيغ الحكومية بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، وليس النص الذي أرسله أمس الرئيس عون، والذي وزّع سابقاً».

 

**************************************************************************

 

افتتاحية صحيفة اللواء

 

عون يستخف بصلاحيات الرئيس المكلف.. والحريري يقلب الطاولة!

حزب الله يدعم بعبدا بالثلث المعطل.. وواشنطن وباريس للاستعداد للتدخل

من المفيد للبنانيين ان يحفظوا جيداً هذا التاريخ 22 آذار 2021. وفيه انكشاف أخطر لعبة تعصف ببلدهم.. وتدفع به إلى الانهيار، بل ربما إلى الدمار، وتحويل معاناة أبنائه، الى نزف دائم، في الكهرباء، والدواء، والخبز، والخضار والفواكه الموسمية، والاستشفاء، وفرص العمل، وقيمة الرواتب والأجور.

 

في هذا التاريخ، سجل رئيس الجمهورية استخفافاً بصلاحيات الرئيس المكلف، عبر استمارة التأليف، التي طلب منه تعبئتها، في سابقة، دراماتيكية، على المستوى الدستوري، سرعان ما أثارت حفيظة الرئيس المكلف، فإنبرى إلى قلب الطاولة، من على منبر بعبدا..

 

وفي المشهد المستجد، ما كشفه الرئيس المكلف سعد الحريري بعد اجتماع مع الرئيس ميشال عون، دام نصف ساعة، وكان مقدراً له 10 دقائق فقط، من ان الرئيس «أرسل لي بالأمس تشكيلة كاملة من عنده، فيها توزيع للحقائب على الطوائف والأحزاب، مع رسالة يقول لي فيها أنه من المستحسن أن أقوم بتعبئتها. وتتضمن الورقة ثلثا معطلا لفريقه السياسي، بـ 18 وزيرا أو 20 أو 22 وزيرا. وطلب مني فخامته أن أقترح أسماء للحقائب حسب التوزيعة الطائفية والحزبية التي حضرها هو».

 

وأضاف «بكل شفافية، سأقول لكم ما قلته له اليوم (أمس). أولا: أنها غير مقبولة لأن الرئيس المكلف ليس عمله أن يقوم بتعبئة أوراق من قبل أحد، ولا عمل رئيس الجمهورية أن يشكل حكومة. وثانياً، لأن دستورنا يقول بوضوح أن الرئيس المكلف يشكل الحكومة ويضع الأسماء، ويتناقش بتشكيلته مع فخامة الرئيس.  على هذا الاساس، أبلغت فخامته بكل احترام، أني أعتبر رسالته كأنها لم تكن، وقد أعدتها إليه، وأبلغته أيضا أني سأحتفظ بنسخة منها للتاريخ!

 

ومن باب الأمانة، لقاء رقم 18 كان تاريخياً، بكل ملابساته، ومقدماته ونهاياته.. قال الحريري من قصر بعبدا، وبوجه متجهم، وهو يفيض ما في صدره من «غيظ وامتعاض»، بعد خمسة أشهر على انطلاق عملية التأليف، وكان يأمل ان تشكّل في أسبوع، كلاماً نوعياً، وغير مسبوق، وكأن «حبل السرّة» الحكومية انقطع في هذا اللقاء.

 

فماذا قال ايضاً:

 

1- التشكيلة عند الرئيس منذ 100 يوم.

 

2- تسهيل الحل للداخلية التي يُصرّ عليها الرئيس عون.

 

3- هدفي وضع حدّ للإنهيار.. والبلد امام الفرصة الوحيدة والاخيرة بحكومة اختصاصيين تنجز الإصلاحات وتوقف الانهيار، بلا تعطيل ولا اعتبارات حزبية ضيقة.

 

4- بالانتظار، ولأن الرئيس قال في خطابه الأخير أني لم أقدم له إلا خطوطا عريضة، سأوزع عليكم التشكيلة الكاملة بالأسماء والحقائب التي قدمتها له هنا في بعبدا بـ 9 كانون الأول 2020، أي منذ أكثر من 100 يوم، وأترك الحكم عليها للرأي العام.

 

5- الرئيس الحريري متأسفاً، كشف ان جواب رئيس الجمهورية الواضح: «الثلث المعطل».

 

جملة من الأخذ والرد، تبعت كلام الرئيس المكلف، الذي وضع مسألة التأليف لدى التاريخ والرأي العام، والمجتمع الدولي، فصدر عن مكتب الإعلام في الرئاسة الأولى بيان مساء أمس فيه: «ان النص الذي ارسله امس الرئيس عون​ الى رئيس الحكومة، هو الذي وزّع بعد ظهر اليوم مرفقاً ببيان المديرية العامة لرئاسة الجمهورية، وهو عبارة عن منهجية آلية التشكيل من دون أسماء ولا توزيع أحزاب، واعتبره رئيس الجمهورية «نموذجاً للتعبئة يسهل النظر في تأليف الحكومة من المستحسن تعبئته».

 

اضاف البيان «وبالتالي، فإن النص الذي وزعه المكتب الإعلامي للحريري، يعود الى فترة تبادل الصيغ الحكومية بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف ما بين أواخر تشرين الثاني واوائل كانون الأول 2020، وقد صدر في حينه بيان عن رئاسة الجمهورية حول هذا الموضوع».

 

تشكيلة الحريري

 

وجاءت تشكيلة الحريري كالآتي:

 

السنة:رئيس الوزراء سعد الحريري

 

الصحة: فراس الابيض

 

شؤون اجتماعية وبيئة: ناصر ياسين

 

عدل: لبنى مسقاوي

 

الشيعة: المال:  يوسف خليل. العمل: مايا كنعان. أشغال عامة ونقل:ابراهيم شحرور. تنمية ادارية وسياحة: جهاد مرتضى

 

درزي: خارجية وزراعة: السفير ربيع نرش

 

موارنة: الدفاع: انطوان قليموس. الثقافة: فاديا كيوان. تربية وتعليم: عبدو جرجس. شباب ورياضة واعلام: وليد نصار

 

روم ارثوذوكس: اقتصاد: سعادة الشامي، الطاقة والمياه: جو صدّي،  الداخلية والبلديات: زياد ابو حيدر.

 

كاثوليك: اتصالات: فادي سماحة

 

ارمن: صناعة ومهجرين: كاربيت سليخانيان.

 

وبعد كلام الرئيس الحريري، عند قرابة الرابعة، خرج المستشار الإعلامي والسياسي انطوان قسطنطين ليعلن ان الورقة التي تحدث عنها الرئيس المكلف ورقة منهجية:

 

لا أسماء فيها لكي يكون فيها ثلث معطل، هي فقط آلية للتشكيل من باب التعاون الذي يجب ان يسبق كل اتفاق عملاً بأحكام المادة 53- البند 4 من الدستور.

 

وأعرب عن أسفه ان يصدر عن الرئيس المكلف، بانفعال، اعلان تشكيلة حكومية سبق ان عرضها هو في 9 كانون الأول 2020، وهي اصلاً لم تحظ بموافقة رئيس الجمهورية كي تكتمل عناصر التأليف الجوهرية، فضلاً عن انها تخالف مبدأ الاختصاص بجمع حقائب لا علاقة لها ببعضها.

 

الورقة المنهجية يعرفها الرئيس الحريري جيداً، وهو سبق ان شكّل حكومتين على أساسها في عهد الرئيس عون.

 

وجاء في البيان الرئاسي:

 

ان رئيس الجمهورية حريص على تشكيل حكومة وفقاً للدستور، وكل كلام ورد على لسان رئيس الحكومة المكلف وقبله رؤساء الحكومات السابقين حول ان رئيس الجمهورية لا يشكل بل يصدر، هو كلام مخالف للميثاق والدستور وغير مقبول، ذلك ان توقيعه لاصدار مرسوم التأليف هو انشائي وليس اعلانياً، وإلا انتفى الاتفاق وزالت التشاركية التي هي في صلب نظامنا الدستوري وميثاقنا. اما الثلث المعطل، فلم يرد يوماً على لسان الرئيس.

 

وانتهى الى عدم جواز تحويل الأزمة الحكومية الى ازمة حكم ونظام الا اذا كانت هناك نية مسبقة بعدم تشكيل حكومة لاسباب غير معروفة ولن نتكهن بشأنها.

 

ولاحقاً رد المكتب الاعلامي للرئيس الحريري على بيان بعبدا بالقول: «يأسف بشدة اقحام المديرية العامة لرئاسة الجمهورية ببيان لتضليل اللبنانيين وتزوير الحقائق والوثائق، وهنا نذكر ان الرئيس الحريري عندما قال من القصر الجمهوري ما حرفيته: مبارح ارسلي تشكيلة كاملة من عندو فيها توزيع للحقائب على الطوايف والاحزاب، مع رسالة بيقلي فيها انو من المستحسن عبيها. بتضمن الورقة تلت معطل لفريقو السياسي، بـ 18 وزير او 20 أو 22. وطلب مني فخامتو اقترح اسماء للحقائب حسب التوزيعة الطائفية والحزبية يللي هوي محضرها». وانعاشا لذاكرة فخامة الرئيس واحتراما لعقول اللبنانيين، ننشر الاوراق كما وصلت بالامس من رئيس الجمهورية.

 

وارفق بيانه بصور عن الاوراق التي ارسلها عون.

 

حزب الله يدعم عون

 

في تقديرات بيت الوسط، ان الرئيس عون وفريقه لم يكن يقدم على هذا العمل ما لم يحظ بدعم مباشر من حزب الله.

 

ونقلاً عن مصادر قيادية في الثنائي الشيعي أن لا حكومة ستبصر النور ما لم يتفاهم الحريري مع عون ويتنازلا عن الثلث الضامن او يحصلا عليه سويا.

 

وكشفت المصادر ان البحث عن اي حل يجب ان يبدا من تعيين «وزير ملك» في اية حكومة مهما كان حجمها او شكلها، معتبرة ان توسيع الحكومة لن يحل المشكلة والرئيس عون من حقه الحصول على الثلث الضامن بمعزل عن حليفه حزب الله.

 

للمرة الاولى، يجري الحديث علنا عن تاييد شيعي لعون في مسالة الثلث الضامن، ابعد من ذلك، للمرة الاولى يقال ان عون او بالاحرى التيار الحر بحاجة الى ضمانات في مجلس الوزراء متمثلة بالثلث الضامن بمعزل عن الثلث الذي يشكله الحزب مع التيار..هنا لفهم الامور بشكل اوضح يصبح مشروعا طرح هذا السؤال :ماذا سيكون موقف الحزب في حال اي خلاف في «حكومة بهذا الثقل» بين التيار وحركة امل؟

 

اكثر من ذلك، جزمت المصادر ان تاليف الحكومة سيطول اذا لم يقتنع الحريري انه لا يمكن تهميش عون ودوره وموقعه، مؤكدة نقلا عن حزب الله ممانعته تهميش حليفه والتعامل معه بطريقة استعلائية كالتي تصرف بها الحريري سابقا حين طلب منه تسمية وزيرين مسيحيين فقط.

 

ولاحظت مصادر مطلعة على موقف رئيس الجمهورية لـ«اللواء» أن ورقة الرئيس المكلف انطوت على محاصصة واضحة بين الأحزاب والافرقاء، وفي حين خلت ورقته من منصب نيابة رئاسة مجلس الوزراء، أدرجت في الورقة الرئاسية مع وزارة الدفاع.

 

وفي حرب الأوراق أيضاً، اورد الحريري دمج لوزارتي التنمية والسياحة، والشباب والرياضة والإعلام، والخارجية والزراعة، في حين ورقة الرئيس عون لم تلحظ الا دمج بين الثقافة والإعلام والبيئة والزراعة والتنمية الإدارية والشباب والرياضة واقتراح بتوسيع الحكومة إلى 20 وزيراً من دون دمج وزارتي الشؤون الاجتماعية والمهجرين أو 18 مع دمجهما. وفي ورقة الرئيس المكلف، التربية اسندت إلى الموارنة وفي ورقة رئيس الجمهورية اسندت إلى الدروز.

 

وافيد أن رئاسة الجمهورية تقصدت الحديث عن منهجية تمّ اتباعها في تأليف الحكومة من دون ثلث معطّل. اما الحريري فقال ان ورقة رئيس الجمهورية تضمنت هذا الثلث.

 

محليا، إستقبل النائب السابق وليد جنبلاط، مساء الأحد الماضي، في كليمنصو، السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا، في حضور النائب أكرم شهيب، وعرض معها التطورات السياسية في لبنان والمنطقة. وبعد ان كثر الحديث عن ترك المختارة الحريري وحيدا عقب مناداتها بالتسوية وعدم ممانعتها تكبير حجم الحكومة، أكد عضو اللقاء الديمقراطي النائب هادي ابو الحسن ان «من يتحدث عن انقلاب لوليد جنبلاط على الحريري أو غيرة هو كلام خاطئ ولا قيمة له»، لافتاً الى إن «الفكرة الأساسية المطروحة اليوم هي كيفية الخروج من الثلث المعطل وبالتالي محاولة تلاقٍ في نصف الطريق». وأضاف «خشية وليد جنبلاط من واقع الحال الموجود، فالشارع يتفلّت، والطرقات تُقطع، وصدر اللبنانيين يضيق، والمبادرات أصبحت عاجزة عن الحلول، من هذه النقاط أطلق مبادرته، ونسأل ما هو الخيار إذا إستمر التصلب؟ المزيد من الإنهيار على الصعيد النقدي والإقتصادي وقطع للطرقات».

 

من جهته، وفي موقف لافت يعارض طرح حزب الله حكومة تكنوسياسية، جدد المكتب السياسي  لحركة امل مطالبته الاسراع بتشكيل حكومة إختصاصيين غير حزبيين وفق ما تم التوافق عليه في المبادرة الفرنسية بعيدا من منطق الأعداد والحصص المعطلة وتحوز ثقة المجلس النيابي وكتله، وتكون قادرة وبسرعة على إطلاق ورشة الاصلاح الاقتصادي والمالي والنقدي، ولديها القدرة على إعادة ثقة اللبنانيين بوطنهم، وتعزيز علاقات لبنان الخارجية ومع المؤسسات الدولية، وإدارة حوار بناء ومسؤول لإعداد حفظ الخروج من الازمة.

 

دولياً، دعت وزارة الخارجيّة الأميركية «القادة اللبنانيين إلى وضع خلافاتهم جانباً والإسراع بتشكيل الحكومة». وقد أشارت الوزارة إلى أن «المسؤولين الأميركيين قلقون حيال تطورات الوضع في لبنان وعجز القيادة فيه».

 

تأتي هذه الدعوة الأميركية مساء أمس، عقب الفشل في التوصل إلى صيغة لتشكيل الحكومة في اللقاء الذي جمع الرئيس ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري، وانتهى إلى سجال علني عاصف.

 

من جهته، أكد وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان أن هناك اجماعاً دولياً على ضرورة اجراء اصلاحات جادة لانقاذ لبنان من الانهيار.

 

وكان لودريان، قد أعرب ظهر أمس أيضاً عن أنّ «الاتحاد الأوروبي لا يمكن أن يقف مكتوف الأيدي ولبنان ينهار»، معرباً عن إحباطه من الجهود الفاشلة لتشكيل الحكومة.

 

وقال لدى وصوله إلى اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي: «طلبنا من الاتحاد الأوروبي مناقشة الأوضاع في لبنان اليوم، ويجب تنفيذ إصلاحات»، بحسب وكالة «رويترز».  وأضاف لودريان: «فرنسا تتمنى أن نناقش قضية لبنان. الدولة تنجرف بعيداً ومنقسمة. عندما ينهار بلد ما، يجب أن تكون أوروبا مستعدة».

 

وطلب الوزير الفرنسي من نظرائه في الاتحاد الأوروبي النظر في سبل مساعدة لبنان الذي يواجه أسوأ أزمة اقتصادية منذ عقود، معرباً عن إحباطه من فشل الجهود لتشكيل حكومة لبنانية جديدة حتى الآن.

 

وكانت باريس قادت الجهود الدولية لإنقاذ لبنان من أكبر أزمة تواجهه منذ الحرب الأهلية، لكنها لم تنجح حتى الآن، رغم مرور سبعة شهور، في إقناع الفرقاء السياسيين بتبني خريطة طريق للإصلاح أو تشكيل حكومة جديدة حتى يتسنى صرف مساعدات دولية.

 

وكان دبلوماسيون فرنسيون وغربيون قد قالوا إن فرنسا مستعدة الآن، وبعد جمود مستمر منذ شهور، لبحث احتمال فرض عقوبات على مسؤولين لبنانيين، سواء على مستوى الاتحاد الأوروبي أو على المستوى الفرنسي، لكن من المستبعد أن يحدث ذلك على الفور.

 

ارتفاع سعر صرف الدولار

 

وما لبث أن انعكس التأزم السياسي مباشرة على سعر صرف الدولار في السوق السوداء، بعدما هوت الليرة 90٪ مما أدى إلى سقوط كثيرين في براثن الفقر.

 

وقال محمد الحاج علي من مركز كارنيجي للشرق الأوسط «من المؤكد أن المأزق الحالي والتوقعات القاتمة ستؤثر على سعر الصرف، مما يجعل من الصعب على العامل العادي أن يعيش دون مساعدات غذائية».

 

وكان مصرف لبنان قال في بيان له أنه انشأ منصة الكترونية لعمليات الصرافة تضم كل من مصرف لبنان والمصارف ومؤسسات الصرافة،

 

وبما أن الظروف الاستثنائية الحالية التي يمر بها لبنان أثرت بشكل كبير على سعر صرف العملات الأجنبية النقدية،

 

وبما أنه يقتضي تنظيم عمليات الصرافة وذلك حماية لاستقرار سعر صرف الليرة اللبنانية، وتحضيرا للقيام بعمليات الصرافة بالعملات الأجنبية مقابل الأوراق النقدية بالليرة اللبنانية،

 

يعتبر كل مصرف حائزاً، حكماً، على رخصة صرافة وعليه اتخاذ الإجراءات اللازمة للقيام بعمليات الصرافة النقدية وفقا لمفهوم القانون رقم 347 تاريخ 8/6/ 2001 اسوة بمؤسسات الصرافة.

 

وطلب من المصارف العاملة في لبنان، خلال مدة حدها الأقصى 16/4/2021 ، الأشتراك في المنصة الألكترونية لعمليات الصرافة المنشاة من مصرف لبنان والتسجيل على التطبيق الإلكتروني العائد لهذه المنصة والالتزام بالشروط التي سيصدر مصرف لبنان بهذا الخصوص.

 

التحقيق الجنائي: مجلس الإنماء والاعمار أولا

 

وفي تطوّر قضائي، يطرح أكثر من علامة استفهام، قررت هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان برئاسة رياض سلامة، وبناء لطلب المحامي العام التمييزي القاضي غسان الخوري بعد مراسلة النيابة العامة التمييزية، وبالإستناد الى إدعاء النائب العام المالي أمام قاضي التحقيق الأول في بيروت بالإنابة شربل ابو سمرا،قررت رفع السرية المصرفية عن حسابات مسؤولين في مجلس الإنماء والإعمار نبيل الجسر ومهندسين وعدد من المتعهدين والإستشاريين، بجرم الهدر في شبكات الصرف الصحي ومحطات التكرير، وذلك على خلفية الإخبار المقدم من سالم زهران.

 

كما حدد القاضي أبو سمرا جلسة إستجواب للمدعى عليهم في ملف الصرف الصحي في 30 آذار الجاري.

 

المرحلة الرابعة

 

وأمس، بدأت في لبنان، المرحلة الرابعة من الفتح التدريجي في ظلّ تخوف من تفلّت الوضع الصحي من جديد مع عودة إرتفاع أرقام الإصابات وتحذير نقيب اصحاب المستشفيات الخاصة أن الإستشفاء سيصبح محصوراً بالسوبر غني في لبنان.

 

وهكذا، إنطلق العمل في القطاعات التي لم تلحظها المراحل الثلاث الأولى، وشملت فتح صالات المطاعم وكازينو لبنان والمواقع السياحية والتاريخية والمسابح الداخلية والشواطئ والنوادي الرياضية ومراكز الألعاب.

 

إلا أن الفتح لا يعني إلغاء الإجراءات الوقائية، كالالتزام بـ50% من القدرة الاستيعابية للصالات، والمسافة الآمنة بين الطاولات مع الاستعاضة عنها بفواصل «بلاكسي» في المحال ذات الصالات الصغيرة، على ألا يزيد عدد الأفراد على الطاولة الواحدة عن الـ6.

 

في المقابل، لا يزال وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال طارق المجذوب، عند قراره بتأجيل العودة إلى التعلّم المدمج في المؤسسات التعليمية كافة، الرسمية والخاصة، إلى موعد يُحدد لاحقاً، بانتظار استكمال نتائج الجهود مع وزارة الصحة والبنك الدولي ومنظمة الصحة العالمية و«اليونيسيف» والصليب الأحمر اللبناني لتأمين شروط العودة الآمنة.

 

كما شهد مركز المعاينة الميكانيكية في الغازية، زحمة كبيرة حيث امتدت طوابير السيارات على طول أكثر من 3 كيلومترات.

 

وعلى أثر هذه المشاهد، أصدرت وزارة الداخلية تعميما يتعلق باعتماد نظام المفرد والمزدوج لدى إخضاع السيارات للمعاينة الميكانيكية، وذلك للحد من الاكتظاظ داخل مراكز المعاينة الميكانيكية.

 

441014 إصابة

 

صحياً، أعلنت وزارة الصحة العامة عن تسجيل 2968 إصابة بفايروس كورونا (السبت) و1471 إصابة يوم أمس الأوّل (الأحد)، وسجلت حالات الوفاة في اليومين (93 حالة وفاة)، ليرتفع العدد التراكمي إلى 441014 إصابة مثبتة بالفيروس منذ 21 شباط  2020.

 

**************************************************************************

 

افتتاحية صحيفة الديار

اللقاء الثامن عشر ينتهي «بالطلاق» …لا ضوء اخضر خارجيا «للولادة» الحكومية

اتصالات لمنع الانفجار في «الشارع» وتفعيل حكومة دياب امام اختبار «صعب»

 اسرائيل قلقة وتطور قدراتها البحرية : حزب الله جاهز لاستهداف منصات الغاز

ابراهيم ناصرالدين

 

..وفي اللقاء الثامن عشر، انفجرت كل «الالغام» دفعة واحدة، وانهارت كل الرهانات «والاوهام» الكاذبة حول تسوية حكومية ممكنة بين رجلين لا يثقان ببعضهما البعض، ويحتاجان الى دفع خارجي غير موجود لاخراج البلاد من ازماتها المتعددة. اختارا «الطلاق» وباتت الطرق الان «مقفلة» بين بعبدا وبيت الوسط، حرب بيانات، وتبادل اتهامات بالكذب، والتضليل والتزوير، وخروج عن ادبيات التخاطب الاعلامي والسياسي، وتكبير «مستقبلي» لحجم معركة يخوضها الرئيس المكلف سعد الحريري تحت عنوان «افشال الانقلاب»، مقابل اتهامات رئاسية للرئيس المكلف «بالمراوغة» والتضليل بهدف الهروب من تشكيل حكومة لم تنضج ظروف ولادتها خارجيا. الآن بات الجميع امام المأزق، وامام الخيارات الصعبة، الحريري لا يريد او غير قادر على «الاعتذار»، وستبقى «ورقة» التكليف في «جيبه» الى أجل غير»مسمى»، الرئاسة الاولى تبحث عن مخارج دستورية غير موجودة وسقفها مخاطبة مجلس النواب لمراجعة «الثقة» الممنوحة، لكن النتائج معروفة مسبقا…

 

يبقى دفع رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب الى تفعيل حكومته، دونه «عقبات»،فالدعوة لا تبدو ميسرة في ظل عدم رغبته في الاصطفاف السياسي في معركة «مذهبية»، وعدم حماسة رئيس المجلس النيابي نبيه بري لمنحه الغطاء القانوني لذلك! ولهذا فان تفعيلها سيكون اختبارا صعبا لكافة القوى السياسية، ما يطرح الكثير من التساؤلات وعلامات الاستفهام حول طبيعة المرحلة المقبلة!وبعد هذا الانهيار الدراماتيكي «العين» على سعر الدولار في السوق السوداء، واحتمالات الانهيار الامني في «الشارع» الذي بدا بالتحرك على وقع اتصالات رفيعة المستوى جرت مساء امس بين القوى السياسية والامنية  لمنع «انفجاره».كل هذه التطورات تجري على وقع احباط فرنسي، «وميوعة» اميركية، واستعدادات اسرائيلية لمواجهة مخاطر استهداف منصات الغاز البحرية، في ظل «ارباك» لبناني على «طاولة» المفاوضات..

 

 ما هي اسباب الفشل؟

 

ما حصل كان متوقعا، تقول مصادر مواكبة لعملية التاليف، لسببين اثنين، الاول جرعة الدعم التي تلقاها رئيس الجمهورية ميشال عون الذي شعر للمرة الاولى من عملية التفاوض ان «الحصار» المفروض عليه داخليا يتجه الى التفكك بعد «استدارة» النائب السباق وليد جنلاط، فضلا عن شعوره «بفائض القوة» بعد المواقف الاخيرة للامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله،و لهذا وجد نفسه غير معني بتقديم اي تنازلات اساسية في الملف الحكومي تضعف العهد فيما تبقى من الولاية الرئاسية، مع العلم انه في الاساس لا يريد عودة الرئيس المكلف الى السراي الحكومي.

 

 الحريري لا يرغب «بالتشكيل»

 

اما السبب الجوهري والمباشر المسؤول عن انهيار المحادثات الثنائية، فتعود الى حقيقة راسخة تفيد بان الرئيس الحريري لا يريد تشكيل الحكومة في هذا التوقيت «غير المناسب» في غياب اي ضمانات خارجية بمنح حكومته المساعدة المطلوبة لاخراج البلاد من ازمتها الاقتصادية والمالية،وهو لا يريد ان يكون «كبش محرقة» سياسية حبث من المقدر ان يسقط مرة جديدة في «الشارع» في توقيت حساس يسبق استحقاقات انتخابية سيودي الاخفاق فيها بمستقبله السياسي الذي لم يعد مصدر اهتمام لاحد في الخارج وخصوصا في المملكة العربية السعودية، ولهذا لا يستطيع الحريري الا الاستمرار في «المراوغة» وابتكار الحجج المانعة لصدور المراسيم بانتظار الانفراجة الاقليمية والدولية.

 

 «الولادة» والتسوية الخارجية    

 

ووفقا للمعطيات، كل الخلافات التفصيلية حول» الثلث المعطل» ووزارة الداخلية، وغيرها من العقبات غيرالجوهرية، يمكن تجاوزها اذا تامن المناخ الخارجي المناسب، فالحريري لا يستطيع تجاوز محاولات الولايات المتحدة المستمرة لإضعاف حزب الله داخل الحكومة وخارجها، كما لا يستطيع تجاوز الاشارات السلبية السعودية اتجاه عودته الى حكومة، وهو يدرك جيدا ان «مفتاح» الدعم الاقتصادي بيدها ولا يستطيع احد تجاوزها خليجيا، اما واشنطن فتملك «مفاتيح» المؤسسات المالية الدولية، وهذا يعني ان «ابواب» الدعم «مسكرة»، فهل المطلوب من الحريري «الانتحار» سياسيا؟وعليه، لا مجال «لولادة» حكومة جديدة، الا بعد حصول تسوية بين الدول الإقليمية والدولية في منطقة يجري اعادة رسم تحالفاتها وحتى خرائطها.

 

 لماذا لا «يعتذر» الحريري؟

 

اما لماذا لا «يعتذر» الحريري، فترى تلك الاوساط انه بات «اسير» لعبة اكبر منه، ويخشى القيام «بدعسة ناقصة» في توقيت غير مناسب لبعض الخارج المصر على ابقاء الضغط على حزب الله وحلفائه، وهو لا يملك ترف اتخاذ قرار بالتخلي عن «ورقة» ضغط التكليف الموجودة في «جيبه» والتي تستخدم في «بازار» الضغوط الاقليمية لابقاء لبنان في «غرفة العناية»، ودون «ضوء اخضر» خارجي للانتقال الى مرحلة اخرى وجديدة من الصراع لن يكون بمقدور الحريري «الاعتذار»، فالقرار ليس في «بيت الوسط» بل في مكان آخر، ولهذا يفضل الانتظار، فاما تحصل انفراجة فيذهب الى تشكيل حكومة ضمن تسوية على الطريقة اللبنانية المعتادة، او يطلب منه الخروج من «اللعبة» تمهيدا لخطوات تنذر بالاسوأ.

 

 «الدرّاج» والاستفزاز

 

ووفقا لاوساط «المستقبل»، اراد رئيس الجمهورية احراج الحريري لاخراجه، عبر استفزازه، والامر بدا مع ارسال «دراج» يحمل مغلفا كتب عليه الى رئيس الحكومة السابق وليس المكلف، وفيه ورقة «نموذج» طلب من الحريري ملء فراغاتها، هذا في الشكل اما في المضمون فان ما خرب التفاهم هو تمسك رئيس الجمهورية بالحصول على ثلث معطل اي  6 وزراء من دون الطاشناق، وهو ابلغ الرئيس الحريري ان الوضع الحالي يجبره على تسمية الوزراء المسيحيين لأن كتلهم الكبرى خلافا لسائر الكتل غائبة أو مغيبة عن الحكومة، وقال صراحة»أنا أسمي المسيحيين مثلما أنت تسمي السنة ومثلما الشيعة  والدروز يسمون وزراءهم».ووفقا لتلك الاوساط، يعتبر الرئيس المكلف انه يصدر مع رئيس الجمهورية المراسيم، ولا يؤلف معه، وهو شعر ان ثمة محاولة لاحراجه تمهيدا لاخراجه خصوصا بعد تصعيد السيد نصرالله وزيارة جنبلاط المفاجئة الى بعبدا، ولهذا قرر «قلب الطاولة» على الجميع لمنع عزله سياسيا.

 

 افشال «الانقلاب»؟

 

تزامنا بدأت الماكينة الاعلامية لتيار «المستقبل» بالترويج لمصطلح جديد عنوانه افشال الانقلاب، وغرد منسق عام الإعلام في «المستقبل» عبد السلام موسى قائلا :الحريري يُحبط من بعبدا انقلاب العهد على الجمهورية.واثر فشل اللقاء، عاد الحريري الى استخدام «الشارع» حيث قطع انصار تيار المستقبل عددا من الطرق في كورنيش المزرعة وقصقص والمدينة الرياضية.

 

 بعبدا ترد على «المزاعم»

 

من جهته رد رئيس الجمهورية ميشال عون على «ادعاءات» رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري،وأوضح بيان صادر عن رئاسة الجمهورية بان الرئيس لم يطلب «الثلث المعطل»، وما طرحه من خلال الورقة المرسلة كان من «باب التعاون»، وسبق وتعامل معها الحريري بايجابية في المرات السابقة، واشار البيان الى إن رئيس الجمهورية لا يشكّل بل يصدر هو كلام مخالف للميثاق والدستور وغير مقبول، ذلك إن توقيعه لإصدار مرسوم التأليف هو إنشائي وليس إعلانياً، نافياً بذلك مزاعم الحريري حول «الخرق الدستوري»، وقال بيان الرئاسة  ان رئيس الجمهورية فوجئ بكلام وأسلوب دولة رئيس الحكومة المكلف، شكلاً ومضموناً.

 

وأشار البيان إلى أنه «انطلاقاً من صلاحياته ومن حرصه على تسهيل وتسريع عملية التشكيل أرسل عون إلى رئيس الحكومة المكلف ورقة تنص فقط على منهجية تشكيل الحكومة وتتضمن 4 أعمدة يؤدي اتباعها إلى تشكيل حكومة بالاتفاق بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف». وتتضمن الورقة اربعة اعمدة وتضمن الوزارات على أساس 18 أو 19 أو 20 وزيراً، وتوزيع الوزارات على المذاهب عملاً بنص المادة 95 من الدستور، ومرجعية تسمية الوزير، بعد أن أفصح رئيس الحكومة المكلف أن ثمة من سمّى وزراءه، على ما تظهره أصلاً التشكيلة التي أبرزها الرئيس المكلف،اما العمود الرابع فيتضمن الأسماء بعد إتمام الاتفاق على المذهب ومرجعية التسمية.ولفت البيان إلى أن الحريري سبق أن شكّل حكومتين على أساس هذه الورقة المنهجية، بالقول: يعرفها الرئيس الحريري جيداً.

 

 لماذا الانفعال؟

 

في هذا السياق، تأسّف البيان أن «يصدر عن دولة الرئيس المكلف، منفعلاً، إعلان تشكيلة حكومية عرضها هو في 9 كانون الأول 2020، ولكنها أصلاً لم تحظَ بموافقة رئيس الجمهورية كي تكتمل عناصر التأليف الجوهرية.وفيما شدّد البيان على حرص عون على تشكيل حكومة وفقاً للدستور، اعتبر أنه لا يجوز تحويل الأزمة الحكومية إلى أزمة حكم ونظام الا إذا كانت هناك نية مسبقة بعدم تشكيل حكومة لأسباب غير معروفة ولن نتكهن بشأنها.

 

 «تجهم» الحريري

 

تجدر الاشارة الى ان اللقاء الثنائي لم يدم أكثر من 25 دقيقة خرج بعده الحريري بوجه متجهم قائلا «اجتماعي الأخير مع فخامة الرئيس، اتفقنا أن نلتقي مجددا اليوم(امس). لكن مع الأسف، أرسل لي بالأمس تشكيلة كاملة من عنده، فيها توزيع للحقائب على الطوائف والأحزاب، مع رسالة يقول لي فيها إنه من المستحسن أن أقوم بتعبئتها. وتتضمن الورقة ثلثا معطلا لفريقه السياسي، بـ 18 وزيرا أو 20 أو 22 وزيرا. وطلب مني فخامته أن أقترح أسماء للحقائب حسب التوزيعة الطائفية والحزبية التي حضرّها هو.

 

وخلص الحريري الى القول بكل شفافية، سأقول لكم ما قلته له اليوم. أولا: إنها غير مقبولة لأن الرئيس المكلف ليس عمله أن يقوم بتعبئة أوراق من قبل أحد، ولا عمل رئيس الجمهورية أن يشكل حكومة. وثانيا، لأن دستورنا يقول بوضوح إن الرئيس المكلف يشكل الحكومة ويضع الأسماء، ويتناقش بتشكيلته مع فخامة الرئيس. على هذا الأساس، أبلغت فخامته بكل احترام، أني أعتبر رسالته كأنها لم تكن، وقد أعدتها إليه، وأبلغته أيضا أني سأحتفظ بنسخة منها للتاريخ! ثانيا: قلت له إن تشكيلتي بين يديه منذ 100 يوم وإني جاهز الآن كما سبق وقلت علنا، لأية اقتراحات وتعديلات بالأسماء والحقائب، وحتى بإصراره على الداخلية سهلت له الحل. لكن مع الأسف جوابه الواضح: الثلث المعطل.

 

 حقائب حكومية غير منسجمة!

 

وفيما لفت في الورقة التي أرسلها رئيس الجمهورية إلى الحريري تبديلا في حقيبة الخارجية من درزي إلى سني ليعطى الدروز حقيبة التربية إضافة إلى وزارة المهجرين، فإن التشكيلة التي كان وضعها الحريري تضمنت تناقضات كثيرة تطرح اكثر من علامة استفهام حول صفة الاختصاص، وعلى سبيل المثال لا الحصر كيف يمكن الجمع بين وزارتي الزراعة والخارجية، والاعلام والرياضة، التنمية الادارية والسياحة.

 

وتضمنت المسودة الأسماء الآتية مناصفة بين 9 مسلمين و9 مسيحيين مقسمة على المذاهب على الشكل الآتي،سعد الحريري، رئيسا للوزراء، وزير الصحة فراس أبيض، وزير الشؤون الاجتماعية والبيئة ناصر ياسين، وزيرة العدل لبنى مسقاوي (4 سنة)، وزير المال يوسف خليل، وزيرة العمل مايا كنعان، وزير الأشغال العامة والنقل إبراهيم شحرور، وزير التنمية الإدارية والسياحة جهاد مرتضى (4 شيعة) وزير الخارجية والزراعة ربيع نرش (درزي) وزير الدفاع أنطوان اقليموس، وزيرة الثقافة فاديا كيوان، وزير التربية والتعليم عبدو جرجس، وزير الشباب والرياضة والإعلام وليد نصار (4 موارنة)، وزير الاقتصاد سعادة الشامي، وزير الطاقة والمياه جو صدي، وزير الداخلية والبلديات زياد أبو حيدر (3 روم أورثوذكس)، وزير الاتصالات فادي سماحة (كاثوليك) وزير الصناعة والمهجرين كاربيت سليخانيان (أرمني).

 

«حرب « البيانات!

 

ولم تقف الامور عن هذا الحد، فقد تبادل الطرفان حرب بيانات تضمنت اتهامات بتزوير وتلفيق المستندات، ولفت مكتب الحريري الاعلامي الى انه منذ تكليف الرئيس الحريري وبدء اجتماعاته مع رئيس الجمهورية ميشال عون كان رئيس الجمهورية يصر في كل اجتماع على التمسك بحصوله على الثلث المعطل، وهذا الأمر لم يتغير من البداية وحتى اليوم، وهو ما بات معروفاً لدى كل اللبنانيين، كما اسف المكتب الاعلامي للرئيس الحريري بشدة لاقحام المديرية العامة لرئاسة الجمهورية ببيان لتضليل اللبنانيين وتزوير الحقائق والوثائق…ولاحقا صدر عن مكتب الإعلام في الرئاسة بيان اشار الى ان النص الذي وزعه المكتب الاعلامي للرئيس سعد الحريري يعود الى فترة تبادل الصيغ الحكومية بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، وليس النص الذي أرسله أمس الرئيس عون، والذي وزّع سابقاً..وتعليقا على البيان غرّد مستشار رئيس الحكومة المكلّف حسين الوجه، عبر «تويتر»، قائلا: ردّاً على البيان الأخير الصادر عن مكتب الإعلام في رئاسة الجمهوريّة: «عندما تضع نفسك في حفرة، احسن نصيحة هي: اوقف الحفر!

 

«امل» تدعم الحريري

 

وكان المكتب السياسي لحركة امل قد قدم جرعة دعم للحريري قبل لقاء بعبدا من خلال مطالبته الاسراع بتشكيل حكومة إختصاصيين غير حزبيين وفق ما تم التوافق عليه في المبادرة الفرنسية بعيدا من منطق الأعداد والحصص المعطلة وتحوز ثقة المجلس النيابي وكتله، وتكون قادرة وبسرعة على إطلاق ورشة الاصلاح الاقتصادي والمالي والنقدي، ولديها القدرة على إعادة ثقة اللبنانيين بوطنهم، وتعزيز علاقات لبنان الخارجية ومع المؤسسات الدولية، وإدارة حوار بناء ومسؤول لإعداد حفظ الخروج من الازمة.

 

 «عتب» اميركي على جنبلاط

 

وفيما سعت مصادر الحزب التقدمي الاشتراكي لنفي ما تردد عن «استدارة» سياسية للمختارة، بعد زيارة رئيس الحزب وليد جنبلاط إلى قصر بعبدا ، زارت السفيرة الاميركية دوروثي شيا كليمنصو لاستيضاح جنبلاط حول خطواته الاخيرة، ووفقا لمصادر مطلعة «عاتبت» شيا جنبلاط باسلوب دبلوماسي، بعدما شرحت له وجهة نظر بلادها بابقاء الضغوط القصوى على حزب الله وحلفائه في لبنان،ولهذا لا تحبذ اي تحركات تصب في خانة منحهم «هدايا» مجانية في السياسة. في المقابل شرح جنبلاط موقفه الذي يصب في خانة الحفاظ على الاستقرار في البلاد بعدما وصلت الامور الى حدود الانفجار، وهو يريد الوصول الى تسويات على «البارد» لانه يستشعر ان الامور تتجه الى الاسوأ في البلاد.

 

 واتهامات لعون وباسيل بالتعطيل!

 

وفي موقف يعكس اتجاهات السياسة الاميركية المناهضة للرئاسة الاولى، اكد مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى السابق ديفيد شينكر أنه لا يزال هناك الكثير مما يلزم عمله فيما خص لبنان ،وقال ان المشكلة الحقيقية أن الفساد يطال كل جزء من جوانب الحكم في لبنان، لدرجة أنه يتعذر تشكيل حكومة الآن، لأنه يبدو أن الوزير جبران باسيل والرئيس ميشال عون  يتمسكان بثلث معطل في الحكومة الجديدة بسبب تطلعات «جبران باسيل» الشخصية لضمان ان يكون الرئيس القادم للبنان.ولاحقا اكدت وزارة الخارجية الاميركية ان واشنطن قلقة  حيال تطورات الوضع في لبنان وعجز القيادة فيه ودعت القادة اللبنانيين الى وضع خلافاتهم جانبا والإسراع بتشكيل الحكومة.!

 

 فرنسا «محبطة»

 

في هذه الأثناء، عبر وزير الخارجية جان إيف لودريان عن إحباطه من فشل جهود تشكيل حكومة جديدة في لبنان.وأكد أنه لا يمكن للاتحاد الأوروبي أن يقف مكتوف الأيدي ولبنان ينهار، وقال لدى وصوله إلى اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد إنه طلب من نظرائه في الاتحاد الأوروبي النظر في سبل مساعدة لبنان الذي يواجه أسوأ أزمة اقتصادية منذ عقود وأن فرنسا تتمنى أن نبحث قضية لبنان». وخلص الى القول  أن» لبنان يسير على غير هدى ومنقسم وعندما ينهار بلد ما يجب أن تكون أوروبا مستعدة»وفي هذا السياق، تشير اوساط دبلوماسية الى ان باريس تستعد لاطلاق مروحة اتصالات اوروبية، ودولية، واقليمية تشمل واشنطن والرياض، للبحث  في ما يمكن فعله لكسر المراوحة المخيفة في بلد يتجه نحو الانهيار.

 

 اسرائيل وحرب المنصات

 

وفيما يغرق الساسة اللبنانيون في معاركهم العبثية، تستعد اسرائيل لبدء عمليات التنقيب في المنطقة المتنازع عليها شمال «البلوك9»، ولا تزال الخلافات العميقة بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب من جهة،ورئيس مجلس النواب نبيه بري من جهة اخرى، تحول دون ارسال التعديلات الموجبة للحدود البحرية الواردة في خرائط المؤسسة العسكرية الى الامم المتحدة، ما سيؤدي في مطلع شهر ايار المقبل الى خسارة لبنان فرصة اثبات حقوقه الغازية في البحر.

 

في المقابل تستعد اسرائيل لمواجهة السيناريو الاسوأ في ظل معلومات عن ازدياد قدرات حزب الله البحرية، وتوقعات باستهداف المنصات الغازية الاسرائيلية في اي مواجهة مقبلة، وتزامنا مع جولة رئيس الأركان أفيف كوخافي الاوروبية والتي تصدر خلالها ملف الصواريخ الدقيقة لدى حزب الله البحث مع نظرائه في باريس وبرلين، كشفت صحيفة «هارتس»عن تطوير تدريجي لسلاح البحرية استعدادا لحماية منصات الغاز في البحر من صواريخ حزب الله، بعدما تاكد وجود صواريخ متطورة عند الحزب الذي نجح في استهداف سفينة الصواريخ «حنيت» في اليوم الثالث لحرب لبنان الثانية في صيف 2006 ، ويومها تقول الصحيفة «بدأت الإدراكات الجديدة في التبلور وقادت الاستنتاجات إلى إحداث ثورة في بناء قوة إسرائيل البحرية.

 

 فشل «تشخيص» التهديد

 

وذكرت الصحيفة بان سفينة «حنيت» اصيبت أمام شواطئ بيروت بصاروخ بر – بحر أطلقه مقاتلو حزب الله أثناء تطبيق الحصار البحري «الاستعراضي والزائد». وقتل يومها أربعة جنود جراء الأضرار التي ألحقها صاروخ «سي 802» من صنع الصين. وقد أثبت الضرر أن الجهد الإسرائيلي لتحقيق تفوق بحري بواسطة قدرات كشف وتسليح بحر – بحر متطورة ليس له أهمية كبيرة في هذه المواجهة، «فالأعداء» ليس لهم  أساطيل بحرية، ويتمثل تهديدهم الأساسي في الإطلاق من الشاطئ. وقد أصيبت سفينة «حنيت» لأن سلاح البحرية لم يستطع تشخيص التهديد الذي تتعرض له من هناك وكان سلاح البحرية، رغم الدقة والقوة التي استخدمها، كان مكشوفاً للاعداء…

 

 الاستعداد للاسوأ

 

وفي هذا السياق، ولعدم مواجهة سيناريو مشابه، لفتت «هارتس» الى ان الاستعدادات قائمة اليوم لمواجهة احتمال تعرض منصات الغاز لهجوم «ارض-بحر»، ولهذا تمت  إقامة نظام نيران بحري للمس بالاهداف على الشاطئ وتوجيه جزء من الموارد الاستخبارية، بصورة تمكن من جمع معلومات أكثر عن الأهداف الموجودة هناك. ووفقا للصحيفة، ينصب الاهتمام الإسرائيلي راهنا بالاعداد للدفاع عن المياه الاقتصادية، والدفاع عن مخزونات الغاز من هجمات بر- بحر..وتوقعت الصحيفة ان يكون لهذه التغييرات تداعيات كبيرة خلال الحرب حيث سيحتاج السلاح إلى إحباط القدرة الهجومية «للعدو» من الشاطئ كأحد أهدافه الأولى بينما تخوض القوات البحرية الان المعركة بين حربين، كجزء من معركة شاملة.

 

 الوضع الصحي خطير؟

 

ومع دخول البلاد المرحلة الرابعة والاخيرة من اعادة فتح القطاعات التجارية، سجلت حركة شبه معدومة في المطاعم التي اعاد بعضها فتح ابوابه فيما استمر الاخر بالاقفال، وفيما باتت غرف العناية المركزة في المستشفيات شبه ممتلئة، سجلت اعداد كورونا المزيد من الارقام المرتفعة التي تهدد بالعودة الى «نقطة الصفر» في معركة السيطرة على الوباء في ظل البطء الشديد في عمليات التلقيح،ووفقا لارقام وزارة الصحة سجلت 2968 إصابة جديدة يوم السبت 20 آذار، و1471 إصابة عن يوم الأحد 21 آذار،اما حالات الوفاة فسجلت يوم السبت 42، والأحد51 وفاة.وقد غرد مدير «مستشفى رفيق الحريري الجامعي» فراس أبيض على «تويتر» كاتبا: عداد الكورونا آخذ في الارتفاع في العديد من البلدان، وليس فقط في لبنان. وقد نتج هذا عن عدة اسباب، منها سلالات فيروسية جديدة أكثر عدوى، والتخفيف المبكر لاجراءات الاغلاق، وبطء عملية نشر اللقاح. ما يحدث في البرازيل جدير بالاهتمام، حيث أن نظام الرعاية الصحية هناك يكاد ينهار  وأضاف: في نفس الوقت الذي نخفف فيه الاجراءات، فان المستشفيات تعاني. المزيد من الأطباء والممرضين يغادرون. ويتم استيراد كميات أقل من المستلزمات الطبية بسبب نقص العملة الصعبة. إن سلالة أكثر عدوى ستؤدي إلى المزيد من المرضى ما يمكن أن يثقل كاهل المستشفيات المزدحمة اصلا.

 

************************************************************************

 

افتتاحية صحيفة الشرق

تشكيلة المئة يوم في متناول اللبنانيين  

 

ليس ما حصل في اللقاء الثامن عشر الرئاسي في بعبدا امس سوى صورة طبق الاصل عما اوصل لبنان الى اعمق قعر الهاوية. نكايات وتسجيل نقاط وحساسيات وتقاذف تهم ليبرئ كل طرف نفسه من دم هذا الوطن، تحت شعار الحفاظ عليه. كل العبارات التي يتضمنها قاموس اللغة العربية الفضفاض لتوصيف قلة المسؤولية تكاد لا تكفي لانزالها على من يقودون سفينة البلاد نحو الغرق بمن فيها.

 

اللقاء الاخير؟

 

في الثالثة بعد الظهر استقبل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون  الرئيس المكلف سعد الحريري في لقاء حمل الرقم 18، لم يدم اكثر من 22 دقيقة، قال بعده الحريري: مع الاسف ارسل لي الرئيس عون امس تركيبة وزارية تتضمن ثلثا معطلا لفريقه فقلت له ان ما حصل غير مقبول ودوري كرئيس مكلف تشكيل الحكومة، وأبلغته انني اعتبر رسالته وكأنها لم تكن و”رجعتلو ياها” وأبلغته أنني سأحتفظ بالنسخة للتاريخ، مضيفا “اللائحة التي أرسلها لي الرئيس غير مقبولة لأن الرئيس المكلف “مش شغلتو يعبي أوراق من حدا”. واضاف “هدفي واحد وضع حد للانهيار ووضع حد لمعاناة اللبنانيين وطلبت من الرئيس عون تشكيل حكومة إختصاصيين”. وختم “سأوزع عليكم التشكيلة التي قدّمتها للرئيس عون منذ اكثر من 100 يوم بعدما قال انني قدمت اليه تشكيلة غير مكتملة”. ولم يرد الحريري على اسئلة الصحافيين ولم يتم تحديد اي موعد للقاء جديد بين الرجلين.

 

تشكيلة الحريري

 

وتتضمن التشكيلة التي وضعها الحريري، الاسماء التالية: رئيس الوزراء سعد الحريري، وزير الصحة فراس أبيض، وزير الشؤون الاجتماعية والبيئة ناصر ياسين، وزيرة العدل لبنى مسقاوي، وزير المال يوسف خليل، وزيرة العمل مايا كنعان، وزير الاشغال العامة والنقل ابراهيم شحرور، وزير التنمية الإدارية والسياحة جهاد مرتضى، وزير الخارجية والزراعة ربيع نرش، وزير الدفاع أنطوان اقليموس، وزيرة الثقافة فاديا كيوان، وزير التربية والتعليم عبدو جرجس، وزير الشباب والرياضة والاعلام وليد نصار، وزير الاقتصاد سعادة الشامي، وزير الطاقة والمياه جو صدي، وزير الداخلية والبلديات زياد أبو حيدر، وزير الاتصالات فادي سماحة، وزير الصناعة والمهجرين كاربيت سليخانيان.

 

رد بعبدا

 

وردت المديرية العامة لرئاسة الجمهورية على كلام الحريري فاعتبرت ان “الورقة المنهجية التي أرسلها عون الى الحريري، “تنص فقط على منهجية تشكيل الحكومة وتتضمن أربعة أعمدة، يؤدي اتباعها الى تشكيل حكومة بالاتفاق بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف”.

 

رد على الرد

 

صدر عن المكتب الاعلامي للرئيس المكلف سعد الحريري البيان الاتي: “منذ تكليف الرئيس الحريري وبدء اجتماعاته مع رئيس الجمهورية ميشال عون، كان رئيس الجمهورية يصر في كل اجتماع على التمسك بحصوله على الثلث المعطل، وهذا الامر لم يتغير من البداية وحتى اليوم، وهو ما بات معروفا لدى كل اللبنانيين.

ان المكتب الاعلامي للرئيس الحريري يأسف بشدة اقحام المديرية العامة لرئاسة الجمهورية ببيان لتضليل اللبنانيين وتزوير الحقائق والوثائق. وهنا نذكر ان الرئيس الحريري عندما قال من القصر الجمهوري ما حرفيته: “مبارح ارسلي تشكيلة كاملة من عندو فيها توزيع للحقائب على الطوايف والاحزاب، مع رسالة بيقلي فيها انو من المستحسن عبيها. بتضمن الورقة تلت معطل لفريقو السياسي، ب 18 وزير او 20 أو 22. وطلب مني فخامتو اقترح اسماء للحقائب حسب التوزيعة الطائفية والحزبية يللي هوي محضرها”

وانعاشا لذاكرة فخامة الرئيس واحتراما لعقول اللبنانيين ننشر الاوراق كما وصلت بالامس من رئيس الجمهورية”.

 

لودريان

 

وقبيل اللقاء، كان المجتمع الدولي أبدى اهتماما متعاظما بلبنان واوضاعه المتأزّمة. وفي السياق، أشار وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لو دريان الى أنه طلب من نظرائه في الاتحاد الأوروبي النظر في سبل مساعدة لبنان الذي يواجه أسوأ أزمة اقتصادية منذ عقود. وقال لدى وصوله إلى اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد صباح اليوم إن “فرنسا تتمنى أن نبحث قضية لبنان اذ لا يمكن للاتحاد الأوروبي أن يقف مكتوف الأيدي ولبنان ينهار”. وأضاف “البلد يسير على غير هدى ومنقسم وعندما ينهار بلد ما يجب أن تكون أوروبا مستعدة”، معرباً عن إحباطه من فشل جهود تشكيل حكومة جديدة في لبنان.

 

تنسيق دولي

 

ويأتي موقفه غداة اعلان الرئيس ايمانويل ماكرون منذ ايام حين قال “خلال الاسابيع المقبلة وبطريقة واضحة ومن دون ادنى شك، نحتاج الى تغيير النهج والاسلوب لانه لا يمكننا ان نترك الشعب اللبناني يتخبط منذ شهر اب الماضي في الوضع الحالي”.

 

وتابع “يجب تجنب انهيار البلد لذلك المطلوب الاسراع في تشكيل حكومة وتنفيذ الاصلاحات المرجوة.” وقد كشفت مصادر ديبلوماسية ان، وازاء اخفاق الطبقة السياسية اللبنانية في التوصل الى اي اتفاقات تخرج البلاد من مأزقها، وبعيد انقلاب المنظومة في معظمها على المبادرة الفرنسية، سيما في اعقاب مواقف الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الاخيرة التي نسفت جوهرها وافرغتها من مضمونها، بطرحه الذهاب نحو حكومة تكنو – سياسية، بعد هذه التطورات كلّها، ارتأى ماكرون الخروج من مربّع التفرج، الى مربّع التحرّك، وهو اليوم في صدد اتصالات اوروبية اولا، واقليمية ثانية، تشمل الدول الخليجية في شكل خاص، واميركية ايضا، للبحث والتنسيق في ما يمكن فعله لكسر الجمود اللبناني القاتل للناس وآمالهم واموالهم وصحّتهم ومستقبلهم.

 

مخاوف جنبلاط

 

محليا، إستقبل رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، مساء اول امس الأحد، في كليمنصو، السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا، في حضور النائب أكرم شهيب، وعرض معها التطورات السياسية في لبنان والمنطقة. وبعد ان كثر الحديث عن ترك المختارة الحريري وحيدا عقب مناداتها بالتسوية وعدم ممانعتها تكبير حجم الحكومة، أكد عضو اللقاء الديموقراطي النائب هادي ابو الحسن ان “من يتحدث عن انقلاب لوليد جنبلاط على الحريري أو غيرة هو كلام خاطئ ولا قيمة له”، لافتاً الى إن “الفكرة الأساسية المطروحة اليوم هي كيفية الخروج من الثلث المعطل وبالتالي محاولة تلاقي في نصف الطريق”.

 

امل والاختصاصيين

 

من جهته، وفي موقف لافت يعارض طرح حزب الله حكومة تكنوسياسية، جدد المكتب السياسي  لحركة امل مطالبته الاسراع بتشكيل حكومة إختصاصيين غير حزبيين وفق ما تم التوافق عليه في المبادرة الفرنسية بعيدا من منطق الأعداد والحصص المعطلة وتحوز ثقة المجلس النيابي وكتله، وتكون قادرة وبسرعة على إطلاق ورشة الاصلاح الاقتصادي والمالي والنقدي، ولديها القدرة على إعادة ثقة اللبنانيين بوطنهم، وتعزيز علاقات لبنان الخارجية ومع المؤسسات الدولية، وإدارة حوار بناء ومسؤول لإعداد حفظ الخروج من الازمة.

 

على صعيد آخر، وفي انتظار نتائج اجتماع المجلس المركزي لمصرف لبنان لاطلاق منصة تحديد سعر الدولار،عاود الاخير ارتفاعه وتجاوز عتبة الـ ١٤ الف ليرة..

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram