افتتاحية صحيفة الأخبار :
الحريري أمام فرصة الحل أو المواجهة
يعود الرئيس سعد الحريري إلى قصر بعبدا مجدداً، من دون أي آمال بإمكان إحداث خرق في جدار الأزمة الحكومية المستمرة. لا تزال الأمور على حالها. بالنسبة للحريري سبق أن قدم التشكيلة وهو ينتظر ملاحظات رئيس الجمهورية عليها. هو يبدي استعداده لمناقشة الاسماء والحقائب لكنه لن يتراجع عن رفض حصول أي طرف على الثلث المعطل. حتى الآن لا تظهر أي بوادر لحل الأزمة المستعصية، والتفاهم لا يبدو ممكناً من تدخل قوى دولية نافذة
المعيار الأساس لخروج الدخان الأبيض من قصر بعبدا اليوم هو أن يحمل الرئيس المكلف سعد الحريري إلى رئيس الجمهورية ميشال عون تصوراً حكومياً كاملاً، يتضمن توزيع الحقائب مع موافقة الأطراف السياسية عليها. دون ذلك، لا حكومة اليوم، ويعني أن الحريري "لم يقرأ كلام رئيس الجمهورية الأخير ولا كلام السيد حسن نصر الله ولا مواقف النائب السابق وليد جنبلاط"، وفق مصادر معنية بملف التأليف.
بعد يومين من دعوة نصر الله إلى تأليف حكومة تكنو ــــ سياسية، ظل الصمت حليف الرئيس المكلّف. وحتى عندما سئلت مصادر مقربة من الحريري، اكتفت بالتأكيد أنه مصرّ على تأليف حكومة من اختصاصيين غير حزبيين مدعومين من الكتل النيابية لتنفيذ الإصلاحات المطلوبة. لكن "الصمت الإعلامي" لم يكن هو نفسه في مناقشات أجراها مباشرة وبالواسطة مع الثنائي الشيعي. ومع تيقّن الحريري أن الاقتراح يعبّر عن اقتناع لدى حزب الله من دون أن يعني أي تراجع عن الاتفاق معه، صبّ عتبه على حليفه "المتردّد" وليد جنبلاط، الذي صدمه بزيارته للقصر الجمهوري، ودعوته الحريري الى التحاور مع جبران باسيل، وتراجعه عن دعم حكومة الـ 18 وزيراً. وحتى عندما شرح النائب وائل أبو فاعور للحريري خلفية الزيارة وأبعادها، مؤكداً أن جنبلاط لا ينقلب على التحالف معه، لكنه يرى الأفق مسدوداً ويخاف على السلم الأهلي ويفضّل التسوية، فإن الحريري لم يقتنع. وفسّر موقف جنبلاط بأنه "وقوع تحت الضغط". وزاد أمام من يهمّهم الأمر: "أنا أريد الحكومة، وأريد اتفاقاً مع رئيس الجمهورية، لكنني لا أريد حكومة تنفجر في جلستها الأولى، ولا أثق بجبران باسيل ولا أرى موجباً لحكومة سياسية تجعل الخارج رافضاً لأي تعاون معنا في معالجة الأزمة الاقتصادية".
إلى ذلك، لا يزال الحريري يتجنب الحديث عن التفاصيل الحكومية، وتحديداً حول توزيع الحقائب الرئيسية، ولا سيما حقيبتي العدل والداخلية. وهو يرفض أن يكون لعون أو باسيل تأثير عليهما. وهو إذ يبدي استعداده للتفاهم على أسماء وسطية، يرفض، في المقابل، أن يمنح رئيس الجمهورية، ومن خلفه باسيل، الثلث المعطل الذي يمكّنه من شلّ الحكومة في لحظة، فكيف إذا انضمّ حزب الله إليهما؟
مصادر مقرّبة من رئيس الحكومة المكلف، أشارت إلى أنه سيزور بعبدا للاستماع إلى ملاحظات رئيس الجمهورية على التشكيلة التي سبق أن سلّمها له في كانون الأول الماضي، مبدياً استعداده لمناقشة أي اسم أو حقيبة. المصادر كانت قد قللت من أهمية اللقاء ربطاً بالأجواء التي سادت خلال الأيام الماضية، والتي "تؤكد على ما سمعه الحريري من رئيس الجمهورية أنه يريد ستة وزراء من دون الطاشناق". هذا يعني بالنسبة إلى الحريري أن رئيس الجمهورية مصرّ على الحصول على الثلث الضامن في الحكومة المقبلة، وهو ما تؤكد المصادر أنه "خط أحمر" بالنسبة إلى الرئيس المكلّف.
على صدى هذه المناخات، لا يبدو التفاهم ممكناً من دون تدخلات من قوى نافذة. وليس واضحاً ما إذا كان الفرنسيون سيدعمون تفاهم "اللحظة الأخيرة" بين عون والحريري، ويعرضون ضمانتهم للحريري إزاء موقفَي الولايات المتحدة والسعودية، وإن كان الحريري نفسه يعلم أن باريس لا تمون على واشنطن ولا على الرياض. بل هو يسمع مناخات مختلفة من الجانب الأوروبي توحي بإجواء غير إيجابية تجاه لبنان إذا لم يلتزم قيام حكومة خارج نفوذ القوى الكبيرة، ولا سيما عون وحزب الله. إلا أن الرئيس المكلف يرفض، في الوقت نفسه، "المزايدات" من "صقور" يريدون منه الدخول في مواجهة انتحارية. وهو إلى الآن، يرفض فكرة الاعتذار أو الاستقالة من المجلس النيابي، لكنه كان شديد الوضوح في رسالة بعث بها إلى الرئيس حسان دياب بواسطة مستشار الأخير خضر طالب، ومفادها أنه لا يمكنه توسيع دائرة تصريف الأعمال وفق المنطق الذي يدعو إليه عون وحزب الله. وهذا ما يمهّد للاعتقاد السائد بأن الحريري أمام ساعات حاسمة، يقرر فيها إما عقد تسوية تقود إلى حل سريع أو إلى مواجهة لا يعرف أحد كيف ستكون البلاد معها.
منصّة سلامة
إلى ذلك، عاودت اللجنة الحكومية المعنيّة بملف الدعم اجتماعاتها للوصول إلى قرار حاسم في مسألة ترشيد الدعم. والأمر نفسه يتوقّع أن يناقش اليوم في اجتماع المجلس المركزي لمصرف لبنان، الذي يلتئم خارج الموعد الأسبوعي، إلى جانب مسألة المنصة التي أعلن حاكم مصرف لبنان أنه سينشئها لتنظيم عمليات الصرافة. بالرغم من أنه ينظر إلى هذه الخطوة إيجابياً، إلا أن تأخيرها لأكثر من سنة سمح بأن يدفع الناس أثماناً باهظة لمكابرة رياض سلامة وإصراره على عدم تنظيم قطاع الصيرفة.
وبحسب مصادر مقرّبة من حاكم مصرف لبنان، فإن التحضيرات لإصدار القرار المتعلق بالمنصة ستنطلق هذا الأسبوع، زاعمة أن آلية العمل في المنصة الجديدة ستعطي دولاراً لكل من لديه مبرر للحصول عليه. وهو ما يسمح عملياً لكل التجار والمستوردين بالاستعانة بالمنصة، بعدما كانت منصة الـ 3900 ليرة محصورة بمستوردي المواد المدعومة. ورغم أن المنصة الجديدة ستستقطب نسبة كبيرة من الساعين إلى شراء الدولارات، إلا أن حصرها بالنظام المصرفي وبمن له حاجة فعلية إلى الدولار سيعني حكماً استمرار السوق السوداء لتلبية الطلب الإضافي على الدولار، وإن يتوقع أن يكون محدوداً وبأسعار لا تزيد كثيراً على سعر المنصة.
*************************************************************************
افتتاحية صحيفة النهار
أي”اختراق” اليوم وسط الأفخاخ الانقلابية؟
بأقل درجات الأوهام حيال امكان تحقيق خرق جدي، وبأقصى معالم التشاؤم امام التعنت السياسي والمحاولات السافرة التي ظهرت في الأيام الأخيرة لابقاء البلاد رهينة اجندات تعبث ببقايا صمود اللبنانيين، ينعقد اليوم في قصر بعبدا اللقاء الـ18 بين رئيس الجمهورية العماد ميشال #عون ورئيس الحكومة المكلف سعد #الحريري إنفاذا للتفاهم الوحيد الذي توصلا اليه في لقائهما الأخير الخميس الماضي. ذلك ان وقائع الأيام الأربعة التي أعقبت اللقاء الـ17 بدت بمثابة تراكم إضافي للتعقيدات والمعوقات التي من شأنها قطع طريق الى محاولة التوصل الى مخرج جدي هذه المرة من ازمة تعطيل #تشكيل الحكومة اقله تحت وطأة اقتراب الانهيار الكبير الخطير الذي يتهدد البلاد في أي لحظة كما استجابة لتعاظم الضغوط الخارجية والداخلية على السلطة والقوى السياسية لاستعجال الخروج من المراوحة القاتلة. وما اثار مزيدا من المناخات المتشائمة في امكان خروج لقاء بعبدا اليوم بنتائج مختلفة وواعدة مجموعة معطيات علنية ومضمرة ساهمت في اذكاء الشكوك في ان يكون مناخا انقلابيا بكل ما تحمله الكلمة من مضمون يجري ترسيخه بقصد محاصرة الرئيس الحريري وتخييره بين التسليم باجندة الشروط المشتركة للعهد وحليفه ” حزب الله ” او إبقاء الصراع مفتوحا على الغارب ومنع تشكيل الحكومة العتيدة بما سيفتح الباب حتما امام أسوأ السيناريوات الانهيارية. وإذ تشير المعطيات المؤكدة والمتوافرة عشية اللقاء ان فريق العهد وتياره السياسي ليس في وارد التراجع عن الثلث المعطل في الحكومة أولا كما ان الرئيس عون ليس في وارد القبول بتشكيلة ال18 وزيرا التي يتمسك بها الحريري ولن يقبل باقل من تركيبة من 20 وزيرا، ناهيك عما يمكن ان يشهده اللقاء من اشتراطات جديدة لنسف التشكيلة التي قدمها الحريري. واما العوامل الأخرى فتتصل بما احدثه الخطاب الأخير للامين العام ل”حزب الله ” السيد حسن نصرالله من مناخات توتر واحتقان عكست انزلاقا فاضحا لدى الحزب نحو تفخيخ الولادة الحكومية في هذا التوقيت ووفق المعايير التي كان يتبعها الرئيس المكلف استنادا الى المبادرة الفرنسية وتاليا إعادة توظيف الازمة الحكومية في خدمة مآرب المحور الإيراني التي يرتبط به الحزب بدليل ان نصرالله اختار لحظة استعادة اللقاءات بين عون والحريري ليطلق في اليوم نفسه إنذاراته وتهديداته في كل الاتجاهات ويجنح بالبلاد نحو مزيد من الاضطرابات ومحاولة الاجهاز على المبادرة الفرنسية لمصلحة الاجندة الإقليمية التي يرتبط بها حزبه. وقد نفت أوساط بيت الوسط مساء كل الشائعات التي وزعت عن اعتزام الحريري الاعتذار وعن اتجاه لاستقالة نواب كتلته وأكدت ان ذلك كله غير صحيح وغير وارد وان الحريري سيحدد موقفه مما سيحصل بعد اللقاء.
ولعل هذا ما دفع بالبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي امس الى مناشدة الرئيسين عون والحريري “أن يخيبا أمل المراهنين على فشلهما، فيقلبا الطاولة على جميع المعرقلين، ويقيما حائطا فاصلا بين مصلحة لبنان وبين مصالح الجماعة السياسية ومصالح الدول، فكفى إقتراحات جديدة وشروطا تعجيزية غايتها العرقلة والمماطلة! “. وقال “إذا كان البعض يريد تحميل الحكومة العتيدة صراعات المنطقة ولعبة الأمم والسباق إلى رئاسة الجمهورية وتغيير النظام والسيطرة على السلطة والبلاد، فإنها ستزيد الشرخ بين الشعب والسلطة، وستؤدي إلى الفوضى، والفوضى لا ترحم أحدا بدءا بمفتعليها”.
#جنبلاط وحركة موفدين
ولا يخفى في هذا السياق ان جهات سياسية معارضة أعربت عن خشيتها من توظيف العهد زيارة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط لقصر بعبدا بعد ظهر السبت الماضي في محاولاته محاصرة الحريري وتشديد شروطه بحجة ان جنبلاط دعا الى تجاوز الخلاف على الاعداد والأرقام في التشكيلة الحكومية بما يفسر موقفا مؤثرا لمصلحته علما ان جنبلاط وجه بعد لقائه عون “نداء إلى التسوية”، معتبراً “أنّها الحلّ الإنقاذي الوحيد في هكذا ظرف “. وأفادت معلومات ان النائب وائل أبو فاعور والوزير السابق غازي العريضي زارا موفدين من جنبلاط بيت الوسط وشرحا للحريري ظروف زيارته لبعبدا وما يقصده بالتسوية لجهة التنازل المتبادل بين عون والحريري اذ قيل ان الجانب الاشتراكي ينصح بان يقدم الحريري اليوم تشكيلته ولكن مطعمة بتعديلات ملموسة لفتح باب التوافق عليها مع عون. كما تردد ان الخليلين، النائب علي حسن خليل والمعاون السياسي للامين العام لحزب الله حسين الخليل التقيا الرئيس الحريري لتخفيف أجواء التوتر التي اثارها خطاب نصرالله وتوضيح بعض الأمور.
وفي المقابل اتخذ البيان الذي أصدره الرؤساء نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام طابع الدعم الأقصى للحريري. فاذ ابدوا “أسفهم للأسلوب الذي أقدم عليه رئيس الجمهورية في مخاطبته رئيس الحكومة المكلف تشكيل الحكومة عبر بيان متلفز”، نوهوا بـ”روح المسؤولية العالية الكاظمة للغيظ التي تمتع بها الرئيس المكلف سعد الحريري والتي ابداها بترفع واتزان، إزاء المحاولات المتكررة لجره الى شجارات ونزاعات إعلامية، كان يمكن أن تطيح بآخر ما تبقى من صدقية للدولة المتهالكة” معتبرين “ان الممارسة التي يقدم عليها الرئيس عون تشير الى تعد وتشويه لروح ونص ومقاصد النصوص الدستورية التي يجب ان يلتزم بها الجميع وفي مقدمتهم فخامة الرئيس”.
#ماكرون في الخليج
وفي وقت عادت تطرح فيه بقوة التساؤلات حول مصير المبادرة الفرنسية افاد مراسل “النهار” في باريس سمير تويني ان الرئيس الفرنسي ايمانيل ماكرون سيقوم بجولة خليجية ابتداء من نهاية الاسبوع الثاني من نيسان المقبل ستشمل المملكة العربية السعودية ودولتي الامارات العربية المتحدة وقطر بعدما كانت الجولة مقررة نهاية شهر شباط الماضي وأرجئت لتفاقم الوضع الوبائي في فرنسا.
وترتدي جولة ماكرون على هذه الدول طابعا سياسيا مهما نظر للعلاقات القديمة التي تربط فرنسا بهذه البلدان. وستتمحور اللقاءات مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز ولي عهده الامير محمد بن سلمان وولي العهد الاماراتي محمد بن زايد وامير دولة قطر الامير تميم بن حمد ال ثاني حول الملفات الاقليمية ذات الاهتمام المشترك وعلى راسها الملفات المتصلة بالنووي الايراني ولبنان واليمن وقضية السلام في الشرق الاوسط. كما ستتصدر المحادثات الملفات الثنائية التي تهم البلدين والتي تنوي باريس دفعها على الصعيدين السياسي والاقتصادي.
وسيحضر الملف اللبناني بجوانبه العديدة على طاولة المباحثات اذ يرغب الرئيس ماكرون في اقناع هذه الدول بمساعدة لبنان خصوصا لدى لقائه مع الامير محمد بن سلمان نظرا للدور السعودي القديم في لبنان. وسيطالبه بعدم تخلي المملكة عن لبنان ودعم هذا البلد. وستتمحور النقاط الاساسية التي ستشكل صلب مشاوراته مع الاطراف الخليجية في شأن الملف اللبناني حول تشكيل “حكومة المهمة” والعراقيل الموضوعة امام المبادرة الفرنسية والاصلاحات الضرورية والمساعدات التي يمكن ان تقدمها هذه الدول لانقاذ لبنان لمساعدته على الخروج من محنته.
وتعتبر باريس ان جولة ماكرون الخليجية ستشكل مناسبة كي يقيم الرئيس الفرنسي مبادرته اللبنانية ويبحث في امكان تعاون الاطراف العربية الاقليمية مع النهج الجديد الذي اعلن عنه خلال مؤتمره الصحافي الخميس الماضي. فالرئيس الفرنسي اختبر المسؤولين اللبنانيين وفترة السماح انتهت وسيباشر تغيير نهج تعامله مع الطبقة السياسية، الذي لم يعد يؤمن بمسؤوليتها. وستكون مناسبة للبحث مع الاطراف الخليجية في النهج والاسلوب الجديد للتعامل مع الملف اللبناني بالتعاون والتنسيق مع الاطراف العربية لوقف عملية التعطيل المستمرة التي يمارسها الزعماء اللبنانيين. كما سيعرب الرئيس ماكرون امامهم عن مخاوف فرنسا من انفلات الوضع الامني اللبناني الذي يمكن ان يمتد لهيبه الى دول عربية اخرى ويامل من هذه الدول ان “تسمع نداءه ولا تتخلى عن لبنان وتتركه لمصيره”.
***********************************************************************
افتتاحية صحيفة نداء الوطن
ماكرون يبحث والبابا وضع لبنان: “إستخدام الطائفية لأهداف سياسية”
“مـوقعة” بعبدا اليوم: بكركي “لقلب الطاولة” على الإنقلابيين
لم يعد سراً أنّ طهران قررت إضرام النيران على مختلف الساحات الخاضعة لسطوتها، فوضعت المنطقة برمتها على صفيح ساخن بغية إنضاج “طبخة” مفاوضاتها مع إدارة جو بايدن… وفي لبنان، أتى انقلاب الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله على صيغة الحكومة الاختصاصية ليقطع الشك باليقين، ويؤكد “شبهة” العرقلة الخارجية للتأليف ضمن أجندة تصعيد إيرانية هادفة إلى شبك الملفات والساحات بـ”صاعق” واحد، تملك طهران وحدها قرار تفجيره أو تفكيكه، ربطاً بمجريات “حرب الاستنزاف” التي تخوضها مع واشنطن والغرب، عبر منصاتها العسكرية الممتدة من دمشق إلى صنعاء وصولاً إلى بيروت.
ولأنّ “رشقات الابتهاج” التي أطلقها رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل عقب إطلالة نصرالله، أكدت المؤكد بأنّ العهد العوني وتياره باتا يتعلقان بـ”قشة” المحور الإيراني لإعادة تعويم نزعتهما السلطوية، تشخص الأبصار اليوم إلى “موقعة” قصر بعبدا لرصد مفاعيل جرعة الدعم التعطيلي التي أعاد من خلالها “حزب الله”، تزخيم “جهاز الممانعة” الحكومية في عروق باسيل، مقابل محاولة البطريرك الماروني بشارة الراعي “تطعيم” اللقاء الثامن عشر بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، بـ”لقاح” السيادة الوطنية، محملاً بهذا المعنى، كلاً من عون والحريري، مسؤولية “قلب الطاولة” على الانقلابيين والمعرقلين لغايات “إقليمية” وطموحات “رئاسية”.
ففي سياق واضح لا لُبس فيه، ردّ الراعي في عظة الأحد أمس على نصرالله من دون أن يسميه، بقوله: “كفى إقتراحات جديدة وشروطاً تعجيزية غايتها العرقلة والمماطلة”، مبدياً تمسكه بوجوب تشكيل “حكومة إنقاذ تضم اختصاصيين مستقلين” في إشارة إلى رفض طرح الحكومة السياسية، لأنّ المطلوب في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ لبنان، تشكيل “حكومة مبادئ وطنية لا مساومات سياسية وترضيات” تستطيع أن تشكل جدار فصل “بين مصلحة لبنان وبين مصالح الجماعة السياسية ومصالح الدول”، مع تحذيره في المقابل من أنّ “تأليف حكومة للبنان واللبنانيين فقط لا يستغرق أكثر من أربع وعشرين ساعة، لكن إذا كان البعض يريد تحميل الحكومة العتيدة صراعات المنطقة ولعبة الأمم والسباق إلى رئاسة الجمهورية وتغيير النظام والسيطرة على السلطة والبلاد، فإنها ستزيد الشرخ بين الشعب والسلطة، وستؤدي إلى فوضى لا ترحم أحداً بدءاً بمفتعليها”.
وبانتظار ما سيخرج به لقاء بعبدا المرتقب، لم تُخفِ مصادر مواكبة للملف الحكومي تشاؤمها بقدرة اللقاء على إحداث خرق إيجابي في جدار الأزمة الحكومية، لا سيما وأنّ رئيس الجمهورية “أعد العدّة” اللازمة لتطويق الرئيس المكلف قبيل اجتماعه به، متسلحاً بكلام نصرالله معطوفاً على “تكويعة” رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط باتجاه طريق “التسوية” التي قادته نهاية الأسبوع إلى قصر بعبدا.
لكن، ورغم أنّ المستجدات هذه ساهمت في إحكام الحصار على الحريري، تؤكد المصادر أنه “لا يبدي أي نية بالتراجع عن الصيغة الاختصاصية لحكومته، وسيذهب إلى لقاء بعبدا (اليوم) على أساس استكمال النقاش مع عون من النقطة التي انتهى عندها البحث بينهما في اللقاء الأخير، من دون أي أحكام أو توقعات مسبقة، على أن يبني على الشيء مقتضاه بالاستناد إلى ما سيسمعه من رئيس الجمهورية”.
وبينما تترقب باريس والمجتمع الدولي ما سيخلص إليه لقاء بعبدا اليوم، لتحديد خريطة الطريق الفرنسية والأوروبية الجديدة تجاه الملف الحكومي اللبناني، نقلت الزميلة رندة تقي الدين من باريس مساء أمس، عن مصدر في قصر الإليزيه، أنّ الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون أجرى اتصالاً هاتفياً بالبابا فرنسيس، مهنئاً إياه على زيارته التاريخية إلى العراق، باعتبارها مثّلت “منعطفاً حقيقياً في المنطقة لناحية أهميتها وتأثيرها”، كاشفاً أنّ ماكرون والبابا “تبادلا الرأي إزاء القلق الناتج عن الأزمات التي تزعزع استقرار مناطق عدة، من الساحل في أفريقيا، وصولاً إلى التباحث في أوضاع لبنان والدول التي تستخدم الدبلوماسية الطائفية لأهداف سياسية”.
***********************************************************
افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط
مداولات عون ـ جنبلاط على طاولة محادثات الحريري في بعبدا اليوم
مصادر أكدت أنه ليس ضغطاً مضاداً في وجه المبادرة الفرنسية… ولا خلطاً للأوراق
بيروت: محمد شقير
أحدثَ لقاء رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، مع رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون، بناءً على رغبته، صدمة سياسية غير مسبوقة، ويمكن أن تحضُر المداولات التي جرت بينهما حول أزمة تأليف الحكومة على طاولة الاجتماع المقرر اليوم (الاثنين)، بين الأخير وبين الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري، في محاولة قد تكون حاسمة لإخراج ملف التأليف من التأزُّم الذي يحاصرها، إلا إذا كانت لعون حسابات أخرى معطوفة على دعوة الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله لتشكيل حكومة تكنوسياسية، مع أنها أحدثت نقزة في الوسط السياسي الذي رأى أنها تهدف للالتفاف على المبادرة الفرنسية.
فلقاء بعبدا بين عون وجنبلاط لا يمكن تصنيفه -كما تقول مصادر في «التقدمي» لـ«الشرق الأوسط»- في خانة إعادة خلط الأوراق باتجاه فتح صفحة جديدة بين بعبدا والمختارة على حساب تحالف جنبلاط مع الحريري واستمرار التشاور معه.
وقالت المصادر في «التقدمي» إن جنبلاط لبّى دعوة عون للقائه في بعبدا من موقع الاختلاف في وجهات النظر بينهما حول تشكيل الحكومة، وهذا ما تبلغه الحريري من موفد جنبلاط النائب وائل أبو فاعور الذي التقى ومعه الوزير السابق غازي العريضي، رئيس المجلس النيابي نبيه بري، لوضعه في أجواء اللقاء الذي فوجئ به كالآخرين.
ولفتت المصادر نفسها إلى أن جنبلاط حمل معه إلى بعبدا وجهة نظره متفهماً موقف الحريري. وقالت إنه مع تسهيل مهمة الرئيس المكلف داعياً عون للتفاهم معه. وأكدت أنه شدد على تفاهم الرئيسين لتجاوز العقبات، لأن الجوع يدقّ أبواب اللبنانيين ويُتخوّف من انفجار أمني واجتماعي. ونفت أن يكون جنبلاط في عداد مَن ينظّم ضغطاً مضاداً في وجه الضغط الفرنسي.
وفي المقابل، تقول مصادر في تيار «المستقبل» إن الحريري وإن كان فوجئ بلقاء بعبدا، فإن التيار يتفهم مخاوف جنبلاط لأنها جامعة للبنانيين الذين يحق لهم المطالبة بإخراج البلد من النفق المظلم الذي هو فيه. وبالتالي فهي لا تنظر إلى اللقاء بأن جنبلاط يحضّر للانقلاب على المبادرة الفرنسية أو تطويق الحريري الذي يعود له القرار النهائي في عملية تأليف الحكومة. وتؤكد أن لا مجال للدخول في سجال مع جنبلاط. وتقول إن «المستقبل» قرر الإحجام عن الرد أو التعليق حرصاً منه على علاقته بـ«التقدّمي» ولن يوفّر ذريعة لمن يحاول الإيقاع بينهما.
وفي هذا السياق، تقول مصادر سياسية مواكبة إن جنبلاط جدّد بعد لقائه عون تمسّكه بالمبادرة الفرنسية، وهو أراد أن يوجّه من بعبدا رسالة إلى باريس عنوانها أنه لن يفرّط فيها، وأنه يضغط لوضعها موضع التنفيذ، وبالتالي فهو يعلّق أهمية على توافق عون – الحريري ولا يمانع في زيادة عدد أعضاء الحكومة شرط التقيُّد بالإطار العام للمبادرة، وتؤكد أن جنبلاط يُبدي قلقه الشديد حيال تعثّر تشكيل الحكومة، وأن همّه الحفاظ على البيت الدرزي وعدم تعريضه للأخطار الأمنية، وهذا ما يعكس تشدّده ضد قطع الطرقات سواء على طريق الساحل المؤدي إلى الجنوب أو الآخر الذي يربط بيروت بالبقاع عبر الطريق الدولية.
وتؤكد المصادر أن بري لا يزال على موقفه الداعم للحريري، وأن بعض ما طرحه نصر الله لا يشبهه سياسياً، لكنه يحرص على عدم تعريض البيت الشيعي لأي اهتزاز يمس بالوضع الأمني، وترى أن لدى «حزب الله» مشروعه السياسي بخلاف «التقدّمي» الذي يبقى مشروعه الوحيد محصوراً في عدم جرّ البلد إلى المجهول والاستجابة لمطالب اللبنانيين من معيشية واجتماعية.
وترى أن عون ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، وحدهما مَن يقفان إلى جانب نصر الله لأنه بطروحاته يتيح لرئيس الظل، أي باسيل، الخروج من الحصار السياسي بعد أن أقحم نفسه و«العهد القوي» في اشتباكات لم توفّر أحداً من الذين اختلف معهم، وتؤكد أن لدى نصر الله مشروعاً سياسياً يتجاوز الساحة اللبنانية، خصوصاً أنه يربط الحل الداخلي بالصراع الدائر في المنطقة.
وبكلام آخر، لا ترى المصادر من مبرّر لنصر الله للتقدّم بصيغ مركّبة للخروج من أزمة تأليف الحكومة، وتسأل: لماذا رهن موافقته على تشكيل حكومة مهمة من اختصاصيين ومن 18 وزيراً ولا ثلث ضامناً لأي طرف بتوافق عون والحريري؟
وتقول إنه نعى سلفاً موافقته على تشكيل حكومة مهمة قبل أن تولد، وهو يسعى لتعديلها بزيادة عددها وبتطعيمها بوزراء سياسيين مراعاةً منه لعون وباسيل اللذين يتصرفان كأن «حزب الله» وضع نفسه في خدمتهما، فيما هو يتلطى بهما لتأخير تشكيل الحكومة لدواعٍ إقليمية وتحديداً إيرانية.
وتكشف المصادر أن طهران بدأت تتعاطى مع الملف اللبناني على أنه بات ورقة متقدّمة إقليمياً على أوراقها الأخرى، خصوصاً في العراق وسوريا، وهذا ما يدفعها إلى التشدُّد بغية الاحتفاظ بها ما دامت مفاوضاتها مع واشنطن ما زالت تتعثّر، ويتحكّم بمصيرها حالياً تبادل الرسائل الدبلوماسية الساخنة التي تشارك فيها أوروبا.
لذلك، فإن «حزب الله» وحده من يتعاطى مع الملف الحكومي من زاوية إقليمية وبحسابات إيرانية لا لبس فيها، وهذا ما يفتح الباب أمام السؤال عمّا إذا كان لقاء بعبدا اليوم سيكون على غرار سوابقه، أم أنه يمهد الطريق لتشكيل الحكومة، وإن كانت حظوظ تشكيلها ما زالت متدنّية إلا إذا حضر الضغط الأوروبي غير المسبوق على طاولة اللقاء الثامن عشر بين الرئيسين، خصوصاً أن الحريري باقٍ على موقفه ولن يتراجع، وأي رهان على تبدُّل موقفه في غير محله.
************************************************************************
افتتاحية صحيفة الجمهورية
لقاء بعبدا: تأليف وشيك أم تمديد.. والراعي للمجتمع الدولي: إفصلوا بين السياسيين والشعب
إتجاهان طبعا الساعات الأخيرة في الموضوع الحكومي: الإتجاه الأول سلبي تأسيساً على الأشهر الأخيرة التي اصطدمت فيها كل مساعي ووساطات التأليف بجدار التعطيل، من دون ان تُعرف الأسباب الحقيقية التي تحول دون تأليف الحكومة، لأنّه لا يُعقل ان تكون العقدة حقيبة وزارية من هنا او اسم وزير من هناك، في الوقت الذي ينزلق البلد من السيئ نحو الأسوأ، وسط مخاوف من انفجار اجتماعي بسبب الأوضاع المعيشية. فلا يكاد يمر يوم واحد من دون انتحار او صدامات بين المواطنين في المحال التجارية، ناهيك عن الخشية من العتمة الشاملة. وكل ذلك في ظلّ تحذيرات دولية من مصير قاتم وأسود في حال لم تحسم القوى السياسية أمرها وتذهب إلى تشكيل فوري للحكومة. والاتجاه الثاني، يطغى عليه المنحى الإيجابي، إثر اللقاء الأخير بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري، والذي يُنتظر ان يُتابع اليوم، والجديد الذي طرأ على هذا المستوى تمثّل في لقاء رئيس «الحزب التقدّمي الاشتراكي» وليد جنبلاط مع عون، ودعوته إلى ضرورة الذهاب إلى تسوية، بمعزل عن كل التفاصيل المتعلقة بشكل الحكومة والتفاصيل الخلافية التي ما زالت عالقة وتستدعي ان يُصار إلى تجاوزها سريعاً، لأنّ الأوضاع لم تعد تحتمل، ومعلوم انّ جنبلاط لطالما شكّل البوصلة في تحرّكه، خصوصاً وأنّه المعروف بعلاقاته الوثيقة مع السفراء، وتأكيده انّ التسوية يجب ان تكون محلية، لأنّ العالم منشغل بمشكلاته ولن يتجاوز حرص هذا العالم على لبنان تحذير المسؤولين فيه من عدم تحمّل مسؤولياتهم.
وقد أظهرت كل التطورات منذ تكليف الحريري منذ ما يقارب الخمسة أشهر، انّه يستحيل الخروج من مأزق الفراغ الحكومي من دون الوصول إلى تسوية سياسية، وخلاف ذلك سيكون لبنان أمام أوضاع كارثية، لأنّ البلد لم يعد يتحمّل الفراغ، وأصبح في حاجة ماسّة الى تأليف حكومة تفرمل الانهيار وتعيد الثقة المحلية والخارجية، وتنطلق في ورشة إصلاحات، تفسح في المجال أمام السيطرة على الوضع المالي وإعادة الاستقرار.
ولا شك في انّ مجرد صدور مراسيم التأليف يولِّد مناخات إيجابية ويُدخل لبنان في مرحلة سياسية جديدة، تُمنح فيها الحكومة فرصة سماح من القوى السياسية والناس التواقة إلى استعادة نمط عيشها وتبديد مخاوفها. وكل المؤشرات تدلّ الى انّ التسوية التي تحدث عنها جنبلاط اقتربت كثيراً، لأنّ خلاف ذلك يعني الانهيار والفوضى.
وقد جاءت مواقف البطريرك الماروني بشارة الراعي في عظة الاحد أمس، لتعطي قوة دفع لعون والحريري، واضعاً الأمل على لقائهما اليوم لتأليف حكومة اختصاصيين بعيداً من الشروط التعجيزية، وتعمل على مواجهة الوضع المالي والنقدي والمعيشي.
فهل سيكون اللقاء الرقم 18 الذي سيجمع عون والحريري اليوم هو الأخير بينهما فتولد مراسيم التأليف اليوم؟ وهل دخل تأليف الحكومة في الفصل الأخير، وأنّ لبنان سيكون أمام حكومة قبل نهاية هذا الشهر، في حال لم يكن اجتماع اليوم حاسماً؟ وهل يتجّه لبنان إلى الانفراج أم الانفجار؟
وتدل كل المؤشرات، الى أنّ أحداً لا يريد الانفجار، وكل القوى السياسية وعواصم القرار تريد ان تؤلّف الحكومة، ليحافظ لبنان على استقراره، وتتمكن هذه الدول من مواكبة المرحلة الانتقالية التي دخلتها المنطقة مع الإدارة الأميركية الجديدة.
لقاء بعبدا
ويُنتظر ان تتركّز الأنظار اليوم على اللقاء المقرّر بين عون والحريري، ترقباً لما سيسفر عنه حول الاستحقاق الحكومي، أينتهي بإصدار مراسيم تأليف الحكومة أم يعطي مهلة لمزيد من المشاورات بين الأفرقاء المعنيين، في ظل اجواء توحي أنّ الدرك الخطير الذي وصلت اليه البلاد بات يفرض استعجالاً لتأليف الحكومة. وعلمت «الجمهورية»، انّ زيارة الحريري لقصر بعبدا ستتمّ بعد الظهر، حيث يُنتظر استكمال الاتصالات في فترة قبل الظهر لمحاولة تدوير الزوايا الحكومية الحادة، وسط ميل الى التشاؤم لدى بعض المواكبين لمشاورات الكواليس. وضمن سياق متصل، شدّدت مصادر واسعة الاطلاع، على انّ قصر بعبدا يأمل في أن يأتي الحريري الى اللقاء مع عون متسلحاً بالواقعية والمرونة، لافتة إلى انّ عون ينتظر ما سيحمله معه الحريري حتى يُبنى على الشيء مقتضاه.
واعتبرت المصادر، انّ لقاء اليوم «ليس بالضرورة اجتماع الفرصة الأخيرة، لكنه سيكون مؤشراً إلى المنحى الذي ستأخذه الأمور في الأيام المقبلة».
وعشية هذا اللقاء، لم تجمع مصادر المعنيين بالتأليف سوى على استبعاد ولادة الحكومة اليوم، وعلى انّ الأزمة الحكومية القائمة مستمرة، وان اختلفت مظاهر الإشتباك، نتيجة المواقف التي أعادت خلط الاوراق مجدّداً على اكثر من مستوى، في ظلّ توسّع دائرة الخلاف بين اركان السلطة.
وفي هذه الاجواء اكّدت مصادر واسعة الاطلاع لـ «الجمهورية»، انّ زيارة جنبلاط لعون كانت نتيجة وساطة قام بها النائب فريد البستاني، الذي نقل الى رئيس الجمهورية قبل ايام اجواء ايجابية عن لقاء جمعه بجنبلاط، فتلقف رئيس الجمهورية الجو وحمّله دعوة رسمية لزيارة قصر بعبدا، فكانت اتصالات انتهت الى تحديد الموعد امس الاول السبت.
تطويق «بيت الوسط»
ولم تشهد عطلة نهاية الاسبوع في قصر بعبدا سوى لقاءات محدودة لتقويم النتائج التي قادت اليها تطورات الساعات القليلة الماضية، حيث تمّ التوصل الى إقتناع بأنّ الامور باتت تتوقف على الجواب الذي سيحمله الحريري اليوم الى رئيس الجمهورية، رداً على اسئلة طرحها عليه في لقائهما الخميس الماضي.
وقالت مصادر مطلعة لـ «الجمهورية»، انّ الحريري «بات مطوقاً من اكثر من جهة، بعدما بات مطلوباً منه ان يسمّي وزيري «حزب الله» بموافقة الحزب، كما طالبه رئيس الجمهورية في لقاء الخميس الماضي، لانّه يريد منه ان يقدّم له اليوم تشكيلة كاملة، تجمع طريقة توزيع الحقائب واسماء الوزراء من مختلف الطوائف، بما فيها الموافقات المناسبة التي تسمح بإصدار مراسيم تشكيل الحكومة.
وإلى العقدة المتمثلة بإصرار رئيس الجمهورية على الإحتفاظ بالثلث المعطل على قاعدة (5 +1+1) ونيله حقيبة وزارة العدل وتسمية وزير الداخلية، لفتت المصادر المطلعة نفسها، الى انّ امام الحريري عقبة جديدة تتمثل بخسارته بعد ظهر السبت الماضي حليفاً اساسياً هو جنبلاط، الذي «سحب نفسه» من المواجهة التي كانت قائمة «إن كان له اي دور فيها»، وأبلغ الى رئيس الجمهورية ببساطة، أنّه يشجع على التسوية التي تنهي النقاش حول كون الحكومة من 18 وزيراً او 20 او 22 وربما 24 وزيراً، وان كان هو سبباً في هذه المواجهة، فهو يعلن انسحابه منها، لأنّ البلاد باتت لا تتحمّل مثل هذا النقاش.
ولفت جنبلاط في لقائه مع رئيس الجمهورية، الى أنّ أمن البلد بات على المحك، والأزمة الاقتصادية والنقدية لم تعد تحتمل مثل هذه التجاذبات، وانّ الجوع دخل الى البيوت ولم يعد ممكناً الصمود في مثل هذه الظروف الصعبة. لافتاً الى حجم الإهمال الدولي الغربي والعربي لملف لبنان، فلكل دولة أولويات اخرى، وما عليها سوى التعبير عن خوفها على مستقبل لبنان واللبنانيين.
الحريري: هم من يعيشون العزلة
وفي «بيت الوسط»، خيّمت اجواء نقيضة لتلك السائدة في قصر بعبدا. وقالت مصادره لـ»الجمهورية»: «انّ الحديث عن العزلة التي يعيشها ليس دقيقاً، لكن الآخرين هم من يعيشون العزلة. وانّ من يتمنّى تنازلات مطلوبة من الحريري ومشروع اعتذار يعدّ له كما تسرّب عبر بعض المواقع الالكترونية وتعليقات مسؤولين من احزاب مختلفة، هو مجرد هذيان سياسي، ينمّ عن رغبات البعض وتمنياته، ولكنه لا يقارب الحقيقة بشيء».
واضافت هذه المصادر: «انّ حديث بعض الاوساط عن تطويق الحريري ليس في محله، فهو متسلّح بالتكليف النيابي وماضٍ في المهمّة ومواقفه ثابتة لا تتغيّر بين ليلة وضحاها، وانّه حان أوان أن يكشف الآخرون عن مواقفهم».
وسألت المصادر بصوت عال: «أليس من الضروري ان كانوا على مواقفهم الاخيرة ثابتين، ان يعلنوا صراحة انتهاء المبادرة الفرنسية ودفنها؟ وأليس من المصلحة الاعتراف انّهم يقودون البلاد الى مزيد من الحصار المالي والإقتصادي والنقدي والسياسي بعد الديبلوماسي؟ أليس ضرورياً الإعتراف انّهم يقودون البلاد الى حيث لا يريد اي لبناني ان تصل؟». وعن مصير لقاء اليوم قالت المصادر لـ «الجمهورية»، انّ «الحريري سيزور بعبدا إن لم يلغ عون الموعد».
الخليلان في «بيت الوسط»
على صعيد آخر، اكّدت مصادر معنية بالتأليف الحكومي لـ «الجمهورية»، انّ ممثلي الثنائي الشيعي النائب علي حسن خليل والحاج حسين الخليل زارا الحريري بعيد الخطاب الاخير للامين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله، في سعي لتفسير ما تضمنه حول حكومة الإختصاصيين والحكومة التكنوسياسية. وقالت هذه المصادر، إنّ الحريري لم يتقبّل التفسيرات التي قدّمها له الخليلان، ولفت الى مخاطر كل ما يثير الفتنة ويزيد من نسبة الاحتقان الشعبي، في ضوء ما بلغته الأزمة النقدية والاقتصادية، متسائلاً عن المدى الذي يمكن ان يتحمّله البلد. ولم يبدِ اي تراجع عن نظرته الى الحكومة في شكلها ومضمونها.
موفدان لجنبلاط
وإلى ذلك، التقى الحريري بعيداً من الاضواء كلا من النائب وائل ابو فاعور والنائب السابق غازي العريضي موفدين من جنبلاط، في زيارة وصفت بـ «انّها وكأنّها لم تكن». وقالت المصادر، انّ ابو فاعور والعريضي حاولا تفسير خطوة جنبلاط، لكنهما لم يلقيا تفهماً حريرياً لكل ما جرى سوى انّه «انقلاب بكل المواصفات».
الراعي
وفي المواقف السياسية، قال البطريرك الراعي خلال قداس الاحد في بكركي، إنّ «تأليف حكومة للبنان فقط، وللبنانيين فقط، لا يستغرق أكثر من أربع وعشرين ساعة. لكن إذا كان البعض يريد تحميل الحكومة العتيدة نزاعات المنطقة ولعبة الأمم والسباق إلى رئاسة الجمهورية وتغيير النظام والسيطرة على السلطة والبلاد، فإنّها ستزيد الشرخ بين الشعب والسلطة، وستؤدي إلى الفوضى، والفوضى لا ترحم أحداً بدءاً بمفتعليها». وأمل في «أن يسفر اللقاء الإثنين (اليوم) بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف عن نتيجة إيجابية، فيؤلفان بعد طول إنتظار، وشمولية إنهيار، حكومة إنقاذ تضمّ اختصاصيين مستقلين ووطنيين، حكومة مواجهة الوضع المالي والنقدي والمعيشي، تجري الإصلاحات». وأكّد «إننا ننتظرها حكومة مبادئ وطنية لا مساومات سياسية وترضيات على حساب الفعالية. ونأمل من الرئيسين أيضاً أن يخيّبا أمل المراهنين على فشلهما، فيقلبا الطاولة على جميع المعرقلين، ويقيما حائطاً فاصلاً بين مصلحة لبنان وبين مصالح الجماعة السياسية ومصالح الدول. كفى إقتراحات جديدة وشروطاً تعجيزية غايتها العرقلة والمماطلة!». ودعا الدول العربية والغربية الصديقة، الى مساعدة الشعب اللبناني مادياً وإنسانياً، لأنّه «ضحية الطبقة السياسية الحاكمة». وتوجّه اليها قائلاً: «ليس الشعب اللبناني خصمكم، بل صديقكم. لقد قدّم لبنان الكثير للعربِ وللعالم، فلا يجوز أنْ تجافوه وتقاطعوه وتقاصوه وتربطوا مساعدة الشعب ـ وأقول الشعب تحديداً ـ بمصيرِ الحكومةِ أو الرئاسةِ أو السلاحِ غير الشرعي أو أيِ قضيةٍ أخرى. أفْصلوا السياسة عن الإنسانية. إنّ الإنكفاء السياسي لا يبرِّر الإحجام عن تقديمِ المساعداتِ الضرورية للناس مباشرة. ماذا يستفيد أصدقاء لبنان، كل أصدقاءِ لبنان، وماذا يستفيد العرب، كل العرب، وبخاصةٍ عرب الاعتدال والانفتاح، وعرب حوارِ الأديان والحضارات من سقوط لبنان؟».
عودة
ومن جهته، متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده، قال في عظته أمس، في كاتدرائية القديس جاورجيوس في بيروت: «نحزن لأنّ وطننا ييبس ويذبل. أرزة الشرق نخرتها سوسة الفساد فبدأت تهوي. الأمل ضئيل، لكنه موجود. نأسف لما نراه ونسمعه عن تصرفات مسؤولينا، الذين يغامرون بحياة شعب أمّنهم على إدارته والسير به نحو الأفق المُشرق، لكنهم أحدروه نحو الظلمة وظلال الموت».
وأعرب عن خشيته من «أن ننتهي بارتطام مميت، إلّا إذا صحت الضمائر وتمّ تأليف حكومة تتولّى زمام الأمور. وهنا نؤكّد لمن يعنيهم الأمر أنّ المواطن غير مهتم بعدد الوزراء، وبالثلث المعطّل، وبحصص الزعماء. المواطن لا يريد إلّا العيش بكرامة وسلام في وطن حرّ سيّد مستقل، تسوده العدالة ويحكمه القانون. لذا نسأل المعنيين بتأليف الحكومة عدم فض اجتماعهم يوم الإثنين (اليوم) قبل الوصول إلى حل».
وقال: «ننتظر في عيد البشارة بشارتين: الأولى بشارة بمجيء المخلّص من مريم العذراء، والثانية بشارة بخلاص لبنان واللبنانيين من كل الأزمات والصعوبات، من خلال ولادة حكومة تقود الشعب بحكمة نحو برّ الأمان. الحاجة ملحّة إلى حكومة حكماء، أناس يعرفون ماذا يفعلون وليسوا أجراء لدى أحد». وأضاف: «لنتخلّ إذاً عن كل ارتباط خارجي وكل تطلّع إلى ما وراء الحدود».
قبلان
واعتبر المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان في بيان له امس، أنّ «سفينة البلد تغرق، والإثنين الحاسم ( اليوم) بين تسوية أو حرق المراكب، والمطلوب تسوية وطنية تراعي التوازن واللهيب الداخلي بشدة دون غموض». وقال: «لتكن حكومة إنقاذ أو حكومة تنظيم خلافات تحت سقف الضرورة الوطنية، لأنّ ما ينتظر اللبنانيين أزمة جهنمية إن لم تخرج القوى المعنية بحكومة إنقاذ عاجلة».
مصير الليرة
على المستوى المالي والاقتصادي، يُفترض ان يتبلور هذا الاسبوع مشروع المنصّة المركزية، التي أعلن عنها مصرف لبنان، لقوننة ما يُعرف بالسوق السوداء، والتي ستسمح للصيارفة وللمصارف بالتداول في بيع الدولار والليرة وشرائهما، في محاولة للجم الارتفاع الصاروخي لسعر صرف الدولار مقابل الليرة. فهل تنجح المحاولة؟
مصدر مالي رفيع قال لـ»الجمهورية»، انّ مشروع المنصّة لا يُعتبر حلاً لأزمة انهيار الليرة، لكنه إجراء يستهدف إضفاء الشفافية على السوق السوداء، وتنظيم التداول، وتخفيف هامش الارتفاعات والانخفاضات الحادة في سعر صرف الليرة، كما جرى أخيراً عندما قفز الدولار في غضون أيام من 10 آلاف ليرة الى نحو 15 الف ليرة.
وكشف المصدر نفسه، انّ مصرف لبنان ينوي التدخّل في هذه السوق من خلال امتصاص السيولة، وانّ هذا الامر لن يحصل عن طريق ضخ الدولارات في السوق، بمقدار ما سيعتمد على مبدأ وقف اي طباعة جديدة لليرة. وهذا الامر يُحتّم خفض حجم سحب الودائع الدولارية من المصارف من قِبل المودعين بالليرة على سعر المنصة، كما يجري حالياً. وليس مستبعداً، وفقاً لما كشفه المصدر المالي، ان يعمد مصرف لبنان الى التشدّد اكثر في تأمين سيولة بالليرة للمصارف، لدفعها الى خفض اضافي في سقوف السحوبات. كما انّ ذلك يعني انّ سعر المنصّة لسحب الودائع سيبقى على 3900 ليرة للدولار، ولن يعمد المجلس المركزي لمصرف لبنان الى رفعه بعد انتهاء مفعول التعميم 151 في نهاية آذار الجاري. لكن مثل هذه الإجراءات، وان ساهمت في تبطيء اندفاعة الدولار الصعودية، إلّا أنّها ستشكّل ضغوطاً اضافية على المواطنين، الذين يعتمدون على السحوبات من ودائعهم لتأمين معيشتهم وحاجياتهم.
كورونا
صحياً، أعلنت وزارة الصحة العامّة في تقريرها اليومي أمس، حول مستجدات فيروس كورونا، تسجيل 2968 إصابة جديدة بكورونا (2943 محلية و25 وفاة) ليصبح العدد الإجمالي للإصابات 4395432 اصابة. كذلك تمّ تسجيل 42 حالة وفاة جديدة، وبذلك يصبح العدد الإجمالي للوفيات5757 حالة.
************************************************************************
افتتاحية صحيفة اللواء
الحريري إلى اللقاء 18: هل تخلت بعبدا وحلفاؤها عن المبادرة الفرنسية؟
رؤساء الحكومات يتهمون عون بالتعدي على النص الدستوري.. وتوجه خطير للإتحاد الأوروبي اليوم
الرئيس المكلف سعد الحريري في بعبدا اليوم للقاء الرئيس ميشال عون في لقاء يحمل الرقم 18، وسط شبه إجماع على أن المراوحة ستكون خلاصة ما يحمله الحريري وما ينتظره عون، وسط تحذير دولي، من انزلاق الوضع إلى الخطر الشديد، في ضوء مناقشات مجلس الأمن يوم الجمعة الماضي حول القرار 1701، وما يمكن أن يصدر اليوم عن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، بعد إدراج التأزم اللبناني على جدول الأعمال، لجهة حث اللبنانيين على تأليف الحكومة، وفقاً للمطالبات الدولية، أو تحميل المعرقلين بالاسم المسؤولية، في ظل استياء فرنسي لا يخفى من المماطلة والعرقلة لمبادرة الرئيس إيمانويل ماكرون.
وتوقعت مصادر متابعة لعملية تشكيل الحكومة مراوحة أزمة التشكيل في مكانها، برغم المواقف والحملات التي تشن من هنا وهناك والتلطي وراء مطالب وشروط مستحدثة، تزيد من حدة الأزمة القائمة بدلاً من تليين المواقف والتخلي عن المطالب التعجيزية المطروحة.
واستبعدت المصادر حدوث أي تقدم إيجابي ملموس في اللقاء بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري اليوم في ظل الأجواء السياسية الملبدة ومطالبة البعض بتشكيل حكومة مختلطة من سياسيين واختصاصيين خلافاً لمرتكزات المبادرة الفرنسية، وقالت: برغم كل محاولات التهويل، فإن الرئيس المكلف لا يزال متمسكاً بتشكيل «حكومة مهمّة» من الاختصاصيين وخالية من الحزبيين استناداً إلى المبادرة الفرنسية، لأن أي حكومة مستنسخة عن الحكومات السابقة شكلاً ومضموناً ومغايرة لمضمون المبادرة الفرنسية، ستكون شبيهة بحكومة حسان دياب المستقيلة ولن تقنع أحداً أو تستطيع القيام بالمهمات المنوطة بها داخلياً، ولن تحوز على تأييد فرنسا والمجتمع الدولي، وسيكون مصيرها الفشل. ولذلك يستبعد أن ينجر الرئيس المكلف لما يخالف المبادرة الفرنسية ويصر على تشكيل حكومة المهمة التي على أساسها تمت تسميته من الأغلبية النيابية، وهو لن يتراجع عن تشكيل حكومة المهمة المطلوبة، مدعوماً بتأييد شعبي بالداخل ودول عربية وإقليمية ودولية.
واعتبرت المصادر أن من يريد تجاوز المبادرة الفرنسية والانقلاب على مضمونها، عليه أن يجاهر بمواقفه علناً ولا يتلطى بمطلب من هنا أو هناك ولا يريد أن يُجاهر بذلك علناً.
وفي السياق، لفتت مصادر سياسية مطلعة إلى أن اللقاء بين الرئيسين عون والحريري لا يزال قائماً اليوم، وأن المعطى الجديد في الملف الحكومي هو موقف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط الذي حرّر عقدة الـ١٨ والتمثيل الدرزي حين قال أن لا مشكلة في أي صيغة، وأن المهم هو الوصول إلى تسوية.
وأوضحت أن رئيس الجمهورية طلب من رئيس الحكومة المكلف الإتيان بلائحة كاملة من الحقائب والأسماء لأنه في اللقاء الأخير بينهما سأله الرئيس عون عن أسماء ممثلي «حزب الله»، وأجاب الحريري أنه لم يسألهم. وقال عون إنه لا يمكن أن يُصار إلى تعيين وزراء من دون السؤال ما إذا كانوا يحظون بموافقتهم، وبالتالي فإن موقف جنبلاط هو تطوّر جديد، وموضوع اللائحة الكاملة المتكاملة التي طلبها رئيس الجمهورية بالأسماء والحقائب. كذلك توقفت المصادر عند الضغط الخارجي حيال الإسراع في تأليف الحكومة.
ولفتت إلى أنه ليس معروفاً ما سيكون رد الحريري حول فكرة الـ١٨ وزيراً، مذكرة أن رئيس الجمهورية يفضل أن تكون عشرينية، وتبقى مسألة حقيبتي الداخلية والعدل اللتين لا تزالان عالقتين، ويفترض أن تكون هناك أجوبة حولهما.
ورأت أنه إذا كان الجو إيجابياً والأجوبة إيجابية يمكن القول عندها إن الملف انطلق، أما إذا بقي الحريري على موقفه فسيظل يراوح مكانه. وأكدت أن الكرة في ملعب رئيس الحكومة المكلف في الأجوبة التي يقدمها لرئيس الجمهورية.
وفي سياق متصل، اعتبرت المصادر أن جنبلاط سهّل الملف الحكومي، وأبدى كل تجاوب مع تفضيله التسوية، لكن المصادر استدركت أن المهم أن تكون عناصر التسوية قائمة.
عشية أسبوع الاستحقاقات: في مواجهة جائحة كورونا، بعد دخول البلاد المرحلة الرابعة والأخيرة من تخفيف إجراءات التعبئة العامة، بدءاً من اليوم، مع إعادة فتح المطاعم والمقاهي، وفي مواجهة أزمة تأليف الحكومة، في ضوء متغيرين اثنين: إعلان النائب السابق وليد جنبلاط إسقاط مطالبه بالاقتصار على أن يكون التمثيل الدرزي حصراً بكتلته، والدعوة الى عقد لقاء بين الرئيس المكلف سعد الحريري ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، والجنوح نحو بعبدا، إرساء للتسوية، أو «التموضع» خارج خيارات الرئيس المكلف، قابله المتغير الثاني، المتعلق ببيان رؤساء الحكومات السابقين: نجيب ميقاتي، فؤاد السنيورة وتمام سلام، والذي انتقد بوضوح «البيان المتلفز» لرئيس الجمهورية، الخارج عن أصول «التواصل الطبيعي» مع الرئيس المكلف، مطالباً بفك الحظر على تأليف الحكومة العتيدة من خلال العودة «الى التقيد بالقواعد والمرتكزات التي نادى وطالب بها اللبنانيون، ولا سيما الشباب منذ انتفاضة السابع عشر من تشرين الأول 2019، وكذلك عبر التفجير المريب للمرفأ، والتي صاغ معالمها الرئيس ماكرون في مبادرته الداعية لتأليف حكومة إنقاذ ذات مهمة محددة من اختصاصيين مستقلين غير حزبيين من اجل وقف الانهيارات التي تعصف بلبنان».
وإذ نوّه رؤساء الحكومات، وفي هذا جرعة دعم كبيرة للرئيس المكلف «بروح المسؤولية العالية التي يتمتع بها»، وامتناعه عن الانجرار الى شجارات ونزاعات إعلامية، اعتبر الرؤساء أن ممارسة رئيس الجمهورية تشير الى تعدٍّ وتشويه لروح ونص ومقاصد النصوص الدستورية التي يجب أن يلتزم بها الجميع وفي مقدمتهم فخامة الرئيس. ومن هنا أيضاً تمسك الرئيس المكلف بالأسس الدستورية السليمة في تشكيل الحكومة ورفض القبول بأي تجاوز او افتراء أو تعدٍّ.
وفي قراءة مغايرة لقراءة بعبدا للفقرة 4 من المادة 53، التي تتحدث عن صلاحيات رئيس الجمهورية، ذكّر رؤساء الحكومات بأن في النص: «يصدر بالاتفاق مع رئيس مجلس الوزراء مرسوم تشكيل الحكومة»، ولم تنص على عبارة تشكيل بل إصدار. فمهمة التشكيل انيطت حسب الفقرة الثانية من المادة 64 برئيس الحكومة المكلف استناداً إلى الثقة التي منحته إياها الأكثرية النيابية بناء على الاستشارات النيابية الملزمة التي أجراها رئيس الجمهورية بناء على الماد 53 من جهة أولى، ومن جهة ثانية على مسؤولية الحكومة أمام مجلس النواب، هذا خصوصاً أن الحكومة التي تتشكل، عليها أن تتقدم من مجلس النواب ببرنامج عملها عبر بيانها الوزاري لكي تنال على أساسه الثقة. فرئيس الحكومة هو المسؤول أمام مجلس النواب الذي يمنحه وحكومته الثقة أو يحجبها عنه، ومجلس النواب هو الذي يحاسب الحكومة ورئيسها، فإذا سقطت سقطا معاً.
وفي السياق، الذي يقضي بتشكيل «حكومة ثقة» تعبر بالبلد من «الانهيار إلى بداية الاستقرار» انتقد رؤساء الحكومات ما اسموه «التهويل والترهيب ومحاولات السيطرة والتحكم من اي طرف كان، وبعيداً عن محاولات الالتفاف على الدستور او تعديله، ولا سيما في ظروف كالتي يمر بها لبنان في الوقت الحاضر، والتي تستدعي التفتيش عن دوائنا وليس التسبب بداء إضافي.
وتعتقد مصادر متابعة أن هذه الفقرة تتضمن انتقاداً ضمنياً، ورفضاً لما أعلنه الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في مواقفه الأخيرة الخميس الماضي.
وعشية لقاء الـ18 الاثنين، استقبل الرئيس الحريري في بيت الوسط، كلاً من المعاون السياسي للرئيس نبيه بري النائب علي حسن خليل والمعاون السياسي للسيد حسن نصر الله الحاج حسين الخليل، وجرى البحث في موضوع الحكومة، من زاوية تكنو-سياسية.
وكذلك التقى النائبين وائل ابو فاعور والنائب السابق غازي العريضي موفدين من النائب جنبلاط لإطلاعه على ما دار في اجتماع بعبدا، كما زار أبو فاعور والعريضي عين التينة.
فهمي وتفعيل الحكومة
وقال وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال العميد محمد فهمي، أن الوضع الأمني قد تلاشى، وما قلته جرس انذار، والأمن لصيق بالسياسة، مشدداً على انكشاف لبنان من الناحية الأمنية، وأن نسبة القتل زادت 50% من أجل 50 ألف ليرة لبنانية.
ورأى أن الانقاذ يكون بتشكيل حكومة، معتبراً ان تفلت الشارع، هو الخطر. ورفض قطع الطرقات لأنها لا تساعد القاطعين ولا المواطنين. ورفض أن يكون السيد حسن نصر الله قد هدد القوى الأمنية.
وأكد فهمي وجود أجهزة أمنية خارجية ومخططين للاشتباكات الداخلية، لا سيما ما حصل بين عين الرمانة والشياح في (ت1) 2019، وفي السنة التالية.
ونقلت شبكة «سي.ان.ان» صورة متشائمة عن الوزير فهمي بقوله إن «هناك احتمالاً متزايداً بحدوث خروقات امنية مثل التفجيرات ومحاولات الاغتيال» في البلاد.
وأعلن فهمي عن أخذ مبادرة وتفعيل الحكومة، لإنقاذ البلد. معتبراً أن على رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب جمع الوزراء، وعقد جلسة لمجلس الوزراء للتوقيع على موازنة العام 2021.
وفي ما خص منع ملاحقة اللواء عماد عثمان المدير العام لقوى الأمن الداخلي، قال فهمي: لماذا تحريك القضية بعد سنتين، «وأنا هنا مش عم كش دبان. بدي أعرف شو الأسباب. بهيك وضع بدو يستدعي مدير عام قوى الأمن الداخلي؟».
وكشف أنه سافر إلى الدوحة لطلب مساعدات لقوى الأمن الداخلي للتباحث مع رئيس مجلس الوزراء، ووزير الداخلية القطري. وقال: «وعدوني خير، وطالبت بـ100 ألف لقاح للمساجين والقوى الأمنية، وتشمل قوى الأمن الداخلي، والأمن العام وأمن الدولة، من نوع «فايزر» من خلال وزارة الصحة اللبنانية، واليوم يلتقي وزير الصحة حمد حسن لهذه الغاية».
وكشف عن جهوزية في 31 أيار وأول أحد من حزيران لإجراء الانتخابات، لكنه تحدث عن عائق صحي ولوجستي ومالي يحتاج لتأمين المبلغ المتعلق بإجرائها بوجه إجراء الانتخابات النيابية.
وطوق الانفتاح الحاصل بين جنبلاط وإرسلان اشكالاً وقع في قرية ديرقبول، بعد اتصال أجراه رئيس الحزب الديمقراطي برئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، قضى بتسليم مطلق النار على الشاب مكرم ناصر الدين، إلى الأجهزة الامنية.
الاستحقاق النقدي
وفي الاستحقاق النقدي، تتجه الأنظار إلى اجتماع المجلس المركزي لمصرف لبنان لتحديد تفاصيل الآلية الجديدة، الخاصة بضبط سعر صرف الدولار، التي اعلن عنها في القصر الجمهوري، واستبقتها المصارف بتبني سعر منصة نقابة الصرافين بالعملة اللبنانية.
المسيرة النسائية
ولمناسبة عيد الأم، الذي صادف امس، وتنديداً بالأوضاع المعيشية نظمت سيدات لبنانيات مسيرة احتجاجية كبيرة، جابت عددا من الشوارع الرئيسية في العاصمة بيروت حملت شعار «ارحلوا» في مواجهة الطبقة السياسية الممسكة بزمام السلطة، وذلك بمناسبة حلول «عيد الأم».
ولبت أعداد كبيرة من السيدات، ومعظمهن من الأمهات، الدعوات للتجمع عصر السبت في ساحة الرئيس بشاره الخوري بالعاصمة اللبنانية، ثم انطلقن في مسيرة احتجاجية رددن خلالها الهتافات المناهضة للسلطة السياسية والقوى والتيارات والأحزاب، حيث اعتبرن أن السلطات اللبنانية تتحمل المسئولية عن التردي الكبير في الأوضاع المعيشية التي انعكست على جميع الأسر اللبنانية.
وقالت السيدات إن الأوضاع القاسية الحالية في لبنان دفعت أولادهن إلى الهجرة إلى خارج البلاد، كما أن الانهيار الاقتصادي والمالي والنقدي الذي انعكس على القطاع المصرفي، تسبب في عدم تمكن الأسر اللبنانية من توفير أقل المبالغ المالية بالدولار الأمريكي لأبنائهن الطلاب الذين يدرسون خارج البلاد لسداد نفقات التعليم والسكن والمعيشة، بعدما جرى تجميد الحسابات المصرفية بالدولار.
ورفعت السيدات أعلام لبنان ولافتات احتجاجية مدون عليها عبارات (ارحلوا – أجمل هدية في عيد الأم أن ترحلوا عنا – سرقتم حلم أولادنا – سرقتم أموالنا وأموال أولادنا – دمعة كل أم برقبتكم) وغيرها من الشعارات الاحتجاجية.
وفي الشأن المعيشي، وفي ظل استمرار فقدان المواد الغذاية المدعومة، بات مشهد الاشكالات بين المواطنين على كيس حليب أو سكر أو غالون زيت في السوبرماركات واقعاً مألوفاً يتكرر يومياً بين المناطق، وجديده امس في شتورا في حين لا يبدو حال محطات الوقود افضل، إذ تقع إشكالات على افضلية تعبئة الوقود في بعض المحطات كما حصل في محلة العبدة عكار، ما ادى إلى تضارب تبعه إطلاق رصاص أصاب صاحب المحطة. وكذلك ما حصل في سوبرماركت فهد في منطقة فرن الشباك.
439543 إصابة
وعشية بدء الجولة الرابعة، سجلت وزارة الصحة العامة إصابة 2968 إصابة جديدة بفايروس كورونا و42 حالة وفاة، في الـ24 ساعة الماضية ليرتفع العدد التراكمي إلى 439543 إصابة بالفايروس، مثبتة مخبرياً، بدءا من 21 شباط 2020.
وفي ما خص اللقاحات، أعلنت وزارة الصحة العامة وصول الشحنة السادسة من لقاح فايزر إلى لبنان عصر السبت، وتحتوي على 53820 لقاحا. وبذلك يكون لبنان تسلم حتى الآن 224640 لقاحا من فايزر.
بدوره، أعلن وزير الصحة العامة حمد حسن أن «الوزارة توصلت إلى عقد جديد مع شركة فايزر يضمن الحصول على سبعمئة وخمسين ألف (750000) جرعة لقاح إضافية في شهري أيار وحزيران، حيث سيبلغ المجموع تسعمئة وعشرة آلاف (910000) جرعة ما سيتيح إنهاء تلقيح الفئات الأكثر عرضة للخطر من فيروس كورونا. ويتوقع أن ينخفض حينها معدل الوفيات ونسبة إشغال أسرة العناية الفائقة».
ولفت إلى أن «وزير الصحة العراقي حسن التميمي سيزور لبنان لمدة ثلاثة أيام الأسبوع المقبل حيث يصل الأربعاء على متن طائرة محملة بمساعدات طبية، على أن تتناول المحادثات تبادل الخدمات الطبية والأكاديمية والشروع بتطبيق اتفاقية النفط الأسود».
**************************************************************************
افتتاحية صحيفة الديار
مـنصة مصرف لـبـنـان تُبصر الـــنـــور هــذا الأسبوع… وشرطـــان لنجاحها
تشـكـيل الحكومة إذا ما حصل اليوم سيُؤدّي الى انفراج… وهذه هي الآلـية
ما هو سعر الــــدولار الذي قد نشهده في الأسابيع والشهور المُقبلة ؟
بروفسور جاسم عجاقة
أسفر الاجتماع الذي حصل في التاسع عشر من الشهر الجاري بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، عن إعلان قرار إطلاق العمل بمنصة تداول بالدولار الأميركي مقابل الليرة اللبنانية، عائدة لمصرف لبنان. هذه المنصّة، من المفترض أنها جزء من الإجراءات التي كان قد أعلن عنها حاكم مصرف لبنان خلال لقائه رئيس الحكومة المُكلّف سعد الحريري ووزير المال غازي وزني الأسبوع الماضي.
وبحسب البيان الذي تلاه المُستشار الإعلامي لرئاسة الجمهورية، أعلم حاكم مصرف لبنان رئيس الجمهورية قرار المصرف المركزي «إطلاق العمل بالمنصة الالكترونية العائدة له بحيث يتم تسجيل كل العمليات وتصبح هي المرجع الاساسي للسعر الحقيقي للسوق» مع «السماح للمصارف ابتداءً من الاسبوع المقبل، بالتداول في العملات مثل الصرّافين الشرعيين وتسجيل العمليات بالسعر الحقيقي على المنصة، على أن تتابع لجنة الرقابة على المصارف حسن سير العمل. وسوف يتدخل مصرف لبنان لامتصاص السيولة كلما دعت الحاجة حتى يتم ضبط سعر الصرف وفقاً للآليات المعروفة». وأضاف البيان أن رئيس الجمهورية أبلغ حاكم مصرف لبنان «ضرورة التشدد للجم المضاربات وتنظيف القطاع المصرفي والتصميم على استعادة الثقة حتى يعود لبنان قاعدة مصرفية في المنطقة».
لكن هل ستنجح هذه المنصّة في خفض سعر صرف الدولار مُقابل الليرة اللبنانية؟
عوامل النجاح
مُشكلة التطبيقات التي كانت تُعطي الأسعار فيما يُسمّى السوق السوداء، هي عدم وجود شفافية في تحديد سعر السوق. والمعروف في الأسواق المالية أن تحديد سعر صرف السوق يتبع آلية مُحددّة تنصّ على تحديد العرض (الكميّة والسعر) والطلب (الكميّة والسعر) وهو ما يُسمّى بالـ order book على أن يُصار إلى مُقارنة العرض والطلب واستخراج السعر الذي يُعظّم الكمّية المُتداولة (Price that maximizes the exchanged quantity).
التطبيقات الموجودة على الأجهزة الخليوية والمواقع الإلكترونية، لا تُظهر الـ order book، مما يعني أن السعر قد يكون عشوائيًا أو مُتلاعبًا به. من هنا تأتي المِنصّة التي سيُطبقها مصرف لبنان لتُعطي سعر السوق شرعية أكثر من خلال عنصر الشفافية الذي يُمكن الحصول عليه من خلال عرض الـ order book.
بحسب المعلومات، تهدف هذه المُنصّة إلى سحب الطلب المؤسساتي من السوق السوداء إلى سوق شبه رسمية. وبالتالي، فإن هذه المنصّة ستخدم بالدرجة الأولى، وبشكل حصري في المرحلة الأولى، النشاط الاقتصادي أي التجار والصناعيين والمزارعين. وسيكون اللاعبون على هذه المنصّة هم الصرافون الشرعيون، والمصارف التجارية، ومصرف لبنان الذي سيتدخّل لامتصاص السيولة (بحسب بيان الرئاسة). أمّا في ما يخصّ المواطنين، فمن الواضح أن لا قدرة لهذه السوق على تلبية مطالبهم نظرًا إلى حجم هذه الطلبات نسبة إلى حجم السوق السوداء المُقدّرة ببضعة ملايين من الدولارات يوميًا.
والسؤال الذي يُطرح على هذا الصعيد : من أين سيتمّ تأمين الدولارات لهذه المنصّة؟ في الواقع، يُمكنّ تخيّل العملية كعملية نقل للسوق السوداء إلى المنصّة الرسمية، وبالتالي فإن مصدر الدولارات سيبقى كالسابق، مع فارق واحد وهو وجود لاعبين إضافيين هما مصرف لبنان والمصارف التجارية. وبحسب المعلومات، فإن العمليات سيتمّ تسجيلها ومراقبتها من قبل لجنة الرقابة على المصارف لمعرفة ما إذا كانت هذه العمليات هي لخدّمة النشاط الاقتصادي أو لا. بالطبع لا يُمكن للمصارف أن تقوم بعمليات شراء للدولارات على هذه المنصّة (أو غيرها داخل لبنان) بهدف تعزيز وضعها من السيولة، بل ان وجودها في هذه المرحلة هو لتأدية دور تأمين السيولة وتلبية طلبات الزبائن (من مهام لجنة الرقابة على المصارف التأكد من ذلك).
هل لمصرف لبنان القدرة على تأمين النقص في الدولارات المطلوبة على هذه السوق؟ مصرف لبنان يدعم التجّار على سعر الصرف الرسمي (1500 ليرة) وعلى سعر المنصّة الإلكترونية (3900 ليرة) حيث تُقدّر نسبة هذا الدعم من إجمالي العمليات ما بين الـ 60 والـ 70%. هذا الدعم سيبقى في المبدأ مؤمّنًا، على أن تكون المنصّة الجديدة هي المكان لتمويل الباقي من كلفة استيراد الدعم (15%) بسعر المنصّة الجديدة. السوق السوداء التي تحوي هذه الـ 15%، حجمها لا يزيد عن بضعة ملايين من الدولارات في النهار، أي أن مصرف لبنان قادر مع المصارف والصيارفة على تأمين هذه المبالغ.
لكن نجاح هذه العملية مرهون بعوامل غير نقدية:
أولا – مُحاربة السوق السوداء غير القانونية، وهو ما يتطلّب مواكبة من الأجهزة الرقابية والأمنية، ولكن أيضًا من قبل القضاء؛
ثانيًا – مُحاربة التهريب بكل أشكاله لضمان كفاية السوق اللبناني وعدم السماح للتجّار بتهريب البضائع والسلع المدعومة (وحتى غير المدعومة!) إلى خارج الحدود، كما هو الأمر حتى الآن حيث نرى المواد الغذائية المدعومة في العديد من دول العالم (السويد، الكويت، غانا…) والمحروقات في سوريا.
وبالتالي ومن دون هذين العاملين، من المرجّح أن يستمر المهرّبون والتجار في عملياتهم التي يقومون بها بشكل مفضوح تحت أعين الأجهزة الرقابية والأمنية من دون أن تتمّ مُحاسبتهم أو توقيفهم عن أعمالهم الشنيعة هذه. يجب أن يكون لدى المسؤولين الشجاعة الكافية للاعتراف بوجود طلب خارجي لا يمكن تحديده ولا ضبطه إلا بقرار سياسي واتفاق على مصلحة لبنان العليا! فهل يكون هذا الأمر مُستحيلا في ظل الوضع القائم، فيؤدّي إلى فشل المنصة؟
الجدير ذكره أن كلفة استهلاك المواد الغذائية المُستوردة تبلغ ما بين 80 إلى 100 مليون دولار شهريًا في حين أن حاجة السوق اللبناني تقدّر بـ 30 مليون دولار أميركي شهريًا، أي أن الفارق يذهب تهريبًا وقسماً كبيراً منه مدعوم!
تشكيل الحكومة وأموال المودعين
نجاح عمل المنصة في الشق المؤسساتي في المرحلة الأولى سيفتح الباب أمام المواطنين والمودعين للحصول على دولارات ولو بقيمة بسيطة في المرحلة الثانية. هذا الأمر نابع من مبدأ أن الثقة قد تعود إلى النظام المصرفي والمالي بالإجمال، خصوصًا إذا ما تمّ تشكيل حكومة قادرة على التفاوض مع صندوق النقد الدولي وتنفيذ الإصلاحات المطلوبة وإعادة هيكلة المنظومة الاقتصادية – المالية.
السيناريو المثالي ينصّ على أن الشركات التي تُسعّر سلعها وبضائعها بالدولار، ستكون قادرة من خلال المصارف أو الصرافين على الحصول على الدولارات عبر شرائها على المنصّة على سعر السوق. وبالتالي لن يكون على المواطن تأمين دولارات طازجة كما تفرض بعض الشركات. أمّا على صعيد المواطنين، فقد يكون من المُمكن للمصارف في حال تشكيل الحكومة والبدء بالإصلاحات، إعطاء المودعين دولارات نقدية من حساباتهم القديمة (حتى ولو 1% من قيمة الوديعة بالدولار شهريًا)، إلا أن هذه الصورة لن تتضحّ معالمها إلا بعد تشكيل الحكومة وطرح خطّتها للخروج من الأزمة. في الواقع، إعطاء المودعين دولارات، ولو بنسبة قليلة، كفيل بإعادة الثقة إلى قطاع انهارت الثقة به مع بدء الإحتجاجات الشعبية في السابع عشر من تشرين الأول من العام 2019.
التجّار والتهريب والتهرّب الضريبي
لا يخفى على أحد، ولان نقول شيئاً جديداً بقولنا ان هناك تُجّاراً متواطئين مع عصابات تهريب عبر إعطائهم السلع والبضائع المدعومة بهدف تهريبها إلى الخارج. المخازن المحشوة ببضائع مدعومة في بعض السوبرماركات والرفوف الفارغة هي أكبر دليل على النيات السيئة التي يخفيها هؤلاء. وبالتالي فإن استخدام المنصّة الجديدة، التي ستُسجّل العمليات بشكل علني، ستسمح للأجهزة الرقابية من وزارة الاقتصاد والتجارة ووزارة المال والجمارك بملاحقة التجار المُخالفين، والأهمّ ملاحقة التهرّب الضريبي الذي يقوم به هؤلاء عبر رفضهم القبول بوسائل الدفع بالشيكات أو البطاقات المصرفية واعتماد النقد حصريًا. هذا الأمر يسمح لهم بتحقيق أرباح على ثلاثة أصعدة: فارق الدولار، التهريب، والتهرّب الضريبي. من هذا المُنطلق سيكون لوزارة المال الوسائل اللازمة لملاحقة هؤلاء وإرغامهم على دفع مُستحقات الدولة. والتقديرات لحجم الأرباح التي حقّقها هؤلاء في المرحلة الماضية، تُشير إلى نسبٍ هائلة تتراوح بين الـ 200% والـ 500%! وقد يقول بعض التجّار ان مصرف لبنان يُلزمهم تأمين المبلغ نقدًا بالليرة اللبنانية للحصول على الدولارات وهذا حقّ، إلا أن ما لا يقوله التجّار ان هناك أكثر من 40 تريليون ليرة في السوق، وهذه الأموال ليست كلها مع المواطنين!!
لذا، إذا فشلت عملية ضبط التهريب، فإن هذه المنصّة ستكون أداة لتمويل التجّار لتصدير البضائع والسلع إلى الخارج، وهو ما سيؤدّي إلى تداعيات كارثية على الصعيدين النقدي والسياسي.
سعر الدولار في المرحلة المُقبلة
هل يُمكن التنبؤ بسعر صرف الدولار في المرحلة المُقبلة؟ الجواب كلا. لكن وبتحليل للواقع يُمكن القول إن نجاح عمل المنصّة التي سيطلقها مصرف لبنان، سيجعل الدولار ينخفض حكمًا على المدى القصير. وإذا ما تشكّلت حكومة قادرة على القيام بإصلاحات إقتصادية ومالية، فإن الدولار سيعود أدراجه إلى مستويات مقبولة للمواطن اللبناني.
أمّا فشل المنصة، فيعني أننا فقدنا السيطرة على سعر صرف الدولار الأميركي مُقابل الليرة اللبنانية! من هنا ضرورة مواكبة الأجهزة الرقابية والأمنية والقضاء لإطلاق هذه المنصة، على أن تكون هناك خلية أمنية – مالية للتنسيق بين مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف من جهة وبين الأجهزة الأمنية والقضاء من جهة أخرى.
وقف التهريب أصبح أمرًا كيانيًا ووجوديًا للشعب اللبناني، كذلك الأمر بالنسبة لمصارحة المودعين من قبل المصارف وعدم تجاهل مطالبهم المُتكرّرة! فالودائع خصوصًا بالدولار الأميركي هي حقّ للمودعين، ويتوجّب على المصارف وضع خارطة طريق لإعادة الأموال لأصحابها، على أن تعرض هذه الخارطة على الرأي العام وتلتزم بها.
الانتقادات الموجّهة للمنصّة
في جوّلة سريعة على الآراء المُتداولة، نرى أن المصارف ليست مُتحمّسة للمنصة، نظرًا إلى الدور المنوط بها، والذي سيتمّ وضع معالمه في تعميم يُصدره مصرف لبنان. لكن أيضًا يدخل ضمن الفئات غير المُتحمّسة، الصرافون والتُجّار والمُهربون الذين ستخفّ أرباحهم، نظرًا لعملية تنظيم ومراقبة السوق.
أيضًا المُعارضون لسياسات المصرف المركزي، يقولون إن إطلاق المنصّة ليس بحلّ، بل يجب أن يكون هناك حلّ جذري للأزمة من خلال حلّ مُشكلة الدولارات العالقة في المصارف والتابعة للمودعين، ويعزون هذا الطرح إلى اقتراح فرنسي تمّ طرحه على حاكم المركزي خلال زيارته الأخيرة.
بغض النظر عن الطريقة التي سيتمّ حل الأزمة بها، ما يهمّ المواطن هو استعادة ودائعه ولكن أيضًا عودة الدولار إلى مستويات مقبولة (بالتأكيد ليس 10000 ليرة!) تسمح له بالعيش بكرامة، خصوصًا أن بقاء الوضع على ما هو عليه، حتى لو استعاد المودع ودائعه، سيؤدّي إلى خسارة هذه الودائع عبر دفعها ثمن السلع والبضائع!
****************************************************************************
افتتاحية صحيفة الشرق
لا حكومة..لا اعتذار..والى الجولة 19 دُرّ
لا يبدو مفعول جرعة المورفين التي ضخها لقاء الخميس الرئاسي سيدوم طويلا. ذلك ان اجواء التهدئة التي عكسها الرئيس المكلف سعد الحريري بعيد الاجتماع بالرئيس ميشال عون سرعان ما نسفها خطاب امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله الانقلابي على المبادرة الفرنسية وعلى الدعم الروسي والغربي لها وعلى حكومة “المهمة” المشروطة لتقديم المساعدات، كما المواقف والتسريبات الاعلامية في شأن عدم بروز اي ملامح ليونة لدى الفريقين المعنيين، لا بل بلغ التصعيد اوجه اليوم مباشرة او بالرسائل المبطنة من بعبدا، وقد زاد الطين بلة زيارة مفاجئة قام بها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الى قصر بعبدا حيث التقى عون وخرج ينادي بالتسوية ويؤكد ان الارقام غير مهمة، بالاشارة الى التناقض بين الرئيس المكلف الذي يصر على حكومة الـ 18 وزيرا وبين الاخرين في فريق حزب الله الذين يريدون حكومة من 20 وزيرا واكثر.
هذه “التكويعة” بالاضافة الى كل ما سبق ما اوحى بأن الاجتماع “المصيري” اليوم الاثنين سينضم من حيث النتائج الى اللقاءات السبعة عشر، الا اذا استجد طارئ قد يقلب المقاييس والمعادلات.
تعاون والا
في بعبدا وعلى رغم زيارة الحريري، وتأكيده تناسي سجال البيانات الليلي، لا يبدو الجو مريحا لا بل على تشنجه، وما تضمنه بيان الحريري لم “يبلعه” بعد الفريق الرئاسي الذي ما زالت اوساطه تستغرب مقارنة الرئيس المكلف نفسه وهو لم يحصل بعد على الثقة، بالرئيس عون المؤتمن على الدستور والمنتخب من الشعب لمدة 6 سنوات، اضافة الى انه لم يحمل تشكيلة مكتملة بالاسماء لاسيما من حزب الله وقد أحرج حينما سأله الرئيس عن الامر فرد بأنه “وضع اسساً لاسئلة واجوبة وانه سيحمل الجواب الاثنين”.
وتضيف مصادر بعبدا: “ننتظر بعقلانية وهدوء أن يأتي الحريري إلى القصر اليوم الإثنين المقبل بصيغة جديدة. وإذا لم يحصل ذلك -لا سمح الله- يكون قد قرر الإمعان في ضرب الدستور وعدم تأليف حكومة. ونتمنى أن يأتي الحريري حاملا صيغة جديدة. وغدا لناظره قريب. أما إذا لسبب أو لآخر لم يقدم الحريري على تحريك الجمود الذي وضع نفسه والبلاد، معنى ذلك أن هناك قرارا لديه بعدم التأليف. إزاء هذا الأمر كلنا سنستخلص العِبَر. فرئيس الجمهورية وإن كان مقيدا دستوريا ومكبلا بصلاحيات محدودة إلا أن الضرورات تبيح المحظورات وعليه سيصارح اللبنانيين بواقع الأمور وعندها وأكرر لا سمح الله ، نكون انتقلنا من أزمة تشكيل حكومة إلى أزمة نظام”.
الفرصة الجديدة
وفي السياق، أشارت الهيئة السياسية في التيّار الوطني الحرّ الى أنها “تنظر بارتياح الى استئناف الحوار بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلّف، لتشكيل حكومة طال انتظارها. وهي تعلّق أهمية كبيرة على عودة رئيس الحكومة المكلّف الى الأصول الميثاقية والدستورية في عملية التشكيل على قاعدة الشراكة الكاملة بينه وبين رئيس الجمهورية”.
وانتقدت ما تضمنه بيان الحريري ردا على بيان بعبدا يوم الاربعاء فاكد ان رئيس الجمهورية هو منتخب من النواب لمدّة محدّدة هي ست سنوات غير قابلة للمساس،في حين ان رئيس الحكومة مكلّف من رئيس الجمهورية بناءً على إستشارات النواب الملزمة وهو لم يحصل بعد على ثقة مجلس النواب.
عون يخالف الدستور
وعقد الرؤساء نجيب ميقاتي، فؤاد السنيورة وتمام سلام، واكدوا في بيان ان الممارسة التي يقدم عليها الرئيس عون تشير الى تعد وتشويه لروح ونص ومقاصد النصوص الدستورية التي يجب ان يلتزم بها الجميع وفي مقدمتهم فخامة الرئيس. ومن هنا أيضاً تمسك الرئيس المكلف بالأسس الدستورية السليمة في تشكيل الحكومة ورفض القبول باي تجاوز او افتراء او تعد.
وعلوش يرد
وسريعا، ردّ نائب رئيس تيار المستقبل مصطفى علوش على بيان التيار بتغريدة كتب فيها :”خرج بيان حزب ولي العهد اليوم وكأنه أخذ حقنة ثقة من قبل راعيه حزب الله وللحق يقال لولا سلاح وبلطجة هذا الراعي لما كنا سمعنا لا بسلطان العهد ولا بولي عهده ولا حصدنا اليأس والدمار على عهدهما. على ذاك المتمترس وراء سطوة السلاح ان يعرف انه مجرد أداة تافهة يتم رميها في الوقت المناسب”.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :