افتتاحيات الصحف المحلية ليوم الخميس 18 آذار 2021

افتتاحيات الصحف المحلية ليوم الخميس 18  آذار 2021

 

Telegram

 

افتتاحية صحيفة البناء:

 

بانتظار ما سيقوله السيّد نصرالله بعد حروب الإلغاء الرئاسيّة المبتادلة عون للحريري: ألّف أو اعتذر... والحريري: وقّع أو تنحّى اجتماع حاسم في بعبدا: آمال ضئيلة بانفراج ومخاوف كبيرة من الانفجار

 

 

 قال كل من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلّف بتشكيل الحكومة سعد الحريري، كل ما عنده. فالكلمة التي وجّهها رئيس الجمهورية وتضمّنت دعوة متلفزة للرئيس المكلف لزيارة بعبدا فوراً والتباحث بصيغة حكوميّة تراعي معايير الدستور والميثاق، بخلاف المسودة التي وضعها سابقاً، وإلا فالاعتذار، كشفت عملياً المسعى الحقيقي لفريق رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر بالضغط لاعتذار الحريري، انطلاقاً من الاعتقاد باستحالة التعاون معه في حكومة جديدة، واعتبار نجاح مهمته الحكوميّة بداية إعلان نهاية العهد الرئاسيّ بمحاصرة رئيس الجمهورية؛ فيما كشف رد الرئيس الحريري على دعوة عون باللغة ذاتها، حقيقة مسعى الحريري من عرضه الحكوميّ، بدعوة رئيس الجمهورية لقبول تشكيلة حكوميّة تحاصره، أو رفضها وقبول التنحّي عملياً، تحت عنوان انتخابات رئاسية مبكرة، لم يعد خافياً أنها مشروع جدّي طرح على بكركي من أوساط سياسية ونيابية وحزبية، ولم يلق قبولها، لكن بقي الرهان قائماً على توظيف المزيد من الانهيار المالي لفرض هذا الهدف كمخرج أحاديّ من الأزمة.


على خلفية البيانين الرئاسيين وما فيهما من حرب إلغاء متبادلة، ينعقد صباح اليوم في بعبدا لقاء الرئيسين السابع عشر، وربما الأخير، وسط آمال ضئيلة بحدوث معجزة تتيح إحداث اختراق، على خلفية ما يعرفه الرئيسان من استحالة السير برغبة كل منهما بالتخلص من الآخر بطرق دستوريّة، وغياب الطرق الأخرى، ما يجعل التساكن قدراً إلزاميّاً، وحاجة وطنيّة، بدلاً من حرب استنزاف تستعمل فيها كل الأسلحة، ويعرف الجميع أن التلاعب بسعر الصرف هو أحد هذه الأسلحة، وقطع الطرقات ليس بعيداً عنها، ويدفع اللبنانيّون أثمانها غالياً من معيشتهم وأمنهم وخوفهم على غدهم، وما لم تحدث المعجزة ستتحق المخاوف من ذهاب البلاد لجولة تصعيد كبرى، تترجم مزيداً من ارتفاع سعر الدولار، ومزيداً من قطع الطرقات، ومزيداً من المخاطر الاجتماعيّة والأمنيّة.


الأنظار تتجه صوب كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الليلة، مع ترجيح فشل اجتماع بعبدا بالخروج بحلحلة للأزمة الحكوميّة، خصوصاً مع بلوغ تداعيات الأزمة المالية والاجتماعية وتداعياتها الأمنيّة مرحلة تضع البلاد على مفترق خطير، وفرضيات مفتوحة على فلتان أمني وفوضى تفتح أبواباً أمام العبث واللعب من الخارج، ما يجعل المقاومة معنيّة بقول كلمتها التي يمكن أن تفتح كوة في جدار الأزمة، وبصورة أخص بعدما صارت ضغوط الأزمة في بيئة المقاومة حاضرة بقوة وشارعها ينتظر من السيد نصرالله أجوبة بحجم المعاناة والمخاطر، وقالت مصادر متابعة للمشهد المالي والاجتماعي والانسداد السياسيّ، إن السيد نصرالله قد يكون أمام خيارات تتصل بفتح الباب أمام تعزيز عناصر الصمود الاجتماعي، لكنها قالت إن هذا الخيار الضروريّ لن يكون كافياً في ظل حجم المخاطر التي يتقدّمها التصعيد السياسيّ وانعكاسه في الشارع بالاستثمار على الانهيار في سعر الليرة، ما يوجب قول كلام في السياسة توقعت أن يتركز على الدعوة لطاولة حوار وطنيّ للبحث عن حلول ومخارج، واقتراح بعض هذه الحلول ووضعها في التداول.


وعشية الإطلالة المرتقبة للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مساء اليوم بمناسبة يوم الجريح للحديث عن الملف الحكومي والتطورات الأمنية والاقتصادية في لبنان. واصل رئيس المجلس النيابي نبيه بري مساعيه على خط تأليف الحكومة. ففيما بقيت الاتصالات والمشاورات مفتوحة بين عين التينة وبيت الوسط، يتابع المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم تفاصيل مبادرة بري مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. وعلمت "البناء" أن "الجهود التي بذلت خلال اليومين الماضيين أفضت إلى إيجاد مخرج لترتيب لقاء بين الرئيسين عون والحريري كخطوة أولى للبناء عليه لاستكمال التشاور والحوار لتأليف الحكومة، وقد تجلّى هذا الأمر بدعوة عون الحريري إلى بعبدا عبر الإعلام لمتابعة التشاور وليس عبر اتصال هاتفي كما أراد الحريري، ما يدل على أن القصة ليست "رمانة بل قلوب مليانة"، وبالتالي المناخ السلبي لا يزال سيد الموقف". فقد أتى الجواب من عون والحريري مخيباً لآمال الوسطاء بحسب مصادر سياسية لـ"البناء" من خلال التراشق الإعلامي والسياسي من "فوق السطوح" وليس عبر الحوار. فدعوة عون وردّ الحريري يعكس سلبية مطلقة والاستمرار بالدوران في حلقة مفرغة وتتلاشى الآمال بحلّ قريب، فعون دعا الحريري للاعتذار والأخير دعا عون للاستقالة، ما يدفع المصادر للقول إن القضية لم تعُد تتعلّق بتفاصيل من هنا وأخرى من هناك، بل بمشكلة شخصيّة وعدم تعايش وانسجام بين الطرفين، فلا عون يريد الحريري ولا الأخير مستعدّ للتنازل عن موقع المكلف، أي وقع الطلاق بينهما، وهذا يعود لأسباب محلية وإقليمية ودولية.


وفيما تم التداول بمقترحات عدة ومخارج لتأليف الحكومة كتبادل وزارتي المالية والداخلية بين حركة أمل وتيار المستقبل على أن تؤول الداخلية للواء إبراهيم كحل وسط بين رئيسي الجمهورية والحكومة المُكلف، لفتت مصادر "البناء" إلى أن هذا المقترح لا أفق له لأنه يمس بالتوازنات الطائفيّة والسياسيّة ويعقد الأمور أكثر لأنه سيعيد التركيب من نقطة الصفر".


وفي كلمة وجّهها إلى اللبنانيين مساء أمس، أشار الرئيس عون الى أنه "بعدما تقدم الرئيس المكلف سعد الحريري بعناوين مسودة حكومية لا تلبي الحد الأدنى من التوازن الوطني والميثاقية ما أدخل البلاد في نفق التعطيل، أدعوه إلى قصر بعبدا من أجل التأليف الفوري للحكومة بالاتفاق معي، وفق الآلية والمعايير الدستورية المعتمدة في تأليف الحكومات من دون تحجّج أو تأخير". وأضاف: "في حال وجد الرئيس المكلف سعد الحريري نفسه في عجز عن التأليف وترؤس حكومة إنقاذ وطني تتصدّى للأوضاع الخطيرة التي تعاني منها البلاد والعباد، فعليه أن يفسح في المجال أمام كل قادر على التأليف". وقال عون: "دعوتي للرئيس المكلف تأتي من منطلق مسؤوليّته الدستوريّة وضميره الإنساني والوطني، ذلك أنّ مثل هذه المعاناة الشعبيّة لن ترحم المسؤول عن التعطيل والإقصاء وتأبيد تصريف الأعمال. دعوتي مصمّمة وصادقة للحريري الى أن يبادر فوراً إلى أحد الخيارين المتاحين، إذ لا ينفع بعد اليوم الصمت والتزام البيوت الحصينة، علّنا ننقذ لبنان". وختم عون: "لا فائدة من كلّ المناصب وتقاذف المسؤوليّات إن انهار الوطن وأصبح الشعب أسير اليأس والإحباط، إذ لا مفرّ له سوى الغضب".


ردّ الحريري لم يتأخر، وقال في بيان: "سأتشرف بزيارته للمرة السابعة عشرة فوراً إذا سمح جدول مواعيده بذلك، لمناقشته في التشكيلة الموجودة بين يديه منذ أسابيع عديدة، والوصول الفوري إلى إعلان تشكيل الحكومة. اما في حال وجد فخامة الرئيس نفسه في عجز عن توقيع مراسيم تشكيل حكومة اختصاصيين غير حزبيين قادرة على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة، لوقف الانهيار الذي تعاني منه البلاد والعباد، فسيكون على فخامته ان يصارح اللبنانيين بالسبب الحقيقي الذي يدفعه لمحاولة تعطيل إرادة المجلس النيابي الذي اختار الرئيس المكلف، والذي يمنعه منذ شهور طويلة عن إفساح مجال الخلاص أمام المواطنين، وان يختصر آلامهم ومعاناتهم عبر إتاحة المجال امام انتخابات رئاسية مبكرة وهي الوسيلة الدستورية الوحيدة القادرة على إلغاء مفاعيل اختياره من قبل النواب لرئاسة الجمهورية قبل خمسة أعوام، تماماً كما اختاروني رئيساً مكلفاً لتشكيل الحكومة قبل خمسة أشهر".


ونفّذ عدد من مؤيّدي "التيار الوطني الحر" في قضاء بعبدا تحركاً رمزياً عفوياً مباشرة بعد كلمة عون، حيث جابوا بسياراتهم طريق القصر الجمهوري رافعين أعلام التيار وصور الرئيس.


وسبق كلام رئيس الجمهورية تجمع لعدد من المحتجين في محيط القصر الجمهوري في بعبدا احتجاجاً على سياسات العهد. واستقدم الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي تعزيزات أمنية الى المنطقة.


وفي سياق ذلك بدأ الوضع الأمني يتدهور شيئاً فشيئاً نتيجة إقدام عدد من الأشخاص على التجمع وقطع الطرقات ما يؤدي إلى وقوع إشكالات مع المواطنين والمارة، ووقع اشتباك مساء أمس بين مناصرين لحركة أمل وآخرين من تيار المستقبل في منطقة عائشة بكار في بيروت وذلك على خلفية تعرّض قطاع الطرق لنجل أحد المسؤولين الأمنيين في عين التينة سامر العمار عندما أصرّ على المرور بسيارته بحسب ما علمت "البناء"، وعندما حضر العمار الى المنطقة لحل الإشكال مع مرافقين له حصل إطلاق نار ما أدى الى اصابة العمار بطلق ناري في ساقه وبطنه ونقل على الفور الى مستشفى الجامعة الاميركية في بيروت حيث علم أن حالته مستقرة وإصابته غير بليغة ويخضع لعملية جراحية.


وعلى الفور جرت اتصالات عالية المستوى بين أمل والمستقبل عملت على تطويق الحادث والحؤول دون تمدّده أو حصول ردات فعل بعدما حصل استنفار وانتشار مسلح من قبل الطرفين في عدد من مناطق التماس. وبحسب ما علمت "البناء" فإن الحادث فرديّ ولا أبعاد مذهبية وأمنية له ولن تكون له تفاعلات. كما قالت مصادر قيادية في أمل لـ"البناء" إن "الوضع عاد الى طبيعته الى المنطقة وصدرت التوجهات للمناصرين بعدم القيام بأي ردات فعل. وكان هناك حرص شديد من القيادتين لتطويق أي تفاعلات للحادث".


وأكدت قيادة الجيش في بيان أن "قوة من الجيش تدخلت وعمدت إلى ضبط الوضع وإعادة الأمور إلى طبيعتها، وملاحقة مطلقي النار لتوقيفهم". وجددت القيادة "دعوتها الجميع إلى سلميّة التحرك وعدم القيام بكل ما من شأنه أن يمسّ بالسلم الأهلي".


إلا أن مصادر مطلعة تساءلت عن عدم مبادرة الجيش للتدخل لفتح الطرقات المقطوعة باللحظة المناسبة وملاحقة قطاع الطرق لتفادي حصول إشكالات كالذي حصل أمس، وكاد أن يؤدي الى مقتل العمار ما سيؤدي الى إشعال فتنة في بيروت؟


واستمرّ مسلسل قطع الطرقات احتجاجاً على تردي الأوضاع، وحاول عدد من المحتجين اقتحام وزارة الاقتصاد رفضاً لرفع الدعم عن المحروقات التي سجّلت اليوم ارتفاعاً ملحوظاً، إلا أن قوى مكافحة الشغب حالت دون اقتحام مبنى الوزارة.


ويتنامى الخوف من تأزم الوضع الأمني في ظل الإشكالات التي تحصل داخل السوبرماركات والهجمات التي تتعرض لها المحال التجارية ومستودعاتها من قبل المواطنين للحصول على السلع المدعومة المخبئة، ما سيدفع السوبرماركات الى إقفال أبوابها خوفاً من اقتحامها. وأمس انتشر فيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، يُظهرُ شيخًا يقف أمام تعاونيّة "التوفير" في الصرفند، ويهدّد باقتحام التعاونية، "سندخل بأرواحنا انتحاريين"، على خلفيّة إخفاء السلع المدعومة".


وفيما تتفاقم الأزمة المعيشية والاقتصادية، ومع عودة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الى بيروت، لوحظ أن الحريري يتصرّف وكأنه رئيس الحكومة الفعلي في ظل غياب تام لحكومة تصريف الأعمال! وقد استقبال الحريري أمس، في بيت الوسط سلامة وبحث معه الأوضاع المالية والاقتصادية العامة. كما زار سلامة وزير المال غازي وزني وقال بعد اللقاء: "اجتمعت مع وزير المال وعرضت عليه بعض الاقتراحات التي سيقوم بدرسها كما سيدرسها المجلس المركزي في مصرف لبنان خلال الـ 24 ساعة المقبلة. نعتقد أن هذه الاقتراحات ستؤدي الى انخفاض سعر صرف الدولار في لبنان".


وقبيل ذلك رأس سلامة اجتماعاً للمجلس المركزي لمصرف لبنان للبحث في مواضيع نقديّة وماليّة ومصرفيّة مُلحّة. وأفادت المعلومات أن "الاجتماع تناول كل المواضيع النقدية والمالية الملحّة وكانت مطروحة في صلب مناقشاتنا كمسؤولين مصرفيين ماليين وكمواطنين من المجتمع اللبناني الذي يعيش حالياً عبء الأزمة والانهيار الاجتماعي للأسف".


وسجّل سعرُ صرف الدولار في السوق السوداء عصر أمس، انخفاضًا ملحوظًا حيث تراوح ما بين 13300 و 13400 ليرة لبنانية للدولار الواحد.


وفي غضون ذلك، سجلت اسعار المحروقات أمس ارتفاعاً ملحوظاً، حيث تم رفع سعر الديزل 3300 ليرة ليصبح 27700، وصفيحة البنزين 95 أوكتان 4100 ليرة لتصبح 38900، وصفيحة البنزين 98 اوكتان 4200 ليرة لتصبح 40000، مسجلة بذلك سعراً قياسياً، وذلك بحسب ما أعلن ممثل موزعي المحروقات فادي أبو شقرا. وأضاف "ارتفاع أسعار المحروقات مرتبط بالدولار ولا يمكن أن نعرف إذا سترتفع صفيحة البنزين 5 آلاف إضافية الأسبوع المقبل ونتمنى اليوم تشكيل حكومة".


من جهتها دعت الصيدليات للإقفال التام والإضراب اليوم وذلك لعدم قدرتها على الاستمرار في العمل داخل الصيدليات بسبب فقدان الدواء من الصيدليات والكلفة التشغيلية الباهظة التي تتكبّدها بسبب غلاء الدولار، منذرة بانهيار القطاع الصحي والصيدلي. كما أعلنت نقيبة الممرضات والممرضين في لبنان ميرنا ضومط في مؤتمر صحافي حال طوارئ تمريضيّة في لبنان. وقالت: "إذا أكمل النزف كما هو فلن نجد من يقدّم الدعم الصحي لنا".


***********************************************************************

 

افتتاحية صحيفة الأخبار:

 

"تنصيبة" القروض المدعومة: الأموال العامة في خدمـة "حزب المصرف"

 

طيلة سنوات، غطّى مصرف لبنان والمصارف عملية هدر للأموال العامة ودولارات المودعين تحت عنوان "القروض المدعومة"، من سكنية وتجارية وبيئية. عشرات أنواع القروض "خُلقت" بطريقة مقصودة لمنع ضبطها، بعد أن مُنحت بمعظمها للسياسيين ورجال الأعمال والمجمعات التجارية والجامعات بطريقة عشوائية، وبمعزل عن أي رؤية اقتصادية عامة. احتكر مصرف لبنان ختم التوقيع على القروض، مانعاً الدولة مُمثلة بوزارة المال من الاطلاع على كيفية توزيعها، رغم أنّ قسماً منها مُوّل من الخزينة العامة مُباشرة، وهي التي تكبّدت التكلفة العليا من ملفّ القروض، إضافة إلى ميزانية مصرف لبنان. أما المُستفيد منها - إلى جانب الذين نالوا قروضاً مدعومة - فكان المصارف، التي حقّقت أرباحاً لقاء "مُشاركتها" في هذه "التوزيعة"


قبل سنوات، نال صاحب محطة تلفزيونية محلية، لـ"شاشته"، قرضاً بقيمة 32 مليون دولار من مصرف لبنان. القرض مدعوم، وفائدته منخفضة. سُحب القرض على دفعات أودعها صاحب القناة التلفزيونية في أكثر من مصرف تجاري، بفائدة عالية، استُخدمت لتسديد أصل القرض وتأمين جزء من حاجات المحطة وصاحبها، تماماً كما فعل "زملاء" له في التلفزيونات. عُقِدت تلك الصفقة، في مخالفة من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لقرار سبق أن أصدره تُمنَع بموجبه المؤسسات الإعلامية من الحصول على "حوافز" تتخطّى الـ 3 ملايين دولار.


قصّة أخرى بطلها صاحب متاجر ملابس مُصنّفة "مرموقة" في البلد، يملكها رئيس أحد المجالس الاقتصادية. نال قرضاً مدعوماً من مصرف لبنان بهدف تطوير عمله وزيادة قيمة الإنتاج. أخذ المبلغ وأودعه في مصرف تجاري، أعطاه فائدةً أعلى بأضعاف من تلك التي يتوجّب عليه دفعها على أصل القرض. كانت تلك من "أنجح صفقات" الرجل. يُخبر أحد المُطّلعين على تفاصيل القرض أنّ صاحب المتاجر "صنّع ملابسه في معملٍ بكلفة أقل من السابق، وسدّد قرضه من الفوائد التي حصل عليها نتيجة توظيف القرض في المصرف، بالإضافة إلى تحقيق أرباحٍ شخصية".


ما سبق واقعتان من سُبحةٍ طويلة تُظهر كيف جَرت إدارة ملفّ القروض المدعومة، المُقدّمة إما لمؤسسات تجارية كبرى، أو لأثرياء. استئثار هؤلاء بالحصة الأكبر من المبالغ المدعومة حرم أبناء الطبقة المتوسطة أو ذوي الدخل المحدود من موردٍ، يعتبرونه أساسياً لبناء قاعدة مُستقبلهم. ولكن في لبنان، حيث سيطر أصحاب مصالح مالية وتجارية واحتكارية وسياسية على أجهزة الدولة، انحرفت مهمّة الدعم عن سكّتها الصحيحة.
الحديث عن "القروض المدعومة" اشتُهر بالتي حصل عليها رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي وعائلته (راجع "الأخبار"، 24 تشرين الأول 2019). تلك القروض وُثّقت في تقريرين صدرا عن لجنة الرقابة على المصارف (خلال الولاية السابقة برئاسة سمير حمّود)، وتتبّعا فضيحة توزيع قروض بقيمة 90 مليون دولار أميركي منحها مصرف لبنان، بين عامي 2009 و2018، إلى سياسيين وقضاة ومُقتدرين، لشراء مساكن مدعومة عوض منحها لأصحاب الدخل المحدود والمتوسط. إلا أنّ الملفّ لا يتوقّف هنا، بل يُشكّل جزءاً من عنقود. "مغارة علي بابا" القروض كانت وحدة التمويل في "المركزي"، بإدارة النائب السابق لحاكم لمصرف لبنان، محمد بعاصيري. وتمتّع سلامة وحيداً بصلاحية إعطاء الموافقة على القروض الممنوحة من مصرف لبنان، والمقسمة إلى ثلاثة أقسام:
- التعميم الرقم 80 (يتعلّق بدعم الفوائد المدينة على التسليفات الممنوحة للقطاعات الصناعية أو السياحية أو الزراعية، وتُدعم مُباشرةً من الخزينة).
- التعميم الرقم 84 (الالتزامات بالليرة اللبنانية الخاضعة للاحتياطي الإلزامي).
التعميم الرقم 23 (تسهيلات مصرف لبنان للمصارف والمؤسسات المالية).
تنقسم القروض السكنية إلى 46 صنفاً، والقروض التي تستفيد من تخفيض الاحتياطي عددها 71، ويُضاف إليها القروض التي أُلحقت بالتعميم 23. بيان وحدة التمويل لأيلول 2018 فقط، يُشير إلى 130 ألف ملفّ قروض سكنية. لماذا هذه التفرعات؟ "لأنّه كلما ازدادت تصنيفات القروض بات مُستحيلاً مراقبتها"، يقول أحد المسؤولين الذين تابعوا الملفّ. من يتحمّل مسؤولية القروض؟ بدايةً "المصارف التي تُعطي القرض، وثانياً وحدة التمويل في مصرف لبنان التي توافق على التمويل، وفي المرحلة الأخيرة يأتي دور لجنة الرقابة لمتابعة كيفية استعمال القرض". ما حصل داخل وحدة التمويل أنّها "حصرت الملفّ بها وبتوقيع سلامة، موافقةً بشكل عشوائي على القروض من دون دراسة جدواها والتأكد من حقّ الزبون في الحصول عليها، وحين برزت المخالفات أرادت تحميل المسؤولية للجنة الرقابة حصراً". بدأت الخلافات بين أعضاء وموظفين في لجنة الرقابة ووحدة التمويل، حين بدأت الأولى تضع التقارير لإحصاء القروض. خضعت رئاسة "اللجنة" للضغوط وقرّرت عدم إرسال التقرير الثالث الذي وضعته وتُفنّد فيه القروض الممنوحة (مُموّلة من الخزينة العامة ومن خفض الاحتياطي الإلزامي للمصارف في مصرف لبنان)، كما كانت في 31/12/2017، ويُظهر استحواذ مستشفيات وجامعات ومجمعات تجارية بأكثر من قرض مدعوم واحد رغم أنّها لا تستوفي شروطها. حتى إنّ بين المستفيدين من تقدّم للحصول على قرض بحجة تمويل مشاريع صديقة للبيئة، "يُضيفه إلى القروض السابقة التي حصل عليها، من دون تنفيذ أي مشروع بيئي".


التقرير المؤلّف من 6 صفحات (نشر "نادي نيرودا" اليساري في الجامعة اللبنانية الأميركية صفحةً منه قبل شهر)، لُبّ الموضوع فيه أنّ 39 عميلاً من أصل 221، نالوا 65.1% من مجمل القروض، بقيمة 712 مليون دولار. وقد حصل كل منهم على أكثر من قرض مدعوم، يفوق مجموعها - لكلّ منهم - الـ 6.6 ملايين دولار. وقد موّلت الخزينة العامة 191 قرضاً، بما نسبته 29.3% من مجمل القروض، وهي ثاني أعلى نسبة، بعد القروض الممنوحة بالليرة والمُستفيدة من حوافز سنة 2009 (نسبتها 37.5%). "آيشتي" مثلاً، الذي "يخدم" أقل من 1 في المئة من السكان بسبب أسعار بضائعه الخيالية، حصل على أكثر من قرض مدعوم من المال العام… والجامعة الأميركية في بيروت حاملة لواء "محاربة الفساد"، طردت موظفين وخفّضت رواتب وابتزّت طلاباً بسنتهم الجامعية مُجبرةً إياهم على تسديد أقساطهم المُدولرة على سعر صرف 3900 ليرة، في حين أنّها استفادت من قروضٍ مدعومة من المال العام.


وشركة طيران الدولة "الميدل إيست"، أخذت قروضاً مدعومة من أموال الناس قبل أن تُقرّر منعهم من شراء تذكرة سفر بالليرة اللبنانية! ما ينطبق على "آيشتي" و"AUB" و"ميدل إيست"، ينطبق أيضاً على المستفيدين الـ 36 الآخرين، كانوا مع أول صفّارات أزمة صيف 2019، المُبادرين إلى تسريح عمّال وتخفيض رواتب ورفع الأسعار. وهذا ما يقود إلى الخلل الرئيسي في القروض المدعومة للقطاعات الإنتاجية، أنّ "الدعم كان يذهب إلى المشروع وليس إلى الزبون، ما شرّع سوء استخدام الأموال، وتمركز القروض في يد قلّة عبر حصول عميل واحد على أكثر من قرض". برّرت وحدة التمويل في مصرف لبنان حينذاك بأنّ عملها "ينحصر بالتأكد من وجود المشروع ووجوب دعمه، أما المصارف فهي التي تُرسل الطلبات"، علماً بأنّ وحدة التمويل كانت توافق "على العمياني على كلّ الملفات التي تُرسلها المصارف".


دعم الأثرياء بالمال العام
المصدر الأول لدعم القروض كان الخزينة العامة (التعميم 80)، قيمتها ترد في الموازنة العامة وتراوح بين 130 و150 مليون دولار، "حين طلبت المالية، منذ أيام فؤاد السنيورة، معرفة المُستفيدين من الدعم، رفض سلامة ذلك بحجّة السرية المصرفية. الدعم من الموازنة، يعني الضرائب التي يدفعها عامة الناس، ألا يحقّ للدولة أن تعرف لمن تدفع وتتأكد من صحّة المُستندات؟"، علماً بأنّ المادة 10 من قانون موازنة الـ2019، واضحة لجهة حقّ الدولة في أن تطّلع على القروض لوظيفتها الاقتصادية، ولكن لم يُلتزم به يوماً. أتى تقرير لجنة الرقابة على المصارف في محاولة لوضع الإحصاءات، وتحديد من يستفيد من دعم الدولة وتخفيض الاحتياطي الإلزامي. "مثلاً، أحد المجمعات التجارية حصل على قروض من ستة مصارف، بلغت قيمتها بحدود 53 مليون دولار. هذا لا يحقّ له أخذ قرض مدعوم من الدولة". وكلّ الأسماء المذكورة في تقرير لجنة الرقابة، استفادت من مصدرَي التمويل.


النوع الثاني من القروض المدعومة يأتي عبر تخفيض الاحتياطي الإلزامي (التعميم 84) على توظيفات المصارف بالليرة. سنة 2009، بدأ سلامة وبعاصيري دراسة خفض الاحتياطي الإلزامي، لتمويل قطاعات إنتاجية وقروض سكنية لا تستفيد من دعم الدولة. خفض الاحتياطي الإلزامي يعني أنّ "المركزي" يعفي المصارف من أن تودع في حساباتها لديه ما بين 60 في المئة و100 في المئة من قيمة الأموال التي تُقرضها. يقول المسؤول إنّ "المصارف اطمأنت عندها، وبدأت توزّع القروض من دون حدود. وبعضها امتنع عن إبلاغ مصرف لبنان بالقروض التي تُسدّد". تلك القروض "أُعطيت بأغلبها لناس ميسورين. أحد المديرين في مصرف لبنان وشقيقه (طبيب) دخلا سوق البناء وبيع الشقق لهؤلاء، مُستفيدين من الدعم".


في الـ2017، أُوقفت القروض المُستفيدة من خفض الاحتياطي، بعد أن تعدّى مجموع التخفيض الـ90%. اخترع مصرف لبنان التعميم 23، حتى تستمر القروض المدعومة، فقرّر أن يُموّل مُباشرةً عبر إقراض المصارف بفائدة لا تتعدّى الـ1%… "وفَلَتِت": قروض للمشاركة في رأسمال الشركات الناشئة، عشرات أنواع القروض لدعم مشاريع بيئية، قروض سكنية، قروض تجارية… تُقدّر الكلفة التي دفعها "المركزي" لتمويل القروض أربع مرّات ما دفعته الخزينة العامة، أي قرابة 600 مليون دولار. بين عامي 2014 و2017، بلغت قروض مصرف لبنان للمصارف 9 آلاف مليار ليرة، 59% منها حصل عليها القطاع السكني. وللتوضيح، فإنّ ما يُحكى عن "أموال مصرف لبنان"، هو في مُجمله أموال المودعين التي أودعتها المصارف عنده، وهو لم يكتفِ بإعطاء القروض بالليرة اللبنانية، بل سمح أيضاً بتحويلها إلى الدولار. وأجاز مصرف لبنان إعطاء 60% أو 100% أو 150% من قيمة القروض للمصارف، فكانت تُقرض زبائنها، وتوظّف الباقي في سندات خزينة أو شهادات إيداع. مثلاً، يحصل مصرف على 15 مليون دولار من "المركزي"، يُقرض منها 10 ملايين دولار، ويُبقي المصرف 5 ملايين لديه ليُوظفها في أدوات مالية، يحصل منها على فوائد، ما يعني زيادة أرباحه من أموال الناس.


يقول الوزير السابق منصور بطيش إنّه "لو وظّف مصرف لبنان هذه المبالغ ولم يُقرّر دعم الأغنياء، لكان لديه على الأقل نصف مليار دولار يتصرّف به سنوياً. ولكنّه قرّر تربيح المصارف ومنع الدولة من التدقيق في اللوائح لتتأكّد إلى من يتوجّه الدعم". ويُشدّد على أنّ للدعم "بُعداً اقتصادياً، لارتباطه بالسياسة الاقتصادية التي تُريد الدولة اتباعها، ومن هي القطاعات التي يجب دعمها وما فائدتها على المُجتمع ككلّ".


المحظيون الـ39: "الأميركية"، آيشتي، والمدل إيست...
أعدّت لجنة الرقابة على المصارف تقريرها عن المستفيدين من القروض المدعومة من الخزينة العامة ومن تخفيض الاحتياطي الإلزامي كما كانت في الـ31 من كانون الأول 2017، قبل أن تُمنع من إرساله إلى حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة. 221 زبوناً حصلوا على قروض بقيمة مليار و93 مليون دولار، مُقسّمة بين 320 مليون دولار مدفوعة من الخزينة العامة، و773 مليون دولار مُموّلة من تخفيض الاحتياطي الإلزامي.


ومن بين هؤلاء، 39 زبوناً فقط حصلوا على 712 مليون دولار، سجّلت قروضهم نمّواً بقيمة 205 ملايين دولار بين 2016 و2017، مقابل نمو بقيمة 184 مليون دولار للـ 182 زبوناً آخر.


ستة أنواع من القروض مُنحت لهؤلاء، بالليرة اللبنانية والدولار الأميركي، قسمٌ منها مدعوم من الخزينة العامة بشكل مُخالف لأصول منح القروض، وقد حصلوا على دعم لتمويل مشاريع صديقة للبيئة في مجال الطاقة. التقرير نفسه يُشير إلى إعطاء قرض بقيمة 7.9 مليارات ليرة لشراء "جبّالة باطون"، وقرض بـ10 مليارات ليرة لشراء معدّات لـ"كسّارة"، وقرض ثالث رصيده 6.8 مليارات ليرة لشراء معدّات لـ"مجبل باطون" لمجموعة شرف.
المحظيون الـ39 هم: الجامعة الأميركية - بيروت، طيران الشرق الأوسط، "آيشتي" ومجموعة طوني سلامة، بسّام أسعد، مؤسّسة "أ بي سي" وفرع فردان، شركة "Serene" مالكة فندق "لو غراي"، الجامعة اللبنانية - الأميركية، مستشفى "أوتيل ديو"، شركة "بارك هيل" - رولان هراوي، مستشفى الجعيتاوي، شركة "شرف"، "M+M Hechme Logistics"، مدرسة القلبين الأقدسين، الرهبانية الأنطونية، كاظم إبراهيم، "Caramed"، السينودس الانجيلي الوطني في لبنان وسوريا، "C2"، مستشفى النيني، ميكا للعقارات، جامعة القديس يوسف، "UNIPAK"، راهبات الأنطونيات المارونيات، "Y.F. Hawat"، التجمّع اللبناني - الكندي، "هواركو"، "First space"، نصر للسياحة، قساطلي شتورا، رمزي - سليم مظلوم، ماليا للتطوير، ليبان لي ، سانيتا، مستشفى رياق، تغذية، معمل بونجوس، شركة زين الغذائية.


************************************************************************

 

 

افتتاحية صحيفة النهار

 

عون يفجّر حرب الاقصاء والحريري يرد: إستقل

 

في وقت تراءى لبعضهم ان مفاجأة إيجابية قد تقف وراء اعلان قصر بعبدا بعد ظهر امس ان رئيس الجمهورية ميشال عون سيوجه الى اللبنانيين كلمة تتصل بتحمله المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقه لانهاء نمط التعطيل لتشكيل الحكومة الانقاذية التي أجهض تركيبتها من الأساس، اذ بالرئيس عون يفجر الخطوة التصعيدية الأسوأ اطلاقا في توقيتها ومضمونها وتداعياتها، واضعاً الرئيس المكلف سعد الحريري بين خياري التسليم بشروطه او الإقصاء من خلال دفعه للاعتذار بما لا يبقي شكاً في انه يخوض حرباً ضده ويفتح البلاد على مزيد من الانهيارات المخيفة. وجاء رد الرئيس الحريري بما يوازي الهجوم الذي تعرض له مخيّراً عون بين مناقشة التشكيلة التي قدمها له او اختصار الام اللبنانيين بإتاحة المجال امام انتخابات رئاسية مبكرة.

 

تجاهل الرئيس عون التبعات الكبرى التي يتحملها وعهده وفريقه، واختار لحظة اتساع الحرائق المالية والاقتصادية والاجتماعية المنذرة بكارثة لا سابق لها، واطلق “حربه الاقصائية” على الرئيس سعد الحريري ليتنصل من تبعات الانهيار أولا، وليحمّل الحريري والآخرين تبعات الانهيار ثانيا، وليعلنها مباشرة ومن دون مواربة هذه المرة انه يزمع الانقلاب على الاستشارات النيابية من خلال دفع الحريري عبر شرطين تعجيزيين الى الاعتذار مع كل ما يرتبه ذلك من تعريض البلاد لازمة سياسية طوائفية جديدة لا تحتملها اطلاقاً. وإذا كان من نافل القول ان هذه الخطوة التصعيدية ستؤدي الى تفاقم اخطر في الواقعين المالي والاجتماعي، فان الأسوأ سياسيا ودستوريا ان عون بإصداره “مذكرة جلب” للحريري لحمله على تشكيل حكومة كما يشترطها، او إجباره على الاعتذار، إنما يمحو بشطبة قلم 16 اجتماعا عقدت بينه وبين الحريري. بذلك فتح العهد البلاد على أسوأ  الاحتمالات والتداعيات وفجّر مواجهة غير مسبوقة بين رئيس للجمهورية ورئيس مكلف تشكيل الحكومة العتيدة.

 

في كلمته التي لم تستغرق تلاوتها سوى اربع دقائق، برر عون اطلاق الحرب على الحريري بقوله “آثرت الصمت إفساحاً في المجال أمام المعالجات على مختلف المستويات، وتفادياً لأيّ حدث من جرّاء التجاذبات والانقسامات الحادّة في المواقف السياسيّة وانهيار المنظومة الاقتصاديّة والماليّة نتيجة سياسات خاطئة لعقود خلت. إلا أنّي سلكت درب المساءلة الوعرة في ظلّ نظام تجذّر فيه الفساد السلطوي والمؤسساتي واستشرى، وارتفعت أمامي كلّ المتاريس، وأنتم تعرفون أنّي ما اعتدت الإذعان والرضوخ دفاعاً عن كرامتكم وعيشكم الحر الكريم”. ثم اضاف

 

“أمّا اليوم، ومن منطلق قسمي، وبعدما تقدّم رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري بعناوين مسوّدة حكومية لا تلبي الحد الأدنى من التوازن الوطني والميثاقية، ما أدخل البلاد في نفق التعطيل، فإني أدعوه إلى قصر بعبدا، من أجل التأليف الفوري للحكومة بالاتفاق معي، وفق الآليّة والمعايير الدستوريّة المعتمدة في تأليف الحكومات من دون تحجج أو تأخير. أما في حال وجد نفسه في عجز عن التأليف وترؤس حكومة إنقاذ وطني تتصدّى للأوضاع الخطيرة التي تعاني منها البلاد والعباد، فعليه ان يفسح في المجال أمام كل قادر على التأليف. كلّ ذلك من منطلق مسؤوليّته الدستوريّة وضميره الإنساني والوطني، ذلك أنّ مثل هذه المعاناة الشعبيّة لن ترحم المسؤول عن التعطيل والإقصاء وتأبيد تصريف الأعمال. دعوة مصمّمة وصادقة للرئيس المكلّف الى أن يبادر فوراً إلى أحد الخيارين المتاحين، حيث لا ينفع بعد اليوم الصمت والتزام البيوت الحصينة، علّنا ننقذ لبنان”.

 

رد الحريري

وجاء رد الحريري ليلاً مفاجئاً لجهة “توازن الردع ” والرد على الخيارين بخيارين اذ قال في بيان الرد: “بعد اسابيع عدة على تقديمي تشكيلة متكاملة لحكومة اختصاصيين غير حزبيين قادرة على تنفيذ الاصلاحات المطلوبة لوقف الانهيار والشروع باعادة إعمار ما دمره انفجار المرفأ في بيروت، منتظرا اتصالا هاتفيا من فخامة الرئيس ليناقشني في التشكيلة المقترحة لاصدار مراسيم الحكومة الجديدة، وهي اسابيع زادت من معاناة اللبنانيين التي كانت قد بدأت قبل اختياري من قبل النواب لتشكيل الحكومة بأشهر طويلة، تفاجأت، كما تفاجأ اللبنانيون جميعا، بفخامة الرئيس وهو يدعوني عبر كلمة متلفزة إلى القصر الجمهوري، من اجل التأليف الفوري بالاتفاق معه وفق الآلية والمعايير الدستورية المعتمدة، كما قال فخامته.

 

وبما انني قد زرت فخامة الرئيس 16 مرة منذ تكليفي بنفس الهدف الذي وضعه فخامته، للاتفاق على حكومة اختصاصيين غير حزبيين قادرة على تنفيذ الاصلاحات المتفق عليها ووقف الانهيار الذي يعاني منه اللبنانيون، فإني اجيبه بالطريقة نفسها انني سأتشرف بزيارته للمرة السابعة عشرة فوراً إذا سمح جدول مواعيده بذلك، لمناقشته في التشكيلة الموجودة بين يديه منذ اسابيع عديدة، والوصول الفوري إلى اعلان تشكيل الحكومة.

 

اما في حال وجد فخامة الرئيس نفسه في عجز عن توقيع مراسيم تشكيل حكومة اختصاصيين غير حزبيين قادرة على تنفيذ الاصلاحات المطلوبة، لوقف الانهيار الذي تعاني منه البلاد والعباد، فسيكون على فخامته ان يصارح اللبنانيين بالسبب الحقيقي الذي يدفعه لمحاولة تعطيل ارادة المجلس النيابي الذي اختار الرئيس المكلف، والذي يمنعه منذ شهور طويلة عن افساح مجال الخلاص امام المواطنين، وان يختصر آلامهم ومعاناتهم عبر اتاحة المجال امام انتخابات رئاسية مبكرة وهي الوسيلة الدستورية الوحيدة القادرة على الغاء مفاعيل اختياره من قبل النواب لرئاسة الجمهورية قبل خمسة اعوام، تماما كما اختاروني رئيسا مكلفا لتشكيل الحكومة قبل خمسة اشهر”.

 

وتردد ليلا ان الحريري لن يتأخر في تلبية الدعوة وسيقصد بعبدا للقاء الرئيس عون اليوم.

 

التهابات الأسعار

والحال ان اللهيب السياسي الذي اطلقه عون جاء عقب التهابات متتابعة في الساعات الأخيرة اذ لحقت أسعار المحروقات بالارتفاعات القياسية لسعر الدولار ولو ان الامر يربط بالأسعار العالمية للنفط . فبعد دولار بـ  15 الف ليرة لامست صفيحة البنزين امس الـ 40000 الف ليرة الامر الذي استجر تداعيات واسعة في كل البلاد ترجم بأزمة تزويد السيارات البنزين وتفاقم الاحتجاجات والتظاهرات وقطع الطرق كما توجهت تظاهرة الى قصر بعبدا اطلقت شعارات تنادي باستقالة عون.

وتزامن ذلك مع حركة لافتة عكست استنفارا لمواجهة الارتفاعات اللاهبة للدولار واتخاذ ما يمكن اتخاذه من إجراءات لخفضه. وعرض الرئيس الحريري، في بيت الوسط، مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الأوضاع المالية والاقتصادية العامة. كما زار سلامة وزير المال في حكومة تصريف الاعمال غازي وزني  وقال بعد اللقاء: “اجتمعت مع وزير المال وعرضت عليه بعض الاقتراحات التي سيقوم بدرسها كما سيدرسها المجلس المركزي في مصرف لبنان خلال الـ 24 ساعة المقبلة. نعتقد أن هذه الاقتراحات ستؤدي الى انخفاض سعر صرف الدولار في لبنان”.  وقبل اجتماعه مع وزير المال، رأس سلامة  اجتماعاً للمجلس المركزي لمصرف لبنان للبحث في مواضيع نقدية ومالية ومصرفية مُلحّة.

 

عقوبات أوروبية على السياسيين

وفي غضون ذلك نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر ديبلوماسي فرنسي امس أن على الأوروبيين والأميركيين زيادة “الضغوط” على الطبقة السياسية اللبنانية لتشكيل حكومة جديدة وقد يتم ذلك أيضا من خلال “عقوبات”. وصرح الديبلوماسي لصحافيين “يجب زيادة الضغط إلى حد كبير على القادة السياسيين. سيكون هذا عمل الأسابيع المقبلة”. وأضاف “لن نتحرك بمفردنا لكن مع شركائنا الأوروبيين ومع الأميركيين”. وذكر المصدر أن “هذا العمل (ممارسة الضغوط) سيحصل بطريقة أسهل بكثير مع إدارة بايدن” في حين أن دونالد ترامب كان يعتبر لبنان مجرد “عامل لتغيير” معادلة القوى مع إيران. وتابع المصدر الديبلوماسي الفرنسي أنه في هذه الأجواء “ستطرح على الطاولة مسألة العقوبات” التي ستفرض على المسؤولين اللبنانيين الذين يعرقلون أي تقدم سياسي. وقال المصدر “لم تكن مسألة العقوبات الأولوية في آب وأيلول لكن بعد ستة أو سبعة أشهر باتت مشروعة”.

 

***************************************************************************

 

افتتاحية صحيفة نداء الوطن

مسؤول فرنسي رفيع لـ”نداء الوطن”: نفكّر بمعاقبة المعرقلين

عون يشعل “حرب إلغاء” التكليف والحريري يرد: “إجري على إجرك”

 

على قاعدة “لازم يعمل شي الرئيس” التي شدد عليها رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل في مقابلته المتلفزة الأخيرة، لم يتأخر رئيس الجمهورية ميشال عون في تلبية الإرادة “الباسيلية” السامية، فـ”عمل شي… ما بينعمل”، حسبما جاءت التعليقات السياسية الأولية أمس على إقدامه على خطوة تسطير “مذكرة جلب” بحق رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري إلى قصر بعبدا، ممعناً في إهانته مباشرةً على الهواء، بعد إهانته سابقاً في التسجيل المسرّب من القصر.

 

عملياً، أشعل عون مساءً “حرب إلغاء” تكليف الحريري، مصوّباً مدفعية قصر بعبدا باتجاه “بيت الوسط” ليحاصر الرئيس المكلف بين خيارين: “الاستسلام للشروط العونية أو التنحي عن مهمة التأليف”، الأمر الذي سرعان ما لاقى رداً نارياً بالأعيرة الرئاسية الثقيلة من الحريري، وضع من خلاله عون أمام معادلة: “إجري على إجرك”.

 

ووفق هذه المعادلة أكد الحريري استعداده لتلبية دعوة رئيس الجمهورية إلى اللقاء السابع عشر بينهما “للتأليف فوراً”…وإلا في حال بقي عون “عاجزاً” عن توقيع مراسيم تشكيل حكومة الاختصاصيين، فإنّ الرئيس المكلف طالبه بأن يتنحى ويفسح في المجال أمام إجراء “انتخابات رئاسية مبكرة” باعتبارها الوسيلة الدستورية الوحيدة لإلغاء مفاعيل انتخاب عون من قبل مجلس النواب قبل 5 أعوام “تماماً كما اختاروني رئيساً مكلفاً لتشكيل الحكومة قبل 5 أشهر”.

 

إذاً، بعدما استنفد عون كل محاولات إحراج الحريري لإخراجه، وخابت مساعي الدائرة الاستشارية الرئاسية لابتداع “فتوى دستورية” تتيح نزع ورقة التكليف من قبضته، زادت إطلالة رئيس الجمهورية أمس “طين التأليف بلة” كما رأت مصادر مواكبة للملف الحكومي، معتبرةً أنّ ما أقدم عليه عون “سابقة موصوفة، إذ لم يسبق أن خاطب رئيس جمهورية رئيس حكومة مكلفاً بهذا الشكل المهين علناً”، ورأت في ضوء ذلك أنّ الأمور بلغت “مستويات غير مسبوقة من التصعيد والتراشق الرئاسي” مبديةً خشيتها من “احتدام الأزمة لتسلك مسار الاشتباك الطائفي بين الرئاستين الأولى والثالثة”.

 

باختصار، وبانتظار نتيجة تلبية الحريري الدعوة “الفورية” لزيارة قصر بعبدا خلال الساعات المقبلة، اعتبرت المصادر أنّ عون “قلب طاولة التأليف” في وجه الجميع وليس في وجه الحريري وحده، فهو سعى من خلال كلامه أمس إلى قصف كل جبهات “الوساطات والمبادرات والضغوطات الداخلية والخارجية على حد سواء” معلناً بالفم الملآن أنّ حكومة برئاسة الحريري “ما في”، وأي بحث لحل معضلة التأليف يجب أن ينطلق بدايةً من “إعادة تكليف شخصية أخرى غير الحريري”.

 

وكشفت المصادر أنّ الساعات الثماني والأربعين الماضية كانت قد شهدت سلسلة اتصالات ولقاءات مكثفة بهدف محاولة إيجاد “حل وسط” بين قصر بعبدا وبيت الوسط، وجرت على هذا الأساس محاولات مع الرئيس المكلف لـ”حلحلة” موقفه إزاء تشكيلة الحكومة “بعددها ونوعية وزرائها” غير أنّ المشكلة الحقيقية بقيت تتمحور عند إصرار رئيس “التيار الوطني” على الاستحواذ على الثلث المعطل في أي تشكيلة حكومية، فإما 6 وزراء + وزير للطاشناق في حكومة مؤلفة من 18 وزيراً أو 8 وزراء في حكومة عشرينية، الأمر الذي يرفضه الرئيس المكلف رفضاً قاطعاً، مبدياً تمسكه بوجوب انتزاع موافقة رئيس الجمهورية على توقيع تشكيلة خالية من الثلث المعطل أولاً، وإلا فإنّ أي حديث حول توسعة الحكومة أو من ستؤول إليه حقيبة الداخلية أو حقيبة العدل لن يكون سوى “مضيعة للوقت”.

 

في هذا السياق، وبينما لم تسجل أي محاولة “جدّية” بعد، من جانب “حزب الله”، للإيفاء بالوعد الذي قطعه للجانب الروسي بأن يمارس “ضغطاً لتذليل العقبات التي يضعها باسيل أمام ولادة الحكومة”، دعت المصادر إلى ترقب كلمة الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله اليوم “للبناء عليها بشكل قد يسفر عن جلاء حقيقة موقف “حزب الله” واتضاح هل استجد أي طارئ على توجهاته الحكومية في المرحلة الراهنة”.

 

أما على المستوى الدولي، فأتى لقاء الساعتين أمس بين السفير الروسي وباسيل امتداداً واضحاً للمساعي التي تقودها موسكو مع “حزب الله” وحلفائه في سبيل تسهيل التأليف، في وقت تواصل باريس عبر قنواتها الرئاسية والديبلوماسية ممارسة الضغوط بشكل متواصل على المسؤولين اللبنانيين المعنيين بالتأليف، لحثهم على كسر دائرة المرواحة والعناد. وبرز في هذا الإطار، ما نقلته وكالة “فرانس برس” أمس عن مصدر ديبلوماسي فرنسي لناحية تلويحه بـ”فرض عقوبات” أوروبية على معرقلي التأليف من المسؤولين اللبنانيين، قائلاً: “يجب زيادة الضغط إلى حد كبير على القادة السياسيين في لبنان، وسيكون هذا عمل الأسابيع المقبلة”، وأضاف: “لن نتحرك بمفردنا لكن مع شركائنا الأوروبيين ومع الأميركيين (…) وستطرح على الطاولة مسألة العقوبات”.

 

وعلى الأثر، نقلت الزميلة رندة تقي الدين من باريس عن مسؤول فرنسي رفيع تأكيده لـ”نداء الوطن” أنّ “فرنسا تفكر حالياً مع شركائها الأوروبيين والأميركيين في وضع عقوبات على بعض المسوؤلين اللبنانيين، نتيجة عدم تشكيلهم الحكومة وترك البلد ينهار بينما الشعب اللبناني في معاناة كارثية”.

 

وإذ فضّل عدم الخوض في مسألة الأسماء المرشحة للمعاقبة وماهية العقوبات التي ستطالهم، اكتفى المسؤول الفرنسي الرفيع بالقول: “البحث يجري حالياً حول الموضوع، والعقوبات يتم درسها بحسب التطورات في لبنان”.

 

**********************************************************************

 

افتتاحية صحيفة الجمهورية

الأزمات تستفحل.. وعون يلقي المسؤولية على الحريري.. وبري يطلق نداء 17 آذار

كان ينتظر أن يحرّك تفاقم الازمة شريكي التأليف في اتجاه التفاهم على حلول ومخارج للعقد المانعة لولادة الحكومة، الا انّ سفن التوقعات أبحرت في الاتجاه المعاكس، وقادت الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري من جديد الى حلبة الاشتباك، وهذه المرة عبر المنابر الاعلامية، وهو الامر الذي من شأنه كما هو واضح، ان يجرّ البلد الى اشتباكات سياسية تحت العنوان الحكومي، مترافقة مع تورّم شديد للازمات واستفحالها في شتى المجالات. القاسم المشترك بين الرئيسين انهما تنصّلا من اي مسؤولية عن تعطيل تأليف الحكومة، فألقى كل منهما المسؤولية على الآخر، فرئيس الجمهورية رمى الكرة في ملعب الحريري مخيّراً إيّاه بين التفاهم بينهما على حكومة خارج المسودة التي قدّمها، أو إفساح المجال لغيره لتشكيل هذه الحكومة. فيما جاء رد الحريري بالطريقة ذاتها مُبدياً الاستعداد لزيارة القصر والبحث في التأليف على قاعدة المسودة الحكومية التي قدمها، مخيّراً إيّاه بين القبول بها او بانتخابات رئاسية مبكرة. معنى ذلك انّ العلاقة بين عون والحريري وصلت الى الحائط المسدود، وان الامور بينهما صارت مفتوحة على شتى الاحتمالات، في وقت يندفع البلد مُسرعا نحو السقوط في هاوية كارثية، لن يبقى معها بلد او رئاسات او اي شيء، إن استمر الدفع إليها كما هو جار على خط الاشتباك بين شريكي التأليف، ورفضهما لبعضهما البعض.

تمسحة وفجور

قبل اشتباك الرئيسين، كانت الصورة في أقبح معالمها، وخلاصتها، انّه لو كان في موسوعة «غينيس» مكان لرقم قياسي في «التَمْسَحة السياسية» وقلّة الحياء، لانتزعه حكّام لبنان بلا اي منازع.

 

صار البلد في الحضيض، وصار عمره يقاس بالايام، بحيث لم تبق امامه سوى بضع خطوات ليسقط ويندثر، فيما الفجور والوقاحة هما العنوان لطبقة خبيثة من الحكّام، عائمة على ركام وطن مدمّر، تتسلّط على شعب مقهور سرقوا منه لقمته، وأسقطوه الى ما تحت الارض، وصار في غربة في وطنه، وحكّامه غرباء يسوقونه بأهوائهم وأنانياتهم واستهتارهم، في طابور قهري، الى إبادة جماعيّة لم يشهد مثلها أيّام الحروب والمصائب السابقة التي مرّت على لبنان.

 

الجوع يكبر ويتمدّد على مدار الساعة، في وطن مخطوف يُراد له ان يستسلم لقدره، ويسلّم لخاطفيه الذين يصرّون على نحره على مذبح أحجام وحصص ومكاسب ووزارات ومعايير فارغة وشعارات زائفة وسخيفة، من نتائجها الفورية أنّها جعلت لبنان وطناً قائماً على رمال متحركة تبتلعه شيئاً فشيئاً حتى لا يبقى منه شيء.

 

الجوع يكبر، والخوف من الغد يتعاظم، وطبقة الحكّام لم تقدّم ما يؤشر الى انّها في وارد ان تنزل الى الناس وتشعر معهم وتقدّر ما أصابهم، وتبدّد هواجسهم وخوفهم الكبير مما يخبئه لهم الآتي من الايام. وامام هذه الصورة المفزعة، ينبري السؤال التالي: مما هي معجونة طبقة الحكّام هذه، وكيف لوطن ان يستمر مع طبقة متحكّمة ظالمة للبشر وحتى للحجر في لبنان، وكيف يمكن لشعب ان يخرج من هذه الدوامة مع متحكّمين سرقوا اطمئنانه وامانه؟!لا جواب يلقاه المواطن سوى المزيد من تعنّت الحكّام، ومزيد من الصراع على هيكل حكومي تداعى قبل أن يُبنى، ومزيد من التجاهل للفقر الذي اجتاح بيوت اللبنانيين ويكاد يحوّلهم الى متسولين لرغيف خبز، ويُدخل البلد في فتنة معيشية واجتماعية تخطف حتى الهواء الذي يتنفسه اللبنانيون. وإلى جانب ذلك، مزيد من اعطاء الخارج، كل الخارج، الصديق والشقيق، ما يبرّر له ان يعبّر عن قرف واشمئزاز متزايدين من طبقة الحكّام، وهو ما بات متداولاً بكل صراحة ووضوح، سواء في لقاءات الديبلوماسيين الأجانب مع القادة السياسيين، او في حركة الاتصالات التي تجري بصورة مباشرة او عبر قنوات صديقة مع الفرنسيين او الاميركيين او العرب، وكذلك مع المؤسسات المالية الدولية في البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، والتي تلقي بمسؤولية مفاقمة الأزمة والتعطيل المتعمّد للبلد على السلطة الحاكمة، التي تهرب بشكل فاضح من وصفة العلاج التي يتبنّاها كل المجتمع الدولي، وجوهرها تشكيل حكومة مهمّة تباشر في عملية الإنقاذ والاصلاح، وتلبّي آمال وتطلعات اللبنانيين في تغيير النمط الفاسد الذي ألقى بلبنان في درك ازمة صار من الصعب عليه الخروج منها.

 

الإنقاذ ما زال ممكناً

وبحسب معلومات «الجمهورية»، فإنّ الإشارات التي ما زالت ترد الى لبنان من صندوق النقد الدولي، وكذلك من البنك الدولي، ما زالت تحمل بعض الضوء، وفق ما نقله احد كبار المسؤولين الماليين الدوليين للمراجع المالية الرسمية في لبنان، حيث اعتبر أنّ تشكيل الحكومة في لبنان ما زال يعدّ فرصة للإنقاذ، عبر برنامج اصلاحي مستعجل تضعه هذه الحكومة، يشكّل نقلة نوعية للواقع في لبنان نحو الإنفراج، ويعجّل في دخول لبنان بمفاوضات مع صندوق النقد الدولي، والاتفاق على برنامج تعاون، كان ولا يزال شرطه الاساس ان تبادر الحكومة اللبنانية الى خطوات ملموسة، تؤكّد من خلالها توجّهها الجدّي نحو إجراء اصلاحات جذرية، تأتي في صدارتها مكافحة الفساد.

 

وبحسب ما نقل المسؤول المالي الدولي، انّ باب المؤسسات المالية الدولية مفتوح امام لبنان، ولكن بشرط ان يُقدم المسؤولون في لبنان على اجراءات تنطوي على صدقية وجدّية في توجّه المسؤولين اللبنانيين نحو المعالجات الجذرية، هذا مع التحذير، انّ كل تأخّر في ذلك سيضع لبنان مستقبلاً امام صعوبات كبرى، وانهيارات حتمية في نظامه المالي والاقتصادي. وبالتالي فإنّ الوقت لا يلعب لصالح لبنان على الإطلاق، بل انّ الوضع في هذا البلد جعله مفلساً حتى من الوقت ومن القدرة على تضييع المزيد منه، ما يعني في خلاصة الامر، انّ الكرة في ملعب الحكّام في لبنان.

 

إستغراب غربي

هذا التحذير الذي تبلّغته المراجع المالية الرسمية، توازى مع اسئلة اتهامية مباشرة طرحها ديبلوماسيون اميركيون وفرنسيون على مستويات سياسية ورسمية لبنانية، تنطوي على استغراب شديد لهذا التلكؤ الذي يُمارس على صعيد تأليف الحكومة. وبحسب المعلومات، فإنّ السفيرة الفرنسية في لبنان آن غريو، وبالتوازي مع إعرابها عن تضامن فرنسا الكامل مع لبنان وحرصها على دخوله مرحلة الانتعاش، تعكس اجواء لا تشي بارتياح الايليزيه لعدم التجاوب غير المبرّر وغير المفهوم، مع المبادرة الفرنسية، وهروب القادة في لبنان من الالتزام بما سبق لهم ان التزموا به من تعهدات، تضع المبادرة الفرنسية حيز التنفيذ، عبر تشكيل حكومة وفق مندرجاتها، التي تشكّل فرصة الحل للبنان. علماً انّ المسؤولين الذين يتواصلون مع السفيرة الفرنسية او مع اي من افراد البعثة الفرنسية في لبنان، يتمنون بأن تستمر باريس في جهودها وعدم التسليم امام محاولات تعطيل المبادرة الفرنسية.وبحسب المعلومات، فإنّ الديبلوماسية الفرنسية تؤكّد عدم تخلّي فرنسا عن لبنان، والتزامها باستمرار جهودها تجاه لبنان، لكنّ المطلوب بالدرجة الاولى هو تجاوب القادة اللبنانيين مع المساعي الفرنسية، وهذا الامر تمّ ابلاغه مجدّداً الى بعض المسؤولين اللبنانيين قبل ايام قليلة. وكشفت المصادر، انّ شخصية لبنانية رفيعة المستوى، بادرت في خلال الايام القليلة الماضية الى التواصل مع جهات فرنسية مسؤولة ومعنية بالملف اللبناني، متمنية على الجانب الفرنسي الاستمرار في ممارسة الضغط على الأطراف في لبنان لتسهيل تشكيل حكومة المهمّة وفق المبادرة الفرنسية، وحَمل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري على التفاهم لولادة الحكومة، لأنّ الوضع في لبنان قد شارف على الانهيار الكامل، ويساهم في ذلك التلاعب الخطير في سعر الدولار، الذي بات ينذر بانهيار تام للعملة الوطنية التي فقدت ما يزيد عن 90 في المئة من قيمتها. هذه الاجواء الفرنسية، تلاقت مع اجواء مماثلة تعكسها السفيرة الاميركية في لبنان دوروثي شيا، وآخرها في اللقاء قبل يومين مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، حيث عكست رغبة الولايات المتحدة في ان تتشكّل حكومة في لبنان في اسرع وقت ممكن، ومن دون ابطاء، وخصوصاً انّ الوضع في لبنان بات ينذر بمخاطر توجب ان يتمّ تداركها في مسارعة اللبنانيين الى تشكيل حكومة تحقق مطالب الشعب اللبناني بالإصلاح والإنقاذ ومكافحة الفساد المستشري على كل المستويات.

 

عقوبات

يتقاطع ذلك، مع ما أعلنه مصدر دبلوماسي فرنسي امس، عن انه «على الأوروبيين والأميركيين زيادة «الضغوط» على الطبقة السياسية اللبنانية لتشكيل حكومة جديدة وقد يتم ذلك أيضا من خلال «عقوبات».

 

وصرّح الدبلوماسي لصحافيين «يجب زيادة الضغط إلى حد كبير على القادة السياسيين. سيكون هذا عمل الأسابيع المقبلة». وأضاف: «لن نتحرك بمفردنا لكن مع شركائنا الأوروبيين ومع الأميركيين».

 

وذكر المصدر أنّ «هذا العمل (ممارسة الضغوط) سيحصل بطريقة أسهل بكثير مع إدارة بايدن»، في حين أن دونالد ترامب كان يعتبر لبنان مجرد «عامل لتغيير» معادلة القوى مع إيران.

 

ومنذ استقالة الحكومة بعد الانفجار الضخم الذي هزّ مرفأ بيروت في الرابع من آذار لم تنجح الطبقة السياسية في الاتفاق على تشكيل حكومة جديدة قادرة على تطبيق الاصلاحات، في حين أن البلد بات على شفير فوضى اقتصادية.

 

وتابع المصدر الدبلوماسي الفرنسي أنه في هذه الأجواء «ستطرح على الطاولة مسألة العقوبات» التي ستفرض على المسؤولين اللبنانيين الذين يعرقلون أي تقدم سياسي. وقال المصدر: «لم تكن مسألة العقوبات الأولوية في آب وأيلول، لكن بعد ستة أو سبعة أشهر باتت مشروعة».

 

الإنقاذ يبدأ من هنا

وفي موازاة القلق الذي عبّر عنه الديبلوماسيون الاجانب مع المسؤولين في لبنان، كشف مسؤول كبير لـ»الجمهورية»، انّ الاتصالات مع الفرنسيين لم تنقطع، بل هي مستمرة بشكل شبه يومي، وكذلك الامر مع الاميركيين، وفي نتيجتها، انّ مسؤولية الانقاذ تقع على عاتق اللبنانيين قبل غيرهم، والشرط الاساس هو المسارعة الى تشكيل حكومة، فلا الفرنسيون، ولا الاميركيون ولا اي من الدول العربية على استعداد لتقديم اي دعم مادي للبنان، طالما هو في هذا الفراغ الحكومي، وفي الصراع المخزي على حصص وحقائب ووزارات لا قيمة لها امام وضع يكاد يصبح ميؤوساً منه.وجزم المسؤول عينه، انّ الخارج، كل الخارج متضامن مع لبنان، ويحث على تشكيل حكومة، ولا فيتوات على احد، طالما انّ الحكومة المنوي تشكيلها هي حكومة اختصاصيين من غير السياسيين والحزبيين. كما انّ الخارج مدرك تماماً لأسباب التعطيل، وهي داخلية، يغطيها المعطّلون بإلقاء المسؤولية على الخارج، وهذا ليس واقعياً، بل هو هروب الى الامام ومن المسؤولية، من جهات لبنانية ترفض ان يسود الاستقرار في هذا البلد. وان استمر الوضع على ما هو عليه، فقد لا يطول الوقت ويبادر بعض الديبلوماسيين الى تسمية المعطلين بأسمائهم، وليتحمّلوا المسؤولية امام الشعب اللبناني. وهذا ما ابلغه صراحة بعض السفراء لمسؤولين كبار.

 

اقل من شهر

وسط هذه الاجواء، ابلغ مرجع مسؤول الى «الجمهورية» قوله: «الفرنسيون حريصون على لبنان ويستمرون في إسداء النصح، والاميركيون ابلغونا بشكل مباشر انّهم يريدون حكومة في لبنان في اسرع وقت، للبدء بالإنقاذ والاصلاح، وكلاهما، الاميركيون والفرنسيون، اكّدوا لنا استعدادهم لتقديم كل ما يلزم من مساعدة عندما يستقيم الوضع الحكومي. ولمسنا استعداداً من الأشقاء للوقوف الى جانب لبنان. ومع الأسف، رغم كل ذلك، هناك من هو مصرّ على سدّ الأفق اللبناني، وإبقاء الوضع مترنحاً في هذا التخبّط والخواء الحكومي، في اصعب مرحلة يشهدها لبنان، ويُطفئ اي بصيص امل في تفاهم على حكومة إنقاذية، ويصرّ على تضييعها في صغائره».ولفت المرجع، الى انّ «الجريمة التي ارتُكبت بحق اللبنانيين في الايام الاخيرة، عبر محاربتهم بلقمتهم ورفع سعر الدولار الى مستويات جنونية، كان يُفترض بالحدّ الادنى ان يحرّك الامور باتجاه تأليف الحكومة رحمة باللبنانيين. ولكن مع الاسف، تبيّن انّ بعض العاملين على خط التأليف يعيشون في كوكب المكاسب والمصالح الآنية، ويرفضون النزول الى ارض الواقع. ومن هنا، فإنني ازاء هذا الوضع اعبّر عن خوف كبير على لبنان، وهي المرة الاولى التي اصل فيها الى هذا المستوى من الخوف، انا خائف على وجود لبنان، ولديّ من المعطيات ما يجعلني أُصاب بالهلع لما هو آتٍ علينا وعلى البلد. فلبنان يكاد يصبح اسماً على الخريطة، ولن يكون قادراً على الاستمرار حتى لثلاثة او اربعة اسابيع على الاكثر. وهي اسابيع مصيرية، فإما ان نوجد حلاً، واما ان نحضّر أنفسنا للأسوأ. واما الآن، فقد دخلنا في مرحلة الانفجار، واخشى حصوله في اي لحظة تدفع بالبلد الى الانهيار الكامل، بحيث لا يبقى في البلد لا ليرة ولا دولار ولا لقمة في متناول اللبنانيين».

 

ورداً على سؤال قال: «تعقيدات الأزمة مفتعلة في الداخل، ولا علاقة للخارج، بل بالعكس، الخارج يتحدانا لأن نشكّل حكومة. ولكن كفى ضحكاً على الناس، كل العقدة المعطّلة لتأليف الحكومة مرتبطة بالثلث المعطّل، الذي يريده رئيس الجمهورية وفريقه. هناك ليونة من كل الاطراف الاخرى للتعجيل بتشكيل حكومة، في مقابل تصلّب على مطلب الثلث المعطّل الذي أسقط كل المبادرات والوساطات التي جرت في الآونة الاخيرة. ولو كان لدى المعنيين بهذا الامر، الجرأة والتصريح علناً بما يُقال في المجالس والغرف الضيّقة حيال هذا الامر. ومن هنا انا اجزم انّ مجرّد الاعلان عن التراجع عن مطلب الثلث المعطل فإنّ الحكومة تتشكّل فوراً».

 

العقدة مشتركة

على انّ مصادر سياسية واسعة الإطلاع تؤكّد لـ»الجمهورية»، انّ مسؤولية تعطيل تشكيل الحكومة مشتركة بين الرئيسين عون والحريري، فكلاهما ماضيان في عملية ابتزاز للآخر. فالرئيس المكلّف يبتز رئيس الجمهورية بورقة التكليف، ويرفض التراجع عن شروط حدّدها لإبعاد جبران باسيل عن موقع التحكّم بالحكومة. ورئيس الجمهورية يبتز الرئيس المكلّف بقلم التوقيع، ومعه «التيار الوطني الحر»، الذي جعل نفسه رأس حربة المواجهة مع الحريري، متسلحاً بعضلات رئيس الجمهورية. والمعركة مستمرة بينهما وبلغت نقطة استحالة التعايش في ما بينهم. وهو ما يجري التأكيد عليه علناً وصراحة في مجالسهما وامام بعض الوسطاء.. والاسوأ من ذلك، انّ الطرفين يبتزان المواطن اللبناني في أمنه وأمانه وصولاً الى لقمة عيشه.

 

الى ذلك، وفي موقف لافت، وجّهت هيئة الرئاسة في حركة «أمل» بعد اجتماعها برئاسة الرئيس نبيه بري امس، ما بدا انّه «نداء 17 آذار»، الذي يصادف في الذكرى السابعة والاربعين لانطلاقة الحركة، اكّدت فيه «أنّ لبنان ليس إرثاً عائلياً أو ذرياً لأحد، وليس مشاعاً جغرافياً للتقاسم والإقتسام والتقسيم بين الطوائف والمذاهب والقوى السياسية، إنه وطنُ كل اللبنانيين، هو الضرورة الحضارية للعالم وللإنسانية». وأعلنت الهيئة، انّها ستواجه بكافة الأساليب والوسائل التي كفلها الدستور والقانون، ومن دون هوادة، أي محاولة لتقويض أسس هذا الكيان أو جعله رهينة لأهواء ورغبات البعض أو أصحاب الأجندات الفتنوية المشبوهة.

 

ودعت «اللبنانيين بشكل عام والقيادات الرسمية في مختلف مواقعها بشكل خاص، الى تحمّل مسؤولياتها فوراً، وإلى وقفة تاريخية لإنقاذ لبنان ومنع إنزلاقه نحو مهاوي الإنهيار أو لا سمح الله الزوال. فالمطلوبُ من الجميع تضحية من أجل لبنان وليس تضحية بلبنان من أجل مصالح آنية أو سياسية او شخصية. وعليه، انّ حركة أمل تجدّد التحذير من الاستمرار بالاستهتار بمصالح الناس واوجاعهم، وتركهم فريسة للتفلّت الاقتصادي والمالي وعلى كل المستويات».

واكّدت «انّ المطلوبُ اليوم قبل الغد إنجاز حكومة تكون فيها كل «الأثلاث» للبنان، ليس فيها ثلثاً أو ربعاً او فرداً معطلاً، حكومةٌ تكرّس حقيقة أنّ لبنان وإنسانه يمتلكون القدرة على القيامة من بين ركام الازمات. حكومةٌ تستعيدُ ثقة اللبنانيين وثقة العالم بلبنان دولة المؤسسات والقانون، فمن غير الجائز تحت أي ظرف من الظروف الهروب في هذه اللحظة المصيرية من تحمّل المسؤولية والإمعان في إتباع سياسة الكيد وتصفية الحسابات السياسية والشخصية لتصفية الوطن، حكومة وفقاً لما نصّت عليه المبادرة الفرنسية، هي المدخل لحفظ لبنان وطناً نتلاقى فيه، ونختلف بالكلمة الطيبة من أجل تقدّمه وإستقراره».

 

الهيكل يتهاوى

الى ذلك، باب الأزمات يفتح على مصراعيه من جديد، فأسعار المحروقات زادت بشكل خطير، والحبل على جرار الارتفاع اكثر فأكثر. واما السلع الاستهلاكية فتعاني الشح الخطير في السوق، جراء الاحتكار، وجراء اقفال السوبر ماركت ابوابها، مع الارتفاع الجنوني في سعر الدولار، وسط استمراره في تحليق جنوني. فيما بات مؤكّداً انّ اللعبة سياسية، تضغط بثقل كبير على الواقع اللبناني. فكما ارتفع الدولار بشكل مفاجئ في الساعات الاخيرة الى حدود زادت عن 16 الف ليرة للدولار الواحد، عاد وانخفض امس بشكل مفاجئ ايضاً الى حدود 13500 ليرة، من دون ان يقدّم احد مبرراً لا للارتفاع ولا للانخفاض. علماً انّ كل الخبراء الاقتصاديين والماليين يجمعون على انّ رفع الدولار في الايام الاخيرة سياسي، ويزيد بضعفين عن سعره الطبيعي.

 

إزاء ذلك، يبدو المشهد في البلد وكأنّ الهيكل يتهاوى فوق رؤوس الجميع، بكل معنى الكلمة. وتتظهّر الكوارث المالية والحياتية والاقتصادية والصحية في كل الاتجاهات.

 

المستشفيات تصارع للبقاء، وأوضاعها خطيرة. الصيدليات مُضربة اليوم، في مشهد يعكس وصول تداعيات الأزمة المالية الى القطاع الصحي بقوة. الاطباء يهاجرون جماعياً، وكذلك يفعل الممرضون والممرضات. وقد كُشف امس عن هجرة حوالى 1000 ممرض وممرضة من لبنان، بحيث أصبحت السلسلة الصحية في خطر.

 

وتظهرّت امس، معالم الكارثة المقبلة، والمتمثلة برفع الدعم من دون اجراءات بديلة، ومن دون أي أمل بالبدء في خطة انقاذية تسمح بتخفيف معاناة وقف الدعم. وسبق لوزير المالية غازي وزني أن كشف انّ خفض الدعم سينطلق من المحروقات، والبداية ستكون بالبنزين بتراجع نسبة الدعم من 90% إلى 85%.

 

وفي دراسة أجرتها نقابة اصحاب محطات المحروقات تفيد بأنّه في حال بقي سعر برميل النفط عالمياً على 68 دولاراً مع سعر صرف 14 الفاً للدولار، فإنّ كلفة الـ 5% التي من المقرر خفضها من نسبة الدعم، ستنعكس زيادة 11 الف ليرة على الصفيحة، واذا بدأ تطبيق هذا الخفض نهاية الشهر اي في خلال 14 يوماً، ومع الأخذ في الاعتبار انّ هناك زيادة مرتقبة على اسعار المحروقات الاسبوع المقبل تقدّر بـ 4000 ليرة، من المتوقع ان يرتفع سعر الصفيحة الى 55 الفاً. اما في حال رفع الدعم كلياً، ولا يزال سعر برميل النفط 68 دولاراً وسعر الصرف 14 الفاً، فإنّ سعر الصفيحة حسابياً سيتجاوز الـ 165 الفاً، هذا اذا بقي سعر الدولار على حاله. في حين انّ التقديرات تشير الى انّه سيقفز بقوة، لأنّ مستوردي المحروقات سيضطرون عندها الى شراء الدولارات من السوق السوداء. وفي هذا الوضع، لا يمكن استبعاد فكرة وصول الدولار الى 30 الف ليرة، وسعر صفيحة البنزين الى 300 الف ليرة.

 

****************************************************************************

 

افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط

 

عون يدعو الحريري إلى «التأليف الفوري» للحكومة أو إفساح المجال «أمام كل قادر»

 

وجه الرئيس ميشال عون رسالة إلى اللبنانيين، مساء أمس، دعها فيها رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، إلى قصر بعبدا «من أجل التأليف الفوري للحكومة بالاتفاق معي، وفق الآلية والمعايير الدستورية المعتمدة في تأليف الحكومات من دون تحجج أو تأخير». وأوضح عون أنه «في حال وجد رئيس الحكومة المكلف نفسه في عجز عن التأليف وترؤس حكومة إنقاذ وطني تتصدى للأوضاع الخطيرة التي تعاني منها البلاد والعباد، فعليه أن يفسح في المجال أمام كل قادر على التأليف».

وجاء في كلمة عون:

«أيتها اللبنانيات، أيها اللبنانيون،

كل شيء يهون أمام معاناتكم، التي بلغت مستويات لا قدرة لشعب على تحملها. فالوباء يتربص والفقر والعوز والبطالة والهجرة، والقهر وزوال القدرة الشرائية نتيجة الارتفاع الجنوني للدولار الأميركي مقابل الليرة. كذلك انقطاع المواد الحيوية، وانحسار الدعم الذي كان متوافراً لها، والتخبط الذي تعيشه مختلف السلطات الدستورية والإدارات والمؤسسات المعنية بتأمين مستلزمات العيش، فيما لم نخرج بعد من فاجعة انفجار مرفأ بيروت وتداعياتها الكارثية. صدمة وراء صدمة، وكل يوم يحمل معه أثقاله وهمومه، فيتفاقم القلق بفعل العجز عن أبسط أساليب الحياة الكريمة.

 

آثرت الصمت إفساحاً في المجال أمام المعالجات على مختلف المستويات، وتفادياً لأي حدث من جراء التجاذبات والانقسامات الحادة في المواقف السياسية وانهيار المنظومة الاقتصادية والمالية نتيجة سياسات خاطئة لعقود خلت. إلا أني سلكت درب المساءلة الوعرة في ظل نظام تجذر فيه الفساد السلطوي والمؤسساتي واستشرى، وارتفعت أمامي كل المتاريس، وأنتم تعرفون أني ما اعتدت الإذعان والرضوخ دفاعاً عن كرامتكم وعيشكم الحر الكريم.

أما اليوم، ومن منطلق قسمي، وبعدما تقدم رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري بعناوين مسودة حكومية لا تلبي الحد الأدنى من التوازن الوطني والميثاقية، ما أدخل البلاد في نفق التعطيل، فإني أدعوه إلى قصر بعبدا، من أجل التأليف الفوري للحكومة بالاتفاق معي، وفق الآلية والمعايير الدستورية المعتمدة في تأليف الحكومات من دون تحجج أو تأخير.

أما في حال وجد نفسه في عجز عن التأليف وترؤس حكومة إنقاذ وطني تتصدى للأوضاع الخطيرة التي تعاني منها البلاد والعباد، فعليه أن يفسح في المجال أمام كل قادر على التأليف.

كل ذلك من منطلق مسؤوليته الدستورية وضميره الإنساني والوطني، ذلك أن مثل هذه المعاناة الشعبية لن ترحم المسؤول عن التعطيل والإقصاء وتأبيد تصريف الأعمال.

دعوة مصممة وصادقة للرئيس المكلف إلى أن يبادر فوراً إلى أحد الخيارين المتاحين، حيث لا ينفع بعد اليوم الصمت والتزام البيوت الحصينة، علنا ننقذ لبنان.

لا فائدة من كل المناصب وتقاذف المسؤوليات إن انهار الوطن وأصبح الشعب أسير اليأس والإحباط، حيث لا مفر له سوى الغضب».

 

 

*******************************************************************************

 

افتتاحية صحيفة اللواء

 

لقاء «حافة الهاوية» اليوم: الإعتذار مقابل الإستقالة!

سلامة يعلن عن إجراءات للجم ارتفاع سعر الدولار.. وانفراج في المحروقات بعد إرتفاع الأسعار

 

على خلفية أن «لا فائدة من كل المناصب وتقاذف المسؤوليات إن انهار الوطن، وأصبح الشعب أسير اليأس والإحباط، حيث لا مفر سوى الغضب»، خرج الرئيس ميشال عون عن صمته خارج كل الشاشات بكلمة مقتضبة، عند الثامنة من مساء امس، وعن رفضه الطلب إلى الرئيس المكلف سعد الحريري المجيء إلى بعبدا، للاتفاق على صيغة حكومة جديدة، لها «مهمة واحدة» عاجلة: وقف الانهيار، ومنع البلد من الانزلاق إلى الانفجار الكبير.

 

رمى الرئيس عون الكرة إلى ملعب الرئيس الحريري، وطالبه بأحد خيارين: «تأليف فوري للحكومة للاتفاق معي» أو في حال وجد نفسه في عجز عن التأليف وترؤس حكومة انقاذ وطني تتصدى للاوضاع الخطيرة «فعليه أن يفسح في المجال امام كل قادر على التأليف».

 

وبعد كلمة الرئيس عون سارت مواكب سيارة باتجاه قصر بعبدا.

 

في الواقع، لم يتأخر رد الرئيس الحريري، وفيه:

 

1- سأزوره للمرة السابعة عشرة واذا عجز عن توقيع مراسيم التشكيل فليتح المجال لانتخابات رئاسية مبكرة.

 

2- قال الحريري: بعد اسابيع عديدة على تقديمي تشكيلة متكاملة لحكومة اختصاصيين غير حزبيين قادرة على تنفيذ الاصلاحات المطلوبة لوقف الانهيار والشروع باعادة اعمار ما دمره انفجار المرفأ في بيروت، منتظراً اتصالاً هاتفياً من فخامة الرئيس ليناقشني في التشكيلة المقترحة لاصدار مراسيم الحكومة الجديدة، وهي اسابيع زادت من معاناة اللبنانيين التي كانت قد بدأت قبل اختياري من قبل النواب لتشكيل الحكومة بأشهر طويلة، تفاجأت، كما تفاجأ اللبنانيون جميعاً، بفخامة الرئيس وهو يدعوني عبر كلمة متلفزة إلى القصر الجمهوري، من اجل التأليف الفوري بالاتفاق معه وفق الآلية والمعايير الدستورية المعتمدة، كما قال فخامته.

 

3- وبما انني قد زرت فخامة الرئيس 16 مرة منذ تكليفي بنفس الهدف الذي وضعه فخامته، للاتفاق على حكومة اختصاصيين غير حزبيين قادرة على تنفيذ الاصلاحات المتفق عليها ووقف الانهيار الذي يعاني منه اللبنانيون، فاني اجيبه بالطريقة نفسها انني سأتشرف بزيارته للمرة السابعة عشرة فوراً إذا سمح جدول مواعيده بذلك، لمناقشته في التشكيلة الموجودة بين يديه منذ اسابيع عديدة، والوصول الفوري إلى اعلان تشكيل الحكومة.

 

4- اما في حال وجد فخامة الرئيس نفسه في عجز عن توقيع مراسيم تشكيل حكومة اختصاصيين غير حزبيين قادرة على تنفيذ الاصلاحات المطلوبة، لوقف الانهيار الذي تعاني منه البلاد والعباد، فسيكون على فخامته ان يصارح اللبنانيين بالسبب الحقيقي الذي يدفعه لمحاولة تعطيل ارادة المجلس النيابي الذي اختار الرئيس المكلف، والذي يمنعه منذ شهور طويلة عن افساح مجال الخلاص امام المواطنين، وأن يختصر آلامهم ومعاناتهم عبر اتاحة المجال امام انتخابات رئاسية مبكرة وهي الوسيلة الدستورية الوحيدة القادرة على الغاء مفاعيل اختياره من قبل النواب لرئاسة الجمهورية قبل خمسة اعوام، تماماً كما اختاروني رئيساً مكلفاً لتشكيل الحكومة قبل خمسة أشهر.

 

وكان الرئيس الحريري استقبل بعد ظهر أمس في «بيت الوسط» سفير مصر ياسر علوي وعرض معه آخر المستجدات والأوضاع العامة والعلاقات الثنائية بين البلدين.

 

كما استقبل النائب جبران باسيل السفير الروسي في بيروت الكسندر روداكوف.

 

وانتقد الرئيس نجيب ميقاتي مقاربة الرئيس عون للأمور، لكنه دعا الرئيس المكلف إلى المبادرة انطلاقاً من الحرص على البلد ووحدته وسلامته.

 

هذه المرة أيضاً، وتقديم التشكيلة الحكومية التي يراها مناسبة وفق المعيار الذي وضعه عند تكليفه وهو تشكيل حكومة اختصاصيين. وليتخذ فخامة الرئيس الموقف الوطني الذي يتناسب مع الأوضاع الخطيرة التي نمر بها.

 

.. وبعد فالسؤال: هل ينعقد لقاء بين الرئيسين، ومتى؟ وهل سبقته تحضيرات، أم يعقد عند حافة الهاوية، بين حدين خطيرين: تطالبني بالاعتذار، أطالبك بالاستقالة، والذهاب لانتخابات رئاسية مبكرة..

 

واحدة بواحدة..

 

المخرج عبر المجلس النيابي، الأسلحة دستورية.. ليس البحث في التأليف، بل في الفراق.. فهل اللقاء للافتراق؟

 

وقالت مصادر معنية ان الاجتماع بين الرئيسين عون والحريري عند الحادية عشرة من قبل ظهر اليوم، حاسم ونهائي، ودعت الرئيسين عون والحريري لمراجعة متأنية للتجربة التي مضت منذ تكليف الرئيس الحريري في 22 ت1 2020 تأليف الحكومة، وعدم الذهاب إلى القطيعة الأخيرة، في حال ينتظر الشعب اللبناني معجزة صدور المراسيم، لا الذهاب إلى الجحيم.

 

ووصفت مصادر سياسية كلمة رئيس الجمهورية الموجهة الى الرئيس المكلف، بانها غير مقبولة بالشكل والمضمون معا، ولا تعبر عن رغبة حقيقية لحل ازمة تشكيل الحكومة، بل تختزن في مضمونها تأجيج الازمة بدل حلها. بالنسبة للشكل، لو كانت نية رئيس الجمهورية تسهيل ولادة الحكومة الجديدة بالسرعة الممكنة لحل الازمة،لما كان الامر يستلزم توجيه كلمة متلفزة لدعوة الرئيس المكلف لاستئناف المشاورات حول التأليف بعد انقطاع التلاقي بينهما منذ نهاية العام الماضي، بل يمكن الاتصال به مباشرة ودعوته للالتقاء به على الفور لاسيما وان اللقاءات بينهما بلغت ١٦ وهو رقم قياسي لتشكيل اي حكومة كانت ولكن كان رئيس الجمهورية ينقلب دائما فيما بعد على التفاهمات التي تحصل خلالها.

 

اما في المضمون، فالاسواء ما فيها انقلاب رئيس الجمهورية على مرتكزات المبادرة الفرنسية وتحديده مواصفات الحكومة وفق مقاييس وطموحات معلنة من رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل سابقا، وليس وفق الأسس التي تمت تسمية الرئيس المكلف على اساسها من قبل الاغلبيه النيابية بالاستشارات النيابية الملزمة. اما تخيير رئيس الجمهورية الرئيس المكلف بين الاسراع بتاليف الحكومة او الاعتذار عن مهمته بالتشكيل، فليست مقبولة،لانه ليس من صلاحية رئيس الجمهورية الدستورية تحديد الخيار الذي ينتهجه رئيس الحكومة المكلف الذي يحق له بمفرده اتخاذ القرار الذي يراه مناسبا.

 

وأكدت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أنه بعد كلمة رئيس الجمهورية أمس بشأن دعوته الحريري التأليف أو الإفساح في المجال أمام شخصية أخرى في حال عدم القدرة على التأليف وبيان الرد من الرئيس المكلف ينتظر معرفة الخطوة المقبلة مع العلم ان الرئيس الحريري فند في بيانه ما يرغب في أن يقوله.

 

ورأت المصادر إن ما يفهم أيضا من الكلمة الرئاسية أن الرئيس عون قدم مبادرة بالدعوة ولم يقطع أي حبل يتصل بالتشكيل بالتعاون مع الرئيس المكلف.

 

ولفتت المصادر إلى أن الوضع الراهن لم يعد يسمح بأطالة الأزمة، لكن السؤال المطروح ما إذا كان خرق ما يسجل وما اذا كانت هناك فرصة جديدة للتوافق على عملية تأليف الحكومة أو أن هناك من قرار يتخذه رئيس الحكومة المكلف.

 

اما أوساط مراقبة فقالت عبر اللواء أن اللقاء بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف قد يعقد لكن ذلك لا يعني أن الحكومة ستبصر النور فورا ومن هنا لا بد من ترقب التحركات السياسية المقبلة.

 

ولفتت إلى أنه ليس معروفا ما إذا كانت هناك من صيغ جديدة ستطرح أو أن تنازلا سيحصل في المواقف قائلة أن الغد لناظره قريب.

 

الوضع الحكومي

 

حكومياً، أكد مصدر متابع لإتصالات تشكيل الحكومة ان اي تقدم في المفاوضات والمبادرات لم يحصل بعد برغم عودة تحرك اللواء عباس ابراهيم اليوم، ولازالت المواقف على حالها، لا سيما لجهة رفض الرئيس المكلف سعد الحريري اي صيغة تتضمن بشكل مباشر او غير مباشر الثلث الضامن لرئيس الجمهورية وللتيار الوطني الحر.

 

وتقول المصادر ان تحرك الساعين للحل هدفه بالدرجة الاولى لجم ارتفاع الدولار وطمأنة العاملين في القطاع الاقتصادي والانتاجي والتجاري، ومحاولة بث أجواء إيجابية لتهدئة الشارع.

 

وجال النائب طلال أرسلان والوزير السابق صالح الغريب امس، على كل من الرئيس ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري في حضور معاونه النائب علي حسن خليل وجرى عرض الأوضاع العامة، ومسار عملية التشكيل الحكومي.

 

مبادرة المجلس الشيعي

 

استقبل مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان في دار الفتوى نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب، على رأس وفد ضم المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان والأمين العام للمجلس الشيعي نزيه جمول.

 

وقد طرحت مبادرة هي محل تشاور مع سائر القيادات الروحية والمرجعيات الدينية، بأن نقوم نحن كمرجعيات بمساهمة وسعي من أجل تقريب وجهات النظر والتواصل مع المسؤولين من أجل حل هذا الإشكال الموجود في تأخير تأليف الحكومة، لأن الوضع لم يعد يحتمل، والخطر كبير جدا. وبعيدا عن كل الطروحات التي ليس وقتها الآن، لأن هناك خطرا وجوديا على البلد، من أجل ذلك فان أول ما يجب فعله السعي لتحقيقه وهو الأرضية لكل الحلول السياسية لوجود حكومة، فمن دون تأليف حكومة لا يمكن أن يكون هناك إصلاح ولا حل لجميع المشاكل التي يعاني منها البلد، الحكومة اليوم وجودها ضروري جدا، لأن الناس وصلوا الى مرحلة شديدة من الجوع، والغلاء وفقدان الدواء، وهذا ينذر بأوضاع سيئة في المستقبل وبإنفجار، وربما نحن أصبحنا على شفير الهاوية، من أجل ذلك نحن نطلق هذا الموقف من هذه الدار الكريمة وسنتشاور مع سائر المرجعيات الدينية للخروج برأي موحد إن شاء الله، ولتصبح هذه المبادرة فعلية نتواصل مع سائر المسؤولين.

 

وحذرت هيئة الرئاسة في حركة «أمل» في الذكرى 47 لانطلاق الحركة، من الاستمرار بالاستهتار بمصالح النّاس واوجاعهم، وتركهم فريسة للتفلت الاقتصادي والمالي، وعلى كل المستويات، معلنة ان المطلوب اليوم قبل الغد إنجاز حكومة تكون فيه كل «الأثلاث» للبنان، وليس فيها ثلثاً أو ربعاً أو فرداً معطلاً..

 

سلامة: ضبط ارتفاع الدولار

 

مالياً، وبعد عودته إلى بيروت، التقى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني، وعرض عليه بعض الاقتراحات، قبل عرضها على المجلس المركزي للمصرف اليوم، معرباً عن اعتقاده أن هذه الاقتراحات ستؤدي إلى خفض سعر صرف الدولار في السوق الموازية (السوداء).

 

كما زار الحاكم سلامة الرئيس المكلف في بيت الوسط، وجرى التطرق إلى الوضع المالي والنقدي الخطير.

 

وعلى الارض، بين توترات الشارع حيث سقط جرحى في عائشة بكار عصر امس بالتزامن مع استمرار قطع الطرقات في بيروت ومعظم المناطق، وبين غموض الوضع الحكومي، تراجع سعر صرف الدولار قليلا لكن بقي الوضع المعيشي مرتفع الحرارة حيث اقفلت الكثيرمن المؤسسات والمحلات ابوابها نتيجة غلاء كل المواد الغذائية والخضار، وصولا الى البنزين الذي اعلنت المديرية العامة للنفط في وزارة الطاقة والمياه عن ارتفاع سعر صفيحة البنزين الى 40 الف ليرة، وسجلت اعتراض ناشطين في منطقة الجومة عكار شاحنة نقل صغيرة على طريق عام ممنع – تاشع محملة بخزاني مازوت وبنزين مموهين معدة للتهريب وجرى توزيع حمولتها على عامة الناس.

 

بالمقابل، دعت الصيدليات الى الاقفال التام والاضراب اليوم الخميس. وجاء في الدعوة «نظرا للظروف الاقتصادية القاهرة وتفلت الدولار في السوق السوداء، ونظرا لعدم قدرتنا على الاستمرار في العمل داخل صيدلياتنا بسبب فقدان الدواء من الصيدليات والكلفة التشغيلية الباهظة التي أصبحنا نتكبدها بسبب غلاء الدولار، نعلن الاضراب العام والاقفال التام يوم الخميس الواقع فيه 18 آذار 2021، علنا نوصل صرختنا الى المعنيين لكي ينظروا بوضع القطاع الصيدلي المنهار تفاديا للوصول للانهيار التام الذي يمكن ان يهدد الأمن الدوائي والأمن الصحي للمريض».

 

بدورها، أعلنت  نقيبة الممرضات والممرضين في لبنان ميرنا ضومط في مؤتمر صحفي حال طوارئ تمريضية في لبنان بسبب استمرار حال النزف وعدم تلقي الممرضين اللقاح. وطالبت بدفع الرواتب كاملة وبمواعيدها وتسديد كل المستحقات المتأخرة وتطبيق سلسلة الرتب والرواتب في المستشفيات الحكومية وتثبيت الممرضين والممرضات واحتساب 40 في المئة من الراتب على أساس سعر الصرف الرسمي في المنصة ووقف الصرف التعسفي وفتح باب التوظيف.

 

البنزين بأربعين

 

واعلنت المديرية العامة للنفط في وزارة الطاقة والمياه في بيان لها:

 

انه «بناء على ما ورد في بعض وسائل الاعلام حول التأخير في صدور جدول تركيب الاسعار ليوم الاربعاء (امس) وارتفاع سعر المشتقات النفطية، يهم المديرية العامة للنفط في وزارة الطاقة والمياه ان توضح للرأي العام انها قامت بدراسة علمية وموضوعية ترتكز الى مؤشرين: الاول سعر النفط عالميا، والثاني يرتبط مباشرة بالارتفاع الحاد لسعر الدولار الأميركي، حيث يلزم مصرف لبنان من خلال التعميم الصادر عنه تأمين 10 في المائة من القيمة الكلية للسعر النهائي بالدولار الأميركي بالسعر الحالي السائد في السوق. وبالتالي تم تسعير اسعار المحروقات كالأتي:

 

ديزل أويل مركبات : 27,700 ل.ل

 

بنزين 95 أوكتان : 38,800 ل.ل

 

بنزين 98 أوكتان : 40,000 ل.ل

 

تزامنًا مع التحركات الاحتجاجية التي تشهدها معظم المناطق اعتراضًا على تردّي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وصل عدد من المحتجين الى محيط القصر الجمهوري في بعبدا. واستقدم الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي تعزيزات أمنية الى المنطقة.

 

واعتصم عدد من المواطنين أمام منزل وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال راوول نعمة، في الاشرفية.ورددوا شعارات «انزل شوف الشعب شو بدو والشعب عم بيموت». وكان عددٌ منهم قد اعتصم أمام مقر الوزارة في وسط بيروت صباحاً.

 

قطوع بيروت

 

وتجاوزت بيروت قطوعاً خطيراً بعد الرابعة من بعد ظهر أمس، خلال احتجاجات على الأوضاع المعيشية في منطقة عائشة بكار، بين شبان محتجين حاولوا منع سلوك السيّارات وحصل تلاسن عندما حاول سامر عمار العبور، وجرى تلاسن أدى إلى إطلاق نار، فاستنجد سامر بوالده، وهو من شرطة مجلس النواب، فأصيب عمار، وعمر الكوش، فتدخل الجيش، لمنع حصول مضاعفات من زاوية أن الحادث فردي.

 

وصدر عن «تيار المستقبل» ما يلي:

 

ما شهدته منطقة عائشة بكار، بعد ظهر أمس، إشكال فردي، لا علاقة لـ«تيار المستقبل» به لا من قريب ولا من بعيد، ولا أسباب أو أبعاد سياسية له، وقيادة التيار تعمل، مع أهالي المنطقة والمعنيين والأجهزة الأمنية، على التهدئة ومعالجة تداعيات الإشكال.

 

وأوضحت مصادر مقربة من حركة أمل أن لا علاقة للعميد يوسف دمشق، توضيحًا لما يجري تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية، أفادت مصادر مقربة من حركة أمل أن لا علاقة للعميد يوسف دمشق بالحادثة لا من قريب ولا من بعيد، كما أنه لا يوجد مدير مكتب لديه أصيب بهذه الحادثة.

 

التحركات

 

ميدانياً، عمد عدد من المحتجّين إلى التجمع أمام وزارة الاقتصاد، وذلك احتجاجاً على ارتفاع الأسعار وتدني قدرة المواطن الشرائية. وحصل إشكال بين المحتجّين والقوى الأمنية على خلفية محاولة الدخول إلى مبنى الوزارة.

 

وفي النبطية، اقدمت مجموعة شبابية عصر أمس على اقفال طريق عامً النبطية دوار كفررمان عند مفترق قصر العدل احتجاجا على الاوضاع المعيشية المتدهورة وارتفاع سعر صرف الدولار.

 

وعمد المحتجون الى وضع العوائق الحديدية واضرام النيران بالاطارات المطاطية وسط الطريق وسط هتافات المنددة بالسلطة الحاكمة وناهبي المال والعام وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة.

 

426977 إصابة

 

صحياً، سجلت وزارة الصحة في تقريرها اليومي إصابة 3544 إصابة جديدة بالكورونا و62 حالة وفاة خلال الـ24 ساعة الماضية، ليرتفع العدد التراكمي إلى 426977 إصابة مثبتة مخبرياً منذ 21 شباط 2019.

 

***********************************************************************

 

افتتاحية صحيفة الديار

بعبدا وبيت الوسط : تحديات متبادلة على صفيح المقارعة الدستورية الساخن

محمد بلوط

عون يخيّر الرئيس المكلف : الصعود للتاليف الفوري معي او افساح المجال لكل قادر

الحريري : ساتشرف بالزيارة واذا عجزت عن التوقيع صارح بالحقيقة وافسح المجال لانتخابات رئاسية مبكرة

 

ما الذي يوقف الفلتان الذي بات يكتسح المناطق والشوارع وينذر بالفتنة في ظل استمرار حرب عض الاصابع بين الاطراف والقوى السياسية؟ الى متى

 

سيبقى المسؤولون والقوى السياسية مستمرون في صراعهم تاركين البلد والناس تغرق في هذا الانهيار الكبير الذي لم يشهده لبنان حتى في مرحلة الحرب الاهلية؟

 

هل وصلت هذه الصراعات الى السقف الذي بات تجاوزه يهدد باحتراق الجميع؟ وهل يستفيق المعنيون ويدركون قبل فوات الاوان بان الخلاف على وزير من هنا وحقيبة من هناك يكاد يطيح بكل الوطن؟ وهل صحيح ان تشبث هذا الطرف بالثلث المعطل وذاك الطرف بالتمسك بحساباته ورهاناته سيؤمن سلامة البلد ويطمئن اللبنانيين الى مستقبلهم ؟

 

اسئلة كثيرة مطروحة في ظل استمرار الازمة الحكومية بينما تنزلق البلاد الى الهاوية بشكل دراماتيكي خطير نحو الهاوية.

 

وفي ظل هذا المشهد المظلم تبرز المعطيات والتطورات التالية:

 

 كلمة عون

 

– الموقف البارز للرئيس ميشال عون في الكلمة التي وجهها مساء امس عبر وسائل الاعلام الذي خيّر فيه الرئيس الحريري بين «الصعود الى قصر بعبدا من اجل التاليف الفوري للحكومة بالاتفاق معي وفق المعاييير الدستورية المعتمدة في تاليف الحكومات من دون تحجج او تاخير ، وفي حال وجد نفسه في عجز عن التاليف وترؤس حكومة انقاذ وطني تتصدى للاوضاع الخطيرة التي تعاني منها البلاد والعباد ، فعليه ان يفسح في المجال امام كل قادر على التأليف.»

 

وتابع « دعوتي للرئيس المكلف تاتي من منطلق مسؤوليته الدستورية وضميره الانساني والوطني ، ذلك ان مثل هذه المعاناة الشعبية لن ترحم المسؤول عن التعطيل والاقصاء وتأبيد تصريف الاعمال ، ودعوتي مصممة وصادقة للرئيس المكلف الى ان يبادر فورا الى احد الخيارين المتاحين ، حيث لا ينفع بعد اليوم الصمت والتزام البيوت الحصينة علّنا ننقذ لبنان».

 

ولفت عون الى ان «لا فائدة من كل المناصب وتقاذف المسؤوليات ان انهار الوطن واصبح الشعب اسير اليأس والاحباط ، حيث لا مفر له سوى الغضب».

 

واشار رئيس الجمهورية الى» انني آثرت الصمت افساحا في المجال امام المعالجات على مختلف المستويات وتفاديا لاي حدث من جراء الانقسامات الحادة في المواقف السياسية وانهيار المنظومة الاقتصادية والمالية نتيجة سياسات لعقود خلت».

 

وقال «سلكت درب المساءلة في ظل نظام تجذر فيه الفساد السلطوي والمؤسساتي ، وارتفعت امامي كل المتاريس ، وانتم تعرفون اني ما اعتدت الاذعان والرضوخ دفاعا عن كرامتكم وعيشكم الكريم.»

 

 رد الحريري

 

ورد الرئيس الحريري ببيان مماثل اشار في مستهله الى انه بعد اسابيع على تقديمه «تشكيلة متكاملة لحكومة اختصاصيين غير حزبيين قادرة على تنفيذ الاصلاحات المطلوبة لوقف الانهيار .. منتظرا اتصالا هاتفيا من فخامة الرئيس ليناقشني في التشكيلة المقترحة لاصدار مراسيم الحكومة الجديدة وهي اسابيع زادت من معاناة اللبنانيين …تفاجأت كما تفاجأ اللبنانيون جميعا بفخامة الرئيس يدعوني عبر كلمة متلفزة الى القصر الجمهوري من اجل التاليف الفوري بالاتفاق معه وفق الالية والمعايير الدستورية المعتمدة كما قال فخامته. وبما اني زرت فخامة الرئيس ١٦ مرة منذ تكليفي للاتفاق على حكومة اختصاصيين غير حزبيين قادرة على تنفيذ الاصلاحات المتفق عليها لوقف الانهيار، فاني اجيبه بالطريقة نفسها انني سأتشرف بزيارته للمرة السابعة عشر فورا اذا سمح جدول مواعيده بذلك لمناقشته في التشكيلة الموجودة بين يديه منذ اسابيع عديدة والوصول الفوري لاعلان تشكيل الحكومة».

 

« اما في حال وجد فخامة الرئيس نفسه في عجز عن توقيع مراسيم تشكيل حكومة اختصاصيين غير حزبيين … فسيكون على فخامته ان يصارح اللبنانيين بالسبب الحقيقي الذي يدفعه لمحاولة تعطيل ارادة المجلس النيابي الذي اختار الرئيس المكلف والذي يمنعه منذ شهور طويلة عن افساح مجال الخلاص امام المواطنين وان يختصر الامهم ومعاناتهم عبر اتاحة المجال امام انتخابات رئاسية مبكرة وهي الوسيلة الدستورية الوحيدة القادرة على الغاء مفاعيل اختياره من قبل النواب لرئاسة الجمهورية قبل خمسة اعوام تماما كما اختاروني رئيسًا مكلفا لتشكيل الحكومة قبل خمسة اشهر».

 

وذكرت مصادر مطلعة ان الحريري سيصعد اليوم الى بعبدا.

 

لا تقدم

 

– من جهة أخرى لم تحرز المساعي التي لم تتوقف اي تقدم يذكر، وقال مصدر مطلع للـ «الديار» ان الرئيس بري الذي نشط مؤخرا للدفع باتجاه الحل وتسريع الاتفاق على تشكيل الحكومة التزم الصمت مفضلا عدم الكلام او التعليق على كل ما يقال في هذا الموضوع.

 

واضاف المصدر انه لم يطرأ اي جديد في الساعات الماضية بعد ان عادت الامور الى المربع الاول بسبب استمرار الخلاف بين الرئيسين عون والحريري حول الافكار والصيغ التي طرحت اكان على اساس حكومة الـ ١٨ او حكومة الـ ٢٠.

 

 موقف امل

 

ولفت امس بيان هيئة الرئاسة لحركة امل بعد اجتماعها برئاسة بري وتأكيدها «ان لبنان ليس ارثا عائليا او ذريا، وليس مشاعا للتقاسم والاقتسام والقسمة والتقسيم ، وان المطلوب حكومة تكون فيها كل الأثلاث للبنان».

 

ودعت القيادات الرسمية الى «وقفة تاريخية لانقاذ لبنان ومنع انزلاقه نحو مهاوي الانهيار او لا سمح الله الزوال».

 

واكدت « ان حركة امل ازاء مخططات توطين الاشقاء اللاجئين الفلسطينيين وازاء مشاريع تثبيت النازحين السوريين في اماكن تواجدهم لن تكون حيادية.»

 

 نصرالله اليوم

 

– تترقب الاوساط السياسية كلمة وما سيقوله الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله اليوم في يوم الجريح ، حيث يتناول التطورات المحلية والاقليمية والدولية، ومنها الانهيار الحاصل والازمة الحكومية.

 

والمعلوم ان نصرالله كان حث الرئيسين عون والحريري على التفاهم والاتفاق خارج الثلث المعطل والتمسك بصيغة الـ ١٨، واعرب عن السعي لتحقيق هذا الاتفاق.

 

والجدير بالذكر ايضا ان وفد حزب الله الذي يزور موسكو برئاسة النائب محمد رعد كان اكد للمسؤولين الروس ان الحزب « لن يقصر في اداء واجبه لتسهيل الاجواء الملائمة لتشكيل الحكومة».

 

واشار في حديث له ان روسيا تبدي اهتماما جديا في الاسراع بتشكيل الحكومة وتسهيل مهمة الرئيس المكلف سعد الحريري.

 

وقالت المعلومات امس ان حزب الله الذي لم يوقف دعمه للاسراع في تاليف الحكومة في صدد بذل المزيد من الجهد بموزاة تحرك الرئيس بري لردم الهوة بين عون والحريري.

 

وتوقعت مصادر مطلعة ان يتحدث السيد نصرالله عن هذا الجهد في اطار التأكيد على اهمية وضرورة تجاوز الخلافات نحو الاسراع في تاليف الحكومة.

 

 اقتراحات لتخفيض الدولار

 

– بقي سعر الدولار متفلتا ومحلقا لكنه لم يتجاوز السعر الذي سجله اول امس اي الـ ١٥ الف ليرة ولم يسجل ارتفاعا كما كان يحصل في الايام الماضية، وتراوح سعره في السوق السوداء بين ١٤٤٠٠ و١٤٥٠٠ ليرة ، في ظل شلل واقفال العديد من المحلات والمؤسسات التجارية مع استمرار الاحتجاجات وقطع الطرق.

 

والبارز على الصعيد المالي والنقدي اعلان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بعد اجتماعه مع وزير المال غازي وزنة انه عرض عليه بعض الاقتراحات التي يعتقد انها ستؤدي الى انخفاض سعر الدولار.

 

وسبق ذلك ترؤس سلامة اجتماعا للمجلس المركزي لمصرف لبنان لهذه الغاية . كما ذكرت المعلومات انه زار لاحقا الرئيس الحريري في بيت الوسط.

 

ولم تكشف مصادر المجلس المركزي عن هذه الاقتراحات، مشيرة الى انه جرت مناقشة الحلول المالية والنقدية اللازمة، لكننا في الوقت نفسه نحتاج الى حل اقتصادي جذري مع تشكيل الحكومة الجديدة سريعا لانه في غيابها تبقى الحلول مؤقتة.

 

– وعلى وقع الازمة وارتفاع الدولار سجلت اسعار المحروقات امس قفزة كبيرة وفق التسعيرة الرسمية التي صدرت رغم تاكيد وزارة الطاقة في بيان لها استمرار الدعم لهذه المادة لكنها عزت سبب الزيادة الى الارتفاع الكبير لسعر الدولار.

 

وبلغ سعر صفيحة البنزين ٩٨ اوكتان وفق الوزارة ٤٠ الف ليرة والـ ٩٥ اوكتان ٣٨٨٠٠ ليرة ، والمازوت ٢٧٧٠٠ ليرة ، وقارورة الغاز ٢٨١٠٠ ليرة.

 

وبقي مشهد الطوابير امام محطات الوقود رغم صدور التسعيرة الرسمية الجديدة . وتراجعت حدة ازمة المحروقات في الجنوب بعد ان بادر الجيش الى تزويد مصفاة الزهراني بمليوني ومئة الف ليتر بنزين من احتياطه، واعلان نقيب شركات التوزيع فادي ابو شقرا عن انه سيتم تزويد محطات الجنوب بالمحروقات بعد انقطاع لعدة ايام.

 

 الاحتجاجات والشارع

 

وفي ظل الانهيار المستمر والازمات المتفاقمة بعد الارتفاع الجنوني للدولار تواصلت الاحتجاجات وقطع الطرق في مختلف المناطق، لكن المشاركة الشعبية فيها بقيت باعداد محدودة مع تسجيل مشاركة من بعض انصار الاحزاب والتيارات والجماعات السياسية.

 

ولفت تحرك واعتصام لقطاع الشباب في التيار الوطني الحر بعد ظهر امس امام مصرف لبنان في جونيه. كما تجمع عشرات المحتجين بعد الظهر ايضا على طريق القصر الجمهوري لبعض الوقت دون حصول اي اشكال مع الجيش والقوى الامنية بعد ان كانوا تجمعوا قبل الظهر امام وزارة الطاقة وحاولوا اقتحامها ثم انتقلوا الى منزل وزير الطاقة راوول نعمة احتجاجا على ارتفاع الاسعار واختفاء المواد المدعومة.

 

وسجلت عمليات قطع طرق في بيروت والضاحية الجنوبية والشمال والبقاع والجنوب وعلى الطريق الرئيس في الشوف مساء.

 

وبسبب خلاف على قطع احد الشوارع في بيروت حصل اشكال فردي استخدم فيه اطلاق النار ادى الى اصابة اربعة اشخاص احدهمم اصابته خطرة وتوتر اجواء المحلة لوقت قصير قبل عودة الهدوء اليها، بعد ان تدخل الجيش اللبناني.

 

 كورونا والتدهور الصحي

 

على صعيد آخر انسحب الانهيار الذي يعصف بالبلاد على القطاع الصحي الذي كان يتغنى به لبنان والذي يتعرض اليوم الى ضغوط شديدة لاسباب عديدة منها التدهور الاقتصادي والمالي ، والضغوط الكبيرة التي احدثها ويحدثها وباء كورونا، وهجرة عدد كبير من الاطباء والممرضات والممرضين البلاد بسبب الازمة، عدا عن ارتفاع الدولار الجنوني الذي انعكس على كل القطاعات وادى الى شلل واقفال عدد كبير من المؤسسات.

 

ورغم ان القانون لا يسمح باضراب الصيدليات وحجب الدواء عن المواطنين يمنع نقابة الصيادلة من الدعوة للاضراب فقد اعلن النقيب غسان الامين امس ان الصيادلة تداعوا وقرروا الاضراب اليوم بسبب الحالة الصعبة التي وصلوا اليها. وتوقع ان يشارك في الاضراب القسم الاكبر من الصيادلة.

 

وبرر هذه الخطوة بالوضع المتردي لاصحاب الصيدليات لا سيما بعد الارتفاع الكبير لسعر الدولار وغلاء المعيشة، مطالبا برفع جعالة الصيادلة على الادوية ما عدا الضرورية من ٢٢،٥ بالمئة الى نسبة يتفق عليها مع وزارة الصحة.

 

والمعلوم ان الدعم لم يرفع عن الدواء حتى الآن، لكن الصيادلة يسعون الى زيادة اسعار قسم من الادوية بنسبة معينة كما بدأ يحصل في قطاعات اخرى، وبالتالي تحميل المواطنين مزيدا من الاعباء المالية والمعيشية، عدا عن مشكلة اخفاء العديد من اصناف الادوية وبيعها بالقطارة.

 

واعلنت امس نقيبة الممرضات والممرضين ميرنا ابي عبدالله حالة الطوارىء الصحية بسبب ما اصاب ويصيب هذه الشريحة من المواطنين رغم ما يقومون به من عمل مضن وجهد غير عادي في هذه الظروف مع انتشار وباء كورونا، مطالبة بانصافهم. واشارت الى ان اكثر من الف ممرضة وممرض تركوا البلد والمهنة بسبب الاوضاع، والى ان خمسة منهم توفوا بسبب كورونا الى جانب اصابة اكثر من الفين.

 

اما على صعيد وباء كورونا فان ميزان انتشاره بقي مرتفعا برنامج الحجر الذي اتبعته الحكومة والذي صار على عتبة المرحلة الثالثة.

 

واعلن مدير العناية الطبية في وزارة الصحة جوزف الحلو امس ان أسرّة العناية الفائقة في بيروت وجبل لبنان ممتلئة عن آخرها ، مشددا على ضرورة الالتزام بالتدابير الوقائية حتى للذين تلقحوا. وقال ان اللقاح ما زال يأتينا بالقطارة.

 

واعلن وزير الصحة حمد حسن من جهة اخرى ان الوزارة تتريث بانتظار اتخاذ القرار النهائي بشأن استخدام لقاح استرازينيكا ، لكنه اشار الى ان التصاريح خلال الـ ٤٨ ساعة الاخيرة تقول ان فوائده اكثر بكثير من من المخاطر التي اثيرت اذا اثبت فعلا انها مرتبطة بالتجلطات الحاصلة. ولفت الى ان لقاح استرازينيكا كان يفترض ان يصل للبنان منتصف الشهر كما وعدنا لكنه تأخر من قبل الشركة.

 

واعلنت منظمة الصحة العالمية امس ان منا فع اللقاح المذكور تفوق مخاطر محتملة، ونصحت باستمرار استخدامه.

 

والجدير بالذكر ان اكثر من ١٨ دولة اعلنت تعليق استخدامه لفترات متفاوتة بانتظار الدراسات وتقارير منظمة الصحة والوكالة الاوروبية للادوية التي ستصدر تقريرها اليوم.

 

وفي ظل بطىء عملية التلقيح عبر وزارة الصحة بسبب قلة الكميات التي تحصل عليها علمت الديار من مصادر مطلعة ان وتيرة لجوء جمعيات واحزاب ومؤسسات الى شراء والحصول على كميات من اللقاح قد ارتفعت بصورة ملحوظة مؤخرا، وان بعضها باشر بعمليات التلقيح في مناطق مختلفة.

 

واعلن عضو كتلة الجمهورية القوية فادي كرم عن مؤتمر صحفي يعقده اليوم للحديث عن مبادرة للقوات اللبنانية للتلقيح في الكورة. كما كان اعلن ايضا عن خطوة مماثلة في بشري.

 

**********************************************

افتتاحية صحيفة الشرق

الحريري لرئيس الجمهورية:إذا كنت عاجزاً..فاستقل   

 

رد  الرئيس سعد الحريري على الاطلالة التلفزيونية لرئيس  الجمهورية العماد ميشال عون فأصدر البيان التالي:

 

بعد اسابيع عديدة على تقديمي تشكيلة متكاملة لحكومة اختصاصيين غير حزبيين قادرة على تنفيذ الاصلاحات المطلوبة لوقف الانهيار والشروع باعادة اعمار ما دمره انفجار المرفأ في بيروت، منتظرا اتصالا هاتفيا من فخامة الرئيس ليناقشني في التشكيلة المقترحة لإصدار مراسيم الحكومة الجديدة، وهي اسابيع زادت من معاناة اللبنانيين التي كانت قد بدأت قبل اختياري من قبل النواب لتشكيل الحكومة بأشهر طويلة، تفاجأت، كما تفاجأ اللبنانيون جميعا، بفخامة الرئيس وهو يدعوني عبر كلمة متلفزة إلى القصر الجمهوري، من اجل التأليف الفوري بالاتفاق معه وفق الآلية والمعايير الدستورية المعتمدة، كما قال فخامته.

 

وبما انني قد زرت فخامة الرئيس 16 مرة منذ تكليفي بنفس الهدف الذي وضعه فخامته، للاتفاق على حكومة اختصاصيين غير حزبيين قادرة على تنفيذ الاصلاحات المتفق عليها ووقف الانهيار الذي يعاني منه اللبنانيون، فإني اجيبه بالطريقة نفسها انني سأتشرف بزيارته للمرة السابعة عشر فورا إذا سمح جدول مواعيده بذلك، لمناقشته في التشكيلة الموجودة بين يديه منذ اسابيع عديدة، والوصول الفوري إلى اعلان تشكيل الحكومة.

 

اما في حال وجد فخامة الرئيس نفسه في عجز عن توقيع مراسيم تشكيل حكومة اختصاصيين غير حزبيين قادرة على تنفيذ الاصلاحات المطلوبة، لوقف الانهيار الذي تعاني منه البلاد والعباد، فسيكون على فخامته ان يصارح اللبنانيين بالسبب الحقيقي الذي يدفعه لمحاولة تعطيل ارادة المجلس النيابي الذي اختار الرئيس المكلف، والذي يمنعه منذ شهور طويلة عن افساح مجال الخلاص امام المواطنين، وان يختصر آلامهم ومعاناتهم عبر اتاحة المجال امام انتخابات رئاسية مبكرة وهي الوسيلة الدستورية الوحيدة القادرة على إلغاء مفاعيل اختياره من قبل النواب لرئاسة الجمهورية قبل خمسة اعوام، تماما كما اختاروني رئيسا مكلفا لتشكيل الحكومة قبل خمسة اشهر.

 

وكان الرئيس الحريري التقى في بيت الوسط السفير المصري ياسر علوي وعرض معه العلاقات الثنائية والتطورات.

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram