افتتاحية صحيفة البناء
سورية تُنهي 10 سنوات حرب صامدة… وروسيا لمبادرة سياسيّة من الباب العربيّ
بري يتريّث بسبب السقوف العالية... وباسيل للحريريّ شكّل أو اعتذر /
حزب الله في موسكو لمشاورات إقليميّة... واستبعاد لمبادرة حكوميّة
تنهي سورية السنة العاشرة من الحرب المفتوحة عليها، بصمود استثنائي واجهت خلاله ثلاث موجات من أنواع مختلفة من الحروب، كانت الأولى فيها ترتكز على الضغوط السياسية والإعلامية لتحريك الحشود الشعبية، وتفكيك مؤسسات الدولة، وتكرار مشاهد الربيع العربيّ بأخذها إلى الفوضى. وجاءت الثانية بحشد عشرات الآلاف من العناصر الإرهابية المدعومة من تحالفات دولية وإقليمية للسيطرة على الجغرافيا، بنيّة الإمساك بالسلطة كحدّ أعلى وإنجاز أرضية تتيح فرض التقسيم كحد أدنى، وتتواصل الثالثة بعدما نجحت الدولة السورية بدعم من حلفائها باحتواء الموجتين الأولى والثانية، بتمسّك الأغلبية الشعبية بالدولة وتماسك مؤسساتها، وتتمثل الموجة الثالثة المستمرة منذ ثلاث سنوات بالعقوبات والحصار والضغوط المالية والاقتصادية، أملاً بفرض تنازلات عن سيادة ووحدة سورية، أو تفكيك التمسك الشعبي بالدولة والتماسك السياسي لمؤسساتها. وقال الدبلوماسيان الأميركيان جيفري فيلتمان وروبرت فورد إنها أصيبت بالفشل، وتسعى روسيا للاستثمار على نتائج الصمود السوري لإطلاق مبادرة سياسيّة لرفع الحظر عن الحل السياسي والنهوض الاقتصادي معاً، من بوابة عودة سورية الى الجامعة العربية، الذي يتحرّك عليه وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف وشكلت زيارته الخليجية ترجمة لها، ضمن مسعى يطال تفعيل العملية السياسية عبر اللجنة الدستورية، ورفع الحظر عن تمويل عودة النازحين وإعادة الإعمار.
بالتوازي تستقبل موسكو وفداً قيادياً من حزب الله برئاسة رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، ضمن مسعى روسي للوقوف على قراءة حزب الله للأوضاع الإقليمية بعد تسلّم إدارة الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن لمقاليد الحكم، والاستعداد لملاقاة الفرضيات والاحتمالات بما فيها فرص التسويات في الملفات الساخنة، بخطط مشتركة، واستبعدت مصادر متابعة للزيارة أن تخرج بمبادرة تتصل بالمأزق الحكومي في لبنان.
لبنانياً، يبدو الوضع مغلقاً على فرص الحلحلة، ويندفع البلد بسرعة نحو الهاوية، حيث ارتفاع سعر الدولار ينتج تداعيات تتخطى الشأن الاجتماعي الذي تجاوز حدّ الفقر، إلى الشأن الأمنيّ مع تسجيل ارتفاع واضح في نسب الجرائم العاديّة من كسر وخلع وسرقة سيارات، بينما تصاعدت مشاهد المواجهات في المجمّعات التجارية بين المستهلكين على البضائع المدعومة، التي باتت ستاراً لتمويل التجار وتهريب الأموال إلى الخارج، فيما حذّرت مصادر أمنيّة من مخاطر الاقتراب من الفوضى الشاملة وظهور ملامح الأمن الذاتيّ في الأحياء والمناطق.
على الصعيد السياسيّ، قالت مصادر معنية بالملف الحكومي إن رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي كان يدرس إطلاق مبادرة لحلحلة العقدة الحكومية، قرّر التريث في مبادرته بسبب السقوف العالية التي لا تتيح فرص تحقيق أي تقدّم، بينما قال رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل إن الأزمة الحكومية ناتجة عن سعي الرئيس المكلف سعد الحريري إلى فرض أحد سيناريوهين، حكومة تحاصر رئيس الجمهورية، أو فراغ حكوميّ حتى نهاية العهد الرئاسي، داعياً الحريري إلى الاختيار بين تأليف الحكومة أو الاعتذار، إذا كان حريصاً على منع وقوع الانهيار، لأن رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر لن يرضخا لأحد خيارَيْ الهيمنة أو الفراغ.
حتى الساعة، لا تزال اتصالات التأليف الحكومي تدور في الحلقة نفسها، فلا حكومة في المدى المنظور وفق مصادر مطلعة على مسار الوساطات لـ «البناء»، فملف التشكيل لا يزال غير محسوم حتى الساعة عند الأطراف المتنازعة، المفاوضات التي حصلت في الأيام الماضية لم تصل الى نتيجة، وطرح الرئيس نبيه بري لم يلقَ الصدى المطلوب، معتبرة أن الرهان يبقى على المساعي الخارجية التي بدورها لم تنجح في دفع القوى المعنيّة على تسهيل تشكيل الحكومة، مشدّدة على أن المسؤوليّة تقع على عاتق الجميع، فكل فريق من الأفرقاء يحاول الهروب من تحمل مسؤولية الانهيار. وليس بعيداً ترى المصادر ان المعنيين يعرقلون تنفيذ الإصلاحات المطلوبة منهم، ولذلك يفضلون انتظار التسويات الخارجية لتأليف حكومة تشبه الحكومات السابقة تبقي على أدائهم التحاصصي في المؤسسات والوزارات.
الى ذلك تبدأ زيارة وفد حزب الله برئاسة النائب محمد رعد اليوم الى موسكو، حيث سيلتقي اليوم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، كما سيلتقي الوفد أيضاً مبعوث الرئيس فلاديمير بوتين الخاص لشؤون الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا، فضلاً عن لقاءات مع ممثلي البرلمان الروسي في زيارة سوف تستمر 4 أيام سيناقش الوفد خلالها قضايا إقليميّة أولها الملف السوري والوضع اللبناني».
وفي السياق أشار النائب رعد، إلى أنه «ليس هناك جدول أعمال محدد النقاط، قد نمرّ على موضوع تشكيل الحكومة، لكن في سياق تقييمنا لأوضاع لبنان وضرورة الاستقرار فيه والسعي من أجل الإسراع في تشكيل الحكومة». وأوضح أن جلسات النقاش سوف تتحدّد ما بين وزارة الخارجيّة ولجنة الخارجيّة في مجلس الدوما وبعض المسؤولين واعتقد أننا ستتاح لنا فرصة اللقاء مع بعض المسؤولين في مستوى وزارة الخارجيّة». وعن إمكانية أن تلعب الدولة الروسية دوراً في ملف تشكيل الحكومة اللبنانيّة قال رعد: «نأمل أن تأخذ روسيا دورها الطبيعي في مواكبة المساعي القائمة والضغط من أجل تسريع الحلول المطلوبة، التي يقررها الشعب اللبناني».
واعتبر رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل أن الصمود هو عنوان المرحلة ويكون عبر تحديد خيارات استراتيجية وتموضعات انتقاليّة في السياسة الخارجية والداخلية وعبر سياسة تنظيمية داخلية تسمح بالتأقلم والتحمّل تحقيقاً لما اعتاد عليه التيّار من صمود ومرونة.
ورأى، في مؤتمر صحافي في ذكرى 14 آذار، أن عودة اللاجئين والنازحين شرط وجودي للبنان، مشدداً على أن التيار الوطني الحر يريد الاتفاق بين اللبنانيين على مفهوم واحد هو عدم انغماس لبنان في قضايا لا ارتباط له ولمصالحه بها.
وقال باسيل: «عانى التيار الوطني الحر من إمساك منظومة سياسية – مالية بمفاصل الدولة والقرار وعاش إثر ذلك كسائر اللبنانيين أزمة الانهيار الكبير في المال والاقتصاد وأزمة سقوط النظام».
وأكد رئيس التيار الوطني الحر تصميم التيار إعادة النظر بوثيقة التفاهم بينه وبين حزب الله ومراجعتها لتطويرها بما يحقق حماية لبنان، مشيراً إلى أن التيار مستعدّ لكل حوار لتوسيع المساحة بين اللبنانيين ويعمل لتحقيق الإصلاحات على مختلف الصعد.
وقال: «بناء الدولة يكون من خلال مكافحة جديّة للفساد وإجراء كافّة الإصلاحات، تطوير النظام بما يوقف تعطيله ويؤمّن الشراكة الوطنية الكاملة»، معتبراً أن الحل المستدام لمكافحة الفساد يبقى عبر قضاءٍ مستقّلٍ وفعّال واعتماد الحكومة الالكترونيّة لوقف الرشوة وتسهيل وتسريع المعاملات الادارية.
وحول الملف الحكوميّ، اعتبر باسيل انّ «الحكومة التي نريدها اليوم قبل الغد لن تصحّح وحدها الأمور. فالمشكلة أنّ هناك انهياراً اقتصادياً ومالياً وفي المقابل النظام السياسي «مش شغّال»، فهل الرئيس ميشال عون هو من صنع الثغرات في دستور الطائف؟».
وأشار باسيل الى أنه ليس مرشحًا للرئاسة، وتابع: «أتحدّى أن يقول أحد إنني فاتحته بهذا الموضوع».
ورأى باسيل انّ «الهيلا هو والعقوبات ومواقف الرئيس المكلف سعد الحريري ليست بالصدفة».
وقال باسيل: «اخترعوا أخيراً أنهم لا يقبلون إلا أن نعطيهم الثقة، وهم يريدون حصار الرئيس من ضمن الحكومة «وتدقيق جنائي رح نشوف ساعتها» وهم يستخدمون الدولار وآخر همّهم ما يحصل للناس»، مشدداً على ضرورة «تشكيل حكومة لمعالجة الأوضاع الملحّة والقيام بحوار وطني لأنّ الدول لن تنفعنا»، لافتاً الى «أنهم يريدون ان ينهوا عهد الرئيس ميشال عون بالقول إن هذه التجربة فشلت ولهذا يدخلون بحسابات النصف زائداً واحداً والثلث والثلثين في الحكومة، علمًا أنها يفترض أن تكون حكومة اختصاصيين».
وأضاف: «يصوّرون انّنا ضدّ السنّة فقط بسبب التفاهم مع «حزب الله»، لكننا نسعى دائماً للتفاهم مع الجميع وبينهم تيار المستقبل»، وتابع: «تحدّثنا مع «حزب الله» في الحاجة الى تطوير التفاهم ونزع السلاح بالقوّة يسبّب حرباً في الداخل ونزاعاً في الإقليم، لكن بالتفاهم يمكن وضع إطار له».
وأكّد البطريرك الماروني بشارة الراعي أنه مثلما نتفهم غضب الشعب نتفهم أيضاً تذمّر المؤسسة العسكرية. فالجيش هو من هذا الشعب، ولا يجوز وضعه في مواجهة شعبه. والجيش هو من هذه الشرعية، ولا يحق لها إهمال احتياجاته وعدم الوقوف على معطيات قيادته ومشاعر ضباطه وجنوده. والجيش هو القوة الشرعية المنوطة بها مسؤولية الدفاع عن لبنان، فلا يجوز تشريع أو تغطية وجود أي سلاح غير شرعيٍ إلى جانب سلاحه. والجيش هو جيش الوطن كله، ولا يحق أن يجعله البعض جيش السلطة. والجيش هو جيش الديمقراطية ولا يحق لأحد أن يحوله جيش التدابير القمعيّة. والجيش بكل مقوّماته هو رمز الوحدة الوطنية ومحققها. بالمحافظة عليه، نحافظ على الوطن وسيادته وحياده الإيجابي، وعلى الثقة بين أطيافه، والولاء له دون سواه.
وبانتظار أن تجتمع اللجان المشتركة يوم الثلاثاء للبحث في اقتراح القانون المعجّل والمكرّر الرامي إلى إعطاء سلفة لكهرباء لبنان لعام 2021، فإن طلب التيار الوطني الحر سلفة بقيمة 1500 مليار ليرة لمؤسسة كهرباء لبنان لا يزال محل أخذ ورد. وقالت مصادر مطلعة لـ «البناء»، إن إقرار القانون في البرلمان سوف يستتبع بفتح السلفة المذكورة أو الاعتماد من قبل وزارة المال من دون أن يعني ذلك على الإطلاق أن المصرف المركزيّ سوف يصرفها وفق سعر الرسميّ خاصة أن هذا الأمر من شأنه أن يكون على حساب الاحتياطي الإلزامي الذي يرفض الحاكم المركزي رياض سلامة المسّ به وما تبقى من أموال المودعين، هذا فضلاً عن أن الأمر من شأنه أن يؤدي الى رفع الدعم عن المواد الأساسية والمحروقات والأدوية.
صحياً، يواصل عداد كورونا التحليق يومياً مع إعادة فتح البلد وعودة التحركات الى الشارع، وأعلنت وزارة الصحة العامة تسجيل 3086 إصابة جديدة رفعت العدد التراكمي للحالات المثبتة الى 418448. كما تمّ تسجيل 46 حالة وفاة. واعتبر وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن أن موضوع لقاحات كورونا لا يمكن أخذه شعبوياً. ورأى وزير الصحة أن من يريد المبادرة عبر الوزارة عليه تفهّم الشح العالميّ للقاح وإذا كان الأمر يتعلق بموضوع سعر اللقاح فيجب عدم إلقاء اللوم على الوزارة.
*************************************************************************
افتتاحية صحيفة الأخبار :
انهيار سعر الليرة مستمر… هل اقتربت الفوضى؟ | عون والحريري يرفضان مبادرة بري
كلما ظن الناس أنهم وصلوا إلى القعر، تبيّنوا وجود قعر أعمق. صار جلياً أنه لم يعد لانخفاض سعر الليرة من نهاية. وصار انخفاض ألف أو ألفي ليرة في سعرها بالنسبة إلى الدولار عادياً. تلك البلادة في التعامل مع الواقع، تظهر في تأليف الحكومة الذي ينتقل من أزمة إلى أزمة مهما كثرت المبادرات، وآخرها مبادرة الرئيس نبيه بري، التي اصطدمت برفضين
تحوّل سعر صرف الدولار إلى هوس بذاته. يترقّبه حتى من لا قدرة له على الحصول عليه. أما تأثيراته المأسوية على المجتمع والاقتصاد، فلم تعد ذات شأن بالنسبة إلى الأغلبية الساحقة من الناس الذين تآكلت مداخيلهم منذ زمن. خلال يومي عطلة ارتفع سعر الدولار ألفي ليرة. لامس 13 ألفاً، وعلى الأرجح لن يتأخر في الوصول إلى 15 ألف ليرة. لم يعد الرقم مهماً سوى لقياس مستوى عمق الانهيار. حالة استسلام كاملة يعيشها الناس الباحثون عن لقمة العيش، فيما السلطة غائبة تماماً عن أي حلّ. الحلول الترقيعية على شاكلة توقيف الصرّافين وتتبّع المنصّات الإلكترونية تزيد الأزمة لا العكس. لكن المشكلة الأساس أن لا أحد يملك خطة للخروج من الأزمة التي بدأت تنبئ بالفوضى. ما حصل في واحد من المحال التجارية الكبرى ليس تفصيلاً. اقتحامه وتكسير محتوياته بحجة إخفائه منتجات مدعومة، معطوفاً على ما سبقه من صراع على علبة حليب أو "غالون زيت" تعني أن الناس بدأت تُسقط عنها ضوابط كانت لا تزال تفرضها على نفسها. وهؤلاء تزداد معاناتهم يوماً بعد يوم. بعض المواد الغذائية مفقود من الأسواق. نقيب أصحاب السوبرماركت أعلن أن الأسعار، التي ارتفعت بشكل جنوني من عام إلى اليوم، سترتفع 20 في المئة إضافية هذا الأسبوع. محطات البنزين تزيد من وتيرة الإقفال، وهذا، على ما يؤكد عاملون في القطاع، أمر يجب أن يعتاده اللبنانيون. فتقنين فتح الاعتمادات من مصرف لبنان يؤدي إلى تقنين الكميات الموزّعة إلى المحطات، والتي بدورها إما تعمل على تقنين التوزيع اليومي ليكفي إلى حين وصول الشحنة التي تلي، أو تستهلك المخزون دفعة واحدة، ثم تضطر إلى إقفال أبوابها لأيام. تلك معاناة تعيشها بيروت كما باقي المناطق. لكنها أشد قسوة في الأطراف، لأن شركات التوزيع خفّضت الكميات التي تصلها. الكهرباء أيضاً مدعاة للقلق. عتمة. لا عتمة. لا أحد يملك الجواب الشافي. بين الصراعات السياسية وتقنين فتح الاعتمادات الدولارية والإدارة المتهالكة للقطاع، كل شيء ممكن. ولذلك بدأ الناس يبحثون عن خطط طوارئ لمواجهة لا استقرار "كهرباء الدولة" وارتفاع أسعار كهرباء المولدات.
ما الذي يبقى من سبل العيش؟ حتى ربطة الخبر لا تستقر على سعر ولا على وزن. إذا لم يرفع وزير الاقتصاد سعرها، يلجأ إلى خفض وزنها. لكن كل ذلك لا يؤشّر إلى أي تغيير. الطبقة الحاكمة بدأت تعدّ العدة لشبكة أمان طائفية، تعتمد بشكل رئيسي على المساعدات الاجتماعية للأتباع والمحاسيب.
"وينيي الدولة" سؤال بدأ مزحة منذ سنوات وانتهى واقعاً إجابته واحدة: لا دولة ولا مؤسسات. فقط مجموعة أشباح يتنقّلون بين الشاشات، لا همّ لهم سوى تبرئة أنفسهم من دم البلد. هكذا يصبح طبيعياً أن يكافح الفاسدون أنفسهم الفساد. وهو اليوم تحديداً ليس مشكلة البلد. مشكلة البلد في الإدارة المدمّرة للاقتصاد والمال والنقد. لكن مع ذلك، ليس متوقعاً أن يرحل أي من المسؤولين عن هذا الدمار. الكل باق. ووحده المحظوظ من الناس يجد إلى الهرب سبيلاً.
المطلوب خطة إنقاذية شاملة تعيد إلى الناس بعضاً من الأمل الذي فقدوه. لكن من يأتي بهذه الخطة؟ من يعطّلون البلد بحثاً عن كرسي وزاري بالناقص أو بالزائد، أو من ينتظرون انحناءة رأس من الخارج تسمح لهم بالمبادرة؟
حتى الحديث عن تطورات أزمة تأليف الحكومة صار ممجوجاً. ولو حُلّت كل العُقد فلن يتغيّر المشهد. ماذا يعني تأليف الحكومة في هذا الوضع؟ هل سيبتعد شبح الجوع؟ سيتنفس الناس الصُعداء لبرهة. سيهدأ سعر الدولار لبرهة. ثم تعود الصراعات، ولا سيما على خطة الخروج من الأزمة، لتقضي على أي أمل. كل طرف رأيه معروف مسبقاً. لكل خطوطه الحمر التي تقود إلى منع التغيير.
مع ذلك، خبر من نوع "الرئيس نبيه بري يطلق مبادرة حكومية" قد يكون كافياً لبث أمل زائف. أمل لن يطول قبل أن يتلاشى على فشل المبادرة، بعد أن رفض الرئيس سعد الحريري مبادرته المبنية على حكومة من 20 وزيراً. تلك خطوة بنيت على موافقة رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط على زيادة عدد مقاعد الدروز إلى اثنين، على أن يتشارك مع رئيس الحزب الديمقراطي طلال أرسلان، الذي زاره أول من أمس في كليمنصو، في تسميته. مبادرة بري الثانية كانت بالعودة إلى صيغة 18 وزيراً، على أن يقترح هو عدداً من الأسماء لوزارة الداخلية، يختار منها الرئيس ميشال عون والحريري اسماً من بينها. كذلك، لم يطل الوقت قبل أن يأتي الرفض من عون المتمسّك بحق تسمية وزير الداخلية.
في هذا الوقت، كان النائب جبران باسيل يعيد رسم أولويات التيار الوطني الحر، في مؤتمر صحافي تلا خلاله الورقتين السياسية والاقتصادية للتيار. نزع باسيل عنه ثوب السلطة، متحدثاً عن "معاناة التيار من إمساك منظومة سياسية ومالية بمفاصل الدولة والقرار". وقال إن التيار "عاش، كسائر اللبنانيين، أزمة الانهيار الكبير في المال والاقتصاد، وأزمة سقوط النظام، الأمر الذي دفعه إلى معالجة عميقة لخياراته وممارساته التي يجب أن تفضي إلى صوغ مقاربة مختلفة لهواجس اللبنانيين وحلولٍ لمشاكلهم، وأن تؤسس لنظامٍ جديدٍ يُبنى على أسس الصيغة والميثاق ويستفيد من العثرات المتأتيّة من الطائفيّة والفساد".
أما في الاقتصاد، فقد أكد باسيل دعم الاقتصاد الحرّ ودور القطاع الخاص فيه، مع "تمسّكه" بشبكات الأمان الاجتماعيّة. وما بين الاثنين، أشار إلى "مرونة لناحية التعاطي مع أصول الدولة ومواردها وثرواتها وكيفيّة الإفادة منها بحسب مصلحة اللبنانيين".
وكرر باسيل إشارته إلى تصميم التيار على "إعادة النظر بوثيقة التفاهم بينه وبين حزب الله ومراجعتها بنيّة تطويرها بما يحقق: حماية لبنان عن طريق استراتيجية دفاعية، بناء الدولة من خلال مكافحة جديّة للفساد وإجراء كافّة الإصلاحات، تطوير النظام بما يوقف تعطيله ويؤمّن الشراكة الوطنية الكاملة"، مؤكداً أنّ "غاية التفاهم مع حزب الله ليست مصلحية ولا ثنائية، بل إشراك الجميع فيه وإشعارهم بنتائج حسيّة لعملية تطويره وإعادة الأمل بأنّه سيُسهم في قيام الدولة، ويكون السلاح جزءاً من الدولة يشعر اللبنانيون بالقوة من خلاله، من دون الخوف منه".
"انفجار" قرب منزل السيد
أمنياً، سُجّل مساء أمس انفجار جسم مجهول (رُجِّح أنه قنبلة صوتية) بين منزلي النائبين جميل السيد وفؤاد مخزومي، من دون أن تتضح ماهيته. ولم يشأ السيد، في اتصال مع "الأخبار"، إعطاء الأمر أبعاداً سياسية أو أمنية متصلة به، في انتظار جلاء حقيقة الأمر.
************************************************************************
افتتاحية صحيفة النهار
الانهيار يتدحرج… والسلطة استسلام وتواطؤ
على وقع انهيار كبير متسارع، بالكاد تمكن اللبنانيون من احياء ذكرى انتفاضة استقلالية سيادية تاريخية شهدها لبنان في 14 آذار2005، فاذا بذكراها الـ16 امس تمر عبر الخوف المتعاظم من اخطر التداعيات السيادية والسياسية والاقتصادية والمالية والاجتماعية مجتمعة لكارثة باتت وقائعها تسابق التحذيرات من حصولها.
صحيح ان بوادر آخر جولات الانفجار الاحتجاجي الذي بدأ الأسبوع الماضي شكلت جرس انذار متقدماً لعاصفة متفجرة جديدة في لبنان تحمل هذه المرة نذر فوضى مخيفة، لكن الخطر ظل عند حدود الضبط في الحد الأدنى الى نهاية الأسبوع الماضي حيث بدا واضحا ان التفلت المالي في السوق السوداء لتسعير #الدولار بات العنوان الأكبر للحريق المخيف الذي يزحف تباعاً على البلاد.
ذلك ان الساعات الـ72 الأخيرة تحولت بوقائعها المالية اشبه بدفع متعمد للبلاد نحو #الانهيار الشامل الذي سيستتبع حكما كارثة اجتماعية تنفجر بأسوأ وجوه الغضب الشعبي بعدما رفعت الدولة والسلطات السياسية والحكومية والنقدية والمالية ايديها استسلاما أمام ذاك المجهول الغامض المقنّع الذي يتلاعب بأسعار الدولار ولا احد يزعم القدرة على لجمه. والحال انه لو كانت هناك حكومة كاملة الصلاحيات واندلعت موجة الاشتعال في سعر الدولار ومعها اشعال الشوارع اللبنانية على أوسع واشمل نطاق كالذي حصل يوم السبت الفائت، لكانت سقطت في الشارع شر سقوط بأسوأ من التجربة الشهيرة لحكومة عمر كرامي في 6 أيار من عام 1992 التي أسقطها ارتفاع قياسي آنذاك للدولار الهب الشارع بالتظاهرات الغاضبة. مع حكومة تصريف اعمال تجرجر ذيولها وفشلها منذ سبعة اشهر ومعاندة مخيفة لفريق العهد وحليفه الحزب الحديدي في عدم الافراج عن حكومة وضع المجتمع الدولي معاييرها غير القابلة للتغيير كحد ادنى لعبور الدعم الدولي الملح الى لبنان المختنق الذي يصارع البقاء تحت وطأة الانهيارات المتعاقبة، انفجر “دولار لبنان” مجددا وهذه المرة بسقوف “سوبرقياسية” يستحيل تصور أي قدرة لدى اللبنانيين على تحملها من دون اشتعال ما يتجاوز #الثورة او #الانتفاضة المنظمة الى فوضى قد تكون أسوأ مما شهده لبنان في تجارب الحروب.
بين سقفي الـ12 الف ليرة و13 الف ليرة، بدا لبنان في الساعات الأخيرة امام لحظة مفزعة اذ لم يقتصر المشهد والتداعيات على اشتعال التظاهرات وقطع الطرق السبت ومن ثم تجدد قطع الطرق امس بل ان الأنظار ستتجه اليوم الى الأسواق والمتاجر والسوبرماركت وكل القطاعات التجارية والإنتاجية وما اليها لترصد الارتفاعات المطردة في أسعار السلع كافة ربطا بتحليق أسعار الدولار الذي بات عمليا بلا رادع وبلا سقف. وتاليا، وامام الخواء السياسي المخيف والمعاندة الخيالية في ازمة تشكيل الحكومة التي وحدها الوسيلة الحصرية للجم اندفاعات الانهيار الكبير، لم يعد الخوف من كارثة زاحفة مجرد توقع او تضخيم او تخويف، بل ان ما يخيف فعلا هو اجماع الخبراء الماليين والسياسيين سواء بسواء على ان الكارثة بدأت وستكون متدحرجة من دون سقوف ما لم يردعها حل سياسي طارئ وعاجل يفرج عن الحكومة الانقاذية المطلوبة داخليا وخارجيا. اما الأسوأ من واقع استرهان الكارثة للعناد السياسي او العجز او حتى التآمر فبرز في الكلام الذي تداولته مواقع تواصل اجتماعي عن اتهامات لاصحاب نفوذ في تسخير منصات للتلاعب بأسعار الدولار او الحديث عن متواطئين يملكون كتلا مالية كبيرة ويتحكمون بتسعير الدولار، وكل هذا لم يقترن بعد بتثبيت او ملاحقة او توضيحات كأن الازمة أفلتت من كل اطر السيطرة والضبط والتحكم.
في أي حال عكس الواقع السياسي المنكفئ عن كل المحاولات الجدية لإنعاش جهود تاليف الحكومة ريبة متنامية حيال مجريات الانهيار وارتباطها أولا وأخيرا بأزمة تعطيل تاليف الحكومة الجديدة بما يثير مزيدا من الشكوك المشروعة في نيات الفريق المعطل الذي يتلطى وراء ذرائع لم تعد تنطلي على أي جهة خارجية بدليل اتساع الانتقادات العلنية والضمنية لدول معنية مباشرة بالجهود المتصلة بلبنان كفرنسا وروسيا وبريطانيا للسلطة الحاكمة في تفرجها على الانهيارات الحاصلة وعدم تخليها عن المعاندة السياسية.
في 14 آذار
ولم يكن غريبا والحال هذه ان تتظهر تكرارا ملامح الانقسامات بين الفريق السيادي السابق والفريق العوني في #ذكرى 14 آذار التي يحييها كل منهما على طريقته.
وفي ذكرى انتفاضة 14 آذار، أشار الرئيس المكلف سعد الحريري إلى “أن شهادة الرئيس رفيق الحريري ورفاقه صنعت 14 آذار، انتفاضة استثنائية في تاريخ لبنان عمدّها قادة رأي وسياسة بدمائهم وتضحياتهم” وقال في سلسلة تغريدات عبر “تويتر”، “14 آذار مشروع وطن وتحرر ومصالحة، زرع في وجدان اللبنانيين مشهدية شعبية وسياسية وحضارية لن تتمكن من محوها ارتدادات المتغيرات الاقليمية ولا السياسات العبثية التي تعمل على العودة بلبنان الى زمن الاستنفارات الطائفية “.
بدوره أشار رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع إلى أن “14 آذار مستمرة… حتى تحقيق الغاية “.
ورأى رئيس حزب الكتائب سامي الجميّل ان “العبرة بعد 16 سنة أن الاستقلال تحقق في حين غابت المحاسبة وتأجلت الاصلاحات فعدنا ووقعنا في المحظور”. وأضاف, “إكراما لبيار وانطوان وعهدا للأجيال المقبلة، لا تنازل عن سيادة او محاسبة، فلا قيمة للاولى دون الثانية وبالعكس”.
في المقابل اعلن رئيس “#التيار الوطني الحر” جبران باسيل “وثيقة سياسية ” للتيار في ذكرى تأسيسه تضمنت عناوين عامة كثيرة تتصل بمسائل خلافية ومنها أن “الاستراتيجية الدفاعية تشكل في ذاتها ضمانة للبنان تسمح له وتوجب على ابنائه ابقاءه بمنأى عن كل نزاع لا علاقة له به وعليها أن تقوم على التفاهم الداخلي، والحفاظ على عناصر قوة لبنان”. وأعرب عن “تخوّف التيار من اعتماد الفيديرالية لأنّ نسيج شعبنا وتداخله الجغرافي قد يحوّلانها الى فرز طائفي طوعي للسكان” واعتبر أن “التيار يناضل لتطوير بنيان الدولة لتصبح مدنية بكامل مندرجاتها” وعرض نقاطا عدة لمشروع التيار للدولة المدنية منها “معالجة الاختلالات الدستورية، استكمال تطبيق الدستور، اللامركزية الادارية والمالية، قوانين مدنيّة للأحوال الشخصيّة، مجلس شيوخ على أساس التمثيل المذهبي، مجلس النواب على أساس النسبية والدوائر الموسّعة والمناصفة، صندوق ائتماني يدير أصول الدولة.”
أما في ما يتعلّق بالتفاهم مع “#حزب الله”، فأعلن أن “التيار مصمم على اعادة النظر بوثيقة التفاهم ومراجعتها بنيّة تطويرها” وختم بانه “ليس على التيار ان يكون في موقع الدفاع عن النفس، بل الهجوم على الذين ارهقوا البلاد على مدى الثلاثين عاماً المنصرمة”. ونفى في حديث تلفزيوني ليلا ان يكون التيار ضد السنّة مؤكدا انه يسعى للتفاهم مع جميع المكوّنات وبينهم “تيار المستقبل”. وجدد حملته على الحريري وقال انهم يريدون ضرب فكرة الرئيس القوي بشخصه وصلاحياته .
دعم المنتفضين
وسط هذه الأجواء كان للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس #الراعي موقف داعم جديد بقوة لانتفاضة الشعب اللبناني فاعتبر ان ” شعب لبنان برهن عبر إنتفاضته أنه شعب يستحق وطنه. لكنه مدعو ليناضل من أجل أن يستعيد لبنان هويته الأصلية كمجتمع مدني، ومن أجل إفراز منظومة قيادية وطنية جديدة قادرة على تحمل مسؤولية هذا الوطن العريق وحكم دولته وقيادة شعبه نحو العلى والازدهار والاستقرار والحياد” .ودعا ” شابات وشباب لبنان الثائرين إلى توحيد صفوفهم وتناغم مطالبهم واستقلالية تحركهم، فتكون ثورتهم واعدة وبناءة. ولعلهم بذلك يستحثون الجماعة السياسية وأصحاب السلطة على تشكيل حكومة إستثنائية تتمتع بمواصفات القدرة على الإنقاذ وإجراء الإصلاحات، وتعمل في سبيل إنقاذ لبنان لا المصالح الشخصية والحزبية والفئوية “.
وبدوره حمل ميتروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران #الياس عودة بشدة على الحكومة المستقيلة ” التي لم تقم بالإصلاحات المطلوبة ولا تصرفت بجدية واستقلالية، بل كانت معظم قراراتها تتناسب مع الوصاية السياسية التي جاءت بها، فبلغ الانهيار في عهدها أوجه، والدولار أفلت من كل الضوابط.”وقال ان ” أملنا ألا تستخدم القوى السياسية والحزبية التحركات الشعبية من أجل إثبات حضورها، بغية المضي في تقاسم المكاسب. كما نأمل ألا يصغي الشعب إلى هؤلاء ويصدق ادعاءاتهم وقد خبرهم طويلا وكشف ألاعيبهم. فمن أجل وقف الانهيار المالي والاقتصادي والسياسي، نحن بحاجة إلى حكومة تقوم بالإصلاحات اللازمة من أجل استقطاب المساعدات، وتعمل على إعادة تكوين المؤسسات المفككة والإدارات المهترئة، بغية وقف انهيار ما تبقى من مقومات الدولة والمجتمع.” وتساءل “ما هو الثمن الذي يجب أن يدفعه الشعب بعد، لكي تفكوا أسر الحكومة ولكي يتحمل كل مسؤول مسوليته؟ هل تريدونه أن يتوسل إليكم، وهو مصدر سلطتكم؟ وضع البلد مأسوي وأنتم تتفرجون كنيرون على البلد يحترق”
************************************************************************
افتتاحية صحيفة نداء الوطن
ضرَب الحياد بـ”التحييد” وطرح استراتيجية “دفاعية عن حزب الله”
باسيل “ماتينيه وسواريه”: أنا “على الشاشة” إذاً أنا موجود!
دعوا عنكم تحليق الدولار واقتراب الليرة من خسارة 100% من قيمتها، ولا تبالوا بانقطاع البنزين والدواء والغذاء، ولا تلتفتوا إلى “غضب الشعب وتذمّر الجيش وفقدان السلطة الضمير الوطني وتحوّل الدولة إلى عدوة لشعبها”، كما قال البطريرك بشارة الراعي، ولا تهتموا إلى “انعدام مسؤولية المسؤولين وانفصامهم عن الواقع وهم باتوا كنيْرون يتفرجون على البلد يحترق”، كما قال المطران الياس عودة… لا تتابعوا أخبار الانهيار ولا “داعي للهلع”، فرئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل طرح ورقة حل شامل للأزمة اللبنانية، ستبلغ مداها بإعادة التيار الكهربائي 24/24 ساعة، مع إنشاء سكك حديد للقطارات واستحداث مطارات جديدة بعد توسعة المطار الحالي!
حبكة تضاهي سيناريوات أفلام “الخيال العلمي”، أطل من خلالها باسيل أمس في “فيلم الأحد الطويل” تحت عنوان “صلابة، مرونة، إنتاج”، لعب فيه دور البطولة واحتل الشاشة “ماتينيه وسواريه” ليمطر من غزير أفكاره على اللبنانيين، لتنوير عقولهم وإغنائها سياسياً واقتصادياً ومالياً وديبلوماسياً، ولينير خطاهم على طريق تحصين الهوية والسيادة والدستور وتعزيز “ثقافة السلام” وإحقاق “توازن الكيان” و”حماية لبنان” وإقامة “الدولة المدنية”، ليخلص، بعد وضع فهرس تطبيقات “الإصلاح ومكافحة الفساد”، إلى “خاتمة” عقيمة لجدوى إطلالته الماراتونية، مفادها: أنا “على الشاشة” إذاً أنا موجود!
وعلى هذا الأساس، لم تستغرب مصادر سياسية الهجمة الإعلامية لرئيس “التيار الوطني” باعتبارها من “تجليات أزمة انعدام التوازن والثقة بالنفس”، مذكرةً بأنه “كان قد استعان بشركات دعائية لإعادة تكوين صورته السياسية بعدما هشّمتها ثورة 17 تشرين”، وقد يكون شكل الإطلالة المطوّلة أمس من “بنات أفكار هذه الشركة” لعلها تعيد الاعتبار لأسهمه المتهاوية في بورصة “الرايتينغ”، أقله شكلاً من خلال تصويره على أنه لا يزال “على قيد الحياة السياسية”. أما المضمون، فرأت المصادر أنه عكس محاولة يائسة متجددة للتنصل من المسؤوليات والنأي بالنفس عن فساد “المنظومة الحاكمة”، فكان “حساب حقل الشعارات الإصلاحية التي أطلقها باسيل بالأمس، غير متطابق بأي شكل من الأشكال مع بيدر الأداء على أرض الواقع، حيث يشكّل عهده الرئاسي وأكثريته النيابية والوزارية العمود الفقري للمنظومة الحاكمة، بل كان في طليعة من غنموا من مكاسبها السلطوية التحاصصية رئاسياً ووزارياً وإدارياً على امتداد الأعوام الخمسة عشر الماضية”، بينما في ما يتصّل بملف الهدر والفساد “فتتحدث صفقات السدود والبواخر عن نفسها وعن كلفتها على الخزينة والناس، لتكون نتيجتها عجزاً بمليارات الدولارات بلا أي نقطة ماء ولا ذرّة كهرباء”.
والأخطر بحسب المصادر، أنّ “الورقة السياسية” التي تلاها رئيس “التيار الوطني الحر” أمعنت في تشويه المبادئ السيادية التي ينادي بها البطريرك الماروني، بحيث “ضرب مفهوم الحياد اللبناني عن أزمات المنطقة ببدعة التحييد الانتقائي للبنان، ليبقى الموضوع حمالاً للأوجه يتناسب مع ما يناسب تطلعات محور الممانعة”، موضحةً أنّ ما قاله في هذا المعنى عن رفض “انغماس لبنان في قضايا لا مصلحه له فيها هو مفهوم مفخّخ بحد ذاته، بحيث يبقى قابلاً للتأويل ليصبح على سبيل المثال تدخل “حزب الله” في سوريا أو في غيرها من الساحات تدخلاً ذا منفعة للبنان، على أساس أنه يمنع تمدد الأعداء إلى داخل حدوده كما كان “الحزب” يبرر باكورة معاركه العابرة للحدود في القصير، وهو ما عاد وأكد عليه باسيل نفسه ليلاً في حواره التلفزيوني من خلال إبداء تفهمه لأحقية معركة القصير”.
وكذلك في مبدأ حصرية السلاح بيد الشرعية وضرورة وضع استراتيجية دفاعية لتحقيق هذا الهدف، جاءت مقاربة باسيل “من زاوية تكريس ترويج “حزب الله” لفكرة أنّ الجيش اللبناني قاصر عن الدفاع لوحده عن البلد”، فبدا في طرحه كمن يسوّق لوضع “استراتيجية دفاع عن سلاح الحزب بذريعة افتقار الجيش إلى “الأسلحة اللازمة”، وذلك من خلال تشديده على ضرورة اعتماد استراتيجية تحافظ على عناصر قوة لبنان للحفاظ على توازن الردع مع إسرائيل، مع الاحتفاظ بحق الدفاع المشروع عن النفس والمقصود هنا بطبيعة الحال تأبيد وضعية السلاح ومنحه غطاءً شرعياً من الدولة، كما في جاء في ورقته السياسية عن مفهوم حماية لبنان، قبل أن يحذر ليلاً بصريح العبارة “وبرفع الإصبع” من أي محاولة لنزع سلاح “حزب الله” باعتبارها ستقود إلى حرب داخلية تمتد تبعاتها إلى الإقليم”.
وفي الملف الحكومي، كلام “طوباوي” من باسيل حول ضرورة تشكيل حكومة المهمة الإنقاذية والإسراع في تأليفها، نافياً أن تكون لإيران مصلحة في منع ولادتها، مقابل اتهامه رئيس الحكومة المكلف بأنه “يضع ورقة التكليف في جيبه ويجوب العالم” بينما هو ينتظر الضوء الأخضر الخارجي للتأليف، معتبراً أنّ الغاية الرئيسية هي إضعاف العهد، سواء من خلال عدم تشكيل الحكومة وتركه يسير في منحى “انحداري” أو تشكيلها ومحاصرته من داخلها عبر عدم منحه قدرة تمثيلية في مجلس الوزراء.
وخلص من هذا المنطلق إلى توجيه “رسالة” مضادة للرئيس المكلف، أكد فيها على أنّ رئيس الجمهورية ميشال عون “لازم يعمل شي” في مواجهة هذا المخطط، إن كان بالدعوة إلى “استشارات أو مشاورات جديدة” في قصر بعبدا، أو بتوجيه “رسالة” إلى مجلس النواب للبحث في سبل إيجاد مخرج لأزمة “التكليف والتأليف”.
*********************************************************************
افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط
عون وباسيل يرفضان الوساطات ويتمسكان بالثلث المعطل في الحكومة
عودة المشاورات إلى نقطة الصفر و«حزب الله» لا يضغط على حليفه
بيروت: محمد شقير
أخفق «حزب الله» في إقناع حليفه رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران بإعطاء فرصة لرئيس المجلس النيابي نبيه بري من خلال دخوله مجدداً على خط المشاورات لتأليف الحكومة بعد أن اصطدمت بحائط مسدود، لعله يتمكن من تذليل العقبات التي تؤخر ولادتها، ما يعني أنه أعادها إلى نقطة الصفر لإصراره على الحصول على الثلث الضامن في الحكومة، مشترطاً أن تكون وزارة الداخلية من حصة رئيس الجمهورية ميشال عون.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر سياسية وثيقة الصلة بالأسباب الكامنة وراء استمرار تعثُّر تأليف الحكومة أن المعاون السياسي للأمين العام لـ«حزب الله» حسين خليل التقى أول من أمس باسيل في محاولة لإقناعه بالسير في المبادرة التي يستعد الرئيس بري لإطلاقها، لكنه لم يفلح في «تنعيم» موقفه، مع أن مبادرته تنطلق من عدم إعطاء الثلث الضامن لأي طرف، وتأخذ في الاعتبار بأن يُترك له إيجاد تسوية لحل الخلاف حول وزارة الداخلية على أن تُشكّل الحكومة من 18 وزيراً.
وقالت المصادر إن الرئيس بري أُحيط علماً من خليل بأنه لم ينجح في أن ينتزع من باسيل موافقته على المبادرة التي يدرس رئيس المجلس إطلاقها، خصوصاً أن الرئيس المكلّف سعد الحريري يبدي مرونة في التعاطي معها، ما دام أنها لا تشكّل التفافاً على المبادرة التي طرحها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لإنقاذ لبنان.
ولفتت إلى أن «حزب الله» ليس في وارد الضغط على حليفه باسيل، وأنه يكتفي بالتمنّي عليه للانخراط في التسوية التي يستعد بري لتسويقها، وقالت إن الحزب لم يكن مرتاحاً لرد فعل حليفه، لكنه في المقابل أحجم عن إبلاغه بأنه على استعداد للسير فيها ولو وحيداً، وعزت السبب إلى أن الحزب ليس في وارد التفريط بعلاقته بـ«التيار الوطني» بغياب البديل الذي يؤمّن له الغطاء السياسي في الشارع المسيحي.
واعتبرت المصادر نفسها أن الحزب يصر على مراعاة باسيل إلى أقصى الحدود وأن مجرد الانفصال عنه بتأييده لمبادرة بري سيُحدث لديه نقزة لجهة أن حليفه سيتخلى عنه، وأن تخلّيه قد ينسحب على المعركة الرئاسية وصولاً إلى انسداد الأفق أمام ترشّحه لخلافة عون فور انتهاء ولايته الرئاسية، ورأت أن باسيل يقف ضد تمكين الحريري من تشكيل الحكومة، وهو يتناغم في موقفه مع عون، رغم أن الأخير ينأى بنفسه أن يكون طرفاً في مشاورات التأليف، ويترك لرئيس الظل حرية التصرف.
وأكدت أن باسيل يغلق كل النوافذ السياسية التي يراد منها فتح ثغرة تفتح الباب أمام إخراج تشكيل الحكومة من التأزُّم الذي يحاصرها، وقالت إنه ماضٍ في تصعيده في وجه الحريري رهاناً منه على أنه يستعيد ما أخذ يخسره في الشارع المسيحي من خلال إدراج تصعيده في خانة استرداد حقوق المسيحيين والصلاحيات المناطة برئيس الجمهورية من دون أن ينجح في تقديم نفسه على أنه جزء من الحراك الشعبي لأنه سيلقى مقاومة من القيمين عليه.
وقالت إن آخر ما يهم عون إنقاذ ما تبقى من ولايته الرئاسية، وهو يركّز حالياً على إعادة تعويم وريثه السياسي باسيل الذي ينوب عنه في المفاوضات، وتوقفت أمام الوساطة التي تولاها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، ورأت أنه طرح مجموعة من الأفكار بعد حصوله على موافقة مبدئية من عون.
وأضافت أن لا مشكلة بين الحريري وإبراهيم، وإنما في أن موافقته المبدئية لا تكفي، وكان سبق لعون أن وافق على أن تشكّل الحكومة من 18 وزيراً، وأن لا ثلث ضامناً لأي طرف، لكنه سرعان ما انقلب على موقفه وأصر على أن تشكّل من 20 وزيراً، وقالت إن إبراهيم لم يحمل معه في لقاءاته أي عرض رسمي من عون وهذا ما أعاق وساطته.
وفي هذا السياق، قالت مصادر في تيار «المستقبل» إن الحريري لم يتبلغ من إبراهيم أي مبادرة، وإنه لم يلتق به منذ أكثر من أسبوعين وتنفي كل ما يُحكى عن طروحات حملها إليه، وتقول: كيف نرفض طرحاً لم يُعرض علينا أصلاً، وترى أن عقدة التأليف مرتبطة بإصرار باسيل على الثلث المعطل، وأن عون يسلّم له على بياض بكل طروحاته.
واعتبرت المصادر السياسية أن المشكلة تتمثل في توزيع الأدوار بين عون الذي يصر على إسناد وزارة الداخلية للشخص الذي يسميه، وبين باسيل الذي يرفض منح الحكومة الثقة في حال لم تلحظ التشكيلة إعطاءه الثلث الضامن. وسألت: كيف يعطى عون ثلث أعضاء الحكومة ويترك لتياره السياسي حجب الثقة عنها، وهذا يعني حكماً أنه يستعفي من مسؤوليته في الدفاع عنها، خصوصاً أنه أغفل في ردوده الأخيرة على الحريري أي إشارة يشتم منها رفضه للثلث الضامن «المعطل».
لذلك، فإن الأزمة السياسية إلى تصاعد في الوقت الذي تغرق فيه الطبقة السياسية، أكانت في الموالاة أو في المعارضة في تعطيل تشكيل الحكومة من دون أن تلتفت إلى صرخات الذين ينزلون إلى الشارع احتجاجاً على تدهور الوضعين المعيشي والاجتماعي مع ارتفاع ملحوظ لمنسوب تزايد أعداد العائلات التي تعيش تحت خط الفقر.
وعليه، فإن «حزب الله» قرر أن يستسلم لشروط باسيل، ولن يكون لزيارة وفده المقررة اليوم إلى موسكو من مردود يدفعه باتجاه إعادة النظر بموقفه من حليفه، مع أنه سيسمع من الذين سيلتقيهم وعلى رأسهم وزير الخارجية سيرغي لافروف كلاماً يشكّل دعماً للمبادرة الفرنسية، وتأييداً لوجهة نظر الحريري، وإن كانت زيارته تشكّل امتداداً سياسياً لتعاونه الأمني والعسكري مع موسكو في سوريا.
وفي المقابل، فإن رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط الذي التقى ليل أول من أمس النائب طلال أرسلان لم ينفك عن قرع جرس الإنذار محذّراً من إقحام البلد في الفراغ، وهو لذلك لا يمانع من أن تشكّل الحكومة من 20 وزيراً لتفادي إيقاع الدروز في خلاف، خصوصا أن أزمة التأليف إلى تصاعد، ولملاقاة «حزب الله» في منتصف الطريق للالتفاف على من يحاول جر الطرفين إلى اشتباك يتسبب به من يقوم بقطع الطريق الساحلي المؤدي إلى الجنوب، علما بأن الحريري يبدي مرونة في تعاطيه مع استعداد بري للتحرك والذي يلقى تعطيلاً مبرمجاً من عون وباسيل بذريعة أنه يقف إلى جانب الحريري ما يُفقده دور الوسيط.
***************************************************************************
افتتاحية صحيفة الجمهورية
التأليف أسير الإعتبارات والضمانات.. وبرّي يسعى على قاعدة الـ 18 وزيراً
تواصلت الاحتجاجات وإن بنسَب متفاوتة وفي مناطق عدة، وترافقت مع قطع طرق وتنديد بالغلاء الفاحش والارتفاع المتواصل للدولار من دون ان يكون هناك اي علاجات لهذا الوضع، إن اقتصادية أو سياسية في ظل غياب أي معطيات جدية حول الحكومة العتيدة، وفي الوقت الذي يجب ان يكون فيه الشغل الشاغل للقوى السياسية إخراج الحكومة من عنق الفراغ والتعطيل، تتبارى في عقد المؤتمرات الصحافية والمواقف في محاولة للتغطية على مسؤوليتها في استمرار الفراغ الذي يتواصل فصولاً ومن دون أفق، بينما ينزلق الوضع إلى القعر ومن دون كوابح. وفي الوقت الذي تتوالى التحذيرات الدولية من مغبّة استمرار الفراغ وخطورته على الوضع اللبناني، وفي الوقت الذي يشعر الناس بأنهم متروكين لقدرهم ومصيرهم وسط تحليق للدولار من دون سقوف، لا يجد هؤلاء الناس مَن يطمئنهم الى حاضرهم ومستقبلهم، متسائلين: هل خلافات المسؤولين أهم من وحدة البلد واستقراره؟ وهل هذه الخلافات، بمعزل عن طبيعتها وحجمها، تستدعي ترك البلد ينزلق نحو الانفجار؟
وفي هذه الاجواء لاحظت أوساط سياسية متابعة للازمة انّ الرأي في ما يجري منقسم الى توجهين:
التوجه الاول يستبعد تماماً تأليف حكومة ويعزو السبب إلى اعتبارات إمّا خارجية تبدأ من غياب الضوء الأخضر الأميركي، ولا تنتهي في غياب الضمانات بتقديم المساعدات الدولية، وتحديداً الخليجية التي من دونها لن يتمكن البلد من الوقوف على رجليه مجدداً، وإمّا داخلية تبدأ بأزمة الثقة العميقة بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، ولا تنتهي بعدم استعداد الرئيس سعد الحريري لترؤس حكومة أولوية العهد فيها رئاسية ولا ضمانات بتحقيق الإصلاحات المطلوبة ولا بالحصول على المساعدات الخارجية، فيكون كمَن يضع كرة النار فالانفجار في حضنه، الأمر الذي ينعكس على وضعه ودوره المستقبلي.
امّا التوجه الثاني فيجزم بأنّ الحكومة ستبصر النور قريباً، لأنّ أحداً في الداخل والخارج لا يريد ان ينزلق لبنان إلى الانفجار في مرحلة انتقالية المطلوب فيها ان يبقى مستقراً لكي لا ينعكس انفجاره على الهندسة التي يُعمل عليها لهذه المنطقة. ولذلك، فإنّ الأمور ستتجه نحو التأليف من الآن وحتى نهاية الشهر.
وبين التوجّهين يواصل الدولار تحليقه، ويواصل الناس احتجاجهم الغاضب، وتتواصل الوساطات ولو خجولة وغير قادرة بعد على إخراج الحكومة من عنق الزجاجة.
تجميد الوساطات
وفي هذه الاجواء، لم تحمل نهاية الاسبوع اي جديد على مستوى الملف الحكومي في انتظار ما يمكن ان يحرّك المياه الراكدة. وفي الوقت الذي تحدثت مصادر «بيت الوسط» عن حركة محتملة هذا الاسبوع، لفتت الى انّ ما هو مطروح حتى اليوم من مبادرات داخلية لا يرقى الى مرتبة الحل، في اعتبار انّ ما حال دون توليد «تشكيلة 9 كانون الاول» ما زال قائماً في شكله ومضمونه ولو انّ هذه الامور قد تغيرت لكان الرئيس المكلف تبلّغ بذلك.
وعلى الصعيد عينه، قالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» انّ الحركة الداخلية التي قادها المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم جمدت الى حين، وهو امر لا يعني انه قد تمّ صرف النظر عنها في انتظار حلحلة بعض العقد الجانبية.
مسعى بري
الى ذلك، أكد مطلعون على أجواء عين التينة انّ مسعى رئيس مجلس النواب نبيه بري لإحداث خرق في جدار الازمة الحكومية لا يزال ينطلق من قاعدة الـ18 وزيراً، مشيرين الى انّ هناك نوعاً من التضليل في بعض الاستنتاجات التي ترافق محاولته لتحريك المياه الراكدة، ومؤكدين أنّ الترويج عن أنّ بري اقترح رفع العدد الى 20 وزيراً ليس دقيقاً.
وشدد القريبون من عين التينة على «أنّ إصرار البعض على اقتناص «الثلث المعطّل» بنحو او بآخر هو السبب الأساسي الذي يستمر في عرقلة ولادة الحكومة»، مستغربين «كيف أنّ هناك من يتمسك بحسابات سلطوية فيما الدولة تنهار والدولار يواصل ارتفاعه مهدداً بانفجار اجتماعي كبير».
وفي سياق متصل، اعتبرت مصادر سياسية انّ طرح الـ20 وزيراً قد يكون هو الحل الممكن في نهاية المطاف، «لكن مشكلته تكمن في من يسمّي الوزير الكاثوليكي، في اعتبار انه من المحسوم انّ الوزير الدرزي الثاني سيختاره النائب طلال أرسلان او بالتفاهم معه، امّا الوزير الكاثوليكي فسيكون موضع تجاذب بين الرئيس ميشال عون والرئيس سعد الحريري».
وبالترافق مع انفلات سعر الدولار في السوق السوداء، نُقل عن أحد كبار المسؤولين تشديده على ضرورة الحزم في ملاحقة الصرافين المضاربين على العملة الوطنية، فيما نبّهت أوساط اقتصادية الى انّ خفض سعر الدولار لا يتم بوسائل بوليسية بل عبر التعجيل في تشكيل الحكومة، «علماً انّ تشكيلها فقط ليس كافياً ومفعوله الايجابي لا يطول، وبالتالي المطلوب بعد تأليفها ان تبادر فوراً الى البدء في اتخاذ القرارات الضرورية وتنفيذ الإصلاحات، وهذا وحده من شأنه تخفيض الدولار الى مستويات مقبولة وتَثبيته».
بعبدا لتسوية مع السعودية
وفي بعبدا كلام قليل عن الملف الحكومي في مقابل رصد حصيلة المساعي الجارية لتحسين العلاقات مع المملكة العربية السعودية، عقب زيارة موفد رئاسي منتصف الأسبوع الماضي الى السفارة السعودية للتشاور في التطورات الاخيرة وسبل تعزيز التعاون للخروج من المأزق القائم.
وكشفت مصادر عليمة انه من اهمّ ما انتهت اليه زيارة هذا الموفد الرئاسي تعهّد عون و«التيار الوطني الحر» بوَقف المساهمة في الحملات الإعلامية على السعودية، وهو ما ترجمته محطة «أو تي في» في برامجها السياسية التي تبدّلت بين يوم وآخر بنحو لافت وبارز، نظراً للتحول المحقق في توجهاتها السياسية.
الأنظار الى الخارجية الروسية
وفي هذه الاثناء، تتجه الأنظار اليوم الى وزارة الخارجية الروسية التي ستشهد لقاء بين مسؤوليها الكبار ووفد نيابي من «حزب الله» برئاسة رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد وصل الى موسكو مساء أمس، ومن المقرر أن يبدأ لقاءاته اليوم مع الموفد الرئاسي الى المنطقة ميخائيل بوغدانوف الذي يتولى إدارة الملف اللبناني ثم يلتقي وزير الخارجية سيرغي لافروف العائد من جولته الخليجية واللقاء الذي جمعه مع الحريري في ابو ظبي، كذلك ستكون للوفد لقاءات أخرى منها لقاء مع اعضاء في لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الدوما.
رعد
وقبَيل سفر الوفد الى موسكو، قال رعد لوكالة «سبوتنيك» انّ «العلاقة بين «حزب الله» وروسيا بدأت منذ سنوات، وتحكمها نقاط اهتمام مشترك ومصالح مشتركة ونظرة واحدة أو متقاربة جداً نحو الأوضاع في المنطقة وضرورة استقرار هذه المنطقة، من أجل أن تستثمر شعوبها خيرات الدول، التي تقيم فيها أو تنتمي إليها». واعتبر انّ زيارة اليوم «تأتي بعد التحولات الكثيرة والمتعددة التي حصلت خلال السنوات القليلة الماضية»، وانه لا بد «من إعادة تحريك النقاش حول آفاق المرحلة المقبلة في ضوء هذه التطورات»، وما «تحقّق من إنجازات لمصلحة شعوب المنطقة في المرحلة الماضية».
وعن إمكانية أن تلعب الدولة الروسية دوراً في ملف تشكيل الحكومة، قال رعد: «نأمل أن تأخذ روسيا دورها الطبيعي في مواكبة المساعي القائمة والضغط من أجل تسريع الحلول المطلوبة، التي يقررها الشعب اللبناني». وأكّد أنه «لا ينبغي التفكير في أي خيار الآن غير خيار الإسراع في تشكيل الحكومة، لأنه المدخل الطبيعي لإعادة الأمور إلى نصابها ولو على مراحل، وهو مفتاح الاستقرار في لبنان الآن».
باسيل
من جهة ثانية، كان اللافت تجنّب رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل الكلام عن أزمة التأليف الحكومي في مؤتمره الصحافي الاسبوعي، وقال في ذكرى 14 آذار انّ «التيار عانى من إمساك منظومة سياسية – مالية مفاصل الدولة والقرار، تستحوذ على الأكثرية وتتصرّف بها لتمنع الإصلاح والتغيير. وعاش التيار أزمة الانهيار الكبير في المال والاقتصاد، وأزمة سقوط النظام بأخلاقياته السياسية وتعطل آليّاته الدستورية وعجزه عن قيادة الدولة والمجتمع. يدفع هذا السقوط التيار الى مراجعة عميقة لخياراته وممارساته، وتفضي المراجعة الى صَوغ مقاربة مختلفة لهواجس اللبنانيين وحلول لمشاكلهم، وتؤسّس لنظام جديد يبنى على أسس الصيغة والميثاق ويستفيد من العثرات المتأتية من الطائفية والفساد». واعتبر باسيل «انّ اسرائيل تفهم لغة الحرب ولا تفقه معنى السلام الحقيقي، وتريد فرض تطبيع مصطنع عليه بقوة الخارج وتحت ضغط الأزمات والمعاناة، لكنّ هذا لن يؤدي الّا لمزيد من الكراهية والعدوانية ويجعل السلام بعيد المنال. وحده لبنان القوي، أمناً واقتصاداً، قادر على صنع السلام العادل والدائم والشامل مع إسرائيل».
وأشار باسيل إلى انّ «التيار يريد تحصين لبنان في وجه أي عدوان من اسرائيل او من الجماعات الإرهابية، ويعتبر الجيش اللبناني صاحب المسؤولية الأولى في الدفاع عن الحدود والوجود. والى أن يتم فك الحظر عن تزويده الأسلحة اللازمة، والى ان يحل السلام المأمول، يرى التيار ضرورة اعتماد استراتيجية دفاعية وطنية تقوم أوّلاً على التفاهم الداخلي، وثانياً على الحفاظ على عناصر قوة لبنان للحفاظ على توازن الردع مع إسرائيل، وثالثاً على مركزية قرار الدولة اللبنانية من دون التخلي عن الحَق المقدس والشرعي بالدفاع عن النفس. وأكد أنّ «التيار مصمّم على إعادة النظر بوثيقة التفاهم مع «حزب الله» ومراجعتها، بنيّة تطويرها».
الراعي
وفي المواقف السياسية أمس دعا البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، خلال عظة الأحد في بكركي، «شابات لبنان وشبّانه الثائرين إلى توحيد صفوفهم وتناغم مطالبهم واستقلالية تحركهم، فتكون ثورتهم واعدة وبنّاءة. ولعلهم بذلك يستحثّون الجماعة السياسية وأصحاب السلطة على تشكيل حكومة استثنائية قادرة على الإنقاذ والإصلاح». كذلك، دعاهم «إلى احترام حق المواطنين بالتنقل من أجل تلبية حاجاتهم، وإلى تجنب قطع الطرق العامة، واستبدالها بتظاهرات منظمة في الساحات العامة يعبّرون فيها عن مطالبهم المحقة، وفقاً للأصول القانونية والحضارية».
وأكد الراعي «تفهمه أيضاً لتذمّر المؤسسة العسكرية. فالجيش هو من هذا الشعب، ولا يجوز وضعه في مواجهة شعبه. والجيش هو من هذه الشرعية، ولا يحق لها إهمال احتياجاته وعدم الوقوف على معطيات قيادته ومشاعر ضباطه وجنوده. والجيش هو القوة الشرعية المُناط بها مسؤولية الدفاع عن لبنان، فلا يجوز تشريع أو تغطية وجود أي سلاح غير شرعي إلى جانب سلاحه. والجيش هو جيش الوطن كله، ولا يحق أن يجعله البعض جيش السلطة. والجيش هو جيش الديمقراطية ولا يحق لأحد أن يحوّله جيش التدابير القمعية. والجيش بكل مقوماته هو رمز الوحدة الوطنية ومحققها. وبالمحافظة عليه، نحافظ على الوطن وسيادته وحياده الإيجابي، وعلى الثقة بين أطيافه، والولاء له من دون سواه».
عودة
من جهته، دعا متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده، خلال قدّاس الأحد في كاتدرائية القديس جاورجيوس في بيروت أمس، «المسؤولين إلى تجربة خبرة الصوم والانقطاع عن المواد الأساسية، وخبرة عدم وجود الكهرباء والمولدات في بيوتهم، وعدم القدرة على الذهاب إلى المستشفيات في حال مرضهم، لعلهم يشعرون بجزء بسيط ممّا يشعر به الشعب». وقال: «مسؤولونا صَوّموا الشعب عنوة وجوّعوه، وهذا يدعى إرهابا وإجراما. الصوم عمل اختياري وحر، أما التجويع فقتل».
وشنّ عوده هجوماً على الحكومة المستقيلة ورئيسها، معتبراً أنّ «معظم قراراتها تتناسب مع الوِصاية السياسية التي جاءت بها، فبلغ الانهيار في عهدها أوجه، والدولار أفلت من كل الضوابط». وقال: «من أجل وقف الانهيار المالي والاقتصادي والسياسي، نحن بحاجة إلى حكومة تقوم بالإصلاحات اللازمة من أجل استقطاب المساعدات، وتعمل على إعادة تكوين المؤسسات المفكّكة والإدارات المهترئة، بغية وقف انهيار ما تبقى من مقومات الدولة والمجتمع». وأمل في «ألا تستخدم القوى السياسية والحزبية التحركات الشعبية من أجل إثبات حضورها، بغية المضي في تقاسم المكاسب. كما أمل ألّا يصغي الشعب إلى هؤلاء ويصدّق ادعاءاتهم وقد خَبرهم طويلاً وكشف ألاعيبهم». وأكد عوده على أنّ «الجيش هو الحامي الوحيد للوطن، وولاؤه للوطن وحده، فلا تقحموه في نزاعاتكم».
قنبلة صوتية
وفي تطور أمني، ألقى مجهول كان على دراجة نارية قرابة السابعة والنصف مساء أمس الاحد قنبلة صوتية امام منزل النائب اللواء جميل السيّد قرب فندق السمرلند غامبينسكي، ألحقت اضراراً بالرصيف خارج سور المنزل ولم يصب ايّ من حراسه وسكان المنطقة بأذى. وعلى الأثر، حضرت دوريتان من القوى الامنية والشرطة العسكرية واجرتا كشفاً على مكان الحادث بعد العثور على «فراغ القنبلة الصوتية»، وباشرت تحقيقاتها في الحادث بدءاً من استعراض محتويات كاميرات المراقبة في المنطقة ومحيطها.
كورونا
وعلى الصعيد الصحي، أعلنت وزارة الصحة العامّة في تقريرها اليومي أمس حول مستجدات فيروس كورونا تسجيل 3086 إصابة جديدة (3065 محلية و21 وافدة)، ليصبح العدد الإجمالي للإصابات 418448. كذلك تم تسجيل 46 حالة وفاة جديدة، ليرتفع العدد الإجمالي للوفيات الى 5380 حالة.
**************************************************************************
افتتاحية صحيفة اللواء
«فوضى الفساد» تطال السلع المدعومة واللقاحات.. و«الثنائي» لإنعاش التأليف!
باسيل ينفصل عن «الوقائع» وحزب الله يُطالبه بالحلحلة.. و«مجابهة السبت» إنذار بالآتي الأعظم
في الأسبوع الأخير، ما قبل دخول مدار التخفيف من اجراءات الاقفال، تكاد الأمور تمعن في الالتباس، والمشكلات بالصعوبات المستعصية على المعالجة، وسط مؤشرات على انسداد دائم في أفق المعالجة، وانهيارات متمادية في قيمة سعر الليرة اللبنانية، التي يخشى ان تخرج من التعامل في «السوق الموازية» أو السوداء، مع تخطي سعر صرف الدولار 12500 ليرة، بين مساء السبت وصباح الأحد، في أبلغ تحد على قرارات الاجتماع الأمني الذي عقد في بعبدا، عشية بلوغ سعر صرف العملة الأميركية العشرة آلاف ليرة لبنانية، والذي قرر ملاحقة الصرافين والمناصفات الالكترونية فاختفى الدولار، من الأسواق الشرعية، ليدخل في غياهب عمليات الكترونية، أو حقائب سوداء، لا تبيع الدولار فقط، بل المخاوف أيضاً من «الآتي الأعظم».
وكشفت عمليات التلقيح عن فوضى واستنسابية، في تناول اللقاح المتوافر، وفقاً للآليات الرسمية المعلن عنها، بتراتب أولويات من الجسم الطبي، إلى كبار السن، نزولاً إلى الفئات العمرية الأقل.
وفي هذا الإطار، يشكو مواطنون من الذين تجاوزوا عمر السبعين، ولم تدرج أسماؤهم، مع العلم أنهم تقدموا بالطلبات إلى المنصة المعلن عنها رسمياً في وزارة الصحة.
وتبين أن أشخاصاً يتصل بهم بعمر الخمسين أو أقل لتناول التلقيح، من غير المدرج أسماؤهم على المنصة، وهذا يسبب فوضى، وأزمة ثقة لدى المواطنين بترتيبات وزارة الصحة العامة.
وعلى صعيد اللقاحات، أدخل قرار ايرلندا تعليق استخدام لقاح استرازينيكا، بعد تسجيل إصابات بجلطات دموية في أكثر من بلد اوروبي، مع خروج تظاهرات في كندا وهولندا وايطاليا اعتراضاً على الإجراءات المفروضة.
وكشفت قناة «المنار» ان «المرتكبين» الذين يكسرون القواعد الأخلاقية، برفع سعر الدولار، وسرقة السلع المدعومة، قاموا بتهريبها إلى السويد بعد الكويت وساحل العاج.
انعاش التأليف
حكومياً، كشفت مصادر سياسية ان ملف تشكيل الحكومة قفز إلى واجهة الاهتمامات من جديد ، وكان محور اتصالات بعيدة عن الضوضاء الاعلامية بين الاطراف المعنيين، لاسيما بعد تسارع الانهيار المالي والاقتصادي والمعيشي المتواصل وتم تبادل طروحات وافكار معينة للخروج من مأزق تشكيل الحكومة. وقالت ان الرئيس نبيه بري انطلاقا من المبادرة التي اعلنها سابقا،بادر إلى اجراء سلسلة اتصالات شملت الرئيس المكلف سعد الحريري وحزب الله وغيرهم، تناولت، سبل الخروج من ازمة التشكيل، كما شملت الاتصالات التيار الوطني الحر على هامش جلسة مجلس النواب الاسبوع الماضي، لتذليل الخلافات القائمة وتسربع الخطى لتشكيل الحكومة الجديدة. واشارت المصادر الى ان هناك تفاهما بين الرئيس بري والحزب على انه لا يمكن الاستمرار بتأخير تشكيل الحكومة، لاسيما وان الوضع يتدهور بسرعة ولم يعد بالامكان ترك الأمور على غاربها وكأن شيئا لم يحصل او لجم حركة الشارع التي باتت تنذر بتداعيات لايمكن التكهن بنتائجها. وترددت معلومات، نقلا عن المصادر المذكورة، بان الحزب تواصل الخميس الماضي مع رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل وابلغه بضرورة الاسراع بتجاوز الخلافات القائمة لتشكيل الحكومة استنادا لمبادرة بري، على ان تكون الحكومة الجديدة من ١٨ وزيرا، لا يكون فيها الثلث المعطل لاي طرف كان على ان تكون حصة رئيس الجمهورية خمسة وزراء اضافة الى وزير الطاشناق ويتم حل مشكلة الداخلية والعدلية بالتفاهم بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف وبمسعى من بري شخصيا، ان كان من خلال تسمية رئيس الجمهورية لشخصية موثوقة للداخلية، يوافق عليه الحريري والعدلية شخصية يسميها الرئيس المكلف ويوافق عليها عون او اي صيغة مقبولة تنهي هذه المشكلة بالتفاهم. وكشفت المصادر ان الحزب ابلغ باسيل انه لم يعد بالامكان ضبط حركة الشارع الذي يتفلت بسرعة قياسية،وذاكرا التظاهرات التي تحصل بالجنوب والبقاع والشمال وبيروت.
واشارت المصادر الى ان تململ باسيل مما تبلغة من الحزب وحاول الايحاء بأن هذا الموقف الجديد وكأنه بمثابة تخل الحزب عنه لمصلحة الحريري وبالطبع كان الجواب النفي التام وبان موجبات إنقاذ البلد تتطلب تسريع الخطى لإنجاز التشكيلة الحكومية باقصر وقت ممكن، لاسيما وان الضغوطات الخارجية تتزايد وتربط تقديم المساعدات المالية بتشكيل الحكومة الجديدة. وتوقعت المصادر ان تتسارع وتيرة الاتصالات والمشاورات في الساعات المقبلة بين المعنيين لاحداث ثغرة بعملية التشكيل، كون الضغط الشعبي الداخلي، يواكبه ضغط خارجي،ان كان بالمواقف المباشرة كما صدر عن وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان او عبر البيان الذي اصدرت مجموعة الدعم الدولي للبنان مؤخرا او في الالحاح الروسي الداعم لتسريع تشكيل الحكومة العتيدة، في حين تبقى العبرة بتنفيذ هذه الرغبات والتوجهات من قبل رئيس الجمهورية وفريقه السياسي.
وسط ذلك انشغل الوسط السياسي والرسمي بلقاء غير معلن بين سفير خادم الحرمين الشريفين وليد البخاري وبين مستشار الرئيس عون الوزير الاسبق سليم جريصاتي يوم الجمعة، لم تعرف تفاصيله بسبب تكتم الطرفين حوله.
لكن مصادر متابعة تؤكد لـ«اللواء» ان عون اوفد جريصاتي من ضمن مسعاه لإحداث خرق في الجدار الحكومي ولاستيضاح حقيقة الموقف السعودي، وانه يجب رصد حركة السفير السعودي خلال اليومين المقبلين، لتتضح وجهة التحرك وما اذا كان سيقوم باي اتصالات بشان الحكومة، ولتتضح صحة المعلومات المتناقضة عن الموقف السعودي من تشكيل الحكومة، والذي يتارجح بين رفضها تغطية اي حكومة يشارك فيها حزب الله وبين انها لا تتدخل في شان تشكيل الحكومة وتترك الامر للبنانيين.
سياسياً، وفي الوقت الذي لم يتم نفي او تأكيد خبر لقاء موفد رئيس الجمهورية الوزير السابق سليم جريصاتي مع السفير السعودي، افادت اوساط مطلعة لـ«اللواء» ان رئيس الجمهورية ليس بحاجة إلى ارسال موفد للقاء سفير في وطنه لبنان، وهو الذي يلتقي السفراء ويقبل اعتمادهم اصلاً، مشيرة في الوقت نفسه إلى ان اي لقاء يحصل لا يتم خفية او في السر، مؤكدة ان عودة الهدوء إلى العلاقات العربية العربي مسألة اساسية. وهذا من شأنه ان يرتد ايجابياً على لبنان، ولبنان يرحب بذلك نظراً لانعكاسه على موضوع اللاجئين والاستقرار الامني او السياسي او عودة الحياة الطبيعية إليه والتفاعل مع العالم العربي.
وغير ذلك، بقيت كل التسريبات والمعلومات تراوح مكانها لا سيما في ما خص الكلام عن اعادة تشغيل محركات الرئيس نبيه بري وتجديد مساعيه، والتي يبدو انها ايضا لم تصل الى مكان بعد ما اعلنه مستشار بري السياسي النائب علي حسن خليل بعد الجلسة التشريعية للمجلس النيابي من ان لا مؤشرا على تشكيل حكومة قريبا، وهوما يعكس جو الاحتقان والرفض لكل المقترحات المطروحة.واعتبرت المصادر ان هذا الموقف يؤشر الى بقاء الحريري على موقفه برفض حكومة العشرين وزيرا لأنها ستتضمن الثلث الضامن لعون.
وخلال لقاء عام للمجالس البلدية في جبل عامل نظمه مكتب الشؤون البلدية والاختيارية في «حركة أمل» – إقليم جبل عامل في مركز باسل الأسد الثقافي في صور، أشار خليل الى أن «البعض ما زال يتمسك بشروطه عبر الحصول على نسبة معينة في تشكيل الحكومة، ونحن نقول وزيرا زائدا أو ناقصا لن ينقذ فريقا من المحاسبة أمام الناس».
واضاف خليل: أنه خلال الأيام الماضية، قام الرئيس بري بجملة من الاتصالات، ولكن للأسف الأطراف المعنية بحل الأزمة ما زالت متمسكة برأيها وهو ما يؤدي الى تعطيل الحل وإرجائه، والمصيبة هي تجاهل البعض لعمق هذه الأزمة.
وافادت المصادر، «ان الرئيس الحريري لم يتسلم اي اقتراح، وانه لم ير اللواء عباس ابراهيم منذ اسبوعين، وعندما يتبلغ رسميا بقبول رئيس الجمهورية بمبدأ تشكيل الحكومة على قاعدة ثلاث ستات فحينها لكل حادث حديث».
وفي تطور سياسي جديد، إستقبل رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط في دارته في كليمنصو، رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان، وعرض معه مختلف التطورات الراهنة. وحسب بيان الحزب التقدمي، «جرى التأكيد على مواصلة الجهود لتنفيذ ما كان تم الاتفاق عليه في لقاء عين التينة، واستكمال السعي لمعالجة تداعيات الأحداث التي وقعت في كلّ من الشويفات والبساتين، ومتابعة الشؤون والقضايا المتعلّقة بطائفة الموحدين الدروز، والعمل بما يساهم في تحصين المجتمع في هذه المرحلة الصعبة الحافلة بالأزمات».
وهاب: لا حكومة
واعتبر الوزير السابق وئام وهاب أن الوزير الدرزي الثاني يسميه لقاء خلدة ولا مساومة على ذلك. مشيراً الى ان لا حكومة اليوم، معتبراً أن لا استقرار، قبل استقرار الوضع في سوريا.
واشار الى ان المعنيين هم أسرى مواقفهم ويهربون من المسؤولية. وأعرب عن تخوفه من العودة الى الميليشيات، وأن كل ميليشيا تحمي منطقتها.
ومع التذكير بين وقت وآخر بالمخاوف الفرنسية من تضييع القوى السياسية والحاكمة الفرصة الاخيرة المتاحة امام لبنان للخروج من ازماته المتعددة والمتوالدة كالفطر، ممكن يرفع المخاوف بقوة من انهيار الدولة والمجتمع، كررت الخارجية الأميركية «القلق من التطورات في لبنان» لا سيما من التقاعس الواضح من الزعماء اللبنانيين في مواجهة الأزمات المتعددة المستمرة، مضيفة ان «اللبنانيين يستحقون حكومة تنفذ بشكل عاجل الاصلاحات اللازمة لانقاذ الاقتصاد المتدهور» في البلاد. وإذ أكدت ان «الاقتصاد اللبناني في حال ازمة بسبب عقود من الفساد وسوء الإدارة»، و«يحتاج الزعماء السياسيون اللبنانيون الى التخلي عن سياسة حافة الهاوية الحزبية. ويجب عليهم ان يغيروا المسار. ويجب عليهم ان يعملوا من اجل الخير العام والمصالح المشتركة للشعب اللبناني».
وبالتزامن، وصل ليلاً الى موسكو وفد «حزب الله» برئاسة رئيس كتلة الوفاء محمد رعد لإجراء محارثات تتعلق بالوضعين في لبنان وسوريا والمنطقة، ويضم الوفد مسؤول العلاقات العربية والدولية والتواصل السيد عمار الموسوي، ومعاونه للشؤون الدولية د. احمد مهني والمستشار الاعلامي احمد حاج علي.
وتأتي الزيارة تلبية لدعوة الخارجية الروسية، وتستمر لثلاثة ايام، وتشمل جولة من اللقاءات في الخارجية الروسية والمجلس الفدرالي ومجلس الدوما ولقاءات سياسية واعلامية اخرى.
ولدى وصوله الى موسكو، التقى الوفد بالسفير اللبناني شوقي بو نصار.
باسيل: الجهل بالوقائع التاريخية
في اللعبة الكارثية هذه، أطل النائب جبران باسيل ليعلن سلسلة من المواقف، جمعت بين الجهل بالسيرورات التاريخية، والارتياب المشروع إزاء فهمه لمجريات الأحداث اللبنانية، في اصطفاف جديد، جعل تأليف الحكومة في مكان أخر. أما قصة الاتصالات والمساعي فمتروكة للمعنيين، حيث تؤكد مصادر «عين التينة» ان الأزمة تكمن في الثلث المعطل، و»الأطراف المولجة بالتأليف، على مواقفها المعطلة».
اختار جبران باسيل 14 آذار، وهو اليوم الشهير بتاريخ المواجهة السياسية، التي أعقبت اغتيال الرئيس رفيق الحريري عام 2005، ليعلن للملأ أنه الوريث الشرعي للشعارات التي رفعت، بعدما توارى عن المشهد أركان الحركة الآذارية من تيار المستقبل الى «القوات اللبنانية» وحزب الكتائب والحزب التقدمي الاشتراكي، وشخصيات سياسية ونيابية مستقلة، اختار هذا اليوم، ليعلن سلسلة من المواقف.
1- اتهام ما اسماه بـ«منظومة سياسية مالية» بمنع تياره من «التغيير والاصلاح».
2- اعتبر باسيل ان «تحقيق الاصلاحات مستحيل مع وجود الفساد المتمادي والمستشري في كل مفاصل الحياة العامة. ان بناء الدولة والفساد لا يمكن ان يتعايشا، ومن الحتمي ان يقضي الواحد على الآخر. إن مسألة محاربة الفساد محورية في سياسة التيار لبناء الدولة، على الرغم من كلفتها الباهظة على الآخر.
3- وسأل باسيل «الى متى سيظلّ دولة الرئيس المكلّف يحتجز في جيبه وكالة مجلس النواب من دون تنفيذ ارادة الناس بتشكيل حكومة اصلاحية وقادرة بوزرائها وبرنامجها؟ ورأى ان التمادي في عدم تشكيل الحكومة هو نوع من استغلال الصلاحيّة الدستوريّة وحرفِها عن غاياتها، فالدستور اعطى رئيس الحكومة صلاحيّة استشارة النواب ومشاركة رئيس الجمهورية في تأليف الحكومة وذلك للقيام بهذا الواجب لا للإمتناع عنه، لذا، ما هو حاصل اليوم يطرح اسئلة جوهرية حول نوايا رئيس الحكومة المكلّف واسباب عدم قيامه بواجبه وحول الخيارات الممكنة لمواجهة التعنّت غير المبرر».
سبت الانذار بالآتي الأعظم
وكما اشارت «اللواء» في عددها السبت الماضي، عاد المحتجون الى الساحات، بدءا من ساحة الشهداء المحاذية لساحة النجمة، حيث دارت اول مواجهة من نوعها، منذ اشهر، بين شرطة المجلس والعناصر المحتجة بعد خلع احدى بوابات حماية ساحة النجمة باستخدام السباب والحجارة، قبل ان تتمكن القوى الامنية من الفصل بين المشتبكين، الامر الذي ينذر بجولات مقبلة من المواجهة، التي تقترب من خط العنف والدم.
انطلق التحرك، من تجمع دعا اليه «العسكريون المتقاعدون»، وركزت الكلمات على ان حكم السلطة القائمة هو «حكم الأزعر»، وأن الميليشيات استباحت الدولة، حسب بيان المجموعات، فيما اكد العميد المتقاعد جورج نادر على ان «تظاهرة امس الاول تأتي استكمالاً لتظاهرة امس فسيعاد احياء الثورة في كل الساحات ولنا موقف اساسي يقضي بتشكيل حكومة انتقالية من خارج الاحزاب تعمل على النهوض من حالة الافلاس واجراء انتخابات نيابية لاعادة تشكيل السلطة».
وبينما كان التجمّع مستمراً في ساحة الشهداء، شهدت بيروت ومناطق لبنانية عدة حركة احتجاجات وقطع طرقات. فتم قطع طريق كورنيش المزرعة ومستديرة الكولا، كما طريق صيدا القديمة. كما قطع محتجّون أوتوستراد بيروت صيدا في بلدة الناعمة، وصولاً إلى صيدا حيث نفّذ السائقون العموميون وقفة احتجاجية قطعوا خلالها الطرقات التي تؤدي إلى ساحة النجمة في المدينة. وفي صور، تم تنظيم مسيرة راجلة جابت شوارع المدينة أكد خلالها المشاركون ضرورة رحيل السلطة والمنظومة. وخرجت من المسيرة أصوات أكدت على أنّ «النزول إلى الشارع لإسقاط منظومة فاسدة ليس فعلاً ضد المقاومة، المقاومة هي في المطالبة بالحقوق والقول لا لحكم الفساد».
وشهدت منطقة البقاع أيضاً وقفات احتجاجية وقطع للطرقات في نقاط معتادة منها تعلبايا برالياس- مفرق المرج، إضافة إلى طريق عام أبلح. وقطع محتّجون طريق المصنع – راشيا في بلدة الرفيد احتجاجاً على الأزمة المعيشية وارتفاع سعر صرف الدولار وعجز السلطة عن إدارة الأزمة الاقتصادية.
المخاوف الامنية
وفي تطور امني، قد يكون له ارتدادات، ألقيت قنبلة مساء امس قرب منزل النائب جميل السيد في بئر حسن.
وفيما امتنع النائب السيد عن التعليق، ترددت ليلاً معلومات ان لا صحة لخبر القنبلة، وكل ما في الامر، انفجار إطار شاحنة.
يشار الى ان وزير الداخلية السابق مروان شربل كشف عن ان رؤساء احزاب وصلتهم تحذيرات امنية بشأن عمليات اغتيال. وقال «لم يكن على وزير الداخلية الحديث عن اغتيالات، ولم يبق لنا أمل الا الأجهزة الامنية»، مشيراً الى ان «في حال حصل اغتيال لشخصية مهمة فستكون هناك مخاوف من احداث في الشارع.
واشار شربل الى ان «الاحزاب كافة تملك «جماعة الموتسيكلات» الخاصة بها وهي اقوى من «الثوار» واقوى من الدولة»، مؤكداً ان «الانتخابات العامة «طايرة» حتماً وفي حال تفاقم تفشي كورونا لن يكون لدينا 30 مليون دولار لاجراء الانتخابات».
صحياً، اعلنت وزاة الصحة في تقريرها اليومي عن تسجيل 3086 اصابة جديدة بفايروس كورونا، و46 حالة وفاة خلال الساعات الـ24 الماضية، ليرتفع العدد التراكمي الى 418448 اصابة مثبتة مخبرياً منذ 21 شباط 2020.
*****************************************************************************
افتتاحية صحيفة الديار
خسائر فادحة يُسجّلها الاقتصاد تفوق التريليونات والسبب.. الإحتكار «المحمي والمنظم»
ضرورة مواجهة الإستحقاقات ولجم النزف ووقف التهريب المدعوم من أصحاب النفوذ
نقص فاضح في الإجراءات تجعل من الليرة عرضة لنقص حاد في الأسواق
بروفسور جاسم عجاقة
خسائر الاقتصاد اللبناني كبيرة وتتخطّى المنطق والعقل، منها ما هو مباشر ومنها ما هو غير مُباشر. الشق المباشر مُرتبط بالدرجة الأساسية بالتبادل التجاري (الشرعي وغير الشرعي) وبالمالية العامّة التي تضرب الليرة اللبنانية بالصميم! الشق غير المُباشر هو المُرتبط بالدرجة الأساسية بغياب الفرص الاقتصادية ولكن أيضًا بعدمّ فعّالية عمل الماكينة الاقتصادية. وهذه النقطة بالتحديد هي موضوع هذا المقال حيث سنُظهر مدّى فداحة هذه الخسائر والتي تضّرب الهيكلية الإجتماعية في لبنان.
النظرية الاقتصادية تُعرّف ظاهرة «خسائر المكاسب القصوى» على أنّها الخسارة الناتجة عن فقدان الكفاءة الاقتصادية والتي تتمثّل بعدمّ إنتاج الكمّية التي تُحاكي الحاجة الاجتماعية للسلع والخدمات. وتعود أسباب إنخفاض الكفاءة الاقتصادية لعوامل عديدة، منها الإحتكار، التعلّق بالخارج، العوامل السياسية، الضرائب، إنهيار العملة، الحد الأدنى للأجور، الإعانات، الدعم… وغيرها.
ويأتي الإحتكار على رأس هذه اللائحة كأول أسباب غياب الكفاءة الإقتصادية، حيث إن الأسعار الإحتكارية الناتجة عن الندّرة المُصطنعة تجّعل الاقتصاد يفقد الكثير من الفرص الإنتاجية وبالتالي الوظائف من خلال خفض مُصطنع للاستهلاك وارتفاع بالأسعار غير مرتبط مباشرة بالطلب، بل مصطنع أو بكلمة أدق إرتفاع مقصود طلباً لربح استنسابي.
إن تقدير هذه الخسارة، يُسمّى بمثلّث Harberger الذي ومن خلال العرض والطلب، يُحدّد المنطقة التي هي عبارة عن مُثلّث محصور بين العرض من دون ضرائب، العرض مع ضرائب، والطلب (أنظر إلى الرسم). وتأتي الخسارة من ارتفاع الأسعار الذي يؤدّي بدوره إلى فقدان في القدرة الشرائية التي تؤدّي بدورها إلى خفض الكميات المُستهلكة مع ما لها من تداعيات إجتماعية وإقتصادية.
وعلى الرغم من ربط «ارنولد هاربرجر» هذه الخسارة بتدخل الحكومة في سوق مثالي من ناحية فرض ضرائب أو حدود دنيا أو قُصوى لبعض الأسعار أو الكلّفة، إلا أن عدمّ وجود سوق مثالي يُسبّب نفس الخسائر نظرًا إلى أن القيود على السعر يُصبح رهينة اللاعبين الإقتصاديين وعلى رأسهم المُحتكرون. فالإحتكار يُؤدّي إلى ظاهرة شبيهة بظاهرة الضرائب حيث يلعب المُحتكرون دور «جابي الضرائب» – ولكن لجيوبهم الخاصة – وهو ما يخلّق خلالا في آلية السوق.
عبثية التجّار
عبثية التُجّار في لبنان مبنية على حصد الكّم الأكبر من الأرباح وذلك عبر عدّة طرق:
اولاً – إستخدام سعر صرف الدولار في السوق السوداء كحجّة أساسية في رفع الأسعار مع إحتفاظهم بمركز إحتكاري غير موجود في العالم إلا في بعض الدول المتخلفة اقتصاديا المُشابهة للبنان. وهذا الأمر يجعل من هيكلية الأسعار في ارتفاع مُزمن، إذ يكفي ملاحظة أرقام أسعار السلع الأساسية الصادرة عن وزارة الاقتصاد والتجارة لمعرفة أن الأسعار ترتفع ولا تنخفض وهذا الأمر نتاج الإحتكارالذي ذمته الشرائع السماوية كافة لمخالفته محاسن الأخلاق واعتبرته من قبيل أكل المال بالباطل.
ثانياً – تهريب السلع والبضائع المدفوعة بدولارات من مصرف لبنان على السعر الرسمي وعلى سعر المنصّة الإلكترونية إلى دول أخرى مثل سوريا، تركيا، الكويت، غانا، السويد…! ولعل الفيديو الذي تمّ تداوله البارحة على وسائل التواصل الاجتماعي والذي يُظهر أكياس رزّ مكتوب عليها أنها مدعومة من الدولة اللبنانية (بسعر 13 ألف ليرة) تُباع في متاجر في السويد!!!
ثالثاً – يعرف التجّار مُسبقًا أن هناك كتلة نقدية موجودة بين أيدي المواطنين، وبالتالي يسعون إلى سحب هذه الكتلة من خلال رفع الأسعار بشكل غير إقتصادي أو مالي. فالعديد من السوبرماركات تمتنع عن بيع المواد والسلع المدعومة الموجودة في مخازنها في السوق المحلّي.
رابعًا – يقوم التجّار من خلال عمليات الإستيراد والتصدير إلى إخراج دولاراتهم من لبنان! هذا الأمر يتمّ من خلال التهريب ولكن أيضًا من خلال عدم إعادة الدولارات التي تخرج من لبنان إلى القطاع المصرفي!
خامساً – يعلم التجار أن الأجهزة الرقابية غائبة (في أحسن الأحوال) أو مُتواطئة (في غالب الأحوال)، وبالتالي يذهبون بعيدًا في إستراتيجيتهم عبر الإمعان في رفع الأسعار والتهريب مع ما لها من تداعيات كارثية إقتصاديًا وإجتماعيًا ونقديًا.
على هذا الصعيد، يجب معرفة أن ثبات الأسعار هو عنصر أساسي من عناصر الأمن الاجتماعي والإقتصادي. فإرتفاع الأسعار المُستمرّ يضرب عمل الماكينة الاقتصادية ويُفقد اللاعبين الإقتصاديين الثقة بها. فكيف لموظّف أن يُحافظ على وتيرة ثابتة من الإستهلاك مع ارتفاع الأسعار وفقدان قيمة مداخيله؟ وكيف لشركة أن تُحافظ على مستوى مبيعات مقبول لتغطية الكلفة والإستثمارات؟ ناهيك عن أن التضخّم وإذا ما وصل إلى مستويات عالية يضرب الاقتصاد بطريقة لن يخرج منها سالمًا لعقود طويلة!
هذه العقود الطويلة من المعاناة المتوقعة للشعب اللبناني لن يتمكن متسببوها من الهروب منها كما يظنون، فسيبقى ظلمهم يظلل خطاهم وسط دمار الوطن بأيديهم الخائنة المتخاذلة.
حكومة دياب والإعتكاف المصطنع
في هذا الوقت، تعتكف حكومة الرئيس حسان دياب، المعتكفة أصلاً، عن القيام بمسؤولياتها تجاه الشعب من خلال التقاعص عن القيام بالإجراءات اللازمة لضبط الفوضى الحاصلة وتنظيم عمل الماكينة الاقتصادية خصوصًا أن الدستور أعطى الحكومة حصرية القرار الاقتصادي والمالي! هذا القول لا يحمل أية خلفيات سياسية بل صرخة وطنية نابعة من حقيقة أن لا قدرة لأحد على وقف التهريب أو ضبط الأسعار إلا الحكومة اللبنانية.
لذا أصبح من شروط بقاء وجود الكيان اللبناني أن تعمد حكومة الرئيس حسان دياب المستقيلة بعملية ضبط للعبة الاقتصادية والمالية والنقدية من خلال الإجـــراءات التالية:
أولاً – وقف التلاعب بسعر صرف الدولار الأميركي مُقابل الليرة اللبنانية. وهذا الأمر يفرض منع السوق السوداء وتحويلها إلى سوق الصيرفة الرسمي.
ثانياً – وقف التطبيقات التي تبث سعر صرف الدولار في السوق السوداء.
ثالثاً – البدء بعمليات إصلاحية تطال القطاع العام بما يسمح لها القانون خصوصًا من ناحية إعادة هيكلة هذا القطاع ومحاربة الفساد فيه.
رابعاً – لجم الإنفاق العام الذي لا يُمكن أن يستمر على هذا المُستوى في حين أن المواطن يُعاني من التقشّف المفروض عليه من خلال لعبة الدولار التي ستهزّ عروش المسؤولين عاجلا أم آجلاً.
خامساً – وقف عمليات التهريب عبر الحدود البرّية، والبحرية، والجوّية ومُلاحقة كل المُهربين مهما كان حجم الخطّ الأحمر الوهمي والسياسي والطائفي المرسوم حوّلهم.
سادساً – إستعادة الأملاك النهرية والبحرية المُصادرة من أصحاب النفوذ ووضعها في خدّمة القطاع الخاص (من دون حقّ التملّك) وذلك بهدف جعل الإنتاج الزراعي والصناعي يُلبّي قسما كبيرا من حاجة السوق اللبناني من المواد الغذائية والأساسية (أكثر من 80%) على مدى الأعوام المقبلة.
سابعاً – البدء بتطبيق الإصلاحات المفروضة من قبل صندوق النقد الدولي وذلك لربح الوقت قبل تشكيل الحكومة الجديدة.
لعل قيام الحكومة بما ذكر، ولو جاء متأخراً، فإنه سيحفظ لها شيئاً من الإيجابية، ويكتب لها إنجازاً معتبراً بعد أن مضت بالتنقل من إخفاق إلى إخفاق، وهذا ما سيذكره التاريخ على مدى طويل من الزمن، وعندها لا ينفعهم الندم.
الدولار وفوضى الأسعار
الدولار في السوق السوداء يبعث الفوضى في حياة اللبنانيين مع تقلبات لا يُمكن تفسيرها من خلال منطق إقتصادي فقط! فطرح مشروع قانون لدفع غلاء معيشة على فترة ستّة أشهر بكلفة 800 مليار ليرة لبنانية من دون تأمين تمويل لها، وطرح مشروع قانون سلفة لشركة كهرباء لبنان من دون تأمين تمويل لها أيضًا، سيؤدي حتما إلى أن يعمد مصرف لبنان إلى طبع العملة على الرغم من وصول الكتلة النقدية (بالليرة اللبنانية) إلى مستويات تاريخية، فقد أدى رفع الكتلة النقدية بأكثر من عشرة تريليون ليرة إلى تأجج منسوب المخاوف مما خلق هلعاً لدى العامة والخاصة.
إضافة إلى ذلك، زادت عملية التهريب من لبنان للسلع والبضائع المدعومة بشكل كبير خلال المرحلة الماضية، إذ يقوم التجار بالمحافظة على دولاراتهم في الخارج وبالتالي ازدادت وتيرة إستنزاف الدولارات في مصرف لبنان الذي قام بعملية رفض لبعض العمليات مما دفع بالتجار إلى تهديد المواطنين بقطع السلع عن السوق!
أمام هذا العبث كله إكتملت حلقات الجنون والظلم والانهيار ببروز عملية المزايدة السياسية بين القوى على تشكيل حكومة وهو ما دفع بالبعض إلى المراهنة على طول الأزمة وبالتالي تأخير المساعدات الخارجية ومن ثَمّ َزيادة طبع وطبع وطبع… العملة المجروحة.
****************************************************************************
افتتاحية صحيفة الشرق
ذكرى 14 آذار.. انتفاضة استثنائية في تاريخ لبنان
الحريري: لن تمحوها الإرتدادات الإقليمية والسياسات العبثية
حلت أمس الذكرى الـ16 لانتفاضة ثورة الأرز السيادية الاستقلالية في 14 آذار 2005. للمناسبة، توالت المواقف والتغريدات.
الحريري: ولمناسبة ذكرى الرابع عشر من آذار، قال الرئيس المكلف سعد الحريري أن شهادة الرئيس رفيق الحريري ورفاقه صنعت 14 آذار، انتفاضة استثنائية في تاريخ لبنان عمدّها قادة رأي وسياسة بدمائهم وتضحياتهم، ففتحت ابواب المنافي والسجون ورفعت سيف الوصاية عن الدولة وكسرت حواجز الولاءات الطائفية والمناطقية لتعيد الاعتبار للوحدة الوطنية ومفاهيم العيش المشترك والولاء للبنان.
وقال الحريري في سلسلة تغريدات عبر تويتر، «14 آذار مشروع وطن وتحرر ومصالحة، زرع في وجدان اللبنانيين مشهدية شعبية وسياسية وحضارية لن تتمكن من محوها ارتدادات المتغيرات الاقليمية ولا السياسات العبثية التي تعمل على العودة بلبنان الى زمن الاستنفارات الطائفية».
ووجّه تحية في هذا اليوم لكل من شارك في احيائه وتنظيمه ولشعب لبنان من كل المناطق الذي أشعل قلب بيروت بنبض الحرية والسيادة والاستقلال والوفاء العظيم لدم الرئيس الشهيد رفيق الحريري والشهداء الذين سقطوا على درب هذا اليوم التاريخي.
سليمان: رئيس الجمهورية الأسبق ميشال سليمان: كتب «14 آذار 2005 انتصر الجيش اللبناني لحرية التعبير التي يكفلها الدستور وليس للقرار السياسي المخالف له، انه جيش الوطن وليس جيش السلطة».
جعجع: بدوره، أشار رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع إلى أن «14 آذار مستمرة… حتى تحقيق الغاية!»..
سامي الجميل: غرد النائب المستقيل سامي الجميل عبر «تويتر»: «14 اذار ذاك اليوم الأساسي في مسيرتنا النضالية من أجل السيادة. العبرة بعد 16 سنة أن الاستقلال تحقق في حين غابت المحاسبة وتأجلت الاصلاحات فعدنا ووقعنا في المحظور. إكراما لبيار وانطوان وعهدا للأجيال المقبلة، لا تنازل عن سيادة او محاسبة، فلا قيمة للاولى دون الثانية وبالعكس».
شدياق: وليس بعيدا غردت الوزيرة السابقة مي شدياق عبر «تويتر»، وقالت، «عيد بأي حال عدت يا عيد! 16 سنة لم نبلغ سن الرشد! أخوة اضاعوا الطريق! حساباتٌ ضيقة حالت دون تحقيق الاستقلال الثاني! تفنّن في اتهام الآخرين بالدخول في تسويات بينما فشل الرؤية هو سبب الخروج من المشهد! كفى تضليلا وعنجهة وشعبوية! عودوا للاساس علّنا نسترجع الوطن ونوقف الانهيار!».
الطبش: وغردت النائبة رولا الطبش عبر حسابها عبى تويتر: كان «يوماً مجيداً» بحق يوم توحّدت اصوات اللبنانيين مطالبة بالحرية والسيادة والاستقلال بعد أن شقّت دماء الرفيق الشهيد الطريقَ أمامهم. 14 آذار ليس ذكرى خيبة بل درساً لكل اللبنانيين بأنه متى توحّدت إرادة التغيير يتحقق الكثير الرحمة لروح الرئيس الشهيد رفيق الحريري ولكل شهداء ثورة الارز.
كنعان: في الإطار غرّد أمين سر تكتل «لبنان القوي» النائب ابراهيم كنعان عبر «تويتر»: «١٤ أذار هو بالنسبة الى التيار يوم الحقيقة والشهادة للبنان الحرية والسيادة والاستقلال، مشيناه بخطى ثابتة على مدى ١٤ عاماً في لبنان والمنافي قبل التحرير وقبل تحويله الى مشاريع سلطة رباعية وثلاثية. ولكنه سيبقى النموذج للتغيير في وجدان شعب آمن فانتفض وحقق بإرادة قوية وراقية».
عدوان: وغرّد عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب جورج عدوان، عبر حسابه على «تويتر»، وقال: «14 آذار إنتفاضة شعب يعشق العيش بحريّة وكرامة وعنفوان. شعب يُريد دولة قادرة قويّة عادلة تملك حريّة قرارها وتحمي مواطنيها على امتداد 10452 كلم مربع. روح 14 آذار لن تنطفئ، وستبقى تنتفض بأشكال وظروف مختلفة ومتعددة وستنتصر».
نديم الجميل: كذلك غرد النائب المستقيل نديم الجميل،عبر صفحته على تويتر قائلاً: إلى أنّ «14 آذار ثورة وطن، ثورة سيادة وحرية واستقلال، ثورة الشعب الّذي توحّد، دفاعًا عن لبنان العظيم». وشدّد، على أنّ «ما أَحوجنا اليوم إلى ثورة أرز جديدة توحّد السياديّين وترصّ الصفوف وتهتف «Iran out». رحم الله شهداءنا الأبرار الّذين سقطوا في سبيل وطن لم يتحقّق، وقضيّة قَضت عليها الخلافات والمصالح الضيّقة».
السنيورة : 14 آذار فكرة لا تموت
اعتبر الرئيس فؤاد السنيورة، في بيان، أن «انتفاضة الرابع عشر من آذار كانت يوما مشهودا ومجيدا في تاريخ لبنان، حيث جمعت دماء الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه الابرار الكثرة الكاثرة من اللبنانيين، التي التقت في بيروت نابذة انقساماتها الطائفية والمذهبية، ومؤكدة وحدتها مع احترام تعدديتها ومطالبة بالحرية والسيادة والاستقلال، ومشددة على أن تكون الدولة اللبنانية دولة المواطنة تحترم حقوق الانسان والعيش المشترك والدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني».
وقال: «14 آذار موقف من لبنان ونظامه السياسي وطموح شعبه وطريقة عيشه وهي فكرة لا تموت بل تتجدد على الدوام».
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :