افتتاحية صحيفة البناء:
الجنرال ماكينزي يبشِّر بحلّ في الربيع مع إيران… والمواجهة السعوديّة اليمنيّة إلى تصاعد يوم غضب قواتيّ... وعون ودياب يحذِّران من انقلاب... ويدعوان لإجراءات أمنيّة وماليّة قائد الجيش: يا حضرات المسؤولين وين رايحين... وجنبلاط قلق من الفوضى... وجعجع
فيما تتحرك المنطقة على صفيح ساخن نحو ترسيم توازنات ستحكم مستقبلها سنوات مقبلة، خصوصاً في ملفَّي العلاقة الأميركية الإيرانية، وملف الحرب في اليمن، وارتباطه مباشرة بمكانة السعودية، ومستقبل ولي عهدها، تحدَّث قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال كينيت ماكنزي بفرص التوصل للحل السياسي مع إيران هذا الربيع، بينما كانت المواجهة السعودية تتواصل على أعلى درجات التصعيد الصاروخي المتبادل، بغارات جوية سعودية على صنعاء وصواريخ يمنية تستهدف العمق السعودي، لتطلّ التفجيرات الانتحاريّة مجدداً من العراق، تعلن عبرها الجماعات التكفيريّة ومن ورائها التمويل السعودي جهوزيّتها لفعل المزيد.
لبنان القلق من أن تطول مدة ترسيم التوازنات وهو ينتظر نتائج مساعي الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة الرئيس سعد الحريري لمصالحة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، دخل مرحلة التوترات والتسخين، كما ترى مصادر أمنية، حيث الارتفاع الكبير في سعر الصرف يكشف وجود إرادة سياسية وراء هذا السعر، يعني نيات تحريك الشارع الذي سينفجر في ظل تراكم الأزمات الضاغطة بغياب حكومة تتحمل مسؤولية مواجهة هذه الأزمات، والسعي لتهيئة لبنان لمرحلة ترسيم توازنات في الشارع كما أشار يوم الغضب الشعبي المفترض إلى هوية قواتية طاغية في المشهد الجغرافي والشعبي والسياسي، حيث المناطق الحاضرة بقوة في التحركات كانت المنطقة الممتدة بين الدورة وجبيل والجمهور وكانت واضحة الهوية القواتية والشعارات كانت تعمد لإيضاح ما ليس واضحاً كفاية لجهة دور القوات اللبنانية المحوريّ في التحرّكات، بمثل ما كان لقاء السفير السعودي برئيس حزب القوات اللبنانية، لإيضاح الواضح حول الدور السعوديّ، الذي أضاء عليه بكشافاته النائب السابق وليد جنبلاط في حديث تمّ تسريبه ثم اعتذر عنه جنبلاط، عن استغرابه لمكانة جعجع السعودية المميّزة، مضيفاً قلقه من تدهور الوضع نحو المزيد من الفوضى.
على خلفيّة هذا المشهد انعقد في بعبدا بدعوة من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، اجتماع ضم رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، حضره وزراء الدفاع والداخلية والمالية والاقتصاد، وحاكم مصرف لبنان ورئيس جمعية المصارف، وقائد الجيش وقادة الأجهزة الأمنيّة، وخلص الاجتماع إلى اعتبار ما يجري مدبّراً لتخريب البلد، وهو ما وصفته مصادر بعبدا بمشروع انقلاب يجري تدبيره بوجه رئيس الجمهورية، بينما تقرّرت ملاحقة المتلاعبين بالسوق السوداء للصرف، وإقفال منصات تسعير الدولار، ومنع قطع الطرقات، بينما خرج قائد الجيش العماد جوزف عون بعد الاجتماع من لقاء عسكري في اليرزة متحدثاً عن خطورة الأوضاع وما يتعرّض له الجيش، سائلاً "يا حضرات المسؤولين لوين رايحين"، مؤكداً أن الجيش سيقوم بواجباته، رغم حجم الضغوط التي تتسبب بها الأزمة المالية والاقتصادية وتأثيراتها على الجيش، وحتى منتصف ليل أمس، لم يتضح ما إذا كان الجيش سيقوم بتنفيذ قرار اجتماع بعبدا بفتح الطرق المقفلة بالقوة.
لا يزال الخطر الأمني وتردّي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في واجهة المشهد الداخلي، على وقع انسداد أفق الحل السياسيّ واتجاه الملف الحكومي إلى أزمة مفتوحة على خيارات وسيناريوات عدة مع رفض الرئيس المكلف سعد الحريري المُطلق خيار الاعتذار بحسب ما أكدت أوساط مستقبلية لـ"البناء". وقد وضع النائب نهاد المشنوق معادلة "اعتذار الحريري مقابل استقالة رئيس الجمهورية"، ما يعني بقاء الحريري مكلفاً حتى نهاية عهد الرئيس ميشال عون وإلا الرضوخ لشروط الحريري في الحكومة الجديدة، الأمر الذي لن يقبله عون وفريقه السياسي وبالتالي فإن الأزمة مرشحة للبقاء لعام ونصف العام. ما يدعو للتساؤل هل يحتمل البلد بقاء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأمنية على ما هو عليه حتى ذلك الحين؟
فالأحداث الأمنية المتتالية تؤشر إلى أن الأمن الاجتماعي والاستقرار الأمني يتجه نحو التأزم كلما تفاقمت الأزمة الاجتماعية وارتفع سعر صرف الدولار وأسعار السلع والمواد الغذائية والمحروقات. وقد تبين بحسب مصادر مطلعة على الوضع الأمني أن جهات سياسية واستخبارية داخلية وخارجية تحشد في الشارع وتدفع الأموال لزرع الفتن المتنقلة في مختلف المناطق اللبنانية لا سيما في المناطق ذات الحساسية الطائفية والمذهبية. مشيرة لـ"البناء" الى أن "الأحداث الامنية مخطط لها من جهات إقليميّة معروفة لاستخدامها في الضغط السياسي في عملية تأليف الحكومة، وكان رفع سعر صرف الدولار شرارة الأحداث التي استدعت تدخلاً ميدانياً من جهات رسمية وغير رسمية لضبط الوضع الأمني ووأد الفتنة في مهدها، وكان رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط أول من تلقى هذه الإشارات وتراجع خطوات الى الوراء بعدما شارك مناصرو حزبه في مخطط قطع الطرقات في عطلة نهاية الاسبوع لا سيما طريق خلدة - الناعمة".
وقال جنبلاط أمس، إن "بعض تحرّكات اليوم مشبوهة، وقد تأخذنا إلى الفوضى، ولا علاقة لها بالمطالب الاجتماعية"، وأضاف: "لا أرى تحركاً مطلبياً ومدروساً وغريب غياب جماعة "كلن يعني كلن"، وسأل: "لماذا ما من تحرك مطلبي مدروس؟". وأشار جنبلاط إلى أنه "بوجود الجوع وارتفاع سعر صرف الدولار الذي قد يصل إلى الـ20 ألف ليرة الأهم الصمود وتأمين الحد الأدنى من المعونة، ومعركتنا معركة وجود الإنسان".
وبعد تسريب كلام لجنبلاط يطال بعض القوى السياسية كالقوات اللبنانية، أوضح جنبلاط على "تويتر": "على إثر تسريب كلام مجتزأ قلته في اجتماع عام، والذي يشكل إساءة لأطراف داخليّة ودول عربية، فإنني أقدم اعتذاري وأتمنى أن يكون هذا التوضيح كافياً لجلاء أي ملابسات".
وعلمت "البناء" في هذا الصدد أن الاتصالات التي حصلت خلال اليومين الماضيين أفضت الى إعادة فتح طريق بيروت - الجنوب وذلك بعد الرسائل التي تبلغتها جهات سياسية وعلى رأسها جنبلاط وتيار المستقبل بأن استمرار قطع هذا الطريق الحيويّ سيدفع قوى معينة للتدخل لحسم الموضوع بشكل سريع وفتح الطريق بالطرق المناسبة ومن دون أن يؤدي ذلك الى أي فتنة ينتظرها البعض ويراهن عليها لتحقيق أهدافه السياسية". كما تبلغت هذه القوى بحسب المصادر أن إهانة المواطنين على طريق بيروت - الجنوب وإذلالهم وتحطيم السيارات وإقفال الطريق على أحد الجنازات أمر لن يسمح به وتحمُل تبعاته القوى السياسية والحزبية التي تتمتع بنفوذ سياسي وأمني في هذه المناطق".
وفي سياق ذلك، وبحسب بيان للحزب الاشتراكي فقد "أجرى الوزير السابق غازي العريضي بتكليف من جنبلاط اتصالات بمسؤول لجنة التنسيق والارتباط في حزب الله وفيق صفا ومستشار رئيس مجلس النواب أحمد بعلبكي للتأكيد على الموقف المشترك لمنع أي استغلال لحقوق الناس وتحركاتهم في اتجاهات لا تخدم مطالبهم المحقّة، والتنسيق بين الجميع ومع الأجهزة الأمنية وفق ما تمليه الظروف في هذا السياق".
هذا الواقع الأمني استدعى تحركاً سياسياً وأمنياً رسمياً على مستويات عدة في بعبدا وقيادة الجيش في اليرزة.
وترأس رئيس الجمهورية ميشال عون اجتماعاً اقتصادياً، مالياً، أمنياً وقضائياً بحضور رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب وعدد من الوزراء وقادة الأجهزة الأمنيّة ومدّعي عام التمييز وحاكم مصرف لبنان.
وحذّر رئيس الجمهوريّة في مستهل الاجتماع من "خطورة ما يجري لما له من انعكاسات على الأمن الاجتماعي وتهديد الأمن الوطني. وطلب من الإدارات والجهات المعنيّة قمع المخالفات التي تحصل لا سيما التلاعب بأسعار المواد الغذائيّة واحتكارها وحرمان المواطن منها، مشدّداً على عدم جواز استمرار هذا الفلتان الذي يضرّ بمعيشة الناس وطلب من الأجهزة الأمنيّة الكشف عن الخطط الموضوعة للإساءة للبلاد لا سيما بعدما توافرت معلومات عن وجود جهات ومنصات خارجيّة تعمل على ضرب النقد ومكانة الدولة المالية".
وقال: "قطع الطرق مرفوض وعلى الأجهزة الأمنيّة والعسكريّة أن تقوم بواجباتها كاملة وتطبيق القوانين دون تردّد، خصوصاً أن الأمر بات يتجاوز مجرّد التعبير عن الرأي الى عمل تخريبي منظّم يهدف الى ضرب الاستقرار".
وصدرت عن اجتماع بعبدا سلسلة قرارات واجراءات أبرزها:
"- تكليف الأجهزة الأمنية ضبط جميع الأشخاص الذين يخالفون احكام قانون النقد والتسليف وقانون تنظيم مهنة الصرافة سواء كانوا من الصرافين المرخصين أو غير المرخصين الذين يمارسون المضاربة.
تكليف الأجهزة الامنية العمل على استكمال إقفال المنصات والمجموعات الالكترونية غير الشرعية المحلية التي تحدد اسعار الدولار الأميركي تجاه الليرة اللبنانية ومتابعة التواصل لهذه الغاية مع الجهات الرسمية الدولية والمنصات العالمية الإلكترونية بالاستناد الى القوانين الدولية المرعية الإجراء.
الطلب الى الاجهزة الامنية والعسكرية عدم السماح بإقفال الطرقات مع الاخذ في الاعتبار المحافظة على سلامة المواطنين والمتظاهرين وعلى الممتلكات العامة والخاصة".
وأشارت المعلومات إلى أن الرئيسين عون ودياب وجها أسئلة لحاكم مصرف لبنان حول ارتفاع سعر صرف الدولار، فردّ سلامة مدعياً بأنه لا يستطيع ضبط هذا الأمر والتدخل بسوق القطع، لأن السوق عرض وطلب وهو لا يملك المزيد من الاحتياط للتدخل.
ونفذت القوى الأمنية حملة ملاحقة ومداهمة لعدد كبير من محال الصيرفة والصرافة غير الشرعيين في بعض المناطق والتي تشارك في عمليات المضاربة بالدولار، وتم ختم محل صيرفة بالشمع الأحمر وتوقيف او استدعاء ستة صرافين في شتورة. لكن مصادر متابعة للوضع المالي أوضحت لـ"البناء" أن هذا الأمر لا يكفي بل تجب ملاحقة بعض الموظفين النافذين في مصرف لبنان ورؤساء مجالس بعض المصارف وهم الجهات المسؤولة عن إدارة التطبيقات الإلكترونيّة للتحكم بسعر الصرف بالتعاون مع صرافين من فئة أ، وبالتالي حصر عمليات المضاربة بالصرافين من فئة ب والصرافين غير الشرعيين تشويه وتعمية للحقيقة".
وعقدت مدعي عام جبل لبنان القاضية غادة عون، في موازاة التلاعب الفاضح بسعر صرف الدولار السبت الفائت، "جلسة تحقيق استمعت فيها إلى نقيب الصرافين محمود مراد والصيرفي من الفئة "أ" إلياس سرور وتغيب الصيرفي من الفئة نفسها وائل حلاوي والذي تم تكرار دعوته إلى جلسة أخرى تعقد هذا الخميس 11 آذار 2021، وذلك على خلفية الدعوى المقدمة ضد كل من حاكم مصرف لبنان ومدير العمليات النقدية في المصرف مازن حمدان، ونقيب الصرافين محمود مراد وعدد من كبار الصيارفة ومصارف، وذلك بجرم تبييض الأموال الناجمة عن عمليات التداول بالعملة بقصد التعرّض للنقد الوطني سنداً للمادة 9 من قانون تبييض الأموال، وللإخلال بأمن الدولة سنداً للمادة 19 من قانون العقوبات.
وفي موقف يُعدّ الاول من نوعه، حذر قائد الجيش العماد جوزف عون من انهيار الوضع الأمني. وقال خلال اجتماع رأسه صباحاً لكبار الضباط "نحن مع حرية التعبير السلمي التي يرعاها الدستور والمواثيق الدولية، لكننا لسنا مع التعدي على الأملاك العامة والخاصة ولن نسمح بأي مسّ بالاستقرار والسلم الأهلي".
وتابع عون: "ليس صحيحاً ما يُحكى عن حالات فرار في الجيش بسبب الوضع الاقتصادي". وأضاف: "لا نقبل أن تمدّ اليد على حقوقنا وممنوع التدخل بشؤوننا أو بالترقيات أو التشكيلات والجيش متماسك وفرطه يعني نهاية الكيان وتجربة 1975 لن تتكرّر".
وكانت الاحتجاجات على الأوضاع المعيشية والاقتصادية وارتفاع سعر صرف الدولار انطلقت منذ الصباح الباكر، وقطع المحتجون الطرقات من الشمال إلى الجنوب، ومن البقاع إلى بيروت.
إلا أن حجم هذا التحرك والحشد الشعبي لم يأتِ على قدر العنوان الذي وضعته مجموعات مجهولة الهوية بعنوان "اثنين الغضب"، بل لم يتمكن من حشد أكثر من 10 في المئة مما كان منتظراً، بحسب ما أكدت مصادر ميدانية لـ"البناء"، ما يثبت بأن "ما يحصل في الشارع بنسبة 80 في المئة منه ليس ثورة جياع ولا تحركاً شعبياً بل مخطط لضرب الأمن والاستقرار للاستخدام السياسي تقف خلفه قوى خليجية للضغط على حزب الله والرئيس عون في الموضوع الحكومي، فضلاً عن استخدام السعودية للبنان كورقة للضغط على محور المقاومة لوقف الهجمات اليمنيّة على المملكة". وتوقعت المصادر شهرين ساخنين في لبنان والمنطقة حتى الانتخابات الرئاسية الإيرانية في حزيران المقبل، حيث من المتوقع أن تصل المفاوضات في الملف النوويّ الى حل بعد الانتخابات"، وشددت المصادر على أن "لبنان لن يستسلم للضغوط الخليجية والاميركية".
بدورها أكدت حركة "أمل" في بيان أصدرته إثر اجتماع مكتبها السياسي "أن المخرج الوحيد للأزمة في ظل الانسداد السياسي الآخذ في الاشتداد، هو باستعادة زمام الامور من خلال الاستعجال بتأليف الحكومة وتقديم المصلحة الوطنية العليا على ما عداها من المصالح الذاتية الضيقة التي لا يمكن أن تنقذ الوطن، بل تكبله بالشروط التعجيزية، وتطيل معاناة اللبنانيين الذين لم تعد تهمهم كل الشعارات التي يحاول المعطلون التلطي خلفها بحجج واهية وأوهام قوة غير موجودة إلا في اضغاث أحلامهم، بل لم يعد اللبنانيون مهتمين بحصص الطوائف والمذاهب والأطراف في الحكومة العتيدة بقدر مطالبتهم بخطوات إنقاذية".
وبقيت الاتصالات الحكوميّة مقطوعة مع وجود الحريري خارج البلاد، حيث من المرجّح ان يلتقي في ابو ظبي اليوم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، بحسب المعلومات.
وأِشارت معلومات "البناء" الى أن الحريري "لن يؤلف الحكومة إلا بعد لقاء يجمعه مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والذي لن يستقبله لغضبه على الحريري اولاً ولانشغاله بملفات مصيرية بالنسبة اليه ثانياً، لا سيما مأزقه في الحرب على اليمن والتحوّل في الموقف الاميركي تجاه القيادة السعودية وإعادة تحريك ملف اغتيال الصحافي السعودي جمال الخاشقجي".
******************************************************************
افتتاحية صحيفة الأخبار:
القوات والكتائب وجماعة الاخوين الحريري تنتفض على حراك 17 تشرين: فوضى حتى إسقاط عون
في "إثنين الغضب"، غاب الغضب الشعبي من الشوارع رغم توافر كل أسبابه، وذلك لأن أحزاب السلطة ركبت موجة "الثورة" علانية هذه المرة، وبات لديها الجرأة لإطلاق شعاراتها وأجندتها على الملأ. وصار واضحاً أن الهدف لم يكن الحشد بقدر ما هو بروفا لقطع أوصال المناطق و"فدرلتها". استعاد القواتيون "نوستالجيا" الحرب ومصطلحات تقسيمية بين "شرقية" و"غربية". عاونهم في مناطق أخرى حزب الكتائب، ومناصرون لتيار المستقبل ينفي الأخير أنه طلب منهم المشاركة في قطع الطرق، ومحسوبون على الشقيق اللدود للرئيس سعد الحريري، بهاء الحريري، ومجموعات من العسكريين المتقاعدين. جديد أمس أن كثراً من قاطعي الطرق استبشروا خيراً بموقف قائد الجيش، العماد جوزف عون، ورأوا فيه تغطية أمنية وعسكرية وسياسية لهم. طوال يوم أمس، غابت غالبية الشعارات المرتبطة بأسباب الانهيار، ونأت أكثرية مجموعات 17 تشرين بنفسها عن التحركات، فيما بدت كلمة سرّ قاطعي الطرق واحدة: استقالة ميشال عون
انتهى "إثنين الغضب" بانتصار أحزاب السلطة السياسية، أكانوا موالين أم معارضين. هكذا بدا المشهد أمس؛ المنظومة الفاسدة نفسها، تتسبب في انهيار البلد وتثور فوق جثته. غالبية الناس فهمت لعبة الأحزاب ولم تعد تجاريها أو تسمح باستعمالها وقوداً لتصفية حسابات سياسية. حصل ذلك بالتوازي مع ظهور حزبي وقح لا يسعى لإخفاء هويته أو أجندته. بات اللعب "عالمكشوف"، وسارعت السلطة السياسية الى "فدرلة" انتفاضتها. القوات والكتائب يقطعان أواصر جبل لبنان، الحزب الاشتراكي يهتمّ بالجبل وجزء من طريق الجنوب (هذه المرة لتحاشي قطعهما بهدف تخفيف حدة التوتر مع حزب الله) فيما تيار المستقبل يتولى القسم الآخر والبقاع وبعض الأحياء في بيروت. الجميع جاهز لأي ساعة صفر محتملة، وليس ما يجري سوى بروفا وضغط سياسي على المواطنين وفريق سياسي يمثله رئيس الجمهورية وحزب الله. كل ذلك أدى الى تفريغ الشارع من أي "ثورة" كان يجب أن تشتعل نتيجة اجتياز سعر صرف الدولار الـ10 آلاف ليرة لبنانية، وما رافقه من ارتفاع في أسعار السلع وطرد موظفين من أعمالهم، إضافة الى إقفال محال ومؤسسات أبوابها لمدة طويلة. والأهم أن لا حلول اقتصادية أو مالية في الأفق في ظل انقسام سياسي حول الرزمة الإصلاحية ومحاولة الهروب من التدقيق الجنائي لحماية حاكم مصرف لبنان وصحبه.
هذه العناوين الرئيسية لم يُسمع لها صدى يوم أمس بين المحتجين - على قلّتهم. فقد جرى قطع الطرقات في بعض المناطق بواسطة شابين لا أكثر، ولم يكن ثمة اعتصام يتعدّى أفراده العشرات. ذلك لأن إيصال الرسالة السياسية لا يحتاج إلى حشود، والرسالة هذه كانت تصدح من كل المناطق، وبشكل خاص من الدورة وجل الديب والزوق وجبيل، ضد رئيس الجمهورية ميشال عون، وتدعوه إلى الاستقالة، من دون الحديث عمّا سيتحقق في اليوم الذي يلي تلك الاستقالة. يُسألون لماذا رئيس الجمهورية، الجواب واحد: لأنه متحالف مع حزب الله. ما الحلّ إذاً؟ "الحياد" على طريقة البطريرك بشارة الراعي الذي وإن اختلف معه القواتيون على تصريحه السابق بأنه "لولا حزب الله لكان داعش في جونيه"، لكنه اليوم "القائد". ثمة من يقول هنا إن رئيس الهيئة التنفيذية سمير جعجع حاول عبثاً ركوب موجة الانتفاضة، لكنه اليوم وجد في مبادرة البطريرك عناوين للتلطي خلفها، ولإيجاد مكان لنفسه. في الأيام القليلة الماضية، كان الظهور القواتي في جل الديب والزوق واضحاً، وذُيِّل أمس بشعارات تقسيمية لا تعبّر سوى عن الحمل القديم الجديد، أي الفدرلة أو ما يطيب للبعض تسميته "اللامركزية". علت صرخات تقول: "وحدها بتحمي الشرقية، القوات اللبنانية". قبلها بيومين، كان ثمة شاب يحمل مسدساً في جل الديب ويهدّد ويتوعّد، قبل أن يصبح في قبضة الجيش. بين هذا وذاك، جلس رجل متقدّم في العمر على الأوتوستراد يصرخ بأنه من بشرّي وينتخب ستريدا جعجع وجوزيف إسحق ومن له على القوات فليحاسبها. الحضور القواتي كان كثيفاً في جل الديب والزوق، كما الصلبان المشطوبة.
ما حصل خلال الأسبوع الماضي ويوم أمس أيضاً هو توحيد المطلب بإسقاط رئيس الجمهورية ميشال عون "الجالس في الحضن الإيراني". فات المحتجين أن الوزيرة السابقة مي شدياق أعلنت على الملأ جلوس القوات وغيرها من قوى 14 آذار في الحضن الأميركي والخليجي بتقاضيها تمويلاً خارجياً، مقابل تنفيذ أجندة ما بالطبع، وليس لأن تلك الدول معجبة بثقافة رؤساء هذه الأحزاب. المستقلون الذين انخفض عددهم كثيراً، لم يغيبوا عن هذه المناطق، وقد تحدثوا على المحطات عن "تحييد الكتائب والقوات لمطالب الثورة". إلا أن الوجود الحزبي والتركيز الإعلامي على جهة وشعارات دون غيرها، حيّدا الأنظار عمّا رفعه المستقلون في جل الديب والزوق. في جبيل، بدت الشعارات أقرب الى المزاج الكتائبي، والحديث هناك أيضاً كان واحداً: "ضرورة استقالة كل النواب من البرلمان". في الدورة، نزل العسكريون المتقاعدون بقيادة جورج نادر وبدأوا يوبّخون العالقين في سياراتهم لأنهم خرجوا من منازلهم. أما في نهر الموت، فقطع بعض الشباب القادمين من منطقة الزعيترية الطريق.
من جهته، وقف الجيش متفرجاً على قطع الطرقات ومباركًا لهذه الخطوة، حتى إن أحد الضباط الذي أصيب بحجر في جل الديب كاد يعتذر من رامي الحجر. لعب العسكر المنتشر دور قوات السلام، وعبّر الشباب عن فرحتهم من تعاون اللواء 11 معهم، خصوصاً عند نصب الخيم في منتصف الأوتوستراد وعند إبلاغهم أن الجيش لن يبادر الى فتح الطريق طالما الطريق البحرية مفتوحة.
على المقلب القواتي، نفت المصادر أن يكون هناك أمر حزبي بقطع الطرقات أو رفع "شعارات منسية وصلبان. بل بالعكس، القوات حريصة اليوم على وضعيّتها في طرابلس كحرصها على وجودها في جونية، وعلى طريق الجديدة بقدر حرصها على الأشرفية". ومن يرفع هذه الشعارات، "إما يقوم به بشكل عفوي انطلاقاً من ضيق نفسه والانهيار الذي نرزح تحته، وإما لتشويه صورة القوات". ذلك لا يتعارض مع مشاركة مناصري القوات يوم أمس بقرار فردي، وفق المصادر، "لأن القوات موجودة منذ اليوم الأول للانتفاضة في صلب التحركات". فما يؤكد عدم وجود قرار حزبي بتسكير الطرقات هو "غياب الحشد الكبير والعنوان السياسي الأساسي، أي الانتخابات النيابية المبكرة، ولأن وضع البلد الدقيق والمتجه نحو الانفجار يدفع القوات الى العدّ للعشرة". تذهب المصادر الى ما هو أبعد، والى اعتبار التحرك "منظماً" وربما "ثمة مايسترو ما يسعى لتوظيف اندفاعة الناس وعفويتهم من أجل تحقيق هدفه بتأليف حكومة؛ إذ من المستغرب تزامن مجموعة عوامل في وقت واحد، كارتفاع سعر الدولار وتراجع وليد جنبلاط عن التمسك بالوزيرن الدرزيين وعون عن الثلث المعطل، وتهديد رئيس الحكومة المستقيل بالاعتكاف، إضافة الى عودة الاحتجاجات الشعبية". ما يردّده القواتيون، أشار إليه رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط، أمس، بقوله إن "بعض التحركات مشبوهة وقد تأخذنا إلى الفوضى، ولا علاقة لها بالمطالب الاجتماعية، ولا أرى تحرّكاً مطلبياً ومدروساً، وغريب غياب جماعة "كلن يعني كلن"، ولماذا ما من تحرّك مطلبي مدروس؟".
في مقابل حضور الأحزاب، غابت المجموعات المدنية الرئيسية، ولم يوجّه أيّ منها دعوة رسمية على صفحاته. المرصد الشعبي لمكافحة الفساد دعا الى اعتصام أمام المحكمة العسكرية لمساندة المحتجين المعتقلين. مجموعة شباب المصرف أصدرت بياناً في اليومين الماضيين حذرت فيه "من الوقوع في الكباش السياسي الذي تخوضه أحزاب السلطة". شباب المصرف وبعض المجموعات الأخرى نظموا مسيرة بمناسبة يوم المرأة العالمي بعد ظهر أمس، بدأت من المتحف ووصلت الى ساحة الشهداء.
ممنوع دخول غير القواتيين!
تعرّض الناشط بيار بعقليني، يوم أمس، لمضايقات من قواتيين في جل الديب فور وصوله الى المنطقة للمشاركة في الاحتجاجات. فقد طوّقه حزبيون، وطلب منه شخص، عُرِّف عنه بأنه مسؤول القوات، مغادرة المكان. كذلك، بدأ بعض القواتيين بالضغط عليه ودفعه بأياديهم "لأنه لا مكان لمعارضي القوات". فبعقليني غالباً ما يهاجم القوات ورئيسها سمير جعجع على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما لم يعجب الحزبيين الذين لم يتحملوا انتقاد أحد الأفراد لهم، وتصرفوا بميليشيوية، مدّعين السيطرة على شارع لا يملكونه. على الأثر، تقدم بعقليني بشكوى ضد هؤلاء وضد رئيس حزب القوات، معتبراً أن ثمّة قراراً قيادياً بالتعدّي عليه.
**********************************************************************
افتتاحية صحيفة النهار
غضب الناس والجيش يحاصر سلطة الإنكار
بتراكم غاضب كبير زاد أثقال المعاناة أضعافاً مضاعفة وأضعف مناعة القدرات المتآكلة للناس الى اقصى الحدود امام الانهيارات والضربات المالية والاقتصادية والاجتماعية المتعاقبة، استعاد اللبنانيون امس النسخة الأقرب والأكثر تطابقا من بدايات انتفاضة 17 تشرين الأول 2019 من خلال “#اثنين الغضب” الذي عكس عودة كثيفة واسعة للتعبير الاحتجاجي العابر للمناطق والطوائف والطبقات على اختلافها. يوم الغضب الجديد الذي اختير موعده في اول أيام الأسبوع بدا واقعياً اكبر مشهد احتجاجي منذ تراجع الانتفاضة الام وانحسارها لاسباب مختلفة من ابرزها التفشي الوبائي لفيروس كورونا، فاستعادت الحركة الاحتجاجية ألقها القوي وزخمها طوال ساعات اليوم من صباحه المبكر الى ساعات الليل المتقدمة على امتداد المحافظات والأقضية والمدن والطرق الرئيسية وأوصال البلاد من شمالها الى جنوبها مرورا بالعاصمة والجبل والبقاع. وبدت الرسالة مدوية لا تحتاج الى تفسيرات وقراءات واجتهادات الا لمن يعيشون في عالم الانكار المذهل ولا دأب لديهم سوى رمي تبعات ما جنت اياديهم من كوارث على اللبنانيين، على اللبنانيين انفسهم على غرار ما ابتدعه الاجتماع الرئاسي- الوزاري- الأمني في قصر بعبدا امس الذي لم يجد اللبنانيون بعد تفسيراً واضحاً لما صدر عنه من مواقف وقرارات ما دامت تندرج في اطار لزوم ما لا يلزم او غسل الايدي من تبعات الانهيار الذي أعاد الناس الى الشارع. اذ ان السلطة السياسية الحاكمة عادت الى اللغة الخشبية في التعامل مع يوم الغضب الشعبي وكل يوم غاضب مماثل وجاءت “مبادرتها” الى عقد اجتماع بمثابة تكرار وترداد لما سبق ان اتخذ من إجراءات معظمها لم يقدم ولم يؤخر شيئا في اندفاعات الانهيار، فيما المطلوب واحد وهو وقف التعنت ورفع القبضة الآسرة عن تشكيل حكومة انقاذية. ولكن التطور البارز الذي شكل افضل رد حاسم، ولو في شكل ضمني، على السلطة السياسية كان في الكلام الكبير الذي اطلقه قائد الجيش العماد #جوزف عون للمرة الأولى بهذه النبرة في وجه “من يريد التدخل في شؤون المؤسسة” وفي وجه السياسيين وفي مواجهة الحملات الإعلامية والسياسية “التي تهدف إلى جعل الجيش مطواعاً وهذا لن يحدث أبداً” وإعلانه بالفم الملآن صراحة ان العسكريين يعانون ويجوعون مثل الشعب فإلى أين نحن ذاهبون، ماذا تنوون أن تفعلوا ؟”. وعكس هذا التناقض الصارخ بين موقف السلطة السياسية الحاكمة والقيادة العسكرية التي بدت اقرب ما تكون الى صف اللبنانيين المعترضين والمحتجين صورة لعلها الأكثر إفصاحا منذ سنتين عن محاصرة الازمات المصيرية لدولة فشلت في مواجهة انهيارات البلاد وعاندت سلطتها السياسية في لعبة المصالح بمنع تشكيل حكومة انقاذية الى ان بدأت الان الارتدادات الخطيرة ترتد عليها بأوخم العواقب.
اذن اتسم “اثنين الغضب” الذي دعت اليه “مجموعات الثورة” بشمولية كبيرة اذ لفّت التحركات الغاضبة البلاد بكل مناطقها رفضا للاوضاع المعيشية والمالية والاقتصادية والسياسية التي يتخبط فيها الناس، فافترشت مجموعات المحتجين الطرق وقطعتها بالاطارات المشتعلة والسيارات وارتفعت الأصوات المدوية ضد الغلاء والفقر والفساد، مطالبة بتشكيل حكومة انقاذية سريعا.
اما الاجتماع الذي دعا اليه رئيس الجمهورية #ميشال عون في حضور رئيس حكومة تصريف الاعمال #حسان دياب وعدد من الوزراء والمسؤولين الأمنيين والقضائيين وحاكم مصرف لبنان فبدا بمثابة خطوة شكلية في مواجهة عودة الاحتجاجات الى الشارع ولم تلامس مقرراته جوهر الازمة ولا اختلفت عن الإجراءات العادية التي تتخذ منذ أيام ولم تبدل حرفا في مسار الازمة.
في هذا الاجتماع تجاهل عون تماما الأصوات والمطالبات الصاخبة المتصاعدة من كل الاتجاهات السياسية والمجتمعية والاقتصادية والقطاعية بضرورة فك أسر الحكومة الانقاذية كوسيلة أساسية تكاد تكون حصرية لمنع الانزلاق المتسارع نحو الانهيار الأكبر والأخطر. وتحدث عون ” عن خطورة ما يجري لما له من انعكاسات على الأمن الاجتماعي وتهديد الأمن الوطني” مشددا على “عدم جواز استمرار هذا الفلتان الذي يضرّ بمعيشة الناس داعياً الأجهزة الأمنيّة والادارات المختصة الى القيام بواجباتها. كذلك طلب من الأجهزة الأمنيّة الكشف عن الخطط الموضوعة للاساءة للبلاد لاسيما بعدما توافرت معلومات عن وجود جهات ومنصات خارجية تعمل على ضرب النقد ومكانة الدولة المالية”. وقال “انّه اذا كان من حق المواطنين التعبير عن آرائهم بالتظاهر الّا أنّ اقفال الطرق هو اعتداء على حق المواطنين بالتنقل والذهاب الى اعمالهم لا سيما بعد أسابيع من الاقفال وعلى الأجهزة الأمنيّة والعسكريّة أن تقوم بواجباتها كاملة وتطبيق القوانين دون تردّد”.
“المؤامرة”
وطغت نظرية المؤامرة على القراءات الرئاسية لتحليق سعر الدولار وارتفاع الاسعار وتحرك الشارع. من رئيس الجمهورية الى رئيس حكومة تصريف الاعمال، التقت الكلمتان على ان جهات خارجية وراء المنصات التي تتحكّم بسعر الدولار لضرب النقد ومكانة الدولة المالية، وانها منصات سياسية وليست مالية تتحكم بسعر صرف الدولار. والرئيس دياب تحدث عن ان هناك من يدفع البلد نحو الانفجار ويجب #قطع الطرق على التلاعب بمصير البلد من المتآمرين.
في الاجتماع، عرضت تقارير امنية عما يجري على الارض، ووحدهما قائد الجيش العماد عون والمدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم التزما الصمت، حتى عندما طلب من الجيش والقوى الامنية منع اقفال الطرق .
وتركزت مداخلات الحاضرين على ان الاحتجاجات في الشارع شق منها مطلبي معيشي محق، وشق منها مسيّس ومنظم بدخول احزاب واطراف تعمل على الاستثمار السياسي فيه. وعلم انه طلب من حاكم مصرف لبنان التدخل للجم ارتفاع سعر الدولار، وهو اعتذر عن عدم القدرة على التدخل بسبب الشح والجفاف في السيولة. وكان اجماع من الرئيس دياب والوزراء والامنيين الذين تحدثوا عن ان لا حل جذرياً للازمة المتفاقمة الا بتشكيل حكومة جديدة.
قائد الجيش
وفي المقابل برز موقف العماد جوزف عون ممن “يشنّون حملات سياسية علينا لتشويه صورتنا” مؤكدا ان” هذا الأمر لن يتحقق وممنوع التدخل بشؤوننا أو بالترقيات أو التشكيلات”. وسأل خلال اجتماع رأسه صباحا لكبار الضباط “البلد كله يعاني بسبب الوضع الاقتصادي وكما أنّ الشعب جاع كذلك العسكريّ يعاني ويجوع فما الذي ينتظره المسؤولون؟” وإذ اكد ان “ليس صحيحاً ما يحكى عن حالات فرار في الجيش بسبب الوضع الاقتصادي ” سأل : “بدكم جيش يضل واقف على إجريه أو لأ ؟ فكل عام يتم تخفيض موازنة الجيش أكثر الأمر الذي يؤثر سلباً على معنويات العسكريين”. واعلن “لا نقبل أن تمدّ اليد على حقوقنا فنحن دمنا فداء للوطن لكن حقوقنا واجب على الدولة تجاهنا “.
واشنطن
وسط هذه الأجواء دعت الولايات المتحدة رعاياها لاعادة النظر بالسفر إلى لبنان، وذلك بسبب جائحة كورونا والجريمة والإرهاب والنزاع المسلح والاضطرابات المدنية والاختطاف وقدرة السفارة المحدودة في بيروت على تقديم الدعم للمواطنين الأميركيين. ودعت مواطنيها إلى عدم السفر إلى الحدود اللبنانية مع سوريا بسبب الإرهاب والنزاع المسلح، والحدود اللبنانية مع إسرائيل بسبب احتمال نشوب نزاع مسلح، ومستوطنات اللاجئين بسبب احتمال وقوع اشتباكات مسلحة .
وقالت إنه يجب على مواطني الولايات المتحدة الذين يختارون السفر إلى لبنان أن يدركوا أن المسؤولين القنصليين من سفارة الولايات المتحدة لا يمكنهم دائمًا السفر لمساعدتهم. وتعتبر وزارة الخارجية أن التهديد الذي يتعرض له موظفو الحكومة الأميركية في بيروت خطير بما يكفي لمطالبتهم بالعيش والعمل في ظل إجراءات أمنية مشددة. وأضافت واشنطن أنه تم تقييد الحركات بشكل أكبر بسبب احتياطات الصحة والسلامة المتعلقة بـكورونا .
وأشارت إلى أن الجماعات الإرهابية تواصل التخطيط لهجمات محتملة في لبنان، وقد يشن الإرهابيون هجمات دون سابق إنذار تستهدف المواقع السياحية ومراكز النقل والأسواق مراكز التسوق والمرافق الحكومية المحلية. ولفتت إلى أن الحكومة اللبنانية لا تستطيع ضمان حماية المواطنين الأميركيين من اندلاع العنف المفاجئ، ويمكن أن تتصاعد الخلافات الأسرية أو الطائفية بسرعة ويمكن أن تؤدي إلى إطلاق نار أو أعمال عنف أخرى دون سابق إنذار. ودعت واشنطن رعاياها في لبنان إلى تجنب #التظاهرات وتوخي الحذر إذا كانوا بالقرب من أي تجمعات أو احتجاجات كبيرة حيث تحول بعضها إلى أعمال عنف.
**********************************************************************
افتتاحية صحيفة نداء الوطن
اجتماع اليرزة يُحاكي “وجع العسكر والناس”
اجتماع بعبدا “فوفاش”!
في جزيرة “عونستان” المنفصلة عن أرض الواقع والمستقلة عن أوجاع الناس، لم تعد قلة الإدراك “مصيبة” اللبنانيين بل أضحت مصيبتهم “أعظم” لأنهم يدرون أنّ العهد الحاكم يدري يقيناً ماذا جنى عليهم من مصائب وويلات، ولا يزال يُمعن في سياسة استغباء الناس وقهرهم وإذلالهم على مذبح حالة الإنكار والتنصل من المسؤوليات.
فاجتماع قصر بعبدا بالأمس، وعلى الرغم مما عكسه شكلاً من عراضة رئاسية – اقتصادية – مالية – أمنية، لكنه لم يتمخض في جوهره سوى عن مزيد من التعامي عن الوقائع والهروب إلى الأمام في مقاربة الأزمة، إلى درجة لم يُخف أمامها مناضل عوني سابق حسرته إزاء “نهاية تلك المسيرة النضالية التي بدأت مع ميشال عون على صورة “جنرال ثوري” أواخر الثمانينات، وانتهت به اليوم على صورة الحكام الديكتاتوريين الذين توعدوا الثوار بالقمع والملاحقة على الأرض “شبر شبر وزنقة زنقة” كما قال الرئيس الليبي المخلوع معمر القذافي في عبارته الشهيرة غداة اندلاع الثورة الشعبية في بلاده”.
وفي السياق نفسه جاءت التعليقات السياسية المعارضة والشعبية الثائرة لتجسد حالة الذهول والخيبة إزاء ما خلص إليه اجتماع قصر بعبدا، لا سيما وأنّ المقررات التي أذاعها المستشار الرئاسي أنطوان قسطنطين بأسلوب غلب عليه الطابع “الانقلابي الشعبوي”، لم تخرج عن سياق اللجوء إلى سياسة “تغذية الذهنية المؤامراتية” التي عادة ما تنتهجها الأنظمة القمعية، في محاولة لإقناع المواطنين بتصدي السلطة لـ”جهات ومنصات خارجية” معادية تعمل على تجويعهم وتهديد أمنهم الاجتماعي والوطني وضرب النقد ومكانة الدولة المالية، وفق ما استهلّ رئيس الجمهورية حديثه في الاجتماع، قبل أن ينتهي إلى الإيعاز للأجهزة العسكرية والأمنية بمنع الثوار والمتظاهرين من قطع الطرق باعتباره “أمراً مرفوضاً وعملاً تخريبياً منظّماً يهدف إلى ضرب الاستقرار”!
وإذ وصفت مصادر سياسية اجتماع بعبدا الذي ترأسه عون بحضور رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب وعدد من الوزراء وقادة الأجهزة الأمنية والقضائية إلى جانب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وعدد من المصرفيين والصيرفيين، بالاجتماع “الفوفاش” الذي يعبّر خير تعبير عن “تفليسة الطبقة الحاكمة وعقم الرهان عليها في أي عمل إصلاحي إنقاذي”، لفتت في المقابل إلى أنّ اجتماع اليرزة الذي عقده قائد الجيش العماد جوزيف عون مع أركان القيادة وقادة الوحدات العسكرية أتى بخلاف ذلك “على قدر معاناة اللبنانيين بعدما حاكى في مضامينه وجع العسكر والناس على حد سواء تحت وطأة انعدام المسؤولية لدى الطبقة الحاكمة”، منوهةً بكون “الرسائل” التي أطلقها قائد الجيش في كلمته استطاعت بجدارة أن “تعرّي المسؤولين وتفضح تواطؤهم وتآمرهم على المؤسسة العسكرية” خصوصاً حين توجه إليهم بالسؤال: “أتريدون جيشاً أم لا؟ أتريدون مؤسسة قوية صامدة أم لا؟”، وأضاف: “العسكريون يعانون ويجوعون مثل الشعب فإلى أين نحن ذاهبون، ماذا تنوون أن تفعلوا، حذرنا أكثر من مرة من خطورة الوضع وإمكان انفجاره”، منبهاً في مقابل الحملات التي تهدف إلى جعل الجيش “مطواعاً”، إلى أنه لن يسمح بأن يكون “مكسر عصا لأحد”، مع إبداء أسفه لكون المعنيين “لا يهمهم الجيش أو معاناة عسكرييه (…) وهم يدركون أنّ فرطه يعني نهاية الكيان”.
أما الرسالة الأهم في ما يتصل بالتحركات الاحتجاجية، فاختزنت تأكيداً من قائد الجيش على الجهوزية التامة لتولي مهمات حفظ الأمن والاستقرار “لكن من دون إبداء أي جهوزية لقمع المواطنين والتصادم معهم خدمةً لأجندات سلطوية وسياسية”، حسبما لاحظت المصادر، مشيرةً إلى أنّ كلمة العماد عون أمس، التي صادفت الذكرى السنوية الرابعة لتوليه قيادة المؤسسة العسكرية، عبّرت عن “ارتفاع منسوب الامتعاض والاستياء في صفوف العسكريين جراء محاولة دفعهم إلى تحمّل تبعات الفشل السياسي في إيجاد الحلول المناسبة للأزمة الاقتصادية والمالية والاجتماعية المتفاقمة في البلاد، من خلال الزج بهم على جبهات داخلية للتصدي لتحركات شعبية منتفضة على تردي الأحوال المعيشية”.
وفي السياق عينه، ترددت معلومات موثوق بها تفيد بأنّ اجتماع بعبدا الموسّع أمس لم يخلُ من “أجواء متوترة” على خلفية الضغط السياسي الكبير على الجيش لدفعه نحو فرض “حلول عسكرية” على الأرض في مواجهة الحراك الشعبي، الأمر الذي لم يتوانَ قائد الجيش عن رفضه بصورة مطلقة، انطلاقاً من قناعته بأنّ الحلول يجب أن تكون إصلاحية بالدرجة الأولى وهي تقع على عاتق السياسيين، أما واجب حفظ الأمن فهو يقع على عاتق كافة الأجهزة الأمنية وليس من المعقول ولا من المقبول الاستمرار في تكليف الجيش وحده بمهمات لوجستية تتعامل مع الوحدات العسكرية وكأنها “شرطي مرور” مكلف فتح منافذ لخطوط السير في هذا الاتجاه أو ذاك.
*********************************************************************
افتتاحية صحيفة الجمهورية
مخاوف من تحوّل الشارع الى شوارع.. والبابا: لبنان في أزمة وجود وسأزوره
على وقع تفاقم الانهيار الاقتصادي والمالي مشفوعاً بتعاظم الاشتباك السياسي حول الاستحقاق الحكومي من دون تسجيل اي ايجابيات يبنى عليها لإنجازه، وتصاعد الاحتجاج الشعبي في الشارع، جاء اعلان قداسة البابا فرنسيس في ختام زيارته العراق أنّ «رحلته المقبلة ستكون الى لبنان» ليبعث بعض الامل في تأثر المعنيين بهذه الارادة البابوية والاندفاع الى تجاوز الخلافات وتبادل التنازلات بما يسهّل الولادة الحكومية، ووضع البلاد على سكة التعافي. فقد قال البابا، في تصريح ادلى به في الطائرة لمراسل «سكاي نيوز عربية: «انّ رحلتي المقبلة ستكون إلى لبنان». وأضاف: «لبنان في أزمة ولديه ضعف ناتج عن التنوع لكن لديه قوة الشعب». وتابع: «البطريرك الراعي طلب مني في هذه الرحلة أن أتوقف في بيروت»، لكن «الأمر بدا لي صغيراً أمام ما يعانيه هذا البلد، فكتبت له رسالة ووعدتُ أن أزور لبنان». وختم: «لبنان اليوم في أزمة وهنا لا أريد أن أنتقص من أحد، هي أزمة وجود… وهذه ستكون الدافع الى رحلتي التالية».
في زمن الوباء السياسي، أصبح كلّ شيء مباحاً، والدوران في الحلقة المفرغة هو القاعدة التي تُبنى عليها كلّ الارباكات والاختلالات، والغرف السود التي تتسلل منها أياد خبيثة لإشعال فتائل التفجير، وزرع العبوات الناسفة في كل الارجاء وتؤهل البلد الى المرحلة النهائية من عمره عنوانها؛ شر مستطير لا أفق له!
وفي زمن الوباء السياسي ايضاً، صار لبنان على فوّهة الفوضى الشاملة، فلا مجال على الاطلاق للهروب من هذه الحقيقة السوداء؛ الفاصل بين الاستقرار والانفجار الشامل، شعرة «مملّعة» صارت آيلة لأن تُقطع في أي لحظة، على مرأى ومسمع طبقة حكام استرخصت لبنان واللبنانيين، وتحوّلت بلا خجل أو حياء مجموعة تجّار تبيع وتشتري على حساب البلد ومصالح الناس وأمنهم واستقرارهم.
وفي زمن الوباء السياسي ايضاً وايضاً، ثبتت للبنانيين، بما لا يقبل أدنى شك، استحالة رهانهم على مجموعة مقامرين ببلد وشعب كامل مقابل فتات في حكومة، يتشاركون في سرقة أمان الناس، وصنع وجعهم وإفلاسهم الذي تمدد على كل الفئات، وفوق ذلك يُمعنون بلا حياء في التلطي خلف شعارات زائفة فاقدة للصلاحيّة وللصدقية.
ومنذ ايام قليلة والبلد يغلي، بلعبة دولار خبيثة تديرها غرف سوداء محميّة ترفع الدولار، وفي موازاتها غرف سوداء من ذات العائلة تسعى الى تعميم التوترات الأمنية من دون ان تواجَه بما يردعها، وهو امر يطرح كثيراً من علامات الاستفهام حيال الجهات الكامنة خلفها سواء من الداخل أو من الخارج، والهدف الذي تتوخّاه من هذا التوتير، علماً انها نجحت حتى الآن في شحن البلد بأجواء شديدة الاحتقان والخطورة سياسيّاً وطائفيّاً.
الفاعل مجهول؟!
على أنّ المريب في الأمر هو أنّ الفاعل مجهول حتى الآن، وعندما يراجَع أيّ من المعنيّين في موقع المسؤوليّة يأتي الجواب «ان هناك بعض الخيوط والتحقيقات جارية لكشف تلك الجهات». فيما يوحي البعض من هؤلاء المعنيين أنّ «ما يجري قد يكون مندرجاً في سياق عملية ضغط متبادلة بين شريكي التأليف». إلّا أنّ مرجعاً أمنيّاً كبيراً قال لـ«الجمهورية»: «الوضع دقيق ويبعث على القلق، ولا يجوز التسرّع في إطلاق الإتهامات، خصوصاً ان كل الناس في الشارع».
أمر خبيث!
في هذا الوقت، تخوّفت مصادر سياسية مما سمّته «امراً خبيثاً» يحضّر للبنان، مشيرة في هذا السياق الى ترويج متعمّد جرى في بداية الشهر الجاري، عبر بعض المحطات التي تبث من خارج لبنان، لسيناريوهات رهيبة في انتظار اللبنانيين وتوتّرات أمنية شديدة الخطورة في كل لبنان تولاها احد الاعلاميين غير اللبنانيين، حيث قال ما حرفيّته: «لم تتلقف النخبة السياسية صرخة الشعب اللبناني. النظام فاشل وعاجز ومسكون بفساده وليس بمصالح الشعب اللبناني، الشعب اللبناني سيجد نفسه خارج المؤسسات الدستورية، وخارج النظام، ويسعى الى إسقاط النظام في الشارع، لأنّ سياسيي لبنان لم يتركوا له الا الخروج الى الشارع، والكفر بكل ما هو سياسي وبكل ما هو رجل سياسة. وفي النهاية شعار «كلن يعني كلن» سيعود مرة اخرى، لكن هذه المرة لن يكون بشكل مهذّب او لطيف، وللأسف الشديد أرى دماء كثيرة آتية في الشارع».
المريب في الامر انّ هذه الاجواء ترافقت مع تحرّك خطير قامت به بعض التطبيقات المُدارة من غرف سود داخل لبنان وخارجه، لرفع سعر الدولار الى مستويات خيالية.
الّا ان ما يبعث على الريبة اكثر، هو انّ الجهات المعنية في لبنان السياسية وغير السياسية تعاطت مع هذا الضغط الامني والنقدي باستلشاق فاضح، من دون ان تبادر الى كلمة تحفظ فيها ماء وجهها امام ما يقال، او الى إجراء او اي خطوة احترازية ولو من باب رفع العتب، وهو أمر يطرح اكثر من علامة استفهام حول الاستلشاق وما اذا كان متعمداً او غير ذلك.
الانفجار يقترب!
فلبنان، ومنذ ايام قليلة يتقلب على النار، والاحتقان بلغ اشده، ويعبّر عنه في الاحتجاجات الشعبية التي استمرت وشملت مختلف المناطق اللبنانية وترافقت مع قطع طرق رئيسة وفرعية. ومن يراقب الشارع يدرك انه مفتوح على شتى الاحتمالات، خصوصاً بعدما وصل المواطنون الى وضع لم يعودوا فيه قادرين على الاستمرار امام الوحوش التي فتكت بهم ولم تبق لهم حتى الفتات!
وفي هذا السياق، اكد مصدر سياسي مسؤول لـ»الجمهورية»: «اقول بكل ثقة، لا أمل في بلوغ أي حلّ او انفراج على الاطلاق مع هذه النوعية من الحكام. مأساة لبنان ليست في ازمته فقط، بل هي في من يصرّ على جعل اللبنانيين جمراً على مائدته، ولا يريد أن يرى، او بالأحرى يرفض أن يرى ابعد من كرسيه وحاشيته، ويسدّ سبل النفاد الى الانفراج، ويرفض الاستجابة لصرخات الناس ومد اليد اليهم قبل السقوط في الهاوية».
ولفت المصدر الى انه «عندما يفلس من هو في موقع المسؤولية، ينبغي ان نتوقع اي شيء، ومع استمرار الحالة المرضيّة السائدة على حلبة التأليف بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري وتياريهما السياسيّين، أصبح الحديث عن انفراج حكومي في منزلة اللاواقعي، لأنّ المرض المستحكم بين عون والحريري، وتحديداً بين الحريري وجبران باسيل، اصبح من النوع المستعصي وغير قابل للشفاء الا بانسحاب احدهما امام الآخر، وهذا ليس خياراً مطروحاً من الجانبين، ما يعني انّ الدوامة السياسية القائمة حالياً ستستمر في الدوران وتوليد مزيد من عناصر الاحتقان والتوتير».
ورداً على سؤال لفت المصدر الى «أنّ من يراقب الشارع يتأكد من ان الجائعين لم ينزلوا الى الشارع بعد، فحراكهم متى حان سيكون حتماً نهراً جارفاً لن يكون في استطاعة احد ان يقف في وجهه، لأنّ الجوع وحّد كل فئات الشعب اللبناني في «طائفة الجوع». واذ اشار الى ان مجموعات من الغاضبين نزلت الى الشارع، حذّر مِن تسلق من سمّاهم «مدسوسين» لتشويه هذه التحركات والاحتجاجات. اذ ان هناك معطيات لدى جهات امنية وسياسية حول محاولات جدية لإثارة لعبة الشارع وتحويل البلد شوارع متقابلة ومتواجهة بعضها مع بعض».
تحذيرات
وفي هذا الوقت، ابلغ معنيون بالملف الحكومي الى «الجمهورية» ان الامور «تتسارع الى الوراء والتعقيدات تتزايد يوماً بعد يوم، وان عون والحريري أعدما كل امكانية لإعادة التواصل بينهما، علماً انّ محاولات في هذا الإتجاه جرت في الأيام القليلة الماضية، لكن من دون أن تتمكّن من كسر الحائط الفاصل بينهما. وتحدث هؤلاء عن دفع فرنسي في هذا الاتجاه تجلّى في حركة اتصالات مكثفة مع الطرفين، وذلك بالتوازي مع مخاوف جدية من مستويات اوروبية واممية من انحدار الوضع في لبنان الى منزلقات خطيرة، بعد التطورات الامنية التي سادت في بعض المناطق، وتشدد على ضرورة احتواء سريع للازمة الحكومية.
مخاض ما قبل الحل؟
في هذا السياق علمت «الجمهورية» من مصادر مطلعة انّ مبادرة اللواء عباس ابراهيم لحل الازمة الحكومية لا تزال على نار حامية، ورأت مصادر متابعة للملف والمفاوضات ان هذه المبادرة تكاد تكون الحل الوحيد المطروح بقوة على الطاولة ولا خيارات بديلة، خصوصا انها لاقت قبول الطرف الاصعب وهو رئيس الجمهورية ومعه التيار الوطني الحر حصة 5 + واحد والتوافق على اسم مشترك للداخلية بات المخرج الوحيد وفق صيغة «لا غالب ولا مغلوب» ولا خاسر في هذه المعادلة. واذا صَفت النيات، تقول المصادر، فإنه يفترض ان تتوج هذه المبادرة بلقاء ايجابي قريب ما بين عون والحريري ينتج منه عودة فاعلة الى تفاوض ودينامية في اتجاه ولادة حكومة. أما اذا بقيت العراقيل، فهذا يعني ان الامر اصبح اكبر من تأليف حكومة، ويظهر ان هنالك فعلاً من لا يريد الحل وان المشكلة تجاوزت المسألة الحكومية الى نزاع خطير حول الوجود والسيطرة.
وكشفت المصادر انّ الحريري لم يعطِ بعد جواباً على هذه المبادرة في انتظار عودته الى لبنان. كذلك كشفت انّ دولاً فاعلة ومؤثرة ساندت الحل المطروح وأرسلت إشارات ايجابية، اما إذا عادت العرقلة وأطيح بالحلول والمخارج مجددا، فليتحمّل كل طرف علناً مسؤولية ما تؤول اليه البلاد التي تقع حالياً في كباش «من سيقضي على من».
الحريري ولافروف
وفي غضون ذلك، أرجأ الحريري عودته الى بيروت التي كانت منتظرة امس في الوقت الذي سيصل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الى ابو ظبي اليوم في زيارة رسمية لدولة الامارات العربية المتحدة يلتقي خلالها المسؤولين الاماراتيين الكبار. وقالت مصادر مطلعة على اجواء بيت الوسط لـ»الجمهورية» ان تأجيل عودة الحريري ربما له علاقة برغبته اللقاء مع لافروف على هامش محادثاته مع المسؤولين الاماراتيين.
ولفتت المصادر عينها الى انه لم يكن هناك حتى بداية ليل امس اي موعد للقاء الحريري ولافروف، وإن حصل فلن يكون مفاجئاً، فالاتصالات كانت مفتوحة بين «بيت الوسط» وموسكو لترتيب زيارة الحريري لها قريباً، وربما جاءت زيارة لافروف لأبو ظبي مناسبة لتقريب موعد اللقاء بينهما.
إجتماع بعبدا
وسط هذه الاجواء، عقد في القصر الجمهوري في بعبدا امس اجتماع امني اقتصادي مالي، توقّف بحسب اوساط المجتمعين عند مسألة ارتفاع سعر الدولار، مع التأكيد انّ رفعه متعمّد وله بعد سياسي وليس اقتصادياً او نقدياً يبرر هذا الارتفاع. كذلك توقف عند التطورات الامنية التي سادت في بعض المناطق وذلك عبر تقارير قدمها قادة الاجهزة، وكشفت دخول مدسوسين على الاحتجاجات، مع التشديد على ملاحقتهم.
وقال رئيس الجمهورية امام المجتمعين: «ما يجري من قطع الطرق يتجاوز مجرد التعبير عن الرأي الى عمل تخريبي منظّم يهدف الى ضرب الاستقرار، لذا على الاجهزة الامنية والعسكرية أن تقوم بواجباتها كاملة وتطبق القوانين بلا تردد». وقال: «اذا كان من حق المواطنين التعبير عن رأيهم في التظاهر، إلا أنّ اقفال الطرق هو اعتداء على حق المواطنين بالتنقّل والذهاب الى اعمالهم، خصوصاً بعد اسابيع من الاقفال العام».
ونبّه رئيس الجمهوريّة اللبنانيين الى خطورة الشعارات التي يتم رفعها بقصد المَساس بوحدة الوطن وإثارة الفتن والنيل من الدولة ورمزها، مؤكداً أنّه ماضٍ في برنامجه الاصلاحي مهما بلغت الضغوط، وقال: «أنا أتيت لأحدث التغيير الذي ينشده اللبنانيون ولن أتراجع».
دياب
وقال رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب: «هناك من يدفع البلد نحو الانفجار، ويجب أن يكون حسم وحزم في التعامل مع هذه القضية، هناك من يتلاعب بسعر صرف الدولار الأميركي كيفما يشاء، ويتحكّم بمصير البلد. هل يعقل أن تتحكّم منصّات مجهولة بسعر صرف الدولار والدولة بكل أجهزتها عاجزة عن مواجهة هذه المنصّات؟ هذه المنصّات سياسية وليست مالية. ولذلك، فإنّ هدفها الحقيقي ليس تحديد سعر الصرف في السوق السوداء، إنما تهدف إلى خراب لبنان عبر التأثير على الواقع الاجتماعي والمعيشي لتحريض الناس ودفعهم للخروج إلى الشارع».
وخلص الاجتماع الى الآتي:
ـ تكليف الاجهزة الامنية ضبط جميع الاشخاص الذين يخالفون احكام قانون النقد والتسليف وقانون تنظيم مهنة الصرافة سواء كانوا من الصرافين المرخصين أو غير المرخصين الذين يمارسون المضاربة.
ـ تكليف، بناءً لإشارة القضاء، الاجهزة الامنية العمل على استكمال اقفال المنصات والمجموعات الالكترونية غير الشرعية المحلية التي تحدد اسعار الدولار الاميركي تجاه الليرة.
ـ تكليف الوزارات المعنية والاجهزة الامنية العمل على ضبط استعمال العملة الاجنبية.
ـ التأكيد على ضرورة وأهمية إعداد وإقرار مشروع القانون المعروف بالـ capital control.
ـ الطلب الى الاجهزة الامنية والعسكرية عدم السماح بإقفال الطرق مع الاخذ في الاعتبار المحافظة على سلامة المواطنين والمتظاهرين وعلى الممتلكات العامة والخاصة».
«أمل»
الى ذلك، اعتبرت حركة «أمل» انّ «الاستمرار في التعنّت والإصرار على تعطيل سكة الحل ببيانات شكليّة متبادلة، له هدف واحد هو مزيد من رفع منسوب التوتر السياسي في البلد، ومحاولة إدخال عوامل إضافية على خط الاشتباك السياسي، ما يدفع بالبلد إلى مزيد من الانهيار، الذي تَشي به التحركات التي عمّت المناطق كافة في الأيام القليلة الماضية».
واعلنت «امل» في بيان لمكتبها السياسي انه «أمام هذا المشهد الكارثي فإن المخرج الوحيد للأزمة في ظل الانسداد السياسي الآخذ في الاشتداد، هو باستعادة زمام الامور من خلال الاستعجال في تأليف الحكومة وتقديم المصلحة الوطنية العليا على ما عداها من المصالح الذاتية الضيقة التي لا يمكن أن تنقذ الوطن، بل تكبّله بالشروط التعجيزية، وتطيل معاناة اللبنانيين الذين لم تعد تهمهم كل الشعارات التي يحاول المُعطّلون التلطي خلفها بحجج واهية وأوهام قوة غير موجودة إلا في أضغاث أحلامهم، بل لم يعد اللبنانيون مهتمين بحصص الطوائف والمذاهب والاطراف في الحكومة العتيدة بمقدار مطالبتهم بخطوات إنقاذية تؤمن لهم أمانهم الاجتماعي وأمنهم الاقتصادي. واكد البيان أنّ حركة «أمل» إذ تتفهّم بعمق وصول الناس إلى مرحلة اليأس والنزول إلى الشارع، وحقهم في التعبير بكل الوسائل المشروعة عن مطالبهم، يحذّر من استغلال موجة الاحتجاجات الشعبية المطلبية المحقة لغايات شعبوية تدخل الفتنة وتداعياتها البغيضة وأخطارها على الاستقرار والسلم الاهلي من بابها تحت عناوين طائفية او مذهبية او مناطقية.
قائد الجيش
على صعيد آخر، عقد قائد الجيش العماد جوزف عون في اليرزة اجتماعاً مع أركان القيادة وقادة الوحدات الكبرى والأفواج المستقلة في حضور أعضاء المجلس العسكري، وتحدث عمّا يعانيه البلد نتيجة تدهور الوضع الاقتصادي، مشيراً إلى «أن الجيش هو جزء من هذا الشعب ويعاني مثله». وقال: «إن الوضع السياسي المأزوم انعكس على كل الصعد، بالأخص اقتصادياً، ما أدى إلى ارتفاع معدلات الفقر والجوع». واذ شدد على «أن الجيش لن يسمح بالمس بالاستقرار والسلم الأهلي»، قال: «العسكريون يعانون ويجوعون مثل الشعب»، متوجهاً إلى المسؤولين بالسؤال: «إلى أين نحن ذاهبون، ماذا تنوون أن تفعلوا؟ أتريدون جيشاً أم لا؟ أتريدون مؤسسة قوية صامدة أم لا؟. المطلوب من الجيش مهمات كثيرة وهو جاهز دائماً، لكن ذلك لا يمكن أن يقابَل بخفض مستمر ومتكرر للموازنة وبنقاشات حول حقوق العسكريين». وأضاف: «تحدثنا مع المعنيين لأنّ الأمر يؤثر على معنويات العسكريين ولكننا لم نصل إلى نتيجة للأسف». وقال: «لا يهمهم الجيش أو معاناة عسكرييه».
من جهة ثانية، أكد العماد عون أنّ «الجيش يتعرض لحملات إعلامية وسياسية تهدف إلى جعله مطواعاً»، مؤكداً أن هذا لن يحدث أبداً، «فالجيش مؤسسة لها خصوصيتها، ومن غير المسموح التدخل في شؤونها سواء في التشكيلات والترقيات أم رسم مسارها وسياستها. وهذا الأمر يزعج البعض بالتأكيد». وأضاف: «ضميرنا مرتاح، وليست لدينا أهداف مخفية وما نفعله نقوله علانية، وجُل ما نريده الحفاظ على المؤسسة وضمان استمراريتها ووحدتها بغض النظر عن التشويش». وقال: «إذا كان هدف هذه الحملات هو ضرب الجيش وتشويه صورته، فإننا لن نسمح أن يكون الجيش مكسر عصا لأحد ولن يؤثر هذا الأمر على معنوياتنا ومهماتنا».
الى بكركي
من جهة أخرى، تعود الحركة السياسية ناشطة في اتجاه بكركي التي سيزورها اليوم عدد من القيادات السياسية والحزبية يتقدمها الرئيس امين الجميل ووفد من تيار «المردة» يضم النائبين طوني فرنجية واسطفان الدويهي، وآخر من الرابطة المارونية والسفير اللبناني لدى الفاتيكان الدكتور فريد الخازن. كذلك سيزورها المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم استكمالاً للمشاورات التي يجريها مع الراعي من اجل مواجهة التطورات الاخيرة.
الحراك الشعبي
وكان الحراك الشعبي قد تواصل امس في يوم غضب شديد، حيث قطع محتجون طرقاً رئيسية في مختلف أنحاء لبنان، بينها غالبية المداخل المؤدية الى العاصمة، اعتراضاً على التدهور المستمر لليرة في مقابل الدولار وغرق البلاد في جمود سياسي بلا أفق، في خطوة وصفتها السلطات بأنها «عمل تخريبي».
وعلى وَقع شح السيولة ونضوب احتياطي مصرف لبنان المركزي المخصص لدعم السلع الاستهلاكية الرئيسية، ينبّه خبراء من أنّ «الأسوأ لم يحدث بعد»، في بلد يعيش أكثر من نصف سكانه تحت خط الفقر، فيما تعجز القوى السياسية عن تشكيل حكومة تمضي قدماً في اصلاحات عاجلة لضمان الحصول على دعم المجتمع الدولي. ومنذ الصباح أقفل المحتجون طرقاً عدة في بيروت ومحيطها كما في مناطق عدة في الشمال، خصوصاً طرابلس، وفي البقاع شرقاً، وفي الجنوب. وبدأ هؤلاء المحتجون تحركهم في الصباح الباكر بإقفال غالبية مداخل بيروت تحت شعارات عدّة بينها «يوم الغضب»، قبل أن يعمل الجيش على فتح بعضها، ويغلق محتجون طرقاً أخرى، ويضرمون النيران في مستوعبات للنفايات والإطارات. فيما نصب عدد منهم الخيَم في نقاط عدة على مدخل بيروت الشمالي.
كورونا
وعلى الصعيد الصحي، أعلنت وزارة الصحة في تقريرها اليومي أمس حول مستجدات فيروس كورونا تسجيل 2283 إصابة جديدة بكورونا (2267 محلية و16 وافدة) ليصبح العدد الإجمالي للإصابات 397871، وكذلك تسجيل 43 حالة وفاة جديدة ليصبح العدد الإجمالي للوفيات 5089.
ودعت الولايات المتحدة الاميركية رعاياها لإعادة النظر في السفر إلى لبنان، وذلك بسبب جائحة «COVID-19» والجريمة والإرهاب والنزاع المسلح والاضطرابات المدنية والاختطاف وقدرة السفارة المحدودة في بيروت على تقديم الدعم للمواطنين الأميركيين. وأصدرت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية إشعاراً صحياً للسفر من المستوى 4 في لبنان بسبب جائحة كورونا.
**************************************************************************
افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط
يوم غضب» في لبنان اعتراضاً على تردّي الأوضاع الاقتصادية
بيروت: إيناس شري
شهد لبنان أمس (الاثنين)، تحركات واسعة تحت عنوان «يوم الغضب»، احتجاجاً على تدهور الوضع الاقتصادي والمعيشي، لا سيّما في ظلّ استمرار ارتفاع سعر الدولار مقابل الليرة (تجاوز في السوق السوداء 10 آلاف ليرة فيما سعره الرسمي 1515 ليرة) وغياب الحلول في ظل حكومة تصريف أعمال.
وتوافد المحتجون منذ الخامسة فجراً إلى الطرقات الأساسية في مختلف المناطق اللبنانية وعملوا على قطعها بالحجارة والسيارات والإطارات المشتعلة، رافعين شعارات متنوعة بدءاً بما هو معيشي مثل ارتفاع أسعار السلع الأساسيّة وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين، مروراً بالمطالبة باستقالة رئيس الجمهورية ومحاسبة السياسيين وحاكم مصرف لبنان، وصولاً إلى شعارات تطالب بانتخابات نيابية مبكرة وأخرى مؤيدة لدعوة البطريرك الماروني بشارة الراعي إلى عقد مؤتمر دولي لدعم لبنان تحت رعاية الأمم المتحدة.
تنوع هذه الشعارات واختلافها من ساحة إلى أخرى لا يؤثر سلباً على الاحتجاجات، لكنّ بعض هذه الشعارات بطبيعة الحال يعكس محاولة استغلال عدد من أحزاب السلطة التقليدية للحراك لضرب خصومها السياسية، حسبما ترى غادة (33 عاماً)، إذ تشير في حديث مع «الشرق الأوسط» إلى أنّ بعض الأحزاب ربما طلب من مناصريه النزول إلى الشارع لتوجيه رسالة سياسية معينة، ولكنّ هذا لا ينفي أنّ الأزمة الاقتصادية لم تستثنِ مناصري الأحزاب وهم عاجلاً أم آجلاً، لن يستطيعوا الصمود، وستصبح مطالبهم معيشية تشبه مطالب حراك السابع عشر من أكتوبر (تشرين الأول).
أمّا علي زعيتر (25 عاماً)، فيعتبر أنّ السياسيين يريدون استغلال الشارع وخلق فتنة طائفية، لذلك يجب على المحتجين أن يكونوا واعين لهذا الأمر ومتمسكين بشعار «كلّن يعني كلّن».
يعمل علي حلاقاً إلّا أنّه وبسبب الظروف الاقتصادية لم يعد عمله يكفيه ليعيش، لذلك يشارك في الاحتجاجات بشكل دائم، مطالباً بسلطة غير فاسدة تؤمن له حقوقه، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أوصلونا إلى شفير الموت ولم يتركوا لنا خياراً سوى الشارع».
ونزل المحتجون في مختلف المناطق اللبنانية، ففي طرابلس (شمال لبنان)، قام عدد من المحتجين ببناء جدار بارتفاع متر من الخفان (الطوب) المستعمل وسط أوتوستراد طرابلس – بيروت لقطع الطريق مع ترك ممر للحالات الطارئة، مؤكدين عدم إزالته حتى تحقيق المطالب. كما جابت مسيرة راجلة أحياء طرابلس مطالبة بـ«استقالة جميع المسؤولين ومحاكمتهم. وكذلك تجمع عدد من المحتجّين في ساحة جبيل وقطعوا الطريق».
وفي بعلبك (شرق)، أقدم المحتجون على قطع الطريق الرئيسية بالإطارات المشتعلة.
وفي صور (جنوب)، حاول أحد المحتجين أثناء قطع الطريق إحراق نفسه بعد أن سكب على جسده كمية من البنزين، فتدخلت عناصر من الدفاع المدني وأنقذته. أما في صيدا فقد أقدم محتجون على قطع الطريق بإضرام النيران بمستوعبات النفايات.
وتجمع المحتجون ببيروت في الساحات المركزية، منها ساحتا رياض الصلح والشهداء (وسط بيروت) والدورة وجل الديب (شرق بيروت).
«لا أزال طالبة ولا أرى مستقبلاً لي في لبنان، عائلتي ميسورة، لكن الأمر لا يتعلق فقط برغيف الخبز، بل ببناء وطن أبناؤه يتمتعون بحقوقهم الأساسيّة، ويستطيعون فيه رؤية مستقبل يليق بهم»، تقول نيفين خزعل (18 عاماً) التي توجهت من بلدتها في بعلبك إلى بيروت منذ ساعات الصباح الأولى للمشاركة في الاحتجاجات، مضيفة في حديث مع «الشرق الأوسط»: «الشارع أملنا الوحيد، يجب أن يسمعوا صوتنا لم يتركوا لنا شيئاً، حتى الأمل سرقوه».
لم تترك خزعل الشارع يوماً فهي تشارك بالتحركات الاحتجاجية منذ أكثر من عام، تتنقّل من ساحة إلى أخرى ومطلبها واحد بناء بلد لا تخاف فيه على مستقبلها، وترى أنّ قطع الطرقات وسيلة مبررة لإيصال صوت المحتجين، وتقول: «لسنا قطاع طرق، والأزمة علينا تماماً كما على من يعترض على قطع الطرقات، نتمنى لو يشارك معنا، لقد حان الوقت لنأخذ حقوقنا من كل مسؤول أذلّنا».
على بعد أمتار قليلة من ساحة الشهداء (وسط العاصمة)، حيث تقف خزعل، يقف مايكل واضعاً على فمه كمامة ويراقب المحتجين، ينضم إليهم حيناً ويجلس حيناً آخر: «عمري 71 عاماً، عملت بلاطاً لسنوات، ولكنّ الظروف الاقتصادية التي يمرّ بها البلد جعلتني عاطلاً عن العمل». ويقول لـ«الشرق الأوسط» إنّه منذ أول تحركات السابع عشر من تشرين وهو في الشارع، على أمل أن تؤدي التحركات لتغيير ما، فهو كغيره من المسنين في لبنان لا يملك ضمان شيخوخة ولا حتى مالاً يعتاش منه، لذلك كان الشارع خياره».
وسجل انتشار لدوريات الجيش اللبناني والقوى الأمنية على مداخل عدد من المناطق وفي ساحات تجمع المواطنين، إذ عملوا على فتح عدد من الطرقات إلا أنّ المحتجين كانوا يعيدون إغلاقها.
عودة الناس إلى الشارع بهذا الزخم طبيعية، حسبما يعتبر شربل أبو زهرا (26 عاماً) الناشط بحراك «17 تشرين»، وذلك لأسباب موضوعية تراكمت، منها ارتفاع سعر الدولار ومضي سبعة أشهر بلا حكومة، فضلاً عن عدم وصول التحقيقات بانفجار المرفأ إلى نتيجة. ويرى أبو زهرا في حديث مع «الشرق الأوسط» أنّ الزخم سيزداد يوماً بعد يوم، لأنّ السياسات الاقتصادية المتبعة سترفع نسبة الفقر، وبالتالي سيخرج الناس ضد السلطة حتى جماهير الأحزاب الحاكمة.
**********************************************************************
افتتاحية صحيفة اللواء
العماد عون يُقلق بعبدا: أيها المسؤولون إلى أين ذاهبون؟
إبراهيم إلى بكركي اليوم مع مشروع «حلحلة».. وبخاري يزور قبلان: المملكة لا تُميز بين اللبنانيين
ملامح خطر حقيقي لاحت في الأفق امس مع استمرار الحركة التصاعدية للاحتجاجات الشعبية، في بيروت وكل المحافظات، بوجه التسيّب السياسي، والإعراض عن تأليف حكومة قادرة على لجم التدهور والانهيار، وبمواجهة انهيار العملة الوطنية، وبالتالي انهيار القدرة الشرائية مع تآكل الحد الأدنى الذي هوى الى ما دون الـ50 دولاراً، للذين ما زالوا يحتفظون بأعمالهم، أو يتلقون النزر اليسير من الرواتب والاجور، مع الصعود الصاروخي لسعر صرف الدولار في السوق السوداء، وهو السعر المعتبر في تسعير السلع، اذا توافرت، او استيراد ما نقص منها اذا ثبتت اقدامه عند العشرة آلاف و500 ليرة لبنانية كحد ادنى في عز الاجتماعات والملاحقات والتهديدات والويل والثبور وعظائم الامور.
ووسط هذه المخاطر على الكيان والصيغة والحكم، وعلى المؤسسات الامنية التي يدفع بها الى الشارع كل يوم لمواجهة الشعب الجائع، والمهدد بقوته وقوت اولاده، ارتفع صوت قائد الجيش العماد جوزاف عون، يسأل حضرات المسؤولين: «لوين رايحين؟ شو ناويين تعملوا؟ بدي اسأل: بدكن الجيش أو لأ؟».
وفي حمأة الأسئلة هذه، ينبّه قائد الجيش: «إن فرط الجيش يعني نهاية الكيان»!
تباينت التفسيرات: البعض رأى في كلام العماد عون موقفاً رافضاً للتدخل في شؤون المؤسسة العسكرية على اي مستوى ومن اي كان.
والبعض الآخر رأى في سقفه العالي، رفضاً لاتهام الجيش بأي امر، او املاء الأوامر عليه، محدداً خطاً فاصلاً بين حماية حق التعبير والتظاهر السلمي، ومنع التخريب او تعريض الاستقرار للخطر او جر البلد الى الحرب الأهلية.
ورفض العماد عون الحملات التي تهدف الى ضرب الجيش وتشويه صورته، وقال: «إننا لن نسمح ان يكون الجيش مكسر عصا لاحد ولن يؤثر هذا الامر على معنوياتنا ومهماتنا. ربما للبعض غايات واهداف مخفية في انتقاد الجيش وشن الحملات عليه، وهم يدركون ان فرط الجيش يعني نهاية الكيان. اؤكد ان كرامة المؤسسة فوق اي اعتبار، وكرامة العسكريين والشهداء امانة في اعناقنا ولن نسمح لاحد ان يمس بها».
واذ اكد العماد عون احترام الجيش للتنوع السياسي وتعدد الآراء وحرية الاعلام والتعبير، شدد على ان الحرية هي مسؤولية. وأثنى قائد الجيش على جهود الضباط والعسكريين الذين يواجهون ضغوطاً مختلفة، وقال: «أدرك مدى تعبكم، فبحكمتكم وضبط اعصابكم جنبتم لبنان، ولا زلتم، صدامات كبيرة. تواجهون الحملات ضدكم بعقلانية وشجاعة وانضباط. لقد وضعتكم الظروف في مواجهة شعبكم واهلكم، لكن بحكمتكم اجتزتم المرحلة الصعبة».
وفي موضوع التهريب على الحدود، دعا العماد عون الذين يتهمون الجيش بالتقصير الى معاينة الحدود عن قرب والاطلاع على ما انجزه الجيش من ابراج مراقبة واجراءات، والظروف التي يتواجد فيها العسكريون.
وأكد العماد عون ان الجيش يتعرض لحملات اعلامية وسياسية تهدف الى جعله مطواعاً مؤكداً ان هذا لن يحدث ابدا، «فالجيش مؤسسة لها خصوصيتها، ومن غير المسموح التدخل بشؤونها سواء بالتشكيلات والترقيات ام رسم مسارها وسياستها. وهذا الامر يزعج البعض بالتأكيد».
وتفيد الاوساط ان كلام العماد جوزاف عون كان كلاماً سياسياً عالي السقف، وهو الأمر، الذي سبق اجتماع اليرزة، وكان من العيار الثقيل، وهو الاول من نوعه منذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
اجتماع بعبدا
واحدثت مواقف العماد عون، وفقاً للمصادر السياسية، وهي الاولى من نوعها، قلقاً في بعبدا، وسبقت الاجتماع الذي عُقد برئاسة الرئيس ميشال عون، وحضور رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب، والوزراء المعنيين، وقادة الاجهزة الامنية، والنائب العام التمييزي القاضي غسّان عويدات، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ورئيس جمعية المصارف سليم صفير ورئيس نقابة الصرافين.
في مستهل الاجتماع أكّد رئيس الجمهوريّة أنّ الأوضاع المستجدّة على الصعيدين المالي والأمني تحتاج الى معالجة سريعة لأننا نشهد ارتفاعاً غير مبرّر في سعر صرف الدولار بالتزامن مع شائعات هدفها ضرب العملة الوطنية وزعزعة الاستقرار. وهذا الواقع يفرض اتّخاذ اجراءات سريعة وحاسمة لملاحقة المتلاعبين بلقمة عيش اللبنانيّين من خلال رفع الأسعار على نحو غير مبرّر. أمّا الاجراءات فهي ذات طبيعة ماليّة، قضائيّة وأمنيّة.
وحذّر من خطورة ما يجري لما له من انعكاسات على الأمن الاجتماعي وتهديد الأمن الوطني. وطلب من الادارات والجهات المعنيّة قمع المخالفات التي تحصل لا سيما التلاعب بأسعار المواد الغذائيّة واحتكارها وحرمان المواطن منها مشدّداً على عدم جواز استمرار هذا الفلتان الذي يضرّ بمعيشة الناس داعياً الأجهزة الأمنيّة والادارات المختصة الى القيام بواجباتها في هذا المجال كذلك طلب الرئيس من الأجهزة الأمنيّة الكشف عن الخطط الموضوعة للاساءة للبلاد لاسيما بعدما توافرت معلومات عن وجود جهات ومنصات خارجية تعمل على ضرب النقد ومكانة الدولة المالية.
ونبّه رئيس الجمهوريّة اللبنانيين الى خطورة الشعارات التي يتم رفعها بقصد المساس بوحدة الوطن واثارة الفتن والنيل من الدولة ورمزها مؤكداً أنّه ماضٍ في برنامجه الاصلاحي مهما بلغت الضغوط وقال : أنا أتيت لأحدث التغيير الذي ينشده اللبنانيون ولن أتراجع .
بدوره تحدث الرئيس دياب فقال: الوضع الذي وصلنا إليه على مستوى عال من الخطورة. هناك من يتلاعب بسعر صرف الدولار الأميركي كيفما يشاء، ويتحكم بمصير البلد. هل يعقل ان تتحكم منصات مجهولة بسعر صرف الدولار والدولة بكل أجهزتها عاجزة عن مواجهة هذه المنصات؟!
وصدرت عن الاجتماع في بعبدا مجموعة من القرارات:
– تكليف الاجهزة الامنية ضبط جميع الاشخاص الذين يخالفون احكام قانون النقد والتسليف وقانون تنظيم مهنة الصرافة سواء كانوا من الصرافين المرخصين او غير المرخصين الذين يمارسون المضاربة.
– تكليف بناء لاشارة القضاء الاجهزة الامنية للعمل على استكمال اقفال المنصات والمجموعات الالكترونية غير الشرعية المحلية التي تحدد اسعار الدولار تجاه الليرة، والتواصل لهذه الغاية مع الجهات الرسمية الدولية والمنصات العالمية الالكترونية.
– تكليف الوزارات المعنية والاجهزة الامنية العمل على ضبط استعمال العملة الاجنبية الا لغايات قطاعية تجارية او صناعية او صحية وذلك لتأمين المتطلبات الاساسية للمواكنين.
– تكليف وزارة الخارجية والمغتربين تكثيف العمل الدبلوماسي لحث الدول المانحة على مساعدة النازحين السوريين في وطنهم الأم.
– التأكيد على ضرورة واهمية اعداد واقرار مشروع القانون المعروف بالكابيتال كونترول.
– الطلب الى الاجهزة الامنية والعسكرية عدم السماح باقفال الطرقات مع الاخذ في الاعتبار المحافظة على سلامة المواطنين والمتظاهرين وعلى الممتلكات العامة والخاصة.
واشارت بعض المعلومات الى بدء حملة مداهمات لمنازل ومراكز بعض الصرافين الذين يتداولون في السوق السوداء، وتم توقيف عدد منهم، ومصادرة مبالغ بالدولار بحوزتهم. وشملت الحملة بيروت والضاحية الجنوبية والبقاع.
وافادت مصادر مطلعة عبر صحيفة اللواء أن ما يجب أن يقال داخل الاجتماع الأمني المالي الذي عقد في قصر بعبدا في الموضوع السياسي قيل ، في الأهداف السياسية وفي المنصات الخارجية والداخلية التي تحرك الدولار . وأوضحت المصادر أنه لا بد من قيام تعاون بين الأجهزة ويجب إقفال هذه المنصات وفتح الطرقات لتمكين انتقال المواطنين مع المحافظة عليهم لأنهم موجوعون ويعانون من عوز مشيرة إلى أن تقطيع أوصال الوطن في وقت واحد والارتفاع الجنوني لسعر الدولار في وقت واحد أيضا بينما الأوضاع الاقتصادية والمالية تفسر هذا الارتفاع ولكن ليس بالصورة المفاجئة يطرح أكثر من سؤال . ورأت أنه كلما حصل تقدم في التدقيق الجنائي يحصل قطع للطرقات وتحصل ردات فعل كلما علت المطالبة بالاصلاح وبالقوانين.
وكشفت المصادر إن من يقف وراء كل ذلك معروفون بالأسماء والعناوين والصفات في الداخل والخارج اما أن يحصل رد وينتصر مشروع الدولة المركزية القوية وهذا ما يقوله طائفهم واما تنتصر الفوضى ويتم الذهاب إلى ما لا تحمد عقباه ابدا مشيرة إلى أن شرارة واحدة قد تؤدي بالذهاب إلى مكان آخر ولن يتم السماح بذلك .
وعلمت اللواء أنه في خلال الاجتماع كان هناك كلام نوعي بكل المعايير وقد رسخ في أذهان القيادات الأمنية.
وحسب الاوساط المتابعة فان الرئيس عون كان يقصد بمداخلته عن دور القوى الامنية قائد الجيش، على خلفية تقارير تتحدث عن دور ما، لجهات عسكرية بالتحضير «لاثنين الغضب».
ونقل عن مصدر متابع (الانتشار) ان الرئيس عون حمل قائد الجيش امانة المحافظة على الامن وسلامة الوطن.
ونقل عن الرئيس عون قوله «أنا ميشال عون ما حدا يجربني. في العام 1990 رفضت ان اتنازل تحت ضغط المدفع والآن لن اتنازل تحت ضغط الدولار».
ورد بيت الوسط، عبر المستقبل ويب، فجاء: «تمخض اجتماع بعبدا الاقتصادي الامني عن مطالعات واجراءات هي تكرار للمطالعات التي سبق لرئيسي الجمهورية والحكومة أن أدليا بها منذ 17 (ت1) 2019. والجديد ان الناطق باسم الرئاسة تولى اذاعة البيان على الشاشات، وهو بيان اعلن الحرب على المنصات الالكترونية واتهمها بالتآمر على العملة الوطنية».
ورأى رئيس حزب الكتائب سامي الجميل ان اجتماعاً اقتصادياً امنياً مالياً قضائياً في بعبدا، وهو اجتماع انقلابي قمعي، بدلاً من تطبيق الدستور وتشكيل حكومة والدعوة لانتخابات نيابية لانقاذ لبنان.
بخاري عند قبلان
عربياً، واصل سفير المملكة العربية السعودية في لبنان وليد بخاري جولته على المرجعيات الروحية فزار امس المفتي الجعفري الممتاز الشيخ احمد قبلان في مكتبه في دار الافتاء الجعفري، حيث جرت مباحثة الاوضاع الداخلية والاقليمية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين الشقيقين.
واكد السفير بخاري في خلال اللقاء «ان المملكة العربية السعودية تؤدي واجباتها تجاه لبنان من دون تمييز بين طوائفه وفئاته، انطلاقا مما يمليه واجب الاخوة العربية الاصيلة مضيفاً انه ما من خصومة ولا عداء مع ابناء الطائفة الشيعية الكريمة».
وطالب المفتي قبلان بـ»دور فاعل للمملكة العربية السعودية لحل هذه الأزمة»، وتمنى «على الاخوة في المملكة العربية السعودية ان يلعبوا دور الاطفائي على الاقل». وقال: «نحن على يقين ان هذا الامر سيهدئ من موجات الاحتقان القاسية، مع الفصل بين مساعدة لبنان وفكرة الخيارات، بالاخص فكرة اتركوا لبنان ليسقط، لانها فكرة خاطئة بنتائجها، وآثارها ستكون كارثية، وستزيد ازمة المنطقة تعقيداً».
واكد المفتي قبلان ان «المملكة العربية السعودية في الذاكرة اللبنانية شقيق وعون، فيجب ان تبقى كذلك، لا ان تكون طرفاً سياسياً».
تحذير اميركي
وفي السياق الدبلوماسي دعت الولايات المتحدة الاميركية رعاياها لاعادة النظر بالسفر إلى لبنان، وذلك بسبب جائحة «COVID-19» والجريمة والإرهاب والنزاع المسلح والاضطرابات المدنية والاختطاف وقدرة السفارة المحدودة في بيروت على تقديم الدعم للمواطنين الأميركيين.
وقالت إنه يجب على مواطني الولايات المتحدة الذين يختارون السفر إلى لبنان أن يدركوا أن المسؤولين القنصليين من سفارة الولايات المتحدة لا يمكنهم دائمًا السفر لمساعدتهم. وتعتبر وزارة الخارجية أن التهديد الذي يتعرض له موظفو الحكومة الأميركية في بيروت خطير بما يكفي لمطالبتهم بالعيش والعمل في ظل إجراءات أمنية مشددة. وأضافت واشنطن أنه تم تقييد الحركات بشكل أكبر بسبب احتياطات الصحة والسلامة المتعلقة بـCOVID-19.
وأشارت إلى أن الجماعات الإرهابية تواصل التخطيط لهجمات محتملة في لبنان، وقد يشن الإرهابيون هجمات دون سابق إنذار تستهدف المواقع السياحية ومراكز النقل والأسواق / مراكز التسوق والمرافق الحكومية المحلية.
ولفتت واشنطن إلى أن الحكومة اللبنانية لا تستطيع ضمان حماية المواطنين الأميركيين من اندلاع العنف المفاجئ، ويمكن أن تتصاعد الخلافات الأسرية أو الطائفية بسرعة ويمكن أن تؤدي إلى إطلاق نار أو أعمال عنف أخرى دون سابق إنذار، ووقعت اشتباكات مسلحة على طول الحدود في بيروت وفي مخيمات اللاجئين. وقد تم إحضار القوات المسلحة اللبنانية لقمع العنف في هذه الأوضاع.
ودعت واشنطن رعاياها في لبنان إلى تجنب التظاهرات وتوخي الحذر إذا كانوا بالقرب من أي تجمعات أو احتجاجات كبيرة حيث تحول بعضها إلى أعمال عنف.
وقالت الخارجية الأميركية «نراقب الوضع عن كثب في لبنان وطالبنا مراراً قادة لبنان الالتزام بوعودهم بتشكيل حكومة ذات مصداقية بأسرع وقت».
إلا أن الحراك الحكومي مستمر، وفي هذا الإطار يرتقب ان يزور المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم صباح اليوم البطريرك الماروني بشارة الراعي في إطار التحرك الذي يقوم به لتسويق اخر طرح للحكومة الجديدة، والمتضمن ان يكون لرئيس الجمهورية خمسة وزراء اضافة لوزير الطاشناق في حين يتم تسوية الخلاف على حقيبة الداخلية، من خلال طرح عون ثلاثة اسماء غير حزبيين، على ان يختار الحريري اسما من بينهم. وفي حين روجت مصادر سياسية ان هذا الطرح يمكن القبول به من كل الاطراف باعتباره الأوفر حظا للخروج من أزمة تشكيل الحكومة، مازالت المواقف منه غير معلنة بشكل قاطع بعد ولكن قد تتبلور المواقف بخصوصه بع عودة الرئيس المكلف سعد الحريري إلى بيروت بينما روجت اوساط التيار الوطني الحر ان رئيسه ليس متحمسا للقبول به.
الحكومة
إذاً، بقيت الاتصالات حول تشكيل الحكومة متوقفة مع وجود الرئيس المكلف سعد الحريري خارج البلاد، حيث تردد انه سيلتقي في ابوظبي اليوم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف. لكن للانتظار اسبابه وهو رد الرئيس عون على اخر عرض قدمه الحريري وهو التوافق على اسم من الاسماء التي اقترحها الحريري في الصيغة التي قدمها. وحسب المصادر المتابعة لموقف الحريري هو عند موقفه بعدد وزراء من 18 غير حزبيين وبلا ثلاث معطل، وكل ما يتواتر عبر الاعلام عن تخلي عون عن الثلث الضامن بحاجة لتأكيد رسمي من بعبدا، والحريري مستعد للبحث مع عون فور تبلغه ذلك رسمياً في اي صيغة يجري التوافق عليها سواء بتوزيع الحقائب او تبديل اسم او اكثر من الوزراء.
وكررت حركة امل في بيان اصدرته اثر اجتماع مكتبها السياسي، التأكيد «ان المخرج الوحيد للازمة في ظل الانسداد السياسي الآخذ في الاشتداد، هو باستعادة زمام الامور من خلال الاستعجال بتأليف الحكومة وتقديم المصلحة الوطنية العليا على ما عداها من المصالح الذاتية الضيقة التي لا يمكن ان تنقذ الوطن، بل تكبله بالشروط التعجيزية، وتطيل معاناة اللبنانيين الذين لم تعد تهمهم كل الشعارات التي يحاول المعطلون التلطي خلفها بحجج واهية وأوهام قوة غير موجودة الا في اضغاث احلامهم، بل لم يعد اللبنانيون مهتمين بحصص الطوائف.
كهربائياً، اكد وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الاعمال ريمون غجر في حوار مع الـ LBCI ان «الوزارة تملك الاموال الكافية لاستيراد الفيول لكهرباء لبنان لآخر شهر اذار وتعتمد بذلك على سلفة من الخزينة وان لم تتوفر الاموال اللازمة قد نصل الى الانقطاع التام للكهرباء من بعد نهاية هذا الشهر»، مشيراً الى انه «يمكن ان نرفع الدعم بشكل تدريجي ولكن المازوت مختلف عن البنزين لانه مرتبط بالافران وبالتدفئة وبالزراعة وليس فقط بالكهرباء ومن الممكن ان يكون لديه دعم معين، ونحن في مؤسسة كهرباء لبنان نأخذ الفيول غير الموجود في لبنان والمسعر بالدولار ونقوم بتحويله الى كهرباء ونقوم ببيعه، ومنذ اوائل التسعينيات تم وضع سعر للبرميل ولم يتغير والدولة رفضت ان تغير تسعيرة الكهرباء للمواطنين».
وشدد الوزير على انه «سعينا بكل الطرق لتأمين السلفة لكهرباء لبنان وتقدمنا لمجلس الوزراء بقانون معجل مكرر لتحقيق ذلك ووصلناالى هذه المرحلة بسبب مشكلة هيكلية في التعرفة».
جنبلاط للجم الفتنة
وفي ما خص الوضع المتوتر على الارض، وفي سياق التأكيد على «ضرورة الا تستغل تحركات المواطنين لخلق اي فتنة، وتكريساً لموقف الحزب التقدمي الاشتراكي في رفض قطع الطرقات على الناس، حيث ان الحرية حق مكتسب للمتظاهرين وغير المتظاهرين»، حسب بيان للحزب، اجرى الوزير السابق غازي العريضي بتكليف من رئيس الحزب وليد جنبلاء اتصالات بمسؤول لجنة التنسيق والارتباط في حزب الله وفيق صفا، ومستشار رئيس مجلس النواب احمر بعلبكي للتأكيد على هذا الموقف منعاً لاي استغلال لحقوق الناس وتحركاتهم في اتجاهات لا تخدم مطالبهم المحقة، والتنسيق بين الجميع ومع الاجهزة الامنية وفق ما تمليه الظروف في هذا السياق.
وكانت انطلقت مع ساعات الصباح الأولى، تحركات المحتجين، حيث قطع طرقات الوطن بالاطارات المشتعلة والآليات الكبيرة، تحت عنوان «اثنين الغضب».. علّ الصرخة تصل إلى من يصمون آذانهم عن أوضاع الشعب وأوجاعه.
ووسط تذمر خجول من العالقين بسياراتهم، الذين أيدوا بمعظمهم التحركات بعدما اختنق المواطن جوعاً وقهرا وحرمانا ومذلة، جاء «بيان بعبدا» ليسعر «غليان الشعب وعضبه» حيث طالب الأجهزة الامنية والعسكرية بعدم السماح بإقفال الطرقات، ليكون الرد من رحم الوضع: «انتظروا المفاجآت»، في حين دعت «عامية 17 تشرين» جميع المجموعات والنشطاء للنزول بكثافة إلى الشارع دعماً للتحركات الشعبية المحقة والوقوف بوجه القرارات الصادرة عن اجتماع بعبدا، الذي دعا الى استخدام القوة ضد المحتجين»، مؤكدة ان «ما جرى في بعبدا يعد انقلاباً امنياً على مطالب الناس ودفع مؤسسات الدولة واجهزتها الى قمع المواطنين الذين يدفعون ثمن سياسات الدولة الخاطئة».
وعلى الرغم من تقطيع اوصال الوكن الا ان المحتجين حرصوا على السماح بمرور الحالات الطارئة للمستفين وموزعي الادوية والاوكسجين.
397871 إصابة
صحياً، أعلنت وزارة الصحة في تقريرها اليومي عن تسجيل 2283 أصابة بفايروس كورونا و43 حالة وفاة خلال الـ24 ساعة الماضية، ليرتفع العدد التراكمي إلى 397571 إصابة مثبتة مخبرياً، منذ 21 شباط 2020.
*************************************************************************
افتتاحية صحيفة الديار
قائد الجيش يستبق الانهيار «بكسر الصمت» : لسنا مكسر عصا.. ولوين رايحين ؟
لعبة «عض الاصابع» في الشارع مستمرة..عون لن يتراجع والحريري لن يعتذر!
اجراءات «عقيمة» في مواجهة «السوق السوداء» والسعودية لن تسمح بانقاذ العهد
ابراهيم ناصرالدين
انتهت بالامس جولة جديدة من «الكباش» السياسي في «الشارع» الملتهب دون نتيجة، اطراف الصراع على «كعكة» السلطة المفترضة في الحكومة المقبلة مصرون على «لعبة» «عض الاصابع» والنتيجة ان البلاد تواصل رحلتها في «جهنم»، لا شيء سوى المزيد من الفوضى، والانفلات الامني، والخسائر الامنية والاقتصادية. فبعبدا استضافت اجتماعا سياسيا، وامنيا، واقتصاديا، انتهى بقرارات «لزوم ما لا يلزم» لان من التقوا الرئيس ميشال عون لا يحتاجون الى دعوة للقيام بواجباتهم، فلو ارادوا ذلك لفعلوا، واذا كانوا عاجزين فلن يتحولوا الى قادرين بعد هذا اللقاء، لكن الواضح من الكلام السياسي لرئيس الجمهورية انه ليس في وارد التراجع امام الضغوط التي تمارس ضده في «الشارع». في المقابل لا يرى الرئيس المكلف سعد الحريري نفسه معنيا «بالخراب» الذي يعم البلاد، يركز اهتمامه على حقوق المرأة في عيدها، يواصل رحلاته الخارجية مصرا على ابقاء «التكليف» في «جيبه»، ، فيما تسرب اوساطه «عنتريات» عن عدم نيته «الاعتذار» مهما كانت الظروف!ولان الاوضاع لامست بخطورتها «الخطوط الحمراء»، «كسر» قائد الجيش العماد جوزاف عون صمته «برسائل» متعددة الاتجاهات، واضعا القيادات السياسة امام مسؤولياتها بعدما استشعر ان البعض يريد للمؤسسة العسكرية ان تكون «كبش محرقة» في صراع «العروش»، فكان البلاغ «الرقم واحد» واضحا بدلالاته «ورسائله» الى الاقربين والابعدين بعدم السماح بان يكون الجيش «مكسر عصا» متوجها للقيادات السياسية بسؤال بسيط لا يحتاج الى الكثير من «الفلسفة» في الاجابة.. «لوين رايحين» وماذا تنتظرون؟
لماذا خرج عون عن صمته؟
ليس تفصيلا صغيرا كلام قائد الجيش العلني الذي سبق واسمعه لكل القيادات السياسية بعيدا عن الاعلام، كما تقول اوساط بارزة، لكنه اضطر لذلك بعدما لمس شعورا بانعدام المسؤولية على الرغم من كل التقارير الامنية المقلقة الموجودة على «طاولة» الجميع، ولهذا كان لا بد من وضعهم امام مسؤولياتهم وامام اللبنانيين الذين يجري استغلال بعضهم في «لعبة» اكبر منهم، ويخشى الجيش ان يتورط البعض في مواجهة مع المؤسسة العسكرية، اوافتعال اشكالات امنية لغايات سياسية، ولهذا اراد اخراج الجيش من اتون هذه التجاذبات محذرا الجميع من هذه اللعبة الخطرة التي ستؤدي الى انفجار يصعب السيطرة عليه، خصوصا ان خلفيات التحركات المعيشية تبدو جذابة، ولطالما اكد قائد الجيش للمسؤولين ان الجيش مستعد لمنع اي محاولة للاخلال بالامن والاستقرار، ولكنه سيكون عاجزا عن مواجهة اي حركة احتجاج دوافعها جوع الناس وفقرهم.
لا للمس بالاستقرار
ففي توقيت بالغ الخطورة سياسيا وامنيا، وعلى وقع تقطيع سياسي لطرقات البلاد، خرج قائد الجيش العماد جوزاف عون عن صمته محذرا من خطورة الوضع الذي تمر به البلاد،وقال خلال ترؤسه اجتماعاً لأركان القيادة وقادة الوحدات والأفواج تحدث عمّا يعانيه البلد نتيجة تدهور الوضع الاقتصادي، مشيراً إلى أن “الجيش هو جزء من هذا الشعب ويعاني مثله”. وقال “إن الوضع السياسي المأزوم انعكس على جميع الصعد، بالأخص اقتصادياً ما أدى إلى ارتفاع معدلات الفقر والجوع، كما أن أموال المودعين محجوزة في المصارف، وفقدت الرواتب قيمتها الشرائية، وبالتالي فإن راتب العسكري فقد قيمته”، وأضاف: “العسكريون يعانون ويجوعون مثل الشعب”، متوجهاً إلى المسؤولين بالسؤال “إلى أين نحن ذاهبون، ماذا تنوون أن تفعلوا، لقد حذّرنا أكثر من مرة من خطورة الوضع وإمكان انفجاره.وأكّد أن “الجيش مع حرية التعبير السلمي التي يرعاها الدستور والمواثيق الدولية لكن دون التعدي على الأملاك العامة والخاصة”، مشدداً على أن “الجيش لن يسمح بالمسّ بالاستقرار والسلم الأهلي، مشيرا انه لا عودة الى العام 75.
لا حالات فرار
وفي موقف هو الأقوى منذ تسلّمه قيادة الجيش سأل عون: “أتريدون جيشاً أم لا؟ أتريدون مؤسسة قوية صامدة أم لا؟ المطلوب من الجيش مهمات كثيرة وهو جاهز دائماً، لكن ذلك لا يمكن أن يقابَل بخفض مستمر ومتكرّر للموازنة وبنقاشات حول حقوق العسكريين”، وسأل “بدكم الجيش يضلّ واقف على إجريه أو لا..واكد عون انه تحدث مع المعنيين لأن الأمر يؤثر على معنويات العسكريين وقال لم نصل إلى نتيجة للأسف”، واضاف: “لا يهمّهم الجيش أو معاناة عسكرييه”، موضحاً أنه “رغم الضغوط الاقتصادية الكبيرة التي يعاني منها الجيش، ليس هناك حالات فرار بسبب الوضع الاقتصادي، فالعسكريون يجدون أن المؤسسة العسكرية هي الضمانة الأكيدة لمستقبلهم ومستقبل عائلاتهم.وأضاف “إذا كان هدف هذه الحملات هو ضرب الجيش وتشويه صورته إنما لمصلحة مَن، فإننا لن نسمح أن يكون الجيش مكسر عصا لأحد ولن يؤثر هذا الأمر على معنوياتنا ومهماتنا.
معلومات موثقة في بعبدا
في هذا الوقت عقد في بعبدا اجتماع امني سياسي اقتصادي تراسه رئيس الجمهورية ميشال عون، بحضور رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب وعدد من الوزراء وقادة الأجهزة الأمنيّة ومدّعي عام التمييز وحاكم مصرف لبنان وعدد من المسؤولين في القطاعين المصرفي والصيرفي،خلص الى مطالبة الجيش بفتح الطرقات والاجهزة الامنية بملاحقة الصرافين والمتلاعبين بسعر الصرف، فيما جدد الرئيس تمسكه بمواقفه مشيرا الى انه أتى لاحداث التغيير ولن يتراجع.
ووفقا لمصادر شاركت في اللقاء، قدم عدد من المشاركين معلومات موثقة عن المضاربة بسعر الدولار تثبت ان ماحصل جزء من تلاعب سياسي ولا علاقة له بالواقع الاقتصادي، ولهذا تم اتخاذ القرار بملاحقة المسؤولين عن التلاعب بالعملة الوطنية، حيث يعمد البعض الى شراء الدولار من السوق بمليارات الليرات ومهما بلغ سعره. ووفقا لتقارير الاجهزة الامنية يهدف هذا الامر الى اثارة البلبة في الشارع والدفع الى الاخلال بالامن بهدف تحسين شروط تشكيل الحكومة. وقد اكد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة عدم قدرة المصرف المركزي على التدخل في السوق بسبب شح الدولارات وعدم القدرة على التحكم بالسوق السوداء.
اجراءات «عقيمة»
وقد خلص الاجتماع الى تكليف الاجهزة الامنية ضبط جميع الاشخاص الذين يخالفون احكام قانون النقد والتسليف وقانون تنظيم مهنة الصرافة سواء كانوا من الصرافين المرخصين أوغير المرخصين الذين يمارسون المضاربة. – تكليف، بناءً لإشارة القضاء، الاجهزة الامنية العمل على استكمال اقفال المنصات والمجموعات الالكترونية غير الشرعية المحلية التي تحدد اسعار الدولار الاميركي تجاه الليرة اللبنانية ومتابعة التواصل لهذه الغاية مع الجهات الرسمية الدولية والمنصات العالمية الالكترونية بالاستناد الى القوانين الدولية المرعية الاجراء.- تكليف الوزارات المعنية والاجهزة الامنية العمل على ضبط استعمال العملة الاجنبية إلا لغايات قطاعية تجارية او صناعية او صحية وذلك لتأمين المتطلبات الاساسية للمواطنين. والطلب الى الاجهزة الامنية والعسكرية عدم السماح بإقفال الطرقات مع الاخذ في الاعتبار المحافظة على سلامة المواطنين والمتظاهرين وعلى الممتلكات العامة والخاصة.
ووفقا لاوساط معنية بالملف، لا يعول كثيرا على الاجراءات المتخذة في الاجتماع لانه سبق وتمت تجربتها منذ نحو عام وفشلت في الحد من ارتفاع الدولار، فالامر لا يمكن حله من خلال الملاحقات الامنية فقط، وانما يحتاج الى حكومة جديدة وخطط اقتصادية واضحة بعيدة المدى .
اجراءات «اوجيرو»
وفيما بدات القوى الامنية ملاحقة بعض الصرافين، أعلن المدير العام لهيئة «أوجيرو»، عماد كريدية، امس أنّ الهيئة تمكّنت من حجب المواقع الإلكترونية والتطبيقات والصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، والمعنيّة بتحديد سعر صرف الدولار الأميركي مقابل العملة الوطنية في السوق السوداء. ولفت إلى أنّه أبلغ الجهات القضائية المعنية بذلك.لكن كريدية اشار لى أنّه تعذّر على الهيئة فنياً حجب التطبيقات والصفحات الموجودة على خدمة»غوغل بلاي» وموقع «فايس بوك»من دون حجبٍ كاملٍ لهما. وبناء عليه، اقترح تفادياً لـ«التداعيات الكبيرة على المؤسّسات العامة والخاصة وعلى المواطنين نتيجة الإقدام على الحجب الكامل، أن تراسل الجهات القضائية بشكل رسمي الشركتين حسب الأصول المتّبعة للطلب منهما حذف هذه التطبيقات والصفحات لمخالفتها القوانين والقرارات القضائية.
جنبلاط يتواصل مع «الثنائي»
وفيما شلت البلاد من خلال قطع الطرقات سياسيا بالاطارات المشتعلة والسيارات في اكثر من منطقة، استمرت حتى ساعات متاخرة عمليات الكر الفر مع القوى الامنية التي عملت على فتح عدد منها،وبعد وقوع العديد من الاشكالات على طريق البقاع ولكي لا تُستغل تحركات المواطنين لخلق أي فتنة، أجرى الوزير السابق غازي العريضي بتكليف من النائب السابق وليد جنبلاط إتصالات بمسؤول لجنة التنسيق والارتباط في حزب الله وفيق صفا ومستشار رئيس مجلس النواب أحمد بعلبكي للتأكيد على هذا الموقف منعاً لأي استغلال لحقوق الناس وتحركاتهم في اتجاهات لا تخدم مطالبهم المحقّة، والتنسيق بين الجميع ومع الأجهزة الأمنية وفق ما تمليه الظروف.
عون لن يتراجع
سياسيا نبه رئيس الجمهوريّة الى خطورة الشعارات التي يتم رفعها بقصد المساس بوحدة الوطن واثارة الفتن والنيل من الدولة ورمزها، وفي «رسالة» واضحة الى خصومه اكد أنّه ماضٍ في برنامجه الاصلاحي مهما بلغت الضغوط وقال: أنا اتيت لاحداث التغيير الذي ينشده اللبنانيون ولن اتراجع..
وقد اكد عون أنّ الأوضاع المستجدّة على الصعيدين المالي والأمني تحتاج الى معالجة سريعة لأننا نشهد ارتفاعاً غير مبرّر في سعر صرف الدولار بالتزامن مع شائعات هدفها ضرب العملة الوطنية وزعزعة الاستقرار. وأضاف: هذا الواقع يفرض اتّخاذ اجراءات سريعة وحاسمة لملاحقة المتلاعبين بلقمة عيش اللبنانيّين من خلال رفع الأسعار على نحو غير مبرّر. أمّا الاجراءات فهي ذات طبيعة ماليّة، قضائيّة وأمنيّة. وطلب الرئيس من الأجهزة الأمنيّة الكشف عن الخطط الموضوعة للاساءة للبلاد لاسيما بعدما توافرت معلومات عن وجود جهات ومنصات خارجية تعمل على ضرب النقد ومكانة الدولة المالية. وقال الرئيس أنّ قطع الطرق مرفوض وعلى الأجهزة الأمنيّة والعسكريّة أن تقوم بواجباتها كاملة وتطبيق القوانين دون تردّد، خصوصاً وأن الأمر بات يتجاوز مجرّد التعبير عن الرأي الى عمل تخريبي منظّم يهدف الى ضرب الاستقرار.
والحريري لن يعتذر
وعلى الرغم من حالة الغليان في «الشارع» والاوضاع الاقتصادية الصعبة بقيت الاتصالات الحكومية مقطوعة مع وجود الرئيس المكلف سعد الحريري في ابو ظبي حيث من المقرر ان يلتقي اليوم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، وقد تحدثت اوساط تيار المستقبل عن عدم وجود نية لدى الرئيس المكلف للاعتذار مهما بلغت الضغوط عليه، وشددت على انه ليس بوارد التراجع عن معاييره لتشكيل الحكومة، وكل ما يحصل «لعبة» مكشوفة لن تمر.
الرياض لن تنقذ العهد!
ولان لبنان ليس جزيرة منعزلة عن محيطه، يمكن فهم حالة الاستعصاء الداخلي التي تتجاوز في عمقها صراع القوى السياسية على ما تبقى من هيكل الدولة، ويمكن لتغريدة الرئيس المكلف سعد الحريري المستنكرة لاستهداف المملكة العربية السعودية بصواريخ يمنية، دون ان يلتفت الى وجود حرب «ظالمة» تشنها المملكة على اليمن منذ خمس سنوات، ان تختصر جزءا من صورة ارتباط الساحة اللبنانية بما يدور حولها، فالحريري الذي يطالب بحياد لبنان ويعيب على خصومه معاداة الدول الخليجية، يصر على الانحياز لموقف الرياض في اطار سعيه للحصول على «الرضى» السعودي للعودة الى رئاسة الحكومة، وهو امر غير وارد في الظروف الراهنة، وبحسب مصادر مطلعة، لا تزال قيادة المملكة عند «المربع الاول» في تحميلها الحريري مسؤولية التسوية التي ادت الى انتخاب الرئيس ميشال عون رئيسا للجمهورية، وليست مستعدة للتسامح مع تلك «الخطيئة» التي سمحت لحزب الله بتحقيق انتصار سياسي على حسابها وبموافقة المحسوبين عليها، ولهذا يصر السعوديون بحسب اوساط دبلوماسية على ان لا «قيامة» للبنان في عهد ميشال عون، وهم سبق وابلغوا الفرنسيين انهم ليسوا مستعدين لدعم اي تسوية تسمح بانقاذ العهد من ازماته او بتعويم حزب الله في اي حكومة جديدة.فماذا ينتظر الحريري؟
ماذا ينتظر الحريري؟
تلفت تلك الاوساط، الى ان الرئيس المكلف لا يبدو مستعجلا لحرق «اوراقه»، وهو بعدما بات مقتنعا انه لن يحصل على «الضوء الاخضر» السعودي،لكنه لا يريد المغامرة في اغضابها، ويامل بالحصول على تغطية اميركية لم تتبلور بعد في ظل عدم نضوج عملية التفاوض مع طهران التي تتعرض للتخريب الاسرائيلي- السعودي المشترك في ظل ارتفاع حرارة المواجهة على الجبهة اليمنية بعدما باتت المدن السعودية هدفا للصواريخ الدقيقة للحوثيين بعدما فشلت جولة تفاوض في مسقط مع الاميركيين.ولهذا ليس مستغربا ان يتحرك الملف اللبناني نحو «السخونة» في ظل السباق المحموم بين الانفراج والانفجار في ملفات المنطقة الحساسة، ويبدو ان لبنان لن يكون بعيدا عن تداعياته سواء كانت سلبية او ايجابية.
هل تلجا اسرائيل للتصعيد؟
ولا تبدو اسرائيل بعيدة عن خط التوتر العالي في المنطقة، في ظل الشعور بخسارة المعركة مع حزب الله وايران في ضوء اقتراب الادارة الاميركية الجديدة من الجلوس على «طاولة» التفاوض النووي، وهو ما دفع صحيفة «معاريف» الى نقل استنتاجات لقائد عسكري اسرائيلي في الاحتياط يقول فيها ان حكومات إسرائيل فشلت في العقد الأخير في مواجهة تحديات الأمن الأساسية الثلاثة: المشروع النووي الإيراني، وتسلح حزب الله بسلاح دقيق، وتموضع إيران في المجالات المهددة لإسرائيل. .
وبحسب هذا الجنرال، تكيفت إيران و»حزب الله» مع الهجمات على سوريا، وغيرتا طريقة تسليح «حزب الله» بسلاح دقيق، من نقله عبر سوريا إلى الإنتاج والتحويل على الأراضي اللبنانية. هددت حكومة إسرائيل مرة أخرى، ولكنها امتنعت عن الهجوم في لبنان. وأصبح «حزب الله» اليوم يحوز مئات الصواريخ الدقيقة ويواصل مساعيه للإنتاج والتحويل. فضلاً عن ذلك، لم تعرض الحكومة استراتيجية محدثة تستهدف منع جهود «حزب الل» المستقبلية في التسلح، بمعنى أنه من الصعب رؤية ما سيوقفه من التسلح بمئات أخرى، بل وربما آلاف الصواريخ الدقيقة.وخلص التقرير الى القول في كل يوم يمر، تخصب إيران المزيد من اليورانيوم، ويتسلح»حزب الله» بمزيد من الصواريخ الدقيقة. وهناك من يدعي بأن إحدى فضائل حكومات العقد الأخير هي الامتناع عن المخاطرات والمغامرات. ولكن إدمان الهدوء في المدى القصير سيبعد إسرائيل عن ان تكون لاعباً جدياً في اللعبة الإيرانية.
مخاوف دبلوماسية
وازاء هذ الضخ الاعلامي المستمر منذ اسبوعين تخشى مصادر دبلوماسية من قيام اسرائيل بمغامرة «محدودة»، في محاولة منها «لقلب الطاولة» على الجميع ردا على عدم مراعاة مصالحها في الاتفاق النووي الايراني. وهذا يتطلب رفع منسوب الحذر منعا لاي مفاجآت.
حوار حزب الله -بكركي اليوم
في غضون ذلك، يعود الحوار بين حزب الله وبكركي الى سابق عهده اليوم، وسيعقد لقاء في مكتب الامير حارث شهاب في الحازمية بحضور المطران سمير مظلوم، وعضوي المكتب السياسي في الحزب مصطفى الحاج علي، والحاج ابو سعيد الخنسا، وسيكون على جدول الاعمال كل الملفات من الدعوة الى الحياد، والتدويل، ومعضلة الحكومة، وسيبنى على هذا الاجتماع المزيد من التواصل بين الجانبين.
**********************************************************************
افتتاحية صحيفة الشرق
قائد الجيش ينتفض ضد مؤامرة فرط المؤسسة العسكرية
عقد قائد الجيش العماد جوزاف عون في اليرزة اجتماعا مع أركان القيادة وقادة الوحدات الكبرى والأفواج المستقلة في حضور أعضاء المجلس العسكري، وعرض معهم التطورات المحلية والإقليمية وأوضاع المؤسسة العسكرية، وزودهم بالتوجيهات اللازمة لمواجهة الأزمات والتحديات التي يواجهها لبنان.
وخلال الاجتماع تحدث العماد عون عما يعانيه البلد نتيجة تدهور الوضع الاقتصادي، مشيرا إلى «أن الجيش هو جزء من هذا الشعب ويعاني مثله. وقال: «إن الوضع السياسي المأزوم انعكس على جميع الصعد، بالأخص اقتصاديا ما أدى إلى ارتفاع معدلات الفقر والجوع، كما أن أموال المودعين محجوزة في المصارف، وفقدت الرواتب قيمتها الشرائية، وبالتالي فإن راتب العسكري فقد قيمته».
أضاف: «العسكريون يعانون ويجوعون مثل الشعب»، متوجها إلى المسؤولين بالسؤال: «إلى أين نحن ذاهبون، ماذا تنوون أن تفعلوا، لقد حذرنا أكثر من مرة من خطورة الوضع وإمكان انفجاره».
وأكد العماد عون «أن الجيش مع حرية التعبير السلمي التي يرعاها الدستور والمواثيق الدولية لكن دون التعدي على الأملاك العامة والخاصة»، مشددا على «أن الجيش لن يسمح بالمس بالاستقرار والسلم الأهلي».
وأشار إلى «أن موازنة الجيش تخفَّض في كل سنة بحيث أصبحت الأموال لا تكفي حتى نهاية العام»، وأوضح «أن المؤسسة العسكرية قد بادرت إلى اعتماد سياسة تقشف كبيرة من تلقاء نفسها تماشيا مع الوضع الاقتصادي، وسأل: «أتريدون جيشا أم لا؟ أتريدون مؤسسة قوية صامدة أم لا؟. المطلوب من الجيش مهمات كثيرة وهو جاهز دائما، لكن ذلك لا يمكن أن يقابل بخفض مستمر ومتكرر للموازنة وبنقاشات حول حقوق العسكريين».
وذكر العماد عون أنه «رغم الضغوط الاقتصادية الكبيرة التي يعاني منها الجيش، ليس هناك حالات فرار بسبب الوضع الاقتصادي، فالعسكريون يجدون أن المؤسسة العسكرية هي الضمانة الأكيدة لمستقبلهم ومستقبل عائلاتهم».
من جهة ثانية، أكد العماد عون «أن الجيش يتعرض لحملات إعلامية وسياسية تهدف إلى جعله مطواعا مؤكدا أن هذا لن يحدث أبدا»، وقال: «الجيش مؤسسة لها خصوصيتها، ومن غير المسموح التدخل بشؤونها سواء بالتشكيلات والترقيات أم رسم مسارها وسياستها. وهذا الأمر يزعج البعض بالتأكيد».
وأضاف:» ضميرنا مرتاح وليس لدينا أهدافا مخفية وما نفعله نقوله علانية وجل ما نريده الحفاظ على المؤسسة وضمان استمراريتها ووحدتها بغض النظر عن التشويش».
وأردف قائلا: «إذا كان هدف هذه الحملات هو ضرب الجيش وتشويه صورته، فإننا لن نسمح أن يكون الجيش مكسر عصا لأحد ولن يؤثر هذا الأمر على معنوياتنا ومهماتنا. ربما للبعض غايات وأهداف مخفية في انتقاد الجيش وشن الحملات عليه، وهم يدركون أن فرط الجيش يعني نهاية الكيان. أؤكد أن كرامة المؤسسة فوق أي اعتبار، وكرامة العسكريين والشهداء أمانة في أعناقنا ولن نسمح لأحد أن يمس بها».
وأثنى قائد الجيش على «جهود الضباط والعسكريين الذين يواجهون ضغوطا مختلفة»، وقال:»أدرك مدى تعبكم، فبحكمتكم وضبط أعصابكم جنبتم لبنان، ومازلتم، صدامات كبيرة. تواجهون الحملات ضدكم بعقلانية وشجاعة وانضباط. لقد وضعتكم الظروف في مواجهة شعبكم وأهلكم، لكن بحكمتكم اجتزتم المرحلة الصعبة».
وعن موضوع التهريب على الحدود، دعا العماد عون «الذين يتهمون الجيش بالتقصير إلى معاينة الحدود عن قرب والاطلاع على ما أنجزه الجيش من أبراج مراقبة وإجراءات، والظروف التي يتواجد فيها العسكريون».
وتابع: «في ما خص عملية التفاوض غير المباشر حول ترسيم الحدود البحرية مع العدو الإسرائيلي، فإن دور الجيش تقني بحت، ونحن جديون إلى أبعد الحدود للوصول إلى حل يحفظ حقوقنا وثرواتنا الوطنية وفقا للقوانين الدولية».
ودعا قائد الجيش السلطة السياسية إلى «القيام بواجباتها لدعم الوفد المفاوض ومواكبته وتحديد ما هو مطلوب منه، أو أن تعلن موقفها صراحة».
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :