تقدِّم الأوضاع العسكرية المتأزّمة جنوباً وصولاً إلى البقاعين الشمالي والغربي للسلطة حجّةً أقوى من تلك التي استعانت بها في العامين الماضيين، للتملّص من إجراء الانتخابات البلدية. إذاً “المشكل” يكمن في الشكل فقط وليس في المضمون، إذ اتُّخذ القرار السياسي، منذ ما قبل حرب غزة، بتجاوز “وجع رأس” البلديات. أمام وزير الداخلية بسام المولوي مهلة حتى 12 نيسان المقبل لدعوة الهيئات الناخبة إلى إجراء الانتخابات البلدية في المواعيد المحدّدة في 12 و19 و26 أيار. يعتزم المولوي، كما يردّد أمام زوّاره، القيام بواجبه بدعوة الهيئات الناخبة. لأنّ وزارة الداخلية جاهزة، وتمّ تنقيح قوائم الناخبين التي أصدرتها المديرية العامّة للأحوال الشخصية، والاعتمادات المالية متوافرة. ويمكن فقط استثناء البلدات الجنوبية بسبب الحرب بقرار وزاري من الحكومة. نافياً “أيّ دور للوزارة بتأجيل الانتخابات لأنّ القرار بذلك لدى مجلس النواب”. لكنّ سَرديّة وزارة الداخلية تُواجَه بأمرٍ واقعٍ سيُترجم في الأيام المقبلة. إذ تعتبر الحكومة نفسها غير معنيّة بقرار تأجيل الانتخابات، وأنّ الكرة في ملعب مجلس النواب. فيما يُدرك رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي حساسيّة الثنائي الشيعي حيال السير بخيار الانتخابات مع استثناء محافظات الجنوب والنبطية والبقاع وبعلبك-الهرمل من الانتخابات. يقول رئيس لجنة الدفاع والداخلية والشؤون البلدية النائب جهاد الصمد لـ “أساس”: “إجراء الانتخابات البلدية مع استثناءات بسبب الحرب أو تأجيل الانتخابات يحتاجان إلى إقرار قانون في مجلس النواب في الحالتين”، مشيراً إلى أنّ “رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي كان واضحاً بعدم نيّته تقديم مشروع قانون لتأجيل الانتخابات”. يكشف الصمد. الذي كان قدّم العام الماضي إلى جانب النائب الياس بو صعب اقتراح قانون بالتمديد للمجالس البلدية والاختيارية. عن “التوجّه لتقديم اقتراح قانون مماثل بعد الأعياد. خاصة أنّنا في حالة حرب ولا يمكن السير بخيار الانتخابات مع استثناء الجنوب والبقاع الغربي وبعلبك-الهرمل. نحن لسنا في نظام كونفدرالي”، لافتاً إلى أنّ “هناك مشاورات، وأكثر من جهة قد تكون معنيّة بتقديم اقتراح القانون لتأجيل الانتخابات”. كما يكشف الصمد أنّ “جلسة التمديد ستتضمّن في جدول الأعمال بنوداً ضاغطة مرتبطة بالموازنة مثلاً أو قانون تثبيت عناصر الدفاع المدني. الذين لم يتمكّنوا حتى اليوم من قبض مستحقّاتهم بسبب وجود إشكال بالقانون الخاص بهم. وبنوداً أخرى مهمّة”. ضمن إطار المزايدات لا أكثر، لعلمها بصعوبة إجراء الاستحقاق البلدي في ظلّ حالة شبه الحرب، تتقدّم الأحزاب المسيحية المُعارِضة و”التغييريون” صفوف مؤيّدي إجراء الانتخابات إلى جانب المتضرّرين من التأجيل الثالث من رؤساء بلديات منحلّة وأعضاء وطامحين إلى العمل البلدي. والبقيّة إمّا مستفيدون أو غير مبالين. بمطلق الأحوال، الأنظار ستّتجه في الأيام المقبلة إلى مجلس النواب الذي يُتوقّع أن يدعو رئيسه قريباً إلى عقد جلسة تشريعية تتضمّن عدّة اقتراحات قوانين. من ضمنها اقتراح قانون لتأجيل الانتخابات البلدية على كامل الأراضي اللبنانية. تحتاج جلسة إقرار قانون التمديد التقنيّ للبلديات إلى حضور أكثرية 65 نائباً، فيما يمكن إقرار القانون بأكثرية 33 نائباً. النصاب بهذا المعنى مكتمل. سيّما أنّ المعطيات تشير إلى أنّ نواب تكتّل لبنان القوي لن يقاطعوا الجلسة تماماً كما في العام الماضي حين كسروا قرار مقاطعة جلسات التشريع فتحقّق حضور 66 نائباً. لكنّ الأمر لا يزال بين الأخذ والردّ ما دام باسيل، وفق مصدر نيابي، لا يمنح شيئاً من دون مقابل. يقول مصدر نيابي في التيار الوطني الحرّ لـ “أساس”: “لم تحسِم قيادة التيّار موقفها من تأجيل الانتخابات حتى الآن، وهناك مناخات توحي بالتمديد”. مشيراً إلى أن “لا قرار لدى قيادة التيار بمقاطعة أو حضور الجلسة، لكنّ الخطّ الأحمر لدينا هو التصدّي للفراغ”. كان تكتّل لبنان القوي أصدر بياناً في 19 آذار اتّهم فيه الحكومة بعدم توضيح “موقفها للرأي العامّ، وهل كانت كلّ عناصر نجاح العملية الانتخابية متوفّرة، لأنّ الانتخابات مسؤولية الحكومة لا مجلس النواب”، محذّراً من الفراغ. يُظهِر “التيار” حالياً، لحسابات سياسية، حِرصَه على التماهي مع موقف الثنائي الشيعي برفض استثناء البلدات جنوباً من العملية الانتخابية. وفي العمق لا يضيره تمديد آخر مع إلزام الحكومة بإجراء الانتخابات فور انتهاء حرب غزة وتوقّف الأعمال العسكرية. منذ الآن تتحضّر قوى مسيحية معارضة للطعن بقانون التمديد للبلديّات في ظلّ توقّع رفض المجلس الدستوري مرّة أخرى للطعن. ربطاً بصعوبة إجرائها بسبب استمرار الأعمال العسكرية في الجنوب وصولاً إلى البقاع. ملاك عقيل- أساس ميديا
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram
نسخ الرابط :