بين الداخل والخارج تتشعب المبادرات السياسية الآيلة لانتخاب رئيس ووضع لبنان من جديد على سكة الاستقرار في المنطقة. فبعد انسداد آفاق الحلول السياسية الخارجية وذلك لجملة أسباب ليس اقلها الحرب الدائرة في غزة، التي لم تجد بعد من يلجمها أو حتى من يضع لها قواعد اشتباك إنسانية تجنب سقوط المزيد من المدنيين لا سيما منهم النساء والأطفال الذين ما زالوا يعانون من شريعة الغاب وبطش الآلة العسكرية الإسرائيلية. فالعدو الإسرائيلي المدعوم عسكرياً ومادياً وإعلامياً من الدول الغربية، ما يزال يتمتع بحرية الحركة وحرية القتل بالرغم من المبادرات الأممية التي بقيت مجرد قرارات لا تجد من يحترمها، في وقت تبقى المبادرات العربية للسلام في حدود الدعم اللفظي لا أكثر ولا أقل.
إذن مع انسداد الحلول الخارجية بادرت بكركي إلى تحرك يهدف إلى وضع أسس للحل السياسي وإيجاد مخرج للأزمة التي تتخبط فيها البلاد وذلك من طريق إيجاد قواسم مشتركة بين المسيحيين وذلك للاتفاق على خارطة طريق تؤدي لانتخاب رئيس للجمهورية والتي من شأنها تلميع صورة المسيحيين وإبعاد صفة المعرقل عنهم، فعسى أن يأتي اتفاقهم على مرشح أو مرشحين للرئاسة ليضحض الادعاء أن الطابة هي في ملعب المسيحيين دون سواهم، مع العلم أن الجميع متيقن في سره أن انتخابات الرئاسة تعني كل اللبنانيين وليس المسيحيين وحدهم، وذلك بالرغم من انتماء الرئيس إلى الطائفة المارونية.
البعد الوطني للمبادرة
إلى جانب إيجاد حل لموضوع الفراغ الرئاسي الذي يعتبر نقطة البداية للحل السياسي في لبنان، فإن لبكركي هماً وطنياً يتخطى الرئاسة وانتخاب رئيس ويتمحور حول الخطر الوجودي المحدق بلبنان والذي قد ينتج عنه خللاً ديمغرافياً، فبين سندان النزوح ومطرقة الحرب الدائرة في جنوب لبنان والتي بدأت تتوسع لتدخل ضمن معادلات جديدة بعيدة عن المصلحة اللبنانية، فبدأنا نسمع بمعادلة بعلبك والجولان، وهي تعني أنه إذا شن الحزب ضربات على الجولان فإن إسرائيل ستشن ضربات على بعلبك.
من هنا قلق بكركي وهمها لإيجاد حل للأزمة التي تعصف بلبنان، وهي تسعى لإيجاد حل للنزوح وضرورة عودة النازحين السوريين إلى بلادهم وكذلك وضع الأسس لتثبيت الهدنة جنوباً ونزع فتيل الانفجار، من طريق احترام القرار 1701 من كلا الطرفين اللبناني والإسرائيلي مع ما يستتبع ذلك من بسط سيطرة الجيش والقوات الدولية جنوب الليطاني ووقف الخروقات الاسرائيلية الجوية والبرية والبحرية مع ما يستتبع ذلك من وقف الاحتلال للأراضي اللبنانية في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، وضرورة احترام السيادة اللبنانية على منابع الغاز والمياه.
مسؤولية الحزب
يتضح جلياً أن لحزب الله مسؤولية كبيرة إن من حيث تسهيل انتخاب رئيس وإن من حيث تسهيل الحل جنوباً بحيث يصار إلى فك الارتباط بين غزة وبين الجنوب اللبناني، طبعاً كل ذلك ليس بالأمر اليسير ولكن محاولة التصدي للمشاكل أفضل بكثير من الوقوف مكتوفي الأيدي بانتظار المواقف الدولية التي لن ينتج عنها مصلحة اللبنانيين أنفسهم، بل إن هؤلاء سيفعلون وكما في السابق بإيجاد الحلول الإقليمية على حساب المصلحة اللبنانية.
فهل يستمر الحزب بانتهاج سياسة الإنكار ويستمر بإرساء مفاهيم جديدة في انتخابات الرئاسة وفي مقاربة موضوع إدارة البلد؟ أم إن الحزب سيذهب في طريق إقرارمصلحة البلد ومصلحته هو الكامنة بضرورة حصوله على الغطاء اللبناني الضروري لاستمراره؟. لقد بات واضحاً أن الحليف المسيحي الضعيف لا يمكن أن يشكل غطاء للحزب وإن شكل بيئة حاضنة. لقد آن للحزب أن يعي مصلحته، فماذا ينفع الحزب لو ربح في الإقليم أو على الجبهة وخسر داخلياً.
(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)
:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي