رئيس حكومة بلا مشروع… إلّا سحب سلاح المقاومة!
خاص "iconnews"
كتب سومر أمان الدين
في كل مرة يُطرح فيها ملف “تسليم السلاح” على الطاولة اللبنانية، يتقدّم مشهدان متوازيان في ذاكرتنا القومية: مشهد المقاتل الفلسطيني يُجَرَّد من بندقيته في بيروت عام 1982، ومشهد الأقليات السورية يُبادون أو يُهجَّرون أمام آلة التكفير والاحتلال. فهل نحن على أعتاب نكبة لبنانية جديدة، نعيد فيها إنتاج التاريخ نفسه، لكن بمزيد من الغباء الطوعي والجهل المدروس؟
السلاح ليس فائض قوة… بل فائض وجود
من يروّج لتسليم سلاح المقاومة، يُقدّم الأمر كأنه تنازل عن “فائض قوة” لصالح “الدولة”. لكن الحقيقة أن هذا السلاح ليس ترفًا، وليس خيارًا سياسيًا، بل ضرورة وجودية في بلد تُحيط به الحرائق من كل جهة، ويتربّص به عدوٌ تاريخي اسمه “إسرائيل”، وأخطر منه أحيانًا، عدوٌ داخلي يختبئ تحت عباءة “الحياد” و”السيادة”.
رئيس حكومة بلا مشروع… إلا نزع السلاح!
وبدل أن ينشغل رئيس الحكومة اللبناني بانتشال البلد من الانهيار، أو بكشف شبكات الفساد، أو بتأمين الدواء والكهرباء، لا شغل له ولا همّ إلا تكرار اسطوانة “تسليم السلاح”. وكأن كل أزمات لبنان تختصر بسلاح المقاومة، لا بنهب المصارف ولا بانهيار القضاء ولا بالتبعية السياسية للسفارات!
أما تصريحه الأخير، الذي اقترح فيه “تسليم السلاح أحسن ما تقصفه إسرائيل”، فهو قمة السقوط السياسي والعقلي. أي تفاهة هذه؟! هل صار معيار السيادة هو الخوف من عدو؟ وهل المطلوب أن نرمي البندقية لأن العدو يستفزّه وجودها؟! يا دولة الرئيس، هذا منطق العبيد، لا منطق الدول. فالسلاح الذي يُخيف إسرائيل هو بالتحديد ما يحمي لبنان من أن يتحوّل إلى غزة ثانية!
التاريخ لن يرحم هذا النوع من السياسيين: أولئك الذين لا يحلمون ببناء وطن بل بإرضاء العدو. لا يعرفون معنى الردع، ولا يدركون أن “الخوف من العدوان” ليس سببًا لتسليم السلاح، بل دافعٌ لحمايته وتعزيزه.
أين هي الدولة؟ ومن هي الدولة؟
ينادون بتسليم السلاح للدولة… لكن أي دولة؟ دولة مفلسة، منهوبة، مرتهنة، عاجزة عن تأمين دواء لمريض أو حليب لطفل؟ أم دولة تتقاسمها السفارات وتُدار عبر الواتساب السياسي والطائفي؟ أم دولة يختبئ فيها العملاء، ويتقدم فيها الفاسد على المقاوم، ويُكافأ فيها القاتل السياسي بالحماية القضائية؟
لمن سنسلّم السلاح؟ لهذه الدولة التي ما زالت ترعى ميليشيا الطائفية المقنّعة باسم “المؤسسات”، والتي لا تزال حتى اليوم تُساوي بين القاتل والمقتول في محكمة الضمير؟
مصير بلا سلاح؟
فلنتخيّل لبنان بلا سلاح مقاومة:
• من سيردع العدو الإسرائيلي عن التنقيب في مياهنا؟
• من سيمنع داعش وأخواتها من العودة من رحم الجوع والانهيار؟
• من سيحمي قرى الجنوب والبقاع حين تذوب “الخطوط الحمر” عند أول أزمة إقليمية؟
من دون هذا السلاح، نحن شعب مشرّع للذبح، شعب بلا أنياب في غابة من الوحوش. وسنُعامل كما عومل الفلسطيني حين اعتُبر لاجئًا على أرضه، والسوري حين صار رقمًا في تقارير اللجوء الأممية.
السلاح ضمانة توازن لا تهديد سلم
من يرفض السلاح اليوم، لا يرفض الحرب… بل يرفض التوازن. ومن يطلب نزع سلاح المقاومة، يطلب، من حيث لا يدري، نزع آخر مظاهر الكرامة في هذا الوطن. فالمعادلة واضحة: لا كيان بدون سلاح يحميه. والحياد بلا قوة ليس موقفًا شجاعًا بل استسلام مفضوح.
رسالة إلى دعاة تسليم السلاح
أنتم لا تطلبون تسليم السلاح… بل تطلبون تسليم رقابنا. تطلبون أن نعيش في وهم الدولة بينما تُدارون أنياب الذئاب على أطرافنا. تطلبون من شعب أن يتعرّى من وسيلته الأخيرة للدفاع عن نفسه، تحت شعار “السلم الأهلي”. لكن أي سلمٍ هذا، إن لم يكن محميًا بقوة الردع؟
في الختام: من يسلّم سلاحه… يسلّم وطنه
لن نكرّر خطأ الفلسطيني ولا مأساة الأقليات السورية. لن نكون حراسًا لمخيمات انتظار الذبح. سلاح المقاومة هو ضمانة الكيان، وعدالة القضية، وبوصلة الكرامة. ومن يُرِد استبداله بشعارات فارغة، فليقرأ التاريخ، ولينظر حوله… ثم ليختَر أي لبنانٍ يريد: لبنان المقاومة… أم لبنان المقابر الجماعية؟
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram
(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)
:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي