السويداء... الجبل الذي أفشى أسرار المشروع والصمت الكبير
بقلم: محمد هاني هزيمة محلل سياسي وخبير استراتيجي
في عمق الجبل، حيث يلتقي الصمت بالحكمة، تنهض السويداء بصوت لا يشبه سواه. ليست مجرّد بقعة جغرافية، بل عقدةٌ في خرائط الشرق، ورقعة شطرنج تحرّك فيها القوى حجارتها بصمت… ثم تُفاجأ بأن الجبل يسبقها بخطوة.
في السويداء، لا شيء يُقال عبثًا. فالأصوات الخافتة تسبق العواصف، والهتاف الذي يصدر من هناك لا يُقاس بعدد المتظاهرين، بل بما يكشفه من خبايا.
هي ليست انتفاضة على الفقر فقط، بل على مشروع أكبر: مشروع إعادة صياغة الشرق الأوسط بخرائط لا تراعي كرامة الجبال ولا نبض الشعوب.
كُشف المستور حين تحرّكت السويداء دون رافعة خارجية، دون دعمٍ مشبوه، دون وجهٍ ملثّم، بل بوجوهٍ تعرف طريق الشمس، وتعرف عدوها الحقيقي.
خُيّل للبعض أن السويداء ستكون فجوة يمكن العبور منها لتنفيذ أجندات استخباراتية، أو لتأجيج انقسامات طائفية. لكن السويداء، رغم جراحها، قالت لا، وكشفت الوجه الحقيقي لمشاريع مدعومة بخيوط خفية، بعضها يُحاك في دهاليز الموساد، وبعضها يُمرّر عبر بوابات السياسة الناعمة.
*السويداء لم تُطالب بإسقاط الدولة، بل بكشف الدولة من الداخل.*
ولم تهتف لإسقاط الرموز، بل لإسقاط الكذب، والتجويع، وتجارة الوجع.
هي لعبة… لكنها لم تكن في صالح اللاعبين.
لأن من يظن أن الجبل صامت، لا يعرف أن تحت صمته خنادق من وعيٍ عمره آلاف السنين.
حين صرخ الجبل، ارتبكت الأيدي التي أرادت أن تحرّكه كورقة ضغط.
المشروع الكبير الذي ظهر خلف الستار يحمل بصمات واضحة: خريطة جديدة للمنطقة تُرسم بالدم، ومخابر استخبارات تُشعل نارًا بيد وتدّعي الإطفاء بالأخرى. ولكن ما لم يتوقّعه اللاعبون أن صمت الجبل سيتكلم، لا بالعنف، بل بالوعي.
السويداء اليوم، ليست فقط ساحة مواجهة بين الدولة والفوضى، بل مرآة لمدى التداخل بين الخارجي والداخلي، ولخطورة المشروع الذي تقوده جهات عابرة للحدود.
*في النهاية*، الجبل الذي لم تهزمه سنوات الحرب، لن يخضع لمشاريع الخداع.
*فالكرامة لا تُشترى، والصمت إذا تكلّم... أسقط ألف مشروع.*
تمامًا كما قالت إحدى الجدّات في السويداء:
"نحن صخرة إذا سقطت… لا تُهشم، بل تهشم تحتها من يظن نفسه أعلى."
فاكتشف الجميع أن اللعبة ليست في السويداء… بل السويداء نفسها كانت مرآة اللعبة.
وأن الصمت حين ينفجر، لا يترك مجالًا للزيف.
إنها ليست ثورة جياع… بل يقظة شعب.
وسيبقى الجبل شاهدًا على أن الحناجر الصادقة تُسقط المشاريع الكاذبة، حتى لو لبست وجوهًا كثيرة.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :