إستمرارُ معارك جنوب لبنان بين "حزب الله" والجيش الإسرائيلي رغم بدء شهر رمضان إنّما يؤسّس لمرحلةٍ جديدة عنوانها "ترتيبات أمنية" جديدة قائمة على "شدّ الحبال تكتيكياً".
العبارةُ هذه هي عنوان جديد لمسار التصعيد الذي قد لا يهدأ بتاتاً، في وقتٍ ازدادت فيها الأصوات الإسرائيلية التي حذرت من إمكانية إنهمار آلاف الصواريخ التابعة لـ"الحزب" على المستوطنات الإسرائيلية المختلفة، سواء تلك المحاذية للبنان أو البعيدة عن خط الصراع.
ما يُقال يمكن أن يجعل السيناريوهات الميدانية مكشوفة على مفاجآت غير متوقعة، علماً أن أول خطوة تريدها إسرائيل بحسب ما يقول محللوها، هي تدمير نسبة كبيرة من صواريخ الحزب.. فهل يمكن حصول هذا الأمر بسهولة؟ وماذا توفر القراءة العسكريّة من معطيات عما قد يجري في أرض المعركة التي يلوح الإسرائيليون بإطلاقها ضدّ لبنان؟
تقولُ مصادر معنية بالشؤون العسكرية تحدّثت عبر "لبنان24" إنَّ "حزب الله" بات يعتمدُ حالياً على منطقين أساسيين في القتال، الأول يرتبطُ بتكثيف الضربات الصاروخية بناء على طبيعة كل إستهداف إسرائيليّ يطالُ جنوب لبنان أو أي منطقة أخرى خصوصاً بعلبك التي طالها قصف إسرائيلي عنيف للمرة الثانية في أقل من شهر، ليل أمس الإثنين. فمن جهة، إن كانت هناك من ضربات إسرائيلية قاسية، عندها سيقوم الحزب بإسداء ردود متنوعة تختلف قوّتها بحسب المواقع المستهدفة، لكن الأساس كما يظهر، بحسب المصادر، هو أنّ الحزب يعتمد بشكل أكبر على الرشقات الصاروخية المُكثفة والتي يمكن أن تساهم في إرباكِ العدو أكثر من جهة، وإذكاء لعبة الحرب النفسية من جهةٍ أخرى.
على صعيد المنطق الثاني الذي يعتمدُه الحزب في القتال، فإنه يتصلُ بتثبيت فاعلية أنظمته للدفاع الجويّ، والسبب الأساسي في هذا الأمر لا يتصلُ فقط بمحاولات الحزب شرذمة سلاح الجو الإسرائيلي في حال حصول أي هجوم، بل يرتبطُ أكثر بحماية قواعده الصاروخية سواءً من سلاح الجو أو من الطائرات المُسيّرة التي تعتبرُ سلاحاً فتاكاً يطال الحزب وعناصره في مختلف النقاط.
المسألة التي يعمل الحزب عليها ضرورية جداً، وتقول المصادر إنّ الأخير وضع سيناريوهات حرب تموز عام 2006 في عين الإعتبار وأسقطها مُجدداً على الميدان الجنوبي لدراسة أمر واحد، وهو كيفية التعامل مع أي ضرباتٍ جوية إسرائيلية قد تستهدف مقرات الحزب الصاروخية.. فهل الأمرُ سيكون سهلاً؟ ما هي الخسائر المرتقبة؟ هل سيتمكن الجيش الإسرائيلي من إسداء ضربات كبرى على هذا الصعيد؟
تلفت المصادر إلى أنّ الحزب يعي تماماً خطورة النيران الإسرائيلية على القواعد الصاورخية، إلا أن تجربة الحرب المحدودة على مدى 5 أشهر جعلتهُ يدرك تماماً مكامن القوة والضعف في الجنوب واستغلالها في أي معركة مقبلة يُلوح الإسرائيليون بشنّها ضد لبنان. الأساس في كل ذلك هو أن الحزب يستفيد أيضاً من مساحات واسعة جداً في جنوب لبنان وأيضاً من مناطق أخرى بعيدة عن الحدود لتسديد ضربات صاروخية، الأمر الذي قد يجعل سلاح الجو الإسرائيليّ مُشتتاً بين أكثر من منطقة، علماً أن منصات الصواريخ التابعة للحزب لن تكون ظاهرة بشكلٍ كامل، وهو الأمر الذي يعتبره العدو الإسرائيليّ بمثابة ثغرة يصعب التعامل معها بسهولة جوياً.
بحسب المصادر، فإنّ عملية رصد كافة المنصات من قبل إسرائيل تحتاجُ إلى سلاح جوي كثيف، في حين أن معظم المحللين الإسرائيليين يتحدثون عن صعوبة في تغطية المجال الجوي اللبناني بالكامل عبر سلاح الطائرات المختلفة، الأمر الذي سيجعل من قدرة تل أبيب على ضرب كافة أسلحة الحزب خطوة شبه مستحيلة خلال وقتٍ قصير، إن تم الوصول في الأساس إلى تلك المرحلة.
إذاً، وبحسب المصادر، فإنّ المسألة المرتبطة بإحباط السلاح الصاروخي ستكون منتفية إلى حد كبير، ما يعني أنّ أنظمة الدفاع الجوي ستكون فعالة فيما ستبقى الضربات الصاروخية متواصلة باتجاه إسرائيل.. وهنا، يأتي السؤال الأساسي: ماذا يعني ذلك إستراتيجياً؟
من الناحية الإستراتيجية والتأثيرية، فإن أول أمرٍ سيطرح نفسه هنا هو أنّ الحرب، وفي حال اندلاعها، ستكون مستمرة ولن تتوقف باعتبار أنّ مسألة إنكسار الحزب بسهولة ليست واردة بتاتاً حتى وإن صعّدت إسرائيل من عملياتها. السبب هنا، بحسب المصادر، هو أن القوة الصاروخية قد لا تتأثر، الأمر الذي قد يُمهد الطريق نحو تهدئة سريعة وذلك في حال وجدت إسرائيل الضربات التي طالتها كثيفة ومؤثرة جداً.
في خلاصة القول، فإنّ مسألة المواجهة ليست عادية، لكن السيناريوهات المرتبطة بها ستفتحُ المجال أمام التفكير كثيراً بأي خطوة ميدانية.. فما المفاجآت التي قد نشهدها؟ وما الذي سيحصل في الميدان أكثر من ذلك؟
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :