افتتاحية صحيفة البناء:
24 ساعة حاسمة أميركيّاً… وقمّة خليجيّة تحمل مصالحة قطريّة سعوديّة برعاية كوشنر التياران الأزرق والبرتقاليّ يتبادلان الاتهامات بالتعطيل... وإبراهيم متفائل بتحرّك بكركي لا مهل لتثبيت أو تنحية صوان: تنحّي قضاة التمييز يدفع بالتحقيق العدليّ نحو المجهول
فيما يواصل الرئيس الأميركيّ دونالد ترامب حالة التعبئة لقواه ومؤيديه لمواصلة المواجهة من دون التسليم بتغيّر الخارطة بعكس رغباته في المسار الرئاسي، تنتظر الأميركيين أربع وعشرون ساعة حاسمة، حيث تنهي ولاية جورجيا انتخابات عضوين جديدين يكتمل بهما قوام الكونغرس الأميركي، بعد فشل المرشحين في الدورة الأولى بالفوز بالنصاب المطلوب، وفي حال فاز الديمقراطيون بالمقعدين سيكون أمام الرئيس المنتخب جو بايدن مساراً سلساً في الحكم وإن جدّد الجمهوريون السيطرة على المقعدين فالتوازن سيكون بين الرئاسة ومجلس الشيوخ هشاً، وسيرتفع رهان ترامب على الضغط على التصويت الذي يُجريه الكونغرس للتصديق على نتائج الانتخابات الرئاسية، ولذلك يوزّع ترامب ثقل اهتماماته بين ملف أول هو انتخابات جورجيا، التي فضحته التسجيلات الصوتيّة في التورط بما بدأت تسميته بجورجيا غيت، بعدما سُمع يدعو حاكم الولاية لتدبر أمر أحد عشر ألف صوت يحسمون استرداد الولاية وتصويتها الرئاسي، بينما الملف الثاني هو التظاهرة التي ستنطلق اليوم في واشنطن لأنصار ترامب لتطويق الكونغرس والضغط عليه خلال عملية التصويت على نتائج الانتخابات الرئاسية.
إقليمياً جاءت المصالحة التي ضمّت السعودية وقطر في قمة لمجلس التعاون الخليجي، وحملت صوراً لطي صفحة الخلاف بين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وأمير قطر تميم بن حمد، وكان واضحاً الدور الذي لعبه صهر الرئيس ترامب ومستشاره جارد كوشنر في إتمام المصالحة، وحضوره القمة كتعبير عن هذه الرعاية، والمصالحة استعداد سعوديّ للتحصن تحسباً للمتغيرات الأميركية، ولو كان الثمن التخلي عن الموقف من قطر والشروط التي وضعت للمصالحة وفي طليعتها إقفال قناة الجزيرة وقطع العلاقات بالأخوان المسلمين وإخلاء القاعدة التركيّة ولم يطبق أيّ منها.
لبنانياً، بدا أن الجمود يتعمّم، ففي ظل الإقفال الذي سيبدأ غداً، وتدخل البلاد معه حالاً من الجمود وتأمل بتجميد عداد كورونا، طال التجميد التحقيق القضائي في ملف تفجير مرفأ بيروت، حيث التنحّي لقاضيين من أصل ثلاثة قضاة يعاونون رئيس محكمة التمييز التي تنظر بدعوى التنحي المقدمة بوجه المحقق العدلي فادي صوان، لم يعُد ممكناً البتّ بمصير الدعوى، ولا بمصير التحقيق العدلي.
الجمود السياسيّ بدا هو الآخر حاضراً لولا مسحة التفاؤل التي حاول المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم ضخّها في موقف له توقع خلاله استئناف بكركي مساعي الوساطة بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري، والجمود تعزّز مع السجال العالي السقف بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر، حول تبادل الاتهامات في المسؤولية عن تعطيل المسار الحكومي.
وعشية دخول البلاد حالة الإقفال التام حتى الأول من شباط المقبل، وقع رئيس الجمهورية الموافقة الاستثنائيّة بالإغلاق الكامل بناء على اقتراح رئيس مجلس الوزراء في حكومة تصريف الإعمال حسان دياب واللجنة الوزارية المكلفة متابعة وباء "كورونا".
من جهة ثانية، وافق رئيسا الجمهورية وحكومة تصريف الأعمال على اقتراح وزير الصحة حمد حسن، توقيع العقد مع شركة "فايزر" لشراء اللقاحات اللازمة لفيروس "كورونا".
وعممت رئاسة مجلس الوزراء تفاصيل قرار الإقفال لناحية توقيته حيث يمنع الخروج والولوج الى الشوارع بين السادسة مساء والخامسة فجراً مع إقفال تام الآحاد، وقد تضمّن القرار أيضاً التدابير الجديدة المتعلقة بالمطار وتوقيت عمل المؤسسات مع القطاعات المستثناة منه.
إلا أن قرارات الحكومة لم تأتِ على قدر توقعات لجنة الصحة النيابية التي توقع رئيسها النائب عاصم عراجي بارتفاع إصابات كورونا في الايام الـ10 المقبلة، موضحاً أن الخوف من الاصابات الخطيرة لأن لا أسرة فارغة في غرف العناية الفائقة. وقال بعد اجتماع لجنة الصحة: "تفاجأنا بالتدابير التي اتخذتها الحكومة والتي أتت مشابهة بالمرات السابقة ومع استثناءات كثيرة". وشدد على "أننا في وضع خطير وإمكانياتنا أضعف بكثير من بريطانيا التي اعلنت الاغلاق الشامل".
إلا أن مصادر حكومية أوضحت لـ "البناء" أنه "لا يمكن توقف كافة القطاعات عن العمل وبالتالي توقيف حياة اللبنانيين، بل استثناء بعض القطاعات الحيوية هو جزء من الخطة الحكومية بالتعاون مع الوزارات المختصة والأجهزة الأمنية والمواطنين، إذاً لا يمكن اقفال وكالات السفر طالما أن المطار مستثنى من قرار الإقفال كما لا يمكن اقفال المصانع والمعامل التي تنتج المواد الغذائية والصناعية التي تزوّد المحال التجارية بحاجات المواطنين اليومية وكذلك الأمر بالنسبة للعسكريين والقطاع الطبي والاستشفائي والمصارف، لذلك قرار الإقفال وتعاميم وزارة الداخلية جاءت لتؤمن التوازن بين موجبات الخطر الصحي والضرورات الحياتية للمواطن في مرحلة الحجر".
إلا ان مصادر مطلعة توقعت لـ"البناء" أن "تواجه الحكومة والاجهزة الامنية عقبات عدة خلال تنفيذ قرار الاقفال وتعاميم وزارة الداخلية لا سيما عقبات اجتماعية وأمنية وقضائية، في ظل تفشي حالة الفقر في لبنان بنسب متقدّمة عالمياً ما سيدفع العمال لا سيما الفقراء والمياومين والأجراء منهم الى ابتداع اساليب عدة لمزاولة اعمالهم في الليل والنهار لتحصيل قوت يومهم، كما أن العديد من المواطنين سيسترقون الانتقال على الطرقات بعيداً من أعين الاجهزة الامنية، فيما سيشكل إدراج المخالفين للقرار ضمن المواد القانونية التي تجرمهم بعقوبات تصل الى حد السجن، عقبات أمام تنفيذ هذا الأمر الذي سيخضع لاستنساب القضاء في نهاية المطاف".
أما تدبير المفرد والمزدوج فسيفاقم الأزمة بحسب المعلومات التي أكدت بأن اعادة العمل بهذا الإجراء أتى بناء على إصرار من وزارة الداخلية، أمّا وزارة الصحة فلا تزال رافضة لهذا القرار من منطلق أنّه لا يُساهم إيجابًا في التصدّي لفيروس كورونا، لا سيما أنه سيجبر المواطنين على التنقل في سيارة واحدة ضمن العائلة الواحدة أو عبر النقل الخاص "التاكسي" ما يرفع نسبة خطر العدوى.
إلا أن وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي لفت الى أنه "كان يفضل أن يكون الإقفال تاماً من دون استثناءات، لكن الوضع الاقتصادي في لبنان استثنائي وميؤوس منه". وأكد فهمي في حديث تلفزيوني أنه "لا يمكن إقفال المصانع بشكل كامل لأننا بحاجة إلى إنتاج مواد طبية وغذائية". وتمنى على المواطن أن يحافظ على عائلته وأمواله ومجتمعه من خلال التزام الإجراءات الوقائية، وقال: "محاضر الضبط ستصل إلى حد السجن 6 أشهر، وذلك بحسب المخالفة المسطّرة".
وأعلنت وزارة الصحة العامة تسجيل 3620 إصابة جديدة بفيروس كورونا، رفعت العدد الإجمالي للحالات المثبتة إلى 195759. كذلك، سُجلت 17 حالة وفاة جديدة، رفعت الإجمالي إلى 1516.
في غضون ذلك، ينتظر الملف الحكومي عودة الرئيس المكلف سعد الحريري الى بيروت، إذ لفتت معلومات "البناء" الى أن الحريري أمضى إجازة الإعياد في دولة الإمارات ولم ينتقل الى السعودية ولا الى باريس على أن يعود خلال أيام الى بيروت.
وأشارت أوساط في تيار المستقبل لـ"البناء" إلى أن "الرئيس المكلف لا زال ينتظر رد رئيس الجمهورية على الاقتراح الأخير الذي قدمه الحريري لحل العقد المتبقية، وبالتالي الجواب على توقيت تأليف الحكومة عند رئيس الجمهورية وليس عند الحريري الذي قام بما عليه". وأوضحت الأوساط أن "الحريري لن يقبل بحكومة تكرّر المراحل السابقة حيث كان بعض الأطراف يعطلون اي قرار لا يعجبهم وبالتالي يسيطرون على قرار الحكومة"، ولفت إلى "أنه لا يمكن أن يحتكر رئيس الجمهورية وفريقه السياسي الحقائب الأمنية والقضائية، فإذا نال رئيس الجمهورية الدفاع فيجب أن تؤول العدل الى رئيس الحكومة فيما تسند الداخلية إلى وزير مستقل يسميه الحريري بالتفاهم مع عون".
وعن إمكانية طرح الحريري لحلول أو مقترحات وسطية لتذليل العقد لفتت الأوساط المستقبلية إلى أن "المقترحات الوسطية هي الطرح الأخير الذي قدّمه الحريري لعون ولم يجب عليه حتى الآن، وهذا أقصى ما يمكن أن يصل اليه الحريري". ونفت المعلومات المتداولة عن إمكانية اعتذار الحريري عن استمراره بعملية التأليف إذا ما بقي الوضع على حاله. مؤكدة أن خيار الاعتذار غير وارد إطلاقاً.
وتساءلت الأوساط عن سبب خوف رئيس الجمهورية وهو الذي يقول بأنه وحلفاءه يمتلكون الأكثرية النيابية، مضيفة: لماذا لا يوقع عون مرسوم الحكومة ويترك اللعبة الديموقراطية للمجلس النيابي".
وشهد يوم أمس، تصعيداً في المواقف على خط بيت الوسط - ميرنا الشالوحي، ما يؤشر الى أن مناخ الحريري سيتسم بالتصعيد وبالتالي سنكون أمام جولة جديدة من الموجهة بين بعبدا وبيت الوسط.
ودعا تكتل لبنان القوي خلال اجتماعه الدوري إلكترونياً برئاسة النائب جبران باسيل، الحريري الى "تحملّ مسؤولياته والقيام بواجباته الوطنية والدستورية فيتوقف عن استهلاك الوقت ويعود من السفر لينكبّ على ما هو مطلوب منه وعدم اختلاق العراقيل الداخلية لإخفاء الأسباب الحقيقية وراء تأخير عملية التشكيل".
وشدد التكتل على أن "قوة لبنان تنبع من وحدة موقفه في ما يخص حماية السيادة والاستقلال وهذا يستوجب إعادة التذكير بأن لبنان بحدوده وأرضه وجوّه وبحره وثرواته يتعرّض لتهديد إسرائيلي، كانت آخر مظاهره الخرق الجوي المتكرر والكثيف في الأيام الماضية. ويدعو التكتل للحفاظ على عناصر القوة اللبنانية لتكون في خدمة لبنان ووجهة استعمالها الدفاع عنه، فتبقى تتمتع بالغطاء الوطني اللازم لها".
كلام التكتل، استدعى رداً من الحريري عبر مكتبه الاعلامي الذي أكد بأن "الرئيس المكلف قام بواجباته الوطنية والدستورية على أكمل وجه وقدم لرئيس الجمهورية تشكيلة حكومية من اختصاصيين غير حزبيين مشهود لهم بالكفاءة والنجاح وهي تنتظر انتهاء رئيس الجمهورية من دراستها". واضاف: "وفات تكتل لبنان القوي أن الجهة التي عطلت البلد اكثر من سنتين ونصف السنة هي آخر من يحق لها إعطاء دروسٍ بالتوقف عن استهلاك الوقت واختلاق العراقيل". وتابع مكتب الحريري: "وفات تكتل لبنان القوي ورئيسه ايضاً ان المشكلة واضحة وعنوانها معروف من قبل الجميع وهي داخلية عبر التمسك بشروط تعجيزية تنسف كل ما نصت عليه المبادرة الفرنسية وتقضي على اي امل بمعالجة الازمة بدءاً من وقف الانهيار وصولاً الى اعادة اعمار ما هدمه انفجار المرفأ".
أمام هذا المناخ التصعيدي، شدد المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم على أن بكركي ستستأنف مساعيها لتسريع تأليف الحكومة مع عودة الحريري إلى بيروت. وفي حديث إذاعي، أكد ابراهيم أن زيارته البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي "كانت للتهنئة بالأعياد، ومن الطبيعي أن يتم التداول في الشأن العام معه، وخصوصاً أن له ما له من اهتمام في هذا الشأن". وأوضح "أنني لا أقول على الاطلاق إن مساعي البطريرك أحبطت، فهو مستمر في ما يقوم به في كل الاتجاهات وربما تكون الأعياد وغياب الرئيس المكلف سعد الحريري عن لبنان جمدا هذا الحراك، وأنا أكيد أنه سيستأنف الحركة في الأيام المقبلة وفي الاتجاهات المناسبة للمساعدة على الحلحلة".
وفي ما يتعلق بتشكيل الحكومة والكلام عن تباعد بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف لفت إلى "أننا لم نتجاوز بعد المعدل الزمني العام لتأليف الحكومات في لبنان، وليس الثلث المعطل أو الضامن هو العقدة على الإطلاق، إنما تبقى بعض التفاصيل، خصوصاً أن العمل يتم على حكومة اختصاصيين في بلد عز فيه الاختصاص بعيداً من السياسة". وشدد على أن "المبادرة الفرنسية، في عناوينها الكبرى لا تزال قائمة، مرجحاً أن تكون هذه المبادرة وعناوينها بوصلة البيان الوزاري وتالياً العمل الحكومي، وسيكون هذا التوجه عنواناً لإنقاذ لبنان من الوضع القائم الذي نتخبّط فيه".
وفي ظل التشاؤم الذي ساد الملف الحكومي، وقرار إقفال البلد، سجل سعر صرف الدولار في السوق السوداء ارتفاعاً مقابل الليرة اللبنانية وبلغ مساء أمس، عبتة الـ 8650 ليرة للشراء و8700 ليرة للمبيع.
على صعيد آخر، وبمناسبة الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد قائد فيلق القدس قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، أقامت بلدية الغبيري وجمعية "سياج" حفلاً أزيح الستار خلاله عن النصب التذكاري لسليماني، وذلك في الشارع الذي يحمل اسمه في الغبيري، بحضور القائم بأعمال سفارة الجمهورية الإسلامية وعدد من الشخصيات البلدية والعلمائيّة والاجتماعية.
وبعد أخذ ورد على خلفية كلام قائد القوة الصاروخية في الحرس الثوري الايراني، والتحريض الذي يمارسه البعض في الداخل لإصدار موقف رسمي يدين الكلام الايراني، أوضح وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال شربل وهبه أن "كلام القائد العسكري في الحرس الثوري الايراني لا يمثل الحكومة الايرانية، ولهذا نحن لم نرد بالطرق الدبلوماسية. وهناك أصول للردود وتصريحي كما تغريدة رئيس الجمهورية ميشال عون يكفيان". ورأى وهبة في حديثٍ تلفزيوني أن "وضع تمثال أو صورة في أي ساحة وبلدية لا يؤثر على السيادة اللبنانية ونحن لسنا واجهة لأيّ طرف"
************************************************************************
افتتاحية صحيفة الأخبار:
فشل مواجهة السلاح الدقيق لحزب الله: تعذّر خيارات إسرائيل
منذ عام 2016، بدأ العدوّ الإسرائيلي الحديث علناً عن سعيه إلى مواجهة مشروع "الصواريخ الدقيقة" لدى حزب الله. تل أبيب وضعت نصب عينيها منع الحزب من امتلاك صواريخ دقيقة، سواء عبر نقلها إلى لبنان، أو عبر تصنيعها فيه، أو تحويل مخزونه من الصواريخ غير الدقيقة إلى صواريخ دقيقة. المسعى الإسرائيي فشل. فهل من خيارات بديلة لدى العدو؟
عودة إلى النقطة الصفر. مساعي "إسرائيل" وجهودها، المعلنة وغير المعلنة، فشلت في إيقاف تزوّد حزب الله بالصواريخ الدقيقة. والفشل هنا ممتدّ بمعنى أنه متواصل وبمستوى وتيرة التطوير والتصنيع اللذين تتحدث عنهما تل أبيب.
هل يستدعي ذلك أن "يدرس" العدو خياراته من جديد، أو ما تبقى منها، للحؤول دون تواصل الفشل ومراكمة المقاومة منبع قوة إضافية، من شأنها في حال تعاظمها أن تصعّب على "إسرائيل"، وبمستوى عالٍ جداً، المناورة على اختلافها في مواجهة لبنان، وربما أيضاً في الإقليم؟
الانتقال من التعاظم الكمّي الذي بات مُشبَعاً إلى مسار التعاظم النوعي الدقيق، وهو ما تسمّيه "إسرائيل" مشروع "دقة صواريخ حزب الله"، جاء نتيجة مخاض عسير وطويل وشاقّ، تخلّله جهد إسرائيلي في أكثر من اتجاه ومستوى، مع أفعال عدائية مباشرة وغير مباشرة، معلنة وغير معلنة، وكم هائل من التهديدات التي تواصلت وتركزت في العامين الماضيين، ولم يكن ينقصها شيء لرفع مستواها وتظهير جديتها بعد مشاركة الجانب الأميركي فيها وتبنيها بالكامل.
إلا أن المواجهة هي على خطّ تعاظم عسكري نوعي للمقاومة لم ينته. ويتعذّر تصور انتهائه. المعنى المقصود هو أن أسئلة الأمس هي نفسها أسئلة اليوم، وكذلك هي أسئلة المقبل من الأيام: هل تباشر "إسرائيل" حربها على لبنان، وهذه المرة لمنع التطور النوعي لسلاح حزب الله؟
في الأمس، كانت الحرب، والبحث في إمكاناتها، محلاً لأسئلة لا تنتهي: هل تبادر "إسرائيل" إلى شن الحرب في حال تجاوز عدد الصواريخ التي باتت في حوزة حزب الله الأربعين ألفاً؟ ثم تطورت الأسئلة إلى البحث في عتبة الستين ألفاً، فالثمانين، ومن ثم المئة ألف، فالمئة والسبعين ألفاً. لكن الحرب لم تنشب. وتوقفت "إسرائيل" عن العَدّ. والجانبان، انتقلا من معركة العدد والكم إلى معركة المدى والقدرة التدميرية، بين سعي المقاومة إلى مراكمة قوة تدميرية تصل إلى كل نقطة جغرافية في فلسطين المحتلة، وبين سعي مقابل إلى منع هذا التعاظم، الذي عُدّ في حينه تجاوزاً لكل الخطوط الحمر. وتكفي مراجعة التصريحات والتهديدات الإسرائيلية في العقد الأخير وما قبله، للعودة إلى أجواء توثب العدوّ نحو الحرب، وهي كانت لدى البعض وشيكة. فـ"إسرائيل" لا تقوى على التعايش مع تهديد من هذا النوع: قوة تدميرية كبيرة جداً، ووسائل صاروخية لإيصال هذه القوة إلى وسط فلسطين المحتلة وأقصى جنوبها.
مع ذلك، بلورت "إسرائيل" في حينه نظريات وآراء ومواقف عملياتية، لتبرّر فشلها في صدّ التعاظم النوعي التدميري الطويل المدى لحزب الله، ومن ثم التعايش مع هذا الفشل، عبر نظرية ردع المقاومة عن استخدام الترسانة التدميرية، وإن كانت المواجهة الإسرائيلية في الأساس هي لردع المقاومة عن امتلاك هذه القوة. فهذه القوة قادرة على ردع إسرائيل بمجرد امتلاكها مع الاستعداد لاستخدامها في مستوى دفاعي، (وهذه هي وجهة حزب الله واستراتيجيته في مواجهة العدو).
الا أن الكلام عن المدى والقدرة التدميرية تراجع كثيراً، أمام خيارات بديلة وجدت "إسرائيل" أنها كافية في ذاتها لإنهاء سلاح حزب الله، الكمّي والتدميري، بل أيضاً إنهاء حزب الله بوصفه مقاومة للاحتلال. كانت المسألة في متناول يد "إسرائيل" وكان عليها حصراً أن تنتظر النتائج. لكن مآل الحرب السورية ناقض أمل "إسرائيل" ومساعيها، فعادت المواجهة إلى النقطة الصفر. لكن هذه المرة مع تجاوز وتعايش قسري للكمّ والمدى والقدرة التدميرية، مع "ظهور" معركة أكبر من المعركتين الأوليين وأكثر تهديداً لـ"إسرائيل": مشروع دقّة الصواريخ، تطويراً وتصنيعاً.
فشل الرهان السوري البديل
شكّلت الحرب على سوريا خياراً بديلاً لـ"إسرائيل"، يقيها مواجهة عسكرية مباشرة ضد المقاومة لصدّ ومنع أو حتى تأخير تعاظمها العسكري، في مستويات ما قبل الدقة. وهو خيار شبيه بخيار الرهان على تطورات الداخل اللبناني المشبع بالخصومة في وجه حزب الله، وتحديداً بعد خروج الجيش السوري من ساحة التأثير عام 2005، وهو الخيار الذي فشل واستتبع من "إسرائيل" والولايات المتحدة تفعيل الخيارات العسكرية عام 2006.
إلا أن الفشل الإسرائيلي في التصدي للتعاظم في مستوى (ونوع) تسلّحي ما، يستدعي بالضرورة تعاظم ثمن المقاربات المتطرفة للعدوّ إنْ قرر خوض المواجهة العسكرية من جديد مع فشل الخيارات البديلة. فإن كان الفشل ــــ الذي منيت به إسرائيل بعدما راهنت على الاشتباك الداخلي في لبنان لإضعاف حزب الله ــــ استدعى منها حرباً مع أول فرصة بانت لها عام 2006، إلا أن فشل الرهان على الخيار البديل الآخر لإضعاف حزب الله واجتثاثه عبر الحرب السورية، لم يستدع من إسرائيل مباشرة حرب في أعقاب الفشل الجديد. تكلفة الحرب باتت بمستوى أعلى وأكثر إيذاءً. وما كان يمكن الرهان عليه عسكرياً عام 2006، لم يعد بالإمكان الرهان عليه، باطمئنان، في أعقاب عام 2015، عندما تلمست إسرائيل فشل رهانها على الساحة السورية وانقلابها على محور المقاومة.
لكن ما بين الفشل والفشل، تعاظمٌ إضافيّ لقدرات حزب الله، يرفع من جديد تكلفة الحروب الإسرائيلية إن بادر العدو إليها. فكان الخيار الذي واجهت به تل أبيب حزبَ الله هو خليط مما تبقى من أشلاء خيارات سابقة، كان الهدف منها إشغال حزب الله بانتظار خيار بديل، هذه المرة وصل إلى طهران نفسها، والرهان كان على أن سقوط النظام الإسلامي في إيران يُسقط حزب الله، بل وكل قوس التهديدات القائمة في وجه "إسرائيل".
صاحَبَ الرهانَ على إسقاط إيران و/ أو إخضاعها عبر الحليف الأميركي وحصاره لها، تطورٌ هائل وبمستويات غير مسبوقة في سياق المواجهة بين الجانبين، ويتمثل في "مشروع الدقة" الذي بدأت إسرائيل تصرخ وتتحدث عنه علناً منذ عام 2016. وتهديد "الدقة" يصغر معه أي تهديد آخر على أهميته، مهما كان حجمه ومستوياته. و"يكفي أن يكون لديك عشرون صاروخاً دقيقاً لتغيّر وجه المعركة"، بحسب ما ورد على لسان أحد قادة العدو العسكريين، قائد المنطقة الشمالية السابق في جيش الاحتلال، اللواء يؤال سترايك.
سقوط الخيارات البديلة من المبادرة العسكرية الإسرائيلية لمواجهة تعاظم حزب الله، مع الوافد الجديد على هذا التعاظم وهو دقة الصواريخ ووسائل قتالية أخرى مكشوفة وغير مكشوفة، يستدعي من "إسرائيل" ــــ أو بتعبير أدق: استدعى منها ــــ دراسة خياراتها، ومن بينها بطبيعة الحال الخيار العسكري الموسع. فإلى أين وصلت هذه "الدراسة"؟
من الواضح أن "إسرائيل" ما كانت لتتبع أي خيار بديل من الحروب ما لم تكن تكلفتها أعظم من فائدتها، وهو في الأساس ما دفعها إلى السعي والرهان على الخيارات البديلة للحرب في مواجهة حزب الله، طالما أن الرهان معقول ومقدّر له النجاح في تحقيق نتيجة الحرب نفسها، بلا تكلفة. لكن مع كل مرة تفشل فيها البدائل، تتعاظم ــــ مع تعاظم السلاح ــــ تكلفة الحروب، فتندفع "إسرائيل" أكثر الى البدائل. فهل ينطبق ذلك على مشروع الدقة؟ السؤال كبير جداً ومتشابك في ذاته، ويمكن أن تستتبعه إجابات في أكثر من اتجاه.
المؤكد أن "إسرائيل" الآن ــــ كما منذ أشهر ــــ مدركة وفق تقديراتها أن الخيار البديل في إسقاط إيران أو إخضاعها عبر الأميركيين، وصل أيضاً إلى الفشل، وأن دراسة الخيارات ومن بينها الخيارات العسكرية وُضعت طويلاً على طاولة القرار. فهل ارتدّت هذه الخيارات إلى الخلف؟ هل البحث جارٍ عن خيارات أخرى بديلة غير عسكرية؟ أم أن المعركة مقبلة وتوقيتها مؤجل؟
المؤكد أن ثمن الحروب الإسرائيلية في مواجهة لبنان لم يعد كما كان عليه في الماضي، وهو ثمن لا يُقارن مطلقاً بالثمن الذي دفعته عام 2006. وهذا الثمن هو، حصراً، ما يدفع العدو إلى التراجع عن أي توثب للمبادرة إلى المواجهات العسكرية ضد الساحة اللبنانية تحديداً. ولا يغيّر من هذه المعادلة أنّ بإمكان "إسرائيل" أن تلحق ضرراً بلبنان أكثر بكثير مما يمكن للمقاومة إلحاقه بها.
في سياق تحذيرات سترايك أيضاً، يجب التنويه بالترسانة الصاروخية وغير الصاروخية، بمستوياتها التقليدية، الموجودة في حوزة حزب الله، التي من شأنها أن تسلّط الضوء على جزء من عوامل التأثير في وجه أي قرار إسرائيلي بالاعتداء على لبنان. كتبت صحيفة "جيروزاليم بوست" (15 كانون الأول 2020)، وقبلها وسائل إعلامية عبرية مختلفة، عن قدرة حزب الله العسكريّة في أي حرب مقبلة، لتؤكد نقلاً عن مصادر عسكرية أن بإمكانه إطلاق ما يصل إلى 4000 صاروخ وقذيفة في اليوم، مقارنة بإجمالي أقل من 4000 صاروخ أطلقت خلال حرب تموز 2006. وللحديث صلة...
**********************************************************************
افتتاحية صحيفة الديار:
زحمة واختلاط وارتفاع بأعداد مصابي كورونا يسبق الاقفال العام الحكومة تنتظر انتهاء عطلة الرئيس المكلف وبعبدا تعول على تعديلاته جعجع في هجوم عنيف على حزب الله..ومقربون من الحزب: ينفذ تعليمات أميركية
كالعادة، وقبل كل اقفال عام تقرر الدولة اعلانه بغية السيطرة على تفشي وباء "كورونا"، يتهافت اللبنانيون وبأعداد كبيرة خلال الايام والساعات التي تسبق ساعة الصفر لانهاء اعمالهم المستعجلة وشراء حاجياتهم، ما يشكل عاملا اساسيا يرفع اعداد المصـابين التـي يتوقـع ان تواصل ارتفاعها على مدى اسبوع كامـل قبل ان نلمـس بعض التراجع في الايام والاسـابيع التـي سـتلي.
وفيما سجلت وزارة الصحة يوم امس 3620 اصابة بكورونا و17 وفاة، شككت مصادر نيابية بفعالية الاقفال العام وسط الإجراءات التي لا تزال غير مشددة، منبهة في حديث لـ"الديار" من "اننا بتنا ندور في حلقة مفرغة بحيث نعلن عن قرار الاقفال فيتهافت الآلاف للاختلاط قبل بدء العمل به، وبعده ونتيجة اجراءالمفرد والمجوز يزداد الاختلاط من دون ان ننسى لجوء اللبنانيين للحفلات داخل المنازل بسبب اقفال المطاعم والمقاهي، ما يعني اننا نوجه ضربة قاضية للاقتصاد من دون ان نتمكن من خفض اعداد المصابين الا لاسبوع او اثنين، ما يحتم تحمل المواطنين مسؤولياتهم والاهم قيام المستشفيات الخاصة بواجباتها لجهة تأمين اقسام واسرة لمرضى كورونا".
وكان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قد وقع يوم امس الموافقة الاستثنائية بالاغلاق الكامل اعتبارا من يوم الخميس 7 كانون الثاني الجاري ولغاية صباح الاثنين في الأول من شباط المقبل في اطار مواجهة انتشار "كورونا" في البلاد، وذلك بناء على اقتراح رئيس مجلس الوزراء واللجنة الوزارية المكلفة متابعة داء "كورونا". كما اعلن عون عن موافقته على اقتراح وزير الصحة، توقيع العقد مع شركة " فايزر" لشراء اللقاحات اللازمة، وهي تزامنت مع مواقف رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب على طلب وزير الصحة تفويضه توقيع العقد مع شركة "فايزر" لتأمين لقاح كورونا وذلك وفقًا للشرط الذي وضعته الشركة والذي يتطلب موافقة رئيسي الجمهورية والحكومة.
ولفت يوم امس ما اعلنه رئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاصم عراجي لجهة مفاجأة اللجنة بالتدابير التي اتخذتها الحكومة والتي قال انها اتت مشابهة بالمرات السابقة ومع استثناءات كثيرة. وشدد على "أننا بوضع خطير وامكانياتنا اضعف بكثير من بريطانيا التي اعلنت الاغلاق الشامل" متوقعا ارتفاع اصابات كورونا في الايام الـ10 المقبلة، موضحاً أن الخوف من الاصابات الخطيرة لان لا اسرة فارغة في غرف العناية الفائقة.
وباجراء تصعيدي بوجه المستشفيات الخاصة التي ترفض تخصيص اقسام واسرة لمرضى "كورونا"،أعلن وزير الصحة في حكومة تصريف الاعمال حمد حسن إستراتيجية التعاطي مع المستشفيات خلال المرحلة الطارئة من المنحنى الوبائي لجائحة كورونا. وتم إعطاء مهلة أسبوع للمستشفيات من أجل إستحداث أو تخصيص قسم ICU للكورونا تنتهي نهار الإثنين 11/1/2021 على ان يتم تخفيض تصنيف المستشفيات غير الملتزمة وتعليق العقود معها من قبل الهيئات والصناديق الضامنة كافة.
وبعكس المستجدات المتسارعة على خط "كورونا"، لا يزال الملف الحكومي في اجازة الاعياد، بانتظار عودة رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري الى بيروت لاعادة اطلاق عجلة المفاوضات الحكومية. وقالت مصادر قريبة من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لـ"الديار" ان "لا معطيات جديدة منذ اللقاء الاخير بين الرئيسين قبل سفر الحريري"، لافتة الى انهما "كانا يدرسان الصيغة المقترحة من الحريري وكانت هناك ملاحظات من الرئيس عون عليها مرتبطة بشكل اساسي بضرورة احترام الصيغة للمعايير الواحدة". واضافت المصادر: "كانت هناك اقتراحات من الرئيس عون اعرب الرئيس الحريري عن رغبته في درسها وجاءت العطلة".
وشددت المصادر على ان "الرئيس عون كان ولا يزال يتمسك بوحدة المعايير في توزيع الحقائب على الطــوائف واحترام مبدأ الاختصاص والخبرة والكفاءة والعدالة"، موضحة ان "في الصيغة المعروضة كانت هناك ثغرات كان من المفترض ان تعالج، لذلك من المفترض ان يستأنف النقاش من حيث توقف عند عودة الرئيس الحريري".
وبالامس، طمأن المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم الى "أننا لم نتجاوز بعد المعدل الزمني العام لتأليف الحكومات في لبنان" مؤكدا ان "الثلث المعطل أو الضامن ليس هو العقدة على الإطلاق، إنما تبقى بعض التفاصيل وخصوصا أن العمل يتم على حكومة اختصاصيين في بلد عز فيه الاختصاص بعيدا عن السياسة". وقال: "اما بخصوص المبادرة الفرنسية، بعناوينها الكبرى لا تزال قائمة، ومن المرجح بعد تأليف الحكومة أن تكون هذه المبادرة وعناوينها بوصلة البيان الوزاري وبالتالي بوصلة العمل الحكومي، وسيكون هذا التوجه عنوانا لإنقاذ لبنان من الوضع القائم الذي نتخبط فيه".
وعلى خط المواقف السياسية، برز يوم أمس تصعيد قواتي غير مسبوق بوجه حزب الله.
فخلال لقاء عقد في المقر العام في معراب، رد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع على امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله وبالتحديد قوله إن المقاومة تحمي لبنان وتحافظ على حقوقه، ورد جعجع بالقول: "فبالله عليك يا سيد حسن فنحن لا نريد مـنك أن تحافــظ على لبنان ولا أن تحمي حقوقه. جل ما نريده منك هو عدم التعدي على لبنان واللبنانيين، إذ لم يسبق أن انتهكت سيادة لبنان كما هي منتهكة اليوم، ولم يســبق أن ذل الشعب اللبناني كما هو مذلول اليوم، ولم يسبق أن شهد البلد انهيارا كما هي الحال اليوم، ولم يسبق أن خسر لبنان صداقاته العربية والغربية كما هو حاصل اليوم، ولم يسبق أن تحول جواز سفر اللبناني إلى مهزلة على غرار ما هو عليه اليوم، وذلك كله بسبب مقاومتك".
ووضعت مصادر قريبة من حزب الله التصعيد القواتــي في اطار "تنفيذ اجندة وتعليمات اميركية"، مرجحة في حديث لـ"الديار" ان "نشهد المزيد من التصعيد والصراخ الذي لن يلبث ان يتلاشى مع استلام ادارة جو بايدن مقاليد الحكم في الولايات المتحدة الاميركية".
*********************************************************************
افتتاحية صحيفة اللواء:
التكتل العوني يسمّم سنة التأليف.. والحريري يرد الكرة إلى بعبدا إصابات الكورونا تلامس الـ الأربعة آلاف.. واعتراض صحي على استثناءات الإقفال
عند الخامسة من فجر غد الخميس، وهو يوم عطلة رسمية لمناسبة عيد رأس السنة لدى الطوائف الأرمنية، يدخل لبنان تجربة جديدة من الاقفال التام، بهدف معلن هو حماية المنظومة الصحية من الانهيار، العاجزة دفاعاتها عن مواجهة الهجوم الشرس لجائحة كورونا، التي "كيّعت" الكرة الأرضية من سهولها إلى جبالها وقطبيها الشمالي والجنوبي.
ففي لبنان، الذي يبدأ اقفالاً سمِّي عاماً، لا صوت يعلو فوق صوت "المعركة ضد كورونا"، فإذا كانت النتائج في الأيام الأربعة الأولى من الاغلاق غير جيدة، فذلك لا يطمئن، انطلاقاً من ان هذا الاقفال لا يشبه الاقفالات السابقة، فهو يتضمن الكثير من الاستثناءات وليس شبيها بالتعبئة العامة التي أقرت عند الأقفال الأول في آذار ????. وأشارت إلى أنه عند بدء القرار سيصار إلى رصد نتائجه اقله بعد اسبوع مع العلم ان هناك توقعات أن ترتفع نسبة الإصابات في الأيام المقبلة.?
وأكدت المصادر المتعلقة ان لا معلومات عن تعديل قرار الأقفال منذ الآن وكله ينتظر النتائج وتعاطي المواطنين مع الأقفال ونسبة الالتزام.
من جهتها مصادر في لجنة متابعة كورونا قالت لـ"اللواء" أن الالتزام بالاقفال يجب أن يكون جديا كما أن يكون التنفيذ صارما معلنة أن المستشفيات وصلت إلى حد القدرة الاستيعابية وهناك مرضى في الطوارئ.
وعلى وقع صرخات الاطقم الطبية والصحية والتمريضية، في ضوء تنامي اعداد الإصابات (11 إصابة يوم امس) وامتلاء الأسرة المخصصة للمصابين بـ"Covid-19" في المستشفيات، وتناقص القدرات المتاحة لمعالجة الحالات الخطيرة في العنايات الفائقة، وفقدان الأدوية حتى البسيطة، بما في ذلك أجهزة التنفس التي أخفيت في الأسواق، والوقوف على أطلال عدم الوفاء بالتجهيزات، وزيادة اعداد الأسرة.. والذهاب إلى اقفال، اعترضت على فعاليته لجنة الصحة النيابية، نظراً لقلة جدواه، قياساً على التجارب الماضية.. كان "التواصل الاول" بعد عودة الرئيس المكلف سعد الحريري إلى بيروت، من إجازة عائلية خاصة، مع التيار الوطني الحر، ورئيسه جبران باسيل، رئيس تكتل "لبنان القوي" ذي "وقع تشاؤمي" في ضوء الرد الحاسم والعاجل، من مكتب الرئيس المكلف على رمي كرة النار المتعلقة بتأخير التأليف إلى ملعب بيت الوسط..
وجاء في الرد: فات تكتل لبنان القوي ورئيسه ان المشكلة واضحة، وعنوانها معروف من قبل الجميع، وهي داخلية عبر التمسك بشروط تعجيزية، تنسف كل ما نصت عليه المبادرة الفرنسية وتقضي على أي أمل بمعالجة الأزمة، بدءاءً من وقف الانهيار وصولاً إلى إعادة اعمار ما هدمه المرفأ.
ووصفت مصادر سياسية بيان "تكتل لبنان القوي" بانه يحاول تجاهل مسؤولية رئيس الجمهورية ميشال عون عن عرقلة وتعطيل تشكيل الحكومة الجديدة، وتحميل هذه? المسؤولية زورا للرئيس المكلف سعد الحريري، بينما يعرف الجميع ان الاخير عقد العديد من لقاءات التشاور مع رئيس الجمهورية وبعد جوجلة للافكار والمقترحات، سلمه الرئيس المكلف تشكيلة الحكومة من اختصاصيين على اساس المبادرة الفرنسية استنادا لصلاحياته الدستورية، وحتى الساعة? لم يقرر عون موقفه بالرفض او الموافقة على التشكيلة الوزارية حسب الدستور، بينما تبقى كل المحاولات الملتوية للاعتراض او تقديم تشكيلة مقابلة خارج الصلاحيات الدستورية، ولن تغير في آلية تشكيل الحكومة شيئا، بل تؤدي حتما الى تسميم الاجواء السياسية وعرقلة ولادة الحكومة العتيدة كما هو حاصل اليوم.
واعتبرت المصادر ما تضمنه بيان التكتل المذكور بخصوص موقف مسؤول الحرس الثوري الايراني الاخير الداعي الى اعتماد لبنان منصة لمواجهة إسرائيل، بانه يشكل تراجعا فاضحا عن الموقف الذي اعلنه رئيس الجمهورية ويعبر عن التماهي المكشوف مع موقف "حزب الله" خلافا لارادة معظم اللبنانيين الذين يرفضون الموقف الايراني ويعتبرونه تدخلا بالشؤون اللبنانية واعتداء على سيادة واستقلال لبنان.
واشارت المصادر إلى ان موقف التكتل المذكور لاقاه وزير الخارجية بموقف مشابه يقلل من مركز المسؤول الايراني، ما يؤشر بوضوح الى استياء واضح لحزب الله من موقف رئيس الجمهورية، مما اضطر التكتل الى التراجع عنه.
الحكومة: تجدد الاشتباك
سياسياً، يعود الرئيس المكلف سعدالحريري الى بيروت اليوم لإستئناف إتصالاته حول تشكيل الحكومة، لكن يبدو ان امراً ما طرأ فأخّر عودته، وربما تكون باريس قد وضعت على برنامج حركته خلال العطلة المستمرة الى ما بعد عيد الميلاد لدى الارمن الارثوذوكس المصادف اليوم.
وفي الانتظار، أعلن المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم في حديث إذاعي امس، "أن بكركي ستستأنف مساعيها لتسريع تأليف الحكومة مع عودة الرئيس الحريري إلى بيروت"، منبّها في المقابل إلى أن "لا مؤشرات حقيقية إلى اتجاه الادارة الأميركية إلى التخلي عن سياسة العقوبات، قبل تسليم مقاليد السلطة? إلى الرئيس المنتخب جو بايدن".
وفي ما يتعلق بتشكيل الحكومة والكلام عن تباعد بين الرئيسين عون والحريري، لفت إلى "أننا لم نتجاوز بعد المعدل الزمني العام لتأليف الحكومات في لبنان، وليس الثلث المعطل أو الضامن هو العقدة على الإطلاق، إنما تبقى بعض التفاصيل وخصوصا أن العمل يتم على حكومة اختصاصيين في بلد عز فيه الاختصاص بعيدا من السياسة". وشدد على أن "المبادرة الفرنسية، في عناوينها الكبرى لا تزال قائمة، مرجحا أن تكون هذه المبادرة وعناوينها بوصلة البيان الوزاري وتاليا العمل الحكومي، وسيكون هذا التوجه عنوانا لإنقاذ لبنان من الوضع القائم الذي نتخبط فيه".
ولوحظ ان تكتل لبنان القوي دعا بعد إجتماعه امس، "رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري الى تحملّ مسؤولياته، والقيام بواجباته الوطنية والدستورية، فيتوقف عن إستهلاك الوقت ويعود من السفر لينكبّ على ما هو مطلوب منه، وعدم اختلاق العراقيل الداخلية لإخفاء الأسباب الحقيقية وراء تأخير عملية التشكيل".
كمادعا التكتل "الحكومة المستقيلة للقيام بواجباتها الدستورية والوطنية". وقال: وهي مُلزمة خصوصاً عندما يتصل الأمر بأمن اللبنانيين وحياتهم سواء في مواجهة كورونا أو ترشيد الدعم أو مكافحة الجريمة وطمأنة الناس الى سلامتهم. وينبه التكتل الحكومة المستقيلة الى أنه لا يوجد أي مبدأ دستوري يمنعها من القيام بواجباتها الى حين أن تتشكل حكومة بديلة.
ولم يتأخر ردّ الرئيس المكلف عبر مكتبه الإعلامي، إذ أكّد ان التكتل ورئيسه فاتهما أن الرئيس المكلف قام بواجباته الوطنية والدستورية على أكمل وجه وقدم لرئيس الجمهورية تشكيلة حكومية من اختصاصيين غير حزبيين مشهود لهم بالكفاءة والنجاح وهي تنتظر انتهاء رئيس الجمهورية من دراستها.
وفات تكتل لبنان القوي ان الجهة التي عطلت البلد اكثر من سنتين ونصف السنة هي آخر من يحق لها اعطاء دروسٍ بالتوقف عن استهلاك الوقت واختلاق العراقيل.
وبعد غد الجمعة، عند الثامنة والنصف مساءً، يتحدث الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله عن الأوضاع السياسية المحلية عبر شاشة "المنار".
تفاصيل الاقفال الكامل
ومع ذلك، لا زالت البلاد منشغلة بالتصدي لتوسع انتشار فيروس كورونا، حيث صدرت امس تفاصيل الاقفال الشامل مع الاستثناءات، ووقع رئيس الجمهورية ميشال عون? على الموافقة الاستثنائية على الاغلاق الكامل للبلاد اعتبارا من يوم غد الخميس وحتى اول شباط المقبل، فيما اصدرت رئاسة الحكومة مذكرة حددت فيها تفاصيل الاقفال والقطاعات المستثناة، وهي حسب المقرر واسعة قليلاً، وهو الامرالذي عارضته امس لجنة الصحة النيابية بالإجماع، حيث دعت الى عدم استثناء اي قطاع نسبة الى خطورة تفشي المرض.
وقد استعيض بمذكرة رئاسة الحكومة عن اجتماع المجلس الاعلى للدفاع الذي كان يجتمع عادة بعد رفع التوصية اليه من اللجنة الوزارية المكلفة متابعة كورونا.
وابرزماجاء في قرار الاقفال: الاغلاق الكامل من الساعة الخامسة مساء الى الخامسة صباحا. وتقليص حركة المسافرين من المطار الى 20 في المئة عما كانت عليه واخضاع الوافدين لفحص الكورونا. وعبر المعابر الحدودية البرية. والزام المستشفيات الخاصة تحت طائلة القانون بزيادة عدد اسرة العناية الفائقة حسب قدرة كل مستشفى.ومنع الخروج والتجول من السادسة مساء الى الخامسة صباح كل يوم ومنع التجول نهائيا يوم الاحد. ويبقى العمل قائما في الادارات الرسمية والبلدية والطبية والاطفاء والدفاع المدني وفي قطاعات الادوية ومراكز الخدمات الاجتماعية والافران والاتصالات والطاقة والمياه والمحروقات والمؤسسات الضامنة ومصرف لبنان والمصارف الخاصة، والقضاة والمحامين (للبت فقط بطلبات إخلاء السبيل)، والاعلام لكن بنسب عاملين تتراوح بين 20 و25 في المئة فقط لكل القطاعت الرسمية والخاصة.اضافة الى اقفال دور العبادة والغاء المناسبات الدينية على انواعها وتقييد حركة السيارات الخصوصية على انواعها وفق وفق المفرد والمزدوج وتحديد عدد الركاب في السيارات العمومية، وتكليف الوزارات المعنية التشدد في تطبيق هذه القرارات وغجراءات الوقاية.
وشملت الاستثناءات: محلات المواد الغذائية واللحوم والاسماك على انواعها، والمطاعم (ديليفري فقط)، وشركات تحويل الاموال ومحلات النظارات الطبية وشركات الشحن والتأمين والانترنت، والمولدات الخاصة وشركات صيانتها، وكالات السفر، ومزارع المواشي والاسماك، كاراجات الميكانيك والحدادة والبويا، المحامص والمطاحن، ومحلات بيع الزهور والشتول والاعلاف للماشية، والاسمدة والادوية الزراعية، والمطابع المخصصة فقط لطباعة اغلفة المواد الغذائية والصحية ومنشورات التوعية.ومستلزمات التعبئة والتغليف والحفظ.
وكشف رئيس لجنة الصحّة النيابية عاصم عراجي، أنه تفاجأ بالتدابير التي اتخذتها الحكومة، والتي أتت مشابهة للمرات السابقة ومع استثناءات كثيرة.
وأكد عراجي، أن لجنة الصحة مع الإقفال التام، مضيفاً: "المستهترون يتسببون بنقل الوباء إلى داخل البيوت وما شهدناه في فترة الأعياد معيب، ونتوقع ارتفاع الإصابات في الفترة القادمة والخوف الكبير من الإصابات الخطرة".
195759 إصابة
صحياً، سجلت وزارة الحة في تقريرها اليومي 3620 إصابة جديدة بفايروس كورونا و17 حالة وفاة، ليرتفع العدد إلى 195759 إصابة مثبتة مخبرياً منذ 21 شباط 2019.
*********************************************************************
افتتاحية صحيفة النهار:
طي صفحة الماضي وتكاتف ضد إيران وحزب الله في قمة العلا الخليجية
أكدت مخرجات القمة الخليجية الـ41 التي عقدت في مدينة العلا السعودية، إنهاء الأزمة الخليجية، كما شددت على عدم المساس بسيادة أي دولة أو استهداف أمنها. ووقّع قادة مجلس دول التعاون الخليجي "بيان قمة العلا" التاريخي، وأعلن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، تسمية القمة الخليجية الحالية بـ"قمة السلطان قابوس والشيخ صباح". وأضاف: "تواجهنا تحديات لمواجهة السلوك الإيراني التخريبي"، مشيراً إلى أن "البرنامج النووي الإيراني يهدد السلم والأمن الإقليمي والدولي".
وأشار البيان إلى رفض مجلس دول التعاون الخليجي "استمرار التدخلات الإيرانية"، الذي أدان "أعمال إيران الإرهابية"، مشيداً في الوقت عينه بقرارات الدول التي "صنفت حزب الله اللبناني منظمة إرهابية، في خطوة مهمة تعكس حرص المجتمع الدولي على أهمية التصدي لكل أشكال الإرهاب وتنظيماته على المستويين الدولي والإقليمي، وحث الدول الصديقة لاتخاذ مثل هذه الخطوات للتصدي للإرهاب وتجفيف منابع تمويله".
ورحب المجلس الأعلى بقرار الولايات المتحدة الأميركية تصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية، وأكد أهمية هذه الخطوة في التصدي للدور الخطير الذي يقوم به الحرس الثوري الإيراني كعنصر عدم استقرار وعامل توتر وأداة لنشر العنف والإرهاب في الشرق الأوسط وفي العالم بأسره. وأكد المجلس أهمية استمرار حظر تصدير الأسلحة التقليدية إلى إيران وتصديرها لها، واستمرار العقوبات المتعلقة بذلك.
كما أكد دعمه الإجراءات كافة التي تتخذها دول مجلس التعاون للحفاظ على أمنها واستقرارها أمام التدخلات الإيرانية في شؤونها الداخلية ودعمها للتطرف والإرهاب.
ودان المجلس الأعمال التي تستهدف أمن وسلامة الملاحة والمنشآت البحرية وامدادات الطاقة وأنابيب النفط، والمنشآت النفطية في الخليج العربي والممرات المائية، بوصفها أعمالاً تهدد أمن دول المجلس والمنطقة، وحرية الملاحة الدولية، وتقوض الأمن والسلم الإقليمي والدولي، بما في ذلك الاعتداء التخريبي الذي تعرضت له منشآت امدادات النفط للأسواق العالمية في المملكة العربية السعودية في (أيلول) سبتمبر 2019، وأظهر التحقيق الدولي ضلوع إيران فيه، مؤكداً وقوف دول المجلس مع ما تتخذه المملكة من إجراءات لحماية أمنها واستقرارها.
وتابع المجلس الأعلى لدول مجلس التعاون تطورات الأوضاع في لبنان، مؤكداً مواقفه وقراراته الثابتة بشأنه، وحرصه على أمنه واستقراره ووحدة أراضيه، وعلى انتمائه العربي واستقلال قراره السياسي، والوفاق بين مكونات شعبه الشقيق، معرباً عن أمله في أن يستجيب اللبنانيون لنداء المصلحة العليا والتعامل الحكيم مع التحديات التي تواجه الدولة اللبنانية، وبما يلبي التطلعات المشروعة للشعب اللبناني.
وأكد المجلس على مواقف مجلس التعاون الرافضة للتدخلات الأجنبية في الشؤون الداخلية للدول العربية من أي جهة كانت، وضرورة الكف عن الأعمال الاستفزازية عبر إذكاء الصراعات والفتن، والتأكيد على احترام مبادئ السيادة وعدم التدخل واحترام خصوصية الدول استناداً للمواثيق والأعراف والقوانين الدولية التي تنظم العلاقات بين الدول، وأن أمن دول المجلس هو رافد أساسي من روافد الأمن القومي العربي، وفقاً لميثاق جامعة الدول العربية. كما أكد المجلس على مواقفه الرافضة لأي تهديد تتعرض له أي دولة عضو ويشدد على أن أمن دول المجلس كل لا يتجزأ وعلى مبدأ الدفاع المشترك ومفهوم الأمن الجماعي، استناداً للنظام الأساسي لمجلس التعاون واتفاقية الدفاع المشترك.
وقال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله، إن "ما تم اليوم في القمة هو طي كامل للخلاف مع قطر وعودة كاملة للعلاقات الديبلوماسية، مؤكدا أنه مهما بلغت الخلافات في البيت الخليجي فإن حكمة القادة قادرة على تجاوز ذلك". وأكد أن "البيان الختامي للقمة (بيان العلا) يؤكد تكاتف دول الخليج في وجه أي تدخلات مباشرة أو غير مباشرة في شؤون أي منها، والعلاقات الراسخة، ويدعو لتوطيد العلاقات واحترام مبادئ حسن الجوار". وأشار إلى أن "القمة الخليجية أعلت المصالح العليا لمنظومة التعاون الخليجي، وأنها لم تكن لتحقق أهدافها لولا التكاتف والدور المهم للكويت والولايات المتحدة". وأوضح أن قمة العلا "أفضت إلى طي صفحة الماضي والتطلع إلى مستقبل يسوده التعاون والاحترام بما يحفظ أمن الدول واستقرارها".
ووفق بيان العلا، فإن القمة كان عنوانها: المصارحة والمصالحة، وقد أفضت لطيّ صفحة الماضي والتطلع إلى مستقبل يسوده التعاون. ولفت إلى أن توقيع مصر على بيان العلا توثيق للعلاقات الأخوية التي تربط مصر بدول مجلس التعاون الخليجي.
وفي كلمة الافتتاح، قال ولي العهد السعودي إن جهود الكويت والولايات المتحدة أدت بتعاون الجميع للوصول إلى اتفاق بيان العلا. ودعا إلى "توحيد الجهود لمواجهة التحديات في المنطقة، والتي تمثلها خصوصا برامج إيران النووية والباليستية، والمشاريع الهدامة التي ينفذّها وكلاؤها". وأشار إلى أن الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، "أوعز بإطلاق اسمَي السلطان قابوس (سلطان عُمان الراحل) والشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح (أمير الكويت الراحل) رحمهما الله، على القمة".
بدوره، أكد أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، أن القمة تأتي لدعم العمل الخليجي المشترك وتسعى لتحقيق ما تصبو إليه شعوب المنطقة.وثمّن أمير الكويت الجهود الأميركية لرأب الصدع بين دول المنطقة، قبل أن يوقع القادة الخليجيون على البيان الختامي للقمة و"بيان العلا".
وتم التمهيد لقمة العلا، بالإعلان الاثنين عن إعادة فتح الحدود البرية والمجال الجوي في السعودية أمام قطر.وبعد وقت قصير، كان في الإمكان مشاهدة سائقين جنوب الدوحة على طريق سلوى السريع الهادىء في العادة يسيرون نحو الحدود مع السعودية، مطلقين أبواق سياراتهم وملوحين بأذرعهم فرحا من سياراتهم. وقال هشام الهاشمي، وهو مواطن قطري من أم إماراتية، "سنتمكن من لقاء جميع السعوديين هنا، كما سيسافر القطريون لزيارة السعودية، وسنعود أصدقاء كما كنا في السابق".
وكان الأمير محمد بن سلمان في استقبال أمير قطر لدى نزوله من الطائرة في مطار العلا، وتعانق الرجلان اللذان كانا يضعان كمامة للوقاية من وباء كوفيد-19، وتبادلا بضع كلمات قبل أن يتجها الى سيارة ليموزين أقلتهما الى مكان الاجتماع وهو مبنى جدرانه الخارجية مغطاة بمرايا تعكس الصحراء المحيطة.
وهي الزيارة الأولى لأمير قطر الى المملكة منذ بدء الأزمة.
وترأس أمير دولة الكويت وفد بلاده، كما ترأس نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء العُماني فهد بن محمود آل سعيد وفد السلطنة في القمة الخليجية، نيابة عن السلطان هيثم بن طارق آل سعيد.
ومثل البحرين ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، نيابة عن الملك حمد بن ع?س? آل خليفة.
كما ترأس نائب رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن راشد، وفد بلاده في القمة، في حين مثل مصر وزير الخارجية سامح شكري.
وأفادت وكالة الأنباء السعودية "و ا س" أن الأمير محمد بن سلمان التقى أمير قطر على هامش القمة الخليجية. وأضافت: "جرى خلال خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، وسبل تعزيز العمل الخليجي المشترك".
*********************************************************************
افتتاحية صحيفة الجمهورية:
التأليف يتّضِح بعد بايدن.. ومجلس التعاون للتعامل الحكيم مع التحديات
يستمر الجمود مخيّماً على جبهة التأليف الحكومي، ويتوالى فصولاً في قابل الايام وربما الاسابيع، وجاء السجال المفاجىء بين الرئيس المكلف سعد الحريري وتكتل "لبنان القوي" قبَيل عودة الاول المنتظرة اليوم، ليؤكد انّ كل ما عُقد من آمال على حصول تفاهم قريب بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف يُفضي الى ولادة الحكومة قد ذهب هباء منثوراً... ما يجعل من الصعب التكهّن بموعد محدد لإنجاز الاستحقاق الحكومي، لأنّ غالبية الافرقاء السياسيين يتعاطون معه على أساس مصالحهم السياسية الخاصة وليس على اساس إطلاق ورشة حكومية فاعلة لإنقاذ البلاد من حال الانهيار الاقتصادي والمالي، فيما أملت قمّة دول مجلس التعاون الخليجي "أن يستجيب اللبنانيون لنداء المصلحة العليا والتعامل الحكيم مع التحديات التي تواجه الدولة اللبنانية، وبما يلبّي التطلعات المشروعة للشعب اللبناني".
علمت "الجمهورية" انّ الحريري، الذي يعود اليوم، لم يجر من الخارج اتصالات مع ايّ من الاطراف السياسية في شأن ملف التأليف الحكومي، فهو عائد كما ذهب على "حَطّة إيدو".
وأكدت مصادر مطلعة لـ"الجمهورية" ان لا أحد يعلم كيف ستسير الامور، وأنّ الكلام عن انّ المسار سيتّضح بعد تسلّم بايدن في العشرين من الجاري هو "حَكي ولاد زغار"، وكأنه باتَ هناك من يعتقد انّ بايدن سيدخل الى البيت الابيض ويقفل بابه، ويطلب أن يأتوا اليه بملف حكومة لبنان.
ورأت المصادر "انّ البيانات والبيانات المضادة بين "التيار الوطني الحر" ومكتب الحريري استبَقّت التفاؤل الذي شَعر به الناس في الساعات الماضية، واقفلت كل الابواب التفاؤلية حول امكانية إبرام تفاهم بين الطرفين منتصف الشهر او بعده بقليل، وهذه البيانات اكدت اننا لا نزال في المكان نفسه".
وعن السبب الحقيقي الذي يقف حاجزاً أمام ولادة الحكومة، اذا تم التقليل من التأثير الخارجي، قالت المصادر: "القصة واضحة، رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل يريد حكومة "على ذَوقه" ولا يزال في عقلية الاستئثار نفسها وكأنّ شيئاً لم يكن، والحريري من جهته لن يقبل التنازل عن الاطار الذي وضعه امام اللبنانيين والعالم لتشكيل الحكومة بمعايير مختلفة ومغايرة تماماً عن سابقاتها حتى لا يُقال انه يُعاود الكرّة، وانه ارتضى التسويات التي أدت الى انهيار البلد فقط ليعود رئيس حكومة".
واكدت المصادر "انّ حقيبة وزارة الداخلية لا تزال أم العقد، فإذا حلّت ستتلاشى ورائها كل العقبات المتبقية. الحريري لن يتنازل عنها ولن يتراجع عن موقفه، فهو اعتبر انه تنازل عنها طائفياً وسنياً عندما أسندها الى الطائفة الارثوذكسية، في اعتبار انّ الاسم الذي سيتولاها يمكن ان يكون وسطياً، واقترح لها المدعي العام لبيروت القاضي زياد ابو حيدر، أمّا رئيس الجمهورية فيصرّ على اسم عادل يمين المُنتمي الى "التيار الوطني الحر" رسمياً".
وعن دور "حزب الله" قالت المصادر نفسها: "في السياسة من مصلحة الخصم ان يقول انّ "حزب الله" هو من لا يريد حكومة وأنه يقف خلف عون وباسيل في العرقلة، ولكن الواقع معكوس لأنّ الحزب داعِم لولادة الحكومة اليوم قبل الغد لوقف تدهور البلد، لكنه لن يخوض معركة مع حلفائه ليست له، وأقلّه لا يريد ممارسة الضغط لا على عون ولا على باسيل".
وسيتحدث الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله عن آخر التطورات السياسية المحلية، في إطلالة تلفزيونية جديدة له، الثامنة والنصف مساء بعد غد الجمعة.
سجال
وكان قد اندلع سجال مساء امس بين تكتل "لبنان القوي" ومكتب الحريري، أثار غباراً سياسياً كثيفاً حول مصير الاستحقاق الحكومي قبَيل عودة الرئيس المكلف من عطلة الاعياد التي أمضاها في دولة الامارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وفرنسا.
فقد دعا تكتل "لبنان القوي"، بعد اجتماعه الدوري إلكترونياً برئاسة النائب جبران باسيل، الحريري الى "تحمّل مسؤولياته والقيام بواجباته الوطنية والدستورية، فيتوقف عن استهلاك الوقت ويعود من السفر لينكَبّ على ما هو مطلوب منه، وعدم اختلاق العراقيل الداخلية لإخفاء الأسباب الحقيقية وراء تأخير عملية التشكيل". واكّد أنّ "قوة لبنان تنبع من وحدة موقفه في ما يخصّ حماية السيادة والإستقلال، وهذا يستوجب إعادة التذكير بأنّ لبنان، بحدوده وأرضه وجوّه وبحره وثرواته، يتعرّض لتهديد إسرائيلي، كانت آخر مظاهره الخرق الجوي المتكرر والكثيف في الأيام الماضية". ودعا الى "الحفاظ على عناصر القوة اللبنانية لتكون في خدمة لبنان ووجهة استعمالها الدفاع عنه، فتبقى تتمتع بالغطاء الوطني اللازم لها".
الحريري يرد
وردّ المكتب الاعلامي للحريري على التكتل بالبيان الآتي: "يعود تكتل لبنان القوي الى سياسته المفضّلة بتحميل الآخرين مسؤولية العراقيل التي يصطنعها عن سابق تصور وتصميم، وجديده دعوة الرئيس المكلف "الى تحملّ مسؤولياته والقيام بواجباته الوطنية والدستورية فيتوقف عن استهلاك الوقت ويعود من السفر لينكبّ على ما هو مطلوب منه وعدم اختلاق العراقيل الداخلية لإخفاء الأسباب الحقيقية وراء تأخير عملية التشكيل". فاتَ التكتل ورئيسه انّ الرئيس المكلّف قام بواجباته الوطنية والدستورية على أكمل وجه، وقدّم لرئيس الجمهورية تشكيلة حكومية من اختصاصيين غير حزبيين مشهود لهم بالكفاءة والنجاح، وهي تنتظر انتهاء رئيس الجمهورية من دراستها. وفاتَ تكتل لبنان القوي انّ الجهة التي عطّلت البلد أكثر من سنتين ونصف السنة هي آخر مَن يحقّ لها اعطاء دروسٍ بالتوقف عن استهلاك الوقت واختلاق العراقيل. وفاتَ تكتل لبنان القوي ورئيسه ايضاً انّ المشكلة واضحة وعنوانها معروف من قبل الجميع، وهي داخلية عبر التمسّك بشروط تعجيزية تَنسف كل ما نَصّت عليه المبادرة الفرنسية، وتقضي على اي امل بمعالجة الازمة، بدءاً من وقف الانهيار وصولاً الى اعادة إعمار ما هدمه المرفأ".
... و"بيت الوسط" يوضح
وتوضيحاً لبيان مكتب الحريري، قالت مصادر قريبة من "بيت الوسط" ليل امس لـ"الجمهورية" انّ "البيان يشرح كثيراً من الملاحظات التي لا بدّ منها. فالرئيس الحريري قام بواجباته كاملة وكما يقول به الدستور، الذي اكد انّ الرئيس المكلف يشكّل حكومته ويقدمها لرئيس الجمهورية من اجل ان يتلقّى ملاحظاته تأييداً او اعتراضاً، لتصدر بعدها مُذيّلة بتوقيعهما، وهو امر ما زال ناقصاً ولم يكتمل طالما انّ رئيس الجمهورية لم يكمل المهمة".
وقالت هذه المصادر "انّ 14 جلسة من المشاورات بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف كانت كافية من أجل إنتاج الحكومة العتيدة ولم تكتمل فصولها بعد. وإن أراد تكتل "لبنان القوي" تحقيق ما قصده، فما عليه سوى ان يتقدم من مجلس النواب باقتراح تعديل دستوري يعدّل في صلاحيات رئيس الجمهورية والرئيس المكلف معاً ليكون لهما ما يريدانه". وختمت: "سبق للحريري ان تسلّم من رئيس الجمهورية لائحة بالأسماء التي اقترحها، وأتَمّ مهمته كاملة ملتزماً كل ما قال به الدستور، وإن لم يعجبهم ما حصل فليعملوا من اجل دستور جديد لنلتزم به جميعاً".
مجلس التعاون ولبنان
في غضون ذلك، لم يغب لبنان عن قمة دول مجلس التعاون الخليجي التي انعقدت في مدينة العلا في شمال المملكة العربية السعودية، فورد عنه فقرة خاصة في البيان الختامي لهذه القمة، هي الآتية:
"تابع المجلس الأعلى تطورات الأوضاع في لبنان مؤكداً على مواقف مجلس التعاون وقراراته الثابتة في شأنه، وحرصه على أمنه واستقراره ووحدة أراضيه، وعلى انتمائه العربي واستقلال قراره السياسي، والوفاق بين مكوّنات شعبه الشقيق، مُعرباً عن أمله في أن يستجيب اللبنانيون لنداء المصلحة العليا والتعامل الحكيم مع التحديات التي تواجه الدولة اللبنانية، وبما يلبّي التطلعات المشروعة للشعب اللبناني".
كذلك وردت فقرتان أخريان، هما:
- "الإشادة بقرارات الدول التي صنّفت "حزب الله" كمنظمة إرهابية، في خطوة مهمة تعكس حرص المجتمع الدولي على أهمية التصدي لكل أشكال الإرهاب وتنظيماته على المستويين الدولي والإقليمي، وحَثّ الدول الصديقة لاتخاذ مثل هذه الخطوات للتصدي للإرهاب وتجفيف منابع تمويله".
- "أعربَ المجلس الأعلى مجدداً عن إدانته للتواجد الإيراني في الأراضي السورية وتدخلات إيران في الشأن السوري، وطالبَ بخروج كافة القوات الإيرانية وميليشيات "حزب الله" وكافة الميليشيات الطائفية التي جَنّدتها إيران للعمل في سوريا".
كورونا في خدمة السلطة
في غضون ذلك ولمناسبة الاقفال الذي ستدخله البلاد، بَدت كورونا وكأنها جاءت في توقيت هو الأفضل للتخفيف من نسبة الجرائم المُرتكبة على مستوى اهل السلطة والمتحَكّمين بحياة لبنان واللبنانيين والتغطية على فشلهم في ادارة شؤون الدولة، من خلال إهمال او تأجيل الخطوات المؤدية الى تشكيل حكومة جديدة تُمسِك بزمام الامور، وتستطيع ان تتحمل مسؤولياتها تجاه الشعب اللبناني وحكومات العالم والمجتمع الدولي، الذي ينتظر إشارة طال انتظارها لمساعدة اللبنانيين على تَجاوز مسلسل أزماتهم.
وظهر في الساعات الماضية انّ العالم حريص على اعادة بناء الدولة في لبنان، وخصوصاً على مستوى المؤسسات بالمواصفات الدستورية الكاملة المطلوبة، حتى انّ شركة "فايزر" رفضت كل المحاولات اللبنانية السابقة لتوفير اللقاحات التي طلبها لبنان من اجل مواجهة جائحة كورونا، مُشترطة توقيع كلّ من رئيس الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الاعمال ووزير الصحة، لاعتبار أيّ عقد يمكن ان يوقّع معها صالحاً يوفّر للبنانيين اللقاحات التي طلبتها المراجع المعنية في منتصف شهر شباط، اذا وصلت في الموعد المتوقع.
وفي تعليق ساخر قال أحد اعضاء اللجنة الطبية المكلّفة ملف كورونا لـ"الجمهورية" ما مفاده "لا تكرهوا شيئاً لعله خير لنا"، فإنّ حصول لبنان على اللقاحات بعد ان تكون قد جرّبتها أكثر من 100 دولة في العالم قد يكون خيراً للتعاطي معها قياساً على التجارب الدولية التي ستعيشها الدول التي وَفّرتها لشعوبها، والتعلّم من أخطائها والافادة من تجاربها على نوعية الدواء وفاعليته، انطلاقاً من دراسة الحالات التي يمكن ان تثبتها التجارب الدولية.
وأعلنت وزارة الصحة العامّة أمس، في تقريرها اليومي حول مستجدات كورونا، عن تسجيل 3620 إصابة جديدة (3616 محلية و4 وافدة)، ليصبح العدد الإجمالي للإصابات 195759". كذلك سجلت 17 حالة وفاة، ليصبح العدد الإجمالي للوفيات 1516".
********************************************************************
افتتاحية صحيفة نداء الوطن:
جعجع لنصرالله: مقاومتُك أذلَّت اللبنانيين تمثال الوصاية... هنا طهران!
فيما كان اللبنانيون منشغلين بوجوب التصدي لوباءٍ كوروني مستشرٍ سجّل أمس رقماً قياسياً جديداً ببلوغه 3620 إصابة، وخلال وقوفهم في طوابير أمام ماكينات الصرف الآلي للحصول على "فتات" من ودائعهم المنهوبة، كانت ضاحية "بيروت" الجنوبية منهمكةً في تدشين تمثال للجنرال قاسم سليماني. لبنان كلّه في وادٍ و"حزب الله" في وادٍ إيراني آخر. هل يضاعف ما رأيناه احتمال جرّ لبنان الى مواجهة اقليمية مدمّرة رغماً عن أنف الشعب المنهك الرازح تحت وطأة ألف مصيبة وكارثة. هل التمثال رسالة إضافية توجّه الى المجتمع الدولي مفادُها الصريح "هنا طهرانّ؟".
شكراً على تمثال "الوصاية" و"الانقسام". فاللبنانيون الذين أجمعوا على وجوب التوصّل الى استراتيجية موحّدة للدفاع باتوا منقسمين حول مبدأ المقاومة أساساً. وليست التصريحات الايرانية الأخيرة بأنّ لبنان "منصة صواريخ متقدمة لطهران" سوى زيت يضاف الى نار الخلافات بين اللبنانيين المطالبين بقيام الدولة و"حزب الله" المصرّ على التفرد بقرار السلم والحرب، منشئاً بيئةً وشبكات مالية واجتماعية بديلة عن المؤسسات الشرعية.
نصبُ تمثال مشابه في هذا الوقت بالذات إنما يزيد من عزلة لبنان ويعمّق أزمته الاقتصادية، ويمعن في تغيير هوية الضاحية، التي باتت منطقة غريبة عن نسيج الوطن تتكاثر فيها الرموز الغريبة المُجسّدة بصورٍ ومجسّمات ايرانية الهوى خصوصاً على امتداد طريق المطار وصولاً الى شوارع العاصمة.
لا عجب في ان تنحو سياسة الحزب في هذا الاتجاه. ألم يقل السيّد حسن نصرالله نفسه في خطابه الأخير: "معنا الأرض والجبال والوديان والتراب والأنهار والبحار والمحيطات والسحاب والرياح والشمس والقمر والنجوم والسموات السبع والملائكة"؟
واستدعى الخطاب رداً مطوّلاً وقاسياً من رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع الذي توجّه الى أمين عام "حزب الله" قائلاً: "يا سيد حسن إنّك خارج الواقع تماماً، لأنّ لبنان اليوم في أتعس أيامه وأضعف أوضاعه على مرّ تاريخه". وأضاف: "السيد حسن قال إن مقاومته تحمي لبنان وتحافظ على حقوقه. بالله عليك يا سيد حسن لا نريد منك أن تحافظ على لبنان ولا أن تحمي حقوقه. جلّ ما نريده منك هو عدم التعدي على لبنان واللبنانيين، إذ لم يسبق أن انتُهكت سيادة لبنان كما هي منتهكة اليوم، ولم يسبق أن ذُلّ الشعب اللبناني كما هو مذلولٌ اليوم، ولم يسبق أن شهد البلد انهياراً كما هي الحال اليوم، ولم يسبق أن خسر لبنان صداقاته العربية والغربية كما هو حاصلٌ اليوم، ولم يسبق أن تحوّل جواز سفر اللبناني إلى مهزلة على غرار ما هو عليه اليوم، وذلك كلّه بسبب مقاومتك".
أما على صعيد الحكومة، فعودة إلى أجواء ما قبل عطلة الأعياد، واستئنافٌ لتراشق المسؤوليات استهلّه تكتل "لبنان القوي" بدعوة رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري الى "العودة من السفر والتوقّف عن إستهلاك الوقت واختلاق العراقيل الداخلية لإخفاء الأسباب الحقيقية وراء تأخير التشكيل". وجاء الردّ سريعاً من المكتب الاعلامي للرئيس المكلّف الذي أكّد أنّ الأخير "قام بواجباته وقدّم تشكيلة حكومية"، معتبراً انّ التكتل العوني "آخر من يعطي دروساً في وجوب التوقّف عن التعطيل".
ويتوقع ان ينتهي الاسبوع على أجواء حافلة بالسجالات المتعلقة بالشأنين السيادي والحكومي، مع إطلالة مرتقبة للسيد نصرالله الجمعة تخصص للشأن المحلي، وأخرى لرئيس "الوطني الحر" جبران باسيل الأحد.
***********************************************************************
افتتاحية صحيفة الشرق:
حزبُ الله لن يتخلّى عن موقعه المتحكّم ويتصدّى لانتخابات لا يضمن نتائجها
لا امكانية للخروج من الوضعية السياسية الراهنة، القاتلة للاقصاد والمال والاعمال والسياحة و"الآمال" والاحلام، والبشر والحجر، الا برحيل المنظومة الحالية كلّها. هذا ما تقوله اوساط سياسية في المعارضة ، مشددة على ان سقوط حجر واحد من الدومينو هذا، لا يكفي. فالمطلوب تغيير شامل وكامل من رأس الهرم وصولا الى القاعدة.
الاوساط تقول ان استقالة رئيس الجمهورية، التي يرفع شعارَها بعضُ الجمعيات السياسية والمدنية، جيّدة، ولا نمانعها، الا ان وقعها على المعادلة القائمة اليوم، سيكون ضئيلا، كزوبعة في فنجان، لا اكثر ولا أقلّ، اذا لم تترافق وانقلاب في موازين القوى النيابية القائمة اليوم. وتتابع "فلنسلّم جدلا ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قرر غدا ترك منصبه والرحيل. ما هو السيناريو الذي سيلي"؟
الاكثرية النيابية، التي يتحكّم بها حزب الله، سترتّب أمورها سريعا، وستعيد انتخاب رئيس من قلب صفوفها، نسخة طبق الاصل عن العماد عون من ناحية القماشة السياسية - الاستراتيجية، هذا ان لم تكن نسخة مطورّة اكثر عنه، لناحية ولائها التام والكامل، لخط الممانعة في المنطقة عموما، ولمبادئ حزب الله ونظرته للبنان كساحة وصندوق في تصرف الجمهورية الاسلامية الايرانية، في شكل خاص.
فهل سيساهم تطور كهذا في وضع لبنان على طريق الانقاذ المرجو؟ ام سيغرقه اكثر في حفرة ازماته السياسية والمالية ويفاقم عزلته الاقليمية والدولية؟
مفتاح الخروج من هذا المأزق عنوانه "انتخابات نيابية مبكرة"، قادرة على اخراج قرار الحل والربط في الحياة السياسية كلّها، من يد حزب الله. ووفق الاوساط، لهذا السبب، يرفض الحزب وحلفاؤه بشدة اي طرح من هذا القبيل، خصوصاً وفق قانون الانتخابات الحالي. وما طرح رئيس مجلس النواب نبيه بري تعديل القانون الحالي، لصالح آخر، يعطي الارجحية للفريق الشيعي وقاعدته الناخبة تمثيليا، الا لتأخير الاستحقاق من جهة، وضمان ان تأتي نتائجه لصالح الثنائي الشيعي وحلفائه، من جهة ثانية، بما يتيح له ابقاء اللعبة السياسية - وبابُها في لبنان هو البرلمان - تحت سيطرته. ووفق الاوساط، اذا لم يتأكد حزب الله وحلفاؤه ان الانتخابات النيابية ستسمح له بايصال رئيس جمهورية يناسبه الى قصر بعبدا، فإنه لن يتردد في العمل على ارجائها، وسيضغط لتمديد ولاية المجلس الحالي الى أجل غير مسمّى! وتذهب ابعد لتقول ان الحزب - في حال رأى ان الرئيس عون (وفريقه السياسي)، بات مزعجا له (اذا طوّر مثلا انتقاداته لطهران ومواقفها كما فعل عون ردا على كلام قائد سلاح الجو في الحرس الثوري الإيراني)، فهو لن يتردد في رفع الغطاء عنه، والانتقال الى خطة استبداله برئيس جمهورية جديد، "أخفّ وجعة رأس له"!
نعم، تتابع الاوساط، الحزب لن يتخلّى ابدا عن موقعه الريادي - القيادي، كمتحكّم بمفاصل الحياة السياسية اللبنانية كلّها، من الرئاسة الاولى الى الثانية مرورا بالثالثة حيث له الكلمة الفصل في تكليف رؤساء واستبعاد آخرين، ولن يتنازل بسهولة او مجانا عن هذه المكتسبات كلّها… من هنا، لا بد من تضافر جهود قوى المعارضة السياسية والمدنية والشعبية بدعم دولي - اممي، للدفع نحو انتخابات نيابية مبكرة سريعة، والا لا أمل بوقف درب الجلجلة ولا بإنزال لبنان عن الصليب، في المدى المنظور، تختم الاوساط.
*********************************************************************
افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط:
حزبا القوات والكتائب يهاجمان نصر الله وسلاح حزب الله جعجع لأمين عام الحزب: سلاحك يعرّض لبنان للذل والحصار
انتقد حزبان مسيحيان بارزان في لبنان "حزب الله" وسلاحه، إذ عد رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع أن اللبنانيين يعانون الانهيار والذل بسبب الحزب، فيما رأى حزب "الكتائب اللبنانية" أن "سلاح (حزب الله) غير الشرعي لم يحمِ لبنان في السابق، ولن يحميه اليوم، بل يعرضه لكل أنواع العزل والحصار والعقوبات".
وقال جعجع إن الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله "تخطى في كلمته الأخيرة كل الحدود والسقوف"، لا سيما حين عد أن "اللبنانيين من دون ذاكرة ولا تاريخ ولا حضور ولا دور".
وتوجه جعجع إلى أمين عام "حزب الله" حسن نصر الله بالقول: "نحن لا نريد منك أن تحافظ على لبنان، ولا أن تحمي حقوقه. جلّ ما نريده منك هو عدم التعدي على لبنان واللبنانيين". وعد أنه "لم يسبق أن انتُهِكَتْ سيادة لبنان وذُلَّ شعبه وخسر صداقاته العربيّة والغربيّة كما هو حاصل اليوم، وهذا كلّه بسبب (مقاومة نصر الله)".
وكان نصر الله قد قال في إطلالته الأخيرة، بمناسبة ذكرى اغتيال القيادي في "الحرس الثوري" الإيراني قاسم سليماني، إنّه "إذا كان لبنان قوياً، وإذا كان أحد يسأل عن لبنان ويشعر بأن لبنان له وجود على الخريطة، فبسبب المقاومة والصواريخ"، معتبراً أن المقاومة "هي الوحيدة القادرة على حماية الثروات النفطية للبنان، بفضل سلاحها والدعم الإيراني والسوري".
واستنكر جعجع قول نصر الله إنه إذا كان لبنان قوياً "فذلك بفضل المقاومة ونقطة على السطر"، معتبراً أن نصر الله "خارج الواقع تماماً، لأنّ لبنان اليوم في أتعس أيامه وأضعف أوضاعه على مر تاريخه".
وعد جعجع أنّ نصرالله "ارتكب ليس مجرد خطأ، بل خطيئة بحق لبنان وشعبه وتاريخه"، لأنّه إذا كان العالم "يتداول باسم لبنان اليوم، فهو يتداول به إما كدولة فاشلة، أو كبؤرة توتر دائمة وبيئة حاضنة للإرهاب، فيما كان يتداوله سابقاً كسويسرا الشرق".
ورأى جعجع أنّ نصر الله "نسي تاريخ لبنان الضاربة جذوره في الأعماق"، مضيفاً أنّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في زيارته الأخيرة إلى لبنان "لم يزر هذه الصواريخ الإيرانية، بل زار منزل الفنانة فيروز".
وفي حين رأى جعجع أنّ الأمين العام لحزب الله قد أساء بأفعاله إلى لبنان ودوره، سأل أين كان نصر الله في "حصار المائة يوم للأشرفية التي تقع على تخوم الضاحية، حين تعرضت للقصف السوري، وعندما حاصر الجيش السوري طرابلس، وأمطرها بوابل من الصواريخ والمدفعية والدبابات، وارتكب بحقها أشنع المجازر والفظائع"، مضيفاً أنّ "نصر الله كان إلى جانب من يقصف الشعب اللبناني، متحالفاً مع من كان يدمّر المدن والقرى اللبنانية، إلا في حال كان يعتبر أنّ هذه المناطق غير لبنانية، وهو غير معني سوى بتلك التي يعتبرها مناطقه".
بدوره، عد المكتب السياسي لحزب "الكتائب اللبنانية" أن السلاح "بات الحارس لموجات الاستفزاز اليومية التي تبدأ بنشر صور وتماثيل لقاسم سليماني على طرقات لبنان، ولا تنتهي بحملات التشهير الممنهجة على مواقع التواصل الاجتماعي التي تزيد من انقسام اللبنانيين، وتجذبهم أكثر إلى خطاب الكراهية ولغة الحرب والتقسيم، فيما الرئاسة والحكومة والمجلس النيابي لا يعدون كونهم شهود زور يغطون الانهيار ووضع اليد على لبنان".
وعد المكتب السياسي لـ"الكتائب" بعد اجتماعه الأسبوعي أن "الانتهاك الأول الصارخ بحق البلد وأهله هو إهدار سيادته وقراره الحر على يد أهل التسوية الذين ارتضوا أن يسلموا مصيره إلى (حزب الله)، فبات يعتبر أن توظيف هذا التفويض في مشاريعه الخاصة حقاً مكتسباً"، مشيراً إلى أن "الموقف الإيراني عن توظيف الصواريخ التي أدخلت إلى لبنان، وتسخير البلد خط دفاع أول عن أهدافه، هو إثبات للحقيقة المرة بأن لبنان واللبنانيين رهينة بيد إيران، وأي محاولة لإعطاء تفسير آخر لهذا الكلام ساقط حتماً"، مشدداً على أن "استدعاء السفير الإيراني بات ضرورة سيادية لرفع الأذى عن البلد".
نسخ الرابط :