مديرة التحرير - ريتّا الصّيّاح
يدَّعي اليهود، بل "الصهاينة" لنكون أكثر تحديدًا، أنّ فلسطين أرضُهم وأنَّ من حقّهم امتلاكها والدفاع عنها بكلّ الطرق، المشروعة وغير المشروعة، وفي أي وقت تفرض عليهم الحرب هم جاهزون، كما كانوا اليوم ومنذ أسبوعين ومنذ عقد ومنذ قرن ومنذ ألفية وأكثر.
وقد نجحوا، عبر أساليب شتّى بإقناع "عواطف" العالم، خاصّة المسيحيّ، بأنّ هذه الأرض هي "وعد الله" لهم، فنسيَ العالم أنّهم "مُغتَصِبون"، أو تناسى الأوروبيّون ذلك ليبقى الصهاينة بعيدين عنهم، و (حايد عن ضهري... بسيطة).
ونحنُ اللبنانيّين، لم ننجح يومًا بالاتفاق على أبسط الأمور، فكيف الحال بمسألة وجوديّة، فآثرنا الحياد، ونسينا أنّ الله قال: "هكَذَا لأَنَّكَ فَاتِرٌ، وَلَسْتَ بَارِدًا وَلاَ حَارًّا، أَنَا مُزْمِعٌ أَنْ أَتَقَيَّأَكَ مِنْ فَمِي." (رؤ 3: 16)، ونسينا أيضًا، عن قصدٍ أو عن جهلٍ (ولا أدرك أيّهما أسوأ)، أنّ لنا حصّة الأسد في مطامعِ الجارة، أبعدها الله عنا.
أما حدود مطامع جيراننا، فنقرؤها بوضوح في كتاب شريعتِهم، الّذي يوضح لنا أنّ الأرض لم تكن لهم أساسًا، بينما جزء من العالم يتفرّج غيرَ مبالٍ، وجزء يُصَفِّق ويهلّل ويبارِك جرائمهم الوقحَة وكأَنَّها مطر نعم وغلّات خيرٍ وشبع.
وإذا ما قرأنا الوصايا الّتي أوصى بها يشوع بن نون أتباعَهُ وقادَة عسكرِه على أنّها وصايا الربّ (يش 13):
"وشاخَ يَشوعُ وطَعَنِ في السِّنّ، فقالَ لَه الرَّبّ: "إِنَّكَ قد شِخت وطَعَنتَ في السِّنّ، وقَد بَقِيَت أَراضٍ لِلاِمتِلاكِ كَثيرةٌ جِدًّا.
وهذه هي الأَراضي الباقِية:
جَميعُ نَواحي الفَلِسطينيِّينَ كلّ الجَشورِيّ،
مِنَ الشِّيحورِ شَرقِيَّ مِصرَ إِلى حُدودِ عَقْرونَ شَمالاً وهي لِلكَنْعانِيّ.
وأَقْطابُ الفَلِسطينِيِّينَ الخَمْسَةُ همُ الغَزِّيُّ والأَشْدودِيّ والأَشْقَلونِيُّ والجَتِّيُّ والعَقْرونيّ، وهُناكَ العُوِّيّون.
ومِنَ الجَنوبِ كُلُّ أَرضِ الكَنْعانِيِّ، ومِن عارةَ الَّتى لِلصَّيدونيِّينَ إِلى أَفيق، إِلى حُدودِ الأَمورِيّ،ْ
وأَرضُ الجِبْلِيِّ وكُلُّ لُبْنانَ جِهَةَ مَشرِقِ الشَّمْس، مِن بَعْلَ جادَ تَحتَ جَبَلِ حَرْمون، إِلى مَدخَلِ حَماة.
جَمِيعُ سُكَّانِ الجَبَل، مِن لُبْنانَ إِلى مِسرَفوت مَييم وكُلُّ الصَّيدونيِينَ سأطرُدُهم مِن أمامِ بَني إِسْرائيل، وأَنتَ تَكتَفي بتَوزيعِها بِالقُرعةِ على إِسْرائيلَ ميراثًا كما أَمَرتُكَ.
والآنَ تُقَسِّمُ هذه الأَرضَ ميراثًا لِلأَسباطِ التِّسعَةِ ولنِصفِ سِبطِ مَنَسَّى: مِنَ الأُردُنِّ إِلى البَحرِ الكَبيرِ غَربًا تُعْطيها البَحرَ الكَبيرَ وساحِلَه".
فإنّنا، بعد هذا المقطع نرى أنّهم يعتبرون أنّ لبنان حقّهم، وكأنّ الله كان "سمسارًا"، يوزّع الأراضي على من يشاء.
أمّا من يدّعي أنّ هذه الأرض هي في الأصل أرضُ الصهاينة فليقرأ جيّدًا من كانوا سكّانها، وبحسب كتابهم هم، قبل اجتياحها وإبادة سكّانها بالسيف:
كانَ هناك الفلسطينيّ، وكانَ منهم الغزّيُّ (شعب غزّة) والأشدوديّ (أشدود) والأشقلونيّ (شعب عسقلان). وأشدود وعسقلان اليوم محتلّتان، بمعنى أنّ الشعب الأصليّ مهجّر والمقيم مستعمر غريب، والساكن فيها أمسك كتابًا، نقل الكثير من أسفاره عن شعوب سبقته، وأمسك الأوروبيون وعودًا واتفاقيات سرية للتخلص منه، فأتى واحتلّ أرضنا، وقتل أطفالنا، واغتصب نساءنا وأهان شيوخنا ونكّل بشبابنا دهرًا، وما زال.
أمّا في شأن لبنان، إذا كانَ البعض يعتقد أنّ مطامع الجارة تتوقّف عند الليطاني أو عند الأوّلي، فالنصّ هنا واضح وصريح: مطامِعهم تتضمّن كلّ لبنان من جبل حرمون حتّى مدخل حماة، كما "كتبوا" منذ أربعة ألاف سنة.
فإن كنّا نظّن، كما حاولوا إقناعنا، أنّنا بمنأى عن الصراع الصهيوني - الفلسطيني، وأنّ الصراع يهودي - إسلامي، فالسيف أصبح على أعناقنا...
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :