عبد اللهيان في دمشق وبغداد على الخط | رسائل تحذير إلى واشنطن: وصْل الحدود لا قطعها

عبد اللهيان في دمشق وبغداد على الخط | رسائل تحذير إلى واشنطن: وصْل الحدود لا قطعها

 

Telegram

 

بينما استقبلت دمشق وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، الذي ناقش جملة من الملفات السياسية والاقتصادية معها، أعادت الاتصالات المستمرة بين موسكو وأنقرة تحريك ركود ملفّ التطبيع السوري - التركي، والذي كان وصل إلى أفق مسدود. وبالتوازي مع ذلك، دخلت بغداد على الخط عبر عدّة مسارات، من بينها ملف المياه المشترك، ونأت بنفسها عن التحركات الأميركية، في وقت تستعد فيه لاستضافة فعّالية سياسية - أمنية كبيرة من المنتظر أن تشارك فيها سوريا.

وبدا لافتاً تركيز المؤتمر الصحافي المشترك للوزير الإيراني ونظيره السوري، فيصل المقداد، على التصعيد الميداني والعسكري في الشمال الشرقي من سوريا، حيث تحاول واشنطن تثبيت حضورها العسكري، والتضييق المستمر على الحدود السورية - العراقية، في مسعى لاستعادة مظاهر الحرب الأولى في سوريا، والتي حوصِرت خلالها البلاد إثر قطع تواصلها مع دول الجوار، باستثناء لبنان. وتأتي زيارة عبد اللهيان بعد أقل من شهر على زيارة أجراها المقداد إلى طهران على رأس وفد رفيع المستوى، حيث تم توقيع سلسلة اتفاقات اقتصادية فتحت الباب على مصراعيه أمام توثيق الشراكة بين البلدين، بما فيها تنشيط التبادل التجاري، وتأسيس مصرف مشترك لتسهيل المعاملات التجارية بالعملات المحلية.


وفي سياق الردّ على التحركات الأميركية، اعتبر المقداد أنها تهدف إلى «الضغط على الدولة السورية»، مضيفاً أن بلاده تعتقد أن «أهلنا في العراق حصلوا على استقلالهم منذ وقت طويل، ولا يمكن أن يسمحوا بشنّ هجمات على سوريا بالشكل الذي يتحدث عنه البعض في الإعلام». وإذ ذكّر بأن «ممثلي الشعب العراقي على مختلف المستويات قالوا إنهم لن يسمحوا بشنّ عدوان من العراق على سوريا»، فقد أكّد أن «الولايات المتحدة غير قادرة على تنفيذ تهديداتها، وإن أرادت أن تنفذ ما نسمع به عبر الإعلام فستواجه بصمود سوريا». ومن جهته، أشاد عبد اللهيان بالعلاقات السورية - العراقية، مشيراً إلى أن «حدود العراق مع جيرانه ومن ضمنها سوريا هي حدود صداقة ومحبة، ويجب على الولايات المتحدة أن تكفّ عن إيذاء شعوب المنطقة». وحثّ «الجنود الأميركيين على أن يعودوا إلى وطنهم»، و«القادة الأميركيين على أن يتركوا المنطقة وشأنها مع أهلها، فليس بمقدور أي طرف أن يسد الطرق الواصلة بين شعوب المنطقة».
والجدير ذكره أن التصريحات السورية - الإيرانية تأتي في أعقاب عدّة تصريحات عراقية أكّدت الحرص على عدم استخدام الأراضي العراقية في أي أعمال ضد سوريا، وفي وقت استقبل فيه وزير الدفاع العراقي، ثابت محمد سعيد العباسي، السفير السوري لدى بغداد، صطام جدعان الدندح. وذكر بيان رسمي سوري أن الجانبين ناقشا «رفع مستوى التعاون والتنسيق في مجال الأمن ومكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات وملاحقة الخلايا الإرهابية، وضبط الحدود ومنع تسلل الإرهابيين من وإلى البلدين، إضافة إلى العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك».

 


وإلى جانب ذلك، ركّز المقداد وعبد اللهيان على العلاقات السورية - العربية، والإيرانية - العربية، خصوصاً أن زيارة الوزير الإيراني تأتي بعد أقل من أسبوعين على زيارة تاريخية أجراها إلى الرياض، والتقى خلالها عدداً من المسؤولين السعوديين، على رأسهم ولي العهد، محمد بن سلمان. وناقش الضيف الإيراني عودة العلاقات الإيرانية - السعودية مع الرئيس السوري، بشار الأسد، الذي أشاد بارتفاع مستوى العلاقات الإيرانية - العربية، لافتاً إلى أن «العلاقة السليمة بين إيران والدول العربية تساهم في استقرار المنطقة وازدهارها».



دخلت بغداد على خط التطبيع السوري - التركي، لدفعه قدماً، مستفيدة من علاقتها الطيبة مع تركيا، والمتينة مع دمشق

وفي سياق مرتبط بالانفتاح السوري - العربي، والذي شكّل الانفتاح بين دمشق والرياض أبرز ركائزه، بدأت الحكومة السورية الاستعدادات لتسلّم ملف الحج الذي قامت الرياض بتسليمه طيلة العقد الماضي لـ«الائتلاف» المعارض. وتأتي هذه الخطوة كتطور طبيعي للعلاقات بين دمشق والرياض اللتين أعادتا العلاقات الدبلوماسية، في وقت ينتظر فيه أن تتمّ تسمية سفراء البلدين خلال الفترة المقبلة.
وبينما تؤدّي إيران دوراً في عملية التطبيع السورية - التركية، ضمن «مسار أستانا» الذي تشارك فيه روسيا، وبناءً على أسس توافقية بين الدول الأربع (سوريا وتركيا وإيران وروسيا)، أبرزها رفض الوجود العسكري الأميركي، والسعي لإخراج القوات غير الشرعية من البلاد، أعاد عبد اللهيان تأكيد موقف بلاده الساعي إلى عودة العلاقات الطبيعية بين سوريا وجوارها، بما فيها تركيا. وفي الإطار نفسه، جدّد الأسد والمقداد التشديد على أنه يجب على أنقرة أن تسحب قواتها غير الشرعية كشرط لا بد منه لعودة العلاقات الطبيعية مع أنقرة.
 

في هذا الوقت، ينتظر أن تعيد موسكو تحريك ملف التطبيع السوري - التركي، بعد أن وضعت خريطة طريق لم تحقق أي نتيجة حقيقية حتى الآن، وذلك من خلال سلسلة لقاءات روسية - تركية بدأت أمس، بزيارة لوزير الخارجية التركي، حاقان فيدان، إلى موسكو، التقى في يومها الأول نظيره الروسي، سيرغي لافروف، وبحث معه مسألة التطبيع التركية - السورية، على أن يستكملها اليوم. وتأتي زيارة فيدان (الذي كان يشغل منصب رئيس الاستخبارات التركية، وشارك بشكل مباشر في اللقاءات الأمنية والعسكرية والسياسية بين بلاده وسوريا)، إلى روسيا، في إطار مساعي تركيا لإعادة تفعيل اتفاقية الحبوب المجمّدة مع أوكرانيا، ومن المقرّر أن تتبعها أخرى للرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، للقاء نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، في موسكو، حيث يحتل الملف السوري، إلى جانب الأوكراني، صدارة الملفات المطروحة على الطاولة. وكان أكّد كبير مستشاري الرئيس التركي، عاكف تشاتاي كيليتش، أن «المحادثات التركية السورية مستمرة على مستويات معينة».
وفي دور إضافي ومحوري يؤدّيه العراق أيضاً، دخلت بغداد على خط التطبيع السوري - التركي، لدفعه قدماً، مستفيدة من علاقتها الطيبة مع تركيا، والمتينة مع دمشق. ومن باب ملف المياه الشائك الذي يجمع تركيا وسوريا والعراق، أعلن الأخير إنشاء لجنة تركية - عراقية مشتركة لحل مشكلة المياه في ظل التحكم التركي المستمر بمياه نهرَي الفرات ودجلة، وما نتج من ذلك من موجات جفاف حادة ضربت كلاً من سوريا والعراق، المتضرر الأكبر.

 

وبالإضافة إلى ذلك، من المنتظر أن تؤدّي بغداد دوراً سياسياً أكبر خلال الشهرين المقبلين، حيث تستضيف النسخة الثالثة من «مؤتمر بغداد للاستقرار الإقليمي»، الذي تشارك باريس في تنظيمه، والذي قرّر العراق وفرنسا أنه سيُعقد في شهر تشرين الثاني المقبل. ولم يستبعد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، مشاركة دمشق، معلناً أنه «سيركز خلال مشاركته على موضوعين محددين جداً. الأول هو سوريا، والثاني هو مكافحة الإرهاب». وأضاف ماكرون: «في الواقع يمكننا أن نرى بوضوح أن جميع دول المنطقة تحاول استئناف الاتصالات مع سوريا»، لافتاً إلى أنه «سبق أن تحدّثت مع الأردن والإمارات العربية المتحدة والعراق والمملكة العربية السعودية وغيرها، عن أن أي إعادة دمج للنظام السوري في الهيئات الإقليمية يجب أن يقابلها تعاون متزايد في الحرب ضد المنظمات والجماعات الإرهابية على الأراضي السورية وفي المنطقة وإزالة أي غموض، كما يجب أيضاً أن تكون مصحوبة بعملية سياسية تسمح بعودة اللاجئين مع ضمانات الحماية والاعتراف والأمن الاقتصادي والسياسي على الأراضي السورية»، وفق تعبيره.
والجدير ذكره، هنا، أن بغداد نظّمت في شهر أيار الماضي مؤتمراً أمنياً لمكافحة المخدرات بمشاركة ثماني دول من بينها سوريا التي مثّلها المقداد. وتأتي استضافة العاصمة العراقية للنسخة الثالثة من القمة، بعد نسختين سابقتين عُقدت الأولى في العراق، والثانية في الأردن، وشاركت فيها 12 دولة أبرزها، إلى جانب العراق، فرنسا والسعودية وتركيا والإمارات وقطر وإيران.

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram