افتتاحية صحيفة البناء:
المجمع الإنتخابي الأميركي يعلن بايدن رسميا رئيسا ويضع ترامب امام تعهده بتسليم السلطة تداعيات استدعاءات صوان : مأزق قضائي في الملاحقة وطلب نيابي للمستندات سجال المسار الحكومي ينتقل الى تبادل الإتهام بين بعبدا وبيت الوسط …نحو التعقيد
رغم انشداد اللبنانيين نحو ملفاتهم الداخلية في لحظات شديدة التوتر والقلق ، بقي الحدث الدولي المتمثل بحسم مصير الرئاسة الأميركية دستوريا ، عنوان الإهتمام في لبنان واملنطقة والعالم ، حيث انتهى تصويت أعضاء المجمع الإنتخابي الذي يمثل الولايات الأميركية ، بنيل الرئيس المنتخب جو بايدن مع أصوات ولاية كاليفورنيا ال 55 بعيد منتصف ليل أمس بقليل فصار حائزا لمجموع ال302 صوتا على طريق بلوغ رقم ال306 أصوات ، مقابل 232 للرئيس دونالد ترامب .
الحسم الدستوري لفوز بايدن عبر المجمع الإنتخابي يجب ان يتوج بقرار يصدر عن المحكمة الدستورية العليا يصادق على النتيجة ، وهو ما بات محسوما مع رد المحكمة لطعن ولاية تكساس بالنتائج ، والغضب الذي عبر عنه ترامب مع خيبة الأمل من تصويت القضاة الذين كان يعتقد أنهم من املوالين ، ضد الطلب بالطعن ، وبذلك يصير ترامب امام تعهداته السابقة بتسليم السلطة فور حسم المجمع الإنتخابي للنتيجة ، ما جعل فرضيات وجود أزمة حكم أمرا مستبعدا في ظل التطورات الأخيرة .
بإنتظار تبلور المسار الإنتقالي الأميركي ، يبقى بيد الرئيس ترامب أن يتخذ قرارات تعقد الأمور على الرئيس بايدن ، خصوصا لجهة مستقبل العلاقة مع إيران ، أسوة بما مثله إغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زادة ، في ظل قلق سيبقى مهيمنا من حماقة وتهور يدفعان بترامب لخطوات غير محسوبة خلال الأيام الخمسة والثلاثين الباقية له في الحكم .
بين الترقب والقلق ستمضي أيام ترامب الأخيرة في البيت الأبيض ، بينما لدى اللبنانيين المزيد من اسباب الترقب والقلق ، وهم عالقون ومعلقون على حبال الإنتظار ، حيث المشهد القضائي الخاص بتفجير مرفأ بيروت ينتقل من غموض الى غموض بعدما كان ينظر اليه بعين الأمل ليس لجهة كشف الحقيقة واحقاق العدالة وحسب ، بل بالتأسيس لدولة القانون التي يهابها الجميع ، فصار المشهد بعد الإدعاءات التي صدرت عن المحقق العدلي فادي صوان أشد تعقيدا ، مرهونا بغموض أكثر ، لجهة مثول الذين استدعاهم المحقق العدلي أمامه كمدعى عليهم ، سواء رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب الذي حسم الأمر بالقول انه قال ما عنده ونقطة عالسطر ، معتبرا ادعاء صوان مخالفة دستورية لن يجاريها ، او النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر اللذين أعادا مصير الإدعاء عليهما الى المادتين 40 و70 من الدستور أي الى الحصانة النيابية وصلاحيات المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء الوزراء ، وبقي الوزير السابق يوسف فنيانوس المدعى عليه الوحيد الذي لم يحسم مثوله من عدمه امام المحقق العدلي بإنتظار تبلغه موعدا للمثول .
بالتوازي مع غموض المشهد القضائي غموض في المشهد السياسي ، حيث انتقل المأزق الحكومي من التسريبات الى السجال العلني والمباشر بين بعبدا وبيت الوسط ، حيث تولى كل من مستشار رئيس الجمهورية الوزير السابق سليم جريصاتي والمكتب الإعلامي للرئيس سعد الحريري تبادل البيانات والمواقف التي نقلت الأزمة الحكومية الى اتهامات متبادلة بتحمل المسؤولية عن الفشل ، وشكل رفع السقوف السياسية في الرسائل المبتادلة تعبيرا عن حجم المأزق الحكومي ، واشارة الى دخوله المزيد من التعقيد .
*************************************************************************
افتتاحية صحيفة الأخبار :
المحقق العدلي نحو إصدار مذكرات إحضار ومجلس النواب يتهمه بمخالفة | تحقيقات المرفأ: إصرار على التسييس
لن يمثل حسان دياب وعلي حسن خليل وغازي زعيتر ويوسف فنيانوس أمام المحقق العدلي في جريمة المرفأ. الأخير سيّس ملف التحقيق من خلال حصر ادعائه بجهة سياسية واحدة، فقابلها المدعى عليهم بمستوى مقابل من التسييس، عبر رفضهم المثول أمام القضاء بذرائع شتى. وبعد ضياع فرصة محاسبة المسؤولين عن الجريمة، تُنذر الأيام المقبلة بمواجهة سياسية قاسية بين فريق المحقق العدلي، وفريق المدعى عليهم
بلغ الاشتباك أشدّه في ملف انفجار مرفأ بيروت. صباح أمس، وصلت رسالة من الأمانة العامة لمجلس النواب، عبر النائب العام التمييزي غسان عويدات، إلى المحقق العدلي فادي صوان يُطلب منه فيها تزويد المجلس النيابي بالمستندات التي استند إليها لقراره الاستماع إلى نوّاب بصفة مدعى عليهم، وتتهمه بمخالفة الدستور، مشيرة عليه بأنّه لا يمكنه تحريك دعوى الحق العام والملاحقة الجزائية وهو يعلم أن المجلس النيابي في عقد عادي. وبالتالي، لا يمكن للمحقق العدلي تحريك دعوى الحق العام بحق نائب من دون رفع الحصانة عنه. خلاصة الكتاب أن الاختصاص بالتحقيق والاتهام يعود لمجلس النواب وليس المحقق العدلي.
تزامن ذلك مع تحديد صوان مواعيد جديدة لجلسات الاستجواب. وعلمت "الأخبار" أنّه سيُصار إلى إبلاغ النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر حسب الأصول عبر مجلس النواب، ورئيس الحكومة حسان دياب عبر رئاسة مجلس الوزراء، على أنّ يُبلغ الوزير السابق يوسف فنيانوس عبر القوى الأمنية. وقد حُدّد نهار غد الأربعاء موعداً للاستماع إلى كل من خليل وزعيتر، على أن يُستمع الخميس إلى فنيانوس، والجمعة إلى دياب. وعلمت "الأخبار" أن هناك توجهاً لدى فريق المدعى عليهم المتوجس من عدم حيادية المحقق ولاموضوعيته، للتقدم بطلب أمام محكمة التمييز لنقل الدعوى للارتياب المشروع.
جواب صوّان على رسالة المجلس النيابي أتى بإصراره على الاستماع إلى النواب عبر تحديد موعد جديد لجلسات الاستجواب. وتحدثت المعلومات عن قراره الذهاب بعيداً وإصدار مذكرات إحضار بحق من يرفض المثول أمامه. وهذا ما دفع وزير الداخلية محمد فهمي إلى إعلان أنه لن يمتثل لأي قرار قضائي في هذا الشأن. وهذا ما يعزّز الكباش الدائر بين صوان وداعميه من جهة، والمجلس النيابي وتيار المستقبل ورؤساء الحكومات السابقين من جهة أخرى. المواجهة السياسية القضائية ستزداد حدة في الأيام المقبلة، ولا سيما أنّ فريق المدعى عليهم يعتبر أنّ تسييس هذا الملف بدأ مع زيارة القضاء إلى رئيس الجمهورية، بينما كان الملف يسير باتجاه آخر قبلها. كما أنّ قرار صوّان الانتقاء بين الأسماء عزز فرضية التسييس، لأنه لو اعتبر جميع الوزراء ورؤساء الحكومات السابقين الأربعة في خانة المدعى عليهم، لكان قطع الطريق على أي اتهام بالتسييس. وبالتالي، كان جرى تجاوز مسألة الحصانات حتماً على اعتبار المجلس العدلي أعلى محكمة جزائية استثنائية.
وبالعودة إلى مضمون الكتاب، فقد طلب مجلس النواب من المحقق العدلي تجميد الإجراءات المخالفة للأحكام الدستورية الواجبة المراعاة. وكشفت مصادر مطّلعة على مضمون الرسالة أنّ المجلس النيابي في رسالته طلب معطيات ولم يطلب سحب الصلاحية من المحقق العدلي، معتبرة أنّ مجرد قرار الاستماع إلى أي نائب واستجوابه كمدعى عليه يعني حكماً أنّ القاضي حرّك دعوى الحق العام، وذلك غير ممكن لوجود حصانة. ورأت المصادر أنّ قرار محاسبة أي نائب على إهماله بصفته وزيراً وبمناسبة أدائه لمهامه الوزارية، ولكون الفعل مرتبطاً بصفته كوزير، يستوجب تطبيق المادتين 70 و 71 من الدستور، أي أن يتولى المجلس النيابي إجراء التحقيق. وإذا وجد أدلة يُركن إليها، يقوم بالاتهام، بعد ذلك يتولى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء (غير الموجود والذي لم يقم بدوره يوماً) المحاكمة.
في المقابل، ترى مصادر متابعة للقضية أن انتقائية القاضي غير المبررة لا تُعفي الوزراء من المثول أمامه. تبرز عدة أسئلة لم يقدم المحقق العدلي إجابات للرأي العام عنها؛ إذ لم يعتمد منهجية منطقية ليسلُكها في تحقيقاته في انفجار مرفأ بيروت. والتوجه اليوم لتضييع التحقيق بين المراسلات بدلاً من البحث عن المسؤول الأساسي عمّا حصل؛ إذ إنّ صوان لم يُقدم إجابات واضحة عن الأسئلة المنطقية الأساسية ليترك التحقيق والرأي العام ضائعاً بين نصف نظرية مؤامرة ونصف إهمال بعد مرور أربعة أشهر على الجريمة. وهو لم يُجب عن سؤال أساسي: هل جاءت النيترات إلى لبنان بالصدفة أم أنّها جاءت بفعل فاعل؟ وإذا كانت بالصدفة، فذلك يعني أنّ لا مسؤولية، لا على مالك السفينة ولا على القبطان والطاقم وحتى الوكيل البحري. وإذا كانت هناك مؤامرة، فذلك يعني أن هؤلاء جميعهم متورطون.
السؤال الثاني يتعلق بتعويم السفينة ونقل النيترات إلى العنبر الرقم 12. هل عُوّمت السفينة لغاية في نفس أحدهم أم أنّ النيترات نُقلت فعلاً لكون حال السفينة كانت مُزرية؟
السؤال الثالث يتعلّق بالمسؤوليات الإدارية والأمنية؛ إذ إنّ الثابت وجود تقصير وإهمال إداري في ما يتعلّق بتعامل الموظفين في المرفأ والمديرَين العامين للجمارك، السابق والحالي، شفيق مرعي وبدري ضاهر، ورئيس لجنة إدارة المرفأ حسن قريطم. كما أنّ هناك تقصيراً قضائياً فاضحاً يرقى إلى مستوى الجرم الجزائي لجهة إهمال رئيسي هيئة القضايا السابق مروان كركبي والحالية هيلانة اسكندر= عدة مراسلات تُحذّر من خطر النيترات. ورغم ذلك، لم يستدع المحقق العدلي أيّاً منهما. ولكن، يبقى الخلل الأساسي أمني بامتياز. فمرعي كان قد راسل قيادة الجيش عام 2014 بخصوص النيترات. لم يُراسل غرفة التجارة والصناعة لتقترح عليه بيعها لشركة الشمّاس للمتفجرات، بل راسل قيادة الجيش بصفتها المعنيّ الأول بالأمن. وفي هذا الخصوص، فإنّ الإخفاق ليس في الشق الاستعلامي، بل بالشق العملاني في التعامل مع الملف؛ إذ إنّ الجيش يعلم منذ ست سنوات بوجود هذه المواد، لكنه لم يُحرّك ساكناً. أما بشأن غياب منهجية التحقيق التي كان يُفترض بالمحقق العدلي مراعاتها، فتتعلق بكونه لم يجرؤ على استدعاء المسؤول الأول عن الأمن، أي الجيش. فلم يستدع قائد الجيش السابق جان قهوجي ولا قائد الجيش الحالي جوزيف عون الموجود في منصبه منذ ثلاث سنوات، بل لاحق الحلقة الأضعف، سواء ضباط الأمن العام أم ضابط أمن الدولة. لم يكتف صوّان بذلك، بل عمد بشكل مفاجئ إلى ملاحقة المسؤولين السياسيين
انتقائياً، على الرغم من إرساله رسالة إلى مجلس النواب تتضمن أسماء 12 وزيراً مع أربعة رؤساء حكومات. وللعلم، فإنّ مسؤولية الوزراء ورئيس الحكومة معنوية سياسية فقط. فلنفترض أنّ رئيس الحكومة حسان دياب نزل إلى المرفأ لتفقّد النيترات، ممّن كان سيطلب التصرف بشأنها؟ هل كان سيحملها على ظهره ليُخرجها من المرفأ؟ بالطبع كان سيطلب من قيادة الجيش التعامل معها. والجيش يعلم بوجودها منذ ست سنوات. الأمر نفسه ينسحب على رئاسة الجمهورية التي كانت ستقوم بالإجراء نفسه عبر إبلاغ المعني الأول عن الأمن، وهو الجيش واستخباراته.
الى ذلك، علمت "الأخبار" أنّ هناك مساعي يقوم بها "نادي القضاة" لعقد "تجمّع للقضاة" دعماً لصوّان.
********************************************************************
افتتاحية صحيفة الديار :
السفيرة الاميركية "تتوعد" بايام صعبة في "الامتار الاخيرة" من ولاية ترامب ؟ دياب "غاضبٌ" ويتهم عون باستضعافه .. بري يتدخل والقاضي صوان لم يتراجع الحكومة "ضحية" حرب البيانات بين بعبدا وبيت الوسط : طي صفحة "التكاذب"
"فلت الملق" سياسيا بين بعبدا وبيت الوسط، وانهارت الهدنة "الهشة" المكتومة بين الطرفين بعدما اتخذ تيار المستقبل قرارا بالهجوم كافضل وسيلة للدفاع ردا على ما يعتبره استراتيجية العهد والتيار الوطني الحر في فتح معركة نهاية الولاية الرئاسية مبكرا،على قاعدة "علي وعلى اعدائي"، والخلاصة ان مفاوضات تشكيل الحكومة باتت "تحت الصفر" بعد انهيار "حفلة" "التكاذب" التي استمرت لاسابيع، وباتت المعركة مفتوحة ودون "قفازات". قضائيا ازدادت الامور تعقيدا مع دخول رئيس المجلس النيابي نبيه بري على خط التحقيق في تفجير المرفأ، لوقف ما تعتبره مصادر نيابية، خطوات "ارتجالية" من قبل المحقق العدلي القاضي فادي صوان، لكن هذه الخطوة لم تمنع الاخير من تحديد مواعيد جديدة لاستجواب رئيس الحكومة المكلف حسان دياب والوزراء المدعى عليهم، يومي الخميس والجمعة، ما يشير الى ان "الكباش" القضائي -السياسي مستمر تصاعديا وسينتهي حكما بضياع "الحقيقة"!
وفيما "استعرضت" حركة امل والحزب التقدمي الاشتراكي قواهما "الطالبية" في "الشارع" امام وزارة التربية من "بوابة" الاقساط الجامعية، يسود "الوجوم" "والغضب" في السراي الحكومي من "طعنة" الرئاسة الاولى التي يحملها رئيس الحكومة المكلف حسان دياب مسؤولية "حشره" في "الزاوية" المذهبية من خلال محاولة استضعافه بقرار سياسي غير "قضائي" في ملف تفجير المرفأ.. وبينما ينهار لبنان صحيا واقتصاديا، دخلت السفيرة الاميركية دوروثي شيا مجددا على "الخط" من خلال تحذيرات نقلها زوار السفارة الاميركية عن ايام "صعبة" تنتظر الساحة اللبنانية في الفترة المتبقية من عهد الرئيس دونالد ترامب بعدما اجهضت السلطات اللبنانية جهوده في تحقيق انجاز دبلوماسي في ملف الترسيم البحري مع اسرائيل.
ترامب غاضب!
"الساعات الأكثر ظلاماً هي التي تأتي قبل انبثاق الفجر"، هذا القول الماثور رددته السفيرة الاميركية دورثي شيا امام زوار السفارة الاميركية في بيروت، قبل ساعات من تصويت المجمع الانتخابي على انتخاب جو بايدن رئيساً للولايات المتحدة، وقبل 37 يوما على انتهاء ولاية الرئيس الاميركي دونالد ترامب البيت الابيض، هذا التعبير "الدبلوماسي" المقتضب جاء في معرض اجابتها على اسئلة الحضور حول تسليم الرئيس الاميركي الحالي بالامر الواقع وتفرغ فريق عمله لتسليم السلطة للادارة الجديدة، ما يجعل لبنان يحصل على هامش زمني معقول يمكن ان تتحرك فيه الامور على صعيد تشكيل الحكومة، او يمكن من خلال هذا التحليل تفهم الموقف اللبناني "المتعنت" في ملف ترسيم الحدود البحرية حيث بات واضحا ان من يدير التفاوض لا يرغب في منح اي "هدية" للرئيس الراحل ويرغب في مد جسور التعاون مع الادارة الجديدة عبر هذا الملف، لان لبنان لا يملك شيئا ليقايض عليه اميركا.
لكن استخدام شيا لهذا القول المأثور الواضح في سلبيته، جاء ليؤكد ان السفارة الاميركية في بيروت تملك تعليمات حاسمة بمتابعة الضغط على الجانب اللبناني في اكثر من ملف، محاصرة حزب الله من خلال محاولة فرض حكومة لا وجود له فيها من قريب اوبعيد، استمرار الضغط الاقتصادي، وعدم القبول بأي تراجع عن هذه السياسة ما لم يقدم لبنان تنازلات جدية وليست شكلية في هذين الملفين.
سوء تقدير اميركي
ووفقا لاوساط مطلعة على الموقف الاميركي لم تتوقع واشنطن ان تصل المفاوضات الى "حائط مسدود" بهذه السرعة، خصوصا ان المؤشرات الاولية اظهرت وجود تباين واضح بين حزب الله وفريق رئيس الجمهورية ميشال عون وكذلك عين التينة في مقاربة هذا الملف، لكن اتضح في نهاية المطاف، ان الخلاف كان في الشكل لكن عندما وصلت الامور الى المضمون كانت "لمسات" حزب الله واضحة من خلال الموقف المتشدد الذي طغى على عملية التفاوض بقيادة الجيش اللبناني، وهنا جاء العتب الاميركي واضحا ومباشرا في اللقاء الاخير بين الرئيس عون والموفد الاميركي جون ديروشيه الذي زار بيروت مؤخرا، والذي ردد اكثر من مرة جملة واحدة مفادها "لم يكن هذا ما اتفقنا عليه"؟
تحذيرات من "الامتار الاخيرة"؟
ووفقا لتقديرات شيا، فان وزارة الخارجية الأميركية التي رعت إطلاق المفاوضات، لن تتراجع في "الامتار" الاخيرة من عمر ولاية ترامب المصر على تحقيق انجازات خارجية، وكان آخرها اعلان تطبيع العلاقات المغربية مع اسرائيل،وفي تحذير "مبطن" للسلطات اللبنانية تحدثت الدبلوماسية الاميركية بوضوح عن وجود "استياء" كبير في واشنطن من تقصد بعض الاطراف اللبنانية بمنع ترامب من تحقيق "نصر سياسي"، وقالت ان هؤلاء يجب ان يحذروا لان "الساعات الاكثر ظلاما هي التي تاتي قبل انبثاق الفجر"، وهؤلاء لا يمكن ان يصرفوا ما يظنون انه انتصار سياسي في وجه ادارة راحلة، لكنهم يجب ان لا ينسوا ان هذه الادارة لا تزال تملك كل الصلاحيات الدستورية التي تخولها "معاقبة" من يقف في وجهها.
"تكبيل" الحريري
من جهتها تؤكد اوساط معنية بالملف "للديار"، ان كلام السفيرة الاميركية ليس مستغربا، بل ثمة وقائع على ارض الواقع تثبت ان ادارة ترامب مستمرة بالتصعيد في الملف اللبناني، وليس ادل على ذلك عودة ملف تشكيل الحكومة الى نقطة الصفر، وخروج التراشق السياسي بين بعبدا وبيت الوسط الى العلن بعدما "كبل" الرئيس المكلف بشروط اميركية تعجيزية، وتهديدات بالعقوبات، تمنعه من الاقدام على فتح نقاشات جدية مع الطرف الآخر لتشكيل الحكومة على الرغم من التسهيلات الكبيرة التي قدمها "الثنائي الشيعي"، لكن "الفيتو" الاميركي يترجمه الحريري تشددا في التفاوض مع الرئيس عون لان المواجهة على محور بعبدا تبقى اقل كلفة.
لا هدايا مجانية
ولفتت تلك المصادر الى ان ثمة سوء تقدير لدى الاميركيين في قراءة الواقع اللبناني وهم ظنوا ان الازمة الاقتصادية الخانقة ستسهل مهمتهم في تمرير الترسيم وفق المصالح الاسرائيلية، او من خلال الضغط عبر فرض العقوبات والتهديد بتوسيع مروحتها، لكن تبين بوضوح ان هذه المسالة لا تخضع للمصالح الذاتية للطبقة السياسية، بل تحتاج لتفاهمات تتجاوز حدود لبنان، ولان الاميركيين ارادوا "هدايا" مجانية لترامب ولم يرضوا ان يدفعوا شيئا في المقابل، كما حصل مع الدول المطبعة، لم ينجح التفاوض حتى الان، ولهذا يبدو منطقيا ان ينتظر المفاوض اللبناني الادارة الجديدة لابرام "صفقة" يستعيد من خلالها لبنان حقوقه دون "مبالغات" مقابل رفع الاميركيين يديهم عن "زناد" الضغوط الاقتصادية والسياسية بما يسمح للبنان بالخروج من "غرفة العناية المركزة".
ايام صعبة ؟
اما الايام الاخيرة من عمر ولاية ترامب، فلن تكون سهلة، وبراي اوساط دبلوماسية اوروبية، ويجب اتخاذ اقصى درجات "الحيطة والحذر"، لان الساحة اللبنانية تبدو "شوكة" في "خاصرة" انجازات ترامب الشرق اوسطية، والرئيس الراحل، يتعامل مع الملفات على نحو شخصي، وهو يعمم "الفوضى" قبل رحيله، ولبنان، للاسف،ارض خصبة "للفوضى".
دياب "غاضب" من عون؟
في هذا الوقت، وكما كان متوقعا، لم يمثل رئيس الحكومة المكلف حسان دياب لطلب المحقق العدلي القاضي فادي صوان، ولم يستقبله بالامس، ولن يمثل امامه، وفي هذا الاطار جرى اتصال بين الامين العام لمجلس الوزراء محمود مكية والقاضي صوان، وقد ابلغه بالمخالفات الدستورية التي ارتكبها من خلال استدعائه رئيس حكومة تصريف الاعمال، لكن المحقق العدلي جدد تاكيده انه لجا الى الاجتهاد بعدما رفض المجلس النيابي التجاوب معه عندما راسله مؤخرا، فاضطر الى اتخاذ الاجراءات المتناسبة مع تقدم التحقيقات..
لكن الجديد ما نقله زواره دياب عن وجود "استياء" كبير في "تلة الخياط"، "وغيظ مكتوم" اتجاه الرئاسة الاولى حيث يسود الاعتقاد الجازم ان قرار المحقق العدلي سياسي تقف وراءه بعبدا بعدما ظنت انه بالامكان استفراد دياب باعتباره الحلقة الاضعف "سنيا" وتحقيق انجاز قبل زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، لكن ما حصل كان كارثيا، حيث انقسمت البلاد طائفيا، و"لوث" رئيس حكومة تصريف الاعمال "مذهبيا"، وتعطلت حكومة تصريف الاعمال، والنتيجة انهيار يضاف الى الانهيارات المتلاحقة في البلاد.
وقد اكد المكتب الاعلامي لرئاسة الحكومة الالتزام بالبيان الذي صدر عن دياب الأسبوع المنصرم الذي أكد فيه أنه رجل مؤسسات ويحترم الدستور الذي خرقه صوان وأنه قال ما عنده في هذا الملف ونقطة عالسطر. ولفت المكتب، بحسب المصادر إن "صوان اتصل بمكتب دياب الأسبوع الماضي ليطلب موعدا معه امس الاثنين لكن تم إبلاغه برفض دياب الخضوع للاستجواب".
"المجلس" على "الخط" مجددا
في هذا الوقت، لم يحل دخول رئيس المجلس نبيه بري على الخط من خلال طلب الامانة العامة لمجلس النواب من المحقق العدلي عبر مدعي عام التمييز، المستندات للسير بالملف من خلال المجلس، بوقف اجراءاته، وفيما لم تتبلغ الامانة العامة للمجلس النيابي اي طلب رسمي لاستدعاء النواب، لم يتراجع المحقق العدلي وحدد يوم الجمعة موعدا جديدا لاستجواب رئيس الحكومة المستقيل حسان دياب، والوزيرين علي حسن خليل وغازي زعيتر، ويوم الخميس لاستجواب الوزير فنيانوس، اذا لم يحضر اليوم، مع العلم ان كل المعلومات تشير الى انه سيحضر الى مكتب صوان في الموعد المحدد، ما يشير الى ان "الكباش" مستمر قضائيا وسياسيا.. وفي هذا الإطار قال النائب غازي زعيتر انا ملتزم بالمادتين 40 و70 من الدستور وحتى الساعة لم نتبلغ سبب استدعائنا". وكان النائب علي حسن خليل اعلن ايضا انه لن يحضر لانه لم يتبلّغ باستدعائه سوى من الاعلام. في هذا الوقت، سيعمد قاضي التحقيق الى عقد جلسة مواجهة خلال الساعات المقبلة بين مدير عام امن الدولة اللواء طوني صليبا والرائد الموقوف جوزف النداف.
الحشد المذهبي مستمر
في هذا الوقت اكمل رؤوساء الحكومة السابقين عقد التمترس المذهبي وعقد الرؤوساء نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وسعد الحريري وتمام سلام اجتماعا اكدوا خلاله التذكير بمكانتهم كرؤساء حكومة سابقين منذ الساعات الاولى لهذه الكارثة بتحقيق محايد تتولاه لجنة تحقيق دولية نتيجة تخوفنا من وضع القضاء اللبناني تحت ضغوط التمييع والتسييس والتطييف والابتزاز الداخلي، واكدوا إن التحقيقات القضائية وخاصة في مثل هذه القضايا الخطيرة، لا ينبغي لها أن تكون عرضة للتجاذبات الشعبوية والسياسية حتى لا تخرق سريتها وتنتهك حرمته، ولفت المجتمعون الى ان رئيس مجلس الوزراء والوزير المتهم يحاكمون امام المجلس الاعلى أما إذا أراد قاضي التحقيق أن يعتبر ذلك جرما عاديا، وهذا غير صحيح، فإنه ايضا ينطبق على فخامة الرئيس بسبب تماثل الفعلين بالإحجام عن درء الخطر قبل وقوعه. وبالتالي فإن من واجب قاضي التحقيق أيضا أن يلفت مجلس النواب إلى الاخلال الذي حدث من رئيس الجمهورية، وهو ما يعني وجوب التقيد بما هو وارد في المادة 60 من الدستور، اذ أن هذا الإخلال يتماثل تماما مع ما هو منسوب لرئيس الحكومة وللوزراء.
لماذا امتنع عون؟
وفي هذا السياق، تساءلت اوساط رؤوساء الحكومة السابقين عن الأسباب التي كانت وراء امتناع الرئيس عون بعد أن تلقى مراسلة من مدير أمن الدولة اللواء طوني صليبا بوجود هذه المواد في المرفأ، عن طرحها في اجتماعات مجلس الدفاع الأعلى التي تُعقد برئاسته مع أن وجودها يهدد أمن لبنان وسلامة اللبنانيين.
اشتعال "الجبهات"
في هذا الوقت وبعد ساعات على تشبيه وزير خارجية فر نسا جان ايف لودريان الوضع اللبناني بغرق سفينة "التايتانيك" انهارت الهدنة "الهشة" بين بعبدا وبيت الوسط وخرج الخلاف العميق الى العلن وترجم عبر "تراشق" في البيانات اصاب عملية تشكيل الحكومة "بمقتل"..
فقد رد المكتب الاعلامي للرئيس سعد الحريري على الرسالة المفتوحة لمستشار رئيس الجمهورية الوزير السابق سليم جريصاتي، والذي اتهم فيها الرئيس المكلف، بالتعطيل اوضح الرئيس المكلّف انه يريد حكومة اختصاصيين غير حزبيين لوقف الانهيار الذي يعيشه البلد واعادة اعمار ما دمّره انفجار المرفأ، اما فخامة الرئيس فيطالب بحكومة تتمثل فيها الاحزاب السياسية كافة، سواء التي سمّت الرئيس المكلف او تلك التي اعترضت على تسميته، الأمر الذي سيؤدي حتماً الى الامساك بمفاصل القرار فيها وتكرار تجارب حكومات عدة تحكمت فيها عوامل المحاصصة والتجاذب السياسي. واشار المكتب الاعلامي للرئيس الحريري الى "ان كل ذلك ينتظر توقيع فخامة رئيس الجمهورية على مراسيم تشكيل الحكومة ووضع المصالح الحزبية التي تضغط عليه جانبا، واهمها المطالبة بثلث معطّل لفريق حزبي واحد وهو ما لن يحصل ابدا تحت اي ذريعة او مسمّى"..
الحريري "مأزوم"؟
في المقابل لم يتاخر رد بعبدا، واوضح مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية ان ما ورد في بيان الحريري مجرد مغالطات، واشارت الى ان اعتراض الرئيس عون قام على طريقة توزيع الحقائب على الطوائف ولم يجر البحث في الأسماء المقترحة. واضاف "الصيغة الأخيرة التي طرحها الرئيس المكلف لتشكيل الحكومة تختلف عن الصيغ التي سبق ان تشاور في شانها مع الرئيس عون". وتابع "الرئيس عون اعترض على تفرد الرئيس الحريري بتسمية الوزراء وخصوصاً المسيحيين من دون الاتفاق مع رئيس الجمهورية، والرئيس عون لم يطرح يوماً أسماء حزبيين مرشحين للتوزير ولم يسلّم الرئيس المكلف لائحة أسماء". ولفت الى ان الرئيس عون طرح التشاور مع رؤساء الكتل النيابية وكان همه الوصول الى حكومة قادرة على مواجهة الظروف بعيداً عن العناد وتحريف الحقائق. وقد لفتت مصادر بعبدا الى ان ما حصل بالامس ليس الا تعبير واضح عن "الازمة" التي يمر بها الحريري العالق بين "سندان" الوعود الداخلية "ومطرقة" الضغوط الخارجية عليه، وهو يستمر بالمراوغة في اطار اصطفافات سياسية واضحة لاضعاف العهد.
********************************************************************
افتتاحية صحيفة اللواء :
جريصاتي يشعل "حرب روايات" بين بعبدا وبيت الوسط حول عقبات التأليف صوان يحدّد الجمعة موعداً لدياب.. ورؤساء الحكومات لوحدة المعايير بدءاً من رئيس الجمهورية
في المشهد صورتان، على تعلق الواحدة بالاخرى، الصورة الأولى، تواصل السجال بين بعبدا وبيت الوسط، بعدما فجر المستشار في القصر الجمهوري الوزير السابق سليم جريصاتي دورة جديدة من دورات السجال، الذي يتلطى وراء ستارة دستورية، حيناً، وميثاقية حيناً آخر، و"تربيح جميلة" مرّة ثالثة، ليستتبع رداً محكماً من المكتب الإعلامي للرئيس المكلف، ومن رؤساء الحكومة السابقين وهكذا دواليك..
والصورة الثانية، تتعلق بالصدام بين السلطات السياسية، وهي دستورية، والمحقق العدلي القاضي فادي صوان، على خلفية الادعاء غير الدستوري، الذي طال رئيس حكومة تصريف الأعمال، واعفى مراجع ووزراء وقيادات أمنية وإدارية أخرى، ولو من باب العلم، الذي سارع هؤلاء إلى البوح به، من دون جدوى.. في وقت أخذ القاضي صوان وجهة المثابرة على الادعاء، وحدد موعداً جديداً للاستماع إلى الرئيس دياب يوم الجمعة المقبل، في حين ان النائب العام التمييزي القاضي غسّان عويدات تنحى عن التحقيق، كمدع عام، في قضية انفجار المرفأ، على خلفية المصاهرة، التي تربطه بالنائب الحالي والوزير السابق غازي زعيتر..
على ان الأخطر، تخوف مصادر مطلعة من ان تزيد البيانات التي تتضمن روايات متضاربة حول الملف الحكومي تعقيدا، "فالكربجة" الحاصلة هي نتيجة المقاربة المختلفة لكل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف. وقالت أن الصورة الحكومية أصبحت أكثر تشاؤمية ولا تكهنات بمصيرها.
ولفتت المصادر إلى أن ما يفهم من هذه البيانات المتبادلة أن كلا منهما متمسك بما اورده وليس على استعداد للتنازل عن موقفه أو ملاحظاته.
وأشارت هذه المصادر إلى أنه بعد ذلك ليس معروفا ما إذا كان الحريري سيزور قصر بعبدا قريبا أو سيمر وقت حتى تهدأ الأجواء المتصلة بهذا الملف وأكدت أن أي تطور مرهون بخرق معين لكن ليس واضحا ما إذا كان حاضرا ام لا، مع الإشارة إلى ان مهلة تأليف الحكومة ما تزال في الدائرة الطبيعية، انطلاقاً من ان مرسوم تكليف الرئيس الحريري تأليف الحكومة صدر في 22 ت1 الماضي.
وهكذا، بدل ان يجري البحث عن قواسم مشتركة لتشكيل الحكومة وإنقاذ البلد من حالة الانهيار التي سقط فيها، إندلعت حرب بيانات بين قصر بعبدا وبيت الوسط ستؤدي حتما الى مزيد من التعقيد في تشكيل الحكومة، فيما اندلعت حرب مواعيد بين قاضي التحقيق العدلي في إنفجارالمرفأ فادي صوان وبين رئيس الحكومة حسان دياب، ما يعني ان البلد دخل في دوامة مقفلة لن يخرج منها من دون تفاهمات سياسية كبرى جديدة ترسم حدود التعامل بين القيادات الرسمية والمؤسسات الدستورية.او من دون تدخل خارجي كبير وقوي ضاغط على الجميع بما يدفعهم الى جعل مصلحة البلاد والعباد اولوية بدل التناحر على الصلاحيات والمكتسبات.
ويبدو حسب مصار متابعة ان تشكيل الحكومة يترنح اكثر، وسط تنازع الصلاحيات، وبعد ترقب عون والحريري الواحد للآخر، وكأن هناك "فيتو" من جهة معينة لمنع التشكيل، ما يجر البلاد الى مراحل اصعب. وأُفيد ان ألامانة العامة لمجلس النواب طلبت من القاضي صوان عبر النيابة العامة التمييزية، المستندات اللازمة للسير في ملف استدعاء النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر من خلال المجلس النيابي.
جريصاتي يُشعل السجال
ولئن كانت عدم استجابة السراي والوزراء الثلاثة المدعى عليهم للحضور إلى مكتب المحقق صوان في وزارة العدل بدءاً من اليوم، بعلة الحصانة النيابية لكل من خليل وزعيتر، والتمثل بهما بالنسبة لوزير الاشغال السابق يوسف فنيانوس، معروفة، فإن المفاجأة، ان ينبرى جريصاتي، عبر مقالة منشورة، لرمي "كرة النار الحارقة" بتأخير التأليف في ملعب الرئيس المكلف سعد الحريري، من خلال تأكيده على النقاط التالية:
1- المهلة المعقولة لتأليف الحكومة قد مضت.
2- تأخير تأليف الحكومة يعني تأييد حالة تصريف الأعمال في أدق الظروف واحوجها إلى القرارات الحاسمة، والناضجة من حكومة مكتملة الاوصاف الدستورية..
3- دعوة الرئيس المكلف لوضع "كفّه بكف" الرئيس (رئيس الجمهورية) الذي نستطيع ان نأتمنه في "الازمات والملمات".
ردّ الحريري-1
لم يتأخر ردّ الرئيس الحريري، عبر المكتب الإعلامي، إذ حبّذ ان يعدل المستشار جريصاتي "وجهة رسالته"، إلى "الجهة المسؤولة عن تأخير التأليف، وهي على مسافة خطوات من مكتبه في القصر الجمهوري".
بكلمات قليلة، اعتبر الرئيس الحريري المشكلة لدى رئيس الجمهورية وهو المسؤول عن تأخير المراسيم..
اما السبب فهو التباين في النظرة إلى الحكومة، فالرئيس الحريري يريد حكومة اختصاصيين غير حزبيين لوقف الانهيار الذي يعيشه البلد واعادة اعمار ما دمّره انفجار المرفأ، اما فخامة الرئيس فيطالب بحكومة تتمثل فيها الاحزاب السياسية كافة، سواء التي سمّت الرئيس المكلف او تلك التي اعترضت على تسميته، الأمر الذي سيؤدي حتماً الى الامساك بمفاصل القرار فيها وتكرار تجارب حكومات عدة تحكمت فيها عوامل المحاصصة والتجاذب السياسي.
وهذا يعني ان الرئيس الحريري لا يريد تكرار تجارب في حكومات سابقة ترأسها، ولم تؤد إلى أية قرارات إنقاذية.
وكشف الحريري ان 12 لقاءً عقدها مع رئيس الجمهورية، وهذا دحض لما اسماه "جريصاتي المهلة المعقولة"، وان التشكيلة تضمنت أسماء أشخاص وسيدات طلب رئيس الجمهورية توزيرها في اللقاء الثنائي.
وجزم الرئيس الحريري أن الخروج من مشكلة تأخير المراسيم، يكون بـ"توقيع رئيس الجمهورية على مراسيم تشكيل الحكومة"، "ووضع المصالح الحزبية التي تضغط عليه جانباً، واهمها المطالبة بثلث معطّل لفريق حزبي واحد، وهو ما لن يحصل أبداً تحت أي ذريعة أو مسمى".
والواضح، ان وراء أكمة التأخير مطالبة تكتل لبنان القوي بسبعة وزراء، وهذا لن يتحقق من قبل الرئيس المكلف، تحت أي اعتبار..
ردّ الرئاسة الأولى
وإذا كان ردّ الرئيس الحريري تضمن رواية واضحة، ضمن معلومات وخيارات، فإن ردّ المكتب الإعلامي لرئاسة الجمهورية، دحض بعض ما في الرواية من باب ما اسماه مغالطات، وحصرها بأربع:
1- نفي البحث بالأسماء، وان اعتراض رئيس الجمهورية كان "على طريقة توزيع الحقائب الوزارية على الطوائف"..
وطلب رئيس الجمهورية إعادة النظر نظراً لأن "المعايير ليست واحدة في توزيع الحقائب".
وفي هذه النقطة إضافة مأخذ على الحريري، وهو "تفرده بتسمية الوزراء خصوصاً المسيحيين، من دون الاتفاق مع رئيس الجمهورية".
ثانياً: لم يسلّم رئيس الجمهورية لائحة بأسماء مرشحين للتوزير، بل طرح خلال النقاش مجموعة أسماء كانت مدرجة في ورقة اخذها الرئيس المكلف للاطلاع عليها، واستطراداً لم تكن هذه الورقة معدّة للتسليم، او لاعتمادها رسمياً بل أتت في خانة تبادل وجهات نظر.
ثالثاً: في كل مرة كان يزور فيها الرئيس المكلف قصر بعبدا، كان يأتي بطرح مختلف عن الزيارات السابقة، والصيغة التي قدمها في آخر زيارة له كانت مختلفة عن الصيغ التي تشاور في شأنها مع رئيس الجمهورية.
رابعاً: لم يطرح الرئيس عون يوماً أسماء حزبيين مرشحين للتوزير، بل كان يطرح على الرئيس المكلف ضرورة التشاور مع رؤساء الكتل النيابية الذين سوف يمنحون حكومته الثقة ويتعاونون معه في مشاريع القوانين الإصلاحية التي كانت تنوي الحكومة اعتمادها، ولم يرد في ذهن الرئيس عون يوماً "امساك الأحزاب بمفاصل القرار" او "تكرار تجارب حكومات عدة تحكمت فيها عوامل المحاصصة والتجاذب السياسي".
هذا التضارب، في الرواية الصادرة عن بعبدا، تكشف عن أزمة ثقة، تولدت خلال اللقاءات 12 بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف.
ردّ الحريري-2
الرد الثاني للمكتب الإعلامي للرئيس الحريري، وضع السجال الدائم في خانة المسبب جريصاتي.. داعيا الرئاسة الأولى لوقف ما اسماه التلاعب في مسار تأليف الحكومة، وضبط ايقاع المستشارين بما يسهل عملية التأليف لا تعقيدها، مشدداً على ان الاولوية التي لا تتقدم عليها اي اولوية هي الخروج من نفق الازمة وتداعياتها المعيشية والاقتصادية ووضع البلاد على سكة الانقاذ الحقيقي.
لكن المكتب أكّد في رده على ما جاء في الرواية الوقائعية الأولى. وقال: يهم المكتب الإعلامي للرئيس الحريري التأكيد على مضمون البيان الذي صدر عنه تعقيباً على مقالة المستشار الرئاسي، لاسيما لجهة تسلم الرئيس المكلف لائحة من فخامة الرئيس بأسماء المرشحين للتوزير في الاجتماع الثاني بينهما، واختياره منها أربعة أسماء لشخصيات مسيحية، خلافاً لما أورده بيان القصر عن تفرد الرئيس المكلف بتسمية الوزراء المسيحيين.
كما تسلم الرئيس المكلف في الاجتماع الأخير مع رئيس الجمهورية طرحاً محدداً لإعادة النظر في توزيع الحقائب والتواصل مع الكتل النيابية بما يفضي إلى تمثيلها في التشكيلة الحكومية وتوفير الثلث الضامن لأحد الجهات الحزبية.
الاشتباك القضائي
وفي الاشتباك القضائي، فقد رفض الرئيس دياب مجدداً المثول امام صوان بتهمة التقصير والاهمال. كما رفض الوزيران السابقان للمال علي حسن خليل وللإشغال العامة والنقل غازي زعيتر اللذان إدعى عليهما صوان بتهمة "الاهمال والتقصير والتسبب بوفاة وجرح مئات الأشخاص"، المثول امام القضاء لإستجوابهما في هذا الملف. وقد حدد صوان موعداً جديدا لزيارة السرايا يوم الجمعة المقبل للاستماع الى افادة دياب، وأيام الاربعاء والخميس والجمعة من الاسبوع المقبل للاستماع تباعا الى كل من حسن خليل وزعيتر والوزير الاسبق للاشغال يوسف فنيانوس.
وفي هذا الإطار قال النائب غازي زعيتر: انا ملتزم بالمادتين 40 و 70 من الدستور، وحتى الساعة لم نتبلغ سبب استدعائنا. بدوره، قال النائب علي حسن خليل انه ايضا لن يحضر لانه لم يتبلّغ باستدعائه سوى من الاعلام.
رؤساء الحكومات: خرق الدستور خلل في الكيان
وفي الإطار، رأى رؤساء الحكومات السابقون ان "خرق الدستور بصورة متعسفة، فإنه يخشى ان يؤدي إلى خلل كبير في الركائز التي يقوم عليها الكيان اللبناني"..
وجاء في بيان للرؤساء نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وسعد الحريري وتمام سلام انه "اذا أراد قاضي التحقيق أن يعتبر ذلك جرما عاديا، وهذا غير صحيح، فإنه ايضا ينطبق على فخامة الرئيس بسبب تماثل الفعلين بالإحجام عن درء الخطر قبل وقوعه. وبالتالي فإن من واجب قاضي التحقيق أيضا أن يلفت مجلس النواب إلى الاخلال الذي حدث من رئيس الجمهورية، وهو ما يعني وجوب التقيد بما هو وارد في المادة 60 من الدستور، اذ أن هذا الإخلال يتماثل تماما مع ما هو منسوب لرئيس الحكومة وللوزراء".
وأكد رؤساء الحكومة على تحقيق محايد تتولاه لجنة تحقيق دولية نتيجة تخوفنا من وضع القضاء اللبناني تحت ضغوط التمييع والتسييس والتطييف والابتزاز الداخلي، وذلك من أجل الحرص على كشف الحقيقة كاملة أمام جميع اللبنانيين المنكوبين ومحاسبة المسؤولين عن هذه الكارثة أيا كانوا ومهما كان شأنهم وموقعهم السياسي او الطائفي.
ورأى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ان عهد الرئيس عون هو عهد كارثي، ونتفق معه على شيء واحد ألا يصاب الجبل بأي توتر.. واصفاً العلاقة مع الرئيس الحريري بالفاترة، ووقفت معه في محطات عدّة، واختلفنا بعد 7 أيّار 2008، والظروف فرضت نفسها.
يُشار إلى ان الرئيس عون، قال لدى استقباله السفير البريطاني كريس رامبلينغ وكبير مستشاري وزارة الدفاع البريطانية لشؤون الشرق الأوسط الجنرال السير جون لوريمير في زيارة وداعية لمناسبة انتهاء مهمة السفير رامبلينغ في لبنان والجنرال لوريمير في المنطقة أن "معركتي من أجل الإصلاح مستمرة"، وان المجتمع الدولي يدعو إلى تحقيق الإصلاحات.
وانزلت حركة "أمل" طلابها إلى الشارع، رافعة الصوت في ما خص الدولار الطالبي، ومطالب القطاع التربوي عموماً.
كذلك نظمت منظمة الشباب التقدمي مسيرة من الكولا إلى الأونيسكو، لرفع الصوت بوجه قرارات الجامعات الخاصة، لرفع أسعار الأقساط الجامعية، ودعوة وزارة التربية لحماية مستقبل الطلاب.
وفي سياق طلابي آخر، نفذ طلاب كلية الآداب في الجامعة اللبنانية في زحلة - البقاع (الفرع الرابع) اعتصاما، في حرم الجامعة، على خلفية حادث صدم ادى الى مقتل الطالبة إسراء أيوب الخميس الماضي بينما كانت تجتاز الطريق الدولي المحاذي للجامعة في زحلة. ورفع المشاركون لافتات طالبت بانشاء جسر يحمي الطلاب من خطر الاصابة لدى العبور إلى مبنى الكلية.
147613
صحياً، بين التقرير اليومي لوزارة الصحة ان 1093 إصابة تحققت بالفايروس، مع 10 حالات وفاة، ليرتفع العدد إلى 147613 إصابة مثبتة مخبرياً منذ 21 شباط 2019.
**********************************************************************
افتتاحية صحيفة النهار:
هل طار مسار التأليف في حرب السجالات؟
كان يؤمل من جولة السجالات وتبادل الردود والبيانات المباشرة بين قصر بعبدا وبيت الوسط ان تشكل، ولو في طابعها السلبي، فسحة مصارحة للبنانيين حول طبيعة التعقيدات التي اعترضت تأليف الحكومة، وكذلك فتحا لثغرة يمكن من خلالها النفاذ الى تسوية او حل حاسم وشيك على الأسس التي يمليها الدستور لاعلان الحكومة العتيدة في اسرع وقت. المصارحة حول بعض جوانب التعقيدات حصلت، ولكنها ابرزت تناقضا كبيرا يفصل رؤية كل من بعبدا وبيت الوسط الى مجريات اللقاء الأخير بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف تأليف الحكومة سعد الحريري، وحتى في تبيان التفاصيل التي أحاطت بتشكيلة الرئيس الحريري وطرح الرئيس عون. كما ان تلمس طريق الخروج من الاشتباك السياسي الكبير بينهما، بدا كأنه يبتعد اكثر من أي وقت سابق. وبذلك تكون الخلاصة الفورية التي لا جدال حولها ان مسار تأليف الحكومة بدا امس وكأنه انزلق الى أسوأ تأزم عرفه منذ تكليف الرئيس الحريري وتحديدا عقب اللقاء الأخير الذي عقد بين عون والحريري الأربعاء الماضي في بعبدا.
هذه الجولة من السجالات اشتعلت كما هو معروف على خلفية الكتاب المفتوح الذي وجهه الوزير السابق سليم جريصاتي عبر "النهار" امس الى الرئيس المكلف ورد المكتب الإعلامي للرئيس الحريري عليه ومن ثم رد مكتب الاعلام في قصر بعبدا على رد المكتب الإعلامي للحريري ومجددا عبر رد بيت الوسط على رد بعبدا. ولم يعد خافيا ان مضامين هذه الردود او حرب السجالات والبيانات وما ستكشفه جولات الردود الأخرى المتبادلة كشفت عمق الهوة، لا الشكلية فقط، في تقاسيم الحكومة العتيدة وتفاصيلها وحقائبها وربما حجمها، بل الأهم الخلفيات والاهداف السياسية التي تحكم الاشتباك السياسي بين بعبدا وبيت الوسط خصوصا لجهة مسألة تسمية الوزراء المسيحيين أولا، وحجم الحصة للفريق الرئاسي بشقيه الرسمي والحزبي ثانيا ومسالة الثلث المعطل ثالثا، وهي عناصر متفجرة في مجملها ان كانت تؤشر الى ما يتجاوز صراعا على السلطة لأمد طويل فالأخطر ان تكون مؤشرا لإذكاء صراع حول الطائف والدستور تحت جنح الزعم بحقوق الشراكة في تأليف الحكومة.
هذا البعد الخطير واكب يوم السجالات الطويل بدءا برد المكتب الإعلامي للرئيس الحريري على كتاب جريصاتي عبر "النهار" امس كاشفا ان الرئيس المكلف قدم من ضمن تشكيلته الحكومية الكاملة أربعة أسماء من اللائحة التي كان الرئيس عون سلمها الى الحريري وانه في الـ12 لقاء بينهما، كان رئيس الجمهورية في كل مرة يعبر عن ارتياحه لمسار النقاش قبل ان تتبدل الأمور وتتغير بعد مغادرة الحريري القصر الجمهوري. ولكن رد بعبدا اعتبر ان الرئيس عون اعترض على تفرد الرئيس المكلف بتسمية الوزراء المسيحيين دون الاتفاق مع رئيس الجمهورية وان عون لم يسلم الحريري رسميا لائحة أسماء. واصر مكتب الحريري في رده اللاحق على التأكيد انه تسلم من الرئيس عون لائحة بأسماء المرشحين واختياره أربعة منها وامل من الرئاسة "إعطاء توجيهاتها بوقف التلاعب في مسار تأليف الحكومة وضبط إيقاع المستشارين بما يسهل عملية التاليف لا تعقيدها".
الاشتباك السياسي القضائي
ولم تكن تطورات ملف الاستدعاءات التي طلبها المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي فادي صوان اقل سلبية من المسار السياسي المأزوم المتصل بتأليف الحكومة اذ حصل امس الصدام الواقعي من خلال امتناع رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب عن استقبال القاضي صوان في السرايا وامتناع الوزراء السابقين الثلاثة المطلوبين للمثول امام المحقق العدلي عن الحضور الى قصر العدل. ولم ينتقل صوان الى السرايا بعدما تبلغ ان الرئيس دياب يرفض استقباله لاستجوابه كمدعى عليه كون صلاحية الاستدعاء تعود الى مجلس النواب بحسب الدستور. وهو الموقف نفسه الذي اتخذه الوزير السابق علي حسن خليل. وعلى الأثر قرر صوان المضي في المسار الذي اختطه للتحقيق فحدد مواعيد جديدة لاستجواب دياب والوزراء السابقين تبدأ غدا مع خليل ويوسف فنيانوس الخميس وغازي زعيتر الجمعة، كما الرئيس دياب في اليوم نفسه. وطرحت وسط اشتداد هذا الكباش السياسي القضائي، تساؤلات عن الاحتمالات التي تواجه المحقق العدلي في حال اصطدامه المرجح تكرارا بامتناع دياب والوزراء السابقين عن الاستجواب. وإذ بدا مستبعدا تماما ما تردد عن امكان تنحي القاضي صوان عن هذا الملف فان الاحتمال الأرجح يتمثل في ان يلحظ المحقق العدلي وقائع الامتناع عن الاستجواب في قراره الاتهامي وترك القرار النهائي في شأن المسؤولين السياسيين للمجلس العدلي كهيئة حاكمة.
اما في التفاعلات السياسية لموضوع الادعاءات على دياب والوزراء السابقين فبرزت مطالبة رؤساء الحكومات السابقين الأربعة نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وسعد الحريري وتمام سلام مجددا بلجنة تحقيق دولية "نتيجة تخوفنا من وضع القضاء اللبناني تحت ضغوط التمييع والتسييس والتطييف والابتزاز الداخلي". وذكروا بان "الدستور يحصر محاكمة رئيس الوزراء والوزير المتهم امام المجلس الأعلى اما اذا أراد قاضي التحقيق ان يعتبر ذلك حرما عاديا وهذا أيضا غير صحيح، فانه ينطبق على رئيس الجمهورية أيضا بسبب تماثل الفعلين بالاحجام عن درء الخطر قبل وقوعه". وإذ اكدوا "تمسكهم بأحكام الدستور وان لا حصانة لهم ولا لاي شخص في هذا الخصوص من اعلى الهرم الى أسفله" حذروا من "ان خرق الدستور بصورة متعسفة يؤدي الى خلل كبير في الركائز التي يقوم عليها الكيان اللبناني".
جعجع
وسط هذه المناخات سألت "النهار" رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع عما يترقبه من زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الثالثة للبنان قبيل عيد الميلاد فأجاب "الله يعين الرئيس ماكرون ولكن يجب ان يأتي الى لبنان من اجل الشعب اللبناني. لكن رهان الرئيس ماكرون على السلطة الحالية لن يوصل الى أي مكان لانه لا يمكن هذه السلطة ان تقوم بالإصلاح او تغير الوضع الحالي الذي هي مسؤولة عنه".
وعن صحة ما يقال عن عمل من اجل إقامة جبهة شبيهة بالجبهة اللبنانية سابقا اكتفى جعجع بالقول "أعطني أحدا كالرئيس كميل شمعون والشيخ بيار الجميل وشارل مالك وعندها تتأسس جبهة لبنانية".
**********************************************************************
افتتاحية صحيفة الجمهورية :
عون والحريري: كشف المستور.. والصدام القضائي يتفاعل.. بري: حالنا يرثى لها
وَصّف وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان وضع لبنان بأنّه يشبه سفينة "التيايتانيك" قبل أن تغرق، الّا أنّه قد أخطأ التوصيف هذه المرة، فتلك السفينة بالنكبة التي ضربتها، كانت محظوظة إذ أنّها غرقت ومات ركابها مرة واحدة وكانت الموسيقى تضج في أرجائها، وليس كما هو حال ركاب "التياتانيك" اللبنانية، الذين يموتون كلّ يوم مرّات ومرّات ولا يُعزف لهم حتى لحن الموتى!
"التايتانيك" التي قصدها الوزير الفرنسي كانت في رحلة آمنة قبل أن تصطدم بجبل جليدي أغرقها وأسكنها قعر المحيط، امّا "التايتانيك" اللبنانية فيغرقها أفراد طاقمها المُمسكون بدفّتها، الذين أخذوها في رحلة النهاية المشؤومة، يصارعون فيها بعضهم البعض على أتفه سبب او تفصيل، ويكذّبون حقيقة أنّ هذه السفينة اللبنانية المنكوبة بهم، اصبحت في القعر. وفي هذا القعر يواصلون صراعهم على أنقاض لا بل على هيكل عظمي بلا روح، من دون أن يرفّ لأيّ منهم جفن.
سؤال وحيد يلقيه المواطن اللبناني في وجه الطبقة الحاكمة هو: ماذا بعد؟ وماذا تريدون أكثر من الإعدام الجماعي الذي حكمتهم فيه على كلّ اللبنانيين؟
بالتأكيد لا جواب منتظراً ممّن احترف سياسة الشؤم، وامتلك شجاعة هدم البلد وإفقار أهله واللعب بمصيرهم خدمة لأهوائه وشهواته، وممّن أثبتَ للعالم أجمع أنّه ليس جديراً بالثقة، وليس أهلاً للقيادة، التي من أبسط شروطها الحكمة والمسؤولية الوطنيّة، وممّن هو فاقِد للشعور بنبض اللبنانيين ووجعهم وجوعهم الذي هَوى بأكثر من 70 في المئة الى ما دون خط الفقر، ودفع الى تهجير الآلاف منهم بحثاً عن لقمة عيشه في أي بقعة في العالم!
إستنفارات!
على هذا المنوال، يُكمل المُمسكون بزمام الأمور عمليّة هدم البلد، والانتقال به من شَركٍ مفخخ الى شرك آخر أكثر تفخيخاً، على ما هو حاصل في هذه الايام. فالمشهد الداخلي أشبه بجبهات مفتوحة؛ استنفار سياسي ومتاريس منصوبة بين الجميع، استنفار طائفي ومذهبي يُنذر تماديه بوقوع البلد في محظور لا قيامة منه، واستنفار قضائي نبت في محاذاته جدال متناقض قد لا ينتهي بين قائل بصلاحية المحقق العدلي في ادّعاءاته الاخيرة على رئيس الحكومة المستقيلة والوزراء السابقين، وبين مُشكّك فيها وقائل باستنسابيتها، وايضاً حول ملفات فُتحت بسحر ساحر، فلفّها ضباب كثيف إن لناحية توقيتها أو لناحية مضمونها والجهات التي تستهدفها، الى حد لم يعرف فيه ما اذا كانت الغاية منها مكافحة الفساد فعلاً، أو صبّ الزيت على النار، او ما اذا كانت ملفات مفبركة في ما سمّيت "غرف سوداء" لأبعاد سياسيّة وشخصيّة كيديّة وانتقاميّة، وثيقة الصلة بالتعقيدات الحاكمة لملف تأليف الحكومة؟
توحي هذه الاستنفارات وكأنّ ثمّة إرادة خفيّة لتحضير البلد لحدث ما، ليس في الإمكان تحديد حجمه او ماهيته؛ ولكن هل هي صدفة أن تشتبك غالبيّة المكوّنات السياسيّة مع بعضها البعض، وتتبادل خطاباً غير مسبوق في حدته السياسية والطائفية؟ هل هناك مَن كبسَ زر التوتير؟ وإن صحّ ذلك، فمن هو كابِس الزر؟ ولماذا في هذا التوقيت بالذات؟ وأخطر ما في الامر أنّ المكونات السياسية المتناحرة تبدو وكأنّها قررت الانقياد طوعاً وعن سابق تصوّر وتصميم الى الاشتباك وتَبادل كلامٍ في السرّ والعلن يتقاذف المسؤوليات، ولا توفّر نبرته الانفعالية، خصوصاً في صالونات السياسيين المغلقة، الكرامات والمحرّمات!
التحقيق العدلي
في هذه الأجواء، احتلّ الملف القضائي صدارة المتابعات الداخلية، ويبدو من التطورات المرتبطة به أنّ هذا الملف دخلَ حلقة تفاعل لا سقف لها، تتداخَل فيها الابعاد السياسية والطائقية، بما يضع هذا الملف امام شتى الاحتمالات.
وكما كان متوقعاً فإنّ رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب رفض استقبال المحقق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت القاضي فادي صوّان، وفيما أفيد بأنّ القاضي صوان، وربطاً بامتناع رئيس الحكومة المستقيلة عن استقباله، حدّد موعداً جديداً لاستجواب دياب قبل نهاية الاسبوع الجاري، وتزامَن ذلك مع إعلان متجدّد من قبل أوساط الرئيس دياب بأنّه يرفض بشكل قاطع ما سمّاه استهداف موقع رئاسة الحكومة والمَس بالدستور. وقالت هذه الأوساط لـ"الجمهورية": الرئيس دياب لا يعتبر نفسه معنيّاً بأيّ محاولة لخرق الدستور، وليس في وارد السماح بالمساس او الانتقاص من موقع رئاسة مجلس الوزراء وهيبتها وكرامتها. وبالتالي، هو ليس معنيّاً بأي استدعاءات ولا بأي كلام يصدر عن أي موقع، ولقد سبق وأبلغنا من يعنيهم الأمر بأنّ الرئيس دياب هو رجل مؤسسات، يحترم القانون والدستور، والقاضي صوان ارتكبَ خرقاً صارخاً للدستور. ولا كلام لدى الرئيس دياب زيادة على ذلك، ونقطة على السطر".
مخاطر كبرى!
كذلك، تزامَن تحديد موعد جديد لاستجواب دياب، مع رفض متجدّد ايضاً جرى التعبير عنه صراحة في لقاءات مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، وكذلك في اجتماع هيئة رئاسة تيار "المستقبل" أمس برئاسة الرئيس المكلف سعد الحريري، وايضاً لدى رؤساء الحكومات السابقين، الذين اكدوا في اجتماع امس حضره الرئيس المكلف سعد الحريري والرؤساء نجيب ميقاتي وتمام سلام وفؤاد السنيورة " الالتزام بالدستور، معتبرين انّ خَرقه تعسّفاً قد يؤدي الى خلل كبير في ركائز الكيان اللبناني".
وقال أحد الرؤساء لـ"الجمهورية": هناك محاولة للقفز فوق كل المحرّمات، وسَعي مقصود لضرب موقع رئاسة مجلس الوزراء وكسر هيبتها، هذا الامر في منتهى الخطورة، حيث نشمّ رائحة سياسية كريهة، لا تحاول فقط حَرف ملفٍ قضائي عن الوصول الى الحقيقة التي يريدها كل اللبنانيين، وكشف المتورطين فعلاً في انفجار المرفأ، بل تحاول المَس بالطائف، وهذا ما لا يمكن ان نسمح به، مع الاسف هناك من يريد ان يوقع لبنان في مخاطر كبرى".
"أمل"
كذلك كان موضوع الادعاءات والاستدعاءات في ما خَص انفجار مرفأ بيروت، محل نقاش في اجتماع المكتب السياسي لحركة "أمل"، الذي عكس في بيان موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري لجهة تأكيد "الحرص على إبعاد التحقيق عن أي تسييس وصولاً إلى تبيان الحقيقة كاملة في هذا الملف وتحديد المسؤوليات القانونية واتخاذ الاجراءات بحق كل المرتكبين والمقصّرين"، معتبراً "أنّ ما صدر عن المحقق العدلي هو مُنافٍ للقواعد الدستورية والقانونية الثابتة التي أكد عليها المحقق نفسه برسالته إلى المجلس النيابي في 26/11/2020، والتي تلقتها هيئة مكتب المجلس النيابي معتبرة أنّ هناك حاجة لاستكمال الملف وتقديم المستندات ليبنى على الشيء مقتضاه والمباشرة بالاجراءات اللازمة، وهذا ما لم يحصل، بل انّ ما حصل فعلاً هو تجاوز المادتين الدستوريتين 40 و70 من الدستور من دون اي مسوّغ". كما شدد على "ان ما حصل يطرح علامات استفهام حول مسار التحقيق وإجراءاته، والخشية من تضييعه، ويبعدنا عن الاصول الواجبة لكشف الحقيقة وإحقاق العدالة للشهداء والمتضررين".
توسيع بيكار الاستدعاءات
وفيما بات مؤكداً انّ مهمة المحقق العدلي شديدة الصعوبة بالنظر الى الاعتراضات السياسية التي قوبِل بها طلبه التحقيق مع الرئيس دياب والوزراء السابقين علي حسن خليل وغازي زعيتر ويوسف فنيانوس، أثيرت في الاجواء الداخلية تساؤلات حول ما اذا كان صوان سيتنحّى عن هذا الملف، ام سيمضي فيه، وفيما اعتبر سياسيون انّ وصول المحقق العدلي الى طريق مسدود، لا يُبقي أمامه سوى خيار التنحي، برزت آراء قضائية وسياسية اخرى داعمة للمحقق العدلي وتطالبه باستكمال التحقيق والذهاب فيه الى الآخر من دون التوقف عند اي اعتبار، او رضوخ لضغوط من هذا الطرف او ذاك. واكدت على أحقيته في استدعاء ايّ كان للتحقيق معه في هذه الجريمة الخطيرة، ورجّحت في هذا السياق إمكان مبادرة القاضي صوان الى توسيع بيكار الاستدعاءات، بحيث تشمل اسماء جديدة وفي مواقع مختلفة سياسية وغير سياسية.
ونُقل عن متضامنين مع صوان في هذا الملف قولهم انّ الاستدعاءات ستتواصَل، وستطال رؤوساً كبيرة في الدولة، والمحقق العدلي لن يتوانى عن الادعاء على كلّ مَن يظهره التحقيق متورّطاً في جريمة انفجار مرفأ بيروت، وصولاً الى كشف الحقيقة كاملة".
لجنة تحقيق دولية
الى ذلك، تحدثت مصادر مواكبة لهذا الملف عبر "الجمهورية" عن احتمالين:
الأول، أن يصمد المحقق العدلي أمام الضغوط السياسية والطائفية التي يتعرّض لها، ويكمل في مهمته الى النهاية.
الثاني، أن يتنحّى القاضي صوان، وهنا تبرز عقدة تعيين البديل. ما قد يُطلق حركة مطالبات حثيثة لتشكيل لجنة تحقيق دولية في جريمة انفجار المرفأ، وهو أمر إذا تحقّق يُحرج كل الطبقة السياسية، ولا يجرؤ أيّ منها على الاعتراض، ومن يريد ان يعترض يضع نفسه في قفص الاتهام.
في سياق متصل، أعلن النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات تَنحّيه عن متابعة النظر في ملف انفجار المرفأ بصفته مدّعياً عدليّاً في القضية، لوجود صِلة قرابة بينه وبين الوزير السابق النائب غازي زعيتر (متأهل من شقيقة عويدات)، والذي ادّعى عليه المحقق العدلي القاضي فادي صوان. ومع تنحّي عويدات ووفقاً للقانون، تعود صلاحية متابعة التحقيق في ما خَص دور النيابة العامة التمييزية في الملف الى المحامي العام التمييزي القاضي غسان الخوري، الذي سيتابع التحقيق في الشق المتعلق بالنيابة العامة.
توترات ومخاوف
سياسيّاً، الاجواء مقلقة بالكامل، وتبدو مفتوحة على شتى الاحتمالات، في ظل حال الاحتقان التي بلغ ذروة تَورّمه السياسي والطائفي. وبحسب معطيات "الجمهورية"، فإنّ المستويات السياسية على اختلافها تعيش حالاً من الارباك الشديد، وبعضها بدأ يتحدث عن سيناريوهات قاتمة مُقبِل عليها البلد في المدى المنظور، في ظلّ تعثّر تأليف الحكومة الذي يبدو انه دخل مرحلة استعصاء كلّي تُنذِر بانفراط التأليف بالكامل، وقطع مرحلة التعايش القسري بين المعنيَّين بهذا الملف؛ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري، خصوصاً بعد وصول هذا الملف بتعقيداته والشروط المتصادمة الى نقطة اللارجوع.
وبحسب معلومات "الجمهورية" فإنّ هذا الانسداد الداخلي على كل المستويات السياسية والقضائية، وما رافَقه من عوامل أجّجَت الغضب الشعبي، ولا سيما منها استمرار الضغط على المواطن اللبناني بإجراءات تلحق به حتى آخر رمق، الى حد انه لم يعد يملك شيئاً ليخسره بعدما فقد أبسط مقومات الاستمرار. كلّ ذلك حَرّك اتصالات مكثفة على غير مستوى حِراكي، لإطلاق حركة اعتراضية نوعيّة تفجّر الشارع من جديد في وجه الطبقة الحاكمة، وفي مدى غير بعيد.
حراك نوعي
وقالت أوساط حراكية لـ"الجمهورية": الايام المقبلة حاسمة على صعيد المواجهة المستمرة مع طبقة حكّام في غربة عن المواطن اللبناني الفقير، وتواصل نهجها نفسه الذي أوصَل لبنان الى الكارثة التي يعانيها، وها هم اليوم دخلوا زمن الفضائح، ويكشفون عن فضائحهم، ويفتحون ملفات بعضهم البعض، والجريمة الكبرى التي يرتكبونها، تَكمن في تَمييع التحقيق في جريمة العصر التي ارتكبوها في تفجير مرفأ بيروت. كلّ ذلك يجعل من السكوت على جرائمهم بمثابة الجريمة، ومن هنا فإنّ الشعب اللبناني، الذي ثار غضباً ووجعاً في 17 تشرين، سيكمل ثورته وسيفاجئهم بتحركات ضاغطة حتى رحيل هذه الطبقة ومحاسبة المرتكبين فيها والقضاء على محميات فسادها".
بري: دخلنا في النفق
حكوميّاً، يبدو انّ الحمْل الحكومي قد تعرّض للإجهاض قبل أن تولد الحكومة، والوضع العام المحيط بهذا الملف هو في أعلى درجات التشاؤم، وهو ما عَكسه الرئيس نبيه بري الذي قال رداً على سؤال لـ"الجمهورية": الوضع ليس مريحاً على الاطلاق، فقد دخلنا في النفق ولا أعرف كيف سنخرج منه. لقد أصبحنا في حال يرثى لها، والوضع الحكومي مسدود بالكامل. امّا لماذا هذا الانسداد؟ فبالتأكيد انّ الجواب هو لدى رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف، وإن شاء الله يتمكّن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون من أن يفعل شيئاً في زيارته المقبلة، وما علينا سوى أن ننتظر".
واكد بري "أن الوضع الذي وصلنا إليه يوجِب الاسراع في تشكيل الحكومة"، وهو ما شَدّد عليه ايضاً المكتب السياسي لحركة "أمل" الذي حذّر "من محاذير عرقلة وتأخير تشكيل الحكومة في لحظة الخوف على المصير الوطني، داعياً "بشدة إلى الاسراع في تشكيل الحكومة بعيداً عن المحاصصات والخلافات الضيقة".
سجال الشريكين
الى ذلك، ومع فقدان الجنين الحكومي الذي عُمل على تكوينه على مدى أسابيع، وفي مناخ ملبّد بالتعقيدات والالغام السياسية والمزاجيات الشخصية، وكذلك مع انقطاع كل الشعرات الواصلة بين الرئيسين عون والحريري حول هذا الملف، واستبدالها بكرات نارية ألقى بها كلّ منهما على الآخر، وبسِجال يحمل كلاماً من فوق السطوح بين "التيار الوطني الحر" وتيار "المستقبل"، تصبح إمكانية تكوين هذا الجنين من جديد مهمة شبه مستحيلة.
واللافت في هذه الاجواء هو انتقال شريكي التأليف (عون والحريري) من حلبة التأليف الى حلبة السجال والاشتباك السياسي، فالرئيس المكلف أشار في بيان لمكتبه الاعلامي الى انه التقى رئيس الجمهورية 12 مرة، في محاولة حثيثة للوصول الى تَفاهم بشأن تشكيل الحكومة، وهو في كل مرة كان يعبّر عن ارتياحه لمسار النقاش، قبل ان تتبدّل وتتغيّر الامور مع الأسف بعد مغادرة الرئيس الحريري القصر الجمهوري".
وكشف "انّ الرئيس المكلف يريد حكومة اختصاصيين غير حزبيين، امّا فخامة الرئيس فيطالب بحكومة تتمثل فيها الاحزاب السياسية كافة، الأمر الذي سيؤدي حتماً الى الامساك بمفاصل القرار فيها وتكرار تجارب حكومات عدة تَحكّمَت فيها عوامل المحاصصة والتجاذب السياسي". وأوضح "انّ الرئيس المكلف، وفي الزيارة الأخيرة له الى قصر بعبدا قبل ايام، قدّم تشكيلة حكومية كاملة متكاملة بالاسماء والحقائب، من ضمنها 4 أسماء من اللائحة التي كان فخامة رئيس الجمهورية َسلّمها للرئيس المكلف في ثاني لقاء بينهما، وهي لائحة تتضمن أسماء مرشحين ومرشحات يرى فيهم فخامة الرئيس المؤهلات المطلوبة للتوزير.
وإذ اكد المكتب الاعلامي للحريري انه لا يريد ان يشكّل حكومة "كيف ما كان"، اعلن انه ينتظر توقيع فخامة رئيس الجمهورية مراسيم تشكيل الحكومة ووضع المصالح الحزبية التي تضغط عليه جانباً، وأهمها المطالبة بثلث معطّل لفريق حزبي واحد، وهو ما لن يحصل ابداً تحت اي ذريعة او مسمّى.
رد عون
وردّ المكتب الاعلامي لرئيس الجمهورية على بيان مكتب الحريري، مشيراً الى انه "تضمّن مغالطات"، موضحاً أنّ اعتراض عون على اللائحة التي قدمها الرئيس المكلف قام اساساً على طريقة توزيع الحقائب الوزارية على الطوائف، ولم يجر البحث في الأسماء المقترحة. وقد رأى رئيس الجمهورية انّ المعايير ليست واحدة في توزيع هذه الحقائب، وطلب من الرئيس المكلف إعادة النظر بها. كذلك اعترض الرئيس عون على تفرّد الرئيس الحريري بتسمية الوزراء، وخصوصاً المسيحيين منهم، من دون الاتفاق مع رئيس الجمهورية، علماً انّ الدستور ينص على انّ تشكيل الحكومة يكون بالاتفاق بين رئيسي الجمهورية والحكومة".
ولفت الى "انّ رئيس الجمهورية لم يسلّم لائحة بأسماء مرشحين للتوزير، بل طرح خلال النقاش مجموعة أسماء كانت مُدرجة في ورقة أخذها الرئيس المكلف للاطلاع عليها. واستطراداً، لم تكن هذه الورقة معدّة للتسليم او لاعتمادها رسمياً، بل أتت في خانة تبادل وجهات نظر". وأشار الى انه "في كل مرة كان يزور فيها الرئيس المكلف قصر بعبدا، كان يأتي بطرح مختلف عن الزيارات السابقة، والصيغة التي قدمها في آخر زيارة له كانت مختلفة عن الصيَغ التي تشاور في شأنها مع رئيس الجمهورية".
واكد المكتب الاعلامي "انّ الرئيس عون لم يطرح يوماً أسماء حزبيين مرشحين للتوزير، بل كان يطرح على الرئيس المكلف ضرورة التشاور مع رؤساء الكتل النيابية الذين سوف يمنحون حكومته الثقة ويتعاونون معه في مشاريع القوانين الإصلاحية التي كانت تنوي الحكومة اعتمادها".
رد على الرد!
وفي رد على رد المكتب الاعلامي لرئيس الجمهورية، اكد مكتب الحريري على مضمون بيانه السابق، لا سيما لجهة تَسلّم الرئيس المكلف لائحة من فخامة الرئيس بأسماء المرشحين للتوزير في الاجتماع الثاني بينهما، واختياره منها 4 اسماء لشخصيات مسيحية، خلافاً لما أورده بيان القصر عن تَفرّد الرئيس المكلف بتسمية الوزراء المسيحيين"، ولفت الى انّ الرئيس المكلّف تسلّم في الاجتماع الاخير مع فخامة الرئيس طرحاً محدداً لإعادة النظر في توزيع الحقائب والتواصل مع الكتل النيابية بما يُفضي الى تمثيلها في التشكيلة الحكومية وتوفير الثلث الضامن لأحد الجهات الحزبية".
***********************************************************************
افتتاحية صحيفة نداء الوطن :
جعجع : الأكثرية الحاكمة عاجزة عن التأليف صوان "مكمّل"... وبرّي يريد "الملف"
عندما عنونت "نداء الوطن" في نهاية تشرين الثاني الفائت "باسيل يتربّص بمسوَّدة الحريري: ألله لا يخلّيني إذا بخلّيك"، كان ذلك حينها تجسيداً مختصراً لعمق الأزمة وعقم الحلول الحكومية تحت سقف الحرب الضروس التي يخوضها رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل ضد رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري بمختلف أنواع الأسلحة والأعيرة الرئاسية والدستورية والطائفية منعاً لعودته إلى السراي الحكومي على حصان المبادرة الفرنسية الإصلاحية. واليوم بات "اللعب على المكشوف" بين قصر بعبدا وبيت الوسط ليتجلى أمس على صورة "ردح" رئاسي يحرف البوصلة عن مسار عملية تأليف "حكومة مهمة" تنتشل البلد وأبناءه من غياهب التفليسة والانهيار، ليحولها إلى "حرب صلاحيات" دستورية وطائفية بين الرئاستين الأولى والثالثة.
وبين "هالك" الصلاحيات الدستورية و"مالك" الكباش الطائفي، يسير اللبنانيون بسرعات قياسية على خطى النبوءة العونية ليلاقوا مصيرهم الموعود في "جهنم" جوعاً وعوزاً وفقراً تحت وطأة الانفجار الاجتماعي الحتمي، بمجرد اكتمال دائرة تضييع الفرص الانقاذية عبر إحباط الزيارة الثالثة على التوالي خلال أربعة أشهر للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نهاية الجاري... وحتى ذلك الحين، سيشتد قرع الطبول واستثارة العصبيات الطائفية والمذهبية بين أهل الحكم هرباً من ضريبة الإصلاح، سواءً في السلطة التنفيذية، أو في السلطة القضائية حيث لا يزال المحقق العدلي فادي صوان يُصرّ على صلاحيته في الادعاء على رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب والوزراء السابقين الثلاثة، وقد جدد بالأمس استدعاءهم للاستجواب هذا الأسبوع، في مقابل إقدام رئيس المجلس النيابي نبيه بري على الطلب من النيابة العامة التمييزية ختم ملف التحقيقات وإحالته إلى مجلس النواب للنظر به وإجراء المقتضى الدستوري بحق المدعى عليهم.
وفي هذا السياق، تتوقع مصادر مواكبة للمسار القضائي في قضية انفجار المرفأ أن يشكل هذا الأسبوع نقطة تحوّل مفصلية في مقاربة الملف قضائياً ونيابياً، لا سيما وأنّ القاضي صوان "مكمّل" على ما يبدو في تحقيقاته واستدعاءاته تأكيداً على صلاحياته بالنظر في القضية بعد تجاهل مجلس النواب رسالته السابقة، على أن يبلغ أبعد مدى قضائي ممكن في القضية ليقرر بعدها إما مواصلة التحدي دفاعاً عن استقلالية القضاء أو التنحي عن القضية على قاعدة "أللهم إني بلغت".
وإذ من المرجح أن يواصل دياب والنائبان علي حسن خليل وغازي زعيتر تمنعهم عن المثول أمام المحقق العدلي، لم يستبعد بعض المتابعين أن يمثل الوزير السابق يوسف فنيانوس أمام القاضي صوان باعتبار الحصانة النيابية لا تشمله. ورجحت المصادر أن يستمر خليل وزعيتر في التذرع بعدم التبلغ رسمياً بالادعاء عليهما عبر الأمانة العامة لمجلس النواب لتجنب حضور جلسة الاستجواب الجديدة التي حددها المحقق العدلي لكل منهما، (الأربعاء لخليل والجمعة لزعيتر)، في حين لفت الانتباه في ما يتعلق بتجديد طلب استجواب دياب أنه تبلغ بالأمس عبر أمين عام مجلس الوزراء أنّ "صوان سيزوره عند التاسعة من صباح يوم الجمعة المقبل للاستماع إلى إفادته كمدعى عليه"، ما يعني بحسب المصادر أنّ المحقق العدلي لم يعد يطلب موعداً من دياب لاستقباله بل انتقل إلى مرحلة "تحديد موعد الاستجواب وإيداعه الأمانة العامة لمجلس الوزراء أصولاً" لينتقل تالياً في الموعد المحدد صباح الجمعة إلى مقر إقامة رئيس حكومة تصريف الأعمال "إما لتسجيل إفادة دياب أو لإثبات واقعة تمنّعه عن التجاوب مع الاستدعاء القضائي".
في الغضون، انتقلت الأزمة الحكومية إلى مرحلة متقدمة من "الصدام المباشر" بين قصر بعبدا وبيت الوسط، حيث ارتفع منسوب الاحتقان والتشنج بشكل ملحوظ خلال الساعات الأخيرة بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف على خلفية تراشق المسؤوليات في مسببات تعطيل ولادة الحكومة، لتتكشف في خضمّ هذا التراشق الرئاسي وقائع تفضح حقيقة ما جرى خلال اللقاءات الإثني عشر بين الحريري وعون، سواءً لناحية طلب الأخير "حكومة تتمثل فيها الأحزاب السياسية كافة وتكرار تجارب حكومات المحاصصة" أو لجهة تسليمه الرئيس المكلف "لائحة بأسماء لشخصيات يريد رئيس الجمهورية توزيرها"... وصولاً إلى المجاهرة للمرة الأولى على لسان الحريري عبر مكتبه الإعلامي بأنّ توقيع رئيس الجمهورية على مراسيم تشكيل الحكومة أضحى رهينة "مصالح حزبية تضغط عليه للمطالبة بثلث معطل لفريق حزبي واحد وهو ما لن يحصل ابداً تحت أي ذريعة أو مسمى".
وعلى الأثر، انتفض مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية للرد على بيان الرئيس المكلف مبرراً تسليمه لائحة بالأسماء للتوزير من باب "النقاش حول مجموعة أسماء كانت مدرجة في ورقة لم تكن معدة للتسليم رسمياً"، واتهم في المقابل الرئيس المكلف "بالتفرّد بتسمية الوزراء" وبمخالفة "الدستور الذي ينص على أن تشكيل الحكومة يكون بالاتفاق بين رئيسي الجمهورية والحكومة"، الأمر الذي عاد المكتب الإعلامي للرئيس المكلف إلى الرد عليه مجدداً التأكيد على واقعة "تسلم لائحة من فخامة الرئيس بأسماء المرشحين للتوزير في الاجتماع الثاني بينهما"، وبناءً على ذلك اختار الرئيس المكلف من هذه اللائحة "أربعة اسماء لشخصيات مسيحية، خلافاً لما اورده بيان قصر بعبدا عن تفرّد الرئيس المكلف بتسمية الوزراء المسيحيين".
وإزاء التطورات الدراماتيكية المتسارعة في الملف الحكومي، اختصر رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع جوهر الأزمة بالتأكيد على عدم وجود "أي أمل يُرتجى لإنقاذ البلد في ظل الأكثرية الحاكمة"، وقال رداً على سؤال لـ"نداء الوطن": لا أمل بولادة الحكومة لأنّ هذه الأكثرية عاجزة عن التأليف ولا تستطيع تشكيل حكومة مهمة إصلاحية بعيداً عن ذهنية المحاصصة.
*********************************************************************
افتتاحية صحيفة الشرق :
الحريري: بعبدا تعرقل تشكيل الحكومة للحصول على الثلث المعطّل
ردّ المكتب الاعلامي للرئيس سعد الحريري على الرسالة المفتوحة لمستشار رئيس الجمهورية الوزير السابق سليم جريصاتي، والتي وجهها الى الرئيس المكلف وكتبها في مقالة لجريدة "النهار".
ولفت المكتب الاعلامي في بيان الى ان الاجوبة التي يبحث عنها المستشار موجودة لدى فخامة رئيس الجمهورية، وان ما فاته من معلومات ربما بسبب عدم اطلاع المستشار على كافة المعطيات الموجودة لدى فخامة الرئيس".
واوضح "ان الرئيس المكلف التقى فخامة رئيس الجمهورية على مدى 12 مرة، في محاولة حثيثة للوصول الى تفاهم بشأن تشكيل الحكومة، وهو في كل مرة كان يُعبّر عن ارتياحه لمسار النقاش قبل ان تتبدل وتتغيّر الامور مع الأسف بعد مغادرة الرئيس الحريري القصر الجمهوري".
اضاف "فالرئيس المكلّف يريد حكومة اختصاصيين غير حزبيين لوقف الانهيار الذي يعيشه البلد واعادة اعمار ما دمّره انفجار المرفأ، اما فخامة الرئيس فيطالب بحكومة تتمثل فيها الاحزاب السياسية كافة، سواء التي سمّت الرئيس المكلف او تلك التي اعترضت على تسميته، الأمر الذي سيؤدي حتماً الى الامساك بمفاصل القرار فيها وتكرار تجارب حكومات عدة تحكمت فيها عوامل المحاصصة والتجاذب السياسي".
واعتبر المكتب الاعلامي للرئيس الحريري "ان من المحتمل ان يكون فخامة رئيس الجمهورية لم يطلع مستشاره على ان الرئيس المكلّف وفي الزيارة الأخيرة له الى قصر بعبدا قبل ايام، قدّم تشكيلة حكومية كاملة متكاملة بالاسماء والحقائب، من ضمنها اربعة اسماء من اللائحة التي كان فخامة رئيس الجمهورية سلّمها للرئيس المكلف في ثاني لقاء بينهما، وهي لائحة تتضمن اسماء مرشحين ومرشحات يرى فيهم فخامة الرئيس المؤهلات المطلوبة للتوزير. فاذا كان فخامته لم يزوّد مستشاره بالتشكيلة الحكومية فان المكتب الاعلامي للرئيس المكلف على اتم الاستعداد لتوفيرها له بالسرعة اللازمة".
وتابع "وقد يكون من المفيد لمعالي المستشار ان يعلم ان الرئيس سعد الحريري منذ تكليفه تشكيل الحكومة لم يتوقف عن التواصل مع الصناديق الدولية ومؤسسات التمويل العالمية وحكومات دول شقيقة وصديقة وامامه الآن برنامج متكامل لاطلاق آلية مدروسة لوقف الانهيار وإعادة اعمار ما هدمه انفجار المرفأ وتنفيذ الاصلاحات واقرار قوانين اساسية مثل قانون الكابيتال كونترول" .
واشار المكتب الاعلامي للرئيس الحريري "ان كل ذلك ينتظر توقيع فخامة رئيس الجمهورية على مراسيم تشكيل الحكومة ووضع المصالح الحزبية التي تضغط عليه جانبا، واهمها المطالبة بثلث معطّل لفريق حزبي واحد وهو ما لن يحصل ابدا تحت اي ذريعة او مسمّى".
وختم "وقد يكون من المفيد لمعالي المستشار ان يعلم ايضاً ان الهدف ليس وصول الرئيس سعد الحريري الى رئاسة الحكومة ولا تشكيل حكومة كيف ما كان، بل الهدف وقف الانهيار واعادة الاعمار وهذا لايمكن ان يحصل الا بتنفيذ اصلاحات تقنع اللبنانيين والمجتمع الدولي لانتشال البلد رويداً رويداً من الحفرة التي يتخبّط فيها منذ حوالي السنة ونصف السنة، وحبذا لو ان معالي المستشار يقوم بتعديل وجهة رسالته الى الجهة المسؤولة عن تأخير التأليف وهي على مسافة خطوات من مكتبه في القصر الجمهوري".
اجتماع دوري لـ"المستقبل"
برئاسة الحريري
عقدت هيئة الرئاسة في "تيار المستقبل" اجتماعها الدوري برئاسة الرئيس سعد الحريري وحضور الأعضاء، واستمعت الهيئة الى عرض سياسي قدمه الرئيس الحريري حول التطورات، لاسيما المتعلقة بتشكيل الحكومة.
بعد ذلك، ناقشت الهيئة جدول اعمالها وأقرت بنوده، بعدما اطلعت على منهجية عمل كل قطاع والآلية المقترحة لتطويره.
.. ورد ثانٍ: نأمل ضبط إيقاع المستشارين
بما يسهل عملية تأليف الحكومة لا تعقيدها
أسف المكتب الاعلامي للرئيس سعد الحريري في بيان، "للسجال القائم مع المكتب الاعلامي لرئاسة الجمهورية، والذي أطلق شرارته مستشار رئيس الجمهورية الوزير السابق سليم جريصاتي في الرسالة الموجهة الى الرئيس المكلف، والتي لا يمكن عزلها عن موقف الرئاسة الاولى من المستجدات الحكومية والفتاوى التي أدرجها المستشار القانوني بشأن المهل المتاحة للرئيس المكلف".
وأكد المكتب الاعلامي للرئيس الحريري على "مضمون البيان الذي صدر عنه تعقيبا على مقالة المستشار الرئاسي، لا سيما لجهة تسلم الرئيس المكلف لائحة من فخامة الرئيس بأسماء المرشحين للتوزير في الاجتماع الثاني بينهما، واختياره منها اربعة اسماء لشخصيات مسيحية، خلافا لما أورده بيان القصر عن تفرد الرئيس المكلف بتسمية الوزراء المسيحيين".
ولفت الى أن "الرئيس المكلف تسلم في الاجتماع الاخير مع فخامة الرئيس، طرحا محددا لاعادة النظر في توزيع الحقائب والتواصل مع الكتل النيابية بما يفضي الى تمثيلها في التشكيلة الحكومية وتوفير الثلث الضامن لاحد الجهات الحزبية".
وأمل من "الرئاسة إعطاء توجيهاتها بوقف التلاعب في مسار تأليف الحكومة، وضبط ايقاع المستشارين بما يسهل عملية التأليف لا تعقيدها"، مشددا على ان "الاولوية التي لا تتقدم عليها أي اولوية هي الخروج من نفق الازمة وتداعياتها المعيشية والاقتصادية ووضع البلاد على سكة الانقاذ الحقيقي".
**********************************************************************
افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط : "
حرب بيانات" بين عون والحريري حول التعثر في تأليف الحكومة اللبنانيّة الرئيس المكلف يرفض إعطاء "الثلث المعطل" لفريق... والرئاسة تتهمه بـ"التفرّد"
شهدت الساحة اللبنانية أمس (الاثنين) ما يشبه "حرب بيانات" بين مكتبي رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري حول أسباب التعثر في تشكيل الحكومة، إذ رد مكتب الحريري على رسالة وجهها إليه مستشار عون الوزير السابق سليم جريصاتي عبر صحيفة محلية، ما استدعى رداً من الرئاسة. وأشار الحريري في بيان عن مكتبه إلى مطالبة عون "بثلث معطّل لفريق حزبي واحد"، فيما تحدثت رئاسة الجمهوريّة عن "تفرّد الحريري بتسمية الوزراء، خصوصاً المسيحيين".
وأوضح بيان الحريري أنّه التقى عون 12 مرة "في محاولة حثيثة للوصول إلى تفاهم بشأن تشكيل الحكومة" وأنّ عون كان "يُعبّر عن ارتياحه لمسار النقاش قبل أن تتبدل وتتغيّر الأمور بعد مغادرة الحريري القصر الجمهوري"، مشيراً إلى أنّ "الحريري يريد حكومة اختصاصيين غير حزبيين لوقف الانهيار الذي يعيشه البلد وإعادة إعمار ما دمّره انفجار المرفأ، أمّا عون فيطالب بحكومة تتمثل فيها الأحزاب السياسية كافة سواء التي سمّت الرئيس المكلف أو تلك التي اعترضت على تسميته" وأنّ هذا الأمر "سيؤدي حتماً إلى الإمساك بمفاصل القرار فيها وتكرار تجارب حكومات عدة تحكمت فيها عوامل المحاصصة والتجاذب السياسي".
ولفت بيان الحريري إلى أنّه وفي الزيارة الأخيرة له إلى قصر بعبدا قبل أيام "قدّم تشكيلة حكومية كاملة متكاملة بالأسماء والحقائب من ضمنها أربعة أسماء من اللائحة التي كان عون سلّمها للرئيس المكلف في ثاني لقاء بينهما" وهي لائحة "تتضمن أسماء مرشحين ومرشحات يرى فيهم عون المؤهلات المطلوبة للتوزير"، مشيرا إلى أنّ "الحريري ومنذ تكليفه تشكيل الحكومة لم يتوقف عن التواصل مع الصناديق الدولية ومؤسسات التمويل العالمية وحكومات دول شقيقة وصديقة وأمامه الآن برنامج متكامل لإطلاق آلية مدروسة لوقف الانهيار وإعادة إعمار ما هدمه انفجار المرفأ وتنفيذ الإصلاحات وإقرار قوانين أساسية مثل قانون الكابيتال كنترول".
وأضاف: كل ذلك "ينتظر توقيع عون على مراسيم تشكيل الحكومة ووضع المصالح الحزبية التي تضغط عليه جانبا، وأهمها المطالبة بثلث معطّل لفريق حزبي واحد وهو ما لن يحصل أبدا تحت أي ذريعة أو مسمّى".
واعتبر البيان أنّ الهدف "ليس وصول الحريري إلى رئاسة الحكومة ولا تشكيل حكومة كيف ما كان، بل وقف الانهيار وإعادة الإعمار، وهذا لا يمكن أن يحصل إلا بتنفيذ إصلاحات تقنع اللبنانيين والمجتمع الدولي لانتشال البلد رويداً رويداً من الحفرة التي يتخبّط فيها منذ حوالي السنة ونصف السنة".
بيان عون
بيان مكتب الحريري استدعى ردا من مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية، مشيراً إلى أنّ "الاعتراض الذي أبداه الرئيس عون قام أساساً على طريقة توزيع الحقائب الوزارية على الطوائف، ولم يجر البحث في الأسماء المقترحة" لا سيّما أنّ عون رأى أن "المعايير ليست واحدة في توزيع هذه الحقائب فطلب من الرئيس المكلف إعادة النظر بها".
وأشار البيان إلى أنّ اعتراض عون كان "على تفرّد الرئيس الحريري بتسمية الوزراء، خصوصاً المسيحيين منهم، من دون الاتفاق مع رئيس الجمهورية، علما بأن الدستور ينصّ على أن تشكيل الحكومة يكون بالاتفاق بين رئيسي الجمهورية والحكومة".
ونفى البيان أن يكون رئيس الجمهورية تسلّم لائحة بأسماء مرشحين للتوزير، موضحاً أنّه "طرح خلال النقاش مجموعة أسماء كانت مدرجة في ورقة أخذها الرئيس المكلف للاطلاع عليها، ولم تكن هذه الورقة معدّة للتسليم أو لاعتمادها رسمياً، بل أتت في خانة تبادل وجهات نظر".ورأى بيان عون أنّه كل مرة كان يزور فيها الرئيس المكلف قصر بعبدا "كان يأتي بطرح مختلف عن الزيارات السابقة، والصيغة التي قدمها في آخر زيارة له كانت مختلفة عن الصيغ التي تشاور في شأنها مع رئيس الجمهورية" مع التأكيد على أنّ عون لم يطرح يوما "أسماء حزبيين مرشحين للتوزير بل كان يطرح على الرئيس المكلف ضرورة التشاور مع رؤساء الكتل النيابية الذين سوف يمنحون حكومته الثقة ويتعاونون معه في مشاريع القوانين الإصلاحية التي كانت تنوي الحكومة اعتمادها" إذ "لم يرد في ذهن عون يوماً إمساك الأحزاب بمفاصل القرار أو تكرار تجارب حكومات عدة تحكمت فيها عوامل المحاصصة والتجاذب السياسي". وشدّد بيان رئاسة الجمهوريّة على أنّ "همّ عون كان أولاً وأخيراً الوصول إلى حكومة منسجمة تكون قادرة على مواجهة الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد والتي تتطلب مرونة في التعاطي وصراحة وواقعية وليس عناداً وتحريفاً للحقائق".
رد على الرد
ولاحقا صدر عن مكتب الحريري بيان بعد السجال، أمل فيه من الرئاسة اللبنانية إعطاء توجيهاتها بوقف التلاعب في مسار تأليف الحكومة، و"ضبط إيقاع المستشارين بما يسهل عملية التأليف لا تعقيدها"، مشدداً على أن الأولوية التي لا تتقدم عليها أي أولوية هي الخروج من نفق الأزمة وتداعياتها المعيشية والاقتصادية ووضع البلاد على سكة الإنقاذ الحقيقي.
********************************************************************
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :