فاطمة سلامة
منذ تكليفه في الثاني والعشرين من تشرين الأول، زار الرئيس المكلّف سعد الحريري القصر الجمهوري مرات عديدة، وفي كل مرة كان يتوجّه فيها الى قصر بعبدا، كانت تثار التساؤلات عما يحمله الحريري ليتفاوض به مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الشريك الأول في التأليف. وما إن ينتهي اللقاء وتُسرّب أجواءه حتى تنتشر التفسيرات والتحليلات كالنار في الهشيم. تارةً يُقال إنّ العقَد والمطبات تزنّر الحكومة، وتارةً يُنظر بشيء من الإيجابية الى المشاورات، إلا أنّ القاعدة الرئيسية والعامة في نظرية تشكيل الحكومات في لبنان قائمة على مثل شعبي يقول "ما تقول فول ليصير بالمكيول". ذلك أنّ السياسة اللبنانية عوّدتنا على التناقضات، تماماً كما عودتنا على مفاجآت ربع الساعة الأخير، وعلى مقولة إنّ المشهد الحكومي كل يوم لا بل كل ساعة في شأن، وما هو ممنوع ومستحيل الآن قد يُصبح مباحاً بعد قليل.
الأربعاء الماضي زار الحريري بعبدا، ولكن هذه المرة لم تكن الزيارة للتشاور فقط، بل قدّم فيها تصوراً لتشكيلة حكومية مكتملة من 18 وزيراً. حينها قدّم الرئيس عون للرئيس المكلّف طرحاً متكاملاً حول التشكيلة المقترحة، واعداً إياه بدراستها. في الشكل تبدو الأمور متقدّمة، أما في المضمون فالمسألة مكانك راوح. الكلام لمصادر فاعلة على خط التأليف في معرض حديثها عن آخر المستجدات الحكومية بعد أيام على تسلم الرئيس عون الطرح الحريري. وفق المصادر، ليس المهم أن نقدّم تشكيلة حكومية كيفما كان، المهم أن نقدّم تشكيلة تراعي المبادئ العامة التي جرى الاتفاق عليها، وهي ذات المبادئ التي يُعرقل تهميشها تأليف الحكومة.
تشدّد المصادر على أنّ الوضع الحكومي لا يحتاج الى الكثير من الكلام لتوصيفه. تختصره بالآتي: ثمّة جمود يغلّف الأجواء الحكومية التي عادت لتراوح مكانها بعد التشكيلة العتيدة التي قدّمها الرئيس المكلف. رئيس الجمهورية لن يسير بهذه التشكيلة التي لم يستشر فيها الحريري أحداً وكأنها تشكيلة لرفع العتب والإيحاء بأن الرئيس المكلف يعمل ويسعى ويبادر. لا موعد محدداً حتى اللحظة للحريري في بعبدا. ورداً على سؤال حول ما اذا كان من المرجّح أن يطرأ أي جديد قبل زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 22 كانون الأول الجاري لبنان، تجيب المصادر: "كل شيء وارد وممكن".
وقبل أن تختم المصادر حديثها، تسجّل ملاحظاتها على أداء الحريري الذي "يفرمل" التشكيل، موضحةً في السياق أنّه يرفض إعطاء الثلث المعطّل لأحد، ويلغي عبر تشكيلته المقتضبة أوسع مشاركة في الحكومة، تماماً كما يرفض أن يكون للكتل المسيحية حق تسمية وزارئها في التشكيلة. وبحسب المصادر، يمتهن الحريري ازدواجية في المعايير، ففيما يحث على مبدأ المداورة يتشبّث بحقيبة الداخلية رافضاً أن تكون من حصة رئيس الجمهورية أو تكتل "لبنان القوي"، واذا استمرّ الحال على هذا المنوال سيطول أمد تصريف الاعمال ومعه التكليف بينما تقف البلاد على "صوص ونقطة" و"كف عفريت" تُنهي المصادر كلامها.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :