افتتاحيات الصحف ليوم السبت 12 كانون الأول 2020

افتتاحيات الصحف ليوم السبت 12 كانون الأول 2020

 

Telegram

 

 

افتتاحية صحيفة البناء:

 

انتقائيّة ادعاء المحقق العدليّ والجدل حول الصلاحيّات الدستوريّة يصيبان التحقيق… نحو الفوضى

الحريري عند دياب متضامناً... والرؤساء السابقون ودار الفتوى يلحقون


حزب الله والقومي لتصويب المسار القضائيّ وتحصينه بالابتعاد عن الانتقائيّة



أصاب الفالق الزلزاليّ الذي أحدثه الإدعاء الصادر عن المحقق العدلي القاضي فادي صوان، المناطق المحرّمة في الحياة اللبنانية، فإذا كان انتقاء رئيس حكومة تصريف الأعمال، رغم ضعف منطق الاتهام الذي وجِّه إليه، قد تمّ انطلاقاً من غياب الغطاء الطائفي الذي يحصّن سواه، فإن المظلومية التي نالها دياب بعيون اللبنانيين بدأت تتدحرج ككرة ثلج منذ مساء أول أمس، حتى تحوّلت الى تيار جارف فرض حضوراً عابراً للطوائف، لدرجة صار التضامن معه من قبل مرجعيّات طائ فالذته ين قرروا عزله خلال عام مضى، مصدراً للكسب المعنوي، ورسماً لخط أحمر حول مبدأ ملاحقة رئيس للحكومة، علماً أن الكثيرين رأوا في التضامن الذي عبّر عنه الرئيس السابق سعد الحريري مع الرئيس حسان دياب موقفاً أخلاقياً يمنح الحريري مصداقيّة تتخطى الحسابات الطائفيّة.


بعد موقف الحريري كرّت السبحة على مستوى رؤساء الحكومات السابقين ووصلت الى دار الفتوى، وصارت ملاحقة دياب اصطداماً بمرجعيات طائفته، ما أسقط فرضية الانتقائية القائمة على محاولة تفادي التصادم مع الخطوط الحمر للطوائف، بينما تقول مصادر حقوقيّة إنه لو تم الإدعاء دفعة واحدة على كل الأسماء الذين ضمّتهم مراسلة المحقق العدلي لمجلس النواب والتي تحدّثت عن شبهات تقصير وإهمال بحق رؤساء الحكومات ووزراء العدل والمالية والأشغال منذ العام 2014، لكانت لاقت ترحيباً شعبياً وتضامناً مع المحقق العدلي، في مواجهة جدل الصلاحيات الذي ينتظره حول تحديد الجهة الصالحة لمحاكمة الرؤساء والوزراء في تهم الإخلال الوظيفيّ، في ظل مطالعات دستوريّة تلقى شبه إجماع في مجلس النواب لجهة حصرها بالمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء.
على الصعيد السياسي كانت مواقف في الاتجاه نفسه لكل من حزب الله والحزب السوري القومي الاجتماعي، تركّز على ضرورة تصويب مسار التحقيق وتحصينه بعيداً عن الانتقائيّة، من دون تضييع الحاجة لمواصلة التحقيق طلباً للحقيقة وملاحقة المسؤولين عن جريمة تفجير مرفأ بيروت.


الملف الحكوميّ وملف ترشيد الدعم شهدا رغم مواصلة السجالات حول كل منهما، تراجعاً لحساب ملف التحقيق، لكن التجاذب حول التشكيلة الحكوميّة التي قدّمها الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري والتصوّر الذي قدّمه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، كشف حجم الخلاف الرئاسيّ وحجم العقد المستعصية في طريق ولادة حكومة جديدة، كما في ملف الدعم بقي السؤال حول كيفية ضمان قيمة أي دعم وأية مساعدات مالية للطبقات الفقيرة مع العجز عن ضمان سعر الصرف إذا توقف المصرف المركزي عن تأمين الدولارات اللازمة للاستيراد في ظل توقعات بأن يبلغ سعر الصرف ما فوق الخمسين الف ليرة خلال أسابيع من توقف مصرف لبنان عن تأمين الدولارات؟


إجماع سني?في مواجهة قرار صوان
وبقيت الساحة الداخليّة تحت تأثير قرار قاضي التحقيق العدلي فادي صوان بالإدعاء على رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب والوزراء علي حسن خليل وغازي زعيتر ويوسف فنيانوس ومفاعيله السياسية والطائفية والقضائية.
وقد أحدث القرار القضائي موجة من الغضب على المستوى السياسي والشعبي في الساحة السنية، أنتجت حالة إجماع للقيادات السنية السياسية والروحية بالتضامن مع الرئيس دياب ورفض استهداف موقع رئاسة الحكومة ومواجهة قرار صوان، ما دفع بالرئيس المكلف سعد الحريري للتوجّه إلى السرايا الحكومية للمرة الأولى منذ خروجه منها في تشرين من العام 2019، وذلك للتضامن مع دياب ورفض الابتزاز لموقع الرئاسة الثالثة.


وقال الحريري بعد اللقاء مع دياب: "أعبّر عن رفضي المطلق للخرق الدستوري الواضح والفاضح الذي ارتكبه القاضي بالادّعاء على رئيس الحكومة. الدستور واضح، ورؤساء الحكومات يمثلون فقط أمام محكمة خاصة يُشكّلها المجلس النيابي. رئاسة الحكومة ليست للابتزاز، وهذا الأمر مرفوض، ولن نقبل به. من حق أهالي الشهداء معرفة الحقيقة، من حقهم أن يعرفوا من أدخل هذه الباخرة ومن غطّى عليها. أما التعدي على الدستور والادّعاء على رئاسة الحكومة فهذا أمر مرفوض، وأنا أتيت للوقوف مع رئيس الحكومة والتضامن معه".


الحريري مُحرَج
وعزت مصادر سياسية خطوة الحريري تجاه دياب لوقوعه في الإحراج تجاه الدفاع عن موقع رئاسة الحكومة لا سيما أنه وزملاءه في نادي ورؤساء الحكومات السابقين ومفتي الجمهورية لطالما أعلنوا رفضهم التعدّي على صلاحيات رئاسة الحكومة والنيل من موقعها فوجدوا أنفسهم محرجين ومجبرين على اتخاذ موقف في حالة الادعاء على دياب. لا سيما أن الحريري ورفاق النادي وجدوا في موقف دياب التصعيدي منذ إعلان قرار الادعاء عليه قد سبقهم في الدفاع عن موقع رئاسة مجلس الوزراء، خصوصاً بعدما ظهرت حالة من الغضب الشعبي في أوساط الشارع السني.
بدوره أكد مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان في بيان أن "الادّعاء على مقام رئاسة الحكومة استهداف سياسي غير مقبول وتجاوز للدستور ولقانون محاكمة الرؤساء والوزراء السابقين، ويصبّ في إطار حملات كيدية واضحة للعيان لا تخدم العدالة لفريق معيّن من دون آخر لتصفية حسابات سياسية". واعلن "اننا مع القضاء النزيه الشفّاف ومع الحرص على تحقيق العدالة وفقاً لأحكام القانون والتزام الدستور، وأي تسييس او استنساب ادّعاء لكشف حقيقة انفجار مرفأ بيروت هو جريمة أخرى بحق الوطن، فالكل مسؤول في هذا الحادث المفجع".
كما استدعى قرار صوان بيانات واتصالات من الرئيسين تمام سلام وفؤاد السنيورة للتضامن مع دياب، مؤكدين رفضهم تجاوز الدستور والنيل من موقع رئاسة الحكومة.


حزب الله
وتوالت المواقف وردود الأفعال السياسية رفضاً لقرار صوان، فأكد حزب الله في بيان الحرص على "أن تكون جميع الإجراءات التي يتخذها قاضي التحقيق بعيدة عن السياسة والغرض، مطابقة لأحكام الدستور، غير قابلة للاجتهاد او التأويل أو التفسير، وأن يتم الادعاء على اسس منطقية وقانونية. وهذا ما لم نجده في الإجراءات الأخيرة وبالتالي فإننا نرفض بشكل قاطع غياب المعايير الموحدة والتي ادت الى ما نعتقده استهدافاً سياسياً طال اشخاصاً وتجاهل آخرين من دون ميزان حق، وحمل شبهة الجريمة لأناس واستبعد آخرين دون مقياس عدل، وهذا سوف يؤدي مع الاسف الى تأخير التحقيق والمحاكمة بدلاً من الوصول الى حكم قضائي مبرم وعادل".


"القومي"
بدوره أشار الحزب السوري القومي الاجتماعي في بيان أن كارثة بحجم تفجير مرفأ بيروت، "تستدعي إجراء تحقيقات شفافة تمسك بكل الخيوط، وهذا مسار يتطلب متابعة حثيثة وإحاطة شاملة بما يسهل تحديد المسؤوليات وكشف الحقيقة، والحقيقة في انفجار المرفأ حق لعائلات الضحايا وللبنانيين جميعاً".
وشدّد الحزب على ضرورة السير بالتحقيقات حتى النهاية، وفقاً للأصول والقواعد القانونية التي تحقق العدالة. ودعا إلى إبعاد هذا الملف الحساس عن السياسة وحساباتها، وأن تتضافر جهود الجميع وكل مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية والقضائية لكشف الحقيقة التي ينتظرها اللبنانيون.
ونبّه الحزب من أن أثقال ملف التحقيق في كارثة المرفأ بالانتقائية والاستنسابية في تحميل المسؤوليات على قاعدة الشبهة والاتهام غير المثبتين، يبدّد كل جهد مبذول، ويجهّل المجرمين الحقيقيين الذين أتوا بباخرة نيترات الموت الى مرفأ بيروت وحولوها الى قنبلة موقوتة انفجرت بلبنان واللبنانيين.
أما النائب غازي زعيتر فاعتبر في مؤتمر صحافي أن صوان تجاوز صلاحياته، "وتوجه إلى المجلس النيابي وزعم وجود شبهة على كل وزراء الأشغال والمال، كما أنه انحاز بموقفه وخالف الدستور". وأضاف: "لا يوجد أي مستند أو أي ملف يقول إنني على علم بالباخرة حتى كتاب السفارة الروسيّة والذي لم يذكر فيه وجود مواد خطرة". وقال زعيتر: "بئس القضاء إذا كان فيه قاضٍ كفادي صوان، ولن نسكت أو نصغي لأي أجندات سياسية وغير سياسية".


وأشار رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عبر تويتر الى أنه "لا يجوز وتحت أي اعتبار ان يقف التحقيق في كارثة المرفأ امام الحواجز الدستورية او الطائفية ولا بد أن يشمل الجميع بدون استثناء. ان انفجار المرفأ جريمة انسانية بحق بيروت وكل لبنان. تذكّروا المحكمة الدولية وتذكروا أننا طالبنا بلجنة تحقيق دولية في انفجار المرفأ. ما عدا وبدى".
أما التيار الوطني الحر فأكد على لسان النائب أسعد درغام أن هناك ظلماً بحق الرئيس دياب في قضية مرفأ بيروت، وقال: "نحن ضد هذه الاستنسابية مع التشديد على أنّه يجب الوصول إلى الحقيقة". وتابع: "من المسؤول صاحب الهوية المجهولة الذي نصح دياب بعدم زيارة مرفأ بيروت؟". وشدد على أن "التدخل السياسي في القضاء مرفوض وأتمنى على القاضي صوان المشهود له بمناقبيته أن يكون أكثر حذراً في موضوع الادعاءات".


المسار القضائيّ مستمر
وفيما وجّه قرار صوان الأخير ضربة قاسمة للتحقيقات ما سيضعف ثقة المواطنين بأي قرار سيتخذه لاحقاً في هذا الملف، من المتوقع أن يتراجع قاضي التحقيق خطوة الى الوراء بعدما تحوّل الملف الى قضية طائفية ومذهبية في ظل الغضب داخل الطائفة السنيّة ودعم الرئيس دياب فضلاً عن رفض حركة أمل وحزب الله وحلفائهما في 8 آذار للقرار القضائي.
إلا أن النائب العام التمييزي السابق القاضي حاتم ماضي أكد لـ"البناء" أن "قاضي التحقيق لن يتراجع تحت ضغط الظروف السياسية أو حملة التضامن مع الرئيس دياب، بل سيكمل بالمسار القضائيّ وفق الأصول المتبعة في هذه الحالة".


قاسم
وألقى الخلاف حول القرار القضائي بثقله على الملف الحكومي، حيث زاد عقدة جديدة على مجموعة العقد التي تواجه تأليف الحكومة، واستبعدت مصادر مواكبة لعملية التأليف، ولادة وشيكة للحكومة لا سيما بعد التشكيلة الهجينة التي عرضها الحريري على رئيس الجمهورية ميشال عون والتي لم ينسّق فيها مع حزب الله ولا مع عون ما يجعل أي مسودة حكومية يطرحها الحريري بحكم الساقطة والمرفوضة.
وأكدت بأن لا حكومة في ظل التزام الرئيس المكلف بالشروط الأميركية، مشيرة الى أن رهان البعض على تغيرات في المشهد الأميركي بعد تسلم الرئيس المنتخب جو بايدن وانعكاسه على المنطقة رهان وهمي، فلا أحد يمكنه توقع كيف سينتهي الصراع في أميركا وكيف ستكون السياسات الجديدة والتي يمكن ان تأخذ أشهراً عدة وربما سنة لكي تتبلور بشكل واضح وجلي، فهل يمكن وضع لبنان بحالة انتظار طويلة في ظل خطر الانهيار المالي والاقتصادي والنقدي والسياسي الذي يواجهه لبنان؟".
وفي سياق ذلك، اعتبر نائب الامين العام لحزب الله نعيم قاسم أن "لبنان لن تقوم له قائمة من دون تأليف حكومة تفتح الباب للمعالجة، واذا اتفق المعنيون في لبنان سيستجيب الغرب وأميركا غصباً عنهم، ومن يحتجّ في الخارج ويسوّف ويضيّع الوقت ويراكم الخسائر لن يجني شيئاً. المواطنون وصلوا إلى حد الاختناق والرهان الوحيد النافع هو التفاهم وتدوير الزوايا". وشدد على أن "حزب الله" مع قيام الدولة وانتظام مؤسساتها، وهو دعامة من دعامات استقرار لبنان وحمايته واستقلاله وبنائه ونهضته، وسيكون دائماً شريكاً فاعلاً للباحثين عن الحلول وإعمار بيروت ولبنان ومعالجة المسائل الاقتصادية والاجتماعية".


كوبيتش
وبعد صدور حكم المحكمة الدولية الغيابي بالسجن المؤبد لسليم عياش بقضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري، برز موقف للممثل الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش، أكد فيه أن "السلطة الوحيدة الشرعية التي يجب أن تكون موجودة في لبنان هي الدولة". وشدّد على أن حصر السلاح بيد الدولة الرسميّة مسألة ملحّة، فـ"سلاح حزب الله يتنافى مع القرارات الدولية 1559 و1680 و1701". ولفت إلى أن "الإصلاحات ضرورة ملحة للبنان اليوم، والشعب اللبناني لفظ الطبقة السياسيّة في 17 تشرين الاول".
وأعلن كوبيتش أن تشكيل حكومة إنقاذ ضرورة، ودعا الساسة إلى أن يفعلوا ذلك بشكل عاجل، وأن يتحرّكوا لأنه لا يمكن للشعب أن يستمرّ في هذه المعاناة".


عون
ورأى رئيس الجمهورية "ضرورة تحديد العلاقة بين المصارف والمودعين ووضع حد للغبن اللاحق بالمودعين نتيجة الإجراءات التي تتخذها المصارف اللبنانية منذ احداث 17 تشرين الأول 2019 والتي تزداد صعوبة على المودعين يوماً بعد يوم". وأكد خلال استقباله وفداً من جمعية "صرخة المودعين في المصارف"، "ضرورة احترام القوانين التي تحفظ حقوق المودعين في المصارف احتراماً أيضاً للملكية الفردية التي حفظها الدستور للمواطنين ومنعت القوانين المساس بها إلا في حالات محددة قانوناً". وأكد الرئيس عون ان "الدولة تراقب عمل المصارف كما سائر المؤسسات العامة والإدارات الرسمية في محاولة لوضع حد للتجاوزات".

*******************************************************************

افتتاحية صحيفة الأخبار:

 

نهاية الدعم المزعوم: لماذا يتمسّك سلامة بالـ1515

 

 

 في حال قرّرت الحكومة، أو فرض مصرف لبنان، التوقّف عما يسمّيه "دعم" استيراد بعض السلع الرئيسية على أساس سعر صرف 1515 ليرة، يكون قد نُزع آخر "مُبرّرات" تثبيت سعر الصرف. وتعديله يوجب تصحيح الأجور. لكن، يُمنع البحث في الأمر، حفاظاً على وجود "المصارف الزومبي".


تدعم فرنسا - عبر البلديات - إيجارات الشقق لأصحاب الدخل المحدود والعاطلين عن العمل (بعد دراسة كل طلب كلّ حالة). تُشارك الحكومة الأسترالية في دفع أجور الموظفين في الشركات التي تُشجّع اليد العاملة المحلية، تحديداً الشباب وكبار السنّ. تؤمّن كوبا التعليم المجاني لكلّ السكّان في كلّ مراحله، من الحضانة وحتى الجامعة. يُموّل القطاع العام في كندا تغطية شاملة لخدمات الرعاية الصحية الضرورية. أرست مصر نظاماً لدعم المواد الغذائية، بما يضمن توفير السلّة الغذائية الأساسية للسكّان بأسعار مُتدنّية. أقرّت تركيا الإعفاء الضريبي لوسائل النقل العام ولاستهلاك الغاز النفطي المُسال ليُصبح سعره أقلّ مقارنةً بالبنزين والديزل... يختلف شكل الدعم المُوجّه للسكّان بين دولة وأخرى، ولكن القاسم المُشترك بينها أنّ الدعم "سياسة حكومية"، يتمّ تمويل كلفته من الخزينة العامة. إجمالاً، يأتي الدعم لضمان حصول الناس على حاجاتهم الرئيسية وكجزء من استراتيجية الحماية الاجتماعية العامة، ولا يترك عُرضةً لأهواء "السوق" وخيارات القطاع الخاص ومؤسساته المالية، التي لا تُبالي إلّا بحسابات الربح والخسارة. ولكن في لبنان، تراجعت "الدولة" خطوةً إلى الخلف، مُتفرّجة على مصرف لبنان يُصدر تعاميم ما يسمّى الدعم، من دون معايير. صحيحٌ أنّ بعض الأسعار مدعومة في لبنان، كأدوية مرضى السرطان أو سعر الكهرباء (من دون تناسي أنّ القسم الأكبر يدفع فاتورة الاشتراك بالمولّد الكهربائي) ولكن "الدعم" بمفهومه العام غير موجود. يقول الوزير السابق ونائب حاكم مصرف لبنان سابقاً، ناصر السعيدي إنّه "ليس من صلاحيات مصرف لبنان أن يُقرّر إذا كان سيدعم أم لا". ويُضيف في اتصال مع "الأخبار" أنّ سياسة الدعم المُتبعة خاطئة، "لأنّ الدعم يجب أن يكون من صلب موازنات الدولة. حالياً، لا يوجد أي شفافية ومساءَلة، وُضعت مثلاً لائحة لتمويل استيراد السلع الأساسية، من دون دراسة. والنسبة الأكبر من الدعم لا تصل إلى الفقراء والمحتاجين، وقسمٌ كبير من السلع المدعومة يُهرّب إلى الخارج.


ليس النقاش الدائر حالياً حول "رفع الدعم" أو "ترشيد الدعم"، إلّا تضليلياً، بدءاً من تحويل "الدعم" إلى مشكلة بحدّ ذاتها وحصر "أقصى" حاجات السكّان بتأمين ربطة الخبز وعلبة السردين، وصولاً إلى أنّ الدعم غير موجود في الأصل. فما يقوم به مصرف لبنان هو تغطية 85% من كلفة الاستيراد بالسعر الرسمي لصرف الليرة. وفي الـ"1515 ليرة" يكمن صلب الموضوع.
سنوات "إعمار" ما بعد الحرب، لم تتضمّن وضع استراتيجية حماية أو تحديد أشكال الدعم للسكّان من قبل الحكومات المُتعاقبة، بل تمّ اللجوء إلى تثبيت سعر الصرف على 1515 ليرة لكلّ دولار. "اعتُمدت هذه السياسة لتحقيق أرباحٍ غير شرعية على حساب الناس"، يقول وزير المالية السابق جورج قرم لـ"الأخبار". وفي معرض تبرير الإثم المُرتكب، يتمّ "تربيح جميلة" بأنّ تثبيت السعر سمح لجزء من السكّان بالسفر وشراء سيارات جديدة وارتياد مطاعم فخمة والتعلّم في مؤسسات خاصة، إلا أنّها عملياً كانت "خدمةً" قدّمها حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة لـ"فئة الـ1%" وكلّ من يرتبط بها من كبار مودعين وسياسيين وتجّار ومصرفيين.


يقول أحد أساتذة الاقتصاد في "كلية لندن للاقتصاد" إنّ تثبيت سعر الصرف "دمّر الاقتصاد الوطني وقدرته على تحريك سوق العمل وإنتاج الرساميل وخلق النموّ". السعر الحقيقي "كان ضعفَي الـ1515، وكان الاقتصاد يتكبّد خسارة دولارين مقابل كلّ دولار يخرج من البلد". مَن يملك المال "كان المُستفيد الأكبر، خاصة من ادّخر أمواله في حسابات خارجية، ولم يُعد توظيفها في الداخل". أُضيف إلى ذلك الفائدة المُرتفعة "لجذب الدولارات ومحاولة كبح التضخم، من دون الاهتمام بخلق فرص العمل أو دعم الاقتصاد الحقيقي، فضعُفت قيمة الأجور". أوصل هذا المسار إلى فرض دعم وهمي "على الاستهلاك للطبقتين الغنية والفقيرة، جاء لمصلحة الأغنياء. فقد اشترى الفقير الخبز والدواء والبنزين على أساس 1515 ليرة، ولكنّ هذا الدعم أدّى إلى تضخّم حصّة الغني وارتفاع استهلاكه من دون كلفة كبيرة، ما زاد من قدرته على الادّخار".


عام 2019، حلّ الانهيار وتبخّرت القدرة على تثبيت سعر الصرف، وصولاً إلى "تهديد" رياض سلامة في آب الماضي بأنّه سيتوقف نهاية عام 2020 عن "دعم" الاستيراد وفق سعر الصرف الرسمي. في حال توصّلت الحكومة إلى آلية لتبديل صيغة "الدعم" الحالية، ما المُبرّر لإبقاء السعر الرسمي للدولار عند 1515 ليرة؟ ولماذا لا يُعدّل بما يتناسب مع المُتغيرات في المؤشرات المالية؟ يعتبر أحد الخبراء الاقتصاديين أنّ "عدم تعديل سعر الصرف الرسمي فيه أذى للسكّان، الذين أصبح مُعظم استهلاكهم بناءً على سعر السوق السوداء، من دون أي تحسين في مستوى معيشتهم"، مُشيراً إلى أنّه "لا معنى لمناقشة مستقبل الدعم من دون دراسة سعر الصرف وكيفية تصحيح الأجور، انطلاقاً من تحديد السياسات الاجتماعية - الاقتصادية الواجب اعتمادها".


في الإطار نفسه، يرى قرم أنّ "الاختلال بدأ مع إبقاء سعر صرف 1515 ليرة مقابل أسعار مُتعدّدة لأنواع مختلفة من العمليات. هذه البدعة تزيد الفوضى والتلاعب في السوق، وتستفيد منها المصالح التجارية والمالية في البلد". ما لا يجده قرم منطقياً هو أن يكون لبنان "خلال الخمسينيات والستينيات في الطليعة باعتماد سعر صرف عائم واقتصاد متين، ثم يختار تثبيت سعر الصرف حين ذهبت الاقتصادات العالمية نحو تحرير السعر، ما أدّى إلى نهب لبنان وشلّ إمكاناته". لا يتحدّث قرم عن "توحيد أسعار الصرف". أما إذا أرادت الحكومة القيام بذلك، "فبإمكانها تحديد سعرين، واحد للاستيراد والآخر للتداول المحلّي". ولكن ما يقترحه وزير المالية السابق، هو "العودة إلى سعر الصرف العائم ضمن هوامش واسعة، ما يسمح للبنان بالتكيّف مع التطورات النقدية العالمية، وبالتقاط المؤشرات على أيّ خلل قد يُصيب السوق".
التصحيح الاقتصادي الذي يقترحه قرم وغيره من الاختصاصيين لا يبدو قابلاً للتطبيق بوجود مُنتفعين من الوضع. تقول مصادر في وزارة المالية إنّه يُبحث رفع استيفاء بعض الرسوم على أساس الـ3900 ليرة، ولكن لا تعديل في سعر الصرف رسمياً. فكما اتُّخذ خيار "التثبيت" في التسعينيات تنفيذاً لمصلحة "الكبار"، سيُستمر حالياً العمل به حمايةً لمصالح مصرف لبنان والمصارف التجارية. على الورق، سيبقى السعر الرسمي 1515 ليرة، "لأنّ تغييره يعني إعلان إفلاس جميع المصارف، لأن رساميلها مقوّمة بالليرة"، يقول أحد المصرفيين.

 

**********************************************************************

افتتاحية صحيفة الديار:

 

ماكرون والسيسي سيعملان على حل العقد الخارجية والداخلية

 

 

 المشهد السياسي اصبح اكثر تلبدا وتوترا في ضوء تداعيات قرار القاضي التحقيق في انفجار مرفأ بيروت حيث اعتبرت خطوة غير مدروسة وتخفي كيدية سياسية، في حين كشفت مصادر ديبلوماسية للديار ان قرار الادعاء يعكس تقاطع مصالح بين القوى السياسية بما ان اتهام رئيس حكومة لن يمر مرور الكرام، وسيؤدي الى تجميد التحقيق. ذلك ان الرئيس المكلف سعد الحريري زار السراي امس متضامنا مع دياب ومحذرا من نتائج هذا السلوك. كما صدرت مواقف مماثلة لمفتي الجمهورية ولرؤساء حكومات سابقين وفاعليات اخرى. كذلك كان رد الاطراف الاخرى التي شملها القرار مماثلا لجهة التأكيد على تجاوز القرار للاصول الدستورية لان الرؤساء والوزراء يحاكمون امام مجلس محاكمة الوزراء والرؤساء.

والسؤال الذي يطرح نفسه : ماذا بعد هذا الاصطفاف السني وراء دياب؟ هل سيفرمل ذلك التحقيق في انفجار مرفأ بيروت؟ ذلك ان المعلومات تقول ان يوم الاثنين المقبل سيكون موعد مثول المدعى عليهم امام القاضي صوان، ولكن على الارجح ان ايا منهم لن يمثل، وبالتالي هنا سيضطر قاضي التحقيق بموجب الاجراءات القانونية اللبنانية، اما الى تبلغيهم بموعد جديد للحضور وإما اصدار مذكرات جلب والطلب من القوى الامنية احضارهم مخفورين امامه. وهذا الامر شبه مستحيل في لبنان لعدة اعتبارات، فهل سيتنحى عندئذ القاضي فادي صوان، ويصبح ملف التحقيق في انفجار مرفأ بيروت مجمداً الى حين؟

في حال جمد التحقيق، توقعت اوساط سياسية ان الانفجار الشعبي الذي كان سيحصل في 6 آب بعد وقوع انفجار مرفأ بيروت، انما لم يحصل بسبب زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي تمكن من امتصاص غضب الناس، سيحصل اليوم ولن يتمكن اي مسؤول لبناني او غربي او اي رئيس دولة اجنبية من تهدئة الشارع، وبخاصة اهالي الشهداء.

اما في الملف الحكومي، فقد فشل الرئيسان عون والحريري في التوصل الى تفاهم على صيغة حكومية رغم ان البلد على حافة الهاوية والناس جوعى وفقيرة ومقهورة. وقالت مصادر مطلعة للديار ان هناك مسافة وفرقا كبيرا في التشكيلة التي قدمها الحريري والطرح الذي سلمه اياه رئيس الجمهورية في موضوع الاسماء وتوزيع الحقائب وفي حجم التثميل ايضا. وفي ظل الزوبعة التي احدثها قرار القاضي صوان لم يطرأ اي جديد على الموضوع الحكومي، لا بل ان المواقف السياسية عكست ازمة ثقة بين الاطراف المعنية ومن ضمنهم الرئيسان عون والحريري.

هذا الامر يشير الى ان الامور ستبقى على حالها ولن يحصل اي خرق للازمة الحكومية قبل زيارة الرئيس الفرنسي المرتقبة في 21 كانون الاول الجاري الى لبنان.
عدة وجهات نظر وراء قرار القاضي صوان في تحقيق انفجار المرفأ

بداية وفي نطاق القرار الذي اتخذه القاضي فادي صوان، فقد قالت اوساط سياسية مطلعة للديار ان هناك ثلاث وجهات نظر تقف وراء الادعاءات الاخيرة. وجهة النظر الاولى تقول ان المحقق العدلي القاضي صوان المنهمك في ملف انفجار مرفأ بيروت وبعد ضغط الرأي العام لعدم اصداره القرار الظني وبخاصة اهالي الشهداء وقيام البعض بتخوينه واتهامه بمحاولة تمييع التحقيق، دفعه الى اتخاذ خطوة غير مدروسة وعشوائية. والحال ان صوان كان قد ارسل الى مجلس النواب رسالة يطلب فيها فعليا الغطاء السياسي لقراراته، وجاء الرد عبر هيئة مكتب المجلس انه لا توجد قرائن لاتهام رؤساء حكومات سابقين ووزراء اشار اليهم القاضي صوان في رسالته. فهل كان على القاضي ان يأخذ بعين الاعتبار الحساسيات القائمة قبل ان يصدر قراره ويدعي على رئيس مجلس الوزراء ؟ ذلك ان ادعاءه على رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب اثار حساسية الطائفة السنية، فقد زار الحريري الرئيس المكلف دياب في السراي ليعلن تضامنه، فضلا عن تنديد كل رؤساء الحكومات السابقة بالقرار الاتهامي لصوان معتبرين انه استهداف لموقع رئاسة مجلس الوزراء. كما ادعاء القاضي صوان على وزراء من 8 اذار فرضت عليهم عقوبات اميركية بتهمة الفساد وهما علي حسن خليل ويوسف فنيانوس، يشكل خطورة في المسار القضائي، ذلك انه يندرج في خانة التأكيد على وجهة النظر الاميركية في اتهامهم بالفساد.

اضف الى ذلك، استثنى القاضي الادعاء على وزراء العدل، من بينهم الوزير السابق سليم جريصاتي المقرب من رئيس الجمهورية، الامر الذي اشعل الحساسية في الشارع السني وايضا الشيعي. وبهذه الادعاءات فتح القاضي صوان جبهتين عليه : الجبهة السنية وجبهة الثنائي الشيعي. ذلك ان الثنائي الشيعي اعتبر ان الادعاء فقط على الرئيس حسان دياب دون ان يشمل ذلك الادعاء على الرئيس سعد الحريري ونجيب ميقاتي وتمام سلام، لا يترجم الا انه قرار كيدي سياسي.

والنظرية الثانية تقول ان القاضي صوان لا يأخذ بعين الاعتبار المناخ السياسي في البلد، وهو يقوم بواجبه المهني ويعتبر ان التحقيق مفتوح وان كل شيء سيتم في وقته. وعليه، يعتبر المحقق العدلي ان ما حصل هو تحميل لقرار الادعاء اكثر مما يحتمل وان المسالة طبيعية بما انه يقوم بعمله.

ووجهة النظر الثانية وفقا للاوساط السياسية تقول ان القاضي صوان لا يأخذ بعين الاعتبار المناخ السياسي في البلد، وهو يقوم بواجبه المهني ويعتبر ان التحقيق مفتوح وان كل شيء سيتم في وقته. وعليه، يعتبر المحقق العدلي القاضي صوان ان ما حصل هو تحميل لقرار الادعاء اكثر مما يحتمل وان المسألة طبيعية بما انه يقوم بعمله. ذلك ان التحقيق لا يزال في بدايته ولم يختم بعد، وهذا يشير الى ان الادعاءات التي اتخذت منذ يومين لن تكون الاخيرة.

اما وجهة النظر الثالثة فتقوم على ان هناك من اوقع بالقاضي صوان في الذهاب في اتجاه الادعاء على رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب وباقي الوزراء المدعى عليهم بهدف تطيير المحاكمة وتجميد الملف وتمييعه وطويه. والحال ان الجهة التي نصحت المحقق العدلي، وفقا للاوساط السياسية، باصدار قراره، تعلم مسبقا ان الادعاء على دياب سيؤدي الى موقف موحد سني، وبالتالي سيعطل مجرى التحقيق. وعليه، هذه النصيحة كانت فخا للقاضي صوان، اذ بات واضحا ان ما حصل اليوم يكشف انه ارتد ايجابا على القوى السياسية المتناوبة في المسؤولية. وبمعنى اخر، ظهر ان هناك تقاطع مصالح بين القوى السياسية، خاصة ان الجميع كان على دراية بوجود الامونيوم نيترات في المرفأ.


الرئيس الحريري قدم تشكيلته بطلب فرنسي
وعلى صعيد تشكيل الحكومة، كشفت مصادر مطلعة للديار ان الرئيس الحريري لم يقدم تشكيلته الحكومية في هذا التوقيت بالذات لاعتبارات محلية، بل بطلب فرنسي ودعم مصري حيث ان الرئيس ايمانويل ماكرون الذي يزور لبنان في 21 من الشهر الجاري يريد فعلا ان تتوج زيارته بتشكيل حكومة. وتابعت هذه المصادر ان الرئيس ماكرون اخذ على عاتقه، بالتنسيق مع الرئيس المصري السيسي، حل العقد الخارجية على خطين. الخط الاول يتولاه ماكرون بتعاطيه مع الولايات المتحدة وايران والخط الثاني يتولاه السيسي بالتواصل مع المملكة العربية السعودية وباقي دول الخليج. وكل هذه الجهود تصب في خانة اعطاء فرصة للحكومة المرتقبة بقيادة الحريري بعيدا عن اي عقوبات وضغوطات تؤدي الى تحجيمها او عزلها. وفي الداخل اللبناني، اشارت المصادر المطلعة الى ان باريس والقاهرة ستعملان على الضغط والدفع نحو التسريع في ولادة الحكومة. ذلك ان التشكيلة التي قدمها الحريري غير استفزازية لرئيس الجمهورية، فهناك ملاحظات على بعض الاسماء الواردة في الصيغة الحكومية، انما القطبة المخفية التي تعرقل تأليف الحكومة هي حجم التمثيل للعهد والتيار الوطني الحر، اي حصولهم على الثلث المعطل، وهو امر يرفضه الحريري. وعليه، عندما قدم الحريري صيغته اراد وضع الجميع امام الامر الواقع وارضية للتفاوض عليها.

واضافت هذه المصادر ان الرئيس الفرنسي يريد ان يحصر العقبات ونقاط الخلاف والعمل على تذليلها بحيث يكون النقاش انتقل من الكلام النظري الى الفعلي، وبالتالي تصبح ولادة الحكومة امرا سهلا. وهنا، هل سينجح ماكرون في حل الخلاف اللبناني؟ الاسابيع المقبلة ستحمل الجواب، علما انها الفرصة الاخيرة للبنان قبل الانهيار الشامل.
مصادر مقربة من قصر بعبدا : الرئيس عون يريد حكومة متكافئة

من جهتها، كشفت مصادر مقربة من قصر بعبدا ان الرئيس عون اعتبر ان الصيغة الحكومية التي قدمها الرئيس المكلف سعد الحريري غير عادلة لجهة توزيع الحقائب على الطوائف، اضافة الى ان الحريري لم يتشاور مع رؤساء الكتل النيابية في التشكيلة، الامر الذي سيخلق مشكلة في المجلس النيابي عند طرح الحكومة للثقة. وبناء على ذلك، قدم رئيس الجمهورية طرحاً حكومياً للحريري تضمن توزيعاً عادلاً للحقائب الوزارية على جميع الطوائف. ذلك ان الرئيس عون يريد حكومة متجانسة ومتكافئة لتتمكن من القيام بعملها. توزيع الحقائب على الطوائف على تركيبة الحكومة هي التي تعطي الحكومة الصدقية والزخم وتؤمن تعاون الجميع معها، وقدم الرئيس عون طرحاً مبنياً على توازن في توزيع الحقائب على الطوائف.

والتشكيلة التي قدمها الحريري لا تراعي المعايير المتوازنة والسليمة، فهي لن تكون قادرة على القيام بعملها الاصلاحي. ومن باب حرص رئيس الجمهورية على مصلحة الناس التي يهمها النتيجة الجيدة في نهاية المطاف في تشكيل حكومة فعالة وليس فقط اي حكومة، يعتمد الرئيس عون موقفاً واضحاً من ناحية التمسك بوحدة المعايير لولادة حكومة منتجة قادرة على مجاراة تطلعات المواطن اللبناني.

وفي سياق متصل، تقول مصادر مطلعة للديار ان الرئيس ميشال عون، ووفقا للدستور، لديه الحق في تأليف الحكومة مع الرئيس سعد الحريري وليس فقط على صعيد الاسماء المسيحية بل كل الاسماء الواردة في الصيغة الحكومية. ولكن الخلاف اليوم هو على الحصة المسيحية حيث اعترض عون بشدة على اسماء المسيحيين بما ان التشكيلة ضمت ممثلاً للقومي مسيحياً وواحداً للمردة وآخر للطاشناق بينما الحريري سمى العميد نقولا الهبر وزيرا للداخلية ووليد طحينة للثقافة وجو الصدّي للطاقة.
اوساط في 8 اذار : الكيدية السياسية ترتد على اصحابها سلبا

الى ذلك، قالت اوساط وزارية بارزة في 8 اذار للديار ان رئيس التيار الوطني الحر، بعد فرض العقوبات الاميركية عليه، اضحى يتعامل على قاعدة "عليّ واعدائي"، ولذلك تم زج اسم رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب على اساس انه كان متعاونا الى اقصى حدود مع العهد والوطني الحر، ورغم ذلك ادعى عليه القاضي صوان. ويراد من ذلك ان يكون دياب "كبش فداء" في خطة باسيل للمضي في محاربة اخصامه السياسيين عبر فتح ملفات الفساد.

ولفتت هذه الاوساط الى ان الرئيس نبيه بري يعارض ما صدر بشدة ويعتبر ان ما يجري حملة منظمة على حركة امل باتهام غازي زعيتر وعلي حسن خليل وعليه شخصيا، وسيقدم كل الدلائل التي تدحض هذه الاتهامات.

وذكرت الاوساط البارزة في 8 اذار ان تيار المردة سيرد ايضا على ادعاءات القاضي صوان، علما انه لم يصدر اي شيء عن الوزير فنيانوس حتى الان.
الخبير الاقتصادي نادر: لبنان يشارف دخول المنطقة الحمراء امنيا واجتماعيا

على الصعيد الاقتصادي، قال الخبير الاقتصادي سامي نادر للديار ان لبنان سيدخل الخط الاحمر اجتماعيا وامنيا عند رفع الدعم. واشار الى ان اليوم لبنان في مرحلة التضخم الهائل والمتسارع، اضافة الى فقدان الليرة اللبنانية 90% من قيمتها، اما يوم يرفع الدعم فالاسعار "ستشتعل" وليس فقط المواد التي كانت مدعومة بل ايضا باقي المواد الغذائية. واعتبر ان الانفجار الاجتماعي قريب لافتا الى ان لبنان سيكون في حالة البؤس، وهذا سيؤدي الى شغب اجتماعي اضراره كبيرة.

واضاف الخبير الاقتصادي نادر ان الحل يكمن في الذهاب الى صندوق النقد للقيام بثلاث ورشات اصلاحية. اول ورشة تكون في المالية العامة وفي الكهرباء وفي انظمة التقاعد، ثم ورشة في جدول الدين واصلاح القطاع المصرفي، والورشة الثالثة في تحصين استقلالية مصرف لبنان عبر سياسته النقدية التي يجب الا تكون مكشوفة ولا تتدخل فيها السلطة التنفيذية. واضاف ان مصرف لبنان عليه حماية القدرة الشرائية للمواطن، وذلك يكون عبر الاستقلالية التامة عن السلطة التنفيذية.

 

***********************************************************************

افتتاحية صحيفة اللواء:

 

إتهام وطني لصوان بتسييس إدعاء المرفأ.. فهل يستدرك العهد الخطيئة

 

 

 ردَّ المجتمع السياسي، الاسلامي والوطني الكرة الى ملعب المحقق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت، عبر ادعائه التهمي على رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب، وثلاثة وزراء سابقين، بينهم نائبان من حركة "امل"، وكتلة التنمية والتحرير التي يقف على رأسها الرئيس نبيه بري، بصفته رئيساً للحركة ورئيساً للمجلس النيابي، ووزير في تيار حليف، المردة، الذي ينتمي اليه وزير الاشغال السابق يوسف فنيانوس.

وفي موقف يحمل دلالات واضحة، لا تحتاج الى طول شرح او اسهاب تفسير، تجاوز الرئيس المكلف سعد الحريري، ملابسات متراكمة طوال ما يقرب السنة منذ ان قبل الرئيس دياب تأليف الحكومة وألفها، وزاره في السراي الكبير، معلناً دعما له والوقوف الي جانبه، من زاوية ان "التعدي على الدستور والادعاء على رئاسة الحكومة امر مرفوض.. وانا أتيت للوقوف مع رئيس الحكومة والتضامن معه".

والتقى رؤساء الحكومة السابقون: الرؤساء نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام، فضلا عن الرئيس المكلف على ان رئاسة الحكومة ليست لقمة مستساغة، وليست للابتزاز ايضاً، عبر اتصالات من الرؤساء بدياب، فضلا عن تلقي الرئيس دياب اتصالا هاتفيا من مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، اعلن خلاله عن تضامنه معه، مشيدا بنظافة كفّه، واكد على دعمه والوقوف الى جانبه، ورفض التطاول على رئاسة الحكومة.

واعلن المفتي دريان في بيان له "ان?الادّعاء على مقام رئاسة الحكومة استهداف سياسي غير مقبول وتجاوز للدستور ولقانون محاكمة الرؤساء والوزراء السابقين، ويصبّ في اطار حملات كيدية واضحة للعيان لا تخدم العدالة لفريق معيّن دون اخر لتصفية حسابات سياسية".

واعلن "اننا مع القضاء النزيه الشفّاف ومع الحرص على تحقيق العدالة وفقاً لأحكام القانون والتزام الدستور، واي تسييس او استنساب ادّعاء لكشف حقيقة انفجار مرفأ بيروت هو جريمة اخرى بحق الوطن، فالكل مسؤول في هذا الحادث المفجع".

اضاف المفتي دريان: "ليعلم الجميع ان الوطن لا يُبنى على المصالح الخاصة والكيديات ولا على الاستنساب. فلندع القضاء يأخذ مجراه بكل تجرد وانفتاح بعيداً من الضغوط ودون تقييده بسلاسل السياسة".

حزب الله لاعادة النظر
ومن المواقف الرافضة بقوة لقرار الادعاء، ما صدر عن حزب الله، الذي دعا المحقق العدلي الى "إعادة مقاربة هذا الملف الهام (جريمة انفجار المرفأ) واتخاذ الاجراءات القانونية الكفيلة بالوصول الى الحقيقة بمعايير موحدة بعيدة كلياً عن التسييس".

وسجل الحزب مآخذ على قرار صوان بالادعاءات على دياب وثلاثة وزراء بأنه غير بعيد عن التسييس، وغير مطابق لاحكام الدستور، قابل للاجتهاد والتأويل والتفسير، ولم يتم الادعاء على اسس منطقية وقانونية.

اضاف: غياب المعايير الموحدة ادت الى "ما نعتقده استهدافاً سياسياً طال اشخاصاً وتجاهل آخرين، وحمل شبهة الجريمة لاناس واستبعد آخرين دون مقياس حق".

وصدرت مواقف مستنكرة القرار عن عدد من الوزراء ورئيس الحزب التقدمي وليد جنبلاط ورئيس الحزب الديمقراطي النائب طلال ارسلان والنائب فيصل كرامي وشخصيات سياسية استهجنت فتح الملفات استنسابيا والتعدي على الدستور وموقع رئاسة الحكومة.

أبعد من ذلك!
أبعد من الرفض الاسلامي والوطني العارم للادعاء "المسيس"، وبانتظار الاثنين والثلاثاء والاربعاء، وقبل وبعد هذه التواريخ، يطرح السؤال: ماذا عساه ان يفعل القاضي العدلي صوان، بعد اصطدام ادعائه بالحائط؟

ثم ماذا عن العهد، هل اقحم نفسه بالحائط السياسي، ووضع ما تبقى من عهده، في دائرة "اللاشيء" من الانجازات، وسط شبهات تحوم لدى فريق 8 اذار ان "قبة باط" رئاسية وراء قرار القاضي، بعد لقاء الرئيس مجلس القضاء، وما تناهى الى كل من الرئيس نبيه بري والنائب جنبلاط من ان العين الرئاسية "محمرة عليهما" شخصياً.

مصادر رفيعة المستوى في الثنائي الشيعي تجنبت اتهام الرئيس عون وباسيل بالوقوف خلف قرار القاضي صوان بانتظار اتضاح حقيقة ما حصل، الا انها جزمت بأن وضع الحكومة اصبح "تحت الصفر" ولم يعد واضحا اذا كان بالامكان تشكيلها في المدى المنظور دون حصول "معجزة" ، فبعد مشكلة الرئيس عون مع الحريري على حد تعبيرها، جاءت مشكلته مع دياب وبري لتزيد الامور تعقيدا ولتشكل سابقة في العمل السياسي اللبناني.

اما عن تفاصيل هذه النكسة الحكومية، يمكن وفقا للمصادر القيادية في ? آذار ، تسجيل التالي:

اولا: رفض عون تشكيلة الحريري ولم يفاوضه بشكل مقنع في مسالة اعادة توزيع الوزارات او التسميات، بل حاول فرض تشكيلة وزارية متكاملة عليه.

ثانيا: استهدف عون الرئيس نبيه بري شخصيا عبر تشجيع وتاييد قرار المحقق العدلي فادي صوان، ويمكن تبرير هذا الكلام بسكوت عون عن عدم اعتماد معايير موحدة في الادعاءات وحصرها بجهات سياسية محددة للمفارقة انها على خلاف معه.

ثالثا: ما الذي يمنع القوى السياسية الممثلة في البرلمان اللبناني التي غطى عون استهدافها اي حركة امل، والسنة وفي مقدمهم المستقبل دفاعا عن موقع الرئاسة الثالثة، وتيار المردة، من الرد بالمثل والادعاء على عون بعد ان اعترف بنفسه بتبلغه عن وجود نيترات الامونيوم في المرفأ ، وماذا عن مسألة اتهام هذه القوى السياسية للتيار الحر برئاسة باسيل بالهدر والفساد في وزارة الطاقة، لا سيما وان هناك جهات محلية ودولية لن تمانع بتأييد اي توجه من هذا النوع ضد باسيل شخصيا لاسباب وغايات مختلفة.

رابعا: هل يعقل ان يقف حزب الله على "الحياد" اذا ثبت بشكل قاطع ان باسيل وعون يقفان خلف ادعاءات صوان الموجهة الى حليفين اساسيين له في هذا التوقيت الاقليمي والدولي الحساس.

خامسا: كشفت المصادر عن وجود توجه دولي مدعوم محليا واقليميا لاعادة النظر بالنظام اللبناني على خلفية الفوضى السياسية والدستورية القائمة، محملة العهد وتياره مسؤولية تقويض الصلاحيات الدستورية وتجاوزها تحت ستار استعادة حقوق المسيحيين ، والمفارقة هنا بحسب المصادر ، ان فرنسا ليست بعيدة عن اعادة ترتيب المشهد اللبناني وهناك حديث غير مؤكد بعد عن مساع فرنسية لترتيب حوار "لبناني-لبناني" برعاية "اقليمية -دولية" لهذه الغاية ، مؤكدة ان اي ترتيب من هذا النوع يعني تقليص ولاية رئيس الجمهورية.

ماكرون للمرة - 3
وسط هذه القلاقل، والهواجس، والتوقعات المريبة، يعود الرئيس ايمانويل ماكرون الى لبنان بعد اقل من اسبوعين، وقبل الاعياد المجيدة.

فقد اعلن قصر الاليزيه ان الرئيس الفرنسي ماكرون سيزور لبنان في 22 و23 من الشهر الحالي.

وفي السياق الاممي، قال يان كوبيش المنسق الخاص للامم المتحدة في لبنانه انه "لا يجب ان يكون سلاح خارج الدولة بما فيه سلاح حزب الله".

واعلن لـ "الحدث" اننا "نقف الى جانب الشعب اللبناني ومطالبته بمحاربة الفساد وضرورة المحاسبة".

و كشفت مصادر سياسية عن اتصالات فرنسية لبنانية جرت خلال اليومين الماضيين لابقاء ملف تشكيل الحكومة متحركا باتجاه ايجابي بعد تسليم رئيس الحكومة المكلف سعدالحريري التشكيلة الحكومية لرئيس الجمهورية ميشال عون مؤخرا ضمن أجواء مشجعة نسبيا، وما تبع بعد ذلك من محاولات بذلها الفريق الرئاسي يتقدمه النائب جبران باسيل للالتفاف على هذه العملية بشروط ومعوقات مفتعلة.

واشارت المصادر الى ان خلية الازمة المكلفة بمتابعة الملف اللبناني في الاليزيه تواصلت مع الأطراف السياسيين المعنيين بعملية التشكيل، وابدت استياءها من تصرفات ومواقف رئيس التيار الوطني الحر، وشددت على ضرورة تجاوز الخلافات الضيقة والاسراع بتشكيل الحكومة العتيدة قبيل موعد زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى لبنان قبيل عيد الميلاد، واعتبرت ان قيام الحريري بتسليم التشكيلة الحكومية لرئيس الجمهورية بمثابة خطوة متقدمة ويجب استكمالها بالاتفاق على تظهير الحكومة الجديدة بشكلها النهائي، لانه لم يعد ممكنا اضاعة مزيد من الوقت بالخلافات والمطالب غير المقنعة في حين تزداد معاناة اللبنانيين نتيجة تفاعل الازمات والضغوطات المعيشية.

وفي السياق الحكومي، كذلك قالت المصادر المعنية، ان الرئيس الحريري قدم تشكيلته الوزارية معتبرا حسب اوساطه انها عادلة في التوزيع بين القوى السياسية والطوائف وتراعي المعايير، لكن رئيس الجمهورية اعترض على بعض الحقائب المسيحية.

وحسب المعلومات منح الحريري الوزراء المسيحيين حقائب:الطاقة والدفاع والصناعة والبيئة والتربية والثقافة والاعلام والداخلية والاقتصاد والاتصالات. اماحصة المسلمين فكانت حقائب: العمل والاشغال اولمالية والعدل والصحة السياحة والتنمية الادارية والخارجية والشؤون الاجتماعية والزراعة.

اما التوزيع على القوى السياسية فكانت: الطاقة للتيار الحر،والدفاع، والثقافة الاعلام، والبيئة، والتربية من حصة رئيس الجمهورية.

حقيبة الصناعة للطاشناق.

حقيبة الداخلية للمستقبل على ان يتولاها ارثوذوكسي.

حقيبة الاتصالات للمردة على الارجح لكن لم تحسم بعد.

اما حقيبة الاقتصاد فمن حصة المسيحيين ايضا ولم يعرف لأي جهة.

حقيبتا العمل والاشغال لحزب الله، المالية والسياحة والتنمية الادارية لحركة امل.الخارجية والزراعة ،للحزب الاشتراكي، اما حقائب العدل والشؤون الاجتماعية والصحة فمن حصة رئيس الحكومة.

ولفتت أوساط مراقبة لـ"اللواء" إلى أن الاعتقاد ساد بأن موضوع الإدعاء الذي احتل صدارة الاهتمام? السياسي سيصرف النظر عن الملف الحكومي الذي أصيب بالتعثر.?وأفادت الأوساط أن التحركات السياسية بدورها تتمحور حول الادعاءات والخطوات المقبلة على أن ردود الفعل بدأت بالظهور وتتواصل.

في المقابل أعربت عن اعتقادها أن ملاحظات رئيس الجمهورية على تشكيلة الحريري واضحة وتنتظر الأجوبة منه في وقت ما مشيرة إلى أن ما تقدم به الرئيس عون يعني إعادة النظر بتصور الحريري الأخير لاسيما في موضوع الأسماء على أن توزيع الحقائب ليس بالمشكلة الأساسية مؤكدة أن السؤال? اليوم ما إذا كان الحريري سيلاقي رئيس الجمهورية في الملاحظات أم لا.

وأوضحت الأوساط أن هناك من بدأ يسأل ما إذا كان هناك من نص يدعو? المحقق العدلي إلى تعديل قراره ام لا مع العلم ان الشخصيات التي تم الادعاء عليها تستند إلى مواد قانونية بوجه ذلك لاسيما أن ذلك يتصل برئيس الحكومة وبنائبين ووزير سابق.

اساتذة الجامعة تهديد بالاضراب
وفي سياق متصل، تفاعل موضوع دعوةاساتذة لتعبئة استمثارة الاثراء غير المشروع، خلافا للنص القانوني، وقد رفضت الهيئة التنفيذية لرابطة الاساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية تعبئة استمارة تتعلق بتطبيق قانون الاثراء غير المشروع، داعية الاساتذة الى الالتزام بالقانون الصادر عن مجلس النواب، والذي يستثني اساتذة الجامعة، ومعروف ان القانون له اولوية وصفة القوة امام اي إجراء او قرار مخالف له.

ودعت الاساتذة للوقوف بوجه هذا الاجحاف، الذي هو ظلم وتهمة لهم، وقالت انها لن تتوانى عن التصعيد، واعلان الاضراب رفضا لذلك.

143703
صحياً، اعلنت وزارة الصحة العامة عن تسجيل 1518 اصابة جديدة، مع 12 حالة وفاة خلال الـ24 ساعة الماضية، ليرتفع العدد الى 143703 اصابة مثبتة مخبرياً.

 

*********************************************************************

افتتاحية صحيفة النهار:

 

عاصفة ضد صوان والمؤبد لعياش وتلميح لحُماته

 

 

لعل المفارقة اللافتة الغريبة التي برزت امس تمثلت في جمع احداث وتطورات تتقاطع في طبيعتها عند نقطة واحدة هي القضاء . فمن جهة هبت عاصفة حادة ضد الادعاء على رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب . ومن جهة أخرى أصدرت المحكمة الخاصة بلبنان حكمها في العقوبة على المتهم الوحيد الباقي باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري سليم عياش بالمؤبد في خمس اتهامات . وجاء ذلك كله عشية الذكرى ال15 لاغتيال الشهيد جبران تويني الذي تفتقد عدالة لبنان حرفا واحدا في ملفه العدلي وحقائق تبحث عن عدالة حقيقة لكشفها وملاحقة القتلة .

اذن الخلاصة المنطقية الأساسية للمجريات الحارة التي طبعت عاصفة الاعتراضات الكثيفة على ادعاء المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي فادي صوان على رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب ومعه ثلاثة وزراء سابقين هي انها اعادت الخشية على نتائج التحقيقات كلا في انفجار المرفأ بفعل امتزاج العوامل السياسية والطائفية بالقضائية والدستورية . واذا لم يكن اتساع ردود الفعل على ما اعتبر استهدافا متعمدا لموقع رئاسة الحكومة مفاجئا الى حدود بعيدة فان البارز في المشهد الذي ارتسم امس تمثل في التضامن شبه الشامل لمراجع الطائفة السنية السياسية والدينية مع الرئيس دياب على قاعدة رفض استهداف موقع رئاسة الحكومة ومنع تمرير سابقة قضائية تحمل شبهة سياسية من هذا النوع بما يصعب معه تجاوز الوقائع السياسية التي أحدثها هذا التطور خصوصا لجهة انعكاساته المؤكدة على المسار المتعثر لتأليف الحكومة الجديدة . ولم يكن ادل على الاستنفار الواسع الذي اثاره الادعاء على دياب من المبادرة المفاجئة لرئيس الحكومة المكلف سعد الحريري الى زيارة السرايا الحكومية للمرة الأولى منذ استقالته قبل اكثر من سنة لاطلاق رسالة دالة بان رئاسة الحكومة هي خط احمر امام محاولة استهدافها .

اذ كان يمكن الحريري الاكتفاء بإصدار بيان بموقفه من الادعاء على دياب الذي وصل الى السرايا قبل سنة في ظروف معروفة اعتبرت معها حكومته حكومة قوى 8 آذار بالكامل . ولكن الحريري الذي يخوض راهنا المرحلة المتقدمة من الكباش الشاق لتأليف حكومته تجاوز موقفه من دياب وزاره متضامنا متقدما مجمل المواقف السنية وغير السنية سواء على خلفية طائفية او سياسية او دستورية من الادعاء على دياب . والواقع ان العاصفة التي نشأت عقب الادعاء عكست تداعيات مقلقة بل خطيرة للتداخل الذي تزامن او زج به عفوا او عمدا بين "حرب" الملاحقات والملفات التي تصاعدت في الفترة الأخيرة بين الحكم وبعض القوى السياسية الأساسية التي تتهم العهد بالضلوع في تسخير بعض القضاء في فتح حرب أحادية على خصومه وبين التحقيق العدلي الجاري في ملف انفجار المرفأ .


واذا كان الصدام مع رئاسة الحكومة اتخذ واجهة متقدمة في هذا المشهد على خلفية استناد المعارضين للادعاء من ألوان مختلفة وليس سنية فقط الى أسانيد دستورية تعرض الادعاء للاهتزاز فان ذلك لم يخف الجانب الأكثر اثارة للمخاوف على مآل التحقيق في انفجار المرفأ اذ ليس خافيا ان عجز المحقق العدلي او تمنع المدعى عليهم السياسيين عن المثول امامه في ظل مواجهة سياسية قضائية حادة تتداخل فيها الاحتقانات سيرتد بسلبيات كبيرة على التحقيق كما على القضاء الامر الذي يوجب احتواء سريعا يحول دون تعريض القضاء لمزيد من المداخلات السياسية المؤذية كما يضمن احقاق حق بأسرع وقت في جلاء التحقيق في انفجار المرفأ . وقد اعرب الرئيس الحريري بعد لقائه دياب في السرايا عن "رفضه المطلق للخرق الدستوري الواضح والفاضح الذي ارتكبه القاضي صوان بالادعاء على رئيس الحكومة " قائلا "من الآخر رئاسة الحكومة ليست للابتزاز وهذا الامر مرفوض ونحن لن نقبل به ".

وأفادت معلومات ان رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب والوزراء السابقين الثلاثة الذين ادعى عليهم المحقق العدلي علي حسن خليل وغازي زعيتر ويوسف فنيانوس يتجهون الى اتخاذ موقف موحد مشترك من الادعاء والموقف الذين سيعتمدونه مع ترجيح الامتناع عن المثول امام المحقق العدلي بحجة مخالفته للدستور وتجاوز مجلس النواب .

وقد بدا واضحا ان مجمل هذا المناخ قد اثار مزيدا من الشكوك حول مسار تأليف الحكومة الجديدة فيما عاد شبح القطيعة الباردة بين قصر بعبدا وبيت الوسط اللذين لم تسجل أي اتصالات جديدة بينهما لتحديد موعد جديد بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس الحريري علما انهما كانا اتفقا مبدئيا على معاودة اللقاءات بعد 48 ساعة من لقائهما الأخير الذي قدم خلاله الحريري تشكيلته الحكومية الكاملة فيما طرح عون تركيبة مختلفة لتوزيع الحقائب والطوائف من دون أسماء . ولا تبدو الأجواء مشجعة اطلاقا حيال امكان حصول تسوية وشيكة خصوصا بعدما ابرزت بعبدا رد فعل حاد للغاية على تشكيلة الحريري بما لا يحمل على توقع أي حلحلة في وقت قريب . كما ان الشكوك تثار حول تأليف الحكومة قبل زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون للبنان التي حدد الاليزيه موعدها الرسمي امس في 22 و23 كانون الأول.

حكم العقوبة
وسط هذا المناخ أصدرت امس غرفة الدرجة الأولى في المحكمة الخاصة بلبنان حكمها بالعقوبة على المتهم سليم عياش الذي قضى بالسجن المؤبد في حقه عن كل من التهم الخمس الموجهة اليه في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري . وأصدرت المحكمة مذكرة توقيف دولية جديدة في حقه وطلبت إحالتها على السلطات اللبنانية والهولندية . وفيما برز في الحكم الخاص بالعقوبة التلميح الواضح الى ارتباط الجريمة بالوجود السوري وظروف مناهضة الحريري لذاك الوجود كان لافتا ان رئيس الغرفة القاضي ديفيد رأي تطرق بدوره في رأي منفصل عن الحكم الى مواقف الأمين العام ل"حزب الله " السيد حسن نصرالله "والكلمات القاسية" التي دافع فيها عن المتهمين باغتيال الحريري وتهديد من يحاول التعرض لهم ليخلص الى ان ذلك يقود الى "الاستناج من هو المسؤول" عن حماية المتهمين.
وعقب صدور الحكم دعا الرئيس سعد الحريري الى "وضع العقوبة موضع التنفيذ وعلى السلطات القضائية والأمنية اللبنانية القيام بواجبها في هذا الخصوص ".

********************************************************************

افتتاحية صحيفة الجمهورية:

 

رسمياً ماكرون يزور بيروت في 22.. الأمم المتحدة: لحكومة بلا تردّد

 

فيما عاد الاستحقاق الحكومي الى الدوران في دائرة التعقيد، وتراجعت احتمالات ولادة الحكومة قبل الاعياد، أعلن قصر الإليزيه رسمياً مساء امس، أنّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيزور لبنان في 22 و23 من الجاري، في رسالة الى المعنيين تؤكّد تمسّكه بمبادرته لحلّ الازمة اللبنانية، على رغم من كل ما تتعرّض له من انتهاكات ومعوقات داخلية وخارجية. فيما دخلت البلاد في سجالات سياسية وقضائية، اثارت مخاوف من ان تلقى قضية انفجار مرفأ بيروت المصير نفسه الذي لاقاه التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان.
تراجع ملف تشكيل الحكومة العتيدة الى الدرجة الثانية ليتقدّم ادّعاء المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي فادي صوان على كل من رئيس حكومة تصريف الاعمال وثلاثة وزراء سابقين، وعاد الصمت المطبق ليسود في القصر الجمهوري و"بيت الوسط".
وكشفت مصادر مطلعة لـ "الجمهورية"، انّ المعادلة ما زالت قائمة على قاعدة انّ بعبدا تنتظر ردّ الحريري على اقتراح رئيس الجمهورية، اعادة النظر في التوزيعة المقترحة للحقائب الوزارية على الطوائف والمذاهب، فيما الحريري ينتظر في المقابل ردّ عون على تشكيلته.
وانطلاقاً من هذه المعادلة السلبية، اضافت المصادر، انّ كلاً من عون والحريري يعرفان مواقفهما المتناقضة من عملية التأليف، بعدما تعززت الشقوق التي تؤكّد الإنقسام بينهما، وهو ما يوفّر الاجوبة عن اسئلتهما تلقائياً. ولذلك، فإنّ ما يجري لا يعدو كونه تجميداً للبحث في ملف التأليف الى اجل غير مسمّى، في وقت يغيب اي دور للوسطاء المحليين او الاجانب على حدّ سواء.

الحريري ادّى المهمة
وفي الإطار عينه، قالت مصادر "بيت الوسط" لـ "الجمهورية"، انّ الرئيس المكلّف أدّى المهمة الموكلة اليه، فقدّم تشكيلة وزارية كاملة بتوزيعة منطقية للحقائب، ترجمة للتفاهمات السابقة، واقترح اسماء حياديين لا غبار على تاريخهم وسِيَرهم الذاتية. ولذلك، المطلوب ان يحدّد رئيس الجمهورية موقفه، فيلتقي الحريري ليقترح الأسماء البديلة من تلك المطروحة، شرط ان تكون بالمواصفات المطلوبة، ان كان لا يزال يؤيّد المبادرة الفرنسية، وإلّا فإنّ العكس يؤدي الى تعقيد مهمة التأليف وتأجيلها الى اجل غير مسمّى.

موقف اممي
في هذه الاثناء، دعا الممثل الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش، الساسة اللبنانيين إلى "تشكيل حكومة دون تردّد"، مؤكّداً "أنّ المجتمع الدولي لن يتولى زمام الأمور في لبنان، لكن على السياسيين القيام بواجبهم.
وقال كوبيتش في حوار مع قناة "العربية ـ الحدث": "كل إجتماعات الأمم المتحدة تشدّد على رسالة واحدة، الدولة يجب ان يتمّ إدارتها، والدولة عليها تحمّل المسؤولية، والعمل بطريقة مسؤولة وشفافة لإدارة الوضع"، مشيراً إلى "أنّ اهم رسالة من اجتماع مجلس الأمن كانت تشكيل حكومة بدون تردّد، وهي الرسالة نفسها من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وايضاً اجتماع وزراء الخارجية الأوروبيين، الذين شدّدوا على الحاجة لتشكيل حكومة بأسرع وقت". وأضاف: "المجتمع الدولي لن يأتي ويستلم لبنان ويديره. لكن الرسالة تطلب من القيادات اللبنانية "قوموا بعملكم"، وعلى اللبنانيين الوقوف لأنفسهم، فهم لفظوا الطبقة السياسية في 17 تشرين الماضي، وهم قدّموا افضل مثل لما يمكنهم القيام به"، مؤكّداً: "نقف إلى جانب الشعب اللبناني ومطالبه بمحاربة الفساد وضرورة المحاسبة".
وقال: "إنّ الأزمة اللبنانية تُحلّ داخلياً بين الأفرقاء اللبنانيين"، مؤكّداً "أنّ مواجهة سيطرة "حزب الله" على لبنان لا تتمّ إلّا داخلياً عبر الساسة اللبنانيين".
ورداً على سؤال حول المضايقات لـ"اليونيفيل" في الجنوب قال المبعوث الأممي الخاص في لبنان، إنّه يجب تأمين حرية تنقّل القوات الدولية، وأضاف: "تطوير قدرات اليونيفيل العسكرية والأمنية على أجندة مجلس الأمن لتنفيذ 1701".
كما أكّد أنّ انتشار الجيش بشكل موسع على الحدود مع سوريا ضرورة ملحّة. وشدّد على ضرورة تطبيق القرارات الأممية المرتبطة بحصر السلاح بيد الدولة ونزع سلاح الميليشيات ومنها القرارات 1559 و1680 و1701. وقال: "الأمم المتحدة واضحة جداً في ما يتعلق بسلطة الدولة، وهي السلطة الشرعية الوحيدة التي يجب ان تكون هنا. أما امتلاك والاستحواذ على السلاح من أي مجموعة بما فيها "حزب الله" خارج سلطة الدولة، غير مقبول ولا يجب ان يكون مقبولاً. انّها مسؤولية سلطة الدولة الإهتمام بهذا الأمر. اما موقف الأمم المتحدة، فنحن نعتبر أنّ الحل الأمثل هو بتطبيق القرارات الدولية 1559 و1680 و1701. هذه القرارات تنص بوضوح، أنّ اي جهة لديها سلاح خارج سلطة الدولة لا يتوافق مع القرارات الدولية".

في البازار السياسي
وفي المقلب الآخر، دخل ملف ادّعاء قاضي التحقيق العدلي في انفجار المرفأ فادي صوان على رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب والوزراء السابقين غازي زعيتر وعلي حسن خليل ويوسف فنيانوس، في البازار السياسي والطائفي، وتحولت المسألة ازمة سياسية بجوانبها الطائفية والمذهبية، وانقسمت المواقف على قياس الانقسام الحاصل على المستويات السياسية والحزبية والطائفية، فتوحّد موقف رؤساء الحكومات السابقين خلف رئيس حكومة تصريف الاعمال، متناسين ما عكسته الخلافات السابقة حول كثير من الملفات التي وضعتهم جميعاً في خندق واحد في مواجهة حكومة دياب.

رؤساء الحكومات
وعلى هذه الخلفيات، اجمعت مصادر رؤساء الحكومات السابقين، على انتقاد خطوة صوان وتحميله مسؤولية "الانسياق خلف بعض المشاريع التي يمكن ان تؤدي الى انقسام حاد بين اللبنانيين". وتوقفت هذه المصادر امام بعض المعطيات، متسائلة عن الظروف التي دفعت صوان الى الادّعاء على رئيس الحكومة وعدد من الوزراء دون سواهم، فالمواد التي انفجرت موجودة في مرفأ بيروت منذ 7 سنوات، فما هي مسؤولية ادارة المرفأ، ومن اعطى الامر بحفظها وتخزينها في العنبر الرقم 12 بدلاً من اعادة شحنها الى الخارج، من حيث اتت او الى اي جهة اخرى؟ واشارت الى تجاهل صوان بقية المسؤولين في قطاعات امنية وعسكرية وقضائية، قبل الادّعاء على من يتحمّلون المسؤوليات السياسية على رأس وزاراتهم وفي موقع رئيس الحكومة.

تضامن مع دياب
وكان إدّعاء صوان على دياب اطلق حملة تضامن في الوسط السنّي مع رئيس حكومة تصريف الاعمال، فزاره الحريري في السرايا الحكومية، وقال بعد اللقاء: "أتيتُ إلى رئاسة الحكومة لكي أعبّر عن رفضي المطلق للخرق الدستوري الواضح والفاضح الذي ارتكبه القاضي بالادّعاء على رئيس الحكومة. الدستور واضح، ورؤساء الحكومات يَمثلون فقط أمام محكمة خاصة يُشكّلها المجلس النيابي". وأضاف: "رئاسة الحكومة ليست للابتزاز، من الآخر، وهذا الأمر مرفوض، ونحن لن نقبل به. من حق أهالي الشهداء معرفة الحقيقة، من حقهم ان يعرفوا مَن أدخَل هذه الباخرة ومن غَطّى عليها. امّا التعدّي على الدستور والادّعاء على رئاسة الحكومة فهذا أمر مرفوض، وأنا أتيتُ للوقوف مع رئيس الحكومة والتضامن معه".

من جهّته، قال الرئيس فؤاد السنيورة، في حوار تلفزيوني، إنّ المحقق العدلي يخالف الدستور ويتخطّى صلاحياته ويخالف مبدأ فصل السلطات الدستورية، لأنّ الدستور يحرص على حَصر الادّعاء بمجلس النواب في هذه الحالات. وأضاف: "لا يجوز أن يُستعمل القضاء قناعاً لعمليات بوليسية أو لتركيب اتهامات من أجل تصفية الحسابات السياسية أو للانتقام. وإذا كان هناك من حيادية حقيقية، فمن الأولى أن يُصار الى طلب الاستماع إلى فخامة الرئيس الذي قال بعَظمة لسانه إنّه علم بالأمر يوم 20 تموز، أي قبل 15 يوماً من التفجير". واعتبر "أنّ التحقيقات لا يمكن ان تتمّ في شكل حيادي وصحيح إلّا من خلال العودة إلى المطالبة بتحقيق تُجريه لجنة تحقيق دولية".

وفي السياق، تلقّى دياب اتصالاً من الرئيس تمام سلام الذي أكّد "وقوفه إلى جانبه"، رافضاً "التطاول على شخص الرئيس دياب وعلى موقع رئاسة الحكومة".

وبدوره، مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان قال في بيان: "انّ الادّعاء على مقام رئاسة الحكومة استهداف سياسي غير مقبول وتجاوز للدستور ولقانون محاكمة الرؤساء والوزراء السابقين، ويصبّ في اطار حملات كيدية واضحة للعيان لا تخدم العدالة لفريق معيّن دون آخر، لتصفية حسابات سياسية".

تزامناً، غرّد رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط، كاتباً: "لا يجوز وتحت أي اعتبار ان يقف التحقيق في كارثة المرفأ امام الحواجز الدستورية او الطائفية، ولا بدّ ان يشمل الجميع بلا استثناء. انّ انفجار المرفأ جريمة إنسانية بحق بيروت وكل لبنان. تذكّروا المحكمة الدولية، وتذكّروا اننا طالبنا بلجنة تحقيق دولية في انفجار المرفأ. ما عدا وبَدا؟".

وعلّق "حزب الله" على قرار القاضي صوان، فقال في بيان: "إننا نؤكّد حرصنا أن تكون كل الإجراءات التي يتخذها قاضي التحقيق بعيدة عن السياسة والغرض، مطابقة لأحكام الدستور، غير قابلة للاجتهاد او التأويل أو التفسير، وان يتمّ الادّعاء على أسس منطقية وقانونية، وهذا ما لم نجده في الاجراءات الاخيرة. وبالتالي، فإننا نرفض بشكل قاطع غياب المعايير الموحّدة والتي أدّت الى ما نعتقده استهدافاً سياسياً طاوَلَ أشخاصاً وتجاهَل آخرين من دون ميزان حق، وحَمّلَ شبهة الجريمة لأناس واستبعد آخرين دون مقياس عدل، وهذا سوف يؤدي مع الأسف الى تأخير التحقيق والمحاكمة، بدلاً من الوصول الى حكم قضائي مبرم وعادل. لذا، ندعو قاضي التحقيق المختص الى اعادة مقاربة هذا الملف الهام من جديد، واتخاذ الاجراءات القانونية الكفيلة بالوصول الى الحقيقة المنشودة بمعايير موحّدة بعيدة كليّاً عن التسييس".

صفقة "سبوت كارغو"
من جهة ثانية، لاحت في الافق مؤشرات الى فضيحة جديدة على مستوى وزارة الطاقة، حيث اتهم البعض، المسؤولين فيها، بطرح دفاتر شروط مشوبة بعيوب، من اجل الايحاء بأنّ ادارة المناقصات هي التي تعوق اجراء المناقصة بغية إمرار صفقة "سبوت كارغو" التي يروّج لها البعض في وزارة الطاقة، تحت طائلة دخول البلاد في العتمة بدءاً من مطلع السنة الجديدة.

وفي ضوء هذه المعطيات، اصدرت ادارة المناقصات في التفتيش المركزي البيان التالي:
"يبدو انّ المكلّفين بشؤون الطاقة والنفط في البلاد يرغبون هذه الايام؛ في اصدار بيانات تضليل متناقضة في عباراتها، فارغة في محتواها من اي مضمون، يختبئون فيها وراء المديرية العامة للنفط.
لهؤلاء نقول: انّ الحكم يبقى للحقائق والمستندات المثبتة بتواريخها ومضامينها؛ وبالنصوص القانونية؛ والمجلس النيابي هو سلطة الرقابة الاولى في البلاد. فإلى يوم الخميس، الساعة الحادية عشرة ظهرًا".

السجن المؤبد لعياش
على صعيد آخر، قضت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان الجمعة، بالسجن مدى الحياة بحق سليم عياش، الذي يشتبه بانتمائه إلى "حزب الله"، وأدين بالمشاركة في اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 2005.
وقال القاضي ديفيد ري من المحكمة ومقرها هولندا، إنّ "الجرائم خطيرة إلى درجة أنّها تتطلب العقوبة القصوى". وأضاف أنّ "المخالفات على درجة كبيرة من الخطورة إلى حدّ أنّ الظروف التي يمكن اعتبارها تخفيفية وتسمح بتخفيض العقوبة، نادرة". وأكّد أنّ "الدائرة الابتدائية ترى وجوب فرض العقوبة القصوى لكل من الجرائم الخمس، وهي السجن مدى الحياة يتمّ تنفيذها في وقت واحد".

وأعرب الحريري، عن أمله في أن يقضي سليم عياش عقوبته.

وقال عبر "تويتر": إنّ "العدالة الدولية أصدرت حكمها في قضية الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقة، والعقوبة التي أُنزلت بسليم عياش يجب وضعها موضع التنفيذ، وعلى السلطات القضائية والأمنية اللبنانية القيام بواجبها في هذا الخصوص".

ونقلت وكالة "فرانس برس" عن الباحث في معهد "آسر" في لاهاي كريستوف بولوسان قوله، إنّ "المحاكمات الغيابية ليست الطريقة المثلى لتحقيق العدالة". ورأى إنّ المحاكم الدولية تشبه "عملاقاً بلا أذرع أو أرجل" لأنّها تعتمد على الدول في اعتقال المشتبه فيهم، وليست في وضع يمكّنها من تنفيذ أيّ قرار بنفسها. واضاف: "لكن رغم هذا العائق، نجحت المحكمة الخاصة بلبنان على الأقل في تشكيل ملف قضائي مقنع، حول ما حدث قبل 15 عامًا، ما ساعد المجتمع اللبناني في الانتقال من ثقافة الإفلات من العقاب إلى ثقافة المساءلة".
وسيكون سليم عياش في قلب محاكمة أخرى في المحكمة نفسها، تتعلق بثلاثة اعتداءات دموية أخرى ضد سياسيين لبنانيين في عامي 2004 و2005.

 

*********************************************************************

افتتاحية صحيفة نداء الوطن:

 

إستياء فرنسي من المسؤولين اللبنانيين: ما زالوا يلعبون لعباتهم الصغرى

 

 عشية زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون المرتقبة إلى بيروت في 22 و23 الجاري، أوضح مصدر فرنسي رفيع متابع للملف اللبناني أنّ ماكرون يزور بيروت للمرة الثالثة في غضون أربعة أشهر "لأنه يرى ضرورة ملحة وطارئة لذلك، بعد نتائج الأزمة المالية ثم انفجار المرفأ بحيث أصبح لبنان يواجه أزمة مالية واقتصادية واجتماعية"، وقال لـ"نداء الوطن" إنّ الرئيس الفرنسي "وضع خريطة الطريق الإنقاذية للبنانيين بعد أن رأى مع القوى اللبنانية والأسرة الدولية أنّ هناك حاجة طارئة لتشكيل حكومة في لبنان ذات مصداقية تحظى بتصويت أغلبية البرلمان، لتنفّذ خريطة الطريق التي وضعها أمام رؤساء الأحزاب عندما زار لبنان ووافقوا عليها ثم أخلّوا بالتزاماتهم"، وانتقد المصدر معظم القياديين السياسيين قائلاً إنهم "ما زالوا يلعبون لعباتهم السياسية الصغرى ورغم ذلك الرئيس ماكرون باق على تعهداته لأن الضرورة تتطلب ذلك والخطر يزداد".

وأضاف: "يجب تشكيل حكومة تحظى بتأييد البرلمان، ورئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري وجبران باسيل شئنا أم أبينا عليهم أن يتحملوا مسوؤلية التشكيل، لذا فرنسا مستمرة في مطالبتهم بتحمل مسوؤلياتهم في تشكيل حكومة ذات مصداقية وترى أن الوضع الطارئ يتطلب هذه الضرورة"، مشيراً إلى أنّ "الرئيس الفرنسي وأمين عام الامم المتحدة أعطيا الكلمة في مؤتمر الدعم إلى ممثلي المجتمع المدني في بداية المؤتمر، لأنّ المجتمع المدني يسد ثغرات تقصير الدولة اللبنانية حيث يأخذ اللبنانيون واللبنانيات بزمام حياتهم ويقومون بعمل كان ينبغي أن تفعله الدولة لهم".

وفي حين نوّه بدور الجيش اللبناني، شدد على أنّ الرئيس الفرنسي يحرص على أن توزع المساعدات عبر منظمات غير حكومية ذات مصداقية ويمكن الاعتماد على نزاهتها، كي لا يتم تحويل المساعدات إلى جهات أخرى، ولذا تحبذ فرنسا إعطاء المسؤولين عن تلك المنظمات الكلمة لا سيما وأنّ الرئيس الفرنسي هو الى جانب الشعب اللبناني ومع ممثليه في المنظمات غير الحكومية، لأنهم هم الذين يعملون على الأرض.

ورداً على سؤال عما إذا كانت باريس قد خاب أملها جراء عدم تجاوب "حزب الله" مع مبادرتها، لفت المصدر إلى أنّ "فرنسا لا تضع نفسها في هكذا معادلة، فالرئيس ماكرون تحدث الى "حزب الله" كما تحدث مع جميع القيادات السياسية في لبنان، وبعضهم وضع نفسه خارج اللعبة ولا يساعدون على تنفيذ خريطة الطريق، رغم أنهم وعدوا أنهم سيبذلون أقصى جهودهم لتنفيذ خريطة الطريق ولم يفعلوا"، وأضاف: "ما يهم فرنسا هو النتائج، والملاحظ أنه مهما كانت التبريرات التي تسمع من هذا أو ذاك لم نحصل بعد على النتيجة المرتقبة، أي تشكيل حكومة ذات مصداقية تنفذ خريطة الطريق".

وعن احتمال أن تقتصر زيارة ماكرون على تفقد القوات الفرنسية الموجودة في الجنوب ولقاء عون، أجاب: "حتى الوقت الحاضر لا يزال العمل مستمراً على وضع البرنامج بانتظار تطورات الوضع، ولكن في أي حال سيلتقي الرئيس الفرنسي ممثلي الشعب اللبناني في لحظة من زيارته، أما بالنسبة للقاء الرئيس عون فكما حضر مؤتمر دعم لبنان بصفته رئيس الدولة، فلا يمكن أن يقوم الرئيس ماكرون بزيارة بلد سيّد من دون لقاء رئيسه". غير أنه شدد على أنّ الزيارة المرتقبة ستشكل مناسبة "للتذكير مجدداً بمطالبة القيادات اللبنانية بتنفيذ خريطة الطريق، ولكن هذا لا يعني بالضرورة أنه سيلتقيهم، وباستمرار فرنسا في وقوفها إلى جانب الشعب اللبناني، كما ستكون زيارته للقوات الفرنسية في الجنوب مناسبة للتذكير بمهمة هذه القوة التي تلعب دوراً أساسياً في حماية سيادة وأمن لبنان، وهما أولوية لفرنسا التي تجمعها علاقة مميزة وتاريخية بهذا البلد لأنّ سيادة وأمن لبنان، يساهمان في استقرار منطقة الشرق الاوسط وأيضاً شرق المتوسط الذي يشهد بعض التوترات من جانب بعض القوى".

وعما إذا كان تحقيق المحقق العدلي وقراره الادعاء في قضية انفجار المرفأ على رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب والوزراء السابقين علي حسن خليل وغازي زعيتر ويوسف فنيانوس سيؤخر تشكيل الحكومة الجديدة، أجاب المصدر الفرنسي: "أياً كان الموضوع، الكل يرى دائماً حجة ما لتأخير تشكيل الحكومة، فالبعض يشير إلى تدقيق البنك المركزي، والبعض الآخر إلى تسلم الادارة الاميركية الجديدة، فمن السهل إيجاد الحجج ولكنها كلها سيئة لأنها لا تغيّر في مضمون الموضوع، وهو إيجاد اتفاق بين القوى الأساسية للوصول الى نتيجة تشكيل حكومة تنفذ خريطة الطريق"، وختم: "فرنسا تكرر وستستمر بالتكرار في سبيل تحقيق ذلك لأن ليس هناك حل آخر، خصوصاً وانّ العقوبات الاميركية كما هو ملاحظ لم تغيّر شيئاً، وبالتالي الأولوية لباريس هي الوضع الطارئ وتشكيل حكومة تنفذ خريطة الطريق".

 

********************************************************************

افتتاحية صحيفة الشرق:

 

استنكار وطني لاستهداف موقع الرئاسة الثالثة

 

الحريري: من الآخر.. رئاسة الحكومة ليست للابتزاز


 في خطوة لافتة بتوقيتها ورمزيتها، زار الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري السراي الحكومي، حيث التقى رئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب، للتضامن معه بعد الادّعاء عليه في قضية جريمة انفجار مرفأ بيروت.

بعد اللقاء، قال الرئيس الحريري ::"أتيت إلى رئاسة الحكومة لكي اعبّر عن رفضي المطلق للخرق الدستوري الواضح والفاضح الذي ارتكبه القاضي بالادّعاء على رئيس الحكومة. الدستور واضح، ورؤساء الحكومات يمثلون فقط امام محكمة خاصة يُشكّلها المجلس النيابي. رئاسة الحكومة ليست للابتزاز، من الآخر، وهذا الأمر مرفوض، ونحن لن نقبل به. من حق اهالي الشهداء معرفة الحقيقة، من حقهم ان يعرفوا من ادخل هذه الباخرة ومن غطّى عليها. اما التعدي على الدستور والادّعاء على رئاسة الحكومة فهذا امر مرفوض، وانا اتيت للوقوف مع رئيس الحكومة والتضامن معه::".

دريان: الى ذلك، تلقى دياب اتصالًا من مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، أشاد خلاله بموقف الرئيس دياب وبنظافة كفه، وأكد على دعمه للرئيس ووقوفه إلى جانبه ورفضه التطاول على رئاسة الحكومة.

سلام: وتلقى دياب اتصالاً هاتفياً من الرئيس تمام سلام الذي أكد وقوفه إلى جانب الرئيس دياب ورفض سلام التطاول على شخص الرئيس دياب وعلى موقع رئاسة الحكومة.

السنيورة: كما تلقى دياب اتصالاً هاتفياً من الرئيس فؤاد السنيورة الذي أكد رفضه التطاول على موقع رئاسة الحكومة وخرق الدستور.

المفتي: الإدّعاء على رئاسة الحكومة
استهداف سياسي وتجاوز للدستور
اكد مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان في بيان ::"ان الادّعاء على مقام رئاسة الحكومة استهداف سياسي غير مقبول وتجاوز للدستور ولقانون محاكمة الرؤساء والوزراء السابقين، ويصبّ في اطار حملات كيدية واضحة للعيان لا تخدم العدالة لفريق معيّن دون اخر لتصفية حسابات سياسية::".

واعلن ::"اننا مع القضاء النزيه الشفّاف ومع الحرص على تحقيق العدالة وفقاً لأحكام القانون والتزام الدستور، واي تسييس او استنساب ادّعاء لكشف حقيقة انفجار مرفأ بيروت هو جريمة اخرى بحق الوطن، فالكل مسؤول في هذا الحادث المفجع::".

اضاف المفتي دريان ::"ليعلم الجميع ان الوطن لا يُبنى على المصالح الخاصة والكيديات ولا على الاستنساب. فلندع القضاء يأخذ مجراه بكل تجرد وانفتاح بعيداً من الضغوط ودون تقييده بسلاسل السياسة".

الخليل: قول يصح في عهد عون
صدر عن المكتب الإعلامي للنائب أنور الخليل البيان الاتي:

:"ردا على بيان صادر عن مستشار رئيس الجمهورية الوزير السابق القاضي سليم جريصاتي والذي انتقد فيه تغريدة للنائب أنور الخليل. ولأن القاضي جريصاتي رد بكلام سياسي عام لا يمت إلى مضمون التغريدة في الموضوع الدستوري بصلة، قيل في عهد الرئيس فؤاد شهاب: :"لا يقتل العهد دائما بسهام خصومه. يقتل غالبا بنصائح مستشاريه:". يبدو ان هذا القول يصح في عهد الرئيس عون:".

أرسلان: صوان قصد التشفي
غرد رئيس الحزب :"الديموقراطي اللبناني:" طلال أرسلان عبر حسابه على :"تويتر:": :"قرار القاضي صوان يظهر بوضوح قصد التشفي لتضييع بوصلة كشف حقيقة ما جرى في مجزرة المرفأ:".

وتابع: :"الناس بحاجة لأن يعرفوا الحقيقة الواضحة وضوح الشمس من دون مواربة وتأثير على حساب نشر الحقيقة كاملة:".

عريمط: آن لعون أن يُريح ويستريح
محاربة الفساد تبدأ به وبصهره
اعتبر رئيس المركز الاسلامي للدراسات والاعلام القاضي الشيخ خلدون عريمط "ان كل المؤشرات تؤكد ان رئيس الجمهورية ميشال عون وصهره رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل ومن خلال تحالفهما مع حزب الله يسعيان لتدمير لبنان الدولة والكيان".

وشدد في بيان على "ان القضية لم تعد الان تشكيل حكومة لإنقاذ لبنان وتصحيح مساره، انما بالسؤال الاتي: هل سينهض البلد ليلعب دوره الطبيعي في المنطقة العربية او ينحاز تماماً ليكون جزءاً من المشروع الايراني في المنطقة"؟

اضاف "هل من الوطنية والسيادة والحقوق ان ينتظر الرئيس عون الاشارة من ايران للسير بتشكيل الحكومة؟ وهل ينتظر موافقة "الصهر" والوزير السابق سليم جريصاتي وفريق المستشارين للسير بتشكيل الحكومة؟ وهل يمكن ان يردّ على مشروع تشكيل الحكومة بمشروع اخر يُقدّم للرئيس المكلّف سعد الحريري"؟

ولفت الى "ان المواطن اللبناني لم يعد يحتمل تجاوزات ومناكفات الرئيس والصهر. فلبنان ومستقبل ابنائه اهم من المصالح السياسية المُجيّرة لهذا الفريق الاقليمي او ذاك".

واعتبر عريمط "ان لم يعد لدى اللبنانيين امل في رئاسة الرئيس عون، ولم تعد لديهم ثقة بتوجهاته وصهره المبنية على الكيدية وتدمير لبنان، لازالت معارك الرئيس عون في الالغاء والتحرير ماثلة عندما دمّر المجتمعين المسيحي والاسلامي معاً كي يصل الى السلطة".

واشار الى "ان اربع سنوات من السلطة لم يُقدّم الا الاوهام والشعارات، فآن للرئيس عون ان يُريح ويستريح".

ولم يفوّت الشيخ عريمط التعليق على تطورات التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت، فلفت الى "استخدام الرئيس عون القضاء للإساءة الى المقامات والى رئاسة الحكومة والوزراء بعمليات إنتقامية وكيدية"، قائلاً "اذا اراد محاربة الفساد فليبدأ بنفسه وبصهره ثم بالاخرين".

الخازن: وين رئيس
المجلس الأعلى للدفاع؟
غرد النائب فريد هيكل الخازن عبر :"تويتر:": :"دخلكن وين رئيس المجلس الأعلى للدفاع وقائد القوى المسلحة من المسؤولية في جريمة المرفأ؟:".

 

***********************************************************************

افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط:

 

تضامن سنّي لبناني مع دياب وتحذير من ابتزاز مقام رئاسة الحكومة

 

المفتي أشاد بنظافة كفه… والحريري رفض خرق القاضي صوان للدستور



 اثار الادعاء على رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، في قضيّة انفجار مرفأ بيروت، موجة غضب وتضامناً سنيّاً انطلاقاً من الدفاع عن مقام رئاسة الوزراء ورفض ابتزازه، كما جاء على لسان الرئيس المكلّف تأليف الحكومة سعد الحريري، فيما كان لافتاً انضمام "حزب الله" لرافضي الادعاء الذي طال أيضاً حلفاء الحزب في حركة "أمل" وتيار "المردة"، وسط اتهامات لحليفه الآخر "التيار الوطني الحر" بالوقوف وراء هذا الادعاء.


ورأى الحريري بعد زيارة تضامنية لدياب في مقر رئاسة الحكومة أنّه "ومن الآخر لن يقبل بابتزاز رئاسة الحكومة"، مؤكداً رفضه "المطلق للخرق الدستوري الواضح والفاضح الذي ارتكبه القاضي بالادّعاء على رئيس الحكومة". ورأى الحريري أنّ "الدستور واضح، فرؤساء الحكومات يمْثلون فقط أمام محكمة خاصة يُشكّلها المجلس النيابي".
وكان المحقق العدلي في قضية انفجار المرفأ القاضي فادي صوّان، قد ادعى على دياب ووزير المال السابق علي حسن خليل، ووزيري الأشغال السابقين يوسف فنيانوس وغازي زعيتر، بجرم "الإهمال والتقصير والتسبب في وفاة وإيذاء مئات الأشخاص".
وأثار هذا الادعاء ولا سيّما على دياب جدلاً قانونيّاً بين من رأى أنّ الإهمال والتقصير قد يعد "جُرماً مشهوداً" ما يتيح إمكانية ملاحقة دياب قضائياً خارج إطار المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، وبين مَن رأى أن الإهمال والتقصير "ليس جرماً مشهوداً"، وعليه فإن ملاحقة دياب "تتم عبر المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء" الذي يتألف من نواب في البرلمان اللبناني وقضاة.


وفي حين شدّد الحريري على "حق أهالي الشهداء في معرفة الحقيقة، ومَن أدخل باخرة المواد المتفجرة إلى المرفأ ومَن غطّى عليها"، أكّد وقوفه مع رئيس الحكومة والتضامن معه، تماماً كما فعل مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، الذي اتصل بدياب وأشاد "بموقفه وبنظافة كفه".


ورأى دريان أنّ الادعاء على "مقام رئاسة الحكومة هو استهداف سياسي غير مقبول وتجاوُز للدستور ولقانون محاكمة الرؤساء والوزراء السابقين" مشيراً إلى أنّ الادّعاء على دياب "يصب في إطار حملات كيدية واضحة لفريق معين دون آخر، لتصفية حسابات سياسية". وأكّد دريان وقوفه مع "القضاء النزيه الشفاف" وحرصه "على تحقيق العدالة وفقاً لأحكام القانون والتزام الدستور" مشيراً إلى أنّ "أي تسييس أو استنساب ادعاء لكشف حقيقة انفجار مرفأ بيروت هو جريمة أخرى بحق الوطن".


وأكد دريان أنّ "الكل مسؤول في هذا الحادث المفجع"، وأنّ "الوطن لا يُبنى على المصالح الخاصة والكيديات ولا على الاستنساب"، داعياً إلى ترك "القضاء يأخذ مجراه بكل تجرد وانفتاح بعيداً عن الضغوط ودون تقييده بسلاسل السياسة".
وشدد رؤساء الحكومة السابقون كذلك على رفض المسّ بمقام رئاسة الحكومة، إذ أوضح الرئيس تمام سلام في تغريدة على "تويتر" أنّ "رئاسة مجلس الوزراء ليست مكسر عصا لأي كان".
أمّا الرئيس فؤاد السنيورة فشدّد على أنّ الدستور واضح بشأن ملاحقة الرؤساء والوزراء، إذ "ينبغي أن يُصار إلى النظر به من خلال المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء". ورأى السنيورة أنّ المحقق العدلي "يخالف الدستور ويتخطى صلاحياته ويخالف مبدأ فصل السلطات الدستورية، لأن الدستور يحرص على حصر الادعاء بمجلس النواب في هذه الحالات"، مشيراً إلى أنه لا يمكن أن "تتم التحقيقات بشكل حيادي وصحيح إلا من خلال العودة إلى المطالبة بتحقيق تجريه لجنة تحقيق دولية".
وكان رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي، بدوره، قد رأى أنّ العدالة "لا تستقيم بمكيالين"، وأنّ الحقّ "ليس استهداف أشخاص بعينهم افتراءً".


وانتقد "حزب الله" بدوره الادعاء على دياب والوزراء السابقين، وشدّد على رفضه "بشكل قاطع غياب المعايير الموحدة التي أدت إلى استهداف سياسي طاول أشخاصاً وتجاهل آخرين دون ميزان حق، وحمل شبهة الجريمة لأناس واستبعد آخرين دون مقياس عدل"، مضيفاً في بيان أنّ هذا الأمر "سوف يؤدي مع الأسف إلى تأخير التحقيق والمحاكمة بدلاً من الوصول إلى حكم قضائي مبرم وعادل".
وأكّد "حزب الله" حرصه على أن تكون كل الإجراءات التي يتخذها قاضي التحقيق بعيدة عن السياسة ومطابقة لأحكام الدستور وغير قابلة للاجتهاد أو التأويل أو التفسير، وأن يتم الادعاء على "أسس منطقية وقانونية"، معتبراً أنّ هذه الأمور كانت غائبة في الإجراءات الأخيرة.


ولفت البيان إلى ضرورة ألا يضيع التحقيق في متاهات الإجراءات الإدارية والتعقيدات الروتينية والإشكالات القانونية "فتختفي الأدلة ويغيب المجرمون وتضيع الحقيقة وتطفو على السطح الشبهات غير الموثوقة والاتهامات غير المسندة والادعاءات غير الصحيحة" ويسقط التحقيق بين "أدغال السياسة ولعبة الشارع وصخب الإعلام على حساب الحقيقة والعدالة والقانون ودم الشهداء".
ودعا البيان قاضي التحقيق المختص إلى "إعادة مقاربة هذا الملف المهم من جديد واتخاذ الإجراءات القانونية الكفيلة بالوصول إلى الحقيقة المنشودة بمعايير موحدة بعيدة كلياً عن التسييس وبما يطمئن الشعب اللبناني إلى مسار هذه القضية" ولا سيما أنّ "جريمة المرفأ ليست جريمة عادية إنما هي قضية بحجم الوطن". وأكّد "حزب الله" حرصه "على حق الشعب اللبناني بمعرفة الحقيقة الكاملة في جريمة المرفأ".


ويُشار إلى أنّ قرار القاضي فادي صوان الادعاء على دياب والوزراء، جاء حسب المعلومات المتداولة "بعد التثبت من تلقي المدعى عليهم عدة مراسلات خطّية تحذّرهم من المماطلة في إبقاء نترات الأمونيوم في حرم مرفأ بيروت، وعدم قيامهم بالإجراءات الواجب اتخاذها لتلافي الانفجار المدمر وأضراره الهائلة".
وحدد القاضي صوان أيام الاثنين والثلاثاء والأربعاء من الأسبوع المقبل، مواعيد لاستجواب هؤلاء كمدعَى عليهم، على أن ينتقل (الاثنين) إلى السرايا الحكومية لاستجواب دياب وفقاً لما ينص عليه قانون أصول المحاكمات الجزائية بينما يستجوب الوزراء في مكتبه في قصر العدل.
وكان دياب بدوره قد رأى أن توجيه اتهام إليه بقضية انفجار مرفأ بيروت "استهداف" لموقع رئاسة الحكومة، مؤكداً أنّه "مرتاح الضمير وواثق من نظافة كفه وتعامله المسؤول والشفاف مع ملف انفجار مرفأ بيروت".

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram