لولا المواقف المتفرقة، التي لم تخرج عن المتوقع، وبعض الغمز من هنا والهمس من هناك، لامكن القول ان "استراحة المحارب" التي اخذها الفريقان المتنافسان رئاسيا، بعد منازلة الاربعاء، جاءت مكتملة المواصفات.
وفيما ما زال تحليل النتائج وفرز الفائزين والرابحين مستمرا، كشفت اوساط سياسية، ان "الظرف 128" كان الناخب الاساسي بالذات، اذ يبدو انه شكل ضمانة الاتفاق التي قادت الى تأكيد الجلسة بين الاطراف المتخاصمة، ومتخوفة من بعضها بعضا، فجاء "الاختراع العبقري" الذي يسمح لاي من الفريقين باستخدامه، لالغاء النتائج في حال حصل ما ليس في الحسبان.
لكن الهدوء الظاهر شكلا، لا يعكس ابدا واقع الحال داخل المخيمين، وما بعد بعد حدودهما، المنشغلين في الكواليس في تقييم وتشريح ما حصل واستخلاص العبر، ليبنى على الشيء مقتضاه السياسي، وسط حركة خارجية لم تهدأ منذ 48 ساعة، من واشنطن، التي حذرت السياسيين اللبنانيين من سلوك المماطلة، الى باريس التي تشهد حركة مباحثات غير عادية، مرورا بالرياض التي يبدو انها اقتربت من حسم الخيارات.
وتكشف مصادر ديبلوماسية متابعة ان لقاء الرئيس الفرنسي بولي العهد السعودي اليوم في الايليزيه سيكون حاسما لبنانيا، خصوصا بعدما "اوكلت" واشنطن للامير بن سلمان حل ما تبقى من خلافات، حيث علم في هذا الاطار ان الفريق السعودي باشر اتصالاته في باريس، فعقد اجتماعات تحضيرية مع السفير دوريل، ومع الموفد الرئاسي الخاص الوزير السابق لودريان، الذي سيناقش خطته بتعديلاتها، في حضور وبمشاركة السفير السعودي في بيروت، الذي انتقل من الرياض الى باريس لمتابعة الاتصالات.
واشارت المصادر الى ان ثمة عاملا مهما طرأ خلال الايام الماضية، ادى الى اعادة النظر ببعض اجزاء التسوية الدولية - الاقليمية المبرمة، والتي باتت بصيغتها الجديدة تتماهى مع موقف فرنسا بعيد "ثورة 17 تشرين" 2019، والمتفقة مع رؤية خماسي باريس للحل.
ووفق هذه المعطيات، تتابع المصادر، جاء الموقف السني الذي اظهرته صندوقة الاقتراع ، والذي اعادت الرئيس السابق سعد الحريري الى الساحة السياسية، التي اعتزل العمل فيها، كلاعب جدي واساسي و"بيضة قبان"، خصوصا بعد معركته الرابحة في "تجمع العائلات البيروتية". ورأت المصادر ان تغريدة الشيخ سعد منذ ايام ردا على ما اورده بعض الاعلام، والتي مرت مرور الكرام، والتي اكد فيها على انه لا يتدخل في المعركة الانتخابية الرئاسية، لم تأت من فراغ، بل نتيجة تقاطعات ادت الى تعويم عرض قديم عارضته الرياض سابقا، رغم الدعم الاميركي له، ويقضي بقيام ثنائية جديدة في السلطة التنفيذية تقوم على س. س. ، سعى اليها فرنجية خلال زياراته الباريسية، وتلقفها الجانب الفرنسي الذي يعيد تموضعه على الساحة اللبنانية.
ووفقا لهذه المعلومات، فان احد جوانب الخطة الفرنسية يقضي باقناع السعودية بالسير بثنائية يكون سعد جزءا منها، ما سيؤدي حكما الى خلق توازنات داخلية جديدة بين الافرقاء، ويعيد لم شمل الكتلة السنية الضائعة، ويسمح بالتالي بحسم الخيار الرئاسي قريبا.
فهل يفرج ولي العهد السعودي عن الحل؟ وما هي الشروط الجديدة لمعادلة عودة "بيت الوسط" الى المعادلة؟ ام ان الوقت الضائع سيطول ايضا هذه المرة؟ اسئلة لن تنتظر كثيرا قبل ان تجد لها الاجوبة، رغم ان الجو السائد راهنا في بيروت يميل الى "الاحمرار"، وسط مخاوف اكثر من جدية على الاستقرار الامني الهش.
نسخ الرابط :