سجلت الولايات المتحدة عدداً قياسياً من الإصابات بـ«كوفيد19» خلال الـ24 ساعة الماضية، لليوم الثالث على التوالي. وأظهرت حصيلة أعدتها جامعة جونز هوبكنز أن الولايات المتحدة، الدولة الأكثر تضرراً من الوباء في العالم والتي شهدت ارتفاعاً كبيراً في عدد الإصابات خلال الأسابيع الأخيرة، سجلت نحو 230 ألف إصابة جديدة و2527 وفاة على صلة بـ«كوفيد19».
وعلى مدى أسبوعين، سجّلت الولايات المتحدة بشكل متكرر أكثر من ألفي وفاة كل يوم، كما كانت الحال خلال الربيع في ذروة الموجة الأولى للوباء في البلاد. وسبق أن حذر مسؤولون صحيون في الولايات المتحدة من احتمال ارتفاع عدد الإصابات بعدما سافر ملايين الأميركيين للاحتفال بعيد الشكر الأسبوع الماضي رغم مناشدات السلطات بالتزام المنازل.
وقال مسؤولون إن أكثر منطقتين اكتظاظاً بالسكان في ولاية كاليفورنيا ستخضعان لأوامر البقاء في المنزل منذ مساء أمس الأحد حيث تمثل جائحة «كوفيد19» ضغطاً كبيراً على المستشفيات في تلك الولاية الأميركية الأكثر اكتظاظاً بالسكان. وستشمل الأوامر منطقتي جنوب كاليفورنيا وسان جواكين فالي، وستؤدي لإغلاق الحانات وصالونات تصفيف الشعر والحلاقة، ولن يُسمح للمطاعم إلا بخدمات الطلبات السريعة والتوصيل.
وتسرى هذه الأوامر من مساء أمس بأمر أعلنه يوم الأربعاء جافين نيوسوم حاكم ولاية كاليفورنيا الديمقراطي. ويُفرض أيضاً عزل عام في منطقة خليج سان فرنسيسكو منذ مساء أمس بموجب سلسلة مختلفة من الأوامر أصدرها المسؤولون هناك يوم الجمعة. وقال مسؤولون أمس إنه سُجل أكثر من 25 ألف إصابة بـ«كوفيد19» في كاليفورنيا يوم الجمعة فيما يعدّ رقماَ قياسياَ منذ بدء الجائحة. وقال المسؤولون إن الولاية سجلت أيضاً 209 وفيات، ليرتفع العدد الإجمالي إلى 19791.
وينعكس هذا الوضع على حالة الأطباء والمستشفيات. وعلى سبيل المثال، أشار الطبيب جوزيف فارون، مرتدياً قميصاً واقياً وواضعاً طبقات عدة من الكمامات خلف درع لحماية الوجه، إلى إحدى مريضاته المصابة بـ«كوفيد19» في مستشفى صغير بمدينة هيوستن الأميركية، ولوح بيده لكاميرا الهاتف الذي تمده صوبه. وفي الطرف الآخر من الاتصال، يعبر أقرباء غلوريا غارسيا عن فرحتهم لرؤية الطبيب الذي ساهم في إنقاذها من الوباء الفتاك.
تصدّر جوزيف فارون، رئيس العاملين في مستشفى «يونايتد ميموريال» الصغير بأحد الأحياء الفقيرة في شمال مدينة هيوستن بولاية تكساس، وسائل الإعلام الأسبوع الماضي عند نشر صورة له يعانق رجلاً مسناً مصاباً بفيروس «كورونا» المستجد في عيد الشكر. وينحني الطبيب في الصورة التي لا يمكن التعرف إليه فيها تحت ملابسه ومعداته الواقية، مواسياً المريض المسن الذي يغرز رأسه المكلل بشعر أبيض خلف ذراعه. وتحولت إشارة التعاطف هذه إلى رمز للأزمة الحادة التي يواجهها هذا البلد في ظل موجة من الإصابات تعصف به منذ أسابيع عدة.
يحيي الطبيب عائلة غلوريا غارسيا عبر شاشة الهاتف، مطمئناً أقرباءها على حالتها. لكن الواقع أنه مرهق. وقالت وكالة الصحافة الفرنسية إنها رافقته في جولته على المستشفى في اليوم الـ263 الذي يعمل فيه على التوالي من دون توقف، ويقول: «أحسب هذه الأيام أفضل مما أحسب الأموال في حسابي المصرفي». وازداد وزن الطبيب 15 كيلوغراماً، ويقول مشيراً إلى علبة حلوى: «آكل كل ما يجلبون، لأننا لا نعرف متى سيتسنى لنا أن نأكل مجدداً».
حتى الساعات الضئيلة التي يقضيها كل يوم في منزله تقطعها اتصالات هاتفية متواصلة. ويقول إنه بالكاد ينام ساعة أو ساعتين في الليل، مضيفاً: «لا تسألوني كيف أتدبر أمري». وهو ليس وحيداً في هذا الوضع، وعرض منذ يوليو (تموز) الماضي على وسائل الإعلام الصعوبات التي تواجهها فرقه. ويروي أن العاملين الطبيين «متعبون جداً، فالممرضات يجهشن بالبكاء وسط النهار. سوف ينهرن لأن عدد الحالات يفوق قدراتهنّ. إنهنّ منهكات. ليس هناك أي سرير فارغ في وحدة العناية المركّزة».
نسخ الرابط :