افتتاحية صحيفة البناء :
40 يوماً مع ترامب هبّة باردة وهبّة ساخنة.. والخطر الأبرز هو العمليّات الأمنيّة الحريري في بعبدا بهيكل غير كامل للحكومة لملء الوقت الضائع / دياب وسلامة لخطة ترشيد الدعم وتمويلها لستة شهور بمليار دولار
بعد أربعين يوماً سيصبح الرئيس الأميركي دونالد ترامب، رئيساً سابقاً، رغم عودته أمس، لنغمة التبشير بالفوز بالانتخابات، حيث تؤكد مصادر متابعة في واشنطن للمسارات القانونية التي تلت الانتخابات استحالة انقلاب الصورة، بعدما حسمت المراجع القضائية 95% من المراجعات بتأكيد النتائج، ولا يبدو أن ثمة إمكانية لتكوين قضية تتيح التقدّم للمحكمة الدستورية للطعن بالنتائج، وحيث ينعقد المجمع الانتخابي خلال الأيام العشرة المقبلة ويعلن فوز الرئيس المنتخب جو بايدن، لكن حسم المسار الانتخابي الذي يحسم انتقال السلطة الى بايدن في الـ 20 من الشهر المقبل، لا يحسم مصير الأيام الأربعين التي يملأها ترامب بالقلق والخوف من دعسات ناقصة يقدم عليها. وفي هذا السياق تنبّه مصادر أمنية من كون لبنان نقطة رخوة في المشهد الإقليمي، ومن كون الأمن ساحة فعل مرشحة في مثل هذه الفوضى السياسيّة على الساحة الدولية.
رغم تشديد المصادر الأمنية على أن تشكيل حكومة جديدة مدعومة من القوى السياسية كافة يقطع الكثير من الطرق على مشاريع التخريب الأمني، يبقى المسار الحكومي مجمّداً، وفيما يجري التداول بمعلومات عن توجه الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري الى بعبدا حاملاً إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مشروع مسودته الحكومية من 18 وزيراً، قالت مصادر مواكبة للمسار الحكومي إن الزيارة لن تحمل أكثر من هيكل ناقص للحكومة، وستكون محكومة بالعجز عن المضيّ في مسار التشكيل بانتظار مناخات دوليّة وإقليميّة مناسبة، ولذلك فالزيارة برأي المصادر لن تختلف عن سابقاتها لجهة ملء الوقت الضائع.
القضيّة التي لا تزال تتصدّر أولويات الناس وتتقدّم كأولويّة لا تحتمل ترف الوقت، هي خطة ترشيد الدعم التي سيبدأ البحث بها وبتمويلها في اجتماع يُعقد في السراي الحكومي برئاسة رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب وحضور وزراء المال والاقتصاد والطاقة والصناعة والزراعة، وحاكم مصرف لبنان وأعضاء المجلس المركزي، حيث سيحمل الوزراء تصوّراتهم لمعايير الترشيد في وزاراتهم ومجال اختصاصاتها، والكلفة المطلوبة لتغطية هذه الاحتياجات، بينما يقدّم حاكم المصرف وأعضاء المجلس المركزي تصوّراتهم حول القدرة على التمويل، والبحث بتخفيض الاحتياط الإلزامي للمصارف من 15% الى 12% سيكون على الطاولة، وتوقعت مصادر معنية بخطط الدعم ومناقشات اليوم التي ستستمر غداً وربما بعد غد، أن يرسو التفاهم على خطة لستة شهور قيمتها مليار دولار، لا تطال تأمين الدعم للمحروقات، التي ينتظر تحريرها جزئياً من خطط الدعم المتوقعة عبر ربط دولار الاستيراد بسعرين للمبيع من مصرف لبنان، واحد بـ 3950 ليرة والآخر بسعر السوق أي 8000 بحيث يكون هناك سعران لصفيحة البنزين واحد بـ 50 الف ليرة والثاني بـ100 الف ليرة على ان يتم التعويض للسائقين العمومين بموجب بطاقات تسدّد بموجبها لهم مبالغ مالية شهرية تعادل الفارق عن سعر الـ1500 المعتمد حالياً لتمويل الاستيراد.
وبينما يزور رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري بعبدا اليوم الاثنين، وفق بعض الترجيحات لتقديم تشكيلة حكومية من 18 وزيراً من الاختصاصيين للوقوف على رأي الرئيس عون فيها، أفادت مصادر قناة "المنار" بأن الهدف الأول من الترويج لمعلومات عن إنجاز رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري التشكيلة الحكومية، هو إظهار أن رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل هما المسؤولان عن التعطيل، بينما هو قام بما عليه.
وأشارت المصادر إلى أن الهدف الثاني هو القول للفرنسيين إن المطلوب الضغط على عون وباسيل، لافتة إلى أن الحريري لن يقدم على أي خطوة من دون تنسيق مع الفرنسيين ومن دون الحصول على أسماء الوزراء الشيعة.
وكشفت المصادر أن الفرنسيين يعملون على إنجاز التشكيلة الحكومية قبل زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون إلى لبنان في الشهر الحالي، وبالتالي خيار حكومة الأمر الواقع مستبعَد، بينما الحل هو وساطة متوازنة وتناسي أمر الأميركيين.
ولفتت مصادر بيت الوسط لـ"البناء" إلى أن رئيس الجمهورية ميشال عون يجب أن يتعاون مع الرئيس الحريري للإسراع في تأليف الحكومة من أجل إنقاذ الوضع، خاصة أن المجتمع الدولي يشترط دعم لبنان تأليف الحكومة الأمر الذي يتطلّب من الجميع التعاون لتسهيل التشكيل، بدل اللجوء الى رفض التشكيلة الحكومية، معتبرة أن الحريري يتعاطى بإيجابية ويعتمد أداء عدم التعليق على الكثير من الاتهامات التي يتعرّض لها فضلاً عن أنه التزم الصمت بعد الذي صدر عن اجتماع الأعلى للدفاع علماً ان ما حصل من قبل الرئيس عون كان مخالفاً للدستور.
ومع ذلك، لفتت مصادر نيابية في كتلة التحرير والتنمية لـ"البناء" الى ان زيارة الحريري الى بعبدا لم تتأكد بعد، وفي حال حصلت، فإن البحث سوف يتناول توزيع الحقائب من دون الدخول في لعبة الأسماء خاصة أن كل المؤشرات توحي ان لا حكومة حتى الساعة، وبالتالي لن يطرح الرئيس الحريري اية تشكيلة.
وجدّد "التيار الوطني الحرّ" انتقاده للرئيس المكلّف سعد الحريري، محملاً إياه مسؤولية التأخير في تشكيل الحكومة فمن غير المقبول ربط التشكيل بتبدّل الظروف وبالضغوط الحاصلة. كذلك، أكد انسجام التيار مع الرئيس عون في ملف التدقيق المالي الجنائي. وقال إن الالتزام بوحدة المعايير والمبادئ هو حبل نجاة للرئيس المكلف. إذ يحفظ التوازنات ويحترم الأصول، ويحقق الهدف الوطني بقيام حكومة اختصاصين تنفذ الإصلاحات المطلوبة، ويتمتع وزراؤها بالكفاءة والفعّالية والقدرة على الإنتاج.
وشدّد المجلس السياسي على ضرورة التزام الدستور في عملية التشكيل، باحترام موقع رئاسة الجمهورية وصلاحياتها، من دون أي انتقاص أو تجاوز.
ودعا البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في قداس الأحد رئيسَ الجمهوريّةِ والرئيسَ المكلَّفِ، ومهما كانت الأسباب الحقيقيّة التي تؤخّر إعلانَ حكومةٍ جديدة، إلى تخطّي جميع هذه الأسباب، واتخاذ الخطوة الشجاعة وتشكيلِ حكومةِ إنقاذٍ استثنائية خارج المحاصصة السياسيّة والحزبيّة. وتوجه اليهما بالقول: لا تَنتظِرا اتّفاقَ السياسيّين فهم لن يتّفقوا، ولا تَنتظِرا انتهاءَ الصراعاتِ الإقليميّة فهي لن تنتهيَ. ألِّفا حكومةَ الشعب، فالشعبُ هو البدايةُ والنهاية، وهو الذي سيحسم بالنتيجة مصير لبنان.
وسأل: هل من مبرّر لعدم تشكيل حكومة جديدة تنهض بلبنان الّذي بلغَ إلى ما تحت الحضيض والانهيار اقتصاديًّا وماليًّا ومعيشيًّا وأمنيًّا، وتعيده إلى منظومة الأمم؟ أين ضميرهم الفرديّ وأين ضميرهم الوطنيّ؟ ماذا ينتظرون أو يضمرون في الخفاء؟ وفي كلّ حال لبنان وشعبه وكيانه فوقهم جميعًا، وصامد بوفائه وكرامته!
ويزور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لبنان بين 21 و23 كانون الأول الحالي، لكن برنامج الزيارة لم يتحدد رسمياً بعد ولا طبيعة الوفد الرسمي المرافق، ولم يُعرف بالضبط ما الذي سيحمله معه الى لبنان من مقترحات او مبادرات، سوى أنه سيقوم بزيارة تفقدية للقوات الفرنسية العاملة في إطار قوات اليونيفيل في الجنوب، وتأكيد الدعم للشعب اللبناني. وسيتم تحديد برنامج الزيارة التفصيلي واللقاءات التي سيعقدها لاحقاً، في ضوء المدة التي ستستغرقها الزيارة.
الى ذلك أفيد أن اجتماع السراي اليوم حول دعم المواد الأساسية والضرورية لن يكون الأخير إذ ستعقد لقاءات متتالية يوم غد الثلاثاء في نهار "ماراتوني"، علماً أن اللجان النيابية المشتركة سوف تجتمع الاسبوع المقبل لاستكمال البحث بملف الدعم، بعدما طالبت الحكومة ومصرف لبنان بإرسال مقترحات جدية عملية. وشددت المصادر المطلعة على موضوع الدعم على أن أكثر من 70 في المئة من الدعم لم يستفد منه ذوو الدخل المحدود والفقراء فهو ذهب الى الأغنياء والوسطاء والتجار والنازحين الذين يستفيدون من بطاقات الأمم المتحدة فضلاً عن ان نسبة كبيرة من المواد المدعومة هربت الى سورية، وبالتالي فإن الاجتماعات المتتالية سوف تبحث في ما حصل لتبني على الشيء مقتضاه حيال ضرورة ترشيد الدعم علماً أن البعض بدأ يطرح ضرورة الذهاب الى اعتماد بطاقات تموينية يستفيد منها الفقراء وذوي الدخل المتوسط بالاعتماد على إحصاءات ودراسات البنك الدولي والأمم المتحدة خاصة أن الاحتياطي الإلزامي بات في خطر.
*******************************************************************
افتتاحية صحيفة الأخبار :
الحريري يصحو على وقع "المبادرة الأوروبية"
بالشكل، سيكسر الرئيس يسعد الحريري اليوم الجمود الذي كان مسيطراً على المشهد الحكومي. وبعد أيام طويلة من الانتظار، يتوقع أن يقدم تشكيلة حكومية يدرك أنها لن تبصر النور إن كانت تشكيلة أمر واقع. لكن مع ذلك، فإن خطوته تلك التي تصنف في خانة "اللهم إني حاولت"، لا يمكن عزلها عن الزيارة المتوقعة للرئيس الفرنسي إلى لبنان أو عن التحرك الأميركي - الألماني لوراثة المبادرة الفرنسية
بعد ظهر اليوم، يزور الرئيس سعد الحريري قصر بعبدا. سيدخل من الباب الرئيسي، لإضفاء طابع رسمي على الزيارة. ويرجّح أن يحمل بيده تشكيلة، بصرف النظر عما إذا كانت مكتملة أو لا. ثمة روايتان. الأولى تؤكد أنه سيعرض على رئيس الجمهورية، العماد ميشال عون، تشكيلة أمر واقع من 18 وزيراً، والثانية تشير إلى إمكان عرضه بعض الأسماء الجديدة التي تضاف إلى الأسماء التي سبق أن طرحها على رئيس الجمهورية. الحديث عن تشكيلة الأمر الواقع يشكل عملياً تأكيداً لرفض التشاور مع ميشال عون بالأسماء المسيحية. ولذلك، تحديداً، لم يسلّم ثنائي حزب الله وأمل أيّ أسماء للحريري، لا بل إنه بدا واضحاً أن حزب الله لن يسلّم الأسماء قبل أن يتفق الحريري مع رئيس الجمهورية، لأنه "لن يسمح بالاستفراد بعون".
مع ذلك، فإن في قصر بعبدا ارتياح إلى قيام الرئيس المكلف بواجبه الدستوري، بدلاً من المراوحة التي تميّزت بها المرحلة الماضية. خطوة الحريري يفترض أن تفتح الباب الدستوري أمام رئيس الجمهورية للنقاش في الأسماء والحقائب، تمهيداً لتوقيعه على مرسوم التأليف. وهنا، إذا لم يجرِ التعاون بين الطرفين لإنجاز التشكيلة، فإن المحاولة ستنتهي إلى عودة كل طرف إلى التمسك بشروطه.
من جهة أخرى، وبصرف النظر عن النتيجة المتوقعة، يُنظر إلى خطوة الحريري بوصفها جزءاً من تحرك لبناني يستبق زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. ما مدى نجاح هذه الخطوة؟ ذلك ينتظر لقاء اليوم وما سيليه. كذلك لا يمكن عزل الزيارة عن الاجتماع الذي يعقد اليوم في مقر الاتحاد الأوروبي، بهدف بلورة مبادرة أوروبية ترث المبادرة الفرنسية تجاه لبنان.
سبق أن تردد في أوساط الحريري أن هذه المبادرة تأتي كخلاصة تنسيق ألماني أميركي بالدرجة الأولى، يتعامل مع المبادرة الفرنسية بوصفها عاجزة عن تلبية متطلبات وشروط دعم لبنان. وهذه المبادرة التي تعوّل عليها مصادر معنية بالتأليف لإحداث ثغرة في المراوحة المستمرة، تواجه معضلة أساسية، هي اعتبارها أن واحدة من سلبيات المبادرة الفرنسية أنها لم تتعامل بحزم مع حزب الله أو حتى مع إيران، التي تفتح معها باريس خطوط تواصل عديدة. السفير الأميركي في ألمانيا سبق أن كان رأس الحربة في دفعها إلى تصنيف حزب الله إرهابياً. وهو لن يكون بعيداً عن المبادرة الجديدة، علماً بأنه معروف بتشدّده وتطرفه في التعامل مع ملف إيران وحزب الله. لكن ما هي القيمة المضافة التي يمكن أن تقدمها المبادرة الجديدة؟ تؤكد مصادر مطلعة أن أي مبادرة عنوانها المواجهة مع حزب الله ستكون محكومة بالفشل مسبقاً. يدرك الفرنسيون أن العقوبات على الوزيرين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس كانت نتيجتها التشدّد مع الرئيس المكلف مصطفى أديب، كما يدركون أن فرض العقوبات على الوزير جبران باسيل أسهم في تشدد التيار الوطني الحر. ولذلك، فإن أي مبادرة تهدف إلى عزل حزب الله لن تكون بعيدة عن المصير نفسه.
بحسب وثيقة دبلوماسية وصلت إلى الخارجية اللبنانية، فإن فرنسا التي لم تكن تحمل أي خطة بديلة للبنان، اقتنعت بأن "الخطة الوحيدة المتبقية هي انتظار الانهيار الكلي للبنان مالياً واقتصادياً، وذلك لإرغام الأطراف كافة على الجلوس معاً للنظر في ما يمكن القيام به في مرحلة ما بعد الانهيار". على الأرجح هذا السيناريو كان مقنعاً لكثر في الداخل. لكن هل المبادرة الجديدة تبني على الفرضية نفسها؟ إذا كان الأمر كذلك، فإن الافتراض المسبق سيكون الاستفادة من هذا الانهيار للوصول إلى نتائج لم تكن ممكنة قبلاً، في السياسة قبل الاقتصاد. إذا تبلورت هذه المبادرة اليوم، فقد تكون آخر محاولات إدارة ترامب لفرض تصورها للحلول في المنطقة. وهذا قد يكون كفيلاً بعدم تجاوب المتضررين من سيناريو، قرر التحالف الألماني الأميركي سلفاً توجيهه ضد فئة من اللبنانيين.
***********************************************************************
افتتاحية صحيفة الديار:
قرار رفع الدعم عن السلع أُتخذ .. والترشيق واجهة لتجميل التداعيات الكارثية
التشبث الداخلي والضغوطات الخارجية تُنبىء بتأخير تشكيل الحكومة إلى 2021
ما علاقة تفعيل عمل المجلس الأعلى للدفاع بتسارع وتيرة فتح ملفات الفساد؟
ما حصل في جلسة اللجان المُشتركة (المال والموازنة، والعدل والإدارة، والإقتصاد الوطني والتجارة والصناعة والتخطيط والصحة العامة والعمل والشؤون الإجتماعية) الأسبوع الماضي والتي كانت مُخصّصة لدراسة الدعم كما والإحتياطي الإلزامي، كان تغطية لقرار رفع الدعم الذي تمّ إتخاذه من قبل القوى السياسية. هذا ما قاله مصدر في إحدى الأحزاب الكبيرة، مُضيفًا إن المُشكلة تكمن في من له الشجاعة في إعلان هذا الأمر.
عبارة «الدعم» التي تُستخدم في الخطاب السياسي والإقتصادي، لا تعكس ما يقوم به مصرف لبنان. فالدعم هو نتاج السياسة المالية للحكومة حيث يتمّ رصد قيمته في الموازنة العامّة كلّ عام للعام المُقبل من خلال قرار تحميل الخزينة العامة قسما من كلفة إستهلاك بعض السلع والبضائع ذات الطابع الإجتماعي. ما يقوم به مصرف لبنان، لا يدخل في خانة الدعم بل هو تأمين الدولارات لشراء السلع والبضائع والخدمات المُستوردة على سعر الصرف الرسمي وسعر المنصة الإلكترونية. هذا المال يأتي من إحتياطات العملات الأجنبية للمصرف المركزي والتي تحوي ودائع المودعين.
مع وصول إحتياطات مصرف لبنان إلى مستوى الإحتياطي الإلزامي أي ودائع المصارف الإلزامية في المصرف المركزي وبالتالي أموال المودعين، أصبح تأمين الدولارات لشراء السلع والبضائع والخدمات مُهمّة شبه مُستحيلة مع تفاقم الضغط الأميركي على الطبقة السياسية اللبنانية. وبالتالي، أخذت القوى السياسية بدراسة الحلول المُمكنة أمامها ومن بينها:
أولا- تشكيل حكومة قادرة على القيام بإصلاحات تسمح بإستكمال التفاوض مع صندوق النقد الدولي وبالتالي إدخال الدولارات إلى القطاع المصرفي وهو ما سيسمح، مع هيكلة الإقتصاد، بالإستمرار بسدّ حاجة السوق الداخلي. هذا الخيار يبقى رهينة الوضع السياسي الذي من الواضح أنه أصبح حلا صعبا والراجح أنه خرج عن سـيطرة القوى السـياسية.
ثانيًا- إستخدام الاحتياطي الإلزامي من خلال تحرير قسم منه. هذا الإحتياطي الإلزامي يُشكّل 15% من أموال المودعين بالعملات الصعبة، وبالتالي فإن تحرير قسم من هذا الإحتياطي يفرض إعادة الأموال إلى المصارف ومنهم إلى المودعين لا لما يقال عنه دعم للسلع. مما يعني إستحالة إستخدامه لشراء السلع والبضائع نظرا إلى أن المُلكية الخاصة لها قدّسية في الدستور اللبناني. وهنا يبرز السؤال الكبير، على أي شيء استندت القوى السياسية في ترجيحها خفض مستوى الاحتياطي، وهل يحق للمصرف المركزي استعمال هذه الأموال في حال اتخذ هكذا قرار التصرف به، واستنادا على أي اجتهاد؟
ثالثا- بيع قسم من الذهب الذي يمتلكه مصــرف لبنان والذي يتواجد ثلثــاه في المصــرف المركزي بحسب تصريح حاكمه رياض سلامة. هذا الأمر يفرض تعديل القانون 42/86 (منع التصرّف بالموجودات الذهبية لدى مصرف لبنان) وهو إنتحار في ظل غياب حكومــة وخطّــة للنهوض الإقتصادي والمالي. وهذا إذا حصل يصنف في خانة تراكم القــرارات الخاطــئة «Escalation of duties».
رابعا- وقف التهريب للسلع والبضائع المدعومة وترشيد عدد المدعوم منها وتمويل هذا الدعم من خلال إلزام المُصدّرين (صناعيين ومزارعين وتجّار) إلى إعادة الأموال إلى القطاع المصرفي، من خلال مراقبة جهة الأموال الحاصلة جراء عمليات التصدير التي تستفيد في قسم منها هذه الجهات في شراء المواد الأولية بدعم من الخزينة، مما يسمح بتغطية كلفة الإستيراد من خلال هذه الصادرات. إلا أن هذا الخيار لم يتمّ وضعه على طاولة المشاروات على الرغم من بعض الأصوات التي نادت به، وهذا يفتح بابا عريضاً للمساءلة التي قد ترقى إلى الاتهام.
إن صعوبة هذه الحلول أو استحالة العمل ببعضها في الوقت الراهن دفع القوى السياسية إلى إعتماد حلّ خامس وهو رفع الدعم عن الإستيراد. هذا الأمر سيؤدّي حتماً إلى ثورة سيكون بدون أدنى شكّ ثمنها السياسي كبيرا جدا. من هنا تم العمل على إيجاد تخريجة تنصّ على رفع الدعم تدريجيا في قطاع المحروقات (بالدرجة الأولى) وفي القطاع الغذائي على أن يتمّ الحفاظ على جزء من الدعم للأدوية وبعض المواد الغذائية الأساسية.
هذا الأمر يعني أن الأسعار سترتفع تدريجيا (وهذه هي التخريجة) مع رفع الدعم رويدا رويدا إلى أن يصبح الإستيراد بالكامل بالدولارعلى سعر السوق، والتعويل السياسي في ذلك على التكليف التدريجي للعبء بحيث يصبح الشعب حاضراً ذهنياً ونفسياً للمصاعب الحياتية، وهو ما تراهن عليه الطبقة السياسية لتخفيف وطأة الاحتجاجات الشعبية. والحق يقال، إنها إلى الآن نجحت في هذا الأسلوب إلى حد كبير وغير متوقع.
مصدر إحدى الأحزاب الكبيرة قال إن التخريجة هذه تمّ تسليمها إلى رئيس الحكومة المُستقيلة الرئيس حسان دياب بعد فشل إلقائها على حاكم المصرف المركزي الذي اختار عدم الحضور موفداً ممثلا له ويقال إن ذلك كان بناء على توصيات نيابية. على كلٍ، يلتئم اليوم عدد من الوزراء في إجتماع برئاسة الرئيس حسان دياب وحضور المجلس المركزي للمصرف المركزي للبحث في الحلول المطروحة على أن يخرج عن الإجتماع قرار يتبنّى ترشيق الدعم.
تشكيل الحكومة
ملف تشكيل الحكومة يُراوح مكانه مع تصلّب المواقف. وإذا كانت المعلومات تتحدّث عن زيارة مُرتقبة للرئيس المُكلّف سعد الحريري اليوم إلى القصر الجمهوري حيث سيُقدّم تشكيلة حكومية من 18 وزيرا «تراعي المواصفات الفرنسية ولا تحيد عنها» بحكم أن الرئيس الحريري «باقٍ على التزامه بالمبادرة الفرنسية»، إلا أن المتوقّع أن يتمّ رفض هذه التشكيلة من قبل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون نظرًا إلى غياب وحدة المعايير بحسب رأيه وهذا ما عبر عنه في خطابه في ذكرى الإستقلال. هذه الخطوة وعلى الرغم من معرفة نتيجتها مُسبقًا، إلا أنها ترمي الكرة في ملعب رئيس الجمهورية. وكان من المُتوقّع أن تتم زيارة رئيس الحكومة المُكلّف هذه الإثنين الماضي، إلا أن معرفته المسبقة لردّ رئيس الجمهورية كان ليبث أجواء سلبية على مؤتمر الدعم الأربعاء الماضي، وهذا ما لم يكن محبذاً.
إن تأخير ولادة الحكومة يزيد الخسائر يوما بعد يوم ويجعل من عملية إستعادة عافية البلد إقتصاديًا أكثر كلفة، لكن الظاهر أن البعض يُراهن على ما تبقى من موارد في البلد سواء أكانت أصولاً منقولة أو غير منقولة. إلا أن ما ينتظر البلد في المرحلة المُقبلة خصوصًا على صعيد إرتفاع الأسعار وزيادة الفقر يجّعل الرهان على الأصول المُتبقّية غير دقيق ودون أي فائدة تذكر.
وتبقى المخاوف من أن يكون تشكيل الحكومة رهينة إشارة خارجية لن تأتي قبل وضوح الصورة بين الولايات المُتحدة الأميركية وإيران أي بمعنى أخر حتى تسلمّ جو بايدن مهامة الرئاسية في البيت الأبيض في كانون الثاني من العام المُقبل.
في هذا الوقت، تبرز إلى الواجهة مُعطيات أوروبية تُعدّل في المعادلة السياسية أولها الموقف البريطاني المُستجدّ وثانيها زيارة ماكرون إلى بيروت في الأسبوع الثالث من هذا الشهر مُتسلّحًا بدعم أوروبي. هذه المُعطيات مع صــمت روسي فسّره البعض على أنه دعم لبعض القوى السياسية في مواجهة السياسة الأميركية، يجعل من المـلف الحكومي عقدة لا يُمكن حلّها إلا بتقاطع مصالح هذه الدول.
في المقابل يرى بعض المراقبين أن الصراع الحقيقي هو صراع داخلي ذلك أن الحكومة التي ستتشكّل ستبقى حتى نهاية عهد الرئيس ميشال عون. وبالتالي فإن الفراغ الرئاسي الذي سيحصل (كما العادة) سيجعل من هذه الحكومة هي التي ستحكم خلال فترة الفراغ، من هنا التمسّك ببعض الوزارات وتسمية الوزراء. من جهة أخرى، يبرز الأن بالذات طروحات سياسية مع دراسات قانونية فسّرها البعض على أنها جسّ نبض ليكون ذلك (من باب الإحتمال) بابًا لتأجيل الانتخابات النيابية والعمل على قانون انتخابي جديد وبالتالي تمديد ولاية المجلس النيابي الحالي.
المجلس الأعلى للدفاع
في هذا الوقت خرجت إلى العلن إنتقادات، مصدرها رئيس حكومة سابق (لم يُذكر إسمه)، بإتجاه رئيس الجمهورية تطال دعوته إلى «توسيع نطاق تصريف الإعمال» مُتهما رئيس الجمهورية بـ «نقل صلاحيات السلطة الإجرائية إلى مجلس الدفاع الأعلى الذي لا يتمتّع بصفة تقريرية ويبقى دوره محصــورًا في إصـدار توصــيات ورفعها إلى مجلس الوزراء الذي يحق له وحــده النظر فيها وإتخاذ القرارات المُناسبة». وهو ما يُشير إلى عودة حرب الصلاحيات بين الرئاســتين الأولى والثالثة.
وكان سُرّب عن الإجتماع الأخير لمجلس الدفاع الأعلى قول رئيس الجمهورية إن تشكيل الحكومة سيتأخرّ وبالتالي تمنّى توسيع نطاق تصريف الأعمال. وتزامن هذا الأمر مع زيادة فتح ملفات الفساد التي طالت عسكريين وقضاة وموظّفين وقريبا أسماء وزراء وسياسيين من الصفوف الأمامية.
بعض المراقبين يخشون «تصفيات حسابات سياسية» من خلال هذه الملفات، إلا أن البعض الأخر يعزي فتح ملفات الفساد كإشارة يُريد رئيس الجمهورية إرسالها إلى المُجتمع الدولي عن جدّية محاربة الفساد مع إصراره على التدقيق الجنائي الذي سيكشف الكثير من ملفات الفساد. وهو ما يُنذر بمواجهة سياسية طاحنة يُرشحّ البعض أن تنتهي بإغتيالات سياسية أو أعمال إرهابية تقوم بها خلايا نائمة وحذّر منها المجلس الأعلى للدفاع.
الوضع المعيشي والصحي
هواجس تشكيل الحكومة وصولا إلى التهديد بحرب أهلية مرورًا برفع الدعم وملف التدقيق الجنائي وتفشّي وباء كورونا، تُسيطر على يوميات المواطن اللبناني. هذا الواقع مُرشّح إلى أن يتطوّر إلى فوضى إجتماعية أصبحت شبه حتّمية مما يعني أيام قاتمة قادمة.
بالتوازي، تمّ تكليف وزير المال غازي وزني التفاوض مع البنك الدولي لتأمين قرض بقيمة 246 مليون دولار أميركي بهدف تمويل شبكة أمان إجتماعي يطال الأسر الأكثر حاجة مع إحتفاظ البنك الدولي وضع المعايير ولوائح هذه الأسر. إلا أن العقبة الأساسية تبقى أن البنك الدولي لا يتعامل مع حكومات تصريف أعمال وبالتالي هناك إستحالة إقراض الدولة اللبنانية لتأمين هذا المبلغ.
ولا يقلّ الوضع الصحي تأزما عن الوضع المعيشي مع المخاوف المُتصاعدة من تداعيات رفع الدعم عن القطاع الصحي. ولم ينجح النائب عاصم عراجي بصفته رئيس لجنة الصحة النيابية بإقناع وفد البنك الدولي بتمويل إستيراد أدوية أساسية الذي يشترط حكومة تحظى بالثقة وتُنفذّ الإصلاحات المُطلوبة.
فإلى أين ذاهبة هذه التصدعات، وهل من مفاجآت تغير الصورة السوداوية للوضع الحالي والمستقبلي؟
************************************************************************
افتتاحية صحيفة اللواء : "
لغم الدعم" ينفجر أم يعّجل الحكومة؟ الحريري إلى بعبدا مع "تشكيلة متوازنة".. وجنبلاط يتهم العهد بالكيدية.. وماكرون إلى بيروت بعد أسبوعين
حتى يتوجه الرئيس المكلف سعد الحريري الى بعبدا، وعلى الأرجح اليوم، (الموعد المبدئي الساعة 11)، يبقى الانتظار سيّد الموقف، لمعرفة كيف سيتعامل الرئيس ميشال عون، الذي يتصرف بإدارة الدولة، من خلال مجلس الدفاع الاعلى او حكومة تصريف الاعمال، مع الصيغة الحكومية المكتملة، في وقت يتصدر موضوع رفع الدعم عن المحروقات والطحين والدواء، بدءاً من اليوم، حيث سيعقد اجتماع في السراي الكبير برئاسة رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب، مع حاكم مصرف لبنان او مَن ينتدبه والوزراء المعنيين للبحث في مسار الدعم، وفقا او ترشيدا او تدرجا، بانتظار الفرج الآتي من عالم الغيب.
ويركز الاجتماع، وفقا لمصدر مطلع، على البحث عن آليات، وخيارات التعامل مع المخاطر المحدقة بنفاذ احتياطي المصرف المركزي من العملات الصعبة، في وقت لا يتعدى اسابيع قليلة، لا تتجاوز عدد اصابع اليد الواحدة.
ويدور النقاش، من زاوية تغيير المقاربة، عبر دعم الناس المحتاجين، لا السلع المدعومة التي يستفيد منها الاثرياء والميسورين، مثل الفقراء والمعوزين.
والملفت، ترقب اصحاب المطاحن والافران للقرار الذي سيصدر عن اجتماع السراي، في ما خص رفع الدعم، على ان تبلغ الاجتماعات ذروتها غدا الثلاثاء.
وفي السياق، قال نقيب الصيادلة غسان الامين ان الفاتورة الدوائية مرتفعة، ولا يُمكن خفضها، واصفاً وقف الدعم "بالكارثة، وان الناس سيقتلون بعضهم البعض في الشوارع".
الحريري إلى بعبدا
حكومياً، اشارت مصادر سياسية متابعة للاتصالات الجارية لتشكيل الحكومة الجديدة، ان الرئيس المكلف سعد الحريري سيلتقي رئيس الجمهورية ميشال عون عاجلا ام اجلا وفي التوقيت الذي يراه مناسبا? بنفسه لاكمال مشاورات تأليف الحكومة وليس كما يريده الذين يحاولون فرض مواصفات وشروط تعجيزية تتجاوز اسس ومضمون المبادرة الفرنسية. وقالت ان الترويج لمعلومات وتوقعات مسبقة عن رفض الرئيس عون التوقيع على اي تشكيلة حكومية يحملها الرئيس المكلف، انما يندرج في اطار محاولات استدراج ردود فعل وتجاذبات من قبل الاخير للتشويش على مسار عملية تشكيل الحكومة عموما وحرفها عن مسارها، اما لتغيير آلية التشكيل المتبعة خلافا لرغباتهم واساليبهم السابقة المعهودة او لايصال مهمة الرئيس الحريري الى الطريق المسدود في النهاية وحمله على الاعتذار عن التشكيل.
واشارت المصادر إلى ان هذه المحاولات الابتزازية مكشوفة منذ البداية ولن تؤدي الا إلى اطالة امد الازمة الحكومية اكثر مما كان متوقعا، ولكنها بالطبع لن تحمل الحريري على الاعتذار عن التكليف لانه مايزال مصرا على الإلتزام بتشكيل حكومة المهمة الانقاذية المرتكزة على المبادرة الفرنسية باعتبارها تشكل الفرصة الفريدة والملائمة لمساعدة لبنان ليتمكن من المباشرة بحل الأزمة المالية والاقتصادية التي يواجهها حاليا.
وقالت المصادر ان الرئيس الحريري سيحمل معه الى بعبدا تشكيلة وزارية متوازنة.
والسؤال: هل ينفجر لغم الدعم، اليوم، ام ان القرار ينتظر تأليف حكومة تحرّك المساعدات المالية، بعد ولوج باب الاصلاحات.
وتتحدث المعلومات ان صيغة الحريري تضم 18 وزيراً، وهو الامر الذي يعارضه الرئيس عون، اذ يفضل حكومة من 22 وزيرا لضمان تمثيل الامير طلال ارسلان فيها، وللحصول على الثلث المعطل، في حال، كان قدر هذه الحكومة العتيدة المقبلة، اذا تشكلت تقوم مقام رئيس الجمهورية اذا حدث شغور رئاسي بعد اقل من عامين، بانتهاء ولاية رئيس الجمهورية في 31 ت1 (2022).
والواضح ان التيار الوطني الحر، وحليفه حزب الله يلقيان المسؤولية على الرئيس المكلف، الذي لا يقيم وزنا لوحدة المعايير، والشراكة مع رئيس الجمهورية، وينصاع للحسابات الخارجية، وفقا للمصادر القريبة من الطرفين.
وشدد النائب السابق وليد جنبلاط على الإسراع لتأليف الحكومة، لاعادة اعمار بيروت بعد الانفجار.
واتهم رئيس الجمهورية باستخدام حكومة حسان دياب لتصيفة حساب مع جنبلاط وكل من الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري، ولم يعف حزب الله من المسؤولية، وانتقد توجه حزب الله على الاستغناء عن لبنان، من خلال ATM القرض الحسن.
واتهم القاضية غادة عون بحكم القضاء، سائلاً: اين التشكيلات القضائية.. (وانتقد الطريقة الكيدية في المساءلة).
وقال: انا حاضر للمساءلة امام قضاء مستقل.
وتساءل: بأي حق للوزير فهمي ان يهين القضاء اللبناني؟
وتخوف جنبلاط مما اسماه تحالف الاقليات، وتساءل هذا عن الموقف، فأجاب: القدر هو الذي يحكم.
وقال: اذا لم يكن هناك حرية في الشام، لن يكون هناك حرية في لبنان.
واستدرك جنبلاط داعيا الى ترشيد الدعم، بدل القول: وقف الدعم.
ودعا النائب السابق وليد جنبلاط الزعماء المسيحيين للمطالبة باستقالة رئيس الجمهورية.. محذراً من الاستسلام لاميركا واسرائيل، فلن يبقى لبنان...
ودعا الى الاستقالة للجميع من رئيس الجمهورية ومجلس النواب، رافضاً الاستمرار في قانون الانتخاب الحالي.. داعيا الى قانون انتخابي جديد.
وقال: لو استقلنا من المجلس وقعنا في الفراغ، كنت معارضا للاستقالة الجماعية.
زيارة ماكرون
على صعيد مجيء الرئيس ايمانويل ماكرون فقد تبلغ لبنان رسمياً من السلطات الفرنسية ان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيزور لبنان بين 21 و 23 كانون الأول الحالي، على ان يُحدّد برنامج الزيارة ومدتها والوفد المرافق لاحقاً من خلال دوائر الدولتين، علماً ان المعروف انه سيقوم بزيارة تفقدية للقوات الفرنسية العاملة في إطار قوات اليونيفيل في الجنوب لمناسبة عيدي الميلاد ورأس السنة، وهو سبق واعلن استمرار الدعم الفرنسي للشعب اللبناني.
ويحمل ماكرون دعماً اوروبيا ملموسا، في ما خص مبادرته لمنع انهيار لبنان، اذ يناقش وزراء الاتحاد الاوروبي بدعوة من المانيا، في اجتماع يعقد اليوم في بروكسيل.
وتهدف الخطة الاوروبية الى "تحصين المبادرة الشخصية" التي قادها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، في ظل التباعد مع واشنطن دونالد ترامب، التي ما تزال تسعى الى ممارسة الضغوطات الاقصى على حزب الله لمنعه من المشاركة في اية حكومة جديدة..
وقالت مصادر على اطلاع ان "الخلافات الاوروبية ترمي الى معالجة الازمة العاجلة لمنع الانهيار وصولا الى مناقشة القضايا التي تخص حزب الله ونفوذ ايران في لبنان والمنطقة".
وكشف وزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال شربل وهبة أن المساعدات الانسانية الطارئة ستصل على ثلاث مراحل، وهي اعادة الانتعاش واعادة البناء واعادة بناء الاقتصاد، والاتحاد الاوروبي ينتظر ولادة الحكومة، ليبدأ بالمرحلتين الثانية والثالثة.
دبوماسياً، اكّد سفير لبنان في الإمارات فؤاد دندن انّ "علاقة لبنان بالامارات جيّدة والامارات لا طالما كانت الى جانب الشعب اللبناني وفي 7 تشرين كان هناك مؤتمر استثماري لبناني اماراتي في أبو ظبي وكان هناك دعم كامل من الامارات لمشاريع سيدر الانمائية".
وقال: "هناك لبنانيون تمكنوا من الحصول على تأشيرات وآخرون لم يتمكنوا من ذلك فهناك شروط للحصول على تأشيرات وفي لبنان بات هناك نوع من حالة هلع فبات الاشخاص يتقدمون في نفس اليوم بأكثر من طلب للتأشيرة وهذا يؤدي الى رفض من الـ"سيستام" للتأشيرة".
حياتياً
وبدعوة، من نقابة مستخدمي وعمال كهرباء زحلة نفذ عدد من عمال ومستخدمي شركة كهرباء زحلة صباح امس وقفة احتجاجية امام شركة كهرباء زحلة للمطالبة بالتمديد لكهرباء زحلة لسنتين حفاظا على مستقبلهم ومصير عائلاتهم مطالبين الرئيسين عون وبري والرئيس المكلف سعد الحريري البت بقضيتهم.
وخلال الاعتصام الذي قطع خلاله الطريق لساعة تحدث رئيس النقابة روبير قلايلي الذي قال: "نقف اليوم لنقول كفى! كفى استهتاراً بمستقبل 220 عائلة من أبناء المنطقة ومن جميع الطوائف أعطت لزحلة والبقاع الأوسط أعلى مستوى من الخدمات في أصعب الظروف، هل يجوز أن يحل الظلم والظلام مكان النور؟ هل يجوز أن نكون على مشارف العام 2021 ومصير الشركة وعمالها مجهول؟ هل هكذا تكافؤون العمال الذين لم يتوانوا لحظة عن خدمة الصيانة 20/20 في العواصف والبرد القارس والحرارة الحارقة وحتى في الحروب؟ هل هكذا تكافؤون الشركة التي أنارت قضاء زحلة 20/20؟ نطالب اليوم… نطالب مجلس النواب بعقد جلسة عامة لتمديد العقد التشغيلي بين مؤسسة كهرباء لبنان وشركة كهرباء زحلة لمدة لا تقل عن سنتين ريثما تتحسن الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي تمر بها البلاد. نطالب بأن يكون قانون التمديد واضحاً ويتضمن مادة تحفظ حقوق المستخدمين والعمال حسب القوانين المرعية الاجراء ولا يدخلهم في دهاليز التجاذبات السياسية والمناقصات والتجارب الجديدة.
ميدانياً، لاحظ شهود عيان ان بلوكات من الباطون، اقامها الجيش اللبناني بين الشياح وعين الرمانة بهدف تعزيز مراكز الجيش فقط.
ويأتي هذا التوضيح، بعدما كان النائب زياد اسود قد نشر فيديو عبر حسابه على "تويتر" سائلاْ عن السر وراء هذا الاجراء.
137112 اصابة
صحياً، اعلنت وزارة الصحة في تقريرها اليومي عن تسجل 1236اصابة جديدة و9 حالات وفاة خلال الـ24 ساعة الماضية، ليرتفع العدد الى 137112 اصابة مثبتة مخبرياً منذ 21 شباط الماضي.
*******************************************************************
افتتاحية صحيفة النهار :
الأزمة المفتوحة تنذر بانهيار ما بين الحكومتين
مع طي نحو ثلاثة أسابيع من الجمود التام في مسار #تأليف الحكومة الجديدة وسط شلل غير مسبوق في التحركات السياسية، ولاسيما منها اجتماعات التشاور الثنائي بين رئيس الجمهورية #ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف #سعد الحريري، بدأ منسوب المخاوف من تحول ازمة التأليف الى أزمة فراغ حكومي ومؤسساتي مفتوحة وسط أخطر الظروف المصيرية التي تطبق على لبنان، يرتفع بقوة في الأيام الأخيرة منذرا بانزلاق كبير للبنان نحو انهيار شمولي هذه المرة. وعلى رغم عودة الرهانات على استئناف الحركة السياسية هذا الأسبوع وتحريكها مجددا من خلال زيارة مرتقبة للرئيس الحريري الى قصر بعبدا في الساعات المقبلة، فان ذلك لم يقترن بأي معطيات إيجابية مضمونة حيال امكان تذليل التعقيدات والاشتراطات والخلفيات غير المعلنة التي باتت تشكل حواجز متصلبة امام تسهيل عملية تشكيل الحكومة، الامر الذي أخذ المنحى السياسي المتصل بأزمة التشكيل في اتجاهات أخرى تثير تساؤلات قلقة عما اذا كانت هناك نيات مبيتة للإبقاء على واقع حكومي عالق بين حكومة تصريف اعمال محدودة الإنتاج والتصرف، وحكومة قيد التأليف وممنوعة من الولادة قبل استنفاد الجهات المعطلة للتشكيل أهدافها الداخلية والخارجية. وقد أفادت المعلومات المتوافرة لـ"النهار" في هذا السياق ان الرئيس الحريري يرجح ان يقوم بزيارة قصر بعبدا اليوم للقاء الرئيس عون وتقديم تشكيلة حكومية من 18 وزيرا وزع فيها الحقائب مقترحا أسماء محايدة غير حزبية تتناسب وروحية المبادرة الفرنسية وحكومة المهمة التي نصت عليها المبادرة. وتشير هذه المعلومات الى ان الرئيس الحريري يسعى جاهدا لتأليف الحكومة في أسرع وقت وهو يريدها اليوم قبل الغد من دون أي ربط مع أي استحقاقات خارجية كما يشيع لدى بعض الأوساط السياسية. غير ان المصادر المعنية في قصر بعبدا او في بيت الوسط لم تؤكد حتى مساء امس موعد زيارة الحريري لبعبدا اليوم.
وفي ظل هذا المعطى، يبدو ان الأسبوع الحالي سيكتسب أهمية مفصلية ليس من جهة توقع حلحلة "سحرية" في الانسداد الحاصل، وهو أمر لا أوهام لدى أي فريق او طرف حياله باعتباره مستبعدا تماما في اللحظة السياسية الحالية على الأقل، وانما لجهة قياس الاستعدادات القائمة لدى الافرقاء المتورطين في ازمة تأليف الحكومة للبدء في مسار تفاوضي جديد وجدي ومرن خلافا لما طبع المرحلة السابقة وذلك نظرا الى مجموعة معطيات ووقائع ستضع أطراف ازمة التاليف في عين الاستحقاقات الضاغطة والعواصف المالية والاقتصادية والاجتماعية الإضافية والشديدة الخطورة التي تنذر بالهبوب على البلد. من ابرز المعطيات الداخلية أولا ان الاجتماع الذي دعا رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب الى عقده اليوم في السرايا في حضور وزراء معنيين وحاكم #مصرف لبنان رياض سلامة لبت مسألة الدعم على السلع الأساسية وارتباط هذه المسألة الحيوية بموضوع الاحتياط الإلزامي من العملات الأجنبية لدى مصرف لبنان يشكل نذير انزلاق لبنان الى أخطر مشكلة اجتماعية عرفها منذ بدء الازمة المالية في العام الماضي، بما يعني ان الإجراءات التي ستتخذ او التي يفترض ان تقترن بتخفيض كلفة الدعم واحداث بدائل كالبطاقات التموينية ستكون بمثابة بدء مرحلة جديدة من التعامل الشاق جدا مع تداعيات الازمة المالية والاجتماعية بما يفرض تصاعد الضغط بقوة جارفة لتشكيل حكومة جديدة يمكنها ان تواجه هذا الاستحقاق البالغ الأهمية والخطورة.
وفي موازاة ذلك، فان المعطى المالي يشكل الاستحقاق الثاني الذي لا يقل خطورة نظرا الى احتمال عدم التوافق بين المعنيين الرسميين وحاكم مصرف لبنان و#المصارف في موضوع #الاحتياطي الإلزامي الامر الذي قد لا تتمكن حكومة تصريف الاعمال من مواجهته بقرارات حازمة ومتوازنة.
موقف أوروبي
وبالإضافة الى مختلف وجوه تداعيات الازمات المتفاقمة بخطورة عالية، بدأت الاستعدادات للزيارة الثالثة هذه السنة التي سيقوم بها الرئيس الفرنسي #ايمانويل ماكرون للبنان في كانون الأول الحالي، والتي وان لم تحدد الرئاسة الفرنسية موعدها النهائي الرسمي بعد، فان المعلومات التي رجحت حصولها قبل عيد الميلاد ستفرض تحركا سياسيا ورسميا سريعا لملاقاة هذه الزيارة وعدم البقاء في دائرة المراوحة في انتظار الزيارة واللقاءات التي سيجريها الرئيس الفرنسي مجددا مع المسؤولين الرسميين والزعماء السياسيين. وبالإضافة الى الدلالات القوية التي تكتسبها الزيارة الثالثة لماكرون للبنان وتصميمه الثابت على الضغط على القوى السياسية لتشكيل حكومة جديدة والانطلاق في مسار تنفيذ الإصلاحات الجوهرية العاجلة سيصدر اليوم بيان وصف بانه بارز ومهم عن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي مجتمعين بعد الاجتماع الذي سيعقدونه في بروكسيل حيث سيبحثون في أفكار ألمانية لإنقاذ لبنان يتبناها الاتحاد الأوروبي وترتكز على دعم أوروبي قوي للمبادرة الفرنسية حيال لبنان واستعجال تشكيل حكومة تحظى بالصدقية الإصلاحية المطلوبة لاطلاق مسار الإصلاحات في لبنان .
مجددا: الراعي وعودة
وسط هذه المعطيات برزت على الصعيد الداخلي مواقف حادة جديدة لكل من البطريرك الماروني #الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وميتروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس #المطران الياس عودة من الازمة الحكومية . فالبطريرك الراعي الذي لفت بمرارة الى ان البيان الختامي لمؤتمر باريس تحاشى ذكر كلمة الدولة اللبنانية وتوجه الى الشعب اللبناني دون سواه سأل :" الا يشعر المسؤولون في لبنان بالخجل ؟ وهل من مبرر لعدم تشكيل حكومة جديدة تنهض بلبنان الذي بلغ ما تحت الحضيض والانهيار ؟" . وتوجه مباشرة الى الرئيسين عون والحريري قائلا :" مهما تكن الأسباب الحقيقية التي تؤخر اعلان حكومة جديدة فانا ندعو رئيس الجمهورية والرئيس المكلف الى تخطي جميع هذه الأسباب واتخاذ الخطوة الشجاعة وتشكيل حكومة انقاذ استثنائية من خارج المحاصصة السياسية والحزبية …الفا حكومة الشعب فهو البداية والنهاية ".
اما المطران عودة فاعتبر بان "العالم فقد ثقته بلبنان بسبب فساد زعماء بلدنا الذين جعلوا الفساد قانونا وسقوا كل روافد الدولة من ماء فسادهم فاقحل الوطن لعدم توافر نبع عذب يروي عطشه الى الحقيقة والعدالة والازدهار ". وسأل "الى متى ستمعنون الطعن في خاصرة وطنكم بخنجر عدم ولائكم له ؟" مشددا على "ان ما نحن في حاجة اليه هو تحرير ما تبقى من قبضة السياسيين".
*********************************************************************
افتتاحية صحيفة الجمهورية :
لقاء بعبدا اليوم يحرّك التأليف.. وحراك أوروبي لتزخيم مبادرة ماكرون
تتجّه الأنظار الى القصر الجمهوري بعد ظهر اليوم، حيث سيشهد لقاء بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري، تناقضت المعلومات حول ما سيؤدي اليه بالنسبة الى مصير الحكومة العتيدة المتعثرة الولادة منذ اسابيع، خصوصاً في ضوء زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون المقرّرة للبنان قبيل عيد الميلاد، وانطلاق حراك للاتحاد الاوروبي اليوم، يستهدف تزخيم المبادرة الفرنسية ودعمها، وربما تحويلها مبادرة أوروبية اذا دعت الحاجة. فيما تحدثت مصادر مطلعة لـ"الجمهورية" عن "خرق إيجابي محتمل" في ملف التأليف الحكومي قبيل زيارة ماكرون او بالتزامن معها.
تأكّد المراقبون من الاعلان عن زيارة الحريري لعون اليوم، نضوج الإتصالات الجارية في الكواليس المحلية والدولية، بحيث سيترجم اعادة تحريك لملف تشكيل الحكومة في اتجاه ايجابي.
وقالت مصادر مطلعة لـ"الجمهورية"، انّ الحريري اتصل بعون بعد ظهر السبت، طالباً لقاء معه، فتحدّد موعده الرابعة والنصف بعد ظهر اليوم، على ان يُستأنف خلاله البحث في تأليف الحكومة. وقد اكّدت مصادر بعبدا لـالجمهورية" هذه المعلومات، لافتة الى انّ رئيس الجمهورية ينتظر ما سيحمله الحريري من صيغ حكومية، استكمالاً للمشاورات السابقة التي جُمّدت منذ ثلاثة اسابيع تقريباً. وقالت المصادر، انّها لم تطّلع بعد على مضمون زيارة الحريري، بما فيها التوليفة الحكومية التي تحدث عنها كثيرون، قبل ان يتبلّغ رئيس الجمهورية ما يدلّ الى شكلها ومضمونها بالأسماء والحقائب. وإستغربت المصادر حديث البعض عن رفض رئيس الجمهورية المسبق للصيغة الحريرية. ورأت في مثل هذه التوقعات الجازمة "استباقاً لما لم يحصل بعد، وما يمكن ان يحمله الرئيس المكلّف الى القصر الجمهوري".
صيغة الحريري
وفي ظلّ الصمت الذي يلتزمه "بيت الوسط"، كشفت المصادر العاملة على خط الوساطات لـ"الجمهورية"، انّ الحريري سيحمل اليوم صيغة حكومية تلتزم ما قالت به المبادرة الفرنسية، وتأخذ في الإعتبار ملاحظات رئيس الجمهورية، وحصيلة المشاورات السابقة التي تحدثت عن حكومة خالية من الحزبيين، وتعتمد اختصاصيين يشكّلون فريق عمل متضامناً، يتمكن من صياغة الحلول للمرحلة المقبلة وفق خريطة الطريق الفرنسية، التي تقود الى الاصلاحات التي تعهّد بها لبنان، تمهيداً للتوجّه الى مصادر التمويل والدول والحكومات المانحة، وخصوصاً صندوق النقد الدولي الذي ينتظر موقفاً لبنانياً ًموحّداً من بعض العناوين المالية المعروفة، وابرزها توحيد الخسائر في القطاع المصرفي ومصرف لبنان، لإطلاق مفاوضات تؤدي الى دعم لبنان وفق المعايير التي علينا توفيرها، لملاقاة الحراك الدولي القائم على اكثر من مستوى فرنسي واوروبي واممي.
الحريري ورؤساء الحكومات
وكشفت المصادر لـ"الجمهورية"، انّ تحرك الحريري في اتجاه بعبدا، كان موضوع نقاش في لقاء جمعه ليل الجمعة الماضي مع رئيسي الحكومة السابقين فؤاد السنيورة وتمام سلام، وغاب عنه الرئيس نجيب ميقاتي لوجوده في لندن منذ ايام، حيث اطلعهما على مبادرته تجاه بعبدا، في محاولة لكسر الجمود القائم والسعي الى تحريك العملية السياسية التي تحتاجها البلاد، في مرحلة اقترب فيها الإنفجار الاجتماعي وربما الأمني من محطته القريبة.
لا تفاؤل بخرق واسع
وفي سياق متصل، وفيما ترصد الرادارات السياسية حركة الحريري في الساعات المقبلة، على وقع توقعات بأن يزور عون حاملاً مشروع تشكيلة من 18 وزيراً، او اقتراحات لمعالجة العِقد التي لا تزال تعرقل ولادة الحكومة، أبلغت مصادر مطلعة الى "الجمهورية"، عدم تفاؤلها كثيراً بإمكان إحداث خرق واسع وردم الهوة بين عون والحريري، الّا اذا حسم الرئيس المكلّف أمره، وقرّر ان يُحدث انعطافة إيجابية في طريقة مقاربته لمعايير التأليف.
ولفتت المصادر، إلى "أنّ مشكلة الحريري تكمن في المعادلة الآتية: لا حكومة من دون "حزب الله" ربطاً بالتوازنات الداخلية، ولا حكومة معه خوفاً من العقوبات الأميركية". واشارت إلى "أنّ الأسابيع التي تفصل عن التسليم والتسلّم بين دونالد ترامب وجو بايدن هي في غاية الخطورة، خصوصاً وانّ ترامب يحاول ان يترك خلفه منطقة ملتهبة، حتى يعقّد الأمور أمام بايدن ولا يترك له مجالاً للعودة الى الاتفاق النووي مع ايران.
ونبّهت المصادر، إلى أنّ هذا الوضع المعقّد ينعكس سلباً على لبنان، كونه يشكّل جزءًا لا يتجزأ من الواقع الإقليمي، وإحدى ساحات الضغط على طهران، عبر محاولة تضييق الخناق على "حزب الله".
لماذا تضييع الوقت؟
والى ذلك، قالت اوساط متابعة لمسار تأليف الحكومة لـ"الجمهورية"، انّه "إذا كان تأليف حكومة من اختصاصيين مستقلّين متعذراً، فلماذا تضييع الوقت والفرص والانتظار، بدلاً من الاتفاق على أسماء توحي الثقة وتكون متجانسة وقادرة على الإنتاج، خصوصاً وانّها ستكون بالتأكيد أفضل من الفراغ، فتضع الخطط اللازمة لمواجهة الأزمة المالية، إن بإقرار رزمة الإصلاحات المطلوبة، أو بفتح قنوات التواصل مع المجتمع الدولي".
وقالت هذه الأوساط باللغة العامية، "لو بدّا تشتي كانت غيّمت"، وذلك في إشارة إلى الانتظار غير المجدي وغير المفهوم، حيث انّ "المكتوب يُقرأ من عنوانه"، فلو كانت الأكثرية في وارد التراجع عن شروطها في تسمية الوزراء لتراجعت، وأما وانّها لم تتراجع، فلم يبق أمام الرئيس المكلّف سوى الاعتذار او التأليف بالاتفاق مع الأكثرية على تشكيلة توحي بالقدر المطلوب من الثقة للداخل والخارج، وأي حكومة ستكون أفضل من الفراغ، كما أنّ أي حكومة سيشكّل تأليفها ارتياحاً، وستمنح الفرصة اللازمة ليتبيّن خيرها من شرّها".
ورفضت الأوساط نفسها مقولة انتظار دخول الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن إلى البيت الأبيض "لأنّ اي ربط للتأليف بالعوامل الخارجية سيُبقي الوضع الداخلي معلّقاً على تطورات الخارج المعقّدة. ومن قال أساساً انّ الإدارة الأميركية الجديدة ستتفرّغ لملف المنطقة ومن ضمنها لبنان أوّل دخولها الى البيت الأبيض، فيما الوضع اللبناني لا يتحمّل الانتظار ويستدعي الإسراع في تأليف الحكومة؟".
ورأت الأوساط، "انّ ميزان القوى القائم لا يسمح للرئيس المكلّف أن يشكّل حكومة من دون الأخذ بوجهة نظر العهد و"الثنائي الشيعي"، وأنّ الاتكاء على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من دون التفاهم مع الفريق الحاكم لا ينفع، والدليل، انّ المبادرة الفرنسية في حلّتها الأولى أُجهضت بسبب عدم أخذها ميزان القوى في الاعتبار". ودعت الأوساط الرئيس المكلّف إلى "التمييز بين تشكيل الحكومة، التي لا يمكن ان يؤلفها من دون التفاهم مع الأكثرية، وبين قدرة الحكومة على العمل والإنجاز، الأمر الذي يتوقف على انتزاع التعهدات من الأكثرية بأنّ الحكومة لن تكون حلبة للنزاعات، إنما ورشة للإنقاذ، وانّ هذه الحكومة ستكون الفرصة الأخيرة للجميع، ومن الخطيئة تفويت هذه الفرصة". وكذلك دعت هذه الأوساط الحريري إلى "الإقدام وتقديم تشكيلته لرئيس الجمهورية، وان يُصار إلى تأليف الحكومة قبل الزيارة الثالثة للرئيس الفرنسي اواخر الشهر الحالي، فتكون هدية للبنانيين من جهة، وتأتي تتويجاً لزيارة ماكرون للبنان من جهة ثانية، فيأخذها الرئيس الفرنسي على عاتقه مثلما يأخذ لبنان على عاتقه".
وفد البرلمان الاوروبي
وعلى وقع المبادرة الفرنسية التي تتعثر بين محطة وأخرى، كشفت مصادر ديبلوماسية اوروبية مطلعة لـ "الجمهورية"، عن وصول وفد من النواب الفرنسيين في البرلمان الأوروبي الى بيروت خلال الساعات الماضية، بغية إستطلاع التطورات وما آلت اليه المبادرة الفرنسية وما يمكن القيام به في المرحلة المقبلة، خصوصاً انّ الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون سيزور لبنان قبل عيد الميلاد بأيام.
وعلمت "الجمهورية"، انّ الوفد النيابي الاوروبي الذي يضمّ النائبين الفرنسيين تييري مارياني وجان لين لاكابيل، سيستهلان جولتهما على المسؤولين اللبنانيين الكبار بلقاء مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قبل ظهر اليوم، للاطلاع على الظروف التي تعيشها البلاد، بعد التردّد في تطبيق المبادرة الفرنسية والخطوات التي لم تُنفذ منذ اطلاقها في الاول من ايلول الماضي.
وفي معلومات لـ"الجمهورية"، انّ هذه الزيارة تأتي في وقت اطلق الاتحاد الاوروبي آلية عمل خاصة بالأزمة اللبنانية، لتزخيم المبادرة الفرنسية وربما دعمها وتحويلها مبادرة أوروبية اذا دعت الحاجة الى ذلك. ففرنسا سترأس مجموعة الاتحاد قريباً، ولا بدّ من التحضير لمبادرة ما، يمكن التوصل اليها في وقت قريب، لإطلاق العملية السياسية في لبنان وفق خريطة الطريق التي رُسمت سابقاً.
لودريان ونظراؤه الاوروبيون
واستعداداً لهذه المحطة التي يجري التحضير لها، قالت المصادر، انّ بروكسل ستشهد اليوم بحثاً معمقاً في الازمة اللبنانية، خلال الاجتماع المقرّر على مستوى وزراء خارجية الدول الاوروبية، بدعوة من وزير الخارجية الفرنسية جان لوي لودريان، الذي سيطلع نظراءه الاوروبيين على ما آلت اليه المبادرة افلرنسية في لبنان، والمعوقات التي حالت دون انطلاقها في المراحل الاولى التي قالت بها، بعد مرور ثلاثة اشهر على زيارة ماكرون الاولى للبنان.
ولفتت هذه المصادر، الى انّ الاجتماع سيناقش، بالإضافة الى إحاطة الوزير لودريان، ورقة عمل المانية واخرى توصلت اليها حكومات المانيا وبريطانيا وبلجيكا، تتناول الوضع في لبنان من بوابة المواقف الاوروبية المتشدّدة تجاه "حزب الله" وتصنيفه، بالتنسيق مع الإدارة الاميركية وبرنامج العقوبات الذي طاول بعض الشخصيات اللبنانية، تزامناً مع العقوبات الاميركية على سوريا وايران.
جنبلاط وخطوط ماكرون
وفي المواقف السياسية، شدّد رئيس الحزب "التقدمي الإشتراكي" النائب وليد جنبلاط في ذكرى ميلاد كمال جنبلاط الـ 103، على أهمية الخطوط العريضة التي وضعها ماكرون في مبادرته "فلم نصل بعد إلى المستحيل، وانّ المبادئ الفرنسية هي طوق النجاة الوحيد، إذ انّ الإتفاق النووي لن يعود كما ودّعه ترامب بل سيُعدّل".
وقال جنبلاط في حوار مع تلفزيون "الجديد" مساء امس، إنّ "لعبة الأمم إستفادت من اللعبة الداخلية والإنقسام الداخلي الذي كان ولا يزال، وليس هناك شَبَه مع ما نعيشه اليوم، لأنّ العالم العربي كان موجوداً، بينما اليوم هو غير موجود". واعتبر أنّ "التطبيع حصل، وعلينا أن نسرع في التسوية الداخلية قبل أن نخسر كل شيء. ونسأل ما هو مصير اللبنانيين في الخليج؟".
وقال جنبلاط، إنّ "القدر كان منصفاً معه شخصياً، لأنّه ما زال على قيد الحياة ولكنه لم ينصفه سياسياً". واضاف: "كمال جنبلاط خاض معركة الإصلاح السياسي من داخل النظام، وكان يحاول إبعاد شبح الحرب، وسبق له أن نبّه المارونية السياسية من المغامرة".
ومن جهة ثانية، قال جنبلاط، إنّ "فتح الملفات في القضاء "مش شغلة باسيل وجريصاتي وغيرهما"، وهذا التوجّه خاطئ لأنّه لا يأتي من قضاء مستقل"، سائلاً: "هل سيحاسبون أنفسهم في ملف الطاقة؟".
الراعي
من جهته، البطريرك الماروني بشارة الراعي، حيّا في قداس الاحد امس، الـ40 دولة ومؤسسة التي شاركت في مؤتمر باريس لدعم لبنان، وقال: "لاحظنا بأسف كبير غياب حكومة لبنان، لأنّ لا حكومة عندنا. إنّ أخطر ما نتعرّض له اليوم هو تخطّي العالم لبنان كدولة، وفي المقابل تعاطيه مع شعب لبنان كشعب منكوب تُوزع عليه الإغاثات. يحزّ في نفوسنا وفي كرامتنا أن نرى معدل الفقر قد ارتفع من 28% إلى 55% خلال سنة واحدة. فأين لبنان الازدهار والبحبوحة والعزة؟ ويحزّ في نفوسنا أيضاً أنّ البيان الختامي لمؤتمر باريس تحاشى ذكر كلمة الدولة اللبنانية، وتوجّه إلى الشعب اللبناني دون سواه. ألا يشعر المسؤولون في لبنان بالخجل؟ وهل من مبرّر لعدم تشكيل حكومة جديدة تنهض بلبنان الذي بلغ إلى ما تحت الحضيض والإنهيار اقتصادياً ومالياً ومعيشياً وأمنياً، وتعيده إلى منظومة الأمم؟ أين ضميرهم الفردي وأين ضميرهم الوطني؟ ماذا ينتظرون أو يضمرون في الخفاء؟ وفي كل حال لبنان وشعبه وكيانه فوقهم جميعاً، وصامد بوفائه وكرامته!".
ورأى انّه "مهما كانت الأسباب الحقيقية التي تؤخّر إعلان حكومة جديدة، فإنا ندعو رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف إلى تخطّي جميع هذه الأسباب، واتخاذ الخطوة الشجاعة وتشكيل حكومة إنقاذ استثنائية، خارج المحاصصة السياسية والحزبية". وتوجّه اليهما قائلاً: "لا تنتظرا اتفاق السياسيين، فهم لن يتفقوا، ولا تنتظرا انتهاء النزاعات الإقليمية فهي لن تنتهي. ألّفا حكومة الشعب، فالشعب هو البداية والنهاية، وهو الذي سيحسم بالنتيجة مصير لبنان".
ونقل الراعي عن البابا فرنسيس، الذي التقاه الاسبوع الماضي في الفاتيكان، "استعداده للقيام بما يلزم مع الدول المعتمدة لدى الفاتيكان والمؤسسات الدولية لدعم لبنان والحفاظ على دوره ورسالته في هذا الشرق". وقال: "نأمل أن يعبّر عن قربه وتضامنه بزيارة إلى وطننا الحبيب لبنان، ونرجو أن تكون قريبة".
عودة
بدوره متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة، قال في قداس عيد مار نيقولاوس:"في بلادنا، يحاولون إقناعنا بأنّ الظلم الذي يُمارس على الشعب هو العدالة، ويظنون أنّ سلطة الأموال التي جمعوها ظلمًا ًًونهباً تعطيهم الحق في قمع الشعب واستعباده".
وشدّد عودة على أنّ "نماذج المتمولين في بلدنا، الذين اغتنوا من مال الظلم، أوصلت المواطنين إلى هوة اليأس والموت. واليوم يطالبون هم أنفسهم بما يسمّونه التدقيق الجنائي. ترى، هل سيقبل الظالم بفضح ظلمه، أو السارق بإظهار سرقته؟ للأسف هم الخصم وهم الحكم". وأكّد أنّ "زعماء بلدنا حولوا الجميع محتاجين، وجعلوا الجميع يتألمون. العالم فقد ثقته بلبنان بسبب فسادهم الذي جعلوه قانوناً، ومحاسبة تهرّبوا منها ودفنوها، فأزهر الظلم ويبست العدالة. سقوا كل روافد الدولة من ماء فسادهم، فأقحل الوطن لعدم توافر نبع عذب يروي عطشه إلى الحقيقة والعدالة والإزدهار".
وتساءل عودة "إلى متى ستمعنون الطعن في خاصرة وطنكم، بخنجر عدم ولائكم له، واستهتاركم بواجباتكم تجاهه؟ لم يبق إلّا أشلاء وطن، وما نحن بحاجة إليه هو تحرير ما تبقّى من الوطن من قبضة السياسيين، وسوء إدارتهم، وقلّة إحساسهم بالمسؤولية وبفداحة الوضع الذي أوصلونا إليه".
الأهداف السهلة صعبة
وعلى الصعيد الامني، علمت "الجمهورية"، انّ المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم، عرض في الاجتماع الاخير للمجلس الاعلى للدفاع تقريراً يحاكي تأثير الوضع الاجتماعي والاقتصادي على الوضع الامني، متطرقاً الى التهريب عبر الحدود والاشتباكات التي تحصل على معابر سمّاها "معابر الجوع" والتي بدأت تتحول معابر للموت.
وتطرّق ابراهيم في تقريره الى ما يجري في الجامعات والتحريض الطائفي وتأثيره على الامن، ولا سيما منه ما حصل أخيراً في الجامعة اليسوعية، كذلك عودة الاغتيالات والتصفيات الشخصية داخل المخيمات والانقسامات.
وقدّم ابراهيم بالتحليل، ومن ضمن العمل الاستباقي، معلومات عن عمليات اغتيال واردة. معتبراً "انّ الاعلان عنها يحوّل الاهداف السهلة صعبة".
وقد استفسرت "الجمهورية" من ابراهيم عن هذا الكلام، فأكّد صوابية الاعلان عن هذه المعلومات، كونه من مدرسة تعتبر انّ هذا الامر جزءاً من الوقاية والردع، "فاستعمال الاعلان في وقته هو من ضمن الخطط الاستباقية"، كاشفاً أنّه أبلغ هذه المعطيات الى المعنيين بالتهديد الذين اتخذوا على الاثر الإجراءات اللازمة"، وقال: "كل ما يُقال خلاف ذلك هو تسييس ومحاولة مزايدات مكشوفة، والافضل التنبّه الى الامن حالياً وليس الدخول في سجالات للبحث في نظريات أثبتت فشلها في السابق".
كورونا
على الصعيد الصحي، أعلنت وزارة الصحة العامّة في تقريرها اليومي حول مستجدات فيروس كورونا أمس عن تسجيل 1236 إصابة جديدة (1199محلية و37 وافدة) ليرتفع العدد الإجمالي للإصابات الى 137112 إصابة، بالاضافة إلى تسجيل 9 وفيات جديدة، ليصبح العدد الإجمالي للوفيات 1099.
*******************************************************************
افتتاحية صحيفة نداء الوطن :
ماكرون إلى بيروت متسلّحاً بمبادرة "أوروبية" : مشكلتكم لم تعد معي الحريري في بعبدا اليوم... وعون "منفتح على الحلول"!
لم تجرِ الرياح بما يشتهي رئيس الجمهورية ميشال عون، لا هو استطاع تجنيب صهره جبران باسيل "كأس العقوبات" ولا استطاع دفع الرئيس المكلف سعد الحريري إلى تجرّع "كأس التنحي". حاول قطع الطريق على تكليفه، بدايةً عبر قرار إرجاء الاستشارات الملزمة ثم بكلمة تحريضية للكتل عشية التكليف لكنه أخفق، سعى بعدها إلى تطويع التكليف ووضع مفاتيح التأليف في "جيب جبران" فلم يفلح، حاول استدراج الحريري إلى مشكل طائفي ولم ينجح، رمى قنبلة التعطيل أمام المجتمع الدولي في ملعب الرئيس المكلف فجاءت ارتدادتها عكسية وأصابت شظاياها صورة الرئاسة الأولى، عبر استقبال غير لائق بمقامها في مؤتمر باريس... استنفد عون أدوات تهشيل الحريري وأيقن أنّ تكليفه يهتزّ لكنه لا يقع، فأعاد جردة حساباته ليجد أنّ خسائر تأخير ولادة الحكومة تُدفع من كيس العهد دون سواه، فكان السؤال: أين المفر؟
وتحت سقف هذا السؤال، لاحظت مصادر مواكبة بوادر إعادة بحث في دوائر قصر بعبدا عن أرضية مشتركة مع الرئيس المكلف قابلة للتأسيس عليها حكومياً، وكشفت لـ"نداء الوطن" أنّ مقربين من رئيس الجمهورية نقلوا عنه أنه "منفتح على الحلول" بالتزامن مع إيصال "رسائل مشفّرة"، تشجع الحريري على كسر دوامة التريّث وتستدرجه إلى زيارة عون لاستئناف البحث في التشكيلة العتيدة "من دون شروط ولا قيود مسبقة". وعلى هذا الأساس، يتجه الرئيس المكلف لزيارة بعبدا اليوم وفق ما أكدت المصادر بهدف "استشراف الآفاق والنوايا".
وإذ لم يُعلم هل يحمل الرئيس المكلف معه مسودته الجاهزة لتقديمها رسمياً إلى رئيس الجمهورية، أعربت المصادر عن ثقتها بأنّ مسودة الحريري ستكون بلا شك "الطبق الرئيس" على طاولة اللقاء، باعتبار أنّ "كل ما يمكن أن يقال بين عون والحريري قد قيل ولا بدّ من الانتقال في مباحثاتهما إلى "الورقة والقلم"، للغوص بشكل معمّق في خريطة الأسماء والحقائب، إذا كانا يريدان فعلاً التوصل إلى نتيجة تفضي إلى ولادة الحكومة".
تزامناً، تتجه الأنظار اليوم إلى بروكسل لتتبّع الخطوط العريضة لمضامين "خريطة الطريق" التي سيتبناها الاتحاد الأوروبي إزاء الأزمة اللبنانية. وفي هذا السياق، تتوقع مصادر واسعة الاطلاع لـ"نداء الوطن" ألا تخرج المبادرة الأوروبية في بنودها عن إطار الطرح الفرنسي الذي يعبّر عنه الرئيس إيمانويل ماكرون، لكنّ أهميتها ستكمن في نقل هذا الطرح إلى مستويات جديدة "تضاعف المسؤوليات والضغوط على الأفرقاء السياسيين في لبنان".
وأوضحت المصادر أنّ نقطة الارتكاز في إعلان بروكسل ستتمحور حول مقررات مؤتمر "سيدر" بشكل ستنبثق عنه جملة نقاط وطروحات موسعة، حيال التصوّر الأوروبي لسلسلة الإجراءات والتدابير الواجب اتخاذها من قبل السلطة اللبنانية "عاجلاً وآجلاً" لإخراج لبنان من أزمته الطاحنة، بدءاً من وجوب تشكيل حكومة المهمة الإصلاحية وإنجاز التدقيق الجنائي بالحسابات وكشف نتائج التحقيقات بانفجار المرفأ، وتطبيق مبدأ المحاسبة والمساءلة بحق الفاسدين والمرتكبين، وتعبيد الأرضية الملائمة أمام إبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي على برنامج عمل للمرحلة المقبلة يوقف الانهيار ويستنهض الاقتصاد الوطني.
ولفتت المصادر الانتباه إلى أنّ ماكرون سيعود إلى بيروت هذا الشهر "متسلّحاً" بالمبادرة الأوروبية، ليقول للطبقة الحاكمة في لبنان "مشكلتكم لم تعد معي وحدي بل أصبحت مع الاتحاد الأوروبي كله"، مع ما يعنيه ذلك من "عواقب وخيمة" ستتأتى على الاستمرار في سياسة التعطيل والمناورة والتهرب من الإصلاح والالتزامات والوعود المقطوعة سابقاً، بحيث سيكون التوجه الأوروبي عندها أقرب إلى الاقتناع بأنّ مبدأ "العصا" الذي تعتمده الولايات المتحدة هو أنجع مع المسؤولين اللبنانيين من مواصلة إغرائهم بـ"الجزرة".
*************************************************************************
افتتاحية صحيفة الشرق :
الحريري اليوم في بعبدا لتقديم تشكيلة الـ 18 وزيراً؟ الراعي: ألا يشعر المسؤولون في لبنان بالخجل ؟
في بلد منهار غارق بـ"شبر" أمطار، وفي جمهورية تعصف بها إحدى اكبر الازمات الاقتصادية - المالية التي عرفها العالم في التاريخ الحديث، بات مجرّد التواصل بين المسؤولين الممسكين بمقاليد الحكم، حدثا بحد ذاته! نعم، العيون ترصد زيارة يفترض ان يقوم بها الرئيس المكلف سعد الحريري الى قصر بعبدا، للقاء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، بعد نحو 21 يوما على آخر اجتماع ضمّهما. والانكى، ان اللقاء المفترض، لن يخرج منه الدخان الحكومي الابيض الذي يعلن انطلاق مرحلة انتشال لبنان من جحيم ازماته - اللّهم اذا كانت التركيبة الحكومية تلاقي طموحات الناس والمجتمع الدولي، لا مفصّلةَ على قياس اهل الحكم واحزابه.
زيارة مرتقبة؟
فيما لا حركة ظاهرة على الضفة الحكومية، ووسط صمت يطبق على بيت الوسط، أعلن عضو تكتل لبنان القوي النائب ألان عون اول امس السبت ان "من المتوقع أن يزور الرئيس الحريري، رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في الساعات الـ48 المقبلة"، مضيفا "سيطرح تصورا لعون عن شكل الحكومة على أن يتم استكمال التشاور في الأسماء بين الرئيسين في ما بعدها". واضاف في حديث تلفزيوني "ارادة المكونات الاساسية في تشكيل الحكومة لا يمكن تغييبها ورئيس الحمهورية هو شريك أساسي في تسمية الوزراء". وتابع: لا محاصصة حقائب في الحكومة المقبلة لكنها يجب أن تشكل ضمن عملية تشاركية. واشار الى ان "على الحكومة المقبلة أن تأتي بذهنية وأداء مختلفين عن السابق لإنقاذ اللبنانيين". وعن العلاقة بين التيار الوطني الحر وكتلة المستقبل، اوضح عون ان العلاقة عادية ولا يوجد اي توتر لكن يوجد جفاء، متوقعا ان تعود العلاقة كما كانت.
حملة على الحريري
في الموازاة، لفت عضو كتلة المستقبل النائب محمد الحجار في حديث اذاعي الى ان "من الممكن أن يتوجه الحريري الى قصر بعبدا لتقديم المسودة في أية لحظة". وإذ أمل أن "تقدر كل الأطراف السياسية صعوبة الوضع الذي يمر به البلد"، أكد أن "المعيار الأساسي الذي يعمل عليه الحريري لتشكيل الحكومة هو المبادرة الفرنسية، آخذا في الاعتبار التوزيع الطائفي في لبنان". ولفت الى أن "الحريري وعد بمصارحة اللبنانيين في أية لحظة، وبالتالي فهذا الامر سيحصل إلا أننا نتمنى أن يكون في الاتجاه الإيجابي عبر الإعلان عن التشكيلة الحكومية". غير ان الحجار اكد ان هناك "حملة لتحميل الرئيس المكلف مسؤولية التأخير في إصدار مراسيم تشكيل الحكومة وهذا الامر غير صحيح".
الآتي أصعب
وفيما معطيات الخارج والداخل، لا توحي بفرج قريب محليا، جدّد البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، التنبيه من الأخطر الآتي. فقد قال في سيامة الخوراسقف شربل عبدالله مطرانا جديدا لابرشية صور "أمام هذا الواقع الأليم والمتردي يوما بعد يوم بسبب فقدان الوعي والضمير لدى المسؤولين السياسيين، أنت مدعو لتضع إمكانات الأبرشية، إلى جانب البطريركية والأبرشيات الأخرى والرهبانيات والمنظمات الإنسانية والخيرية، في مسيرة تنسيق خدمة المحبة الإجتماعية المعروفة بالكرمة، بحيث تشمل كل الأراضي اللبنانية، وشعارها: أن لا تموت عائلة من الجوع، أو تشعر بأنها متروكة. إن الأيام الآتية ستكون أصعب مما هي اليوم بسبب الممارسة السياسية المدانة. غير أن رجاءنا بالله وعنايته يبقى أقوى".
من جهته قال متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة في عظة الاحد امس: العالم فقد ثقته بلبنان بسبب فسادهم الذي جعلوه قانونا، ومحاسبة تهربوا منها ودفنوها، فأزهر الظلم ويبست العدالة. سقوا كل روافد الدولة من ماء فسادهم، فأقحل الوطن لعدم توافر نبع عذب يروي عطشه إلى الحقيقة والعدالة والإزدهار. فإلى متى ستمعنون الطعن في خاصرة وطنكم، بخنجر عدم ولائكم له، واستهتاركم بواجباتكم تجاهه؟ لم يبق إلا أشلاء وطن، وما نحن بحاجة إليه هو تحرير ما تبقى من الوطن من قبضة السياسيين، وسوء إدارتهم، وقلة إحساسهم بالمسؤولية وبفداحة الوضع الذي أوصلونا إليه".
الدواء كالرغيف
من جانبه، وعن ترشيد الدعم الدوائي، قال وزير الصحة في حكومة تصريف الاعمال حمد حسن "نحن كوزارة صحة نؤكد ونشدد على ان الدواء كالرغيف لا يمكن فصلهم ويجب ان يبقى الدعم قائما ونطالب ما امكن بتحييد القطاع الصحي خصوصا القطاع الدوائي عن رفع الدعم.
وأضاف، "في 12 كانون اول الجاري سنطلق عملية تتبع للادوية من المصدر الى المريض لانه في المرحلة المقبلة حتى بترشيد دعم الدواء يجب وجود آلية مراقبة لكل من يحاول الاستثمار في المكان الخطأ، ابتداء من المستورد حتى الصيدلي حتى يصل الدواء لكل مواطن بحاجة إليه".
اللبنانيون يغرقون
على اي حال، جزءٌ كبير مما سيعيشه اللبنانيون في الايام المقبلة، معيشيا، ستتحدد معالمه خلال الاجتماع الذي سيعقد اليوم الإثنين في السراي ويضمّ إلى الرئيس حسان دياب المجلس المركزي لمصرف لبنان، للبحث في موضوع الدعم وإيجاد مقترحات عملية. لكن في انتظار ما سيحمله اليهم الاجتماع المرتقب، والذي بطبيعة الحال لن يكون حاسما في ظل تقاذف كرة النار هذه، بين حكومة تصريف الاعمال، والقوى السياسية، والمركزي، غرق اللبنانيون اليوم مجددا في المستنقعات وبرك المياه التي طافت بها الطرق لاسيما في منطقة ساحل المتن وطرابلس جراء كمية الامطار والبرد الكبيرة التي انهمرت قبل الظهر، وذلك غداة اجتماع المجلس الاعلى للدفاع الذي اوعز بتنظيف وفتح الاقنية ومجاري المياه على الطرق.
*********************************************************************
افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط :
مخاوف من عودة مسلسل الاغتيالات في لبنان سياسيون يحيطون تنقلاتهم بالسرية... والحريري يتكتم على توقيت زيارته عون لدواعٍ أمنية
أدى تخوف اللبنانيين من عودة مسلسل الاغتيالات إلى اضطرار القيادات السياسية لإقامة جبرية وعدم مغادرة المنازل إلا للضرورة القصوى، رغم أن منسوب التأزّم السياسي يتصاعد بسبب تعذُّر تشكيل الحكومة الجديدة بانتظار الخطوة المرتقبة لرئيس الوزراء المكلف سعد الحريري الذي سيسعى قريباً إلى فتح ثغرة في جدار عراقيل ولادة الحكومة.
وعلمت "الشرق الأوسط" من مصادر سياسية واسعة الاطلاع أن الحريري، وإن كان يحتفظ لدواعٍ أمنية بالتوقيت الذي سيختاره للتوجُّه إلى بعبدا للقاء رئيس الجمهورية ميشال عون في محاولة لإعادة الروح إلى مشاورات التأليف المتوقّفة منذ أكثر من 20 يوماً، فإن لقاءهما "بات حتمياً لأنه من غير الجائز بقاء الأبواب مقفلة بوجه تشكيل الحكومة، في ضوء المتغيرات التي تشهدها المنطقة من جهة وارتفاع منسوب التأزُّم بين إيران وبين إسرائيل والولايات المتحدة على خلفية اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده".
ولفتت المصادر إلى أن الحريري "بات على قناعة بأن لا مصلحة له في الإبقاء على الوضع المتأزّم، وأن البلد في حاجة إلى قيام حكومة مهمة لأنه لم يعد يحتمل المزيد من الانهيار، وهذا يتطلب منه إعداده للدخول في مرحلة جديدة من التعافي ومن موقعه المسؤول الذي يحتّم عليه عدم الاستسلام لحملات الضغوط والتهويل وصولاً إلى ابتزازه".
وقالت إن الحريري "لن يحيد قيد أنملة عن المبادرة الفرنسية التي طرحها الرئيس إيمانويل ماكرون والتقيُّد بها كأساس لتشكيل الحكومة؛ لأن البلد في حاجة إلى تحصينه بشبكة أمان اجتماعية لتدعيم الاستقرار والاستجابة لحاجات اللبنانيين". ورأت أن "لا مجال للدخول في مزايدات شعبوية أو مهاترات تؤخر ولادة الحكومة".
وأكدت أن هذا الأسبوع "سيشهد تحولاً في مسار تأليف الحكومة بالتشاور مع عون لأن البدائل المطروحة تأخذ البلد إلى المجهول"، وتوقفت أمام المخاوف من عودة مسلسل الاغتيالات إلى الساحة اللبنانية، وقالت إنها "تبقى مشروعة وتتطلب من الجميع أن يأخذوا الحيطة والحذر، وإن كانت القيادات تفضّل عدم الدخول في تفاصيل الأسباب التي تدعوها إلى الحذر والتيقّظ في الوقت الضائع وما إذا كانت تلقت معلومات من جهات دولية أو إقليمية فرضت عليها اللجوء إلى الحجر السياسي".
وكشفت المصادر أن "معظم القيادات السياسية تتخوف من عودة مسلسل الاغتيالات وبادرت إلى ترتيب أوضاعها بدءاً بفرض الحظر على تحركاتها وتنقلاتها من دون أن تبوح بما لديها من مخاوف، إلى أن جاء الإعلان عنها بشكل رسمي من خلال اجتماع المجلس الأعلى للدفاع برئاسة عون".
وفي هذا السياق، قالت المصادر إن عون بادر في مستهل الاجتماع إلى الطلب من القيادات العسكرية والأمنية المدعوّة لحضوره الإدلاء بما لديها من معلومات أو معطيات حول احتمال التفلُّت الأمني الذي يمكن أن يهدد الاستقرار في ظل التأزّم السياسي. وأكدت أن رئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب سرعان ما انضم إلى طلبه، علماً أن عون كان تحدث أيضاً عن تفعيل العمل الحكومي عبر التوسُّع قليلاً في تصريف الأعمال إلى حين تشكل الحكومة.
وأضافت أن قائد الجيش العماد جوزيف عون كان أول المتحدثين وعرض تقريراً مفصلاً عن واقع الحال الأمني والجهود التي تقوم بها القوى الأمنية والعسكرية للحفاظ على الاستقرار، رغم أن الوضع الاجتماعي والاقتصادي للغالبية الساحقة من اللبنانيين في تأزُّم مستمر، من دون أن يتطرق في مداخلته إلى احتمال عودة الاغتيالات.
وتابعت أن المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء الركن عماد عثمان تحدث في السياق نفسه عارضاً للجهود التي تقوم بها القوى الأمنية والعسكرية لحفظ الأمن وحماية الاستقرار من دون أن يأتي على ذكر وجود مخطط لاستئناف الاغتيالات.
لذلك، فإن التطابق في وجهتي النظر بين العماد عون واللواء عثمان كان حاضراً، خصوصاً في تركيزهما على جاهزية القوى الأمنية والعسكرية للتصدي للمحاولات الرامية إلى الإخلال بالأمن وتهديد الاستقرار، فيما حذّر المدير العام للأمن العام اللواء المتقاعد عباس إبراهيم من احتمال عودة الاغتيالات إلى الساحة اللبنانية واستند في تحذيره إلى تلقّيه معلومات من جهات خارجية من دون أن يفصح عن هويتها تتقاطع مع تقديرات وتحليلات سياسية لدى الأمن العام.
بدوره، تبنّى رئيس جهاز أمن الدولة اللواء طوني صليبا حرفية ما عرضه اللواء إبراهيم مع أن كليهما لم يفصح عن المصدر الخارجي الذي زوّدهما بهذه المعلومات.
وعليه فإن المراجع الأمنية، كما تقول المصادر، ترى أن المخاوف من عودة الاغتيالات تبقى في محلها، وأن التحذيرات التي أملت على القيادات السياسية وتحديداً من الصف الأول اتخاذ التدابير الوقائية مشروعة ولا جدال فيها واضطرت للاقتداء بالتباعد السياسي حتى إشعار آخر ونادراً ما تغادر مقرات إقامتها الدائمة إلا للضرورة وبعيداً عن الأضواء ووسط إجراءات أمنية مشددة للغاية وبسرية تامة.
لكن التباعد السياسي لاعتبارات أمنية وقائية يجب ألا ينسحب، بحسب المصادر، على المشاورات لتشكيل الحكومة التي يفترض أن يبادر الحريري في أية لحظة إلى محاولة قد لا تكون الأخيرة لإخراج الملف من الجمود القاتل الذي يسيطر عليه، رغم أن "البلد يعيش حالياً في مرحلة موت سريري تتطلب إنعاشه بتشكيل حكومة مَهمة بدلاً من التوسُّع قليلاً في تصريف الأعمال الذي سيزيد من الاحتقان المذهبي والطائفي في حال تقرّر تمديده إلى أجل غير محدود".
نسخ الرابط :