العامل الفاصل ألأول : الغاية الواضحة
أراد سعادة من كلمة واضحة نفي كل باطنية، والدعوة الى الصراحة ،لأنه بنفي الباطنية وانتشار الصراحة ينِشأ الصراع الحقيقي الذي يقود الى بعث الحياة الجديدة .
فمن الطبيعي جدا أن تتعدد الغايات في المجتمع لأن تعدّد الغايات يوسّع أفق الحوار والنقاش ويتيح فرصة أكبر للأبداع والابتكار .
أما اذا لم تكن الغاية واضحة ينحرف الصراع عن غايته الحضارية ويصبح الحوار حوار طرشان مادته حجج خادعة ونتائجه تعود لمنفعة شخصية أو فئوية .
يبدأسعادة حديثه عن وجود الغاية أو عدم وجودها، ويعتبر عدم وجودها يضع الانسان في أدنى مراتب التطور البشري ،لأنه يعتبر الانسان التائه الذي يدور حول الاشياء ولا يعرف ماذا يريد منها، يقع في فخ الجوع الذي يولّدغاية تأمين القوت لسد الجوع التي هي أدنى مراتب الغايات والتي اذا وقف الانسان عندها فقد طبيعته البشرية ..
يمتاز الانسان بعقله وادراكه لذلك ترتقي غاياته وفاقا لارتقاء نفسيته ،ولن يقف عند غاية سد القوة بطريقة الجمع والخزن بل بالعمل والانتاج واستغلال كل المعطيات الطبيعية وغير الطبيعية والتي يرتقي بواسطتها الى مراتب الغايات النفسية كالفضائل والفنون والأدب .في هذه المرتبة تتبلور حالة الانتقال من الغاية الفردية الى الغاية المجموعية التي تؤسس لظهور شخصية الجماعة
لو حاولنا اليوم أن نستعرض معظم الاحزاب والتنظيمات في سوريا والعالم لوجدنا غاية ظاهرة وغاية مستترة
تُعلن الغاية الظاهرة عن نفسها في التصريحات العلنية وخطابات المناسبات الوطنية والاجتماعات العامة وما يساعد أصحابها في تعزيز مواقعهم في مراكز السلطة وتحصينهم في مواقع مريديهم .
تُعلن الغاية المستترة عن نفسها في الاجتماعات المُغلقة والمناسابات الفئوية وخاصة تلك التي تكون طائفية أو مذهبية والجلسات الرسمية للحكومات والبرلمانات وكل مايخصّ الدوائر الرسمية . أما البشاعة المُقرفة أن لا يكون هناك غاية مستترة بل نجد غاية علنية أولى موضوعها مصالح الطوائف والمذاهب وغاية علنية ثانية موضوعها ثرثرة بالمصالح الوطنية تخدم الغاية الأولى،و يتوافق الحديث عنها مع طبيعة الحضور ومصالحهم، حتى بعض الأحزاب التي ادعت الوطنية والقومية وقيام الدولة العلمانية اشترطت في غايتها أن يكون رئيس الجمهورية مسلما .وحده الحزب السوري القومي الاجتماعي تخطى كل هذه المثالب وجاء في غايته :بعث نهضة سورية قومية اجتماعية تكفل تحقيق مبادئه الاساسية والاصلاحية والتي نصّ بعضها على فصل الدين عن الدولة وازالة الحواجز بين مختلف الطوائف ومنع رجال الدين في شؤون السياسة والقضاء القوميين .
وعندما يكون القضاء والسياسة شأن قومي تُسحب السجادة من تحت أقدام المتدينين .
العامل الثاني :الشعور بالشخصية القومية.
تعثرت مراحل تطور الشخصية المنتهية بتكوين الشخصية القومية في سورياالطبيعة ولم تسلك مسارها الطبيعي لأسباب عديدة نذكر بعضها على سبيل المثال :
الاستعمار العثماني الذي مارس سياسة التجهيل والتفقير وسلطة الخلافة التي تتطلب تبعية غريزية لا أثر للعقل فيها ،مما خلق عملية ارتباط لفئة من الشعب بالسلطنة العثمانية وساهم في توسيع هوة الخلاف بين فئات الشعب وبالتالي أثّر على ظهور الشخصية القومية .
الارساليات الأجنبية التي بنت أجيالا على ثقافة التفرقة وتحقيق الأغراض الفردية وضُعف الكيان مع ضروة الاستنجاد بالغرب لصياغة مشروع الكيان فكان الاستقلال برأيهم عملية انتقال من تبعية للسلطنة العثمانية الى تبعية للدول الغربية ،وبالتالي استتر الفعل الذي يُحقق الاستقلال الحقيقي وتعطلت عملية ظهور الشخصية القومية وتموضع مكانها ظهور الشخصيات الطائفية والمذهبية والممثلة للأقليات .
ساهمت سياسات الغرب الأوروبي التي كان همها الاساسي طمس الشخصية القومية، بفاعلية في تعطيل مسار مراحل ظهور هذه الشخصية، وسعت منذ أن دخلت السلطنة العثمانية في صفة الرجل المريض الى ملء فراغات السلطنة بقوى فعل غربية أوروبية ،ولذلك منعت ابراهيم باشا من القضاء على السلطنة واجبرتها بعد ذلك على التنصل من بنود معاهدة كوتاهية التي تسّهل لروسيا عملية الوصول الى المياه الدافئة ،وبدأت الشروع بتنفذ خطة اعتمدت على مسألتين ؛
الأولى : القروض المالية.
الثانية : الارساليات .
إن التوافق الدولي على قيام الكيان الغاصب الذي لعب دور الغدة السرطانية، التي شكلت حصنا منيعا يصعب اختراقه مهما كبرت قوة من تبلورت عندهم الشخصية القومية والذين أصبحوا في معركة متعددة الميادين واهم هذه الميادين : .
ميدان النضال لازالة الاحتلال وبالتالي مواجهة التوافق الدولي
ميدان بث المباديء الضرورية لتعميم الشعور القومي وبالتالي مواجهة خطط الغرب التي بدأت تنتشر بسرعة في جسد الأمة السورية .
لقد أدرك سعادة ذلك وأدرك ايضا أن المواجهة حتمية على الجبهتين وأنها لا تُحسم في معركة واحدة بل هي الحرب التي ستخوضها أجيال الأمة بتعاقبها الى أن نصل لتكوين الشخصية القومية التي ستحقق الانتصار الأكيد ، وما نشهده اليوم من معارك نربحها في الميدان يبقى ناقصا مهما كانت درجته لأنه لا يؤسس للربح في معركة الوصول الى الشخصية القومية والوجدان القومي ، لكنه لا شك بأنه يعطل أهداف بعض القوى الضاغطة ويضع بعض فئات المجتمع في أزمات لا يكون خلاصها منها الا بالعودة الى الانخراط في الشخصية القومية .
وأدرك سعادة أيضا أن الوصول الى الشخصية القومية لايكون الا ببناء الأجيال الجديدة التي تعدّها المدارس القومية وببعث نهضة قومية اجتماعية تطال كل فئات المجتمع مؤكداأن معركة الحزب الأساسية هي معركة الوصول الى الشعب .متوقعا ان مسؤولية انتصار النهضة تتنكبها الأجيال القادمة .
بهاتين الوسيلتين نصل الى تكوين الشخصية القومية التي يعتبرها سعادة عاملا أساسيا من عوامل فاصلة في الاتجاه السوري الحديث . العامل الثالث القيادة .
من مزايا القيادة : الهداية الثابتة المستمرة . توحيد الجهود.حشد القوى على خطة واحدة . التخطيط وتعيين الأهداف . حُسن التصرف ولباقة التدبير .
يجب أن نذكر هنا أن بعض مزايا القيادة التي ذكرها سعادة لاتنطبق الا عليه ومن هم بمستواه وهم قلّة،لا يتجاوزعددهم منذ بدأ التاريخ المكتوب حتى اليوم عدد أصابع اليدين ولأنه كان يجمع بشخصه القيادة والسلطتين التشريعية والتنفيذية.
الهداية الثابة المستمرة . بعض الذين يصلون الى مواقع قيادية يقتنصون فرصا، أو يعتمدون على انجاز فريد ساقهم الحظ اليه ،فيكون وجودهم في مركز القيادة عاملا معطّلا لانجاز المهمات . لذلك أكد سعادةعلى كلمة ثابتة لأنه من ميزة القيادة الاستمرار بالانجازات تحت كل الظروف .
تعني الهداية الثابتة المستمرة وعي القائد لمعنى العمل الذي يقوم به ،وتأثيره على حياة المجتمع وموافقته الخطة العامة للدولة او الحزب او اي مؤسسة رسمية كانت ام مدنية .
تعني الهداية الثابتة المستمرة معرفة المصالح وطُرق تحقيقها ومعرفة الشوائب والمثالب والابتعاد عنها.
تعني الهداية الثابتة المستمرة الثبات في الموقف والأستمرار في ميادين الصراع حتى تحقيق الغاية وانتصا ر الافكار والمبادئء.
تحمل عبارة الهداية الثابتة المستمرة معرفة التأثير العملي والنفسي لكل فعل يقوم به القائد .
توحيد الجهود :لا تظهر براعة القائد في ابراز قوته وقدراته الشخصية في عملية تنفيذ المهام فقط بل تظهرأيضا في قدرته على كشف قدرات ومواهب الآخرين وتوظيفها في المشاريع المتناسبة مع أوضاعها.
وتظهر براعة القائد أيضا في عملية انشاء مجموعا ت العمل المتماسكة المتكاملة التي تكفل توحيد الجهود الرامية الى تجويد الحياة
ومن مزايا القيادة حُسن التصرف ولباقة التدبير في المواقف المُفاجئة وغير المتوقعة لأن الموقف الصحيح يُحد د مصير المعركة مهما كانت الوضعية التي سبقت، فقد يتحول النصر الى هزيمة والهزيمة الى انتصار .
السلطة :يشترط سعادة أن تكون السلطة من صميم الشعب وهذا يفرض وجود قوانين يستطيع الشعب أن يُعبّر بواسطتها بشكل صحيح عن مصالحه المادية والنفسية . كل سلطة لا تُعبّر عن ارادة الشعب هي سلطة فاسدة وهذه حال كل السلطات التي تعاقبت في كيانات الأمة .دليلنا الى ذلك أنها حتى اللحظة لم تستطع أن تنقل هذه الأمة من حالة التجزئة الى حالة الوحدة ولا من تحرير الأجزاء المُغتصبة ولم تستطع ايضا من النهوض بالشعب وردم هوة الانقسام الموجودة بين أبنائه .وهذا ينطبق على الأحزاب التي فشلت في تغيير هذه السلطات، وبعضها ممن كانت مسؤوليتهم تنّكب المسؤولية، تحالف مع بعض قوى السلطة الفاسدة من أجل الفوز بمنصب أو نيل بعض المصالح الشخصية وبذلك يكون انحرف عن الغاية الأساسية للحزب
اعتمد الزعيم لبناء القيادات :
الجامعة
الندوة الثقافية
لقد كانت الجامعة المركز الاول للتأسيس ،وكان الطلبة الجامعيين الأساس الذي بنت النهضة عليه عمارتها .
وكانت الندوة الثقافية المركز الثاني الذي تُنجز فيه عملية إعداد القيادات التي تنطلق لبعث النهضة السورية القومية الاجتماعية في الامة السورية .
ألأوضاع الراهنة التي يعيشها الحزب وتعيشها البلاد تُوجب على المتنكبين مهمة الانقاذ انجاز الخطة السريعة المتضمنة كيفية العودة الى انشاء تنظيم طلابي فاعل وإنشاء الندوة الثقافية التي تتوجه للطلبة لتصنع منهم قيادات المرحلة المقبلة والقريبة جدا .
وسيم سعادة .
نسخ الرابط :