اللقاءات التي يقوم بها مستشار الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأدنى باتريك دوريل، مع الرؤساء والقيادات السياسية والحزبية للوصول الى حل نهائي لمعضلة التشكيلة الحكومية، تبدو آخر خرطوشة في جيب الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، قبل إعلان فشل مبادرته وتداعياتها الخطرة على ازمات لبنان، بدءاً بتأجيل مؤتمر الدعم الاقتصادي المقرر من قبل فرنسا، مروراً ببقاء المساعدات المالية في مكانها، وكذلك الاصلاحات المشروط تنفيذها بتلك المساعدات، والى ما هنالك من تدهور في كل القطاعات، خصوصاً النقدية منها وارتفاع سعر الدولار وإستمراره في التحليق الى مستوى غير معروف، وكل ذلك يعني المزيد من غرق البلد بمَن فيه، وغياب اي محاولة انقاذية له.
الموفد الفرنسي الذي افتتح محادثاته في قصر بعبدا مع رئيس الجمهورية ميشال عون، شدّد على وجوب الاسراع بتشكيل حكومة مقبولة من جميع الأطراف، مُردّداً ما سبق وقاله الرئيس ماكرون، لكنه من الذين يعتقدون انّ في الاعادة إفادة، لذا اطلق رسائل مشابهة خلال لقاءاته مع المسؤولين المعنيين بالتشكيلة، آملاً ان يتلقوها هذه المرة بآذان صاغية وللمرة الاخيرة، لانها آخر اوراق الرئيس الفرنسي المستاء منهم بشدة، بعد مجئيه المتكرر الى لبنان، والتهديدات التي وجهها لهم من دون اي نتيجة.
الى ذلك تنقل مصادر سياسية مطلعة على جولة دوريل في لبنان، بأنّ الاخير إطلع على العراقيل التي تعيق التشكيلة، مع العقد التي ادت الى تراجعها خطوات عديدة الى الوراء، بعد ان وصل الامل الى مكان متقدّم، لكن وكما تجري العادة تتجدّد كل يومين عقدة اخرى، خصوصاً بعد مطالبة اطراف سياسية بالتراجع عن حكومة الاختصاصيين لصالح حكومة المحاصصة، وما تبع ذلك من تناحر على الحقائب الوزارية الدسمة، مشيرة الى انّ المسؤول الفرنسي تحدث بلهجة عالية النبرة، مفادها ان لبنان بخطر وعليكم ان تستفيقوا…، لان المماطلة المستمرة ستوصل المتناحرين الى حائط مسدود، تفصله ايام ليست ببعيدة اي حتى نهاية الشهر الجاري، تاريخ إنعقاد المؤتمر الاقتصادي، الذي وعد به الرئيس ماكرون لدعم لبنان في الاطارين الاقتصادي والمالي، من دون ان ينفي إمكانية إلغائه نهائياً وهذا يعني التخلي الفرنسي عن الدعم، ما يعني انه لم يعد هنالك من وقت للمعنيين المختلفين على المحاصصة، وإلا سيتحمّلون مسؤولية خراب لبنان وشعبه.
ورأت المصادر المذكورة بأنّ المبادرة الفرنسية، ما زالت تتمتّع بدعم دولي وتحديداً اميركي، ولذا حملت في طياتها جرس انذار كبير، بضرورة تشكيل الحكومة تحت عباءة المبادرة الفرنسية، اي وزراء من فئة الاختصاصيين المستقلين، يلبّون على الفور بنود تلك المبادرة التي تهدف الى الاصلاح والانقاذ، بعد ان مضى عليها اكثر من شهرين، من دون اي بارقة امل.
ونقلت إستياء الفرنسيين من الطقم السياسي اللبناني، الذي لم تهزه التقارير الدولية التي صنفت وضع لبنان ضمن الخطورة الشديدة، وبأنّ 30 في المئة من الشعب اللبناني باتوا تحت خطر الفقر، بحيث إعتبر الفرنسيون انّ المسؤولين في لبنان سيُسارعون لإنهاء الملف الحكومي، ويهرولون للعمل من اجل إنتشال البلد من الهاوية، لكن لا شيء من هذا تحقق، ويبدو ان «المورفين» وحده وقد يكون الحل للبنانيّين، جرّاء هذا الطقم الذي أنهكهم واوصلهم الى الخراب. لافتة الى ان تبادل التهم لا يزال سيّد الموقف على خط الانقسام السياسي في البلد، اذ ان الفريق المقرّب من خط الثامن من آذار يضع اللوم على الرئيس المكلف عبر رميّ الكرة في ملعبه، فيما اوساط الفريق الاخر تتهم رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل بالعرقلة، مما يُبعد أي امل بالحل المرتقب، وبالتالي البقاء ضمن الحلقة المفرغة الى امد بعيد، إلا في حال أحدث المسؤول الفرنسي معجزة في هذا الاطار!
صونيا رزق
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :