يولي رئيس مجلس النواب نبيه بري الأسابيع القليلة الفاصلة عن موعد الاستحقاق الرئاسي اهمية قصوى، لِما تحمله من تطورات ومعطيات ومحطات من شأنها ان ترسم أفق المرحلة المقبلة.مي
ولا يخفي أمام مجموعة من الصحافيين دعاهم الى لقاء في عين التينة عشية وصول الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين، قلقه من الأداء السياسي المتحكم بعدد من الملفات الاساسية، من تشكيل الحكومة الى الشغب الحاصل في المجلس النيابي الى تعطل التحقيق في انفجار مرفأ بيروت الى ملف النفط والغاز والاتفاقية المعلّقة مع مصر، الى ازمة النازحين السوريين، وصولاً الى الازمات المعيشية الداخلية وتتقدمها ازمة الخبز.
"هذه بهدلة المسؤولين" يجيب عن سؤال عن "البهدلة" التي يتعرض لها المواطنون، مومئاً برأسه كعلامة استياء عارم حيال الأداء الرسمي في معالجة هذا الموضوع. وتقوده المعلومات عن ان اكثر من 400 ألف ربطة خبز تذهب الى النازحين، فيما اللبنانيون يتقاتلون امام الافران للحصول على ربطة، الى فتح ملف النزوح والسؤال عن الأسباب التي تعيق الحكومة عن تنفيذ خطتها. "سألتُ وزير شؤون المهجرين عن هذا الموضوع مراراً ولم أحظَ بجواب. جلّ ما اسمعه ان المجتمع الدولي لا يريد عودتهم، ولكن طالما باتت 85 في المئة من المناطق السورية آمنة، لماذا لا نؤمّن لهم العودة؟".
لا تغيب عن بري الأسباب التي توجب على الغرب ابقاء السوريين في لبنان، ولكن ما يقلقه غياب اي مقاربة لبنانية لمعالجة هذا الملف الذي بات يثقل في شكل كبير على اللبنانيين وعلى الاقتصاد.
ولا يفوت بري التشتت الحاصل على المستوى السياسي على نحو يغيٓب اتخاذ القرارات التي تحتاج إليها البلاد، معرباً عن أسفه لتعذّر إقفال الملفات المفتوحة والعالقة حيث لا تطبيق للقانون او حتى احترام له. ويستعرض قضية انفجار المرفأ، مذكّراً بطلب المجلس المتكرر للقاضي فادي صوان بداية ثم القاضي طارق البيطار بملف التحقيقات مع الوزراء المتهمين ليصار درسه من دون ان يحصل على جواب لإحالته الى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء. وقال: "لو كنت مقتنعاً بان علي حسن خليل وغازي زعيتر فجّرا المرفأ ما كنت خلّيتن يناموا ببيوتن".
يستبق بري زيارة هوكشتاين بامتصاص اي اجواء متشنجة من شأنها ان تؤثر على التقدم الحاصل، فيوجه رسائله في كل الاتجاهات وأهمها العودة الى طاولة المفاوضات في الناقورة بوفد عسكري يسميه رئيس الجمهورية تحت سقف اتفاق الإطار الذي توافق عليه الرؤساء الثلاثة، مؤكداً عدم وجود اي تنازلات او تمييع او تمهيد للتطبيع.
عندما نسأل رئيس المجلس عن مدى ارتباط الترسيم باتفاق النفط والغاز والدور الأميركي في تعطيله، يجيب: "أدافع عن أميركا بشغلة واحدة، مش كل شي الأميركان. عندما أتى المازوت الإيراني لماذا لم تَمْشِ الاتفاقية مع مصر؟ وعندما سألت مسؤول البنك الدولي حين زارني اخيراً كان جوابه شكّلوا الهيئة الناظمة للكهرباء. القانون موجود من 14 عاماً ولا يُنفذ والبنك الدولي غير مستعد ان يقدم اي تمويل من دون ان يحصل على هذا البند الاصلاحي!". لذلك هذا الموضوع غير مرتبط بالترسيم.
من الترسيم الى العلاقة مع رئيسي الجمهورية والحكومة المستقيلة وحظوظ انتخاب رئيس وتشكيل حكومة جديدة، الى الورشة التشريعية والشغب الحاصل في المجلس، مواقف متقدمة لرئيس المجلس. فهو لا يرى أملاً بحكومة في المدى القريب، واصفاً أمراً كهذا بالمعجزة. لكنه يعوٓل على لقاء ثلاثي بمناسبة عيد الجيش، او أقله بين الرئيسين عون وميقاتي، كاشفاً عن اتصال جرى بينه وبين رئيس الجمهورية، من دون ان يفصح عن مضمونه. اما العلاقة مع ميقاتي فيصفها بالجيدة جداً، معتبراً ان اي خلافات في الرأي "لا تفسد للود قضية".
في الاستحقاق الرئاسي، يفضّل بري ان يكون له مواصفاته بالنسبة الى الرئيس المقبل. لا يقف عند المواصفات التي وضعها البطريرك الراعي او الترشيحات التي تسمي قائد الجيش او النائب السابق سليمان فرنجية. يتمسك برئيس يسعى الى تحقيق المصلحة الوطنية العليا، ولا يحبذ الكلام عن رئيس يتمتع بحيثية مسيحية، سائلاً: "هل رأيتموني يوماً وفق حيثيات طائفية؟"، واصفاً لبنان "باللوحة المتعددة الألوان بطوائفه، ويجب ان تكون نعمة ولكننا لم نستفد منها بل حولناها الى طائفية". الرئيس، في رأيه، يجب ان يكون "علامة جمع وليس طرح او قسمة".
أما بالنسبة الى دوره في إطلاق المسار الانتخابي، فهو يربط ذلك بمدى قدرة المجلس على انجاز الورشة التشريعية التي افتتحها لجهة اقرار مشاريع القوانين الضرورية والمطلوبة من صندوق النقد، قبل ان يتحول المجلس الى هيئة ناخبة.
يدرك بري صلاحياته في بدء جلسات الانتخاب اعتباراً من مطلع أيلول، لكنه لن يبادر الى ذلك قبل ان يلمس ان هناك توافقاً او تفاهمات حول هذا الاستحقاق، وإلا سيعتبر حينذاك انه متعجل. ويربط دعواته إذاً بشرطين: التوافق وانجاز الورشة التشريعية قبل ان يطلق صافرة الانتخاب. ولا يستبعد ان يبقى المجلس مشرِّعاً حتى انتهاء المهلة، اي عند بدء الأيام العشرة قبل انتهاء الولاية الرئاسية حيث يتحول المجلس حكماً الى هيئة ناخبة.
ولدى سؤاله عن احتمال حصول فراغ رئاسي، يجيب: "إنشالله لا". ولكنه لا يستبعد إمكان التشريع في ظل الفراغ، ويضيف ساخراً انه "للأسف، يوافقني سليم جريصاتي بذلك".
يرغب بري في الإفادة القصوى من شهر آب من اجل انجاز القوانين المتعلقة بمطالب صندوق النقد، من دون ان يغفل الإشارة الى ان أصعبها قد قطع، ويعني به قانون تعديل السرية المصرفية. ويكشف: "الموازنة هي الهدف الثاني، وهي منجزة ولكننا لا نزال ننتظر الحكومة لتحدد سعر الصرف الموحد الذي سيُعتمد. لم نحصل بعد على جواب رغم انني طالبت اكثر من مرة بذلك". وكشف ايضاً عن جلسة الخميس المقبل للجنة المال يقرر على اثرها موعد الهيئة العامة التي ستُخصص لمناقشة مشروع الموازنة.
الهدف الثالث لبري خطة التعافي، رغم انه لا يعرف ماهيتها لكنه يأمل ان ينشط عمل المجلس لينجز ورشته التشريعية. وفي هذا المجال يثير مسألة الشغب التي حصلت في المجلس ليقول ان الامر طبيعي ويحصل في كل المجالس في العالم، مستغرباً ان يصدر بيان استنكار عن منظمة العفو الدولية من دون أن يُسأل عن الموضوع وهو المستهدف بالاتهام، ولم يجد البيان على الموقع الرسمي للمنظمة!
لا يخفي بري قلقه من الانقسامات الحاصلة في المجلس مع انه لا ينظر اليها بعين الاكثرية او الأقلية، وهو ما بيّنته نتائج انتخابات هيئة المكتب، ولكن منبع قلقه من ان يؤدي ذلك الى نوع من الاحباط، ولا سيما عند النواب السنّة، مستعيداً تجربة مقاطعة المسيحيين عام 1992.
وعندما يُسأل عن الرئيس سعد الحريري وما اذا كان هناك تواصل معه، يجيب بالنفي، ويستطرد: "لا تواصل ولا تفهّم لما فعله، وقد قلت له ذلك عندما زارني ليبلغني قراره".
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :