/ علاء حسن /
كعادته، عندما يطل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، يكون هناك جديد في جعبته. الرجل الذي أصبح قطباً من أقطاب المعادلات الإقليمية منذ سنوات، ها هو يدخل عتبة المعادلات الدولية من بوابة الطاقة، أبرز عناوين لعبة الأمم الحالية التي تدور رحاها في غير منطقة وبأكثر من طريقة.
كلمة السيد نصر الله، تُعد من الكلمات المفتاحية التاريخية، والتي يمكن القول فيها أن المنطقة ـ في الحد الأدنى ـ بعد كلمته، لم تعد كما قبلها، وأنه، منذ ليل أمس، بدأت الجهات المعنية في النادي الدولي بإعادة ترتيب خططها والبحث عن البدائل المتاحة، لاحتواء الموقف سريعاً، وبأقل الخسائر الممكنة.
وللإشارة وقبل الخوض في تفاصيل الكلمة، لابد من الوقوف عند الآية القرآنية التي تلاها السيد نصرالله في بداية كلمته: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُواْ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِير* الَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُواْ رَبُّنَا اللَّه ُوَلَوْلاَ دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِىٌّ عَزِيزٌ*}.
هذه الآية التي نزلت “يوم بدر” حين استحل كفار مكة منازل وأموال المهاجرين إلى المدينة المنوّرة (يثرب)، وردّ المسلمون حينها بالهجوم على قافلة أبي سفيان.
لكن العبرة بذكر الآية من قبل السيد حسن نصر الله، هي في تشابه الظروف، وفي تحديد الواجب تجاه ما يحصل.
وعليه فإن الأمين العام لـ”حزب الله” وجّه رسالة غاية في الأهمية، مفادها أنه ومن منطلق الواجب الديني والوطني والأخلاقي “لن نقف مكتوفي الأيدي بينما يحاول الأميركي قتلنا بالاقتصاد، بل سنهجم على ‘قافلة أبو سفيان’ المحملة ونسترد بعضاً من حقوقنا المغتصبة”.
فالسيد نصرالله يعلم جيداً أن أي عملية تنقيب أو استخراج ضمن الحقول اللبنانية سوف تستغرق سنوات، لكنه اختار معادلة جديدة هي معادلة الردع المرعبة التي تحدث عنها أيضاً في كلمته، والتي سيقوم وفقها بمنع العدو من استخراج النفط والغاز إذا لم يحصل لبنان على حصته. وراهن السيد نصرالله على عوامل وأسباب موضوعية، أهمها ضيق الوقت بالنسبة للقارة العجوز المتعطشة إلى الغاز، والتي إن لم تحصل عليه ستخرج من العباءة الأميركية في أول استحقاق في فصل الشتاء وتبدأ بالمساومة مع الروس خوفاً على مجتمعاتها واقتصاداتها، الأمر الذي يرعب الأميركي كثيراً في ظل ما أشار إليه السيد نصرالله من أن “الخروج على إرادة أميركا في العالم، أصبح أمراً مألوفاً وطبيعياً في الكثير من مواقع العالم” ، فضلاً عن عوامل داخلية صهيونية وعوامل داخلية أميركية، بالإضافة إلى موازين القوى العالمية المتخلخلة جراء الحرب بين روسيا وأوكرانيا.
في هذا السياق، كانت رسائل السيد نصر الله متناغمة أشد التناغم مع السياقات الدولية، والخلفية العقائدية، واقتناص الفرص التاريخية.
وعليه، فإنه من الواضح بمكان، أن رسائل نصر الله التي اختيرت كل مفردة من مفرداتها بعناية فائقة، ستكون خريطة الطريق في المرحلة المقبلة، وعلى ضوئها ستتبلور الصفقات، وتُبنى التحالفات، وتقف كل جهة على حدود مسؤولياتها تجاه أمن المنطقة واستقرارها، وتجاه لعبة الأمم وموازين قواها الجديدة.
استطاع السيد حسن نصر الله رسم القواعد، لتحصيل الحقوق وضرب أهداف زيارة جو بايدن للمنطقة، وطمأنة الروس، وعزل الصهيوني، ووضع الأطراف العربية كافة أمام مسؤولياتها للحفاظ على بقية عروشهم، وهز العصا للقارة العجوز عبر التلويح بشركة “توتال” في أكثر من مرة، وأمسك بمفاتيح الطاولة التي لا تريد أي جهة في المرحلة الراهنة أن تُقلب لما ستحمل من نتائج كارثية على الجميع.
أصبحت الكرة الآن في ملعب الآخرين، فإما أن يدققوا في حساباتهم جيداً، وإما فليتحمل الجميع عواقب ما يمكن أن يحدث.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :