قبل اقل من 48 ساعة اطل نائب الامين العام لـ “حزب الله ” الشيخ نعيم قاسم في حفل نظمته احدى مؤسسات الحزب احياء لمناسة دينية، مطلقا جملة مواقف مميزة في جوهرها وتوقيتها ، ابرزها ربما تذكيره الصريح لمن يعنيهم الامر باخفاق كل المحاولات التي بذلها البعض وفي مقدمهم الرئيس سعد الحريري قبل عام ، بهدف اطلاق يده كاملة في عملية استيلاد حكومة اختصاصيين بالكامل ، يعطى هو حصرا صلاحية تسميتهم ، كشرط اساسي لقبول عودته الى رئاسة حكومة جديدةخلفا للحكومة التي كان ثقدم استقالتها للتو استجابة لمطلب رفعه الحراك الشعبي الذي كان انطلق في الشارع غاضبا وعنيفا قبل ايام .
من هذا الواقع ينطلق الرجل الثاني في الحزب ليسأل الم يكن الاجدر بالمعنيين ان لا يضيعوا سنة كاملة عبثا ، قبل ان يعودوا اخيرا معلنين اذعانهم لقواعد سرى العمل بها منذ زمن بعيد وتحديدا منذ بوشر الاخذ بتطبيقات اتفاق الطائف قبل نحو ثلاثة عقود ، وهو ان تسمي الكتل النيابية اعضاء الحكومة بالتشاور مع الرئيس المكلف بغية استيلاد حكومة تعكس حجم التمثيل النيابي عملا بمندرجات النظام البرلماني واصوله.
القيادي اياه يفترض في طيات كلامه اللافت الخلاصات والاستنتاجات الاتية :
– ان ولادة الحكومة المنتظرة باتت بمثابة تحصيل حاصل وامر لاريب فيه، واستطرادا ان الرئيس المكلف سيتبع حتما قواعد التاليف المالوفة ويضع تاليا حدا نهائيا لمحاولات جادة بذلت الى الامس القريب للتمرد على هذه القواعد،توطئة لارساء قواعد واعراف مختلفة تعطي للرئيس المكلف حصرا مسؤولية تسمية الوزراء من التكنوقراط وحسب ممايخلق سابقة.
– يريد قاسم ان يعلن ولكن بلغة ديبلوماسية بان رهانات الاعداد الخفي والسلس ل”انقلاب ” يطيح بمضامين اتفاق الطائف واستتباعا بمندرجات اتفاق الدوحة ، قد انتهت الى غير رجعة وبان على السائرين بها والمراهنين عليها ان يقتنعوا بان جهودهم قد ضاعت ، ومعها مرت سنة عجفاء من عمر البلاد كان بامكان تجاوزها من خلال امرين :
الاول تجنب استقالة حكومة الحريري وضرورة التفاعل مع ورقة الاصلاح التي اعلنتها الحكومة مجتمعة وقررت السير بها.
الثاني التجاوب مع النداءات التي اطلقها الثنائي الشيعي يومها والتي دعت الحريري الى اعادة التفكير جديا بتاليف حكومة وفق المعايير المالوفة مع استعداد الثنائي لاقصى درجات التعاون والتجاوب تسهيلا لمهمته . لكن الحريري اصر كما هو معلوم على حكومة تكنوقراط يتولى هو تسميتها و تخلو تماما من اي تمثيل سياسي .وهو بذا وضع الجميع امام خيارين اما الاذعان لشروطه تماما وبلا نقصان او يخرج هو من الحكم ،وهو على ثقة بعودة وشيكة له الى هذا المنصب وذلك انطلاقا من يقينه بامرين الاول ان ايا من يخلفه في السرايا الحكومية لن يكون في مقدوره التصدي للمهمات المنوطة به ولن يكون على حجم الامال المعلقة عليه والثاني ان اي حكومة لا يكون هو على راسها اومباركا لها (على غرار حكومة تمام سلام) ستكون مكشوفة تماماامام المعارضين وستكون استطرادا هدفا سهلا لخصومها لانها ستوصم ولاريب بانها حكومة اللون الواحد الفاقد للنصاب الطائفي .
وبناء على كل ما تقدم فانه عندما يتحدث الشيخ قاسم بهذ ه اللهجة وبهذا الخطاب السياسي المنطوي على لوم الاخرين بل ربما تقريعهم ، فانما يريد ، وفق جهات على صلة بالحزب ،ان يوجه رسالة تتصل بالمقبل من الايام وليس من الضرورة ان يكون كما يحلو للبعض قوله ،اطلاق حبل الشماتة على غاربه او استتباعا التذكير بخسران رهانات الخصوم وتهافت الجهود الحثيثة التي بذلوها على مدى اشهر طوال .وبمعنى اخر يريد قاسم ان يوجه رسالة لمن يعنيهم الكلام فحواها : لقد خضتم غمار تجربة ارتدت وبالا عليكم وعلى البلاد برمتها فانتم حاولتم ما يمكن تسميته بعملية ” تنظيم انقلاب ناعم وعلى البارد ” عنوانه العريض التخلص من الاكثرية النيابية وابطال مفعولها لمرة واحدة و أخيرة وهو فعل متدحرج نعرف ان العمل عليه بدا منذ ظهور نتائج الانتخابات النيابية .وقد اطلقت صيغ متعددة وخطط كثيرة ومنها على سبيل المثال :
– الدعوات المتكررة الى اجراء انتخابات مبكرة والاطاحة بالمجلس عبر اطلاق موجة استقالات واسعة اضافة الى الدعوات المتكررة الى حكومة تخلو من تمثيل سياسي.
-تنفيذ مطلب اطلقته عواصم اقليمية غايته ابعاد تام لاي تمثيل للحزب في الحكومات باي ثمن وتحت اي ستار معلنة انه شرطها الحصري لاعادة وصل ما انقطع من علاقتها بشخصيات وقوى معروفة.
وفي راي الجهات عينها ان المحاولات لبلوغ هذه المقاصد استمر طوال العام الماضي مستغلا بطبيعة الحراك الشعبي في الشارع والتردي المالي والاقتصادي والتلويح الدائم بامكان الانهيار التام للدولة ومؤسساتها مرفقا بالعقوبات المالية الاميركية المنفذة دوريا او تلك المخفية تحولت الى سيف مصلت على جزء من النخبة السياسية .
ولاتخفي الجهات عينها ان كلام قاسم ليس موجها بالضرورة للرئيس الحريري اذ ان الحزب يعلم ضمنا ان الرجل بلغ من يعنيهم الامر منذ زمن بانه لم يعد في وارد التفكير بفتح خطوط تماس مع الحزب ومن والاه سياسيا لعبثية هذا الخيار .ومع ذلك كان لابد للحزب ان يذكرمن تنفعه الذكرى وياخذ العبرة بانه منفتح تماما على خيارات التهدئة والبحث جديا في حلول وتسويات تضع في راس قائمة اهتماماتها انقاذ البلاد.
ابراهيم بيرم
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :