كلف الرئيس سعد الحريري رئاسة الحكومة وهي الرابعة التي يشكلها، وفي كل مرة لم تكن طريق التأليف معبّدة او سالكة امامه، بسبب تعقيدات الوضع اللبناني السياسي والطائفي، وتقدم العامل الفئوي والمصلحي على الاخر الوطني، وهو ما عرفه لبنان منذ الاستقلال، وزاد ما بعد اتفاق الطائف.
والتكليف الذي اتى بأصوات النواب الذين استشارهم رئىس الجمهورية العماد ميشال عون، فإنه وجه رسالة قبل يوم من حصولها، بأنه ليس راضيا عن عودة الحريري الى الرئاسة الثالثة، محملا النواب مسؤولية اختيارهم وقناعاتهم، وهو ألمح الى ان تجربة الحريري في السلطة لم تكن ناجحة، ولان للاشخاص تاريخهم، فإن الرئىس عون ينتظر الحريري عند التأليف الذي هو شريك دستوري فيه، ولن يسهّل له العملية التي قد تطول وفق مصادر سياسية مطلعة، اذ قرأت في كلمة رئىس الجمهورية، انها موجهة الى الرئىس المكلف، بأنه لا يمكنه وضع مكوّن مسيحي وازن «كالتيار الوطني الحر» الذي يمثل شريحة واسعة من اللبنانيين خارج الحكومة، ولا يتواصل مع رئىسه النائب جبران باسيل، وعليه ان يعود عن تعنته ويعيد التفاهم مع باسيل ليشاركا معا في اخراج لبنان من ازمته المالية - الاقتصادية.
ولن يسجّل الرئىس عون، وهو مؤسس «التيار الوطني الحر» ان تشكل حكومة، ليس موجودا فيها، ولو تحت شعار انه سيؤلف حكومة من مستقلين غير حزبيين واصحاب اختصاص.
وهذا الشعار سبق للحريري وان رفعه بعد استقالته قبل عام ولم يطبقه لرفض كتل نيابية العمل به، لان الحكومة غير السياسية او المؤلفة من احزاب، يجب ان تطبق على رئىسها، وقد حاول مصطفى اديب ان يؤلف حكومة من غير حزبيين فلم يتمكن، وفق المصادر التي ترى بأن الحريري اوقع نفسه بكمين نصبه هو ووقع فيه، عندما اعلن عندما كان اديب يشكل الحكومة، بأنه يوافق ان تكون حقيبة وزارة المال للشيعة، ويسمي «الثنائي الشيعي» شخصية لها، ثم وافق على طلب رئىس الحزب التقدمي الاشتراكي الذي خاطبه عبر مقابلة تلفزيونية، بأنه يريد وزارة وازنة، تتوزع بين التربية والصحة والشؤون الاجتماعية، وهذا ما اغضب باسيل الذي لم تنجح الاتصالات، لإعادة المياه الى مجاريها بينهما، وهو ما سينعكس على تأليف الحكومة التي سيواجه الرئىس عون رئىسها المكلف، بأنها لن تكون ميثاقية، اذا كان المكون المسيحي خارجها.
لذلك فإن التأليف قد يطول، ويمتد الى اشهر وفق المصادر، وان الرئىس عون قرر المواجهة مع من عطّل تنفيذ الاصلاحات في عهده، وشل عمل المؤسسات، وانه لن يقبل العودة الى مرحلة ما قبل عام 2005، عندما كانت «ترويكا» تحكم مكوّنة من الرئىس بري والرئىس رفيق الحريري وجنبلاط، لا سيما في عهد الرئىس الياس الهراوي، وبرعاية سورية، وقد حاول الرئيس اميل لحود، تغيير هذا الواقع لكنه جوبه بضغوط من فريق سوري امني، كان يتولى الملف اللبناني، وهو ما يتخوف منه الرئىس عون ان تعود مرحلة التسعيينات حتى انسحاب القوات السورية من لبنان.
ورسالة الرئىس عون، قبل يوم من الاستشارات، بأن التكليف سيحصل بأصوات النواب، اما التأليف فبتوقيعه، ولن يأخذه الحريري منه اذا لم تكن الحكومة متوازنة واصلاحية.
كمال ذبيان
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :