سامي سماحة :
إلتقى معاوية بجماعة من الأنصار وحاول أن يتفاخر عليهم فقال :
أيها الناس إن الله فضل قريشا بثلاث فقال لنبيّه عليه الصلاة والسلام "وانذر عشيرتك الأقربين، فنحن عشيرته" .
وقال : "وأنه لذكر لقومك فنحن قومه" . وقال : "لإيلاف قريش إيلافهم" إلى قوله : "الذي أطعمهم من جوع وأمنهم من خوف ونحن قريش" . فأجابه رجل من الأنصار : "على رسلك يا معاوية فإن الله يقول وكذب به قومك وأنتم قومه" . وقال : "ولما ضرب ابن مريم مثلاً إذا قومك منه يصدون وأنتم قومه" . وقال الرسول : "يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا وأنتم قومه، ثلاثة بثلاثة ولو زدتنا زدناك" .
وأنا أراقب التناكش بين القوميين، وإفراغ ما في جعبهم من خصومة لبعضهم وإسقاط قيمة الخجل من قاموس التخاطب فيما بينهم تذكّرت هذه الحادثة التي حصلت لمعاوية مع الأنصار والتي أوردها الزعيم في مقالته بين الدولة والدين الموجودة في كتاب جنون الخلود صفحة 201 .
حتى الآن، الخاسر الوحيد من هذا النزاع بين أقطاب يتصارعون على السلطة، النهضة السورية القومية الإجتماعية والحزب السوري القومي الإجتماعي، فهذا النزاع الذي يتمترس في طرفيه الحاضن ومن كان محضوناً لا يمكن أن تكون غايته النهوض بالحزب السوري القومي الإجتماعي، فكل النتائج التي ستنتج عنه ستكون ويلاً على الحزب وعلى الأمة .
فمستوى الحوار الدائر بين القوميين الإجتماعيين إن في الإجتماعات السرية أو في التصريحات العلنية لم يرتق إلى مستوى حوار العقل الذي هو الشرع الأعلى بل ما زال حواراً يريده الطرفين مدخلاً لتذخير مزاقفهم، ووسيلة لتوسيع مروحة علاقاتهم التي تمنحهم جواز الدخول إلى الحياة السياسية في البلد .
فلا ضير عند الحردانين الجُدد من التعاون مع الشيطان ومع عناوين الفساد طالما هذا التعاون يزيد في تعدادهم وفي الحديث عن انفتاحهم .
ولا يمانع أسعد حردان من استعمال كل الأوراق التي يمتلكها ليقمع من أعطاه الثقة وربي على معجنه .
الطرفان يتسابقان على اكتساب شرعية الاستمرار، وكل طرف يفرغ ما في جعبته من حجج وأقاويل وأخبار تثبت شرعيته وتثبت أنه الأحق في السيطرة على السلطة .
وكلما أظهر طرف حجة قابله الطرف الآخر بحجة فغدونا وكأننا في سوق عكاظ أو في صالون خليفة، وغاب عن الجميع أننا في الحزب السوري القومي الإجتماعي .
أبناء النهضة لا يتراشقون بحجارة من صوّان، أبناء النهضة لا يرضون الاستمرار في صناعة الجسور لأصحاب الغايات الفردية والطموحات الشخصية، أبناء النهضة لا يقبلون أن تصبح زوبعتهم محطة انتقاد، ولا يقبلون أن يكون حزبهم موضع انتقاد لاذع من اصدقاء النهضة وأخصامها .
أيها المتنازعون ماذا تريدون بعد من نهضة سعاده، لقد أصبح معظمكم من فئة الأغنياء الجدد ونال معظمكم ألقاباً لم يكن يحلم بها في يوم من الأيام، ودخلتم إلى أماكن لم تحلموا يوماً بأنكم تدسون عتباتها .
إقتنعوا أنكم أصبحتم من قماشة تختلف عن قماشة النهضة السورية القومية الإجتماعية .
أحمدوا الله على ما أعطاكم من نِعم، واشكروا القوميين على صبرهم، وارحلوا إلى حيث تشاؤون .
وأنتم أيها السوريون القوميون الإجتماعيون ألم تملوا من تكرار البرمان في الحلقة الواحدة المُفرغة، أما حان وقت الإدراك أن جميع القيادات المتعاقبة متشابهة وتتمتع بقدرة التوريث غير الشرعي أو الشرعي .
أما حان وقت الفرز بين الصالح والطالح وقراءة كفّ المتسلل .
أيها السوريون القوميون الإجتماعيون أركنوا إلى العقل وانبذوا الخلاف وتحاوروا حوار العقل في السر والعلن، إنزعوا الفئوية فكل الفئات التي وصلت السلطة أسّست للفئوية، فثوروا عليها، والتقوا على خريطة طريق تعيد النهضة للحزب، وتعيد الحزب للنهضة .
أيها القوميون فتشوا عن الحزب فيكم، فيعود حزبكم إليكم، اختاروا القلّة القليلة وارسموا درب النهوض .
تقدموا نحو سعاده فهم لن يعودوا إليه أبداً .
نسخ الرابط :