لدائرة بيروت الأولى نكهتان: الأولى تتجلى في الحاصل الانتخابي الذي يعتبر الأدنى بين بقية الدوائر الانتخابية والمرجّح عدم تخطيه عتبة الخمسة آلاف صوت، والثانية تكمن في طبيعة المعركة التي هي مسيحية بامتياز حيث تتصارع القوى المسيحية على ثمانية مقاعد موزّعة كالآتي: ماروني، أرثوذكسي، كاثوليكي، مقعد للأقليات وأربعة مقاعد أرمنية (3 أرثوذكس ومقعد كاثوليكي).
الجميع «غاطس» في مستنقع البحث عن أسماء ومرشحين محصنين بقيمة مضافة تسمح لهم بتوسيع بيكار حضور اللائحة، وتطريز تحالفات ترتكز بشكل أساسي على معادلة حسابية وقحة: قل لي كم صوتا تفضيليا تساوي، لأقول لك أي لائحة تناسبك! فيما تركن المطابخ الانتخابية إلى نتائج الاستحقاق الماضي للانطلاق في تقديراتها وتفاهماتها.
على ضفّة القوى الأساسية، «التيار الوطني الحر» ثبّت ترشيح نيكولا الصحناوي للمقعد الكاثوليكي الذي نال في الدورة السابقة 4788 صوتاً تفضيلياً، ما يعني أنّه بحاجة إلى حليف لكي يضمن تجديد نيابته. فيما استبدلت «القوات» عماد واكيم الذي نال 3936 صوتاً تفضيلياً، بغسان حاصباني للمقعد الأرثوذكسي. و»القوات» لا تقلّ حاجة، عن «التيار» إلى حليف يؤمّن لها الحاصل. ويبدو أنّ المفاوضات مع جهاد كريم بقرادوني قد انتهت بانضمامه إلى لائحة «القوات»، وهو الذي بدأ العمل الميداني- الاجتماعي في هذه الدائرة منذ وقوع انفجار المرفأ. أمّا النائب السابق ميشال فرعون فأعلن أمس عن عدم رغبته في خوض الاستحقاق بعد محاولات كثيرة قادها أكثر من طرف لاقناعه بالشراكة، كـ»القوات» و»الكتائب» و»الطاشناق»...
بالتوازي، سيكون جان طالوزيان ركيزة اللائحة المدعومة من انطون الصحناوي، وقد نال النائب الأرمني الكاثوليكي 4166 صوتاً تفضيلياً في الاستحقاق الماضي وقد حرص على تثبيت حضوره الانمائي- الخدماتي في المنطقة، فيما المفاجأة كانت بانضمام النائب نديم الجميل إلى هذا التحالف، الذي يبدو أنّه يمارس كل أنواع الغنج والدلال للاستمرار بترشيحه، كأن يضع شروطاً على الترشيحات المقترحة، حيث يتردد على سبيل المثال أنّه يعارض التحالف مع طوني نعمة ااذي يشكّل تقاطعاً بين مجموعة مسعود الأشقر وجو حبيقة تحت عنوان سيادي حيث لوحظ أنّ خال الجميل، جو توتنجي كتب صباح أمس عبر مواقع التواصل الاجتماعي «الناس بتنسى أن هناك أشخاصاً وصوليين، كانوا مع النظام السوري وضدّ 14 آذار واليوم يريدون التسلل إلى لوائح سيادية».
في المقابل، نفت مصادر معنية امكانية حصول تفاهم بين اللائحة المدعومة من انطون الصحناوي و»القوات» على قاعدة دعم الأخيرة لترشيح راجي السعد (تربطه علاقة قربى بالصحناوي) في دائرة عالية مقابل التحالف في بيروت، ذلك لأنّ الحزب «التقدمي الاشتراكي» سيدعم السعد، وسيكون لـ»القوات» مرشح أرثوذكسي في عالية، وبالتالي لا ترابط «عضوياً» بين الدائرتين، ولا حاجة للتحالف، أقله من جهة لائحة الصحناوي.
هنا، لا بدّ أيضاً من الإشارة إلى أنّ «التيار الوطني الحر» حاول استمالة مجموعة مسعود الأشقر، لكنه جوبه بالرفض نظراً للتجربة المريرة السابقة بين «التيار» والأشقر، كذلك لم يبد طوني نعمة ترحيبه لهذه الفكرة، ما دفع بـ»التيار» إلى مفاتحة المحامي ايلي أسود، وهو من قدامى «القوات».
في المقابل، لم يحسم الطاشناق الذي يعتبر قوة ناخبة أساسية في البيئة الأرمنية (له نائبان في هذه الدائرة: أغوب ترزيان وألكسي ماتوسيان)، مصير تفاهمه مع «التيار الوطني الحرّ»، حيث لا تزال الآلة الحاسبة تجمع وتطرح وتزين كل الاحتمالات الناتجة عن سيناريو التفاهم وسيناريو خوض الاستحقاق ضمن لائحتين متنافستين... مع العلم أنّ بعض المواكبين يعتقدون أنّ انسحاب فرعون من المعركة سيرفع من منسوب التفاهم بين «التيار» و»الطاشناق» الذي كان يعمل على تركيب لائحة مع النائب السابق الكاثوليكي.
أمّا من جهة القوى الجديدة أو المعارضة، فتعمل النائبة بولا يعقوبيان على تأليف لائحتها على قاعدة أنّها قادرة على الحفاظ على مقعدها مع العلم أنّها في الاستحقاق الماضي لم تتخط عتبة الـ2500 صوت تفضيلي بمساعدة زياد عبس، الذي يبدو أنّه بصدد تجديد هذه الشراكة من خلال دعم ترشيح سينتيا زرازير عن مقعد الأقليات.
في الواقع، تتصرف القوى البيروتية على أساس أنّ المعركة الأساسية ستكون حول مقعديْن اثنين غير مضمونَي النتائج، وسيُترك مصيرهما للعبة «الكسور»: مقعد الأقليات وأحد المقاعد الأرمنية الأرثوذكسية. النائب انطوان بانو قرر عدم الترشّح لولاية جديدة، ولهذا تسطّر اللوائح المتنافسة مذكرات بحث وتحرّ عن ترشيحات بين طوائف الأقليات لكي تساعدها على خوض المعركة. هنا، يتردد أنّ «القوات» ضمّت ايلي شربشي، فيما تواصل «التيار الوطني الحر» مع الكتائبي المعارض المحامي عيسى النحاس ليكون في عداد اللائحة، خصوصاً وأنّ للأخير القدرة على اختراق القواعد الكتائبية بما يشكل قيمة مضافة للائحة. ويتردد أنّ الكتائبي برنارد جرباقة اعتكف عن الترشح حيث يبدو أنّ المقعد في هذه اللائحة قد يسند إلى انطوان السرياني.
وفي سياق البحث عن أصوات، ستكون الساحة السنية أكثر البقع الانتخابية عرضة للقضم، حيث تتصارع اللوائح المتنافسة على جذب المجموعات السنية التي صارت بلا أي مظلة سياسية.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :