لم يكن تأجيل الإستشارات النيابية الملزمة هذه المرة كالمرات السابقة، فرئيس الجمهورية ميشال عون أثبت من خلال هذا التأجيل أن «وحدة الحال» مع التيار الوطني الحر لا يمكن تجزئتها، فالطرفان وجهان لعملة سياسية واحدة، إنما الأكثر إثارة للجدل كان التذرع بمشكلة «الميثاقية»، واستحضار الصبغة الطائفية للحديث عن «ظلم» يتعرض له المسيحيون في لبنان.
يعتبر التيار الوطني الحر أن استهداف جبران باسيل من قبل الحريري وتعمّد تغييبه عن مشاورات ما قبل التكليف، لا علاقة له بسياسة التيار إنما الهدف منه تغييب المسيحيين، اذ شعر الحريري أنه لا يحتاج للمسيحيين لتكليفه وتشكيل الحكومة، ويمكن له أن يكتفي بدعم الثنائي الشيعي، والحزب التقدمي الإشتراكي الدرزي، وكتلته السنية، بالإضافة الى عدد من النواب المسيحيين المستقلين الذين يصل عددهم الى حوالى 12، ما يُعيد إلى الأذهان تاريخ التسعينيات في لبنان يوم كان المسيحي مجرّد واجهة لمن يجعله نائباً.
إذا، وبحسب نائب في التيار الوطني الحر فضل عدم الكشف عن اسمه، فإن خطة لتهميش التيار وتهميش المسيحيين في الملف الحكومي قد انطلقت في الأيام الماضية، مشيراً إلى أن العتب الأكبر هو على حزب الله الذي يبدو انه لا يمانع العودة الى الحلف الرباعي، المكون بالإضافة اليهم، من حركة أمل وتيار المستقبل والحزب التقدمي الإشتراكي، في تكرار لتجربة سابقة»، مشيراً إلى أن الوطني الحر خرج أقوى من المعركة الإنتخابية مع ذلك الحلف الرباعي، وسيخرج أقوى هذه المرة من أي معركة سياسية جديدة.
إن الميثاقية هي واحدة من أسباب تأجيل الإستشارات لا كلها، فالتيار الوطني الحر لم يكن بصدد الحديث عنها لو لم تكن الامور فاضحة، تقول المصادر النيابية في التيار الوطني الحر، مشيرة الى أن عدم اقتناع التيار بتسمية الحريري له أسباب اخرى وهي أنه لا يمكن له ترؤس حكومة اختصاصيين حصرا وهو رجل سياسة، ولا نملك تجربة ناجحة معه لكي نكررها، ولا نجده الرجل المناسب لقيادة المرحلة الصعبة.
وتشير المصادر إلى أن رئيس الجمهورية يحاول قدر المستطاع تأمين الإتفاق على التأليف قبل التكليف لكيلا ندخل في دوامة تضييع الوقت، مشددة على وجوب اقتناع كل رئيس مكلف أن الإتفاق مع الرئاسة يسهل المسار لا يعقده، لأن من يعتقد أن ميشال عون يوقع على حكومة لا يقتنع بها هو واهم، وتؤكد المصادر أن لدى الوطني الحر أسماء مرشحة قادرة على تحمل المسؤولية، وبالتالي إن حصر المرشحين بشخص واحد يهدف الى الإستفادة من الضغط الاقتصادي لتحقيق أهداف سياسية.
بالمقابل، ترفض مصادر قيادية في «تيار المستقبل» بشدة الحديث عن حلف رباعي، مشيرة إلى أن سعد الحريري ليس في نيته الدخول في أي أحلاف سياسية، ولكنه لن يمتنع عن التشاور مع أي فريق يريد مصلحة لبنان، ويتبنى وصوله إلى رئاسة الحكومة.
وتضيف المصادر: «سعد الحريري تواصل مع الجميع، ولكن هناك من عبّر عن رأيه بوضوح بأنه لن يسميه قبل لقائه بالوفد المستقبلي وبعده، وبالتالي، ما الفائدة من التواصل مع الجهات التي عبّرت عن رأيها صراحة، إلا إذا كان الأصل «التمنع وهم راغبون»، أي أنهم يرفعون حدة الخطاب لحصد مكتسبات، وهذا ما لن يدخل فيه الحريري لأنه لا توجد مكتسبات لتوزيعها».
وتدعو مصادر المستقبل لعدم إدخال «الدين» في اللعبة السياسية، لأن الناس سئمت هذا النوع من الإبتزاز، مشيرة إلى أنه كان من الأفضل التوجه نحو الاستشارات وترك اللعبة الديموقراطية تأخذ مجراها، بدل التأجيل لأهداف شخصية.
الديار
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :