مع إندلاع الأزمة الدبلوماسية مع بعض الدول الخليجية، لا سيما المملكة العربية السعودية، عادت إلى الواجهة محاولات إحياء تحالف الرابع عشر من آذار بأركانه الأساسية بقوة، أي تيار "المستقبل" و"الحزب التقدمي الاشتراكي" وحزب "القوات اللبنانية"، حيث تشاركت في المواقف من هذه الأزمة، خصوصاً لناحية تحميل "حزب الله" المسؤولية عنها، بعد أن كانت الخلافات تعصف بين أركانها، منذ العام 2017، خصوصاً بعد أن ذهب "القوات" بعيداً في التمايز عن شريكيه.
قد يكون من المفيد التأكيد في البداية أنّ العناوين الكبرى هي القاسم المشترك بين الأفرقاء الثلاثة، في حين أنّ الخيارات الداخلية تقودهم إلى الإبتعاد عن بعضهم البعض، فالجميع يذكر السجالات بين رئيس الحكومة السابق سعد الحريري ورئيس "القوات" سمير جعجع، في حين أن رئيس "الاشتراكي" وليد جنبلاط كان، في الأشهر الماضية، يعلن أنّ رئيس المجلس النيابي نبيه بري هو حليفه الوحيد.
فرص إحياء هذا التحالف من جديد تعود، بحسب ما تؤكد مصادر متابعة لـ"النشرة"، إلى واقع أركانه الإنتخابي، حيث يغيب الدعم الخارجي عن كل من "المستقبل" و"الاشتراكي" بشكل أساسي، في حين أنّ قانون الإنتخاب الحالي يقود إلى إضعافهم في حال عدم تحالفهم في عدد من الدوائر، الأمر الذي تعبر عنه على نحو واضح دائرة الشوف عاليه.
قبل أشهر قليلة، كانت العديد من علامات الإستفهام تُطرح حول امكانية حصول تحالف من هذا النوع من جديد، نظراً إلى أن الجميع كان يستبعد تفاهم "الاشتراكي" و"المستقبل" مع "القوات" في الإنتخابات النيابية، لكن اليوم المعادلة تبدلت بعد أن برزت عناوين سياسية واضحة، كذلك الذي طرحه جنبلاط، قبل أيام، أي "منع تسليم البلد إلى المحور السوري-الإيراني".
من وجهة نظر هذه المصادر، المواقف التي عبر عنها رئيس "الاشتراكي" تأتي في إطار إستدراج العروض الخارجية لإعادة إحياء هذا التحالف، لا سيما أن أيًّا من أفرقائه لا يملك برنامجاً إقتصادياً وإجتماعياً يستطيع أن يخوض الإنتخابات على أساسه، خصوصاً أن "الاشتراكي" و"المستقبل" هما من أركان المنظومة التي أوصلت البلاد إلى ما هي عليه اليوم، بينما "القوات" يدّعي خوض المواجهة معها منذ السابع عشر من تشرين الأول من العام 2019.
من حيث المبدأ، هذه المحاولات تواجه الكثير من العقبات التي تبدأ من وضع الحريري نفسه، نظراً إلى أن الرجل لم يحسم، حتى الساعة، قرار خوض الإستحقاق الإنتخابي، في وقت تسعى العديد من الشخصيات والقوى السياسية إلى الدخول على خط الزعامة في الساحة السنية، ولا تنتهي عند موقف القوى الخارجية، التي من المفترض أن تدعم هكذا محاولات، نظراً إلى أن الأخيرة باتت تفضل دعم مجموعات من المجتمع المدني تحمل لواء التغيير.
بالنسبة إلى المصادر نفسها، العامل الخارجي هو العنوان الأبرز في المعادلة، على قاعدة أن هذا التحالف، أو بعض أركانه، سيلجأ إلى عرض "بضاعته" في المرحلة المقبلة، لكن السؤال الذي يطرح نفسه يتعلق بإمكانية وجود من هو راغب في "شرائها"، لا سيما أن التجارب الماضية أثبتت أنه عاجز عن تحقيق ما هو مطلوب منه، بدليل الموقف السعودي من غالبية القوى السياسية المحلية.
في المحصّلة، المؤشرات الأساسية في هذا المجال يجب أن تبدأ بالظهور مع عودة الحريري إلى لبنان، حيث من المفترض أن يحسم، في البداية، قرار مشاركته في الإستحقاق الإنتخابي من عدمها، على أن يقدم بعد ذلك رؤيته السياسية التي سيخوض الإنتخابات على أساسها، الأمر الذي يفتح الباب أمام عودة التحالف الثلاثي من جديد، أو يقود إلى تأكيد دفنه بشكل نهائي.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :