تكثر الأحداث الصغيرة والكبيرة في أمتنا وبعضها يكتنفه الغموض وبعضها قد يبدو واضحاً لكنه لغز! حين يقول أحد ما أنّ بذلك مؤامرة (وعادة ما يقصد أنها أميركية أو اسرائيلية) يرد آخر أنّ نظرية المؤامرة قد استنفدت ويسخر من رد كل مشكلة إلى مؤامرة وكأن بذلك تبرئة لأحد ما بالداخل .
قامت مظاهرات ببعض الدول العربية (ما سمي بالربيع العربي) نتائج المظاهرات كانت غريبة جداً وتدفع للتساؤل . فكيف ببضعة آلاف من المتظاهرين يسقط رئيس دولة كان بالأمس القريب يمسك بكل مفاصل الدولة ويعتمد على الجيش . ذاك الجيش الذي يتخلى فجأة عن قائد البلاد !!
منذ بداية المظاهرات بالشام واكبها إعلام مأجور وألبسها غاية ودور . مظاهرات للمطالبة بالديمقراطية والحرية وتحسين العيش . مظاهرات ضذّ الطاغية ولإسقاط النظام . تخلل المظاهرات الكثير من الشعارات الطائفية - لا مشكلة فما يؤجج يفيد ! . إدعى المعارضة عشرات الفرق . ايضاً لا مشكلة من لا يلبي فلان يلبي سقوط النظام . الغاية واحدة سقوط النظام كان يجب أن نقتنع أنّ اوباما وساركوزي والخ ... ظنيون على الديمقراطية في الشام وحريصون على تحسين العيش للمواطنين هناك . وهم لهذا ما وفروا وسيلة ممكنة إلاً واستخمدوها وبعد الدخول بالمعارك كان علينا أن نقتنع أنّ من قدم من السعودية وتونس وأوزباكستان والقوقاز و.. إنما جاؤوا ينصرون الشعب السوري في المطالبة بحقوقه التي اغتصبها النظام !!
ليس من حقك أن تسأل من مدّ هؤلاء بالسلاح ؟
من أين كل المال الذي تكفل بكل المعارك ؟
من نقل المسلحين الإرهابيين من انحاء العالم وكيف دخلوا إلى سوريا؟
هل أصبح الدستور السوري قضية أميركية أو روسية أو تركية؟ أم أصبح قضية الأمم المتحدة؟
على المقلب الآخر إنّ الجمهورية العربية السورية خاضت كل الحروب مع دولة العدو . فاوضت ولم تتنازل. حضنت كل قوى المقاومة وتحدت الولايات المتحدة من أجل حركة حماس وغيرها . كانت السند وموقع الإنطلاق للمقاومة ، ضدّ الإحتلال الأميركي بالعراق وكانت الرافد من جهة والطريق الآمن من جهة أخرى لسلاح المقاومة في لبنان وعامل اساسي بالإنتصارات عام 1996 وتفاهم نيسان والتحرير عام 2000 وبحرب تموز المجيدة 2006 .
خلاصة الموضوع هذه الدولة تلعب دوراً مؤذياً للمشروع الصهيوني الأميركي ويجب تدمير النظام والدولة وربما تفكيكها . من اجل ذلك كان الحصار الإقتصادي عليها وكانت السهام الإعلامية تصب عليها تشويهاً وتنصب لها المكائد السياسية مع دول المنطقة . ثم كان الربيع العربي لكسر حاجز الخوف عند الشعوب لإستهانة التحرك والاستخفاف بالأخطار فإذا ما سقط زين العابدين والقذافي ومبارك فلماذا لا يسقط الأسد؟
معركة الديمقراطية والحريات وتغيير الدستور وكسر الديكتاتورية كلها آكاذيب ومعارك وهمية من أجل حرب واحدة المشروع الصهيوني بأبعاده السياسية والإقتصادية والإجتماعية . إذا كان ما يسمى "المجتمع الدولي" كذباً وعلى رأسه الولايات المتحدة تريد نشر الديمقراطية والحريات فلماذا لم تفعل ذلك بالسعودية والمغرب مثلاً؟ الإرهابيون ارتكبوا كل الموبقات والجرائم والمعارضات رفعت كل الشعارات المتاحة دخلت دولة العدو مرات عديدة على الجبهات لكن المعارضات و"المجتمع الدولي" حيّد اسرائيل وركز على أنّ المسألة داخلية .
طبعاً أنّ المشاكل الداخلية تضعف دور الدولة مما سهل على تركيا الدخول إلى عمق الأزمة من خلال الإرهابيين ومن ثم من خلال التدخل المباشر . تركيا ما قبل أردوغان أطلسية متحالفه مع اسرائيل تكن لنا العداء لكن لم يكن لها دوراً مستقلاً . تركيا أردوغان شيطان يلبس ثوب الأخوان متحالفة مع اسرائيل ومع ايران ومع اميركا ومع روسيا ومتخاصمة معهم جميعاً .
تركيا لها أطماع في كل بلاد الشام وحنين لدور عثماني منقرض لكن تركيا تحتل شمال سوريا ولواء اسكندرون بفضل فرنسا أي ضمن مشروع تفتيت سوريا من أجل قيام الكيان الصهيوني . وتركيا اليوم حتى لو أسست لنفسها دوراً ما كانت لتتدخل من خلال الإرهابيين لولا ضلوعها بالمشروع الصهيوني وما كانت لتدخل أرض الشام لو كانت الدولة السورية في وضعها الطبيعي هذه الحروب هي حرب على إرادتنا القومية حرب على إلغاء وجودنا كأمة ومجتمع . لتحقيق مشروعهم دولة ارض الميعاد قاعدة عسكرية كبيرة وكل ثروات المنطقة للوحش الأمبريالي .
ماذا عن دورنا نحن ؟
نحن هذا الشعب المظلوم والمشرذم والمفكك المتألم يتلمس بعض قوته . أطل من يعرف حقيقته وأضالته يسير إلى التمرد على هذا الطغيان .
لقد انتصرنا مرحلياً بالشام في وجه أعتى الدول وفي وجه الإرهاب والحرب مستمرة .
إرادتنا لن تنكسر.
عميد الإذاعة والثقافة
الأمين مأمون ملاعب
نسخ الرابط :