اغتصاب للأسرى… وحفلة في بيروت!

اغتصاب للأسرى… وحفلة في بيروت!

 

Telegram

د. لينا الطبال
حقا، يا له من سحر شيطاني المذاق! ربما هو سحر رخيص مبتذل، هذا هو التعبير الأدق. سحر سياسي متقن الصنع، يُرش كمعطر جو رخيص برائحة الورد ليُغطي على رائحة اللحم المحروق والدماء، نعم.
يُخدرون وعي الشعوب بهذا الوهم لإقناعهم بأن السلام مع إسرائيل قطعة شوكولاتة حلوة المظهر والمذاق.
في العواصم هنا وهناك، تُعقد المؤتمرات تلو المؤتمرات، يثرثرون عن التطبيع والسلام كما لو كانوا يبيعون إكسير الخلود وخلف كل ذلك تنبعث رائحة عفن سياسي لا تخطئها أنف حيّة…
كنجي جيراك”، هل تعرفه؟ ابحث عن اسمه في غوغل…
أن يقيم مغنٍ فرنسي حفلةً في بيروت… جميل، أليس كذلك؟
أن يغني النشيد الإسرائيلي في بيروت وفي يوم الاستقلال تحديدا! هل يعني لك الأمر؟
الاحتلال الثقافي لا يكلف شيئا سوى تذكرة الحفل وبعض التصفيق… هل هذا المغني هو “الفرقة الموسيقية” التي وعد بها بيغن لاحتلال لبنان؟
أو ربما ليذكر أن الاستقلال في الشرق الأوسط لا يتمّ الاحتفال به إلا على أنغام “الهتيكفا” و”يهوذا حاركاه” و”أم إريتس شليما”… يا له من قدر محتوم وسخيف!
إنه فن التطبيع يا سادة، فن التحلل! وطن يدعي السيادة، يستضيف مغن يُمثل سجانه وعدوه، ثم يصفق له… جميل جدا!
لا شيء يستدعي الدهشة، كل شيء يبدو متناسقا الآن، كل شيء في مكانه الصحيح.
لكن انتبِهوا جيدا، فالتطبيع لا يمكن بأي شكل من الأشكال اعتباره موقفا سياسيا… التطبيع هو حالة ذهنية تشبه الإدمان: يبدأ بجرعة صغيرة، بدافع الفضول، أو بحجة التجربة… تشعر أولا بالنشوة، بالهدوء، بالتحرر… ثم يتحول إلى عادة تُخدر الوعي وتُميت الحواس… وحين تفقد قدرتك على التوقف، يصبح التطبيع قيدا، عادة تغسِل الدماغ وتبرر المستحيل… تتعايش مع الاحتلال، وتلعق الخراب ظنا منك أنه شوكولاتة سلام، وتنتظر كمدمن الجرعة التالية والتالية والتالية… الإدمان لا ينتهي إلا بالموت، والتطبيع لا ينتهي إلا بفقدان الهوية.
على بعد بضع كيلومترات من بيروت، يُغتصب الأسرى الفلسطينيون. هذه الدولة التي تعتقدون أن طعمها يشبه طعم الشوكولاتة تمارس خلف جدران سجونها أقذر الممارسات… هل ما زلتم تصدقون هذه الابتسامات والحوار حول التقارب الثقافي؟
الأسيرات الفلسطينيات يُغتصبْن في سجون مضاءة بضوء أبيض قاسٍ… أسيرات وأسرى فلسطينيون يأتوننا بروايات من الجحيم… روايات قد تظن أنها من عالم الخيال والشعوذة!
في سجون إسرائيل، أسيرة فلسطينية تم اغتصابها من قبل عدد من الجنود لمدة أربعة أيام وأربع مرات… أربع حفلات إذلال متتالية باسم السلام، طبعا… أربعة أسباب إضافية لنكرهكم بها أكثر فأكثر! ! ! !
 لقد صوروها وضربوها وصعقوها بالتيار الكهربائي ووثقوا تجربتهم باسم الأمن القومي الإسرائيلي… تركوها مقيدة، عارية، لساعات طويلة، وفي الصباح قال لها جندي إسرائيلي: “سننشر صورك على وسائل التواصل الاجتماعي”.
هل هذه حرب؟ لا… إنها أبعد من الحرب، أبعد حتى من الصراع نفسه. إنها انحلال أخلاقي يُستهدف فيه الإنسان نفسه.
هذا المقال ليس عن النزاع المسلح أو حماية المدنيين بموجب اتفاقية جنيف الرابعة، هذا المقال هو حول الانحلال الاخلاقي لإسرائيل، حول الاحتلال للنفس قبل المكان.
في الزنزانة المجاورة، تم اغتصاب شباب أيضا بزجاجة، أو بعصا خشبية، وبمشاركة كلاب مُدربة على إذلال الإنسان… شباب كانوا ينتظرون كيس طحين في طابور المساعدات، تم خطفهم وجرّهم إلى المعتقل ليُعتدى عليهم.
لا شيء جديد، لا شيء مستغرب: هذا الفعل المتكرر، الهادئ، المبرر باسم الأمن، هو أساس هذا الكيان…
لا شيء يثير الاشمئزاز أكثر من الطبيعة البشرية حين يُطلق لها العنان باسم مواصلة الحياة، ليصبح كل شيء رتيبًا ومتقنًا: التعذيب، الاغتصاب، توقيع الاتفاقيات، حفلات التطبيع، والغزل مع الإسرائيلي.
اقرأوا هذه الشهادة من معتقل فلسطيني، استمعوا إليها كما هي، بلا تنقيح، لأنني لن أستطيع أن أكتب لكم أي شيء مماثل بقوة الصدمة والوحشية التي تحتويها.
“جاء الجنود بالكلاب وصعدت علينا، وقامت الكلاب بالتبول فوقي، ومن ثم قام كلب باغتصابي بشكل مدروس ويعلم ماذا يفعل بالضبط، وقد أدخل عضوه الذكري في فتحة الشرج لدي، تحت الضرب والتعذيب المتواصل من الجنود، واستمرت ممارسة الكلب معي حوالي ثلاث دقائق متواصلة.” (…)
وأسير آخر يروي: “أمرني الجنود أن أجلس على ركبي أنا وستمئة معتقل، واغتصبونا بوضع زجاجة في فتحة الشرج، حيث كانوا يدخلونها ويخرجونها. حصلت معي الحادثة أربع مرات، وكان الإدخال والإخراج حوالي عشر مرات، وكنت أصرخ أنا والموجودون معي. في الأربع مرات التي حصلت معي هذه الحادثة، مرت مرتان كنت وحدي، ومرتان كنت أنا وستة أشخاص، ومرة كنت أنا واثنا عشر شخصًا.”
وفي العالم الحقيقي، الأمر كله يدور حول الاستمرار بأي ثمن… يجتمعون لبحث سبل التطبيع والسلام، ويغرد أحدهم على منصة X عن “أهمية ضبط النفس من الجانبين” يا للسخرية المريرة! تلك الجملة القاتلة هي الدليل القاطع على أن العالم قد خسر تماما قدرته على التمييز بين الجلاد والضحية.
أوروبا ترفع أصواتها مدوية لتدين العنف الجنسي حين يحدث في إفريقيا، وتقيم المهرجانات الحقوقية وتمنح الجوائز الأدبية لمن يكتب عن “حرية الجسد”، لكن لا أحد يرى أجساد الفلسطينيين المغتصبة، هكذا ببساطة، لأن هذه الأجساد لا تدخل ضمن حقل اهتمامهم الكئيب، ولا في مراسيمهم الليبرالية الباردة.
والآن، بعد كل هذا الحديث، هل تريدون شراء السلام من متجر يبيع دماءكم؟ يا له من عرض سخيف!
 هذا المتجر لن يبيع السلام… إنه يبيع وهم التوقف عن القتل مقابل ثمن بخس هو كرامتكم…
أيها السادة، هذه علاقة قذرة؛ أن تُقنع نفسك بأن الذئب نباتي وأنكم لا ترون الدماء التي تغرقكم…
هذه الابتسامات للمحتل؛ في القانون لها توصيف واحد فقط: الخيانة.
هل إسرائيل عدو؟ اسألوا جيدًا أنفسكم، أيها الخائفون المرتابون، وتأملوا!
 لقد وصلتم إلى القاع… أنتم ومزاميركم عن السلام.
لكن اسمعوا جيدا: لن نشتري سلامكم المعطوب،
لن نوقع،
لن ننخرط في هذا الانحلال الروحي…
فلتحتفلوا بما شئتم، بالاستقلال، بالسلام، بالجوائز الأوروبية… أما نحن فسنحتفل برفضنا.
موقفنا غير للنقاش، نحن لن نطبع.
كرامتنا لا مساومة عليها. لقد سمعنا كل الأكاذيب ورفضنا كل الأوهام. والآن هذا هو ردنا الأخير الواضح والصارم:
أيها المطبعون، يا عبّاد الوهم، يا وكلاء الاحتلال السياسي والثقافي…
اذهبوا إلى الجحيم!

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) .اضغط هنا

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram