عون: ليس أمام لبنان إلا خيار التفاوض
أكد رئيس الجمهورية جوزاف عون أنّ "ليس أمام لبنان إلا خيار التفاوض، الذي لا يكون مع صديق أو حليف بل مع عدو"، مشددًا على أنّ "لغة التفاوض أهمّ من لغة الحرب التي رأينا ماذا فعلت بنا، وكذلك اللغة الديبلوماسية التي نعتمدها جميعًا، من الرئيس نبيه بري إلى الرئيس نواف سلام".
مواقف الرئيس عون جاءت خلال استقباله، قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا، وفدًا من مجموعة آل خليل، تحدث باسمه المحامي أنطوان سامي خليل، الذي عبّر عن التقدير لمسيرة رئيس الجمهورية الوطنية "القدوة" الممتدة منذ تولي قيادة المؤسسة العسكرية الأمينة إلى اعتلاء سدة الرئاسة، معتبرًا أنّ عهد الرئيس عون هو "عهد الخلاص" عن حقّ وإيمان، ومؤكدًا الدعم غير المحدود وغير المشروط للعهد ولشخص الرئيس.
ونقل خليل إلى الرئيس الرسائل المنبثقة من هموم أبناء مناطق انتشار العائلة، موضحًا أنّها "رسائل نُقلت بأمانة" وشملت النقاط التالية:
-آلام أبناء الجنوب والمناطق المتضررة، والتأكيد على محبة الرئيس المعروفة للجنوب وأبنائه، إلى جانب حرمان أبناء الشمال والبقاع ومظلومية أبناء الجبل والمتن وكسروان وجبيل.
-خطورة النزوح السوري المستشري والتأكيد على رفض التوطين، خصوصًا ما يتعلق بظاهرة الأطفال والطلاب السوريين بعد الدمج التربوي الذي يشكل خطرًا ديموغرافيًا وانتمائيًا في المستقبل، إذ سيؤدي إلى امتصاص سوق العمل للمتخرجين دون النظر إلى الهوية.
-قضية أموال المودعين التي وُصفت بأنها "جريمة العصر"، والظلم المستمر الذي يطال جنى أعمار اللبنانيين، وسط الشلل الكامل في إيجاد الحلول.
-الإنماء الشامل للمناطق الجبلية التي تعاني من تقاعس إداري مزمن ناتج عن غياب اللامركزية الإدارية والعدلية، مما جعل معاناة المواطنين اليومية تتفاقم بسبب بعد هذه المناطق عن مركز الدولة.
-الغلاء الاستشفائي والتعليمي وضرورة دعم التعليم الرسمي.
-هموم الشباب تجاه مستقبلهم الذي نالت منه الأزمة المالية منذ 17 تشرين الأول 2019 مرورًا بجائحة كورونا وانتهاءً بالحروب والظروف الإقليمية، مع المطالبة بمشاركة الكفاءات المغيّبة في إدارة ونهضة الدولة.
ورحّب الرئيس عون بالوفد مثنيًا على ما أشار إليه المحامي خليل في كلمته، ومؤكدًا أنّ مصلحة لبنان يجب أن تكون فوق كل اعتبار، مضيفًا، "عندما يفكر الجميع، وعلى مختلف المستويات السياسية والدينية والعسكرية والأمنية والقانونية والقضائية، بتحقيق مصلحة الوطن، يزول السبب الرئيسي لمشاكل لبنان".
وتابع الرئيس عون، "لا شك أن هناك صعوبات كثيرة في هذه المرحلة، لكن الحكومة ومنذ تشكيلها تعمل على تنفيذ الإصلاحات. والمؤشرات الاقتصادية جيدة جدًا، حتى إن شركات الإحصاءات الدولية لحظت أنّ هذه الحكومة استطاعت أن تحقق نقلة نوعية خلال فترة وجيزة، لم تتمكن غيرها من الحكومات من تحقيقها منذ عشرين عامًا، ونحن نتوقع أن تصل نسبة النمو حتى نهاية هذا العام إلى 5%".
وعدد الرئيس عون الإنجازات التي تحققت خلال هذا العام على مختلف الصعد، ومنها التشكيلات القضائية والديبلوماسية والمصرفية، وتعيين حاكم مصرف لبنان، بالإضافة إلى التشكيلات الأمنية والإصلاحات الاقتصادية ومشروع قانون الفجوة المالية. وقال: "لا يمكننا محو تراكمات 40 سنة بين ليلة وضحاها. أنا أفهم الشعب اللبناني ومعاناته، ولكن إيجاد حلول لكل المشاكل في لبنان ليس بالأمر السهل. ومع ذلك، تسلك الأمور مسارًا جيدًا، إلا أن هناك من يحب تشويه الصورة الإيجابية التي تحققت، ولا يزال أمامنا الكثير لإنجازه".
وأضاف، "نحن في سنة انتخابات نيابية، والجميع يريد أن يحقق إنجازات ولو على حساب مصلحة الوطن. وأقول للبعض من السياسيين: أنتم تعملون في السياسة، بينما أنا رجل دولة، والفرق واضح. فبعضهم يعتبر أن لبنان ملك له، أما أنا فأعتبر نفسي ملكًا للبنان. لقد انتُخبت رئيسًا للجمهورية وتولّيت هذا الكرسي لأخدم الشعب اللبناني لا ليُخدمني أحد".
وفي ما يتعلق بالعلاقات مع سوريا، قال الرئيس عون: "بدأنا بمعالجة ملف العلاقات مع سوريا، وبدأت الأمور تصبح أكثر تبلورًا، والنوايا الجدية موجودة ومتبادلة. قريبًا سيتم تشكيل لجان مشتركة لحل مسألة ترسيم الحدود، وعدد كبير من النازحين السوريين بدأ بالعودة إلى بلاده. وعلينا نحن كلبنانيين أن نتحمّل مسؤوليتنا، خصوصًا في ما يتعلق باليد العاملة السورية التي تُفضّل على اللبنانية، مما يشجع السوريين على البقاء في لبنان".
أما بشأن المفاوضات مع إسرائيل، فأكد الرئيس عون، "ليس أمام لبنان إلا خيار التفاوض، ففي السياسة هناك ثلاث أدوات للعمل: الدبلوماسية والاقتصادية والحربية. وعندما لا تؤدي الحرب إلى نتيجة، ما العمل؟ نهاية كل حرب في العالم كانت التفاوض، والتفاوض لا يكون مع صديق أو حليف بل مع عدو. ولغة التفاوض أهمّ من لغة الحرب التي رأينا ماذا فعلت بنا، وكذلك اللغة الدبلوماسية التي نعتمدها جميعًا من الرئيس نبيه بري إلى الرئيس نواف سلام".
وأشار الرئيس عون إلى أنّ "الوضع جيد"، لافتًا إلى أنّ الزيارة التي سيقوم بها البابا لاون إلى لبنان، والمؤتمرات الدولية التي ستُعقد فيه، تشكّل دليل عافية وازدهار واستقرار. وقال: "هدفنا مصلحة لبنان وإنقاذه وإعادته إلى دوره الأساسي على الخريطة العربية والعالمية. والمطلوب من الجميع تحقيق المصلحة الوطنية، لأن الانقسامات والصراعات الداخلية دمرت لبنان وأعادته إلى الوراء دون أن تحقق أي طرف انتصارًا".
وختم رئيس الجمهورية مؤكدًا أنّ "لبنان يمتلك الكثير من الفرص التي يجب استغلالها، والأمور ليست صعبة، فالمسؤولية مشتركة، ويمكننا الوصول إلى الهدف بسرعة إذا خرجنا من الزواريب الطائفية والمذهبية التي دمّرت البلد من دون سبب".
شهد قصر بعبدا قبل ظهر اليوم سلسلة لقاءات وزارية وديبلوماسية وروحية.
فقد استقبل الرئيس عون وزير الدولة لشؤون تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي الدكتور كمال شحادة، الذي أطلعه على التقدّم المحقق في عمل الوزارة، طالبًا دعمه وفريق العمل للإسراع في إنجاز المهام المطلوبة.
كما استقبل منسقة الأمم المتحدة في لبنان السفيرة جانين بلاسخارت، حيث جرى عرض للأوضاع العامة في لبنان والمنطقة في ضوء التطورات الأخيرة، خصوصًا ما يتصل بسبل معالجة الوضع في الجنوب في ظل استمرار الاعتداءات الإسرائيلية والاتصالات الجارية لإعادة الاستقرار إلى المنطقة.
وفي إطار المتابعة الإعلامية، استقبل الرئيس عون رئيس المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع عبد الهادي محفوظ، واطلع منه على عمل المجلس مع المؤسسات الإعلامية المرئية والمسموعة، وعلى الظروف التي تواجهها المواقع الإلكترونية ومساعي تنظيمها.
كذلك استقبل الرئيس عون راعي أبرشية بعلبك للروم الملكيين الكاثوليك المطران ميخائيل فرحا، والرئيسة العامة لراهبات سيدة الخدمة الصالحة الأم جوسلين جمعة، والنائب العام للأبرشية الأرشمندريت مروان معلوف. وشكر المطران فرحا رئيس الجمهورية على إيفاده ممثلًا عنه في حفل سيامته، فيما عرضت الأم جمعة أوضاع الرهبنة ونشاطاتها في مناطق انتشارها، وتناول البحث الوضع في البقاع.
كما استقبل الرئيس عون عائلة الشاب إيليو أبو حنا الذي قضى برصاص مسلحين في منطقة مخيم شاتيلا، وضم الوفد والد الضحية وليد أبو حنا ووالدته ماريان فضول وشقيقته ماريا أبو حنا والنائب السابق زياد أسود. واستمع الرئيس من الوفد إلى المعطيات المتوافرة حول ظروف الجريمة، والأهمية التي توليها العائلة لكشف ملابساتها.
وأكد الرئيس عون أنّه أعطى تعليماته منذ اللحظة الأولى لوقوع الجريمة إلى الأجهزة الأمنية لمتابعة التحقيق حتى معرفة الحقيقة، لافتًا إلى وجود ستة موقوفين لدى مديرية المخابرات في الجيش يجري التحقيق معهم، فيما البحث مستمر عن ثلاثة آخرين وردت معلومات عن اشتراكهم في الجريمة.
وقال الرئيس عون: "كم هو عميق الجرح الذي أصابكم، وما تعنيه خسارة وحيدكم. أؤكد لكم أنّ التحقيق سيأخذ مجراه حتى النهاية، ولن يكون هناك أي تهاون مع المحرضين والمرتكبين ومطلقي النار. كل الجهات الأمنية المختصة تتابع مع مديرية المخابرات لكشف ملابسات هذه الجريمة التي استهدفت شابًا في مقتبل العمر وفي عز عطائه".
وأضاف الرئيس عون أنّه سيبقى على تواصل مع العائلة لمتابعة المستجدات، مجددًا تعازيه القلبية، فيما شكرت العائلة رئيس الجمهورية على اهتمامه ورعايته المباشرة، مؤكدة ثقتها بالجيش والقضاء للوصول إلى الحقيقة ووضع حد للفلتان الأمني في البلاد.
| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp)
.اضغط هنا
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram
(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)
:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي