إذا كان في كل زاوية من زوايا الدولة ملفٌّ فاسد، فإنّ مصلحة تسجيل السيارات والآليات – «النافعة» – تبقى المثال الأكثر فجاجة على استمرار الغشّ والتلاعب والسّمسرات التي لا تنتهي، وكأنّ شيئاً لم يتغيّر سوى اللافتات على الجدران.
فقد علمت «الأخبار»، أنّ رئيس مصلحة تسجيل السيارات والآليات، العميد نزيه قبرصلي، وجّه الأسبوع الماضي بفتح تحقيقٍ داخلي مع رئيس أحد أهمّ فروع «النافعة»، وهو ضابط برتبة نقيب، بعدما توافرت معطيات تشير إلى تورّطه - بالتواطؤ مع عدد من الموظفين - في تسهيل معاملاتٍ لوسطاء وسماسرة، يُنجزون معاملات نيابةً عن أصحابها من دون حيازة أي تفويض أو وكالة قانونية.
وبحسب المعلومات، يتقاضى السماسرة مبالغ مالية نظير تمرير المعاملات، تُقسَّم بينهم وبين النقيب وبعض الموظفين المتورّطين في الشبكة.
وتفيد المصادر أنّ رئيس الفرع، لم يُبدِ تعاوناً يُذكر مع الموفد المكلّف من العميد قبرصلي، لمتابعة التحقيق، متذرّعاً بأنّ «الأمور لا تسير كما يجب في أيٍّ من فروع النافعة»، ومعبّراً عن استيائه من استدعائه إلى التحقيق. وعندما طُلب منه إبراز المستندات العائدة إلى عددٍ من المعاملات المنفَّذة في الفرع، زعم أنّه «لم يجدها».
وبحسب المصادر نفسها، فإنّ «غياب هذه المستندات ليس أمراً عرضياً، إذ تُخفى عادةً المعاملة التي شابها خلل، إمّا لوجود نقصٍ في أوراقها كان يفترض أن يمنع تنفيذها، أو لاحتوائها على مستنداتٍ مزوّرة».
الإخلاءات ستبدأ وصندوق دعم المستأجرين خالٍ من الأموال واللجان معطّلة
على صعيدٍ متّصل، شهدت «النافعة» مؤخّراً أزمةً تتعلّق بحجز المواعيد عبر المنصّة الإلكترونية الخاصة، سرعان ما وجد السماسرة فيها فرصةً لعرض قدراتهم «السحرية» في تأمين مواعيد لمن يرغب، من خارج الأصول، لقاء مبالغ مالية.
وكانت وزارة الداخلية ومصلحة تسجيل السيارات، أطلقتا المنصّة الإلكترونية، بهدف تنظيم العمل داخل الفروع، والحدّ من الاكتظاظ والفوضى أمام المكاتب، عبر إلزام المواطنين بحجز موعدٍ مسبق لتسجيل المركبات أو إنجاز معاملات دفاتر السوق والسيارات. وقد خُصِّص جزءٌ من المنصّة لأصحاب العلاقة مباشرةً، وجزءٌ آخر للسماسرة.
لكن، منذ انطلاقها، يشكو المواطنون من صعوبة حجز المواعيد رغم المحاولات اليومية المتكرّرة. واللافت ما يُتداول عن وجود موظفين في بعض المكاتب يعرضون «المساعدة» في التسجيل مقابل 50 دولاراً.
وازداد الضغط على المنصّة، بعد إعلان وزارة الداخلية، إمكانية تحويل إيصال رخصة القيادة إلى دفتر سوق عادي، وهي خدمة تحتاج إلى حجز موعدٍ على المنصة أيضاً، ليكتشف المواطنون أنّ المواعيد غير متاحة وأنّ الطلبات تتكدّس بلا معالجة. عندها لجأ كثيرون إلى السماسرة لشراء المواعيد، في ظاهرةٍ أكّدتها مصادر معنية، مشيرةً إلى أنّ «مكاتب وأفراداً استغلّوا الطلب المرتفع على المنصّة، فدخلوا بكثافة لحجز المواعيد مسبقاً مقابل بدل مالي». وهكذا وُلدت سوق سوداء جديدة، تحوّلت فيها الخدمة المجانية إلى بابٍ للارتزاق، في وقتٍ كان يُفترض بهذا الإجراء الإداري أن يكون خطوةً نحو التنظيم والشفافية.
لماذا لم يُعيّن مدير جديد لهيئة إدارة السير؟
في الخامس من آب الفائت، انتهت وفقاً لإعلان وزارة الداخلية والبلديات، المهلة المحدّدة للتقدّم لوظيفة مدير عام هيئة إدارة السير والآليات والمركبات، والذي يتولّاه بالوكالة محافظ بيروت مروان عبود.
ولكن، بعد شهرين وعشرين يوماً على انتهاء المهلة، لم يُعيَّن مجلس الوزراء المدير الجديد بعد، ما يثير تساؤلات حول أسباب هذا التأخير، وما إذا كانت هناك اعتبارات أو موانع خفيّة تحول دون التعيين، بهدف الإبقاء على إدارة الهيئة تحت إشراف قوى الأمن الداخلي.
| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) .اضغط هنا
نسخ الرابط :