كتب غاصب المختار في “اللواء” :
دخلت مصر على خط معالجة الأزمة الناشئة عن عدم التزام الاحتلال الإسرائيلي بمندرجات إتفاق وقف الأعمال العدائية ومواصلة عدوانها على لبنان، إنطلاقاً من مبادرة جاءت بعد فشل مبادرات الموفدين الأميركيين مورغان أورتاغوس وتوم برّاك المتحيّزة للكيان الإسرائيلي والتي تحمل في طياتها مطالب وشروط الاحتلال لوقف العدوان، فيما المبادرة المصرية التي حملها مدير المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد تلبّي معظم مطالب لبنان، وإن كانت تدعو الى التفاوض مع الكيان الإسرائيلي من ضمن سياق التسويات في المنطقة التي تدعو إليها الإدارة الأميركية وتعمل على إنجاحها، وتشارك مصر في رعايتها مع أطراف أخرى بعد اتفاق شرم الشيخ الذي نجح الى حد ما بتخفيف حدّة – لا بوقف – العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة.
وفيما سعى مدير المخابرات المصرية في زيارته إلى لبنان لوضع حجر الأساس لمسار يعالج الأزمة القائمة تمهيداً لاتفاق أمني لبناني – إسرائيلي، على غرار الإتفاق في غزة. تبيّن أن ما يريده لبنان، وفق مصادر رسمية، هو تثبيت وقف النار ووقف التصعيد الإسرائيلي، كمدخلٍ إلى موافقة لبنان الرسمي على أي مفاوضات ذات طابعٍ أمني بهدف تحقيق انسحاب إسرائيل من كل الأراضي التي تحتلها قي الجنوب.
وتشير المعلومات إلى موافقة مشروطة أبداها لبنان لما طرحه اللواء رشاد في بيروت، لجهة ضمّ مدنيين تقنيين إلى لجنة الإشراف، لكن هذا الأمر مرهون بوقف النار أولاً، وثانياً بما يحتاج إليه الجيش من تقنيين وخبراء ومسّاحي خرائط، وثالثاً بتوقيت يختاره لبنان، وبالمقابل هناك إصرار أميركي وضغط للتعجيل بجمع السلاح بالكامل من كل لبنان لا من الجنوب فقط، وللتفاوض المباشر مع إسرائيل، وقد ظهر ذلك في إشارة توم برّاك إلى أن لبنان هو «دولة فاشلة» لأنه بنظر برّاك لم يلتزم بما تعهد به لجهة سحب السلاح بالسرعة التي تريدها أميركا وإسرائيل.
وبرأي المصادر فإن المحطة الأولى في المسار التفاوضي على مستوى الموقف اللبناني، تتركّز حول تثبيت وقف النار، وقيام إسرائيل بخطوة تُظهر التزامها قبل موافقة لبنان على مفاوضات أمنية. وبالتالي، فإن المفاوضات الأمنية هي البداية وبعد تثبيت التهدئة، ينتقل التفاوض حول تثبيت الحدود بينما لم يرد حتى اللحظة أي رد فعل إسرائيلي إيجابي على المقترح المصري، لذلك ما زالت الصورة ضبابية على صعيد الموقف الإسرائيلي من المبادرة المصرية، ولا سيما ان دول «اللجنة الخماسية» تكتفي بتقديم النصائح فقط ولا تقوم بأي إجراء عملي لوقف العدوان وتطبيق اتفاق وقف الأعمال العدائية. لكن جاء الرد الإسرائيلي على زيارة رشاد كما على اجتماع لجنة الميكانيزم قبل ذلك، مزيداً من الغارات والاغتيالات، وأمس مزيداً من التهديد للبنان على ألسنة وزير الحرب يسرائيل كاتس ووزير الخارجية جدعون ساعر ورئيس أركان جيش الاحتلال ايال زامير. بحجة «وجود تقديرات جدّية تفيد بأن حزب الله بدأ يستعيد قدراته، ونجح في تهريب مئات الصواريخ القصيرة من سوريا»، ووصلت التهديدات الى حد الإعلان عن العودة الى قصف الضاحية الجنوبية لبيروت!
والجديد في الصورة اليوم، هو ترقّب الخطوة الثانية من رشاد وما إذا كان سينجح في إقناع إسرائيل بتطبيق وقف النار كما أقنعها وبضغط أميركي في اتفاق غزة، لكن الصمت الإسرائيلي على الحراك المصري المفترض انه حصل بموافقة أميركية «وليجرّب المصري حظه»، دليل على تمسّك الاحتلال بشروطه الأمنية والسياسية، خصوصاً بعد عدم ممارسة الضغط الكافي من توم برّاك ومورغان أورتاغوس لإقناع بنيامين نتنياهو بالقيام بخطوةٍ ما ولو صغيرة تجاه لبنان تقابل ما قام به في جنوبي نهر الليطاني. وجاءت تصريحات برّاك الأخيرة لتزيد من التقديرات بأن الإدارة الأميركية لا تريد ممارسة الضغوط على إسرائيل، بل تترك لها حرية الحركة العسكرية المتصاعدة لعلّها تنجح في لي ذراع لبنان وفرض شروطها عليه بالذهاب الى مفاوضات مباشرة أمنية وسياسية.
وعليه، يُنتظر أن تظهر نتائج زيارة رئيس الحكومة نواف سلام الى القاهرة حيث يُفترض انه سيستكمل المحادثات مع السلطات المصرية حول الإقتراح الذي نقله اللواء حسن رشاد، لمعرفة الخطوة المصرية المقبلة، هل تواصل مصر مساعيها أو توقفها بعد سلبية الموقف الإسرائيلي؟
لذلك، يبدو أن النصائح والمقترحات المصرية المستجدة، وقبلها الأميركية والأوروبية، لن تنجح نتيجة تشدّد وتصعيد الاحتلال الإسرائيلي، في فرض اتفاق أمن أو سلام يُناقض مصلحة لبنان الوطنية والاستراتيجية.
| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) .اضغط هنا
نسخ الرابط :