تتكشف تباعًا فصول الملف الخطير الذي هز الجامعة اللبنانية، وكشف عن منظومة متكاملة من التزوير والتلاعب في علامات الطلّاب واستبدال الكراسات وتسهيل الغش، في أوسع قضية تربوية تشهدها الجامعة الرسميّة منذ عقود.وفي معلومات “نداء الوطن” أن القضية التي انفجرت أخيرًا مع توقيف مدير الفرع الأول في كلية الحقوق والعلوم السياسية مجتبى بشير مرتض وبعض الموظفين، تتجه نحو اتساع أكبر بعدما تبيّن أن الأمر لا يقتصر على أفراد، بل يلامس بنية إدارية وأكاديمية متداخلة وممتدّة بين كليات وفروع.تسجيل طلّاب أجانب بلا تدقيق… ورحلات “رسمية” إلى الكويتتشير المعلومات إلى أن عميد كلية الحقوق بالتكليف سمح بتسجيل طلاب أجانب، ولا سيّما من الجنسية الكويتية بحجة تعزيز حضور الجامعة. وجرى غض النظر عن غيابهم شبه الكامل عن الصفوف رغم إلزامية الحضور بنسبة 70 % في مرحلة الماستر، في الوقت الذي تردّد فيه أن العميد كان يلبّي دعوات من بعض هؤلاء الطلّاب إلى الكويت.التحقيقات تكشف المزيد من الحقائق وقد كشفت التحقيقات أن الأمور لم تقف عند حدود إجراء الامتحانات، بل تعدّتها إلى تعديلات منظمة في نظام العلامات الإلكتروني (Banner)، واستبدال كرّاسات الامتحانات، وصولًا إلى تزوير توقيع الأساتذة المصحّحين، وفق الآتي:• تغيير علامات الراسبين على نظام الـ Banner.• تبديل كرّاسات بعد التصحيح ووضع علامات ناجحة عليها.• نزع الدبّاسات واستبدال أوراق داخلية بإجابات صحيحة.• سرقة كرّاسات ناجحين وتغيير أسماء أصحابها.• تخصيص قاعات للغش عبر الهاتف والسمّاعات (بينها المدرج رقم 1 في الحدث).وتؤكّد مصادر أن هذه الممارسات شملت أيضًا طلّابًا لبنانيين نافذين، وليس فقط طلّابًا أجانب.شبهة تزوير رسائل الماستر وشبكة ممتدّة بين الفروعتظهر أيضًا معلومات حول كتابة رسائل لطلّاب من قبل أحد الأساتذة، إلى جانب تسمية لجان مناقشة محدّدة لقبول الرسائل بصورة شكلية. وبحسب المعطيات، فإن معظم طلّاب الماستر في الفرع الأول أنهوا مرحلة الإجازة في الفرع الثالث – الشمال، حيث جرى تعديل علامات بطريقة مشابهة. غير أن التحقيقات لم تطل هذا الفرع حتى الساعة.“مكتبات غير شرعية” وتنسيق عمليات التلاعبفي محيط كلية الحقوق، تعمل ما وصف بـ “دكاكين مطبوعات” غير مرخصة داخل الحرم الجامعي، يُزعم أنها شكلت أحد مراكز تنسيق التلاعب بالمسابقات وتوزيع الحصص بين بعض الطلّاب من خلال مدربين وموظفين نافذين.كما تذكر في القضية أسماء عدد من المسؤولين والمدرّبين والعاملين في النظام المعلوماتي، من بينهم من تمّ توقيفه أو إعفاؤه من مهامه، ومن لم يستدع حتى الآن رغم ورود أسمائهم في إفادات. وتشير معطيات إلى حوالات مالية وصلت إلى أحد الأساتذة بقيمة 22 ألف دولار من طلّاب.شبهة فساد أوسع: إدارة مجمّع الحدث وتفلّت أمنيّ وأخلاقيّتتوسّع القضية لتطول شركة إدارة مجمع الحدث الجامعي، في ظلّ اتهامات بإهمال الخدمات والصيانة والفواتير، وسوء التنظيم الأمني داخل الحرم، ما سمح بانتشار مخالفات، سرقات، وأعمال منافية للأخلاق في بعض القاعات.قضية مشابهة ظهرت في كلية الآداب حيث الشبهات كبيرة حول إنجاح طلّاب لقاء تسديد رسم تخريج (65 دولارًا)، بينهم من شارك في حفل التخرج رغم رسوبه.كما أن محيط مجمع الحدث من مدخل الليلكي قد تحوّل إلى تجمّع لمخالفات بناء وأكشاك مخالفة على الأملاك العامة التابعة لمصلحة سكك الحديد، من دون تحرك من الجامعة أو الجهات المعنية.أضف إلى أن امتحانات الدخول إلى الكليات الطبية والهندسة ومعاهد الدكتوراه تديرها المكاتب التربوية الحزبية، وتخضع للمعايير الحزبية والطائفية.ملفات لم تفتح بعدلا تزال أسئلة مفتوحة حول:• عدم تكليف خبراء خطوط للتحقق من الكراسات المستبدلة.• عدم إجراء تدقيق فني في نظام Banner.• عدم تحديد الصلاحيات والولوج إلى النظام.• حصر الادّعاء بعدد محدود من المتورطين.ما أثار مخاوف من محاولة حصر القضية بأشخاص محدّدين وتجاهل الشبكات المتداخلة.الجامعة أمام امتحان وجوديّحاليًا، هناك 16 مدعى عليهم بينهم 3 موقوفين من قبل النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان، وأحد المدّعى عليهم هو المحلل فادي أبو دية إذ تشير التحقيقات إلى رفع علامة 3 مسابقات له اثنتان من 35 إلى 50 وواحدة من 40 إلى 50. وقد ادّعي عليه من دون توقيفه، وهنا يطرح أكثر من علامة استفهام. هذا وإن الادّعاءات الأخيرة لم تشمل كلّ المتورّطين وكلّ الوقائع، ولم يتمّ تكليف خبراء خطوط للتثبت من هوية المزوّرين، أو إجراء تحقيق فني في نظام البانر، كما لم يعرف من له حق الولوج إليه ومن قام أو يقوم بالتغيير.على كلّ حال، تبدو الجامعة اللبنانية أمام لحظة مفصلية: فإمّا محاسبة جدية تعيد لها صدقيتها وأخلاقياتها الأكاديمية، أو مزيد من الانهيار المؤسسي الذي سيطيح بما تبقى من ثقة الطلّاب والمجتمع بها. وتطالب أوساط جامعية وتربوية بتحقيق شامل وفني ورقابي، واستدعاء كلّ الأسماء، وإقفال أي ثغرات في أنظمة الامتحانات والتسجيل، حفاظًا على آخر معاقل التعليم العالي في لبنان.
| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) .اضغط هنا
نسخ الرابط :