الفيول الروسي… تحقيق في كواليس صفقة تهزّ وزارة الطاقة: أين يقف الوزير جو الصدي من العاصفة؟

الفيول الروسي… تحقيق في كواليس صفقة تهزّ وزارة الطاقة: أين يقف الوزير جو الصدي من العاصفة؟

 

Telegram

كتب رشيد حاطوم 

 

مدخل التحقيق

لم تكن الشحنة الأخيرة من الفيول مجرّد عملية توريد اعتيادية إلى معامل الكهرباء. خلف المستندات والدفاتر، تكمن قصة تتشابك فيها السياسة بالنفط، والمصالح بالمناقصات. فبحسب ما كشفته مصادر رقابية، فإن شركة يُشتبه بتورّطها سابقاً في تهريب فيول روسي – رغم العقوبات الدولية – عادت لتفوز مجدداً بعقد بملايين الدولارات من وزارة الطاقة، وبـ«تسهيل إداري» وُصف بأنه غير مبرّر.

الفضيحة انفجرت أولاً في أروقة الإعلام الاقتصادي، ثم تسلّلت إلى لجان الرقابة البرلمانية، لتفتح الباب أمام أسئلة كثيرة، أولها: من سمح لهذه الشركة بالعودة؟ وثانيها: هل كان الوزير جو الصدي على علم بتفاصيل الصفقة، أم اكتفى بتوقيع روتيني في نظامٍ تائه بين الضغط السياسي والعجز الإداري؟

من الشركة إلى المناقصة: مسار الغموض

تعود القصة إلى مناقصة استيراد فيول لمحطات الإنتاج في أواخر الصيف الماضي، حيث تقدّمت عدّة شركات، من بينها تلك التي كانت محور شبهات تتعلق بتهريب فيول روسي العام الفائت.
المفارقة أن اللجنة الفنية داخل الوزارة لم تُشر في تقريرها إلى ملف الشركة القديم، بل منحتها «علامة فنية كاملة»، ليتبيّن لاحقاً أنّ مرجعيات سياسية ضغطت لتسهيل فوزها بحجّة «ضمان الاستقرار الطاقوي».

مصدر مطّلع على ملف المناقصات في الوزارة يقول لـ«التحقيق»:

«المشكلة ليست في الشحنة وحدها، بل في منظومة القرار التي تُبنى على توازنات سياسية لا على كفاءة الشركات. الملف لم يُراجع بدقّة، وبعض المراسلات بين الوزارة ومصرف لبنان تمت بسرعة مريبة».

الوزير الصدي بين النفي والإحالة إلى القضاء

وزير الطاقة جو الصدي نفى عبر مكتبه الإعلامي أي علمٍ مسبق بالتفاصيل الإدارية الخاصة بالعقد، مؤكداً أنه «طلب فوراً إحالة الملف إلى القضاء المالي للتحقيق الشامل».
وقال في تصريحٍ مقتضب:

«لن أغطّي أحداً، ومن يثبت تورّطه سيتحمّل المسؤولية أمام القضاء، لا أمام السياسة».

إلا أن خصومه السياسيين – ومن بينهم نواب من المعارضة – يرون أن الوزير لا يمكنه التنصّل من المسؤولية السياسية، حتى لو لم يكن طرفاً مباشراً في التوقيع. فالمادة 66 من الدستور اللبناني تنصّ على أن الوزير «يتحمّل مسؤولية أعمال وزارته»، ما يجعل مساءلته في البرلمان أمراً مطروحاً بقوة.

أين تقف القوات اللبنانية؟

ينتمي الوزير جو الصدي إلى الحصة الوزارية التي تمثّل حزب القوات اللبنانية. مصادر في المعارضة ترى أن الحزب يحاول النأي بنفسه عن الملف خشية تحمّل ارتدادات سياسية في مرحلة حساسة.
في المقابل، تؤكد أوساط «القوات» أن الوزير «يتصرّف بمسؤولية كاملة ويواجه تركيبة داخل الوزارة متجذّرة منذ سنوات، منبثقة من العهود السابقة»، معتبرةً أن استهدافه اليوم يحمل أبعاداً سياسية أكثر منها مصلحية.

وثائق غامضة وأسئلة بلا إجابات

التحقيقات الأولية التي باشرها القضاء المالي كشفت وجود تناقض في بيانات منشأ الشحنات؛ فبينما تظهر أوراقها أنها مستوردة من مرافئ تركية، تشير تقارير تفريغ البضائع إلى مصدر روسي محتمل.
وتؤكد جهات مطّلعة أن بعض الوثائق «مزوّر بشكل احترافي»، ما يثير الشكوك حول مدى علم المسؤولين داخل الوزارة بذلك.
مسؤول رقابي سابق يقول:

«الخلل ليس وليد اليوم، بل نتاج تراكمات طويلة من الفساد البنيوي في قطاع الطاقة. لكن المسؤولية تبقى على من يملك القرار حالياً».

بين القضاء والسياسة

القضاء المالي يحقق في الملف، لكن التجارب السابقة لا توحي بتفاؤل كبير. فملفات «الفيول المغشوش» و«صفقات البواخر» لا تزال عالقة بلا أحكام نهائية.
وفي الكواليس، تشير مصادر دبلوماسية إلى أن شركاء دوليين يراقبون القضية باهتمام، لما قد تحمله من تداعيات على مفاوضات لبنان مع مؤسسات التمويل الدولية، وعلى سمعة البلاد في ما يخصّ الالتزام بالعقوبات النفطية.

 

بين باخرةٍ لم تُفحص ومستندٍ لم يُراجع، يقف وزير الطاقة أمام لحظة الحقيقة.
الفضيحة ليست فقط في ما جرى، بل في ما لم يُجرَ بعد: مراجعة كاملة للنظام الذي يسمح بتكرار الأخطاء بأسماء جديدة.
في دهاليز الوزارة، يتردّد همسٌ واحد:

«ربما لم يوقّع الوزير على الصفقة، لكنه وقّع على الصمت».
وهنا، تكمن بداية الحكاية لا نهايتها.

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) .اضغط هنا

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram