يستعرض نزار نيوف في تقريره مجموعة من الأحداث والوثائق التي تكشف، بحسب روايته، عن مسار الوزير اللبناني السابق مروان حمادة منذ أصوله العائلية في فلسطين وفرنسا، مرورًا بنشاطاته السياسية والأمنية منذ الثمانينات وحتى ظهوره مؤخرًا على قناة إسرائيلية. كما يتطرق المقال إلى تورط والده، محمد علي حمادة، في قضايا سياسية حساسة في لبنان، أبرزها الإعدام السياسي للقائد القومي السوري أنطون سعادة.
الخلفية العائلية
تشير وثائق ألمانية شرقية إلى أن والدة مروان حمادة، «مارغريت»، كانت يهودية فرنسية ولدت في مستعمرة «دغانيا» قرب بحيرة طبريا وعاشت مؤقتًا في مستعمرة «نتانيا» الفلسطينية قبل العودة إلى فرنسا بعد حكومة الجبهة الشعبية عام 1936. بعد زواجها من الدبلوماسي اللبناني محمد علي حمادة، تم تغيير اسمها وديانتها لأسباب سياسية. ويشير نيوف إلى أن محمد علي حمادة كان قنصلاً ودبلوماسيًا بارزًا قبل أن يصبح مديرًا عامًا لوزارة الخارجية ومستشارًا قانونيًا للوفد اللبناني في مفاوضات الهدنة مع إسرائيل عام 1949، كما جرى تجنيده بواسطة المستشار الأمني الإسرائيلي رؤوفين شيلواه، أحد مؤسسي جهاز الموساد.
تورط محمد علي حمادة في قضية إعدام أنطون سعادة
يؤكد نيوف أن محمد علي حمادة (والد مروان حمادة) لعب دورًا في الإجراءات التي أدت إلى الإعدام السياسي للقائد القومي السوري أنطون سعادة عام 1949. فقد كان مستشارًا قانونيًا ودبلوماسيًا في حكومة رياض الصلح، واستُخدمت مكانته وعلاقاته لتسهيل اعتقال وسجن عناصر الحزب السوري القومي الاجتماعي، ما ساهم في تنفيذ حكم الإعدام دون اعتراضات دولية فعالة. ويشير نيوف إلى أن هذه الحادثة تعكس تورط النخب اللبنانية في قضايا الإعدام السياسي والتنسيق مع مستشارين إسرائيليين وأوروبيين لضمان تنفيذ القرارات السياسية الحساسة.
نشاطات مروان حمادة في الثمانينات
بحسب نيوف، كان مروان حمادة وزيرًا للسياحة في حكومة شفيق الوزان عام 1982، ولعب دورًا مهمًا في السياسة الأمنية اللبنانية. ففي مايو 1982، وفق تقرير ألماني شرقي رقم 133، زوّد حمادة معلومات دقيقة حول استعداد إسرائيل لعدوان شامل على لبنان، بالتنسيق مع الحزب التقدمي الاشتراكي ووليد جنبلاط. كما تشير الوثائق إلى أن هذه المعلومات كانت جديرة بالثقة نظرًا لعلاقاته الأسرية الإسرائيلية في فرنسا، وتواصله السري مع زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي. وفي يونيو من نفس العام، بحسب تقرير ألماني شرقي رقم 161، تولى حمادة قيادة مفاوضات سرية لإخراج قوات منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان، بالتعاون مع ضابط إسرائيلي ورايان كروكر رئيس القسم السياسي في السفارة الأمريكية، وعبور الحواجز الإسرائيلية بإذن خاص من آرييل شارون، فيما مارس وليد جنبلاط ضغوطًا على قيادة المنظمة لقبول الانسحاب لتجنب تدمير بيروت الغربية.
حرب تموز 2006 والغارة على مجمع الإمام الحسن
يستعرض نيوف أحداث 13 آب/أغسطس 2006، آخر أيام حرب تموز، حين شنّت إسرائيل أقوى غارة جوية على الضاحية الجنوبية لبيروت، مستهدفة «مجمع الإمام الحسن» بـ34 صاروخًا خارقًا للأنفاق، ما أدى إلى تدمير ثمانية أبراج جزئيًا أو كليًا واستشهاد العشرات من المدنيين وتشريد المئات. ويشير نيوف إلى أن حمادة قدّم معلومات إلى السفير الأمريكي جيفري فيلتمان حول اجتماع قيادة حزب الله في أنفاق المجمع وخطط نقل وحدات النخبة جنوب نهر الليطاني قبل تنفيذ قرار وقف إطلاق النار (قرار 1701). بعد نشر نيوف لتقارير حول هذا الدور على موقعه SyriaTruth، رفع حمادة دعوى قضائية ضده في لبنان، ما دفع محاميه الفرنسي وليام بوردون للتحذير من العودة خوفًا على حياته، فرفض نيوف الحضور أمام القضاء اللبناني.
ظهور مروان حمادة على قناة إسرائيلية I24
يصف نيوف ظهور حمادة على القناة الناطقة بالفرنسية بأنه تمهيد للتطبيع العلني وممارسة «الدعارة السياسية» على الملأ دون خشية العقاب. ويرى أن الإعلام اللبناني تجاوب مع الأمر بشكل متساهل، فيما شعر بعض اللبنانيين بالخجل والحرج من هذا الظهور.
الوثائق الألمانية الشرقية
توفر الوثائق الألمانية الشرقية تفاصيل دقيقة عن نشاطات حمادة وعائلته:
الوثيقة الأولى (10 أيار 1982): لقاء مع جورج حاوي الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني، تؤكد معلوماته حول استعداد إسرائيل للعدوان، مع اعتبار معلومات حمادة أكثر دقة بسبب علاقاته الأسرية والإسرائيلية وتواصله مع وليد جنبلاط، وربط الوثيقة بين حمادة الأب ومفاوضات الهدنة اللبنانية-الإسرائيلية 1949.
الوثيقة الثانية (27 حزيران 1982): تشير إلى قيادة حمادة مفاوضات الانسحاب النهائي لقوات منظمة التحرير الفلسطينية بالتعاون مع ضابط إسرائيلي ورايان كروكر، مع عبور الحواجز الإسرائيلية بإذن آرييل شارون، وضغوط من وليد جنبلاط على قيادة المنظمة لقبول الانسحاب لتجنب تدمير بيروت الغربية.
الملاحظات العامة لنيوف
يؤكد نيوف أن موقفه الشخصي كان الدفاع عن حياته بعد تهديد الدعوى القضائية في لبنان. كما يشدد على أن مصداقيته تعتمد دائمًا على الوثائق الرسمية أو أكثر من مصدر مستقل قبل نشر أي معلومة. ويرى أن الإشكالية ليست في أن يكون الشخص يهوديًا أو أن تكون أمه يهودية، بل في الإخفاء أو استغلال ذلك سياسيًا كما يرى في حالة حمادة.
الخلاصة
يقدم نزار نيوف رؤية مركبة لمسار مروان حمادة منذ أصوله العائلية إلى نشاطاته السياسية والأمنية منذ الثمانينات، مرورًا بدوره في حرب تموز 2006 وظهوره الإعلامي الأخير، وصولًا إلى تورط والده محمد علي حمادة في الإعدام السياسي لأنطون سعادة. ويربط نيوف بين الأحداث التاريخية والمعاصرة، مؤكدًا على العلاقة بين المعلومات الأمنية والعلاقات السياسية، وتحذيره الشخصي من استغلال السلطة القضائية والسياسية ضده.
| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) .اضغط هنا
نسخ الرابط :