الذهب بين الفيدرالي وآمال الخفض
تتصاعد تساؤلات الأسواق حول قدرة مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي على كبح سوق العمل المتماسك، في وقت بدأت فيه البيانات الاقتصادية تُظهر إشارات ضعف تدريجية. فتباطؤ النمو وتراجع بعض مؤشرات الإنفاق لا يزالان دون المستوى المطلوب لإحداث التوازن بين التضخم والتوظيف، ما يجعل الفيدرالي في مواجهة معقدة: الاستمرار في التشدد أم الانتقال نحو التيسير النقدي؟
يزيد المشهد تعقيداً الإغلاق الحكومي الأميركي الذي يُعدّ ثاني أكبر إغلاق في تاريخ البلاد، إذ تسبب بتأجيل صدور بيانات اقتصادية رئيسية، وعلى رأسها تقرير التضخم والوظائف. هذا التأجيل خلق فجوة في البيانات المتاحة أمام صناع القرار، وأعاد التوقعات بإمكان خفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في الاجتماع القادم للجنة السياسة النقدية في 29 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري باعتباره الاجتماع ما قبل الأخير هذا العام ، بخاصة في ظل تباطؤ واضح في بعض قطاعات الاقتصاد وارتفاع معدل البطالة إلى أعلى مستوى في أكثر من أربع سنوات.
في الوقت ذاته، تترقب الأسواق صدور بيانات مؤشر أسعار المستهلكين التي ستُظهر على الأرجح بقاء معدلات التضخم الأساسية مستقرة عند 3.1% أو ارتفاعاً طفيفاً. هذا السيناريو، أي استقرار التضخم دون تسارع يمنح الفيدرالي مساحة أكبر للتحرك نحو تخفيف السياسة النقدية، ويدعم فكرياً الاتجاه نحو خفض الفائدة في المدى القريب. فعندما لا يرتفع التضخم رغم تباطؤ الاقتصاد، تصبح الحاجة للتشدد أقل إلحاحاً، ما يدفع المستثمرين إلى تسعير ضعف الدولار وارتفاع الذهب.
لكن، وبحسب قراءات السوق الفنية، قد يشهد الذهب تصحيحاً هابطاً موقتاً قبل انطلاقة جديدة. فمع اقتراب صدور بيانات التضخم وتزايد المضاربات، يُتوقع أن تتراجع وتختبر الأسعار موقتاً مستويات 4000 دولار للأونصة، وهو ما يُعرف بـ “تطابق التحليلين” أي تلاقي التحليلين الفني والأساسي في توقع حدوث حركة تصحيحية قبل استئناف الاتجاه الرئيسي. هذا التصحيح المحتمل يعكس عمليات جني الأرباح قبيل صدور البيانات الحساسة، خصوصاً في ظل غياب رؤية واضحة بشأن قرارات الفدرالي الفعلية.
من الناحية الأساسية، سيبقي استمرار حالة عدم اليقين في السياسة النقدية الأميركية الذهب في اتجاه صاعد على المدى الطويل. فالتضخم المستقر، والضغوط على الدولار، والإغلاق الحكومي، إلى جانب احتمالية خفض الفائدة، كلها عوامل تدعم عودة الطلب على المعدن النفيس كملاذ آمن. ومع ذلك، فإن أي هبوط مؤقت يجب النظر إليه كمرحلة تصحيحية ضمن مسار صعودي ممتد، وليس تحولاً في الاتجاه.
في المحصلة، يجد الفدرالي نفسه أمام اختبار مزدوج: السيطرة على سوق العمل دون التسبب بركود حاد، وموازنة معدلات التضخم دون خنق النمو الاقتصادي. ومع اقتراب اجتماع اللجنة الفيدرالية وتزايد احتمالات خفض الفائدة، يبدو أن الذهب يستعد لمرحلة تذبذب قصيرة الأمد تسبق موجة ارتفاع جديدة، مدفوعة بعدم اليقين الذي لا يزال يلقي بظلاله على المشهد المالي الأميركي.
| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp)
.اضغط هنا
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram
(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)
:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي