لا تزال قضيّة الترخيض لشركة الإنترنت الأميركية «ستارلينك» تحت المجهر، حتى بعد موافقة مجلس الوزراء على السماح للشركة بتقديم خدماتها في كل لبنان. وتتابع لجنة الإعلام والاتصالات النيابية برئاسة النائب إبراهيم الموسوي الملف، مبرزة اعتراضها على العقد الموقّع بين وزارة الاتصالات والشركة، بسبب المخالفات التي تضمّنته.
أمس، استدعت اللجنة النيابية خبيراً في الاتصالات ليسأله النواب عن مختلف بنود العقد وآلية عمل «ستارلينك»، تمهيداً للخروج بتوصية نيابية تؤدّي إلى الطعن بهذا العقد أمام «مجلس شورى الدولة».
خصوصاً في ضوء رأي هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل حول المقارنة بين وضع شركات توزيع الإنترنت في لبنان و«ستارلينك»، إذ استندت الهيئة إلى ما سمّته «التشابه في الوضع»، لتخلص إلى إمكانية الترخيص للشركة.
الخبير فنّد اللّغط الحاصل في هذه المسألة لناحية كون شركات مقدّمي الخدمات في لبنان يشترون الإنترنت من الدولة، ثم يبعيون الخدمات عبر شبكة الدولة، كما يقومون بصيانة البنى التحتيّة والاستثمار بمعدّاتهم. أمّا «ستارلينك»، فتستخدم شبكة خاصة بها تتضمّن سعات الإنترنت، وتبيع خدمتها عبر شركة عالمية على كل الأراضي اللبنانية، لكن عبر استخدام موارد الدولة، أي التردّدات، ويحصل كل ذلك بناء على عقد غير محدّد زمنياً، ما يجعل الأمر أقرب إلى منح الشركة امتيازاً وليس ترخيصاً. وهو ما يوجب، بحسب أعضاء اللجنة النيابية، أن يمرّ الأمر عبر مجلس النواب.
وأظهر النقاش، أنّ ما تسمّيه وزارة الاتصالات «ترخيصاً دولياً»، فإنّ البتّ به يعود إلى القانون 431/2002، الذي يمنح الهيئة الناظمة مهمّة إعداد دفتر شروط ترخيصي عام وإطلاق منافسة علنية وتحديد حصة الدولة وآلية احتسابها ضمن الدفتر. أمّا إذا عُدّ الملف كعقد إداري، فإنه يخضع لقانون الشراء العام ويحتاج إلى رقابة مسبقة من ديوان المحاسبة.
في الحالات الثلاث، يصعب تمرير «الصفقة» عبر منح الشركة مجرّد ترخيص من مجلس الوزراء، إذ لا يمكن بيع أي سلعة مهما كان نوعها في لبنان من دون المرور بجهة رقابية ما. وهو ما لم يحصل في حال «ستارلينك» التي سلكت «خطّاً عسكرياً».
في موازاة ذلك، سُئل الخبير من قبل النواب عن مسألة تخزين الدّاتا خارج الأراضي اللبنانية والسيادة الرقمية، وأشار إلى وجود اختراق أمني كبير عبر تطبيقات الهاتف مثل «واتس آب» وغيرها، أو عبر الداتا المكشوفة.
وكان الجواب أنّ كل الدول حتى المتقدّمة تكنولوجياً تتعرّض إلى الخرق اليومي، وتعمل باستمرار على محاربة التسرّب وابتكار سُبل جديدة لحماية نفسها ومواطنيها. لكن ذلك يختلف تماماً عمّا جرى في الحال اللبنانية مع «ستارلينك»، إذ عمدت الدولة إلى التوقيع على عقد تسمح فيه بتخزين الداتا على خوادم في قطر، أي أنها تخلّت طوعاً عن سيادتها الرقمية.
يُشار إلى أنّ العقد يتحدّث في مادّته التاسعة عن مسؤولية «أوجيرو» عن تخزين الداتا في الخوادم الموجودة لدى شركة «سبايس أكس» خارج الأراضي اللبنانية، وهو مخالف للمادة 72 من قانون المعاملات الإلكترونية والبيانات ذات الطابع الشخصي، التي تحدّد مسؤولية حفظ الداتا وتخزينها بمقدّم الخدمة لمدة ثلاث سنوات، وهو ما يخالف العقد الذي يحمّل المسؤولية إلى جهة لا دخل لها بالخدمة أبداً.
مع وصول وزير الاتصالات شارل الحاج، إلى الجلسة بعد ساعة من النقاش، عاد البحث إلى أصل الترخيص، وقال الوزير إنّ الشركة ستقدّم خدماتها عبر استخدام رابط مقدّم من الوزارة، علماً أنّ هذا التفصيل غير مذكور في العقد. ونفى الحاج أن تكون أي شركة قد تقدّمت بعرض مشابه، وهو ما يناقض ما سبق له أن قاله شخصياً أمام مجلس الوزراء، أنه يتفاوض مع شركتَي «أوتلسات» و«عربسات».
كذلك، بدا لافتاً دخول الحاج على رأس فريق كبير مؤلّف من نحو 20 شخصاً، ليتبيّن أنّ من بين هؤلاء كل أعضاء الهيئة الناظمة المعيّنة حديثاً الذين تصرّفوا كملحقين بالوزير وموظفين لديه، مع الإشارة إلى أنّ القانون يمنح الهيئة استقلالية تامة ويعطيها صلاحيات واسعة تصل إلى مراقبة الوزير وحماية المستهلك… وأيضاً إصدار التراخيص لمقدّمي الخدمات، أي المهمّة التي «خطفها» الوزير منها!
| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) .اضغط هنا
نسخ الرابط :