كيف باعت أوكرانيا نفسها كـ “سرير اختبار”؟

كيف باعت أوكرانيا نفسها كـ “سرير اختبار”؟

 

Telegram

منذ بداية المواجهة الروسية الأطلسية في أوكرانيا، ووسائل الإعلام منشغلة بإصدار التقارير الإحصائية وتصاميم الإنفوغراف لتبيان حجم الأموال والأسلحة التي أرسلتها الدول الأوروبية والولايات المتحدة إلى أوكرانيا.

كلّ هذا هو جزء من صناعة رواية الحرب، فالغرب يريد أن يقول إنّ هذه العطايا السخية كلّها، لأنّ المنظومة الغربية “ترفض الاعتداء” و”تنتصر للمعتدى عليه”؛ لذلك ليس غريباً أن تتنقّل بين تقارير منظمة كيل والتقارير الرسمية الأوروبية وUSA Facts، وتتعثّر بالأرقام الكبرى من الالتزامات والمخصصات؛ 186 مليار دولار من واشنطن حتى نهاية 2024، و216 مليار دولار حتى نهاية أيلول/سبتمبر 2025 من دول الاتحاد الأوروبي، وهكذا دوليك!

ولكن، في متن الرواية الحقيقية للحرب؛ ما يحدث ليس دعماً بالمعنى المجرّد، فـ “الدعم” قد يعطي انطباعاً بعمل خيريّ ما، منطلق من دافع أخلاقي، وحماية لمنظومة قيمية، وانتصار لمظلوم، إلخ… ولكن ما يجري في أوكرانيا هو استثمار أوروبي وأميركي، استثمار في الحرب. وداخل لعبة الاستثمار هذه، هنالك من يحرق ذاته، ويقدّم نفسه قرباناً على مذبح الرضا الغربي؛ أوكرانيا:

1. تريد واشنطن أن يبقى هاجس روسيا الوحيد هو الهيكل الأمني في أوروبا، لذلك هي لا تكفّ عن الإعلان عن إجراءات انضمام قريبة للناتو، من جورجيا سابقاً إلى أوكرانيا حالياً. ويأتي هذا في إطار مشاغلة روسيا عن باقي مساحات المسرح الدولي، وأوكرانيا هي الذراع التنفيذي لهذه المشاغلة.

2. عبر تصدير أوكرانيا كـ “ضحية”؛ تتمّ الدعوة لأوسع مشاركة في فرض العقوبات الاقتصادية على روسيا، لتمزيق وسادتها المالية المعتمدة في جزء أساسي على اقتصاد الطاقة، وهو ما ثبت فشله في الحالة الهندية مثلاً.

3. ما تمثّله روسيا من “شبح القوة البرية” للولايات المتحدة، يحتاج تصدير أوكرانيا كعنوان لـ “التضحية”، فيصبح الجنود الأوكرانيون وزملاؤهم من المرتزقة القادمين من مناطق مختلفة من العالم، الوقود الأقلّ تكلفة لاستنزاف القوة البرية الروسية.

إضافة إلى كلّ تلك الخدمات الاستراتيجية التي تقدّمها أوكرانيا في مسار انتحارها، قدّمت أوكرانيا للغرب خدمة إضافية؛ أن تكون الجغرافيا الأوكرانية “سرير اختبار”.

سرير الاختبار (Test Bed) هو مصطلح مرتبط بالتجريب؛ يستخدمه المبرمجون للدلالة على تجريب الخوارزميات في بيئة تمهيدية قبل أن تصبح الخدمة متاحة لجميع المستخدمين، ويستخدمه الصناعيون لتجريب المنتج في إطار ضيّق قبل التوزيع الشامل في الأسواق، ويستخدمه العسكريون قبل دخول المعركة الحقيقية، باستخدام نماذج محاكاة (Simulation)، أو مناورات لتجريب الأسلحة فيها.

أوكرانيا قدّمت عرضاً انتحارياً آخر لخدمة أوروبا والولايات المتحدة، أن تجرّب أسلحتها في فضاء واقعي، وفي حرب حقيقية، وبذلك، وبتعبير الجهات الرسمية نفسها، باتت أوكرانيا حاضنة (incubator) لشركات السلاح العالمية.

في برنامج BRAVE 1 الأوكراني؛ تسمح أوكرانيا لشركات السلاح في العالم بتجريب أسلحتها في الخطوط الأمامية، بما في ذلك الشركات الناشئة التي تبحث عن سرير اختبار يطوّر منتجاتها بأقصى سرعة. الأوكرانيون مستعدّون لتلقّي دورات تدريبية على هذه الأسلحة من الشركات عبر الإنترنت (Online Training)، ومستعدّون أيضاً لإرسال التقارير اللازمة عن مدى فعّالية الأسلحة وثغراتها إلى الشركات الأصلية، وبذلك تكون التكلفة البشرية على الشركات المصدّرة ودول المنشأ صفراً!

التركيز في برنامج Brave 1 على المسيّرات الجوية والأرضية والبحرية، وأنظمة الدفاع من المسيّرات، والذكاء الاصطناعي والحرب الإلكترونية، وحروب السايبر. يقول موقع TheDefensePost إنّ عدد الشركاء المهتمين في المبادرة يصل إلى 45 شركة.

لا تكمن خطورة هذا البرنامج بالصورة غير الإنسانية في استثمار الحروب فقط، بل تتجاوزها إلى تحوّل أوكرانيا إلى بؤرة إرهاب دولي، ومنبع مغذٍ له في ساحات أخرى، فكيف ذلك؟

1. الشركات الإسرائيلية حاضرة في هذا البرنامج، (Elbit Systems, Percepto, Aeronautics Ltd, XTEND)، وتعتبر الميدان الأوكراني فرصة لاختبار فعّالية المسيّرات، كما فرصة لاختبار أنظمة الدفاع ضدّ المسيّرات. “إسرائيل” معنية أيضاً في اختبار أنظمة الذكاء الاصطناعي في مساحات واسعة.

عوائد الاختبار تستثمره “إسرائيل” في جرائمها في المنطقة، من غزة إلى لبنان واليمن وإيران، وغيرها من الدول.

2.   أوكرانيا تعطي مساحة واسعة للتدريب على المسيّرات واختبارها، والفرق المشاركة في هذه التدريبات متنوّعة، ومنها مجموعات مرتزقة من شركات أمنية خاصة. هذا المناخ “التدريبي” يفسح المجال أمام الشركات الأمنية الخاصة لتصدير ناتج التدريب في أوكرانيا إلى مساحات أخرى في العالم، وهنا يجب الانتباه أنّ ما حدث من استهداف الداخل الروسي بالمسيّرات وما حدث في إيران خلال الحرب وأيضاً في فنزويلا مؤخّراً من محاولات تخريب في الداخل قد تكون انطلقت من منشأ واحد.

دور “سرير الاختبار” يحوّل أوكرانيا إلى معسكر إرهاب دولي يجب مراقبته؛ ولكن ما لا يعرفه بعض الأوكرانيين، أنّ الشركات عندما تفرغ من سرير الاختبار، غالباً ما تتلفه!

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) .اضغط هنا

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram