تقرير حول تطبيق أحكام تعويض نهاية الخدمة في حالات التوظيف المتعدد

تقرير حول تطبيق أحكام تعويض نهاية الخدمة في حالات التوظيف المتعدد

 

Telegram

اصدرت اللجنة الفنيّة في صندوق الضمان الاجتماعي تقريرا حول آلية استحقاق وحساب تعويض نهاية الخدمة في حالات تعددّ أرباب العمل وفقاً لأحكام قانون الضمان الاجتماعي ولا سيما المواد 49 الى 54 منه. وجاء فيه: “يُعتبر مبدأ العدالة من المبادئ الأساسيّة التي استندت إليها التشريعات العماليّة الدوليّة، كما أكدّته اتفاقيّات منظمة العمل الدوليّة، ولا سيما تلك المتعلّقة بإنهاء علاقة العمل وضمان حقوق الأجراء. فهذا المبدأ يقتضي أن يحصل الأجير عند انتهاء خدمته على تعويض منصف يراعي القيمة الفعليّة لجهده وخدمته على مرّ السنين، وأن يكون هذا التعويض متناسباً مع أجره الأخير الذي يعكس موقعه الوظيفي وتطوّره المهني.
 
وعملا بهذا المبدأ، فإنّ نظام تعويض نهاية الخدمة في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، المعمول به منذ ١/٥/١٩٦٥، يشكّل الركيزة الأساسية في تأمين حقوق الأجراء عند انتهاء خدمتهم، سواء بسبب بلوغ السن القانونيّة أو تحقق إحدى الحالات المنصوص عليها في المادة ٥٠ من قانون الضمان الاجتماعي.
 
وقد جاء هذا النظام ليحلّ محلّ تعويض الصرف المنصوص عليه في المادة ٥٤ من قانون العمل، بحيث انتقلت مسؤولية تنظيم التعويض وتسويته من عاتق رب العمل مباشرة إلى الصندوق، من خلال آلية تقوم على الاشتراكات الشهريّة أو الفصليّة المترتبة على أرباب العمل، مع احتساب الفوائد التراكمية.
 
إلّا أنّ تطبيق هذه الأحكام يثير إشكاليّات عمليّة وقانونيّة، خاصةً عند وجود فترات خدمة متتالية لدى رب عمل واحد او أكثر. وهو ما يفرض إعادة البحث في تحديد الجهة التي تُعتبر رب العمل الاخير، وتعيين الأجر الأخير الواجب اعتماده كأساس لاحتساب التعويض، فضلًا عن توزيع المسؤولية بين أرباب العمل لجهة تسوية التعويض، ضمانًا لحسن تطبيق القانون وحماية حقوق المضمون.
 
وعليه، فإن الإشكالية التي يتناولها هذا التقرير تتمحور حول الآتي: كيف يُحتسب تعويض نهاية الخدمة للأجير الذي عمل عند رب عمل واحد في فترات متقطعة، أو عمل لدى أكثر من رب عمل واحد؟ ومن هي الجهة الملزمة بتسوية هذا التعويض؟ وما هو الأجر الذي يجب اعتماده كأساس لاحتساب تعويض نهاية الخدمة؟
 
 
أولاً: الخضوع الإلزامي والانتساب الاختياري
 
بدأ العمل بنظام صندوق تعويض نهاية الخدمة في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي اعتبارًا من 1/5/1965، حيث حلّ هذا النظام محلّ تعويض الصرف المنصوص عليه في المادة 54 من قانون العمل اللبناني. ويُعتبر هذا التاريخ تاريخ بدء نفاذ نظام تعويض نهاية الخدمة.
 
وقد جعل المشرّع الانتساب إلى هذا النظام إلزاميًا بالنسبة إلى جميع الأجراء الذين استُخدموا بعد تاريخ النفاذ (المادة 49 فقرة 2). في المقابل، منح الأجراء الذين كانوا مستخدمين لدى رب عملهم بتاريخ بدء النفاذ حقّ الخيار بين:
 
البقاء خاضعين لأحكام قانون العمل في ما يتعلّق بتعويضات الصرف من الخدمة؛
اختيار الانتساب إلى نظام تعويض نهاية الخدمة.
 
وبموجب ذلك، يُطلق على الأجراء الذين كانوا في الخدمة بتاريخ النفاذ واختاروا الانتساب إلى النظام تسمية “المضمونين الاختياريين”، وفق ما نصّت عليه المادة 49 فقرة 3 (ب).
 
ثانيا: شروط استحقاق تعويض نهاية الخدمة
 
حددت المادة 50 من قانون الضمان الاجتماعي شروط استحقاق تعويض نهاية الخدمة، موضحّة أن ليست كل مدّة اشتراك تؤدي تلقائياً إلى استحقاق التعويض الكامل. فاستحقاق التعويض يكتسبه الأجير عند تحقق أحد الشروط التالية، سواء بانتهاء مسار خدمة طويل أو بوقائع خاصة محدّدة:
 
المدّة الطويلة للخدمة: أن يكون مجموع سني عمل الأجير عشرين سنة على الأقل، مع احتساب مدة اشتراكه في الصندوق إلى جانب سنوات الخدمة لدى ربّ العمل الذي كان يستخدمه عند نفاذ النظام (المادة 50-1-أ).
انتفاء القدرة على العمل: أن يكون الأجير مصاباً بعجز بنسبة 50% على الأقل يمنعه من القيام بعمله أو بعمل مماثل، مع مراعاة وضعه المهني (المادة 50-1-ب). ويجب أن يتثبّت من هذا العجز اللجنة الطبية المختصة (المادة 50-1-ج).
الوضع العائلي للزوجة: أن تكون المرأة الأجيرة قد تزوجت وتركت عملها خلال الاثني عشر شهراً التالية لتاريخ الزواج (المادة 50-1-د).
عمر الاجير: أن يكون الأجير قد بلغ السن القانونية (60–64) وفق القانون 87/2 تاريخ 6/1/1987 (المادة 50-1-هـ).
الوفاة: في حال وفاة الأجير، سواء كان مضموناً إلزامياً أو اختيارياً، يستحق لأصحاب الحق تعويض نهاية الخدمة كما هو محدد في المرسوم 8496 تاريخ 2/8/1974 (المادة 50-2).
 
ثالثاً: مقدار التعويض
 
إنّ القاعدة الأساسية لحساب تعويض نهاية الخدمة هي أن يعادل التعويض، عن كل سنة خدمة الأجر الذي تقاضاه صاحب العلاقة خلال الشهر الذي سبق تاريخ نشوء الحقّ بالتعويض (المادة 51-1-أ). ويحق للمضمون الذي بلغ السنّ القانونيّة (60–64) أن يتقاضى تعويضاً إضافياً قدره نصف شهر عن كل سنة خدمة لاحقة للعشرين سنة الأولى، ويُحتسب هذا التعويض الإضافي فقط عن الفترة التي تكون الاشتراكات خلالها متوجبة للصندوق على رب العمل (المادة 51-1-ب).
 
كما أن التعويض المستحق بسبب العجز (البند ب، الفقرة 1 من المادة 50) يجب أن يكون معادلاً على الأقل لأجر عشرين شهراً (المادة 51-2). اما التعويض المستحق بسبب وفاة الأجير، فيُحسب وفقاً لأحكام المادة 51 على أساس سني الخدمة حتى تاريخ الوفاة، شرط ألا يقل عن راتب ستة أشهر (المادة 51-5).
 
وينبغي التمييز هنا بين مسألتين متصلتين: الأولى تتعلّق بتوفر شروط استحقاق التعويض، والثانية تتعلّق بالمطالبة بصرفه. فتوافر شروط الاستحقاق لا يعني تلقائياً تصفية التعويض ودفعه، إذ إن التصفية تتم بناءً على طلب الأجير في حالات مثل إكمال مدة اشتراك 20 سنة، أو العجز، أو زواج الأجيرة، أو الوفاة، بينما تجري التصفية تلقائياً وحكماً فقط عند بلوغ الأجير سن الرابعة والستين (المادة 54-3).
 
وهنالك حالات لا يحق للأجير المضمون إلزامياً أو اختيارياً فيها إلا تعويض جزئي، وذلك في حال تركه العمل قبل استكمال شروط محددّة:
 
إذا ترك الأجير من تلقاء نفسه المؤسّسة التي تدرّب فيها قبل انقضاء سنتين بعد نهاية تدريبه، أو إذا كان مضموناً اختيارياً وترك عمله قبل انتهاء الاثني عشر شهراً الأولى من انتسابه للنظام، فيبلغ تعويضه ثلث تعويض نهاية الخدمة المحدّد في المادة 51، أي عن كلّ سنة خدمة الأجر الذي كان يتقاضاه صاحب العلاقة خلال الشهر الذي سبق تاريخ نشوء الحق بالتعويض (المادة 52-1).
إذا ترك الأجير عمله نهائياً دون قصد الرجوع إلى أي عمل مأجور آخر، يُحدد التعويض حسب مدة الاشتراك كما يلي (المادة 52-2):
50% إذا اشترك خمس سنوات أو أقل،
65% إذا اشترك أكثر من خمس سنوات وحتى عشر سنوات،
75% إذا اشترك أكثر من عشر سنوات وحتى خمس عشرة سنة،
85% إذا اشترك أكثر من خمس عشرة سنة وأقل من عشرين سنة.
 
وتجدر الإشارة إلى أن ترك الأجير للعمل لا يؤدي تلقائياً إلى تصفية التعويض، إذ لا يُطبق التعويض المخفّض إلا إذا تقدّم الأجير صراحة بطلب التصفية من الصندوق بداعي تركه العمل نهائياً دون قصد الرجوع إلى أي عمل مأجور آخر (المادة 52-2).
 
ويستثنى من هذا الحكم الأجير الذي ترك المؤسسة التي تدرب فيها قبل انقضاء سنتين من نهاية تدريبه، أو المضمون الاختياري الذي ترك عمله قبل نهاية الاثني عشر شهراً الأولى من انتسابه للنظام، حيث يُطبق في هذه الحالات التعويض المخفض (المادة 52-1)، رغم عدم تقديم الأجير طلب تصفية التعويض.
 
رابعاً: تعويض المضمون الذي عمل عند رب عمل واحد
 
وبما أنه تم التمييز بين توافر شروط الاستحقاق وفعل التصفية، فإنه ينبغي تحديد من يترتب عليه دفع تعويض نهاية الخدمة. في الأصل، يعتبر التعويض واجباً على رب العمل، إلا أنه بعد بدء العمل بنظام تعويض نهاية الخدمة، انتقل هذا الموجب إلى الصندوق لتنظيم العلاقة بين رب العمل والأجير.
 
في حالة المضمون الاختياري، وعن الفترة السابقة للانتساب، يترتب على ربّ العمل عند انتساب أجيره اختياريا إلى النظام، تنظيم حساب التعويض عن فترة العمل المستمر التي قضاها الأجير منذ تاريخ استخدامه حتى تاريخ طلبه الانتساب إلى النظام، ويتم احتساب هذا التعويض وفق أحكام قانون العمل المتعلقة بتعويض الصرف من الخدمة (المادة 53-1). ويظل هذا التعويض تحت يد رب العمل إلى أن يستحق الأداء (المادة 53-3).
 
أما عن الفترة اللاحقة للانتساب، وكذلك بالنسبة للمضمون الإلزامي، فيتعيّن على رب العمل تسديد الاشتراكات للصندوق بالمعدل المحدد في النظام الداخلي (المواد 71 إلى 76) وذلك اعتباراً من تاريخ الانتساب وحتى تاريخ ترك الأجير العمل او بلوغ السن القانونية.
 
وهنا يتضح أن رب العمل مسؤول عن سداد الاشتراكات للصندوق عن الفترة اللاحقة للانتساب سواء للمضمون الالزامي ام الاختياري، شهرياً أو فصلياً. كما يترتب عليه دفع التعويض عن فترة العمل المستمر للمضمون الاختياري منذ بدء استخدام الأجير وحتى تاريخ طلبه الانتساب إلى النظام، وذلك عند استحقاق الأداء بموجب أحكام الفقرتين 1 و2 من المادة 50، أي عند تصفية تعويض الأجير بداعي: 20 سنة خدمة، أو العجز، أو زواج الأجيرة، أو الوفاة، أو بلوغ السن القانونية، أو في حالة ترك الأجير المضمون اختيارياً عمله قبل خدمة عشرين سنة (المادة 53-4).
 
ففي حالة تصفية حساب الأجير المضمون اختيارياً، يدفع رب العمل للصندوق مبلغاً يساوي مجموع التعويضات المحسوبة وفق المادة 51، أي ما يعادل عن كل سنة خدمة الأجر الذي كان يتقاضاه صاحب العلاقة خلال الشهر الذي سبق تاريخ نشوء الحق بالتعويض، محسومًا منه قيمة حساب الأجير في الصندوق. وتتألف هذه القيمة من مجموع مدفوعات رب العمل السابقة إلى الصندوق مضافاً إليها الفوائد بالمعدل المحدّد في نظام الصندوق الداخلي (المادة 54-4).
 
أما في حالة تصفية حساب المضمون إلزامياً، فإن موجب رب العمل يقتصر على دفع الفرق بين قيمة التعويضات المحسوبة وفقاً للمادة 51، أي ما يعادل، عن كل سنة خدمة، الأجر الذي كان يتقاضاه صاحب العلاقة خلال الشهر الذي سبق تاريخ نشوء الحق بالتعويض، وبين مجموع المدفوعات التي سبق أن أجراها إلى الصندوق مضافاً إليها الفائدة بالمعدل المحدّد في النظام.
 
وقد حدّدت الفقرة (4) من المادة 54 هذا الموجب بقولها: إن المدفوعات المنوّه عنها في الفقرتين السابقتين هي تلك التي أجريت بموجب المادة السابقة أو المواد 71 إلى 76 من هذا القانون. في هذه الحالة، إذا استمر الأجير بالعمل لدى رب عمل واحد، سواء أكان مضموناً اختيارياً أو إلزامياً، فإنّ تعويض نهاية الخدمة يُحتسب وفقاً للمادة 51، أي الراتب الأخير عند رب العمل مضروباً بعدد سنوات الخدمة لديه.
 
أما بالنسبة إلى التسوية المترتبة على رب العمل، فهي تساوي التعويض المحسوب وفق المادة 51 ناقص الاشتراكات التي سبق أن سددها رب العمل إلى الصندوق مضافاً إليها الفوائد بالمعدّل المحدّد في النظام.
 
ويُلاحظ وجود فارق جوهري في النص بين حالتي المضمون الاختياري والمضمون الإلزامي:
 
بالنسبة للمضمون الاختياري، نصّ القانون على أن رب العمل يدفع للصندوق مبلغاً يساوي مجموع التعويضات المحسوبة، ثم يُخصم منه رصيد حساب الأجير في الصندوق، وذلك استناداً إلى أن موجب التعويض الأصلي يقع على عاتق رب العمل.
أما بالنسبة للمضمون الإلزامي، فقد نصّ القانون على أن رب العمل يدفع الفرق فقط بين التعويض المحسوب وفق المادة 51 وما سبق سداده من اشتراكات مضافاً إليها الفوائد، وذلك على أساس أن رب العمل قد أدّى فعلياً الاشتراكات عن كامل فترة الخدمة، فلا يبقى عليه سوى دفع الفارق عند التصفية.
 
ومن خلال هذا التمييز، يمكن الاستنتاج أنّ المضمون الاختياري يتحوّل حكماً إلى مضمون إلزامي عند تركه العمل لدى رب عمله الأول وانتقاله إلى رب عمل آخر، حيث يترتب
 
على ربّ العمل عند ترك المضمون الاختياري العمل أن يسدّد للصندوق التعويض المحتسب عن الفترة السابقة لانتسابه للنظام، على ان تُطبّق لاحقاً على الاجير القواعد الخاصة بالمضمون الإلزامي.
 
وبالعودة إلى نص المادة ٥٤ فقرة ٤، يتبيّن أنها ربطت تصفية التعويض بموجب المادة ٥١، حيث يُحتسب تعويض نهاية الخدمة على أساس الأجر الأخير الذي تقاضاه الأجير مضروبًا بعدد سنوات الخدمة. وقد حدّدت المادة ٥٤ أنّ رب العمل لا يلتزم بدفع كامل هذا التعويض عند التصفية، بل يقتصر التزامه على تسديد الفرق بين قيمة التعويض المحسوب وفقًا للمادة ٥١ وبين مجموع المدفوعات التي سبق له أن سدّدها إلى الصندوق مضافًا إليها الفوائد.
 
ويُفهم من الجمع بين النصّين أنّ مدة الخدمة تحتسب مجتمعةً حتّى لو كانت متقطعة لدى رب العمل عينه، إذ لا يجوز فصل الفترات أو اعتماد متوسط الأجر خلالها، بل يُصار إلى جمع عدد سنوات الخدمة الفعلية كافةً واحتساب التعويض عنها استنادًا إلى الأجر الأخير الذي كان يتقاضاه الأجير عند تاريخ الاستحقاق.
 
خامساً: تعويض المضمون الذي عمل عند أكثر من رب عمل واحد
 
إنّ ترك المضمون للعمل، سواء أكان اختيارياً أم إلزامياً، لا ينشئ بحد ذاته حقاً مباشراً بالتعويض، بل يرتّب موجباً على رب العمل تجاه الصندوق، وفقاً للآليات المحددة في القانون.
 
في حالة المضمون الاختياري:
إذا ترك الأجير عمله قبل إتمام عشرين سنة خدمة (وهي المدة التي تعطي الحق بالتعويض وفق المادة 50)، يترتب على رب العمل، أياً كان سبب الترك، دفع التعويض المنصوص عليه في:
 
المادة 51: التعويض الكامل (الأجر الأخير × سنوات الخدمة).
المادة 52: التعويض المخفّض في حالتين محددتين: إذا ترك المتدرّب قبل سنتين خدمة، أو إذا ترك المضمون الاختياري عمله قبل 12 شهراً من تاريخ انتسابه.
ويحتسب هذا التعويض عن كامل فترة العمل المستمرة منذ بدء استخدام الأجير وحتى تاريخ طلبه الانتساب للنظام (المادة 53-4).
 
في حالة المضمون الإلزامي:
تسري القاعدة عينها، بحيث يلتزم رب العمل بدفع التعويض وفق المواد 51 أو 52 إذا ترك المضمون عمله، لأي سبب كان، قبل بلوغ 20 سنة خدمة. وقد استعمل المشرّع عبارة “على هذا المنوال” في المادة 53 فقرة 4 للتأكيد على أنّ هذا الحكم يتكرر عند كل انتقال من ربّ عمل إلى آخر، فيبقى كل ربّ عمل مسؤولاً عن الفترة التي عمل فيها الأجير لديه.
 
يتألف حساب الأجير في الصندوق من مجموع التعويضات التي دفعها له كل رب عمل عند تركه للعمل، والتي يتم تجميدها مع إضافة الفوائد المحددة في النظام الداخلي حتى تتحقق إحدى الحالات المنصوص عليها في المادة 50 (بلوغ 20 سنة خدمة، أو العجز، أو زواج الأجيرة، أو الوفاة، أو بلوغ السنّ القانونية) (المادة 53-2).
 
فعلى سبيل المثال:
 
عند ترك المضمون الاختياري عمله لدى ربّ العمل الأول، يلتزم هذا الأخير بدفع كامل التعويض عن الفترة السابقة للانتساب (المواد 51 و52).
عند انتقال الأجير إلى رب عمل ثانٍ، يلتزم الثاني بتسديد الاشتراكات إلى الصندوق عن فترة عمله لديه. وإذا ترك الأجير عمله مرة أخرى، يترتب على رب العمل الثاني دفع الفرق بين التعويض المحسوب وفق المادة 51 أو 52 وبين الاشتراكات التي سبق وسددها للصندوق، ويضاف هذا التعويض إلى حساب الأجير المجمّد في الصندوق مع الفوائد.
وتتكرر العملية عينها مع كل انتقال لاحق للعمل، بحيث يتكوّن حساب الأجير النهائي من مجموع التعويضات المجمدة والفوائد المتراكمة إلى حين التصفية النهائية.
 
وفي حالة ترك المضمون إلزامياً العمل، أو تصفية حسابه، أي عند تحقق أحد أسباب الاستحقاق المنصوص عليها في المادة 50 من قانون الضمان الاجتماعي، لا يدفع رب العمل إلا الفرق بين التعويض المحسوب وفقاً للمادة 51 (الأجر الأخير × سنوات الخدمة لديه)، ومجموع الاشتراكات التي سبق أن سددها إلى الصندوق مضافاً إليها الفوائد المحددة في النظام الداخلي.
 
وقد نصت المادة 54 فقرة 4 صراحةً على هذا الحكم باستعمالها عبارة “لا يدفع ربّ العمل إلاّ الفرق”، ما يدل على أنّ المشرّع قصد تحميل كلّ رب عمل مسؤولية الفترة التي عمل الأجير خلالها لديه حصراً، دون أن يُلزم رب العمل الأخير بتسوية كامل فترة خدمة الأجير مع جميع أصحاب العمل السابقين.
 
وبموجب هذه الآلية، تبقى الاشتراكات التي يؤديّها رب العمل مسجلة في حسابه الخاص بالصندوق وتخضع للفائدة إلى حين ترك الأجير العمل أو إجراء التصفية. وعندها يُحتسب التعويض وفق المادّة 51، ويُصار إلى إجراء التسوية أي باحتساب التعويض الصافي (أي بعد حسم الاشتراكات والفوائد)، ليتم اضافة التعويض كاملاً إلى حسابه الأجير المجمد، عند كل تغيير عمل، وتسري على هذا الحساب الفائدة لغاية تاريخ الاستحقاق.
 
ويؤكّد ذلك ما نصت عليه المادة 53 فقرة 2 التي أشارت إلى أنّ حساب التعويض يتكوّن من “مجموع الحسابات المجمّدة” و”عند كلّ تغيير عمل”. وهو ما يوضح أنّ الاشتراكات لا تُضاف مباشرة إلى رصيد المضمون، بل تبقى مدوّنة في حساب رب العمل، ولا ينتقل إلى حساب المضمون إلاّ التعويض كاملاً، وذلك عند ترك العمل أو الاستحقاق.
 
وعليه، فإنّ التعويض المضاف عند كل ترك عمل هو الذي يشكّل فعلياً الرصيد المجمد لحساب المضمون، بحيث يتجدد هذا الحساب عند كل انتقال من رب عمل إلى آخر، وتستمر الفائدة بالتراكم عليه إلى حين تحقق أحد أسباب الاستحقاق النهائي.
 
سادسا: الخلاصة
 
يقوم نظام تعويض نهاية الخدمة، المنصوص عليه في الباب الرابع من قانون الضمان الاجتماعي، على مبدأ تراكم الحقوق الفرديّة للأجير المضمون على أساس سنوات الخدمة الفعلية، والتعويضات المسددة عنه، والفوائد المتراكمة على حسابه في الصندوق، وصولاً إلى استحقاقه النهائي عند تحقق أحد الشروط المحددة في المادة 50.
 
فنصّت المادة 50 على أنّ كل أجير خاضع للنظام، إلزامياً أكان أم اختيارياً، يستحق التعويض إذا تحققت إحدى الحالات الآتية: بلوغ السن القانونية (60–64)، أو إتمام عشرين سنة خدمة على الأقل، أو إصابته بعجز نسبته 50% فأكثر يمنعه من الاستمرار في العمل، أو زواج الأجيرة وتركها للعمل خلال سنة من تاريخ الزواج، أو وفاته حيث تنتقل الحقوق إلى أصحاب الحق.
 
وبموجب المادة ٥٤ فقرة ٤ والمادة ٥١ يعتمد احتساب تعويض نهاية الخدمة على الأجر الأخير مضروبًا بعدد سنوات الخدمة الفعليّة، حتى لو كانت هذه الخدمة متقطعة لدى ربّ العمل عينه. ويقتصر التزام ربّ العمل عند التصفية على دفع الفرق بين التعويض المحسوب ومجموع المدفوعات السابقة مضافًا إليها الفوائد، مما يضمن جمع فترات الخدمة كاملة، وحفظ حقوق الأجير المالية وفقًا لمبدأ “الأجر الأخير”.
 
أما بالنسبة للأجير الذي عمل لدى عدة أرباب عمل، فقد عالجت المادة 53 فقرة 2 هذه الحالة بإنشاء حساب فردي يتكوّن من:
 
مجموع الحسابات المجمدة عند كلّ تغيير عمل،
مضافاً إليها التعويض المترتب على رب العمل الأخير،
مع احتساب الفوائد على الحساب المجمّد بالمعدل الذي يحدده النظام الداخلي.
 
ويُفهم من ذلك أنّ ترك الأجير عمله لا يؤدي إلى تصفية نهائية لتعويضه، بل إلى إعادة تكوين حساب فردي مجمّد يُضاف إليه عند كل انتقال تعويض جديد، وتستمر الفوائد بالتراكم حتى تاريخ الاستحقاق النهائي. وقد أكدت المادة 53 فقرة 4 هذا المبدأ، إذ أوجبت على ربّ العمل تسديد التعويض المحسوب وفق المادتين 51 و52 عند ترك الأجير العمل قبل بلوغ عشرين سنة خدمة، على أن يُجمّد هذا التعويض وتُضاف إليه الفوائد حتى تاريخ الاستحقاق.
 
أما من حيث آلية دفع رب العمل، فقد نصّت المادة 54 فقرة 4 بوضوح على أنّ رب العمل لا يلتزم بدفع كامل التعويض عند التصفية، بل يقتصر التزامه على تسديد الفرق بين التعويض المحسوب وفقاً للمادة 51 وبين مجموع الاشتراكات التي سدّدها للصندوق عنه مضافاً إليها الفوائد. وهذا يعني أنّ الاشتراكات المدفوعة سابقاً تحتسب من أصل التعويض، ولا يُطلب من رب العمل سوى استكمال الفارق المترتب.
 
ويُستفاد من الجمع بين هذين النصّين أنّ الاشتراكات التي يسددها رب العمل لفرع تعويض نهاية الخدمة لا تُضاف مباشرة إلى حساب الأجير، بل تبقى مدوّنة في حساب رب العمل وتخضع للفوائد المحددة، إلى حين ترك العمل أو إجراء التصفية، حيث يتم اضافة التعويض إلى حساب المضمون.
 
غير أنّ الاقتصار على اعتماد الاشتراكات المدفوعة كأساس للتعويض دون الأخذ بالراتب الأخير للأجير، يؤدي عملياً إلى احتساب التعويض على متوسط الأجر خلال فترة الخدمة، لا على مستواه الفعلي عند ترك العمل. وبذلك يُهدر حق الأجير في الاستفادة من الزيادات التي طرأت على راتبه، أو من أثر التضخم على قدرته الشرائية، ما يشكّل مخالفة صريحة لمبدأ “الأجر الأخير” الذي اعتمده قانون الضمان الاجتماعي وقانون العمل كأساس لحساب التعويض.
 
ويُضاف إلى ذلك أنّ هذا النهج قد ينتج تعويضاً أدنى مما كان يوفره نظام تعويض الصرف المنصوص عليه في قانون العمل قبل نفاذ قانون الضمان الاجتماعي، إذ كان ذلك النظام يضمن للأجير مبلغاً يعكس فعلياً آخر راتب تقاضاه، بما يحفظ قيمته الحقيقية ويواكب أي تطور في مستواه المعيشي.
 
وعليه، فإن اعتماد مبدأ العدالة في التعويض عند نهاية الخدمة ينسجم مع التوجهات الدولية التي تعتبر أنّ حماية الأجير بعد انتهاء العمل تشكّل امتداداً للعدالة الاجتماعية، وتكريساً لحقه في ضمان اجتماعي منصف وكافٍ.
 
لذلك، ترى اللجنة الفنيّة ما يلي:
 
إنّ الاشتراكات التي يسدّدها رب العمل إلى فرع تعويض نهاية الخدمة لا تُضاف مباشرة إلى حساب الأجير، بل تبقى مسجّلة لحساب رب العمل وتخضع للفائدة المحددة، إلى حين استحقاق التعويض.
تُعدّ المؤسسة الأخيرة هي الجهة التي يكون الأجير على رأس عمله لديها عند تركه العمل أو عند تحقق سبب استحقاق التعويض.
يتحمّل كلّ رب عمل مسؤولية دفع تعويض نهاية الخدمة عن الفترة التي عمل خلالها الأجير لديه، وذلك وفقاً للمادة 51 من قانون الضمان الاجتماعي، أي على أساس الراتب الأخير الذي كان الأجير يتقاضاه عنده.
تتم التسوية على كلّ رب عمل بصورة مستقلة عن الفترة التي عمل فيها الأجير لديه، ويُضاف التعويض المستحق عن هذه الفترة إلى حساب الأجير في الصندوق.
عند ترك الأجير العمل، يتوجب على رب العمل دفع التعويض المحسوب وفقاً للمادة 51 من قانون الضمان الاجتماعي، ويُضاف هذا المبلغ إلى حساب الأجير المجمّد، حيث تُحتسب عليه الفوائد حتى تاريخ الاستحقاق النهائي.
بالنسبة للأجير الذي عمل لدى ربّ عمل واحد على فترات متقطعة، يُحتسب تعويض نهاية الخدمة على أساس الأجر الأخير عن كل سنة خدمة فعلية، مع جمع فترات الخدمة لديه كاملة”.

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) .اضغط هنا

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram