بلدة صليما - القصر المهجور و صنم الإله

بلدة صليما - القصر المهجور و صنم الإله

 

Telegram


قضاء بعبدا /
الصور تظهر 12 سنة كاملة من زياراتي لهذه القرية التي اعجبتني .. كنت امر على قصر "عائلة زين" القديم والذي كان ينهار سنة بعد سنة بينما الجدران كانت تبكي متمنية ان تجد صوري من يهتم بهذا القصر !
الجبال في قضاء بعبدا جميلة ساحرة خاصة عندما يملأ الثلج قممها ، وتتحول الجبال إلى اللون الأبيض. وفي فصل الربيع تعانق القمم البيضاء السماء وتبدأ الشمس تشرق فوق تلك القمم ويذوب الثلج إلى مياه الأنهار وتمتلئ الأرض بالورود. والقرى في قضاء بعبدا تتمتع بطبيعة خلابة مما جعلها فريدة من نوعها بمواقعها الرائعة وجوانبها الجبلية. ولكل قرية قصتها المليئة بالحقائق التاريخية والجمال الطبيعي والديني. وتنتشر جميع قرى وبلدات القضاء داخل أراضي غابات الصنوبر. ولقد قمت بزيارة كل تلك القرى بما في ذلك القرى الساحرة في: صليما، أرصون، حمانا، فالوغا، قرنايل، وادي شحرور، بسابا , كفر شيما، عاريّا، شويت, عين موفّق, العباديّة, بعلشميه، رويسات البلوط, دير خونا, الزندوقة، القصيبة، الكنيسه، رأس المتن، دير الحرف، بتخناي وبعبدا نفسها. وفي هذا الألبوم سأتحدث عن واحدة من تلك الأماكن الجميلة وهي بلدة صليما ...
تقع صليما على ارتفاع 1100م في قممها، وعلى مسافة 32كلم عن بيروت عبر بلدة بعبدات وصولاً إلى الدليبة - العربانية; أو 34كلم عبر المكلس - المنصوريّة ـ زندوقة ـ القصيبة ـ الكنيسة; أو 44كلم عبر طريق صوفر السريع وصولاً إلى حمّانا ـ قرنايل, ثم صليما. وتقع صليما على تلة وتحدها قريتي العربانية و الدليبة شمالا, و أرصون غربا, و حاصبيا شرقا, و قرنايل إلى الجنوب. يتدفق نهرها عبر نهر الجعماني أحد روافد نهر بيروت ، والذي يشكل الحدود بين منطقتي المتن الجنوبي والشمالي. وعدد أهاليها المسجّلين قرابة 4500 نسمة من الدروز والمسيحيين وأماكنهم الدينية هي:
♦-كنيسة مار يوحنّا المعمدان الأثريّة: يعود بناء الكنيسة إلى سنة 1658، فمع توافد الموارنة إلى البلدة شرعوا ببناء كنيسة. ساعدهم على بنائها الآباء الكبوشيّون الذين بدؤا رسالتهم في دير مار بطرس في البلدة وجلبوا لإعانة موارنة البلدة معونة ماديّة من الكاردينال ريوشوليو وزير الملك لويس الثالث عشر. سنة 1684 كرّس المذبح البطريرك أسطفان الدويهيّ. البناء كناية عن عقدِ مُصالب، يتميّز ببابٍ فخمٍ قدّمه أمراء آل أبي اللمع. تعرضت الكنيسة للتخريب إبّان الحرب الأهليّة اللبنانيّة. ورمّمت في تسعينيّات القرن العشرين.
♦-كنيسة مار أنطونيوس الكبير للروم الكاثوليك التي بنيت في عام 1880.
♦-كنيسة مار الياس الحيّ للروم الأرثذوكس.
♦-كنيسة سيّدة الخلاص المارونيّة .
♦-دير مار بطرس الأنطونيّ.
♦-دير سيدة الرسل.
♦- دير الكبوشيين: تأسس عام 1700 وأصبح مدرسة للراهبات اليوم.
♦-و كنيسة القديس بطرس تم بناؤها في القرن السابع عشر.
♦-خلوة الدروز و "مقام السيدة زهرة أبي اللمع" الذي وهبته مع جميع أراضيها عام 1814 ..
اسم صليما مشتق من السريانية - الآرامية التي تعني التمثال أو الصنم أو الصورة. يقول المؤرخ إسطفان البشعلاني أن صليما دُعيت إما بسبب وجود تمثال فيها لعبادة الوثنيين، أو لأنها تبدو وكأنها شكل جسم ضخم للتمثال في شكل إله وثني قديم. في الواقع ، إن النظر إلى صليما من بعبدات يظهر بالضبط أن القرية لها شكل رأس تحته خندق ...
يمكن أن يعود البناء القديم لصليما إلى عهد الخلفاء الأمويين حيث تم العثور على بعض العملات الذهبية من عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز في القرية. ازدهرت في وقت لاحق في العصور الوسطى وأثناء الحروب الصليبية 1075-1450. في حين يعود تاريخ بناء صليما الجديد إلى نهاية حكم المماليك تحت إمارة أسرة التنوخين...
أحد أهم المباني التاريخية في صاليْما هو السرايا اللمعية, وهي واحدة من أهم المعالم الأثرية التي بقيت من الأمراء اللمعيين الذين سكنوا في صاليْما. وشيّدها الأمراء اللمعيّون على عدة مراحل ابتداء من 1721 و كانت بدايتها مع الأمير حسين وتوالى عليها الأمراء حتى أصبحت تتألف من أربعة أجنحة. وتعرّضت للتدمير في عام 1845 ولكن قام الأمير حيدر أبي اللمع بإعادة بنائها. وتمتدّ السرايا على مساحة 2500م وهي مبنية على طراز يجمع بين العثماني والعربي والإيطالي والشامي أيضاً. وتحتوي على 52 بابًا على الأقل والعديد من الفنون الزخرفية المذهلة وغرف ضخمة بما يكفي وتطل على منطقة جبل لبنان بأكمله. وحوّلت إلى مدرسة ثمّ إلى سوق تجاريّة في ثلاثينات القرن العشرين. تم الحصول عليها في عام 1882 من قبل الكنيسة الكبوشية". وتم تغيير المبنى وترميمه في عام 1895 و 1906. وبنيت الكنيسة داخله. وتم بيع السرايا أخيرًا إلى عائلة الأسمر التي عاشت بداخلها حتى عام 1975. و وقت الحرب قاموا بإخلائها والهرب من أجل حياتهم. في عام 2015 عادوا وبدأوا في إعادة بناء السرايا التي لحق بها ضرر شديد. ولقد ورث اليوم ثلاثة أشقاء السرايا والتقيت باثنين: السيد أنطوان والسيد هنري. ولقد قمت بتفقد هذا المكان عشرات المرات وحصلت على صوره قبل وبعد التجديدات: داخليًا وخارجيًا...
حصلت في صليما أعمال تهجير في أيام الحرب الأهلية اللبنانية 1975-1990، وقد تضررت بشدة. والمفارقة هي أنها كانت من أوائل القرى التي دمرت في الغالب، لكنها كانت واحدة من آوخر القرى التي تأخّرت فيها المصالحة وعودة المهجّرين نسبيّا. لذا، لا تزال القرية مهجورة في الغالب، وهذا أدى إلى أنقاذ منازلها القديمة من برامج إعادة الإعمار الضخمة والفوضوية في منطقة جبل لبنان. واليوم، تجري إعادة تأهيل هذه القرية وإعادة بنائها في سياق احترام تراثها الثقافي. على هذا النحو ، أصبحت قرية صليما رمزا هاما للحفاظ على التراث الثقافي ...
من ناحية أخرى ، لدى سكان قرية صليما العديد من الأقارب مع قرية بشعلة في قضاء البترون وأقدم مهاجر لبناني هو أنطونيوس البشعلاني الذي يعتبر أول مهاجر لبناني حديث إلى الغرب وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية عام 1854. كان منزل أنطونيوس في حالة خراب في صليما، وتم صيانته مؤخرًا على الرغم من أنني أحببت المنزل الأصلي. علاوة على ذلك، أثناء جولاتي في القرية ، فوجئت بأجمل تلة في القرية حيث تم بناء "قصر زين". كان القصر فريد من نوعه ، وتحققت منه عشرات المرات من خلال التقاط تفاصيله وجماله. القصر الآن في حالة خراب وقد يسقط في أي وقت ....
منطقة بعبدا جميلة للغاية خاصة غابات الصنوبر الرائعة, والغروب المذهل لا يمكن تفويته من تلك البقعة...
ali badawi
___________________________________
قرية صليما وتاريخها:
الحديث عن عن قرية صليما وتاريخها يأخذني بالزمن إلى الوراء وعلى وجه التحديد إلى معركة تاريخية مهمة غيرت الوضع السياسي للقرية وكل لبنان منذ ذلك الحين. تلك المعركة كانت معركة قرية عين دارة التي حصلت فيها بين الدروز سنة 1711 والتي تبعد بضعة كيلومترات عن صليما . تاريخياً، كان هناك فرعين اجتماعيين وسياسيين من الدروز يعيشون في منطقة جبال الشوف: اليمني الذي كان يرأسه هرموش، وعلم الدين بالإضافة إلى عائلات أخرى، والقيسي الذين يرأسه ال معن, جنبلاط, أرسلان وعائلات أخرى. استمر هذا 1000 عام من الصراع اليمني-القيسي في كثير من الأماكن حتى وصل إلى ذروته في معركة عين دارة. تبعا لذلك، وبعد استسلام الأمير فخر الدين الثاني للجنرال العثماني جعفر باشا، نُقل الأمير إلى القسطنطينية واحتُجز في (أالابراج السبعة) لمدة عامين. ثم تم استدعاؤه أمام السلطان حيث اتهم الأمير فخر الدين، و اثنين من أبنائه ، بالخيانة وتم إعدامهم هناك في 13 نيسان 1635. في لبنان، حكم ابن شقيق الأمير فخر الدين "أحمد معن" على منطقة الشوف وعند وفاة أحمد في عام 1697، خلفت عائلة شهاب، (التي كانت سنية مسلمة في الأساس) إمارة جبل لبنان. ولم يتمكنوا من الحصول على السلطة مرة أخرى حتى تمكن الأمير "حيدر شهاب" من استعادتها عام 1711 بعد معركة عين دارة ..
في عام 1711 ، شن الأمير حيدر شهاب وجيشه من القيسيين الذي كان مدعومًا بشكل أساسي من "عائلة أبي أللمع, "الذىن لم يكن يطلق عليهم اسم الأمراء بعد" ، هجومًا مفاجئًا على اليمنيين، الذين كانوا في انتظار التعزيز من والي دمشق ووالي عكا. لقد تمكنوا من هزيمة القوة اليمنية في لبنان وأجبروهم على الاستقرار في جبل الدروز في منطقة حوران في سوريا. لقد أثرت هذه المعركة على مستقبل لبنان منذ ذلك الحين. في الواقع، حتى ذلك الوقت كان لبنان لا يزال منطقة إقطاعية تحكمها أسر تسيطر على القبائل وحافظت على توازن القوى حيث قام الحلفاء بتوزيع المناطق اللبنانية فيما بينهم وكان لكل منهم نظامه الإقطاعي. من ناحية أخرى، اعتمدت عائلة شهاب مع القيسيين بشدة على تحالفهم الاستراتيجي مع الكنيسة المارونية وفي وقت لاحق ، ومع تمرد الأتراك الصغار والحرب العالمية الأولى، مهدت هذه الحقائق الطريق لإنشاء لبنان الكبير والتأثير الكامل للدرزي القيسي بين الطائفة الدرزية في لبنان والتي استمرت حتى أيامنا هذه. علاوة على ذلك، تضاءلت قوة الشهابي في أيام المتصرفية التي كانت مدعومة من قبل الفرنسيين بشكل أساسي، ووضع الموارنة في السلطة وأحدثت تغييراً كبيراً ..
وفقا لذلك, وبعد معركة عين دارة، أعطيت عائلة أبي أللمع العديد من الأراضي وكانت تحمل عنوان عائلة الأمير. لذلك، تم تنظيم العديد من القرى من قبل الانظمة الإقطاعية التي سيطرت على إدارات القرى بأكملها بما في ذلك; السياسة، والاقتصاد، والجيش، وكل شيء يمكن لأي شخص أن يفكر فيه. بعض تلك القرى كانت; المتين، رأس المتن، بسكنتا, و صليما حيث بنىت عائلة أبي أللمع قلعتها العظيمة عام 1796 وهي الأكبر بين جميع القلاع الأخرى في جميع القرى التي سيطرت عليها. هذا هو السبب في أن تاريخ صليما تميز بهؤلاء الأمراء الذين حكموا القرية لفترة طويلة من خلال نظامهم الإقطاعي في تحصيل الضرائب بالقوة وحرمان القرويين من حقوقهم الأساسية. هؤلاء الإقطاعيون هم صانعو القانون, والذين كانوا مستعدين لقمع أي شخص لا يطيع قراراتهم...
في زياراتي للعديد من القرى اللبنانية بما في ذلك صليما; حيث لا تزال قلاع الإقطاعيين موجودة, تحققت من غرف تلك القلاع وسجونها التي كانت ذات يوم مليئة بأدوات التعذيب والمشانق.. ولا يزال القرويون القدامى يتحدثون عن الكثير ممن قتلوا أو تعرضوا للتعذيب في الماضي.. كان الإقطاعيين يعتقدون أنهم آلهة السلطة ويمكنهم القيام ما يحلو لهم دون أي رحمة...

 by ali badawi

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) .اضغط هنا

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram