واشنطن تسلّح باريس تحاور وإسرائيل تهاجم!
أقرّ الموفد الفرنسي جان إيف لودريان بالفارق الكبير في المشهد السياسي، بين زيارته في حزيران الماضي لبيروت وزيارته الأخيرة، واصفاً خطوة لبنان باتّجاه حصريّة السلاح بـ “الشجاعة وسيُبنى عليها”. لكن في الوقت نفسه، وفق معلومات “أساس”، صارح الموفد الفرنسي الرؤساء الثلاثة بأن “لا أحد قادر على الضغط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها الواضحة والصارخة المخالفة لقرار وقف إطلاق النار سوى واشنطن، وحتّى الآن هذا الأمر لم يتحقّق”، معترفاً بأن “لا قدرة للفرنسيّين على ممارسة هذا الضغط”، وذلك في معرض طلب رئيسَي الجمهوريّة والحكومة “المساعدة الفرنسيّة” على ذلك.
غاب طيف الموفد الأميركيّ توم بارّاك، وحضر الموفد الفرنسي جان إيف لودريان، وبين “البروفيلين” والدورَين تكمن كلّ المسألة.
اكتفى الأميركيّون، ضمناً، بما أقرّته الحكومة لجهة الموافقة على خطّة الجيش، المؤلّفة من خمس مراحل بهدف سحب سلاح “الحزب” نهائيّاً، وخفّفوا الضغط السياسي على الحكومة والسلطة، إثر الرفض الإسرائيلي للورقة الأميركية، في مقابل إطلاق إحدى أكبر عمليّات الدعم للجيش اللبناني.
تُرجِم ذلك من خلال إعلان وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون” الموافقة على حزمة مساعدات أمنيّة للجيش تقدَّر بـ 14.2 مليون دولار “بما يوفّر القدرات لقيامه بدوريّات، وإزالة الذخائر غير المنفجرة UXO، والتخلّص منها بأمان، إضافة إلى تفكيك مخابئ أسلحة “الحزب”.
وفق المعلومات، مقدّمة الاقتراح هي السناتور الديمقراطية عضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي جين شاهين، التي كانت وضعت الرئيس عون خلال زيارتها الأخيرة للبنان، من ضمن الوفد الأميركي الموسّع، في صورة هذا الدعم المرتقب.
أبلغ الاميركيون لبنان أيضاً توجُّه الكونغرس الأميركي لإقرار أوّل دفعة ماليّة للجيش خلال الفترة المُمتدّة حتّى نهاية العام، والمقدّرة بـ 190 مليون دولار. وفق مصدر رسميّ تحدّث لـ “أساس” “ستكون الحزمة الماليّة الكبرى في تاريخ الدعم الأميركي للجيش اللبناني، أي التي تقدَّم دفعة واحدة، من أصل مبلغ محدّد، بعدما كان المبلغ الأقصى سابقاً لا يتجاوز 120 مليون دولار دفعة واحدة”.
رهان ليس في محلّه
العنصر اللافت في هذه المشهديّة إقدام البنتاغون على هذه الخطوة في ذروة التصعيد الإسرائيلي في لبنان والمنطقة الذي وصلت حممه إلى الدوحة، وبالتوازي مع قيام مسؤولَين إسرائيليَّين حتّى الآن هما رئيس الأركان إيال زامير في آب الماضي، والمتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي يوم الخميس، بجولة ميدانية في الجنوب اللبناني، وتوسيع تل أبيب شريط ضرباتها باتّجاه البقاع، وتأكيد رفضها الانسحاب من لبنان، وزيادة وتيرة الاغتيالات لعناصر “الحزب” ومدنيّين.
بتأكيد مصادر سياسية مطّلعة: “رهان رئيسا الجمهوريّة والحكومة على ضغط أميركي يدفع إسرائيل إلى الانسحاب تدريجاً من النقاط الخمس ولجم اعتداءاتها ليس في محلّه إطلاقاً. الأرجح أنّ واشنطن فعّلت بقوّة أكبر دعم الجيش، في مقابل ترك إسرائيل تتصرّف حيال مهمّة نزع السلاح واغتيال عناصر “الحزب”، وصولاً إلى تصفية كلّ قياداته وقاعدته الحزبيّة الأمنيّة العسكريّة، وهو ما يعني عدم تعارض المسارين بين دعم الجيش وسيطرة إسرائيل العسكرية الكاملة على لبنان”.
باريس: السّعوديّة جاهزة
في المقابل، تستعدّ باريس، المشغولة بأزمتها الداخليّة الصعبة، للانغماس في المرحلة الأولى بالتحضير لمؤتمر دعم الجيش الذي وضع لودريان سقفاً زمنيّاً مفترضاً لانعقاده هو النصف الثاني من شهر تشرين الأوّل المقبل. وذلك بعد نقل الموفد الفرنسي أجواء إيجابيّة من المملكة العربيّة السعوديّة، التي زارها قبل بيروت، عن نيّة مشاركتها في المؤتمر وتقديم الدعم اللازم غير المشروط للجيش.
في المقابل، كان لودريان واضحاً بأنّ مؤتمر إعادة الإعمار يتطلّب مقاربة مختلفة ويخضع لشروط مطلوبة، نفّذ لبنان جزءاً منها، ولا تزال هناك خطوات عالقة كمشروع قانون الفجوة الماليّة المفترض أن يُحدّد كيفيّة توزيع الخسائر بين الدولة ومصرف لبنان والمصارف والمودعين، إضافة إلى إبرام اتّفاق مع صندوق النقد الدولي.
هذا مع تسليم لودريان بأنّ “استمرار الاحتلال الإسرائيلي والخروقات المتكرّرة لوقف إطلاق النار يُشكّلان مشكلة حقيقيّة تعيق انطلاق مؤتمر إعادة الإعمار، الذي لن يرى النور أيضاً قبل إتمام نزع السلاح من جنوب الليطاني وكلّ لبنان”.
تحالف دوليّ ضدّ إسرائيل؟
وفق المعلومات، لوّح لودريان، للمرّة الأولى، بالسعي الفرنسي لقيام تحالف دوليّ يُشبِه الاندفاعة الدوليّة لمؤتمر “حلّ الدولتين”، وذلك من أجل دفع إسرائيل للانسحاب من لبنان، ووقف اعتداءاتها، بالتزامن مع قيام الجيش بمهامّه لسحب السلاح.
الدخول الفرنسي المتجدّد على خطّ لبنان، ودفْع واشنطن باتّجاه رفع فاتورة دعمها للجيش اللبناني، يقابَلان بواقع جدّيّ لا يمكن لأيّ طرف داخلي أو خارجي تفادي تداعياته. ففي اجتماع الناقورة الأخير للجنة “الميكانيزم”، أي اللجنة الأمنيّة الخماسيّة، بحضور قائد القيادة الوسطى الأميرال مايكل كوبر ومورغان أورتاغوس، كانت الرسالة اللبنانيّة العسكرية واضحة بأنّ “المرحلة الأولى من خطّة الجيش، المفترض أن تنتهي مع نهاية العام بسيطرة الجيش اللبناني بشكل كامل على جنوب الليطاني، لن تتمّ بنجاح ما دام الإسرائيليّ محتلّاً للنقاط الخمس، ويقوم يوميّاً بسلسلة من الاعتداءات”. وهو الواقع نفسه، الذي يكرّره رئيس الجمهورية أمام جميع الموفدين الدوليّين.
أنجز الجيش، وفق المقاربة نفسها، سيطرته بنسبة 85% جنوب الليطاني، والحديث عن بسط سلطة الجيش اللبناني “بشكل كامل” أمرٌ غير ممكن، بحكم العامل الإسرائيلي المُعرقِل.
هنا، تقول مصادر مطّلعة، إنّ عقبة جنوب الليطاني ستكون لها تأثيراتها الحتميّة على كامل خطّة الجيش. و”الحزب” لن يكون بوارد التساهل مع نزع سلاحه خارج بقعة جنوب الليطاني، فيما إسرائيل تقتطع مساحة حدوديّة لبنانيّة، وهي رسالة وصلت بوضوح من “الحزب” للرؤساء الثلاثة تحت طائلة “التصدّي لها مهما كان الثمن”.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram
(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)
:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي