قَلب الطاولة... بالقوّة الناعمة

قَلب الطاولة... بالقوّة الناعمة

 

Telegram

 

رندلى جبور

 

في الانتخابات، هناك قاعدة ذهبية: إبدأ بالعمل للانتخابات، في اليوم التالي للانتخابات. الاستراحات في السياسة ممنوعة. الانتظار الطويل قاتل. الاستسلام للخسارة مميت، والنشوة بربح يؤذي على المدى البعيد. ولذلك كل عمل عام يحتاج إلى نَفَس طويل، أو طويل جداً، وإلى استمرارية وعدم ترك فراغ، وإلى استخدام كل الأدوات، ليبقى العامل به حياً. ومن المفيد أيضاً استخدام أدوات وتقنيات الخصم.

وكل ذلك ينطبق على ما يحصل اليوم في لبنان والمنطقة، وخصوصاً بين العدو الإسرائيلي والولايات المتحدة الأميركية من جهة، وبين المقاومات من جهة أخرى. الميت لا تعويل عليه، أما المقاومات فحيّة، رغم ما تلقّته من ضربات. ولذلك، بعيداً من مفاهيم الخسارة والربح، إلا أنها طالما أنها موجودة ولا تزال متمسكة بقضيتها ومؤمنة بذاتها، فعليها أن تستمر.

وإذا المقاومة في لبنان اختارت الآن الصمت العسكري، ولو أنه يمكن أن تخرج منه في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي وغياب تصدّي الدولة اللبنانية، وحجّتها معها، إلا أنه يمكنها الركون إلى القوة الناعمة أكثر، وكذلك المحور من لبنان إلى إيران مروراً بالعراق واليمن، كاستراتيجية مواجهة مماثلة للاستراتيجيات الأميركو صهيونية.

لا يجب على المقاومات أن تغيب. السرّية يجب أن تكون موجودة حتماً، ولكن فلتقتصر على العمل العسكري.

فالإعلام أداة أساسية في المواجهة اليوم. هي أبرز أدوات حرب الجيل الخامس. وعليه من المفيد أن تستخدمه المقاومات أكثر بعد، وبكل إمكاناتها: من الاستثمار المالي الفعّال، إلى استقطاب العقول، والتشبيك، والتواصل الدائم وتطوير التكنولوجيات. نعلم أن المال الصهيوني استثمر في معظم كبريات وسائل الإعلام منذ زمن بعيد، وهو سابق في التكنولوجيا، ولكن كما أن المقاومة العسكرية تنجح بقدرة عسكرية بسيطة ولكن بتقنيات ذكية في مواجهة عسكر مدجج بالأسلحة الحديثة، يمكن للمقاومة الإعلامية أن تكون مماثلة.

وصحيح أن الغرب يلجأ إلى الحظر والتعتيم إلا أن التقنيات الحديثة يمكن اختراقها في أماكن وأساليب عدة.

فعلى سبيل الأمثلة، يمكن للمقاومة أن تخلق نخبة رمزية أوسع وأفعلوسع  تسهم في صناعة الرأي العام وتوجيه الثقافة السائدة، تواجه بها خرّيجي المطابخ الغربية والخليجية.

ويمكنها أيضاً أن تستخدم السوشال ميديا إلى أبعد الحدود، مع سياسة إغراق وتسويق مصطلحات لا يلتقطها رادار الحظر وتوصل الرسالة في آن. لمَ لا يكون للمقاومة على الأقل ثلاثة هاشتاغ في الأسبوع؟

ومن المفيد أن تطرق المقاومة أبواب الناشطين والصحافيين الغربيين الناقمين على السردية الغربية وعلى الإجرام الإسرائيلي، والمتضامنين مع القضية الفلسطينية والأطفال الجائعين. هؤلاء باتوا كثر، ويمكن التواصل معهم، لتكون الأمور منظمة لا ارتجالية وفردية. العمل الجماعي المتراكم في مثل هذه الحالات أنفع.

وعليها أيضاً إبقاء التواصل مع الجيل الشاب. هو بحاجة إلى الاستماع إليها.

ولتفتش المقاومة عن كل من يتضامن معها أو يتجانس مع فكرها وعملها أو مع من تجمعه بها قضية، ولتناديه. هؤلاء باتوا كثراً أيضاً. هناك عقول كبيرة تحب المقاومة ولكنها صامتة وبعيدة. فلتجذبها. فلتنسق معها. فليحصل تواصل وتبادل وتنسيق. المعركة وجودية وكل إضافة هي ضرورية وأساسية، مع إبعاد الفلسفات و”وجعة الراس”.

التشتت والعمل بالمفرّق لم يعد كثير الفعالية. العلب الفكرية التي تتواصل مع بعضها البعض ومع القيادات مهمة. فليكن عمل بالجملة. المقاومة أصلاً مخروقة ومكشوفة تقريباً فممَّ الخشية؟ الإعلام والسياسة غير العسكر.

وكما التعبئة العسكرية، التعبئة الإعلامية مطلوبة. في سجلّ المقاومة ما يكفي ويزيد لبناء سردية مقنعة ونظيفة، بعكس أفرقاء آخرين في الداخل، وبعكس أعداء الخارج.

لا يمكننا أن نفهم كيف أن مجرمين ينتصرون في الإعلام على الشرفاء. يجذبون الناس فيما تاريخهم ملطّخ وحاضرهم أسود. يحاضرون بالعفة وهم خالفوها بكل المفاصل.

الإعلام والسياسة أساس القوة الناعمة، وبهما – إضافة إلى الجانب العسكري – يجب أن يقلب محور المقاومة الطاولة وهذا ليس بمستحيل.

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram