ورقة أميركية ساقطة وتيه في السلطة ومنطقة مأزومة ومخارج مؤجلة
معادلة المبعوث الأميركي لحزب الله ’’تعطي أولاً فتعطى‘‘. أي تعطي سلاحك فتعطى لاحقا في السياسة. وهذا يعني في الواقع أن لا حلول في المدى المنظور. بل تقطيع للوقت وشراء له مع تصعيد للضغوط الدولية والحصار الاقتصادي وحنفية الإستثمار وإعادة الإعمار والتمويل الخليجي وإغلاق الأبواب اللبنانية على ايران وفتح هوة في العلاقة بين حزب الله وطهران عبر وعود أميركية بالتعويض المالي على من يغادر من كوادر الحزب وعناصره. ومن هنا المحاولة الأميركية لمعالجة الوضع اللبناني خارج علاقته بالوضع العام في الاقليم ومشاكله. وهذه محاولة غير مضمونة النتائج إطلاقا حتى في الحسابات الأميركية. وتقوم على التجريب وتخضع لمفهوم البراغماتية الأميركية التي تتكيف مع الأوضاع الجديدة والمستجدة.
والمعنى الفعلي هو استبعاد الحلول حاليا وترك الأمور على ما هي عليه. أي بقاء اسرائيل في النقاط الخمس المحتلة واستمرار الإعتداءات الاسرائيلية وسياسة الإغتيالات وإحراج السلطة اللبنانية واستمرار حالة التيه والضياع فيها. وإضافة إلى احتمالات توسع التوجس في العلاقة بين المكونات.
وواقع الأمر أن المبعوث الأميركي توم باراك أتى بأجوبة إلى لبنان تعاكس ما كان قد وعد به للرئيس نبيه بري الذي أعرب صراحة عن استيائه باستنتاجه ’’أتونا بعكس ما وعدونا‘‘ إذ أطاح الأميركيون بسياسة ’’الخطوة – خطوة‘‘. حيث أعرب رئيس الحكومة الاسرائيلية عن عدم الإلتزام بها قبل أن يسلّم حزب الله سلاحه إلى الجيش اللبناني.
واضح أن حزب الله في ظل ما طرحه المبعوث باراك والسيناتور ليندسي غراهام لن يسلم سلاحه. فالمستشار السياسي الحاج حسين خليل للأمين العام للحزب تكلم بوضوح عن الأفخاخ الأميركية الاسرائيلية للبنان وضرورة تفاديها بالحوار الداخلي وباستبعاد فخ الفتنة بين الجيش والمقاومة. وهذا ما تمّ الإتفاق عليه بين الرئيس نبيه بري وحزب الله. وفي هذا السياق ثمة رهان حقيقي على حكمة قائد الجيش العماد رودولف هيكل الذي يربط موضوع حصر السلاح بالتفاهم والحوار بين اللبنانيين.
والمفارقة اللافتة أن المبعوث الأميركي توم باراك يستبعد اللجوء إلى القوة لفرض حصرية السلاح خلافا لعضو الوفد من الكونغرس ليندسي غراهام الذي صرّح من اسرائيل عن خطة ب بديلة عنوانها نزع سلاح حزب الله بالقوة عسكريا أي أن يعطي الضوء الأخضر لعمل عسكري اسرائيلي في الداخل اللبناني. وفي الإعتقاد أن كلامه هذا يدخل في باب التهويل والضغوط والإرباك للسلطة في لبنان. فهو ليس صاحب القرار في البيت الأبيض وإن كان صاحب ’’حظوة اسرائيلية‘‘.
أيا يكن الأمر ’’الورقة الأميركية‘‘ شكلت إحراجا للسلطة في لبنان. وهذا ما أعرب عنه بوضوح نائب رئيس الحكومة طارق متري بكلامه عن ’’سقوط الورقة الأميركية في رفض اسرائيل لتبنيها‘‘ استنادا إلى ما تضمنته خاتمة هذه الورقة. من هنا احتمال غلبة المراجعة اللبنانية من جانب السلطة على قاعدة تغليب التفاهمات والحوار الداخلي مع احتمال تصعيد عسكري اسرائيلي قد لا يترك المقاومة متفرجة وملتزمة بـ’’الصمت العسكري‘‘. كما أن ’’الورقة الأميركية‘‘ أثبتت أن الوضع العام في المنطقة مأزوم. لبنان وسوريا ومصر واسرائيل وايران والسعودية والخليج وتركيا كلها دول مأزومة. وكذلك اللاعب الأساسي الأميركي مأزوم نسبيا كونه عاجز عن ايجاد المخارج. ووضع من هذا النوع يفترض احتمالية حرب واسعة أو اغتيالات سياسية لقيادات كبيرة... وكذلك مخارج أميركية بمعالجة سلمية لملفات المنطقة الصعبة. وهذا يفترض بالضرورة حيادا أميركيا نسبيا وبدايات لتفاهمات صريحة بين طهران والرياض وإستبعاد الشكوك المتبادلة.
عبد الهادي محفوظ
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram
(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)
:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي