بقلم : فاطمة يوسف بصل.
عندما تطأ قدم معالي الدكتور علي لاريجاني أرض بيروت، لا يزور لبنان مجرد مسؤول إيراني رفيع المستوى، بل يحمل معه نغمة الحسم في سيمفونية الشرق التي تُعزف على أوتار السياسة والتوازن الإقليمي.
زيارة لاريجاني اليوم ليست سوى لحظة فريدة، تحمل في طياتها دلالات عميقة تفوق الطابع البروتوكولي، لتؤكد أن الشرق على أبواب تحوّل لا يقبل التأجيل. في زمن تغلي فيه المنطقة بصراعات متداخلة، يبرز دور الدبلوماسية كأنغام دقيقة تُعيد ضبط الإيقاع الذي كاد يضيع وسط الضوضاء.
لاريجاني، بمسيرته الطويلة كأمين للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، يمثل اليد التي تمتد لتنسيق التوازنات، وتعيد رسم خرائط النفوذ بعقل هادئ وحكمة متجذرة.
بيروت، المدينة التي عانت من جراح التاريخ، تستقبل اليوم رمزًا من رموز القوة والإرادة، يحمل رسالة أن الشرق قادر على إعادة كتابة فصوله بحكمة وإصرار.
اللقاءات التي تجمع لاريجاني بأركان الدولة اللبنانية السياسية والروحية ليست مجرد كلمات تتبادل، بل حوارات تحفر عميقًا في جسد القضايا الإقليمية، من الأمن إلى السياسة والاقتصاد.
إنها زيارة تنبض بأهمية بالغة في توقيت حساس، إذ أن الشرق يعاني من متغيرات جيوسياسية معقدة، تحاول قوى دولية وإقليمية فرض قواعد لعب جديدة، تحاول إعادة صياغة موازنات القوى لصالحها.
وسط هذا المشهد، يرسخ لاريجاني وقوف إيران إلى جانب حلفائها وشركائها في المنطقة، في مواجهة المحاولات التي تستهدف استقرار الإقليم وأمنه.
في هذه اللحظة، لا بد من الاعتراف بأن صوت لاريجاني يمثل وقفة توازن مهمة، وسط تحولات عالمية كبرى. من خلال حضوره هنا، يبث لاريجاني أملًا بأن الشرق ما زال يمتلك من الحكمة ما يمكنه من تجاوز أزماته، والحفاظ على سيادته وأمنه.
حضور الرجل في بيروت ليس مجرد جولة دبلوماسية، بل هو رسالة صماء بأن منطقة الشرق الأوسط لن تكون ساحة للصراعات المفتوحة دون توازنات واضحة، وأن التفاهمات ستظل الطريق إلى أي حل مستدام.
كما تعكس الزيارة حقيقة مفادها أن الحكمة السياسية تسبق الحروب، وأن الحوار والتواصل هما الأساس في بناء مستقبل أكثر أمانًا وازدهارًا.
لاريجاني يجسد هذا المبدأ بوضوح من خلال لقاءاته المتعددة مع قادة لبنان السياسيين والروحيين، مؤكدًا على ضرورة الوحدة والتماسك في مواجهة التحديات.
ولعل من أجمل ما تحمله هذه الزيارة هو الأمل في إعادة بناء علاقات متينة تحمي شعوب المنطقة من الفوضى، وتفتح آفاق التعاون والتكامل.
فالشرق، برغم أزماته، يحمل في جوفه جذورًا عميقة من التاريخ والحضارة، لا يمكن أن تُمحى بسهولة، وهذه الجذور هي التي تمنحه القوة على الاستمرار والتجدد.
في هذا السياق، تأخذ زيارة لاريجاني مكانها كفصل جديد في سيمفونية الشرق، فصل يزهر بالأمل والتجديد، ويعيد للعلاقات بين دول المنطقة نغماتها الأجمل.
إنه حضور لا يُقرأ فقط في لقاءات ومباحثات، بل في إرادة صلبة تحاول أن تُعيد للشرق مكانته التي يستحقه على خارطة العالم.
...في قلب هذا الزمن المتقلب، حيث تتصارع فيه المآسي مع الأمل، يبقى لاريجاني رسالة حية تقول: _"إن السلام ليس حالة صمت، بل هو نغمة تصنعها العقول الواعية، وأي قرار يُكتب اليوم، سيظل صدى يتردد في وجدان الشرق إلى الأبد."_
فإذا أراد الشرق أن يعيش، عليه أن يستمع إلى هذه النغمة الحاسمة، التي تعزفها يد الحكمة على أوتار المصير، فلا ينتظر من رياح الخارج أن تصنع له مصيره، بل أن يكتب تاريخًا جديدًا بقلمه، وقراره، وقلبه.
حينها فقط، تصبح سيمفونية الشرق ليست مجرد ألحان تتلاشى، بل أغنية خالدة تُخلّد انتصارات السلام والكرامة.
في هذه اللحظة الفارقة، تقع على عاتق القادة مسؤولية جسيمة، فلا مجال للضعف أو التردد، فمصير شعوب المنطقة وأمنها المستقبلي يعتمد على قراراتهم وشجاعتهم في اتخاذ الطريق الصحيح.
زيارة لاريجاني ليست فقط محطة دبلوماسية، بل هي تذكير بأن السلام لا يُبنى إلا على أسس من الثقة والحوار، وأن الإرادة الحقيقية للتغيير تبدأ من داخل الأوطان قبل أن تمتد نحو خارجه.
فلنحفظ في أذهاننا أن التاريخ لا يرحم المترددين، وأن من يختارون طريق الحكمة والشجاعة، هم من يكتبون الفصول الذهبية في كتاب الإنسانية.
ويبقى لاريجاني، بحضوره ومواقفه، رمزًا للصلابة والإصرار على بناء شرق جديد يعيد للمنطقة أمنها، كرامتها، وأمل شعوبها.
فليكن هذا اللقاء بداية لعهد جديد، تتلاقى فيه إرادات الحكماء، وتنتصر فيه نغمة السلام على أصوات الحروب.
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :