دفع قرار الحكومة تكليف الجيش سحب سلاح المقاومة بضغط خارجي كبير، الوضع الداخلي إلى أزمة معقّدة ستكون تداعياتها أكبر من قدرة البلد على احتوائها، كما أنها أكبر من قدرة الحكم والحكومة على تحمل أوزارها.
اختار الأميركي توقيتاً دقيقاً لفرض أجندته، ورمى لغماً كبيراً على أكتاف الجيش اللبناني، وهو يدرك أن المقاومة لن تسلّم سلاحها طوعاً، ما يعني أن الأميركيين يريدون حصول مواجهة بين الجيش والمقاومة ستكون تداعياتها خطيرة جداً، ليس على الجيش فقط، وإنما على الكيان اللبناني ومستقبله، بالتزامن مع الفرز الجاري في سوريا لتقسيمها والتهجير والإبادة الجماعية في غزة لإفراغها من أهلها.
أما في الداخل، فقد نفّذ رئيس الحكومة نواف سلام ما هو مطلوب منه، وانكفأ رئيس الجمهورية جوزاف عون ليكون شاهداً بلا أي دور، وغسل يديه من تعهداته السابقة للثنائي الشيعي التي سمحت بانتخابه رئيساً للجمهورية، وهو الذي يدري أن مدة حكم سلام القصيرة، يقابلها ٥ سنوات إضافية من عمر العهد!
هذه التطورات السريعة، تجعل “الثنائي الشيعي” تحت ضغط استفسارات وعلامات استفهام من جمهوره.
لذا، بدأ يدور نقاش واسع داخل بيئة الثنائي: هل أخطأنا بتسهيل انتخاب الرئيس ثم بتشكيل الحكومة، ثم بمنحها الثقة مرتين: الأولى عند تشكيلها والثانية قبل اسبوعين عندما طرح جبران باسيل الثقة بالحكومة؟
لماذا حضر “الثنائي” جلسة الحكومة التي أقرت تكليف الجيش وضع خطة لنزع السلاح قبل نهاية الشهر الحالي لتنفيذها قبل نهاية السنة؟ ثم لماذا شارك الثنائي في جلسة الخميس التي أقرت الورقة الأميركية بدل أن يقاطع ليجعلها من دون ميثاقية طائفية؟!
هل تعرّض “الثنائي” لخديعة.. أم أنه تساهل كثيراً فهان استهدافه؟
هل أصبح “الثنائي” ضعيفاً إلى درجة استهدافه مباشرة من دون أي حساب للتداعيات؟
ثم، والأهم، كيف سيواجه “الثنائي” قرار إعدامه؟
حتى اليوم، لم يتسرّب أي معطى حول الطريقة التي سيتعاطى فيها “حزب الله” مع قرار نزع سلاحه، وكذلك الأمر بالنسبة لحركة “أمل”. هناك فقط الموقف المعلن على لسان الشيخ نعيم قاسم بأن القرار لا يعنيه وكأنه لم يصدر، وعلى لسان النائب محمد رعد “يبلطوا البحر”…
لكن، ما هي الخطوة التالية؟
يطرح الوضع الراهن عدة سيناريوهات، أحلاها مرّ، وجميعها تدفع اللبنانيين إلى دقّ جرس الخطر.
فما هي الـ 5 سيناريوهات المتوقعة؟
1 ـ التعامل مع القرار من دون خطوات أو إجراءات تؤدي إلى مواجهة أو صدام مع الجيش. بمعنى الاحتواء الهادئ، والاكتفاء بردات الفعل العفوية التي لم ينظّمها لا “حزب الله” ولا حركة “أمل”، لكنهما لم يمنعاها أيضاً، لتشكّل نوعاً من رسالة تحذير، و”بروفا” لردات فعل منظمة.
2 ـ اللجوء إلى تنظيم الشارع، وخلق إرباكات يومية في أكثر من موقع حيوي في البلد، يعطي رسالة واضحة عن القدرة على تعطيل مفاصل البلد.
3 ـ استقالة الوزراء الشيعة من الحكومة، وبالتالي إفقاد الحكومة ميثاقيتها، ولو إلى حين تعيين وزراء آخرين يختارهم رئيس الحكومة نواف سلام. لكن ذلك سيؤدي إلى أزمة عميقة جداً، وستدفع الثنائي الشيعي إلى تصعيد كبير في مواجهة الحكومة بغياب الثلث المعطّل وإمكانية الضغط السياسي، وبالتالي، مع ما يعني ذلك من إدخال البلد في مرحلة خطيرة من الانقسام.
4 ـ اعتكاف الوزراء الشيعة، وبالتالي إفقاد الحكومة شرعيتها الميثاقية وفقاً لنص الدستور “لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك”. وهذا ما يمنع من تعيين وزراء بدائل. وهذا يعني أن الحكومة ستكون غير قادرة على الاجتماع مجدداً، وأي اجتماع لها في غياب الوزراء الشيعة سيكون غير دستوري وغير شرعي، وبالتالي تكون الحكومة غير قادرة على مناقشة وإقرار الخطة التي يفترض أن يضعها الجيش قبل نهاية الشهر الجاري. وهو ما يعني تجميد قرار الحكومة. إلا إذا ذهب رئيس الحكومة، وبموافقة رئيس الجمهورية، نحو إقالة الوزراء الشيعة وتعيين بدائل، وهو أمر سيؤدي إلى تفجير البلد ولا يستطيع أحد تحمّل تبعات ما سيحصل.
5 ـ “قلب الطاولة”، وإنهاء مرحلة “الصبر الاستراتيجي” في الرد على الاعتداءات الإسرائيلية اليومية والاغتيالات التي ينفّذها العدو، والقيام بردّ قوي على الاعتداءات بما يؤدي بالتالي إلى عودة الحرب، وهو ما يخلط الأوراق، ويربك خطة الأميركيين وحلفاءهم في المنطقة وداخل لبنان.
كل تلك السيناريوهات محاولات “تكهّن” للمستقبل اللبناني الذي يقع على “محكّ” الحروب المختلفة.
الجدير بالذكر، أن “الثنائي الشيعي” جاهز لتجرّع سمّ القرارات على أن يجرّ الشارع اللبناني إلى حرب أهلية.
وبين سيناريو وآخر، يبقى القول الحكيم الآن المثل الشعبي “ما تقول فول ليصير بالمكيول”.. لذا يجب الانتظار والترقّب.. وإنّ غداً لناظره لقريب!
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :