"فضيحة تهزّ الشمال... شهادات ووثائق ولادات مجهولة العدد!

 

Telegram

 

في خضم الملفات والمعارك السياسية الوجودية وانشغال الأوساط السياسية بورقة توماس برّاك، تتسلّل شبكة مضاربة إلى الساحة الشمالية، لتهدّد بدورها وبأبعادها الأمن القومي والديموغرافيا اللبنانية. إلّا أنّ القضاء رصدها، والمسار بدأ في تفكيك خيوطها. فما هي تفاصيل هذه الفضيحة في شمال لبنان؟
 
في معلومات خاصة حصلت عليها «الجمهورية»، برزت شبكة تعمل منذ سنوات في تزوير شهادات ووثائق ميلاد للأطفال السوريِّين الحديثي الولادة، إلّا أنّ القضاء تحرّك بعد استحصاله على خيوط في الملف، ليبدأ التوسع في التحقيق في عدد كبير من شهادات الولادة التي سُحِبت أو سُرِقت بتواطؤ من قِبل بعض الموظفين من إحدى المستشفيات الخاصة في شمال لبنان، والخطورة أنّ شهادات الولادة تلك موقّعة مسبقاً على بياض من بعض الأطباء، لتُسرَّب عبر الشبكة المشبوهة إلى بعض المخاتير المتواطئين أيضاً ليُصدَّق عليها!
 
 
 
القضاء في الواجهة
ماذا بعد؟ ماذا تعني هذه الخطوة وإلى أين سيصل التحقيق في هذا الملف الدقيق، وما هي تداعياته على الصعيدَين الإجتماعي والديمغرافي؟ وهل سيتمكن القضاء من استكمال التحقيقات وسوق المتورّطين ومَن وراءَهم خلف قوس العدالة؟
‏بالعودة إلى الخيوط التي قد تكون مرتبطة بالملف، أنّه ومنذ 3 سنوات عَمَد البعض من مخاتير منطقة البداوي في طرابلس بمنح اللاجئين السوريّين بطاقات «مكتوم القيد» مزوّرة، فيما المتعارف عليه أنّ مكتوم القيد هو الذي يهدف إلى الاستحصال على الجنسية اللبنانية بحسب أحكام السلطنة العثمانية التي أفضت وقتها على أن تشمل إحصاءات 1932 المواليد من أب لبناني وعلى الأراضي اللبنانية وترعرعوا على أرض لبنانية، أي أن يُمنحوا الجنسية اللبنانية، ليصبح الأساس المعمول به قضائياً، أنّ كل مَن وُلِدَ من أب لبناني هو لبناني. هكذا بدأت تُمنَح الجنسيات للولادات على الأراضي اللبنانية، إلّا أنّ فئة من الناس مثل «البدو» لم يتمكنوا من الاستحصال على هذه الجنسية فأصبحوا مكتومي القَيد.
المتعارف عليه في قوانين القَيد، أنّ مكتومي القيد وعند قيام مراسيم تجنيس، تكون لهم الأولوية لمنحهم الجنسية، إذ يكون هناك جزء مخصّص ضمن مرسوم التجنيس لمكتومي القَيد لأنّهم لبنانيّون من الأساس والأولى.
باختصار. إنّ كل مَن يستحصل اليوم على بطاقة «مكتوم القَيد» يكون قد مُنح بطاقة استباقية للتجنيس!
 
وفي سياق متصل، وفي معلومات عن تفاصيل سابقة قد تكون مرتبطة بالملف، علمت «الجمهورية» أنّ بعض المخاتير عمدوا ومنذ قرابة الثلاث سنوات إلى إعطاء النازحين السوريِّين بطاقات مكتومة القَيد مزوّرة، وقد أوقِف هؤلاء المخاتير قرابة الـ7 أشهر بعد تحرّك القضاء المختص...
 
 
مع الوقت، ووسط تلهّي الدولة بالحرب الأخيرة، عمد السوريّون إلى دخول الأراضي اللبنانية بواسطة تلك البطاقات المزوّرة ومن خلال التهريب ووسائل عدة مشابهة، إلى أن تدحرجت الأمور إلى مستوى أعلى، فتزايدت تلك الوسائل وتوسعت وتنوّعت، وبفعل تكاثرها اشتُبِه ببعض الموظفين الذين يعملون في إحدى مستشفيات طرابلس الذين «تطوّرت مهاراتهم» في فنّ التزوير، فسرّبوا شهادات ولادة من المستشفى على بياض، والخطير أنّها مختومة مسبقاً من بعض الأطباء، وقد سُجِّل عليها الأطفال السوريّون حديثو الولادة، والأخطر أنّهم يُمرّرون تلك الشهادات عبر «شبكة منظّمة» إلى مخاتير متواطئين معهم، فيعمدون هؤلاء بدورهم إلى تنظيم وثائق وبيانات ولادة مصدّقة (مزوّرة).
 
مستشفى أم مستشفيات؟!
في معلومات لـ«الجمهورية»، أنّ هذه القضية التي كشفها القضاء المختص في الشمال هي في طور المتابعة، بعدما استلمت قاضي التحقيق الأول في الشمال سمرندا نصار التحقيق الذي يتوسع مع بعض المخاتير المتواطئين، كما قُبِضَ على أحد الموظفين في المستشفى واعترف بسرقة شهادات الولادة الموقّعة على بياض للمتاجرة بها...
في السياق، تخوّفت مصادر قضائية من خبايا هذا الملف! وتساءلت عن تداعياته، متخوّفةً من أعداد شهادات الولادة والوثائق التي من الممكن أن يكون هؤلاء الموظفون قد سرّبوها أو سرقوها من المستشفى المذكور أو ربما من مستشفيات أخرى، ولا يمكن التكهّن بها أو إحصاؤها، أقلّه ليس قبل التوسع والانتهاء من التحقيق. كما تخوّفت تلك المصادر أيضاً من أن تكون تلك العمليات قد بدأت منذ سنوات، الأمر الذي يُهدِّد بأبعاده الإجتماعية والسياسية والديموغرافية، الأمن القومي للبلاد.
 
 
القضاء والمواجهة
يبقى السؤال الأهم، هل سيتمكن التحقيق من فكفكة هذه الشبكة الخطيرة وكشف مَن وراءها وملاحقته؟! في وقت كشفت مصادر قضائية لـ«الجمهورية»، أنّ الخطير أنّه لا يمكن إحصاء أو معرفة أعداد الولادات التي جُنِّست حتى اليوم، إن بواسطة الشهادات والوثائق التي خرجت من المستشفى المذكور أو ربما من مستشفيات أخرى، إلّا أنّ التحقيق ما زال مستمراً مع 3 أشخاص مَوقوفين مُدّعى عليهم في هذا الملف، وقد وشى أحدهم بأحد المخاتير. غير أنّ التحقيق لم يبدأ بعد مع المستشفى.
 
وتجدر الإشارة إلى أنّ هؤلاء الذين استحصلوا على وثائق ولادة أصبحوا لبنانيِّين بحُكم وثيقة الميلاد، بمعنى أنّه وبمجرّد حصول المواطن على شهادة ولادة موقّعة من طبيب المستشفى ووثيقة ولادة مصدّقة من المختار، من السهل عليه أيضاً الاستحصال على إخراج قَيد مزوّر من المختار نفسه أو حتى الاستحصال على جواز سفر.
 
الخلاصة من هذا التحقيق، هو كشف النشاط المشبوه لبعض المخاتير في شمال لبنان، والذي تتكشف أبعاده بغضّ النظر عن الربح المادي. إذ تفيد التحقيقات الأولية بأنّه ليس عفوياً، بل هي حركة مشبوهة ومدعومة من جهات نافذة، وليس لأجل الربح المادي فقط، لأنّ الأمر مستمر ومتطوِّر، وقد نتجت منه شهادات ووثائق ولادة مجهولة العدد للأطفال السوريِّين.
فهل يحقق القضاء في الشمال نصراً نوعياً في هذا الملف ويخرق جدار هذه الشبكة الخطيرة؟
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram