وحدة المصالح… مأساة تُعيد الحزب إلى الوراء ...

وحدة المصالح… مأساة تُعيد الحزب إلى الوراء ...

الوحدة اليوم واجب تاريخي وضرورة حضارية لإعادة الحزب إلى جوهره. على القوميين الاجتماعيين هبة واحدة صادقة مع من يحمل النوايا النظيفة من القياديين الجدد، تعيد المبادئ والقيم إلى صدارة العمل الحزبي. هذه الهبة هي الطريق لتحرير النهضة ووضعها على السكة التي أراد لها زعيمها أنطون سعادة، لتستعيد الأمة مكانتها بين الأمم الراقية.

 

Telegram

 

كتب رشيد حاطوم 

في زمنٍ تتلاشى فيه المبادئ أمام صخب المصالح الشخصية، وتصبح المكاسب والكراسي أثقل من الفكر والعقيدة، تتجلّى مأساة الحزب السوري القومي الاجتماعي. الحزب الذي حمل أعظم فكر نهضوي وضعه زعيمه أنطون سعادة، وجد نفسه أسيراً لصراعات السلطة الداخلية، وفوضى التنظيم، وازدواجية الولاءات.

الوحدة اليوم ليست مجرد خيار إداري بارد، بل امتحان وجداني جماعي: هل سنصون الحزب من الانشقاق، أم سنظل أسيرا للمصالح الفردية والصفقات السرية، ونخسر البوصلة والغاية؟

 

لماذا حصل الانشقاق… ولماذا تُطرح الوحدة اليوم؟

الانشقاق لم يكن خلافاً عقائدياً أو فكرياً، بل كان **نزاعاً على السلطة والمراكز والمكاتب**. النفوذ الشخصي استبدل المشروع الحزبي، والمكاتب النيابية والبلدية أصبحت ساحات لتصفية الحسابات، فيما غابت المصلحة العليا للحزب.

لكن لم يكن غياب الوحدة نتيجة لقصور في النوايا الصافية. فقد شهد تاريخ الحزب محاولة استثنائية من قامة وطنية فذة، لن تتكرر الشهيد الاقدس السيد حسن نصرالله، الذي حاول توحيد الصفوف، لكنه اصطدم بالنزعة الفردية لدى المنقسمين، فانحرفت المبادرة عن مسارها إلى مستنقع المصالح الشخصية.

واليوم، ومع تقديرنا وامتناننا للقامة الوطنية الكبيرة، رئيس مجلس النواب نبيه بري،بتكليفه مساعده النائب علي حسن خليل ونائبه الياس أبو صعب،صاحب الفكرة والتي تكلمنا عنها في مقال سابق  تُطرح الوحدة من جديد. لكن كما في الماضي، تواجه المبادرة تحدياً جوهرياً: غياب الإرادة الصادقة لدى الأطراف المعنية، التي ترى الوحدة أداة لترسيخ المكاسب الشخصية، لا وسيلة لإعادة بناء الحزب وفق رؤيته النهضوية.

 

ماذا نقول لوسائل التواصل الاجتماعي؟

ماذا نقول لوسائل التواصل الاجتماعي التي تحوّلت إلى ساحات تبادل أبشع العبارات وأقذرها، حيث يلهو محازبو الفريقين بالشتائم، وكأنهم ينسخون نموذج الانشقاق على شاشات الهواتف؟
كيف يُسمح للصف الحزبي أن يتحول إلى مرآة لثقافات الفتنة والتفرقة والتفسخ، في حين يجب أن يكون مدرسة الانضباط العقائدي وقيم النهضة؟
كيف نعيد البوصلة ونستعيد جوهر الفكر، وعمق النهضة الأخلاقي والتنظيمي، في ظل هذه الفوضى المفتوحة؟

 

ماذا نقول لجيران المراكز الحزبية؟

ماذا نقول لجيران المراكز الحزبية الذين عانوا من أزيز الرصاص والاقتحامات المتكررة للسيطرة على المكاتب؟
أليس هؤلاء جزءاً من المجتمع الذي يفترض أن يحتضن النهضة ويغرس قيمها؟
كيف نطلب احتراماً من شعب يرانا نتقاذف الاتهامات، بينما قياداتنا تمارس الفوضى على أرض الواقع؟
أليس من واجبنا حماية المجتمع المدني ونشكل له حلقة امان قبل أن نحمي الحزب من الانقسام الداخلي؟

 

ماذا نقول لأمل شعبنا في صحة العقيدة ووضوح رؤيتها؟

ماذا نقول لشعبنا حين تتشتت الرؤية وتضيع العقيدة التي وضعها الزعيم أنطون سعادة لتوحيد الأمة وجعلها بين الأمم الراقية؟
كيف نحافظ على النهضة ومشروع الوحدة القومية إذا ظل الخلاف السياسي والمصالح الشخصية يضيع البوصلة ويطمس القيم؟
هل يمكن أن نعيد بناء الحزب ووضع الأمة على الطريق الصحيح، ما لم نستمد من العقيدة قوة وإرادة واضحة، ووعيّاً صادقاً يعانق المبادئ؟

 

ماذا يجري اليوم في مفاوضات الوحدة؟

ماذا يحدث اليوم في مفاوضات الوحدة، بقيادة النائبين علي حسن خليل والياس أبو صعب؟
هل هي محاولة صادقة لإعادة بناء الحزب، أم مجرد وحدة مصلحية لتحقيق مكتسبات شخصية وطموحات فردية؟

المباحثات تكشف عن صراع واضح:

فريق يقترح ترشيح حردان في بيروت الثانية ورفع العقوبات عنه مع طرحه عدم تحمّله اي مسؤولية قيادية، بالاضافة الى تبني ترشيح أبو صعب في المتن الشمالي.
 الفريق الآخر بقيادة ربيع بنات طرح على النائب الخليل مطلبا يعتبره حق  ومن المسلمات البديهية لمن يطرح الوحدة فتشكل هذه الخطوة نوع من حسن النية ليبنى على الشيء مقتضاه, الامر الذي ايده النائب الخليل, واعتبره مطلب حق.

حتى الآن، لم تُعقد أي اجتماعات رسمية للجنة المشكلة، وما زال الواقع التنظيمي مأساوياً، يعكس غياب الرؤية القيادية الحقيقية. بعض القيادات يسعى لامتلاك اسم الحزب والمكتسبات الشخصية، والبعض الآخر يديره بعقلية الموظف، بعيداً عن صفات القائد الضروري في هذه المرحلة الحرجة.

والكارثة الكبرى: إذا تعطّل تطبيق الواتساب، تتوقف كل القرارات الحزبية، بما يعكس هشاشة التنظيم واعتماده على التبعية.

كيف نحول الوحدة إلى فرصة تاريخية؟

كيف يمكن أن نحوّل هذه الوحدة الضرورية إلى فرصة حقيقية لإنقاذ الحزب؟
هل يمكن أن تُبنى على مصالح شخصية ووحدة فوق الأسطح، بينما النهضة تُهدر والجمهور يراقب؟

الحلّ الحقيقي طريق واحد

قانون انتخاب عصري يؤمن صحة التمثيل ويؤمن انبثاق سلطة لا تحمل سوى نقاوة النهضة ووضوح رؤيتها
التعاون مع القلة النظيفة التي تمثلت هذه المرة في القيادة الجديدة، ومن يحمل معهم همّ إنقاذ الحزب.
التركيز على إنقاذ الحزب عبر المبادئ والقيم، لا عبر الكراسي والمكتسبات الشخصية.

 

 

نحن لا ندعو إلى الانشقاق، ولا إلى إعادة تكرار حالات الفوضى والانقسام التي مرّ بها الحزب في الماضي. بل ندعو القوميين الاجتماعيين إلى هبة واحدة، صادقة ومخلصة، مع أصحاب النوايا الحسنة من القادة الموجودين اليوم، لتحرير النهضة من أيدي من حملوا النوايا السيئة، وإعادتها إلى السكة التي أراد لها زعيمها أنطون سعادة.

الهبة الواحدة هذه ليست مجرد خطوة تنظيمية، بل انطلاقة حضارية وقومية، تعيد بناء الحزب على أسس العقيدة والرؤية، وتعيد للأمة مكانتها بين الأمم الراقية، كما حلم زعيمها.

 

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) .اضغط هنا

تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegram

نسخ الرابط :

(يلفت موقع “iconnews ” انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره)

:شارك المقال على وسائل التواصل الإجتماعي

 

Telegram