يسارع وزير الاتصالات شارل الحاج الخطى نحو خصخصة قطاع الاتصالات، لكنّ استعجاله يدفعه للاصطدام بمطبّات تقنيّة وقانونية.
إذ «ضاع» في صياغة دفتر شروط يراعي الأصول والقانون، لتلزيم تقدير الأصول والموجودات والالتزامات في القطاع، ما استدعى تسجيل 35 ملاحظة عليه من هيئة الشراء العام.
بناءً على اقتراح وزير الاتصالات شارل الحاج، أصدر مجلس الوزراء في 20 حزيران الماضي، قراراً بتكليف وزارة الاتصالات إعداد دفتر شروط ومشروع عقد تخمين الأصول الثابتة وغير الثابتة، والالتزامات والأعمال الجارية لوزارة الاتصالات.
والهدف من هذه العملية نقل ملكية شركتَي الهاتف المحمول alfa وtouch، وهيئة أوجيرو، من الدولة إلى شركة «Liban Telecom» التي ستتحوّل في وقت لاحق، وبشكل جزئي أو كامل، إلى ملكية القطاع الخاص.
وللغاية، أعدّت وزارة الاتصالات، على عجل، «طلب اقتراح للخدمات الاستشارية» بهدف «إعداد دراسات وتصاميم، ووضع دفاتر شروط ومراقبة تنفيذ أشغال ومشاريع ومراقبة خدمات» وفقاً للمادة 45 من قانون الشراء العام.
قبل تسجيل الملاحظات في مضمون دفتر الشروط، بدأت هيئة الشراء العام باحتساب عدد الأخطاء في «الأساس القانوني الذي يرتكز عليه مشروع التلزيم المعروض».
فاعتبرت أنّ الهامش المالي لكلفة المشروع «واسع»، إذ يتراوح بين 1.5 ملايين دولار و2 مليون دولار، وهذا تقدير تصل نسبة الفارق بين طرفيه إلى 30%.
وبحسب المادة 13 من قانون الشراء العام، «يقتضي تحديث القيمة التقديرية للمشروع قبل إعلانه». كما وصفت الهيئة طلب وزارة الاتصالات من شركتَي الخليوي إعداد جردة بالأصول بأنه «غير المنطقي» لأنّه يفترض بالشركتين «إعداد ميزانية في نهاية كلّ سنة مالية، وعرضها على مدقّق خارجي».
وسألت الهيئة: «هل نتصوّر ميزانية من دون موجودات ومطلوبات وقيم مالية؟». أيضاً، طلبت من وزارة الاتصالات إبراز السند القانوني الذي اعتمدت عليه لتحميل شركتَي الخليوي مناصفةً كلفة المشروع.
وألمحت الهيئة إلى أنّ صدور قرار عن مجلس الوزراء لا يلغي اتّباع قواعد العمل القانونية والأصول المرعية الإجراء في مسألة التلزيم. وهذا أمر لم تنتبه الوزارة إلى القيام به، بل استعجلت وسارعت إلى عملية التلزيم بشكل عشوائي ومن دون الالتفات إلى هذه القواعد.
لذا، قالت الهيئة للوزير إنّ «إجراء التقييم المالي يفترض أن يسبقه تحديد لماهيّة الأصول والالتزامات المطلوب نقلها إلى Liban Telecom»، وهذا الأمر يصدر بمرسوم في مجلس الوزراء يحدّد فيه بدقّة ووضوح هذه الأصول، وذلك بعد إعداد جردة بهذه الأصول والموجودات كما ورد في «التسلسل الإجراء في المادة 44 من القانون 431».
أعادت هيئة الشراء العام ترتيب أبواب
دفتر الشروط وفق القواعد والأصول القانونية المرعية
وفق المادة 44 فإنّ التسلسل القانوني يستدعي التصحيح الآتي في البنى المعتمدة: أن تنقل ملكية الأصول إلى الهيئة الناظمة، وأن يصدر مرسوم من مجلس الوزراء يحدّد هذه الأصول. كذلك يفترض أن تنقل الأصول إلى شركة قائمة، وهذا لا يتطلّب رأس المال فقط، بل أن يكون لها مجلس إدارة أيضاً.
هذا في الملاحظات على المبنى القانوني الذي سارت فيه وزارة الاتصالات على «هواها» وليس على هوى القانون. أمّا في مضمون دفتر الشروط، فإنّ الوزارة وقعت بفجوات هائلة بسبب الاستعجال.
فقد جرى تغييب دور الهيئة الناظمة بشكل تام، وتُركت ثغرات تسمح بمشاركة شركات لم يسبق لها تنفيذ مشاريع مماثلة، أي تقييم أصول والتزامات وأعمال جارية في قطاع الاتصالات.
ورغم تخصيص دفتر الشروط المقترح من وزارة الاتصالات 30 نقطة من التقييم الفني لمعيار الخبرة، إلا أنّه لم تحدّد ماهيّة الخبرة، وفي أيّ قطاع، وهذه الثغرة وجدت فيها هيئة الشراء العام فتحاً للمجال لـ«وضع شركات غير متخصّصة على قدم المساواة مع تلك ذات الخبرة».
لذا، طلبت هيئة الشراء العام إعادة صياغة من جديد لشروط التأهيل، إذ أنّ نقطة الخبرة غير واضحة، كما أنّ دفتر الشروط المقترح يشترط للتأهيل أن يكون العارض نُفّذ على الأقل مشروعاً واحداً مرتبطاً بمجال الاتصالات، إنّما من دون تحديد نوعية المشروع. وهذا ما عدّته هيئة الشراء العام «مبهماً»، وسألت «هل يتوفّر الشرط في من قام بحفر الطرق ومدّ الكوابل الهاتفية؟».
وفضلاً عن هذه الملاحظات، طلبت هيئة الشراء العام من وزارة الاتصالات إعادة ترتيب أبواب دفتر الشروط، ولفتت نظرها إلى أنّ البند «أولاً» يجب أن يحتوي على طلب الإفادات والمستندات المتعلّقة بالصفقات العمومية، مثل «كتاب التعهّد، الإذاعة التجارية...».
وحدات قياس دقيقة
طلبت هيئة الشراء العام من وزارة الاتصالات اعتماد معايير تقييم تسمح للجنة التلزيم باختيار العارض الفائز بكلّ وضوح وشفافية. لذا، يفترض تضمين دفتر الشروط «وحدات قياس دقيقة»، وفقاً لتوصيف هيئة الشراء العام. ولا تفسح المجال هذه الوحدات أمام لجان التلزيم للاجتهاد والتضارب في الرأي في الموضوع الواحد.
لكن، وزارة الاتصالات المستعجلة على الخصخصة اعتمدت في دفتر الشروط المقترح على عبارات لا ترد حتى في مشاريع مدرسية.
فعلى سبيل المثال، يجب أن يكون لمدير المشروع «سجلّ حافل بإدارة فرق متعدّدة التخصّصات». ولم تذكر الوزارة كيفية قياس ومقارنة «السجلّ الحافل» في حال تقدّم أكثر من عارض للمشروع. أما المؤهّلات، فقرّرت وزارة الاتصالات قياسها بعبارة «معرفة متعمّقة بشبكات الإرسال والتحويل». وفي ما يتعلّق بالتحليل المالي، طلبت وزارة الاتصالات أن يمتلك «فهماً قوياً لمبادئ المعايير الدولية للتقييم».
فسألت هيئة الشراء العام «ما هي المعايير التي بموجبها يجري توصيف السجلّ بالحافل، أو القدرة العالية على التحليل، أو المعرفة المتعمّقة بشبكات الإرسال، أو الفهم القوي لمبادئ المعايير...».
تابعوا آخر الأخبار من icon news على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من icon news على Telegramنسخ الرابط :